الرئيسية / تقاريـــر / السعودية من سياسة قطع الأذرع.. الى التفاوض على دور حزب الله الإقليمي

السعودية من سياسة قطع الأذرع.. الى التفاوض على دور حزب الله الإقليمي

انخفض سقف الأهداف السعودية من قطع الأذرع الإيرانية في المنطقة الى إجراء مفاوضات على دور حزب الله الإقليمي؛ هذا الموقف السعودي الجديد جاء على لسان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المتواجد في الرياض خلال مقابلته التلفزيونية الاولى عقب الاستقالة.

من سياسة قطع الأذرع الإيرانية الى تفاوض لتحجيم حزب الله، من ثوب إقليمي إلى لبناني حصرًا، هكذا يبدو الطلب السّعودي اليوم وبعد عشرة أيّام من الأزمة السياسية في لبنان التي اندلعت بعد الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.

الحريري الّذي ظهر أمس بمقابلة تلفزيونية بدا متعبا، وفي هذا السّياق كان رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون اكد قبله أن كل ما يصدر عن الحريري سيكون حوله علامات استفهام لأنّه ليس في الموقع المناسب لإطلاق التصريحات.

في الشكل، بدت مقابلة الحريري التلفزيونية سيناريو آخر بإخراج فاشل من ولي العهد السّعودي محمد بن سلمان لتمرير رسائله الى الاعلام ولإظهار الحريري بأنّه حرٌ في الرّياض. فما عجز بن سلمان عن تلقينه للحريري بشكل كامل قبل المقابلة مرره مع شخص دخل إطار التصوير التلفزيوني مباشرة في سابقة في تاريخ المقابلات التلفزيونية، ليظهر الحريري بعد ذلك مربكًا في قراءة الرسالة العاجلة له.

شحوب وجه الحريري تعكس حالته النفسية فلم تسعفه أكواب الماء المتلاحقة في الحفاظ على صلابته، عدا أن العديد من الأجوبة التي قدّمها لم تكون ردودا مناسبة على أسئلة مجرية الحوار، وربّما لن يحتاج الأمر محللي لغة الجسد لقراءة حركات وجه الحريري وبالتالي شرح الحالة النفسية التي يعيشها وأحس بها كل من تابع هذه المقابلة.

في المضمون، برز كلام جديد من ولي العهد السعودي على لسان رئيس الحكومة اللبنانية المستقيل؛ فالحريري، الّذي قد يكون محتجزا في بيته الفاخر في الرياض ضمن حملة توقيف الامراء، جاء بسقف أقل انخفاضا من الشعارات السعودية التي نطق بها عند تقديم بيان الاستقالة وتحولّ كلام قطع الأذرع الإيرانية في المنطقة الى تفاوض لإخراج حزب الله من حالته الإقليمية المزعجة للسعودية الى حالة لبنانية صرفا بانتظار أيّ جديد.

ولا يخفى على أحد ان سبب دخول حزب الله في ثوبه الإقليمي هو الإرهاب الّذي تواجد على طول الحدود اللبنانية مع سوريا مما دفعه الى الدخول في المعترك السوري لإنقاذ لبنان من التهديدات الوجودية التي كان يتعرض لها ولمسها عبر التفجيرات الإرهابية طوال سنوات تواجد الإرهاب على الحدود اللبنانية السورية.

بن سلمان الّذي سلّم لواقع فشل المشروع السّعودي في سوريا يُدرك جيّدا أن الحزب سيقوم بما تمليه عليه مصلحته بعد الانتهاء من غائلة الإرهاب في سوريا فإن كانت مصلحته البقاء في سوريا فهو سيفعل ذلك وإن كانت مصلحته الخروج منها فسوف يفعل ذلك أيضا. لكن ما يحاول بن سلمان فعله وهو الأقرب للحقيقة التي حاول الحريري إظهارها بشكل أو بآخر هو إخضاع اليمن واتهام حزب الله بأنه من يتدخل في هذا البلد ويضرب المصالح السعودية انطلاقا منه.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كان قد نصح السعودية بان تضع سقف أهداف تستطيع الوصول إليه وعدم الذهاب بعيدا في أوهام القضاء على حزب الله وسياسة قطع الأذرع.

من الواضح أن السعودية لا تزال مصرّة بأن حزب الله وإيران ضالعون بمساعدة الجيش واللجان الشعبية اليمنية عبر تقديم الصواريخ التي تستهدف السعودية. لكن ما لم يدركه بن سلمان في الحقيقة هو أن الدعم الّذي يقدمه حزب الله أو الدعم الإيراني لليمن لا زال ضمن الإطار المعنوي حيث أن الشعب اليمني قادر على الدفاع عن نفسه بما يليق بكرامته وعزة نفسه وهو ليس بحاجة لدعم عسكري إيراني او من قبل حزب الله.

في المحصّلة، يبدو أن السعودية قد أطلقت سراح الحريري الذي سيعود الى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لمفاوضة الحزب على الخروج من الإقليم بشكل عام واليمن بشكل خاص، بيد أن حزب الله الذي قد يستطيع المفاوضة حول تواجده في سوريا خصوصا وإن غائلة الإرهاب شارفت على نهايتها في هذا البلد فهو لن يستطيع المفاوضة على المأزق السعودي في اليمن لعدم تواجده عمليًّا في اليمن كما أنّه لن يسكت كباقي المؤسسات الدولية في العالم في إدانة المجازر السعودية ضد المدنيين الأبرياء في اليمن ولن يسكت عن المطالبة بفتح المجال لإيصال المساعدات الى الشعب اليمني المظلوم.

يقول مراقبون إن السّاحة اللبنانية قد تدخل في ركود سياسي جديد لا أفق له، او ربّما تكون ساحة لاتفاقات أكبر من الخريطة اللبنانية بين إيران والسعودية حول مسائل المنطقة في حال كفّت السعودية عن التهديدات العبثية واقتنعت بضرورة الدخول في مفاوضات جدية تنقذ المنطقة من الأزمات التي تعيشها.

شاهد أيضاً

    إقرأ المزيد .. الإمام الخامنئي: الشعوب المسلمة تتوقع من حكوماتها قطع العلاقات مع ...