الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / حكم ومواعظ من حياة الانبياء ( عليهم السلام )

حكم ومواعظ من حياة الانبياء ( عليهم السلام )

هل كان كنعان بن نوح عليه السلام ؟

عن ابي بصير ، عن ابي عبد الله عليه السلام قال : لما اراد الله عزوجل هلاك قوم نوح عليه السلام ، عقم ارحام النساء اربعين سنة ، فلم يلد فيهم مولود.
فلما فرغ نوح عليه السلام من اتخاذ السفينة ، امره الله ان ينادي بالسريانية : لا يبقى بهيمة ولا حيوان الا حضر ، فادخل من كل جنس من اجناس الحيوان زوجين في السفينة ، وكان الذين امنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلا ، فقال الله تعالى : « حتى اذا جاء امرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين واهلك الا من سبق عليه القول ومن امن وما امن معه الا قليل » (1).
بعد ما ركب الجميع وفار التنور وتفجرت الارض عيونا وهطلت الامطار من السماء ، وفتحت ابواب السماء بماء منهمر.
قال الله تعالى : « اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها » ، اي مسيرها وموقفها.
فدارت السفينة ، ونظر نوح عليه السلام الى ابنه يقع ويقوم فقال له : « يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين » فقال ابنه كنعان ، كما حكى الله عزوجل : « قال ساوي الى جبل يعصمني من الماء » فقال نوح : « لا عاصم اليوم من امر الله الا من رحم » ثم قال نوح عليه السلام : « رب ان ابني من اهلي وان وعدك الحق وانت احكم الحاكمين » فقال الله عزوجل : « يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فلا تسالن ما ليس لك به علم اني اعظك ان تكون من الجاهلين » (2) … « وحال بينهما الموج فكان من المغرقين » (3).
وردت تفاسير واحتمالات عديدة في ان « كنعان » هل كان ابن نوح عليه السلام او لم يكن ؟ نذكر منها مختصرا :
يقول البعض : هو ابن نوح عليه السلام ولكن لم يكن في صف الكفار ولا في صف المؤمنين ، بل كما يقول القران « كان في معزل من القوم » ولذلك كان يحتمل نوح ان يندم ولده.
وهناك احتمال اخر يقول : هو ان ابن نوح لم يكن يخالف اباه بصراحة ، بل كان منافقا وكان يوافق اباه في الظاهر احيانا ، فلذلك طلب نوح من ربه له النجاة.
وقال البعض : في قوله تعالى : « انه عمل غير صالح » بمعنى « انه ذو عمل غير صالح » ، وان الانسان قد يذوب في عمله الى درجة كانه يصير بنفسه العمل ذاته ، وياتي مثل هذا التعبير للمبالغة ، كما يقال احيانا : « ان فلانا هو كل العدل والسخاء » او ان فلانا هو السرقة والفساد جميعها ، فكانه غاص في العمل حتى صار هو العمل بذاته.
فابن نوح هكذا كان ، فقد جلس مع السيئين وغاص في اعماقهم السيئة وافكارهم المنحرفة ، بحيث تبدل وجوده الى عمل غير صالح !.
اي : يا نوح ، لو كان ابنك انحرافه وفساده سطحيا لكانت الشفاعة في حقه ممكنة ، ولكنه اصبح غارقا في الفساد والانحراف.
وهناك احتمالات يراها المفسرون على ان « كنعان » لم يكن ابن نوح حقيقة ، او انه كان ابنا غير شرعي ، او انه شرعي من زوجته عن رجل اخر.
وروي انه سأل الامام الرضا عليه السلام بعض اصحابه يوما : كيف يفسر الناس هذه الاية : « انه عمل غير صالح » .. فأجابه احد الحاضرين : انهم يعتقدون ان كنعان لم يكن الابن الحقيقي لنوح ، فقال الامام عليه السلام : « كلا لقد كان ابنه ، ولكن لما عصى الله نفاه عن ابيه ، كذا من كان منا لم يطع الله فليس منا » (4).
فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قال : « من غش مسلما فليس منا » (5).
وروي عن الصادق عليه السلام انه قال : « ليس بولي لي من اكل مال مؤمن حرام » (6).
ويقول النبي صلى الله عليه واله وسلم : « من سمع رجلا ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس بمسلم » (7).
وقيل ان ابن نوح لم يكن على دين ابيه ، وكان نوح عليه السلام يظن انه مسلم فلذلك دعاه للركوب في السفينة ، وكان ينافق اباه وقال الله تعالى لنوح : « انه ليس من اهلك » لانه كان مخالفا له وجعل من اتبعه من اهله. (8)
وقال الشيخ الطوسي قدس سره : في معنى قوله سبحانه : « انه ليس من اهلك » اي انه ليس من اهلك الذين وعدتك بنجاتهم معك ، وانه كان ابنه من صلبه.
وقول ثاني انه « ليس من اهلك » اي انه ليس على دينك ، فكان كفره اخرجه عن ان يكون له احكام اهله ، وهذا كما قال النبي صلى الله عليه واله وسلم لسلمان الفارسي : « سلمان منا اهل البيت » اي على ديننا. (9)
وقول ثالث قال : تقرا « ونادى نوح ابنه » بنصب الهاء ، اي « ابنها » وهي لغة طي.
وروي عروة بن الزبير : « ونادى نوح ابنه » بفتح الهاء فحذف الالف تخفيفا ، اي ابنها ، اي رجوع الضمير الى امراته ، اي انه كان ابن امراته. (10)
________________________________________
1 ـ هود : 40.
2 ـ هود : 43 ، 46.
3 ـ نفس المصدر.
4 ـ تفسير الامثل : ج 6 ص 514.
5 ـ سفينة البحار : ج 2 ص 318.
6 ـ وسائل الشيعة ج 12 ص 53.
7 ـ اصول الكافي ج 2 ص 164.
8 ـ البحار : ج 11 ص 304.
9 ـ نفس المصدر : ص 313.
10 ـ نفس المصدر.

 

2جبال تشانغیة دانکسیا فی الصین

شاهد أيضاً

كيف انتصر اليمن في حروب الجيل الخامس؟

إن ما يخشونه هو الحق والحقيقة، فضباط الوعي والبصيرة يقضون مضاجع الأعداء، ويدمغون باطل الأعداء ...