الرئيسية / القرآن الكريم / تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة المائدة

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة المائدة

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

21

((يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ)) وهي أرض الشام التي قُدّست وطُهّرت من الشرك وبوركت بكثرة الأشجار والأنهار وطيب الهواء وكثرت فيها الأنبياء وقد كانوا في مصر عبيداً وها هم نجو من أعدائهم ويريد الله بهم أن يدخلوا الشام ليكونوا فيها سادة وملوكا ((الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ )) فيها السيادة والسعادة ((وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ ))، أي لا ترجعوا عن الأرض التي أُمرتم بدخولها ((فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ)) سعادة الدنيا وثواب الآخرة بسبب عدم مكان مريح لكم في الدنيا وعدم سماع أمر الله الموجب لحرمانكم من الثواب في الآخرة .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

22

((قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا )) في الأرض المقدّسة ((قَوْمًا جَبَّارِينَ )) شديدي البأس والبطش ((وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا ))، أي الأرض المقدّسة ((حَتَّىَ يَخْرُجُواْ ))، أي يخرج الجبّارون ((مِنْهَا )) هم بأنفسهم بدون تعب أو نصب أو قتال ((فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ)) فيها، قال في المجمع (بتلخيص) : قال المفسّرون لمّا عبر موسى وبنو إسرائيل البحر وهلك فرعون أمَرَهم سبحانه بدخول الأرض المقدّسة فلما نزلوا على نهر الأردن خافوا من الدخول فبعث موسى من كلّ سبط رجلاً وهم الذين ذكرهم الله في قوله وبعثنا منهم إثني عشر نقيباً فعاينوا من عظم شأنهم وقوّتهم شيئاً عجيباً فرجعوا إلى بني إسرائيل فأخبروا موسى (عليه السلام) بذلك فأمَرَهم أن يكتموا ذلك فوفى إثنان منهم يوشع بن نون وكالب بن يوقنا وعصى العشرة وأخبروا بذلك وفشا الخبر في الناس فقالوا : إن دخلنا عليهم تكون نسائنا وأهالينا غنيمة لهم، وهمّوا بالإنصراف إلى مصر وهمّوا بيوشع وكالب أن يرجموهما بالحجارة فاغتاظ لذلك موسى وقال : إني لا أملك إلا نفسي وأخي، فأوحى الله إليهم أنهم يتيهون في الأرض أربعين سنة وإنما يخرج منهم من لم يعصِ الله في ذلك، فبقوا في التيه أربعين سنة في ستة عشر فرسخاً وهم ستمائة ألف مقاتل لا تتخرق ثيابهم وتثبت معهم وينزل عليهم المن والسلوى ومات النقباء غير يوشع وكالب ومات أكثرهم ونشأ ذريتهم فخرجوا إلى حرب أريما وفتحوها .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

23

((قَالَ رَجُلاَنِ )) هما يوشع وكالب ((مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ )) الله تعالى فيتّبعون أوامره وزواجره ((أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا )) بالدين والعقل ((ادْخُلُواْ )) يابني إسرائيل ((عَلَيْهِمُ ))، أي على هؤلاء الجبّارين ((الْبَابَ ))، أي باب المدينة ((فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ )) إلى الباب ((فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ )) فقد كان أخبرهم موسى (عليه السلام) بالنصر ((وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ )) في نصرة الله لكم على الجبّارين ((إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)) إيماناً حقاً فإنّ من توكّل على الله كفاه .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

24

((قَالُواْ ))، أي بنو إسرائيل لموسى (عليه السلام) ((يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا ))، أي لن ندخل المدينة ((أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا ))، أي ما دام الجبارون في المدينة فقد خافوا منهم ولم يثقوا بوعد الله النصر لهم ((فَاذْهَبْ )) ياموسى ((أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا )) الجبارين ولعلّ مرادهم ليس ما ينافي نزاهة الله عن التجسيم بل قصدوا أن يدفعهم الرب، كما قال سبحانه (ولكن الله رمى) وقال (وجاء ربك)، ولذا لم ينكر موسى (عليهم السلام) مقالتهم، أو قصدوا التجسيم وأنكر موسى لكن القرآن لم يحكِ ذلك لأنه ليس بصدد بيان الواقعية بكل مزاياها ((إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)) ننتظر تطهير المدينة من الجبارين حتى ندخلها أما أن نحارب الجبارين فلا طاقة لنا بذلك ولا نقدم عليها .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

25

((قَالَ )) موسى (عليه السلام معتذراً لله عن مخالفة قومه مخاطباً لله سبحانه ((رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي )) هارون فإنّ نفسي هي التي تطيع أوامرك وكذلك أخي هو الذي يطيعني ويسمعني إذا أمرته بشيء أما هؤلاء فليسوا كذلك أما يوشع (عليه السلام) ومن كان على شاكلته فلعلهم لم يكونوا حاضرين إذ ذاك عند هذا الحوار ((فَافْرُقْ ))، أي أفصِل اللهم ((بَيْنَنَا )) أنا والأخ ((وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)) الذين لا يطيعون الأوامر والمراد بالفرق عدم إجراء حكم واحد عليهم في الدنيا والآخرة فإنهما (عليهما السلام) قد باينا قومهما بالإطاعة حين عصى أولئك .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

26

((قَالَ )) الله تعالى لموسى (عليه السلام) وإذ عصوني ولم يؤمنوا بوعدي ((فَإِنَّهَا ))، أي الأرض المقدّسة ((مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ )) دخولها، أي نمنعهم عنها ((أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ )) من تاه إذا ضلّ ولم تهتدِ الطريق إلى مقصده ((فِي الأَرْضِ )) فإنهم كانوا يمشون إلى الليل فإذا أرادوا في اليوم الثاني السفر رأوا أنفسهم في مكانهم السابق ((فَلاَ تَأْسَ ))، أي لا تحزن ((عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ)) وإنهم كيف تاهوا أربعين سنة ووقعوا في هذه الصعوبة .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة المائدة

27

إنّ حال اليهود في نقض العهد وارتكاب الفواحش بلا مبرر حال إبني آدم (عليه السلام) هابيل وقابيل فإنّ الله أوحى إلى آدم أن يدفع الوصية وإسم الله الأعظم إلى هابيل وكان قابيل أكبر فبلغ قابيل فغضب فقال أنا أولى بالكرامة والوصية فأمرهما أن يقرّبا قرباناً بوحي من الله إليه ففعلا فتُقبّل قربان هابيل حيث أخلص وقدّم خير ما له ولم يُتقبّل قربان قابيل حيث أساء النيّة وقدّم شر ما له، ولما رأى قابيل أنّ قربانه لم يُقبل حسد وعمد إلى هابيل ووضع رأسه بين حجرين فشدخه فمات ولم يدرِ ماذا يصنع بجثته فجاء غرابان فقتل أحدهما الآخر ودفن جثته فتعلّم قابيل فدفن جثة هابيل ((وَاتْلُ ))، أي إقرأ ((عَلَيْهِمْ ))، أي على اليهود ((نَبَأَ ))، أي خبر ((ابْنَيْ آدَمَ )) هابيل الصالح وقابيل الطالح ((بِالْحَقِّ ))، أي تلاوة بالحق والصدق فليس فيه كذب وهين ((إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا )) القربان هو ما يقصد به التقرّب إلى الله تعالى ((فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا)) وهو هابيل (( وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ )) وهو قابيل، قالوا : وكانت علامة القبول أن تأتي نار من السماء فتأكل ما تُقبّل فأكلت النار قربان هابيل ولم تأكل قربان قابيل ((قَالَ)) قابيل الذي لم يُتقبّل قربانه لهابيل (عليه السلام) ((لَأقْتُلَنَّكَ)) حسداً وعناداً ((قَالَ )) هابيل (عليه السلام) : وما ذنبي ؟ ((إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)) ولعل هذا كان تنبيهاً له لأن يتّقي الله حتى يحبوه بكرامته ولم يكن تبجّحاً قطعاً .

شاهد أيضاً

في رحاب الولي الخامنئي – الإمام علي عليه السلام 03 \ 16

الفصل الثالث:   التيّارات الضالّة في زمن الإمام عليّ عليه السلام أهل البغي في زمن ...