الرئيسية / بحوث اسلامية / الـعـقـائـد الإسـلامـيـة – عرض مقارن لاهم موضوعاتها من مصادر السنة والشيعة

الـعـقـائـد الإسـلامـيـة – عرض مقارن لاهم موضوعاتها من مصادر السنة والشيعة

من روايات عالم طينة الخلق

ـ مجمع الزوائد ج 9 ص 128
وعن بريدة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً أميراً على اليمن ، وبعث خالد بن الوليد على الجبل ، فقال : إن اجتمعتما فعلي على الناس ، فالتقوا وأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثله ، وأخذ عليٌّ جاريةً من الخمس ، فدعا خالد ابن الوليد بريدة فقال : إغتنمها فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ما صنع !
فقدمت المدينة ودخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله ، وناس من أصحابه على بابه ، فقالوا : ما الخبر يا بريدة ؟
فقلت : خيراً فتح الله على المسلمين . فقالوا : ما أقدمك ؟ قلت : جارية أخذها علي من الخمس ! فجئت لاَخبر النبى صلى الله عليه وسلم .
فقالوا : فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يسقط من عين النبي صلى الله عليه وسلم ! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع الكلام ، فخرج مغضباً فقال : ما بال أقوام ينتقصون علياً ! من تنقص علياً فقد تنقصني ، ومن فارق علياً فقد فارقني . إن علياً مني وأنا منه ، خلق من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم ، وأنا أفضل من إبراهيم ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم . يا بريدة أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية


( 80 )
التي أخذ ، وأنه وليكم بعدي !
فقلت : يا رسول الله بالصحبة إلا بسطت يدك فبايعتني على الاِسلام جديداً !
قال فما فارقته حتى بايعته على الاِسلام . رواه الطبراني في الاَوسط ، وفيه جماعة لم أعرفهم وحسين الاَشقر ضعفه الجمهور ، ووثقه ابن حبان .

ـ مجمع الزوائد ج 5 ص 208
وعن جابر ـ قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله، فلمانظر إلى رسول الله حجل إعظاماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل رسول الله بين عينيه ، وقال له: يا حبيبي أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي ، وخلقت من الطينة التي خلقت منها ، يا حبيبي حدثني عن بعض عجائب أهل الحبشة . قال : نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، بينا أنا قائم في بعض طرقها إذ أنا بعجوز على رأسها مكيل ، وأقبل شاب يركض على فرس فزحمها وألقى المكيل عن رأسها ، واستوت قائمة وأتبعته البصر وهي تقول : الويل لك غداً إذا جلس الملك على كرسيه فاقتص للمظلوم من الظالم ! قال جابر : فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : لا قدس الله أمة لا تأخذ للمظلوم حقه من الظالم غير متعتع . رواه الطبراني في الاَوسط وفيه مكي بن عبد الله الرعيني وهو ضعيف . انتهى . ورواه في مجمع الزوائد ج 9 ص 272 ، وروى أيضاً :
وعن أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر : خلقك كخلقي وأشبه خلقي خلقك فأنت مني ، وأنت يا علي فمني وأبو ولدي . رواه الطبراني عن شيخه أحمد ابن عبدالرحمن بن عفال وهو ضعيف .
ـ كنز العمال ج 11 ص 662
خلق الناس من أشجار شتى ، وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة . ابن عساكر عن وهب بن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً ، ووهب كان يضع الحديث .
مسند جابر بن عبدالله ، عن مكي بن عبدالله الرعيني ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن


( 81 )
ابن الزبير ، عن جابر قال : لما قدم جعفر من أرض الحبشة تلقاه رسول الله ، فلما نظر جعفر إلى رسول الله حجل إعظاماً منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقبل رسول الله بين عينيه وقال : يا حبيبي ! أنت أشبه الناس بخلقي وخلقي وخلقت من الطينة التي خلقت منها يا حبيبي . عق ، وأبو نعيم ، قال عق غير محفوظ ، وقال في الميزان : مكي له مناكير ، وقال في المغنى : تفرد عن ابن عيينة بحديث عب . انتهى . ورواه في كنزالعمال ج 11 ص 662 ، بعدة روايات في بعضها من طينتي وفي بعضها من شجرتي.

ـ الكافي ج 2 ص 2
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله عن رجل عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : إن الله عز وجل خلق النبيين من طينة عليين : قلوبهم وأبدانهم ، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و ( جعل ) خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك وخلق الكفار من طينة سجين ، قلوبهم وأبدانهم ، فخلط بين الطينتين ، فمن هذا يلد المؤمن الكافر ويلد الكافر المؤمن ، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة ، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة . فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه وقلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه . انتهى . ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 82 وروى في ص 116 : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن النضربن شعيب ، عن عبدالغفار الجازي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله عز وجل خلق المؤمن من طينة الجنة وخلق الكافر من طينة النار . وقال : إذا أراد الله عز وجل بعبد خيراً طيب روحه وجسده فلا يسمع شيئاً من الخير إلا عرفه ولا يسمع شيئاً من المنكر إلا أنكره .
قال وسمعته يقول : الطينات ثلاث : طينة الاَنبياء والمؤمن من تلك الطينة إلا أن الاَنبياء هم من صفوتها ، هم الاَصل ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طين لازب ، كذلك لا يفرق الله عز وجل بينهم وبين شيعتهم . وقال : طينة الناصب من حمأ مسنون ، وأما المستضعفون فمن تراب ، لا يتحول مؤمن عن إيمانه ولا ناصب عن نصبه ، ولله المشيئة فيهم .


( 82 )
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل قال : قلت لاَبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك من أي شيَ خلق الله عزوجل طينة المؤمن ؟ فقال : من طينة الاَنبياء ، فلم تنجس أبداً .
محمد بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن محمد وغيره ، عن محمد بن خلف ، عن أبي نهشل قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إن الله عز وجل خلقنا من أعلى عليين ، وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه ، وخلق أبدانهم من دون ذلك ، وقلوبهم تهوي إلينا لاَنها خلقت مما خلقنا منه ، ثم تلا هذه الآية : كلا إن كتاب الاَبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون . كتاب مرقوم يشهده المقربون . وخلق عدونا من سجين ، وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه وأبدانهم من دون ذلك ، فقلوبهم تهوي إليهم ، لاَنها خلقت مما خلقوا منه ، ثم تلا هذه الآية : كلا إن كتاب الفجار لفى سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ، ويل يومئذ للمكذبين . انتهى . ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 116

ـ الكافي ج 1 ص 389
أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن شعيب ، عن عمران بن إسحاق الزعفراني ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : إن الله خلقنا من نور عظمته ، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش ، فأسكن ذلك النور فيه ، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لاَحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً ، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من تلك الطينة . . . . الحديث .
ـ الكافي ج 1 ص 402
أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن منصور بن العباس ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الله بن مسكان ، عن محمد بن عبد الخالق وأبي بصير قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : يا أبا محمد . . . . وإن عندنا سراً من سر الله وعلماً من علم الله أمرنا الله


( 83 )
بتبليغه ، فبلغنا عن الله عز وجل ما أمرنا بتبليغه ، فلم نجد له موضعاً ولا أهلاً ولا حمالة يحتملونه حتى خلق الله لذلك أقواماً ، خلقوا من طينة خلق منها محمد وآله وذريته عليهم السلام ومن نور خلق الله منه محمداً وذريته ، وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنع منها محمداً وذريته ، فبلغنا عن الله ما أمرنا بتبليغه فقبلوه واحتملوا ذلك ، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أنهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك لا والله ما احتملوه . . . . الحديث .

من آيات وروايات عالم الملكوت

قال تعالى : أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين . أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والاَرض وما خلق الله من شيء وأن عسى أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يؤمنون. الاَعراف 184 ـ 185
ـ وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والاَرض وليكون من الموقنين . فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين . فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لاَكونن من القوم الضالين. الاَنعام 75 ـ 77
ـ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون . سيقولون لله قل فأنى تسحرون . المؤمنون ـ 88
ـ فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون. يس ـ 83

ـ نهج البلاغة ج 1 ص 162
. . . . هو القادر الذي إذا ارتمت الاَوهام لتدرك منقطع قدرته ، وحاول الفكر المبرأ من خطرات الوساوس أن يقع عليه في عميقات غيوب ملكوته ، وتولهت القلوب إليه لتجري في كيفية صفاته ، وغمضت مداخل العقول في حيث لا تبلغه . . . .

ـ نهج البلاغة ج 1 ص 163


( 84 )
. . . . وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به آثار حكمته ، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك قدرته ، ما دلنا باضطرار قيام الحجة . . . .

ـ نهج البلاغة ج 1 ص 168
ثم خلق سبحانه لاِسكان سماواته ، وعمارة الصفيح الاَعلى من ملكوته ، خلقاً بديعاً من ملائكته ملاَ بهم فروج فجاجها ، وحشى بهم فتوق أجوائها . وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس وسترات الحجب وسرادقات المجد . ووراء ذلك الرجيج الذي تستك منه الاَسماع . . . .

ـ نهج البلاغة ج 2 ص 45
الحمد لله الذي انحسرت الاَوصاف عن كنه معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغاً إلى بلوغ غاية ملكوته . . . .

ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 185
الآمدي في الغرر ، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : التفكر في ملكوت السماوات والاَرض عبادة المخلصين .

ـ الكافي ج 1 ص 35
عن حفص بن غياث قال : قال لي أبوعبدالله عليه السلام : من تعلم العلم وعمل به وعلم لله ، دعي في ملكوت السماوات عظيماً ، فقيل : تعلم لله وعمل لله وعلم لله . انتهى .
وروى نحوه في كنز العمال ج 10 ص 164 وفي سنن الترمذي ج 4 ص 155 ، وروى في مجمع الزوائد ج 10 ص 248
البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ، ومن مد عينيه إلى زينة المترفين ، كان مهيناً في ملكوت السموات . ومن صبر على القوت الشديد صبراً جميلاً أسكنه الله من الفردوس حيث شاء .


( 85 )

ـ وسائل الشيعة ج 11 ص 278
. . . . ثم قال : وذلك إذا انتهكت المحارم ، واكتسب المآثم ، وتسلط الاَشرار على الاَخيار ، ويفشو الكذب ، وتظهر الحاجة ، وتفشو الفاقة ، ويتباهون في الناس ، ويستحسنون الكوبة والمعازف ، وينكر الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. إلى أن قال : فأولئك يدعون في ملكوت السماء : الاَرجاس الاَنجاس . . . . الحديث .

ـ الكافي ج 1 ص 93
محمد بن أبي عبد الله رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يا ابن آدم لو أكل قلبك طائر لم يشبعه ، وبصرك لو وضع عليه خرق أبرة لغطاه ، تريد أن تعرف بهما ملكوت السماوات والاَرض ، إن كنت صادقاً فهذه الشمس خلق من خلق الله فإن قدرت أن تملاَ عينيك منها فهو كما تقول .

ـ الكافي ج 1 ص 273
علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عز وجل : يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ، قال : خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل ، كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وهو مع الاَئمة ، وهو من الملكوت .

ـ الكافي ج 2 ص 263
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : طوبى للمساكين بالصبر ، وهم الذين يرون ملكوت السماوات والاَرض .
ـ تفسير الاِمام العسكري ص 513
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والاَرض وليكون من الموقنين ، قوى الله


( 86 )
بصره لما رفعه دون السماء حتى أبصر الاَرض ومن عليها ظاهرين ومستترين ، فرأى رجلاً وامرأة على فاحشة فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فدعا عليهما بالهلاك فهلكا ، ثم رأى آخرين فهم بالدعاء عليهما ، فأوحى الله تعالى إليه : يا إبراهيم أكفف دعوتك من عبادي وإمائي . . . . الحديث . انتهى . وروى نحوه في الكافي ج 8 ص 305 وفي كنز العمال ج 4 ص 269

ـ علل الشرائع ج 1 ص 131
قالوا حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي الاَسدي ، عن موسى بن عمران النخعي ، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي ، عن علي بن سالم عن أبيه ، عن ثابت بن دينار قال سألت زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبى طالب عليه السلام عن الله جل جلاله : هل يوصف بمكان ؟ فقال : تعالى عن ذلك . قلت : فلم أسرى بنبيه محمد صلى الله عليه وآله إلى السماء ؟ قال : ليريه ملكوت السموات ، وما فيها من عجائب صنعه وبدايع خلقه . . . .

ـ علل الشرائع ج 1 ص 15
حدثنا علي بن أحمد ، عن محمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي قال : حدثنا جعفر بن سليمان بن أيوب الخزاز قال : حدثنا عبدالله بن الفضل الهاشمي قال: قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : لاَي علة جعل الله عز وجل الاَرواح في الاَبدان بعد كونها في ملكوته الاَعلى في أرفع محل ؟ فقال عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى علم أن الاَرواح في شرفها وعلوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عز وجل ، فجعلها بقدرته في الاَبدان التي قدر لها في ابتداء التقدير نظراً لها ورحمة بها ، وأحوج بعضها إلى بعض وعلق بعضها على بعض ورفع بعضها على بعض في الدنيا ، ورفع بعضها فوق بعض درجات في الآخرة ، وكفى بعضها ببعض .
قلت : فقول الله عز وجل : ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى ؟ قال : ذاك


( 87 )
رسول الله صلى الله عليه وآله دنا من حجب النور فرأى ملكوت السموات ، ثم تدلى صلى الله عليه وآله فنظر من تحته إلى ملكوت الاَرض حتى ظن أنه في القرب من الاَرض ، كقاب قوسين أو أدنى .
* *

وقد روت مصادر إخواننا السنة عدداً من الروايات عن عالم الملكوت ، كالتي رواها أحمد في مسنده ج 2 ص 363 ، من حديث المعراج . . . . فلما نزلت وانتهيت إلى سماء الدنيا فإذا أنا برهج ودخان وأصوات فقلت من هؤلاء ؟ قال : الشياطين يحرفون على أعين بني آدم أن لا يتفكروا في ملكوت السموات والاَرض ، ولولا ذلك لرأت العجائب .

ـ وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 178
وعن رقبة بن مصقلة قال لما حصر الحسين بن علي رضي الله عنهما قال : أخرجوني إلى الصحراء لعلي أتفكر أنظر في ملكوت السماوات يعني الآيات ، فلما أخرج به قال : اللهم إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الاَنفس عليَّ ، وكان مما صنع الله له أنه احتسب نفسه . رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن رقبة لم يسمع من الحسن فيما أعلم ، وقد سمع من أنس فيما قيل .

من آيات وروايات عالم الخزائن

قال الله تعالى : والاَرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون . وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين . وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم . الحجر 19 ـ 21

ـ الصحيفة السجادية ج 1 ص 71
اللهم يا منتهى مطلب الحاجات ، ويا من عنده نيل الطلبات ، ويا من لا يبيع نعمه بالاَثمان ، ويا من لا يكدر عطاياه بالاِمتنان ، ويا من يستغنى به ولا يستغنى عنه ،


( 88 )
ويا من يرغب إليه ولا يرغب عنه ، ويا من لا تفني خزائنه المسائل ، ويا من لا تبدل حكمته الوسائل ، ويا من لا تنقطع عنه حوائج المحتاجين ، ويا من لا يعنيه دعاء الداعين . . . .

ـ مصباح المتهجد ص 467
سبحان الحي القيوم ، سبحان الدائم الباقي الذي لا يزول ، سبحان الذي لا تنقص خزائنه ، سبحان من لا ينفد ما عنده ، سبحان من لا تبيد معالمه ، سبحان من لا يشاور في أمره أحداً ، سبحان من لا إلَه غيره .

ـ مصباح المتهجد ص 578
الحمدلله الفاشي في الخلق أمره وحمده، الظاهر بالكرم مجده، الباسط بالجود يده، الذي لا تنقص خزائنه ، ولا تزيده كثرة العطاء إلا كرماً وجوداً ، إنه هو العزيز الوهاب .

ـ مستدرك الحاكم ج 1 ص 525
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه كان يدعو : اللهم احفظني بالاِسلام قائماً ، واحفظني بالاِسلام قاعداً ، واحفظني بالاِسلام راقداً ، ولا تشمت بي عدواً حاسداً . اللهم إني أسألك من كل خير خزائنه بيدك ، وأعوذ بك من كل شر خزائنه بيدك . هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه .
هذا ما تيسر لنا تتبعه من الاَحاديث الدالة على وجود الاِنسان في عوالم قبل الدنيا . وفيها بحوث شريفة في عدد هذه العوالم وترتيبها وصفاتها ، قلما تعرض المتكلمون والمفسرون لبحثها .
وفيها بحوث أخرى في امتحان الاِنسان فيها واختياره الكفر أو الاِيمان قبل وصوله إلى عالم الاَرض . وقد بحثها المفسرون والمتكلمون في باب الجبر والاِختيار، والقضاء والقدر .


( 89 )
ـ قال المجلسي رحمه الله في بحار الاَنوار ج 5 ص 260
بيان : إعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الاَخبار ومعضلات الآثار ، ولاَصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك :
منها ، ما ذهب إليه الاَخباريون ، وهو أنا نؤمن بها مجملاً ، ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها ، وعن أنها من أي جهة صدرت ، ونرد علمها إلى الاَئمة عليهم السلام .
ومنها ، أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة ، ولما ذهبت إليه الاَشاعرة وهم جلهم ، ولمخالفتها ظاهراً لما مر من أخبار الاِختيار والاِستطاعة .
ومنها ، أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون ، فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة .
ومنها ، أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابلياتهم ، وهذا أمر بين لا يمكن إنكاره ، فإنه لا شبهة في أن النبي صلى الله عليه وآله وأبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاِستعداد والقابلية ، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف ، فإن الله تعالى كلف النبي صلى الله عليه وآله حسب ما أعطاه من الاِستعداد لتحصيل الكمالات ، وكلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك ، ولم يكلفه ما ليس في وسعه ، ولم يجبره على شيء من الشر والفساد .
ومنها ، أنه لما كلف الله تعالى الاَرواح أولاً في الذر وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشر باختيارهم في ذلك الوقت ، وتفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دل عليه بعض الاَخبار السابقة ، فلا فساد في ذلك .
ولا يخفى ما فيه وفي كثير من الوجوه السابقة ، وترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الاِحاطة بكنهها أولى ، لا سيما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها . ( مسألة القضا والقدر ) .
ولنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم ومخالفوهم .
فمنها : ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية حيث


( 90 )
سئل : ما قوله ـ أدام الله تأييده ـ في معنى الاَخبار المروية عن الاَئمة الهادية عليهم السلام في الاَشباح وخلق الله تعالى الاَرواح قبل خلق آدم عليه السلام بألفي عام ، وإخراج الذرية من صلبه على صور الذر ، ومعنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله : الاَرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف .
الجواب : وبالله التوفيق ، إن الاَخبار بذكر الاَشباح تختلف ألفاظها ، وتتباين معانيها ، وقد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة ، وصنفوا فيها كتباً لغوا فيها ، وهزئوا فيما أثبتوه منه في معانيها ، وأضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق وتخرصوا الباطل بإضافتها إليهم، من جملتها كتاب سموه كتاب ( الاَشباح والاَظلة ) نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان، ولسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه . وإن كان صحيحاً فإن ابن سنان قد طعن عليه وهو متهم بالغلو ، فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق، وإن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك .
والصحيح من حديث الاَشباح الرواية التي جاءت عن الثقاة بأن آدم عليه السلام رأى على العرش أشباحاً يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها، فأوحى إليه أنها أشباح رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم ، وأعلمه أنه لولا الاَشباح التي رآها ما خلقه ولا خلق سماءً ولا أرضاً . والوجه فيما أظهره الله تعالى من الاَشباح والصور لآدم أن دله على تعظيمهم وتبجيلهم ، وجعل ذلك إجلالاً لهم ومقدمة لما يفترضه من طاعتهم ، ودليلاً على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم ، ولم يكونوا في تلك الحال صوراً مجيبة ، ولا أرواحاً ناطقة ، لكنها كانت على مثل صورهم في البشرية ، يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة ، والنور الذي جعله عليهم يدل على نور الدين بهم وضياء الحق بحججهم . وقد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش ، وأن آدم عليه السلام لما تاب إلى الله عز وجل وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه ، وهذا غير منكر في العقول ولا مضاد للشرع المنقول ، وقد رواه الصالحون الثقاة المأمونون ، وسلم لروايته طائفة


( 91 )
الحق ، ولا طريق إلى إنكاره ، والله ولي التوفيق . انتهى .
ويدل كلام المفيد قدس سره أن الغلاة في عصره كانوا استغلوا أحاديث الاَشباح والظلال وبنوا عليها أباطيل تخالف مذهب أهل البيت عليهم السلام فشنع بسببها الخصوم على المذهب ، فنفى المفيد دعوى الخصوم وفي نفس الوقت أثبت أحاديث الاَشباح والظلال ، ثم فسرها بتفسير يفهمه العوام ولا يثير ثائرة الخصوم .

وقال في هامش الكافي ج 2 ص 3 :
الاَخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين ( من الجنة ) وخلق الاَشقياء من طينة سجين ( من النار ) وكل يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء ، وقد أورد عليها : أولاً ، بمخالفة الكتاب . وثانياً ، باستلزام الجبر الباطل .
أما البحث الاَول ، فقد قال الله تعالى : هو الذى خلقكم من طين ، وقال : وبدأ خلق الاِنسان من طين ، فأفاد أن الاِنسان مخلوق من طين ، ثم قال تعالى : ولكل وجهة هو موليها .. الآية . وقال : ماأصاب من مصيبة في الاَرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها .. الآية . فأفاد أن للاِنسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء ، وهو متوجه إليها سائر نحوها . وقال تعالى : كما بدأكم تعودون ، فريقاً هدى وفريقاً حق عليهم الضلالة ..الآية . فأفاد أن ما ينتهي إليه أمر الاِنسان من السعادة والشقاء هو ماكان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طيناً ، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء ، وآخرالسعيد إلى الجنة وآخرالشقي إلى النار ، فهما أولهما لكون الآخر هو الاَول ، وحينئذ صح أن السعداء خلقوا من طينة الجنة والاَشقياء خلقوا من طينة النار. وقال تعالى : كلا إن كتاب الاَبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ، كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين .. الآيات . وهي تشعر بأن عليين وسجين هما ماينتهي اليه أمر الاَبرار والفجار من النعمة والعذاب ، فافهم .
وأما البحث الثاني ، وهو أن أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين


( 92 )
حتميين للاِنسان ، ومعه لا يكون أحدهما اختيارياً كسبياً للاِنسان وهو الجبر الباطل .
والجواب عنه ، أن اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ماقضى من سعادة وشقاء ، فيرجع الاِشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حق الاِنسان قبل أن يخلق ، وإن ذلك يستلزم الجبر . وقد ذكرنا هذا الاِشكال مع جوابه في باب المشيئة والاِرادة في المجلد الاَول من الكتاب ص150 ، وحاصل الجواب : أن القضاء متعلق بصدور الفعل عن اختيار العبد فهو فعل اختياري في عين أنه حتمي الوقوع ، ولم يتعلق بالفعل سواء اختاره العبد أو لم يختره ، حتى يلزم منه بطلان الاِختيار . وأما شرح ما تشمل عليه هذه الاَخبار تفصيلاً فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر ، فليرجع فيه إلى مطولات الشروح والتعاليق والله الهادي .(الطباطبائي) انتهى .
ونختم بالقول : إن مسألة وجود الاِنسان في عوالم قبل عالم الاَرض ، أوسع مما بحثه المتكلون والفلاسفة ، وهي تحتاج إلى تتبع كامل وبحث دقيق في أحاديثها الشريفة ، للتوصل إلى عدد تلك العوالم وصفاتها ، ولا يبعد أنها تحل كثيراً من المشكلات ، ومنها مشكلة الجبر والاِختيار ، وقد تبين من مجموعها أن أخذ الميثاق تم من الذر المأخوذ من طين آدم كما في بعضها ، وفي عالم الظلال كما في بعضها ، ومن المحتمل أنه حصل في أكثر من عالم .
كما لا يصح استبعاد أن تكون الذرة إنساناً كاملاً عاقلاً بعد ما سمعنا عن عالم الذرة والجينات .
ولا يصح القول بأن عالم الذر هو عالم الملكوت وإن كان جزء من عالم الملكوت إلا من باب تسمية الجزء باسم الكل . والملكوت كما رأيت في آياته وأحاديثه شامل لعوالم الشهادة والغيب ، والبعد عن الله تعالى والحضور ، وعالم الذر أو الظلال واحد من عوالم الحضور .

شاهد أيضاً

الجهاد – طريقة العمل

طريقة العمل                                  * العمل  طبق التكليف والأحكام الشرعية                                * كسب محبة الشعب ...