الرئيسية / تقاريـــر / تصاعد الاعتداءات على الشعائر الحسينية في السعودية

تصاعد الاعتداءات على الشعائر الحسينية في السعودية

تعمد السلطات رفع وتيرة التضييق خاصة مع بداية شهر محرم المعروف بما يتمتع به من قدسية وبما يختص به من مكانة توعوية عالية لدى اتباع اهل البيت عليهم السلام في البلاد وسائر أنحاء العالم.

تتدحرج كرة الانتهاكات فيلاحظ المعني بشؤون المنطقة تسارع نهج التهميش والإقصاء والاستفزاز مقابل وعود فارغة قُطِعت مسبقاً بالإصلاح والإنفتاح.

فبدءاً من تكميم الأفواه بالتحذير والإستدعاء والإعتقال، مروراً بطمس الممارسات الاعتيادية السلمية وتدمير وتخريب المضائف والمخيمات وليس إنتهاءاً باستهداف محلات وأكشاك في القطيف مخصصة لبيع الكتب والتسجيلات والرايات الدينية.

يعتقد أهالي المنطقة بأن السلطة السعودية تمر بمرحلة تبدو وكأنها اِنتقالية حيث تُمهد لعصر جديد تفرض من خلاله نمطا يزداد فيه تدني الحريات الدينية، وتُكَمَمَ ممارسة العقائد، ويُصبح إحياء الشعائر ذنبا وجريمة تقابل بالقمع.

يتضح هذا النسق من خلال إطار من الممارسات التي استهدفت السلطة عبرها عددا من الأماكن التي تُعَبِر عن الهوية الحسينية لأبناء المنطقة.

لقد أقدمت السلطات السعودية بإرسال فِرقها لمنطقة القديح يوم الاثنين 10 سبتمبر الجاري لتحطيم وتدمير عدد من الخيام العاشورائية التي نُصِبت لإحياء عاشوراء الحسين (ع)، كما هدمت المضائف التطوعية التي يستخدمها الأهالي لتوزيع الطعام على حب الحسين (ع).

الفرق العسكرية جعلت من المضائف ركاماً وحطاماً، إثر اعتداء “همجي” طائفي، تحاول عبره السلطة الانتقام من كل المظاهر العبادية والدينية التي يمارسها الشيعة في القطيف والأحساء وكافة دول العالم.

وتبرز الصور لمضائف القديح، الهمجية والوحشية التي تعاملت معها السلطة، حيث أكدت أنه حتى الطعام على حب آل البيت محظور وممنوع، بقوة السلاح والاعتداءات.

متابعون للشأن المحلي اعتبروا أن ما جرى في القديح يكشف النقاب عن وجه السلطة، التي تدعي احترام الحريات الدينية، فيما هي تتولى الانقضاض على كل من يخالفها الرأي أكان لفظيا أو كتابيا أو حتى بللنظاهر.

وأضافوا أن إحياء ذكرى الإمام الحسين (ع) والتي ترفع خلالها صور الشهداء من أبناء المنطقة الذين سال دمهم على مذبح المطالبة بالحقوق والحرية تعتبر مناسبة غير مقبولة لدى السلطة.

وسارعت السلطات بعدها في يوم الثلاثاء 11 سبتمبر الجاري بإكمال سلسلة الانتهاكات في محافظة القطيف حيث أرسلت عناصرها من موظفي البلدية لإزالة محلات وأكشاك تختص ببيع الكتب والتسجيلات الدينية والثقافية، علماً بأن هذه الأكشاك موجودة منذ سنوات في شارع “الملك عبد العزيز” وهو ما يعرف لدى أهالي المنطقة بشارع الثورة.

وأشار المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته بأن السلطة أقدمت على تدمير وتحطيم ما أمامهم من غير توجيه أي إنذار أو إشعار مسبق فلم يتسنى لأصحاب هذه المحلات والأكشاك فرصة نقل معروضاتهم والحفاظ عليها.

بالإضافة إلى ذلك تضمنت هذه العميلة الإهانة المتعمدة والاستهزاء بكتب الأحاديث النبوية وروايات أئمة أهل البيت (ع) ومقدسات حيث تعمد السلطات رفع وتيرة التضييق خاصة مع بداية شهر محرم المعروف بما يتمتع به من قدسية وبما يختص به من مكانة توعوية عالية لدى اتباع اهل البيت عليهم السلام في البلاد وسائر أنحاء العالم.

وفي يوم الأربعاء 12 سبتمبر الجاري قامت السلطات السعودية بإرسال أجهزتها لإزالة عدد من المضائف الحسينية في مدينة صفوى.

فأقدمت ٱليات تابعة للبلدية على تحطيم مضيف كريم أهل البيت (ع)، ومضيف الزهراء (ع)، ومضيف أبا الفضل العباس (ع) باعتداء غير مبرر ومن دون إرسال أي إشعار للشخوص القائمين عليها.

وفي أعقاب ذلك بدأت المباحث باستدعاء المسؤولين عن المضائف الحسينية في المنطقة وتوقيعهم على تعهدات بالتوقف عن طبخ وتوزيع الطعام مما يدعو البعض للقلق جراء فقدان المنطقة ذات الغالبية الشيعية مجدداً الحق في حرية ممارسة جزء آخر من شعائرهم الدينية.

يعتقد المتابعون لشأن الحريات في البلاد بأن لغة القمع والتدمير والتكسير والإزالة أصبحت طاغية على نبرة ومنهج السلطات السعودية، حيث لا مجال للحوار فأسلوب الإخضاع هو ما ترمي لإتِباعه.

كما يوضح البعض بأن الإقصاء والتدمير كان يمارس على مدى عقود ضد الشيعة في البلاد ولازال يمارس بتصعيد شديد مُقلق وتَوسع يشمل جميع المناطق ذات الأغلبية الشيعية في البلاد.

ويشير تقرير أوضاع الحريات الدينية في عام 2017 الصادر عن اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية بأن الشيعة في البلاد “يتعرضون للتوقيف والسجن لعقدهم التجمعات الدينية”.

ويعاني أهالي المنطقة من تضييق مستمر يمارس عليهم من هدم حسينيات ومخيمات وأماكن تراثية تخص المنطقة.

كما لا يسمح ببناء الحسينيات ولا تُعطى تصاريح للتجمعات الدينية، فالحوادث الأخيرة ليست بالأولى من نوعها على مستوى البلاد ولكنها في تصاعد متزايد وذلك بدوره يُعد قمعا لممارسات مشروعة ومكفولة بموجب المواثيق الدولية.

وليست هي المرة الأولى التي تتعرض فيها المضائف للاعتداءات، بل إنها اعتداءات اعتادها أبناء المنطقة، حيث تمارس السلطة تضييق متواصل للخناق على الحريات العامة والدينية، لتمنع أبناء القطيف من إحياء المجالس وغيرها.

ففي العام الماضي، وفي خطوة استباقية للحد من أثر المآتم والمواكب وتمددها وتطورها، قام محافظ القطيف خالد الصفيان باستدعاء عدد من الخطباء و القائمين على المآتم الحسينية وأملى عليهم عدداً من الشروط، أبرزها حظر نشر الرايات والأعلام في الميادين والشوارع العامة، الإقتصار على وضع مكبرات الصوت داخل الحسينيات، وعدم خروج مواكب العزاء في الشوارع.

حدث ذلك في ظل الخراب الهائل الذي لحق بـ “حي المسوَرة” في بلدة العوامية بالقطيف، حيث اجتاحت القوات الامنية البلدة وهدمت الحي الأثري واستباحت البلدة هدماً وتخريباً وقتلاً واعتقالاً وتشريداً لثلاثة أشهر.

كذلك في عام 2014، شهدت المنطقة سلسلة هجمات إرهابية نفذها تنظيم داعش على المساجد والحسينيات في الأحساء والقطيف، أبرزها كان العملية الإرهابية التي استهدفت ليلة العاشر من المحرم، حسينية المصطفى في قرية الدالوة في الأحساء حيث أطلق عدد من الإرهابيين النار على المعزين.

برغم هذا الاعتداء، والقتل والترهيب والتفجير الذي أصاب الأهالي، كانت تخرج الجموع الغفيرة، والمواكب الكبيرة، زارعة الاعلام والرايات، ناشرة السواد على جدران البيوت، ومكبرات الصوت تدوي في كل القرى مرددة الشعار الحسيني العظيم، “هيهات منا الذلة”.

سيهات تحيي عاشوراء في ذكرى الهجوم على “الحسينية الحيدرية”

يستذكر أهالي المنطقة الشرقية في السعودية حادثة الهجوم الإرهابي على “الحسينية الحيدرية” في “حي الكوثر” في مدينة سيهات في منطقة القطيف، الذي وقع في ثاني أيام شهر محرم الحرام من عام 1437 للهجرة المصادف 2015/10/17.

سقط 5 شهداء و9 جرحى ضحية رصاصات غادرة من أيدي إرهابي داعشي فتح النار من سلاح رشاش على جمع من الأهالي أثناء توافدهم إلى الحسينية لإحياء الليلة الثالثة من ذكرى عاشوراء الامام الحسين (ع)، حيث قام الإرهابي بإطلاق النار على البوابة الرئيسة للحسينية، فأغلقها عدد من المتطوعين، فعمد الإرهابي الذي يدعى شجاع الدوسري، لإطلاق النار بشكل عشوائي على النساء والمارة وفي الأحياء السكنية، وبعد تبادل النيران مع دورية أمنية رفض الإرهابي تسليم نفسه وقتل في موقع الحادثة.

بثينة العباد، وأيمن العجمي، وعبدالستار البوصالح، وعبدالله الجاسم، والفتى علي السليم، هم الشهداء الخمسة الذين كانوا قضوا فداءً لجموع غفيرة من المعزين من أهالي سيهات لذكرى عاشوراء في أيامها الأولى.

وبعد مضي ثلاثة أيام على الهجوم، سلمت وزارة الصحة جثامين الشهداء إلى ذويهم لمواراتهم الثرى، وشارك آلاف المعزين بتشييعهم في المراسم التي انطلقت من “ساحة الوفاء” في سيهات، حيث شيع كل من الشهداء بثينة العباد، وأيمن العجمي، وعبدالستار البوصالح، وعبدالله الجاسم، فيما شيع الشهيد علي السليم في مدينة المبرز في الأحساء، الواقعة أيضاً في المنطقة الشرقية، بعد أن فضلت أسرته تشييعه ودفنه في مسقط رأس الأسرة.

شاهد أيضاً

ميزان الحكمة أخلاقي، عقائدي، اجتماعي سياسي، اقتصادي، أدبي – محمد الري شهري

المصلين (1). وقد عرف حقها من طرقها (2) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم ...