الرئيسية / اخبار العلماء / معالم التقريب كما يراها المرجع الديني آية الله وحيد خراساني

معالم التقريب كما يراها المرجع الديني آية الله وحيد خراساني

في بداية اللقاء، اعرب آية الله الأراكي عن شكره و تقديره لسماحة آية الله وحيد خراساني لأتاحته هذا الفرصة ، مستعرضاً أبرز النشاطات و المشاريع التي يقوم بها مجمع التقريب ، حيث قال : 
تتمحور سياستنا في مجال التقريب حول القضايا التي يتسنى لنا القيام بها بمشاركة أبناء السنة ، نظير الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ،

 

و بالتالي محاولة اقتصاء و تحجيم المتطرفين ، لأن أبناء السنة لا ينظرون الى هذه الاحتفالات بمثابة بدعة على عكس المتطرفين . ذلك أننا نؤمن بضرورة اشاعة و ترويج الاحتفالات الدينية المشتركة بين الشيعة و السنة ، و كذلك المناسبات المناهضة للفكر التكفيري . ذلك ان عدداً من القنوات الفضائية لا تألوا جهداً في بث الخلاف و التفرقة و إثارة الاحقاد و العداء بين الشيعة و السنة . كما ان العدد الآخر من هذه الفضائيات ليس لها همّ سوى سبّ الخلفاء و الاساءة الى مقدسات العديد من المذاهب الاسلامية . 

بدوره قال المرجع الديني آية الله وحيد خراساني : أولاً ، حقيقة أن الفقاهة ليست لها وجود لدى هذه التيارات ، و مثل هذه الافعال تفضي الى اراقة الدماء المحترمة ، فضلاً عن أن تعاليم الائمة تتنافى مع هذه الممارسات و ترفضها . فمن غير الجائز السب و اللعن العلني . أولاً ، أن اللعن العلني منهى عنه ، و في الحقيقة أن احكام الدين تؤكد على ذلك . و ثانياً ، جاء في احد الاحاديث المعتبره : صلوا في مساجدهم . بل وأكثر من ذلك : عودوا مرضاهم ، و شاركوا في تشييع جنائزهم . و قد نصت بعض الاحاديث : ” كونوا لنا زيناً و لا تكونوا علينا شيناً ” . 

و تابع سماحته : تشير هذه الاحاديث الى أمرين ، تنهى عن الأول و تؤكد على الآخر . أما بالنسبة للاول ، فأنها تنهى عن معاداة اتباع المذاهب الأخرى ، و يجب عدم الاساءة الى مقدساتهم ، و لا يجوز لعن و سبّ شخصياتهم ، لان ذلك سوف يؤدي الى ابتعادهم عن أهل البيت (ع) و عن علومهم . و قد ورد في الحديث : ” لا تكونوا علينا شيناً ” . هذا احد جوانب القضية . أما الجانب الآخر و الذي يتسم بالتأكيد ، فهو : ” كونوا لنا زيناً ” ، حيث اوصوا بالمشاركة في صلاة جماعتهم ، و التعامل معهم بمودة ، و عيادة مرضاهم ، و اطلاعهم على علومنا و معارفنا . و الاهم في كل ذلك هو تعبيد الطريق لنشر علوم أهل البيت ( عليهم السام ) ، و هو الطريق الذي يحظى بالتأكيد و الاثبات . 

و أضاف سماحته : على سبيل المثال ، لو تم شرح نهج البلاغة و الوقوف على مفاهيمه و معانيه بشكل جيد ، و العمل على نشر الكتب الفقهية الشيعية نظير ” المكاسب ” و ” الجواهر ” التي ليس لها نظير بين الكتب الفقهية ، لو تم ذلك فأن ابناء السنة أنفسهم ممن يتحلون بالفطرة السليمة ، سوف يتقبلون ذلك و يؤمنون به . . باختصار لابد من العمل على تقوية الجوانب الايجابية . 

و مضى سماحته يقول : انظروا الى علمائنا القدامى . انظروا الى العلامة الحلي و تأملوا في سيرته و مؤلفاته و مناظراته ، و هكذا بالنسبة للآخرين .. باختصار أن النهج الذي كان غالباً في هذا المجال هو نهج الاعتدال . 

و تابع سماحته : يجب على السعوديين الذين ينتهزون الفرصة المواتية لنشر الوهابية و اشاعة الفكر التكفيري – علماً أن ممارسات التكفيريين هذه أدّت الى أن ينفر الناس من دين الله و من الاسلام – يجب أن يعلموا بأن الاسلام دين الرحمة ، و أن نبي الاسلام هو رسول الرحمة . لقد رأى هؤلاء رحمة هذا الدين .. أن تعاليم الاسلام و سيرة الرسول الاكرم و الامام أمير المؤمنين ، لم تدع مجالاً لهذه الحركات التكفيرية و لهذا التطرف .

 

و استطرد سماحته : ثمة حديث يفيد بأن الامام أمير المؤمنين رأى في السوق شيخاً يتسول ، فسأل عنه ، فقيل له : شيخ عجوز مسيحي . فأنتابه القلق متسائلاً : كيف يوجد متسولاً في البلاد التي أحكمها ! ثم قال : استعملتموه شاباً و تركتموه شيخاً ! . فأمر ان يصرف له راتباً من بيت المال . و في موضع آخر تمنى الامام الموت عندما علم بأنهم سلبوا فتاة يهودية خلخالها ! . 

و أضاف سماحته : عندما رأى البريطانیيون أن رحمة الاسلام و الاخلاق و السيرة العطرة التي يتحلى بها نبي الاسلام و الائمة الاطهار ، تستحوذ على اهتمام الناس و تدفعهم للانجذاب نحو الاسلام ، عندما أدرك البريطانيون ذلك جاءوا بـ ” محمد بن عبد الوهاب ” . فلا شك عندما يعرض الاسلام بهذا النحو الذي يروج له الوهابيون و التكفيريون : قتل و انتهاك للحرمات و حقد و ضغينة و عداوات ، و عندما تمارس كل هذه الوحشية بقطع الرؤوس و قتل الابرياء بإسم الاسلام ، عندما يعرض الاسلام بهذه الصورة ، فلن يبقى مكان للقرآن و للرسول و لأمير المؤمنين !.. أن الوهابية التي عملت بريطانيا على ايجادها ، تحاول تشويه صورة الاسلام و الاساءة الى مقدساته بمختلف الاساليب و السبل . 
و قال سماحته : أن الرحمة و التسامح الذي كان يتعامل بهما الرسول الاكرم (ص) مع الآخرين ، يبعث على الدهشة و الذهول . لقد كانوا يرمونه بالحجارة ، و يلقوا على رأسه الشريف الرماد ، و كان (ص) بدلاً من أن يدعو عليهم ، كان يدعو لهم قائلاً : اللهم اهد قومي .. كان يدعو لهم بالهداية و يعتبرهم من قومه ، بل و يجد لهم العذر : فإنهم لا يعلمون . أن مثل هذا لأمر مثير و مدهش حقاً . 

و يضيف سماحته : و أثناء فتح مكة ، و على الرغم من كل المصائب التي تجرعوا مرارتها، و ما عانوه في شعب أبي طالب ، و حيث كان الجميع ينظرون اليه فزعين لدى دخوله مكة ، قال (ص) : لا تثريب عليكم اليوم ، اذهبوا فأنتم الطلقاء . 

و يمضي بالقول : يقول الله تعالى : ” و ما ارسلناك إلا رحمة للعالمين ” . فهذا الدين دين الرحمة ، و أن النبي محمد نبي الرحمة . و لو أننا عملنا بالقرآن لما كانت هذه اوضاع المسلمين التي نراها اليوم . 

و يتابع سماحته : الله تعالى يرسل النبي موسى و يحمله تسع آيات . يرسله الى من ؟ الى فرعون . و ماذا كانت لغة الخطاب ؟ ” فقولا له قولاً ليّنا ً . . عندما يكون هذا هو نهج الدين، فكيف يسوغ لنا اللجوء الى العنف و القسوة ؟ ! . أن ذلك يتعارض مع نصّ القرآن ، القرآن الذي يقول : ” و قولوا للناس حسناً ” . . الدين الذي يوصي بأن يقال للناس حسناً ، كيف يرضى بأن يقال المسلم سوءاً ؟. 
باختصار ، ان ما يؤسف له هو أنه لم يعد هناك فقه .. أن هذه التصرفات و الفتاوى التي تتعارض مع القرآن و مع سيرة رسول الله و سيرة أهل بيته ، تدل على غياب الفقاهة . و في هذا الصدد يقول الامام أمير المؤمنين : ” الْيَمِينُ وَ الشِّمَالُ مَضَلَّةٌ وَ الطَّرِيقُ الْوُسْطَى هِيَ الْجَادَّة ” .. و يقول عزل من قائل في كتابه الكريم : ” و لا يجرمنّكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ” . 

و أضاف سماحته : جاء في احد الاستفتاءات : أن هؤلاء ينعتون الشيعة بالكفر و يحلون سفك دمائهم . كيف ينبغي لنا أن نتعامل معهم ؟ . فأجبتهم بالقول : أن كل من ينطق بالشهادتين – مجرد النطق بهاتين الكلمتين – يوجب له حفظ دمه و صيانة ماله .. أن من واجب كل مسلم ، إذا ما تعرض شبر واحد من بلاد المسلمين التي يقطنها أبناء السنة الى الاعتداء على أيدي الكفار ، فأن من واجب الشيعة بمدينة قم الدفاع عن هذه البلاد و عدم السماح للكفار باحتلال ارض المسلمين . ”

 

و لا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا ، اعدلوا هو أقرب للتقوى ” . و قد رحب علماء السنة بهذه الفتوى و اصبحت وثيقة و سنداً .. صحيح ينبغي اعتماد الجانب الايجابي ، و لكن ذلك لا يعني التكتم على علوم المذهب و معارفه ، بل لابد من التعريف بمعارف التشيع و علومه نظير : ” رسالة الحقوق ” للامام زين العابدين (ع) ، و ” رسالة امير المؤمنين الى مالك الأشتر ” ، و خطبته (ع) في التقوى ،

 

كذلك الوصية الهامة جداً التي أوصى بها الامام موسى الكاظم هشام حول مكانة العقل . . كل ذلك لابد من الاهتمام به و العمل على نشره ، و بطبيعة الحال بمعزل عن التعصب و التحكم . ففي نهاية المطاف هناك عقل و هناك فطرة ، و سوف تترك هذه العلوم تأثيرها دون شك . 

باختصار لابد من العمل على نشر تعالیم وسیرة الائمة (ع)  .. ان علوم الامام أمير المؤمنين و معارفه الحقة تهزّ كيان الانسان . يجب ان لا تبقى هذه العلوم بعيدة عن متناول الانسان . هذا من جانب  . و من جانب اخر  ، يجب علينا ان ندقق في بعض تصرفاتنا واعمالنا وان كانت غير محرمة ولكنها تسبب تحريض مذهبي يؤدي لربما الى اراقة دماء المسلمين وخاصة الشيعة ، في مثل هذه الظروف تعتبر اداء تلك الاعمال محرمة شرعاً لانها تؤدي الى الفرقة والنزاع ، فضلا عن انها تصادر كل جهود لمّ الشمل ونشر سيرة اهل البيت (ع) وتعاليمهم . 

و في الختام أعرب آية الله  وحيد خراساني عن أمله بمواصلة هذا الطريق ، بالعمل على نشر معارف اهل البيت (ع) عن طريق النصوص الاخلاقية ، و كذلك نشر النتاجات الفقهية لفقهاء الشيعة . 

و في هذه الاثناء أوضح آية الله الشيخ الأراكي بأن مجمع التقريب يعمل في الوقت الحاضر على انجاز مشروع احصاء السادة القرشيين و التعرف عليهم ، و من ثم العمل على تأسيس رابطة السادة من الشيعة و أبناء السنة . 

 فاشاد المرجع الديني آية الله  وحيد خراساني بهذه المساعي معتبرا انها قضية مهمة جدا تساعد على التعرف على السادة وابناء الزهراء (عليها السلام) ويدخل ضمن جهود التقريب ، مؤكدا ان التقريب لا يعني التخلي عن المذهب الشيعي بل التقريب هو استخراج المشتركات في العلوم والحقوق والاحكام الاسلامية متمنيا تحقيق هذا الهدف السامي بفضل جهود المجمع العالمي للتقريب . 

 

2014/06/26

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني50

22 وقد قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه وهو يشير إلى علي (ع): ( والِ ...