الرئيسية / أخبار وتقارير / صلى الله عليك ياأبا عبد الله.. من قالها ثلاث مرات حصل على ثواب الزيارة 5

صلى الله عليك ياأبا عبد الله.. من قالها ثلاث مرات حصل على ثواب الزيارة 5

* الرؤية القيادية العامة التي حكمت تحرك الإمام

تحديد الهدف
الهدف الأساسي هو الإصلاح في الأمة، أما السبل التي توصل إلى هذا الهدف فهي مختلفة، فإما تقوم الأمة برفض يزيد وخلعه بدءاً من انقلاب الكوفيين، وإما تقوم ملحمة تاريخية وإنسانية خالدة بوضع الخطوط الحمراء أمام التيار الجاهلي الذي استعاد قوته وبدأ يهدد وجود الإسلام. فالهدف الأصلي نابع من الرؤية الكونية والمسؤولية الرسالية التي يحملها الإنسان الكامل خليفة الله في هذا الوجود، وهو هدف لا إمكانية للبحث فيه أو التراجع عنه، فهو نابع من أصل غاية وجود الإنسان، وطبيعة التكوين الإنساني الذي خلق ليكون إنساناً حاملاً للأسماء والصفات الإلهية كل بقدره وباستطاته، وإنساناً قادراً على التكامل والترقي لينهض من اسفل السافلين إلى أعلى عليين.

الخطة
مرت الخطة الاستراتيجية للإمام بمراحل، فعلى مستوى التحرك الأساسي بدأ الإمام برفض البيعة، ثم انتقل إلى الكوفة لقيادة الإنقلاب السياسي، ثم انتقل إلى مرحلة العمل الإستشهادي بعد وصول خبر مسلم، ولم يكن هذا التحرك عفوياً أو عشوائياً أو بدافع الحماس والرفض فقط، بل كان واضح الهدف والمسار، وعمل الإمام صلوات الله عليه على توفير أكبر قدر ممكن من الفرص لتحقيق أهداف هذه الحركة، ففي البداية تحرك في مكة القطب الأساسي للعالم الإسلامي في فترة الحج، ثم انتقل إلى مرحلة استطلاع وضع الكوفة، ولم يقم بهذا الإستطلاع إلى أن وصلته رسائل كثيرة، ثم تحرك بناءً على رسالة مسلم، التي أوضحت معالم الوضع الكوفي، وعندما وصل خبر انقلاب الكوفة واستشهاد مسلم، انتقل الإمام إلى المرحلة الأخيرة وهي الإستمرار في السير نحو الهدف، وهو الإصلاح في أمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. هذا التخطيط الواعي والذي عمل من خلال الوقائع وفهم الظروف ومتطلبات التحرك والتكيف مع تغير المعطيات هو الذي أوصل الحراك إلى هدفه الأصلي وحقق الغاية المنشودة.

مواءمة الهدف مع الإمكانيات
تميزت الواقعة بفقدان التكافؤ في الإمكانيات والقدرات والموارد، فأمام دولة كبرى وامبراطورية مدججة بالسلاح، كان ثمة عائلة وبعض الرجال الذين يؤمنون بقضيتهم يقفون منفردين في المواجهة. الواقع هذا فرض على معسكر الحسين الإقتصاد في استخدام القوى، والتدرج في ذلك، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الغاية التي قام لأجلها القتال، وهي إصلاح المجتمع، وتغيير وجهة نظر المعسكر الآخر لناحية تحديد صاحب الحق وحامل البصيرة والمنطق السليم. فقد أعطى الإمام الحسين صلوات الله عليه توجيهات لأصحابه والمقاتلين بين يديه بحيث امتنع على جيش العدو اكتساح معسكرهم بضربة واحدة، أو اقتصار المعركة على اشتباك واحد، واكتسب الوقت الكافي لتوضيح قضيته، وإضعاف عزيمة الخصم المتردد اصلاً في الحضور إلى معركة كان في مقلبها الآخر قبل وقت قصير.

المحافظة على المسار نحو الهدف ومنعه من الإنحراف
الهدف هو الإصلاح، ليس الوصول إلى السلطة، وليس القتال والإحتراب، وليس تحقيق مكاسب سياسية أو شخصية. حافظ الإمام الحسين صلوات الله عليه على التوجه نحو الهدف الأصلي، من حيث توزيع الوقت والأولويات، ومن حيث الأدوار، ومن حيث الإلتفات إلى محاذير الميدان. لم يكن يريد بناء نطاق خاص به يحكمه عبر سلطة نافذة كما دعي إلى اليمن أو إلى بعض القبائل الكبرى لتحميه، ولم يكن يريد الاصطدام مع العدو أو التغلب عليه فلم يبدأ بقتال سواءً عندما كان العدو قليل العدد وممكن التغلب حينما كان منحصراً بألف مقاتل بقيادة الحر بن يزيد الرياحي، أو عندما أصبح عدد الجيش المقابل يتجاوز العشرين ألفاً، ولم يكن ليقف في طريق هذا الهدف الموت والقتل والفناء فقد كان باستطاعته تغيير طريقه إلى الكوفة عندما وصلته أخبارها واستشهاد مسلم بن عقيل فيها.

* دور الإمام كقائد في ساحة كربلاء

التوجيهات الإستراتيجية: التموضع، الإستتار، توزيع الجيش والرايات
اختار الإمام صلوات الله عليه مكان نصب المخيم بشكل يؤمن أقصى حد ممكن من الحماية والإستتار لقواته وعياله في تلك الصحراء الجرداء، حيث استند إلى كثبان عالية، جعلها إلى ظهر المخيم، واتخذ خندقاً حول المخيم تم ملؤه بالأخشاب والقصب وإحراقه عند بدء المعركة، إلى جانب ذلك فقد أمر الإمام بربط الخيام ببعضها البعض بحيث تشكل بحد ذاتها عائقاً أمام تقدم قوات العدو. من ناحية ثانية وزع قواته القليلة جداً إلى ثلاثة أجزاء، كما هو التقليد العسكري في تلك الحقبة، ميمنة وميسرة ووسط، وجعل الراية الأساسية بيد أخيه العباس إلى جانبه.

 

* هادي قبيسي.

شاهد أيضاً

الرد الإيراني و النجاحات السياسية القطبية – فتحي الذاري

استراتيجية الرد الإيراني ذات أبعاد مترامية الأطراف ونجاحات سياسية قطبية تمثل جزءاً هاماً من السياسة ...