الرئيسية / بحوث اسلامية / المراجعات بقلم الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي26

المراجعات بقلم الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي26

ش
المراجعة 29 رقم : 20 ذي الحجة سنة 1329
1 – التصديق بما قلناه في سند الحديث
2 – التشكيك في عمومه
3 – الشك في حجيته
1 – كل ما ذكرتموه في ثبوت الحديث – حديث المنزلة – حق لا ريب
فيه مطلقا . والآمدي عثر فيه عثرة دلت على بعده عن علم الحديث
وأهله ، وقد أزعجناك بذكر رأيه فأحوجناك إلى توضيح الواضحات ،
وتلك خطيئة نستغفرك منها وأنت أهل لذلك .
2 – وقد بلغني أن غير الآمدي من خصومكم ، يزعم أن لا عموم
في حديث المنزلة وأنه خاص بمورده ، واستدل بسياق الحديث ، وسببه
لأنه إنما قاله لعلي حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك ، فقال له الإمام
رضي الله عنه : أتخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال صلى الله عليه وآله
وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي
بعدي ، وكأنه صلى الله عليه وآله ، أراد كونه منه بمنزلة هارون من
موسى حيث استخلفه في قومه عند توجهه إلى الطور ، فيكون المقصود
أنت مني أيام غزوة تبوك ، بمنزلة هارون من موسى أيام غيبته في مناجاة
ربه .
3 – وربما قالوا : إن الحديث غير حجة وإن كان عاما لكونه
مخصوصا ، والعام المخصوص غير حجة في الباقي ، والسلام
س
المراجعة 30 رقم : 22 ذي الحجة سنة 1329
1 – أهل الضاد يحكمون بعموم الحديث
2 – تزييف القول باختصاصه
3 – إبطال القول بعدم حجيته
1 – نحن نوكل الجواب عن قولهم بعدم عموم الحديث إلى أهل
اللسان والعرف العربيين ، وأنت حجة العرب لا تدافع ، ولا تنازع ،
فهل ترى أمتك – أهل الضاد – يرتابون في عموم المنزلة من هذا الحديث .
كلا وحاشا مثلك أن يرتاب في عموم اسم الجنس المضاف وشموله لجميع
مصاديقه ، فلو قلت : منحتكم إنصافي مثلا ، أيكون إنصافك هذا خاصا ببعض
الأمور دون بعض ، أم عاما شاملا لجميع مصاديقه ؟ معاذ الله أن تراه غير
عام ، أو يتبادر منه إلا الاستغراق ، ولو قال خليفة المسلمين لأحد
أوليائه : جعلت لك ولايتي على الناس ، أو منزلتي منهم ، أو منصبي
فيهم ، أو ملكي ، فهل يتبادر إلى الذهن غير العموم ؟ وهل يكون مدعي
التخصيص ببعض الشؤون دون بعض ؟ إلا مخالفا مجازفا ، ولو قال لأحد
وزرائه : لك في أيامي منزلة عمر في أيام أبي بكر إلا أنك لست
بصحابي ، أكان هذا بنظر العرف خاصا ببعض المنازل أم عاما ؟ ما أراك
والله تراه إلا عاما ، ولا أرتاب في أنك قائل بعموم المنزلة في قوله صلى الله
عليه وآله وسلم : ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى ” ، قياسا على نظائره
في العرف واللغة ، ولا سيما بعد استثناء النبوة فإنه يجعله نصا في العموم ،
والعرب ببابك ، فسلها عن ذلك .
2 – أما قول الخصم بأن الحديث خاص بمورده فمردود من
وجهين .
الوجه الأول : أن الحديث في نفسه عام كما علمت ، فمورده – لو
سلمنا كونه خاصا – لا يخرجه عن العموم ، لأن المورد لا يخصص الوارد
كما هو مقرر في محله . ألا ترى لو رأيت الجنب يمس آية الكرسي مثلا ،
فقلت له : لا يمسن آيات القرآن محدث ، أيكون هذا خاصا بمورده ، أم
عاما شاملا لجميع آيات القرآن ولكل محدث ؟ ما أظن أحدا يفهم كونه
خاصا بمس الجنب بخصوصه لآية الكرسي بالخصوص ، ولو رأى الطبيب
مريضا يأكل التمر ، فنهاه عن أكل الحلو ، أيكون في نظر العرف خاصا
بمورده ، أم عاما شاملا لكل مصاديق الحلو ؟ ما أرى والله القائل بكونه
خاصا بمورده إلا في منتزح عن الأصول ، بعيدا عن قواعد اللغة ، نائيا
عن الفهم العرفي ، أجنبيا عن عالمنا كله ، وكذا القائل بتخصيص العموم
في حديث المنزلة بموردهم من غزوة تبوك لا فرق بينهما أصلا .
الوجه الثاني : أن الحديث لم تنحصر موارده باستخلاف علي على
المدينة في غزوة تبوك ليتشبث الخصم بتخصيصه به ، وصحاحنا المتواترة
عن أئمة العترة الطاهرة تثبت وروده في موارد أخر ( 476 ) فليراجعها
الباحثون ، وسنن أهل السنة تشهد بذلك ( 477 ) كما يعلمه المتتبعون ،
فقول المعترض بأن سياق الحديث دال على تخصيصه بغزوة تبوك مما لا وجه
له إذن ، كما لا يخفى .
3 – أما قولهم بأن العام المخصوص ليس بحجة في الباقي ، فغلط
واضح ، وخطأ فاضح ، وهل يقول به في مثل حديثنا إلا من يعتنف
الأمور ، فيكون منها على غماء ، كراكب عشواء ، في ليلة ظلماء ، نعوذ
بالله من الجهل ، والحمد لله على العافية ، أن تخصيص العام لا يخرجه
عن الحجية في الباقي إذا لم يكن المخصص مجملا ، ولا سيما إذا كان
متصلا كما في حديثنا ، فإن المولى إذا قال لعبده : أكرم اليوم كل من زارني
إلا زيدا ، ثم ترك العبد إكرام غير زيد ممن زار مولاه يعد في العرف
عاصيا ، ويلومه العقلاء ، ويحكمون عليه باستحقاق الذم ، والعقوبة على
قدر ما تستوجبه هذه المعصية عقلا أو شرعا ، ولا يصغي أحد من أهل
العرف إلى عذره لو اعتذر بتخصيص هذا العام ، بل يكون عذره أقبح
عندهم من ذنبه ، وهذا ليس إلا لظهور العام – بعد تخصيصه – في
الباقي ، كما لا يخفى ، وأنت تعلم أن سيرة المسلمين وغيرهم مستمرة على
الاحتجاج بالعمومات المخصصة بلا نكير ، وقد مضى الخلف على ذلك
والسلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وتابعي التابعين وتابعيهم
إلى الآن ، ولا سيما أئمة أهل البيت وسائر أئمة المسلمين ، وهذا مما لا
ريب فيه ، وحسبك به دليلا على حجية العام المخصوص ، ولولا أنه
حجة لا نسد على الأئمة الأربعة وغيرهم من المجتهدين باب العلم
بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية ، فإن رحى العلم بذلك
تدور على العمل بالعمومات ، وما من عام إلا وقد خص ، فإذا سقطت
العمومات ارتج باب العلم ، نعوذ بالله ، والسلام .

شاهد أيضاً

ميزان الحكمة أخلاقي، عقائدي، اجتماعي سياسي، اقتصادي، أدبي – محمد الري شهري

المصلين (1). وقد عرف حقها من طرقها (2) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم ...