الرئيسية / القرآن الكريم / آلاء الرحمن في تفسير القرآن 14

آلاء الرحمن في تفسير القرآن 14

هب ان المعرفة والصدق لا يطالبان المحدثين « ولا نقول القصاص » ولا يسألانهم عن هذا الاضطراب الفاحش فيما يزعمون انه من القرآن ولا يسألانهم عن التمييز بين بلاغة القرآن وعلو شأنه فيها وبين انحطاط هذه الفقرات . ولكن أليس للمعرفة أن تسألهم عن الغلط في قولهم « لا المشركة » فهل يوصف الدين بأنه مشركة . وفي قولهم « الحنيفية المسلمة » وهل يوصف الدين او الحنيفية بأنه مسلمة وقولهم « ان ذات الدين » وفي قولهم « إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة » ما معنى إنزال المال .
وما معنى كونه لإقام الصلاة . هذا واستمع لما يأتي
ففي الجزء السادس من مسند احمد مسندا عن مسروق قال قلت لعائشة هل كان رسول اللَّه يقول شيئا إذا دخل البيت قالت كان إذا دخل البيت مثل لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا ولا يملأ فمه الا التراب وما جعلنا المال إلا لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ويتوب اللَّه على من تاب .
وفي الجزء السادس في اسناده عن جابر قال قال رسول اللَّه ( ص ) لو ان لابن آدم واديا من مال لتمنى واديين ولو ان له واديين لتمنى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب . وباسناده ايضا قال سئل جابر هل قال رسول اللَّه لو كان لابن آدم واد من نخل تمنى مثله حتى يتمنى أودية ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب انتهى .
وهل تجد من الغريب او الممتنع في العادة ان يكون لابن آدم واد من مال أو من نخل .
او ليس في بني آدم في كل زمان من ملك واديا من ذلك بل اودية . اذن فكيف يصح في الكلام المستقيم أن يقال لو كان لابن آدم . لو ان لابن آدم . او ليست لو للامتناع . باللعجب من الرواة لهذه الروايات ألم يكونوا عربا أو لهم إلمام باللغة العربية . نعم يرتفع هذا الاعتراض
بما رواه أحمد في مسند ابن عباس لو كان لابن آدم واديان من ذهب وكذا ما يأتي من رواية الترمذي عن انس . وايضا إن تمنى الوادي والواديين والثلاث ليس بذنب يحتاج إلى التوبة إذن فما هو وجه المناسبة بتعقيب ذلك بجملة « ويتوب اللَّه على من تاب » وإن شئت ان تستزيد مما في هذه الرواية من التدافع والاضطراب فاستمع إلى ما رواه الحاكم في المستدرك ان أبا موسى الأشعري قال كنا نقرأ سورة نشبهها بالطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير اني حفظت منها لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب .
وذكر في الدر المنثور انه أخرجه جماعة عن أبي موسى . وأضف إلى ذلك في التدافع والتناقض ما أسنده في الإتقان عن أبي موسى ايضا قال نزلت سورة نحو براءة ثمّ رفعت وحفظ منها ان اللَّه سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ولو ان لابن آدم واديين لتمنى إلى آخره .
وأسند الترمذي عن أنس بن مالك قال قال رسول اللَّه ( ص ) لو كان لابن آدم واد من ذهب لأحبّ ان يكون له ثان ولا يملأ فاه إلا التراب ويتوب اللَّه على من تاب .
وها أنت ترى روايات عائشة وجابر وانس وابن عباس تجعل حديث الوادي والواديين من قول رسول اللَّه وتمثله .
فهي بسوقها تنفي كونه من القرآن الكريم . ومع ذلك فقد نسبت إلى كلام الرسول ( ص ) ما يأتي فيه بعض من الاعتراضات المتقدمة مما يجب ان ينزّه عنه ودع عنك الاضطراب الذي يدع الرواية مهزلة .

شاهد أيضاً

ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠

ألف سؤال وإشكال (المجلد الأول) / الصفحات: ٢٢١ – ٢٤٠ *  *  * ٢٢١ الأسئلة ...