الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 12

أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 12

الفصل الثاني
التغيير السياسي والاجتماعي في المنطقة الاسلامية
المبحث الأول
التغيير السياسي
منذ أتيح للغرب الصليبي أن يتسلط على الشرق الاسلامي . . أخذ
يحدث التغيير السياسي اللازم لبقاء سيطرته أولا ثم لتحقيق الهدف
من هذه السيطرة ثانيا فكان :
احتلال فرنسا للجزائر سنة 1246 ه‍ 1830 م
وتونس سنة 1299 ه‍ 1881 م
ومراكش سنة 1330 ه‍ 1912 م
وللشام سنة 1338 ه‍ 1920 م
وكان احتلال بريطانيا سنة 1274 ه‍ 1857 م للهند إيذانا بزوال
إحدى الدول الاسلامية الكبرى التي قامت في مستهل القرن السادس
عشر .
واحتلالها لمصر سنة 1300 ه‍ 1882 م
والعراق سنة 1332 ه‍ 1914 م
فلسطين سنة 1337 ه‍ 1918 م
ولم يكن ذلك التوزيع وليد الصدفة فلقد كشف الاتفاق المنعقد
بين بريطانيا وفرنسا سنة 1322 ه‍ 1904 م عن جانب من سياسة
تقطيع أوصال العالم الاسلامي .
وصحب ذلك التقسيم إثارة القوميات المختلفة كالقومية الطورانية
في تركيا والقومية العربية في البلاد الغربية حتى اقتتل المسلمون
تحت قيادة النصارى باسم القومية والتحرير ! !
وقد صحب ذلك دعوة خبيثة إلى العلمانية بمعنى فصل الدين
عن الدولة تبنتها جماعات كثيرة مشبوهة الصلات والأهداف من أمثال
حزب الاتحاد والترقي في تركيا الذي كانت من قياداته قيادات يهودية
من يهود الدونمة .
وتبع ذلك
ما رسم له أعداء الاسلام من قبل حين عقدوا أكثر من مؤتمر
للنظر في المسألة الشرقية وقد كانت في البداية تعني رد الزحف
الاسلامي الذي كانت تقوده تركيا على أوروبا – ثم لما توقف المد
انتقل البحث إلى كيفية تقطيع أوصال الخلافة ثم القضاء على
الخلافة بعد ذلك .
ومهما يكن من أمر الأخطاء التي وقع فيها سلاطين تركيا وفي
مقدمتها أنها جعلت عضلاتها أقوى من عقلها ومهما يكن من أمر
المظالم التي ارتكبها سلاطين تركيا وفي مقدمتها التفرقة الظالمة بين
بني الدين الواحد ، وتميز الأتراك على غيرهم من بني الأوطان
الأخرى
مهما يكن من هذه أو تلك – مما نسجله ونحذر منه – فلقد كانت
الخلافة تظل المسلمين وتجمع شملهم ، وترهب عدو الله وعدوهم
من أجل ذلك لم يكتف أعداء الاسلام بتقطيع أوصال دولة الخلافة .
بل جاوزوا ذلك إلى القضاء على الخلافة نفسها ومنع قيامها بعد ذلك
في أي قطر أو وطن آخر ! !
وسواء كان ما ارتكبه مصطفى كمال – الشهير بأتاتورك – كان
بحسن نية كرد فعل لأحداث ذلك الحين التي خطط لها أعداء
الاسلام بما يدفع أتاتورك إلى إلغاء الخلافة ، أو كان بسوء نية استجابة
للتخطيط اليهودي – الصليبي الذي تبدى فيما ذكره كاتب روسي سنة
1319 ه‍ 1901 م بعد ما طالع بروتوكولات حكماء صهيون من أنه لا بد
للأفعى اليهودية من أن تمر بالقسطنطينية لتصل إلى فلسطين ( 1 ) ،
وما أعقب ذلك من محاولة زعيم يهودي رشوة السلطان عبد الحميد لمنح
فلسطين وطنا قوميا لليهود وبصق الخليفة المسلم في وجهه ، ثم توعد
اليهود للخليفة ، وخلع الخليفة بعد ذلك بقرار حمله ثلاثة اثنان منهم من اليهود
ثم ما أعقب ذلك من إعلان وعد بلفور سنة 1336 ه‍ 1917 م من
جانب وزير الخارجية البريطانية بمنح فلسطين وطنا قوميا لليهود وما تم
من ثجرة لليهود في ظل ذلك الانتداب البريطاني ، وانسحاب بريطانيا
سنة 1367 ه‍ 1948 م من فلسطين ليتمكن منها اليهود بعد ذلك ، واتفاق
المعسكرين الشيوعي والرأسمالي على الاعتراف بإسرائيل وتدعيمها
الأمر الذي لا يزال حتى اليوم باديا ، فروسيا تمد إسرائيل بالقوة
البشرية والقوة العقلية ، وأمريكا تمدها بالقوة العسكرية والقوة
التكنولوجية .
كل ذلك أو بعضه قد يثير أو يشير إلى أن خطوة أتاتورك بإلغاء
الخلافة لم تكن عن حسن نية ابتغاء المصلحة الوطنية لتركيا – خاصة
إذا أضيف إليها ما قيل عن شروط كيرزون لمنح تركيا الاستقلال ومن بينها
إلغاء الخلافة الاسلامية .
نقول سواء كانت جريمة أتاتورك بحسن نية أو بسوء نية فلقد
حققت لا عداء الاسلام ما يبغونه بنقض عرى الاسلام أولها
الحكم وآخرها الصلاة .
وكان المفروض أن تقف الحملة الضارية على الاسلام والمسلمين
عند حد تقطيع دولة الخلافة والقضاء عليها لكن الصليبيين . وعوا
من الاسلام درسا هاما عن الاسلام والمسلمين وهو ما صرح به
أحدهم من أن صحوة الاسلام تتم بسرعة ، وما صرح به بعضهم من أن
المسلمين أشد خطورة عليهم من اليهود والبلاشفة والشعور الصفراء ( 1 ) .
وبغض النظر عن مدى صحة ما قرره أولئك من خطر الاسلام
والمسلمين عليه فإن هذا هو الذي شكل تفكيرهم ، وكان الباعث وراء
تصرفاتهم بعد ذلك .

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...