الرئيسية / تقاريـــر / محلل عراقي تجربة عادل عبد المهدي ستكون جديدة

محلل عراقي تجربة عادل عبد المهدي ستكون جديدة

محلل عراقي لـ”الوقت”: تجربة عادل عبد المهدي ستكون جديدة…وعلى القوى الإقليمية التنافس لتقديم الدعم للعراق

الوقت-شهد العراق يوم الثلاثاء السابق، تنصيب رئيس جديد لجمهوريته بعد أن صوّت أعضاء البرلمان العراقي على اختيار السيد برهم صالح رئيساً للبلاد بمجموع 219 صوتاً، وكلّف السيد برهم صالح بدوره السيد عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة العراقية ليعلن بذلك تنصيب الأخير رئيساً لوزراء العراق، وبموجب الدستور، يتحتّم على رئيس الوزراء المنتخب تشكيل حكومته خلال 30 يوماً وعرضها على البرلمان للموافقة، وفي هذا السياق، أجرى موقع “الوقت” التحليلي الإخباري مقابلة هاتفية مع الكاتب والمحلل العراقي إبراهيم خلف داوود لبحث ملف تشكيل الحكومة ومناقشة طبيعة العمل السياسي على الصعيد الداخلي والخارجي للعراق وكذلك عن طبيعة العلاقات بين المركز وإقليم كردستان في المستقبل.

– بعد انتخاب السيد برهم صالح رئيساً لجمهورية العراق والسيد عادل عبد المهدي رئيساً للوزراء، ما هي توقعاتكم فيما يخص عمل الحكومة القادمة مع القوى السياسية العراقية وكيف سينظم السيد عبد المهدي طبيعة علاقاته مع الأحزاب السياسية العراقية مع العلم أنه مستقل ولا ينتمي لحزب سياسي معين؟

إبراهيم خلف داوود: إن هذه التجربة ستكون جديدة في سياقات العمل خلال الفترة المقبلة لأن جميع الحكومات السابقة التي تشكّلت كانت بدعم مباشر من الكتلة الأكبر وهذه التجربة ستكون جديدة في العراق باعتبار أن السيد عادل عبد المهدي مستقل إلى حدّ ما وهو ليس وجهاً جديداً على الساحة السياسة وللشعب العراقي آراء متناقضة حوله، فالبعض يؤيد ترشيحه باعتباره عقلية اقتصادية متميّزة ولديه أفكار اقتصادية جدية، أنا بصراحة مُطلّع منذ وقت طويل على أفكار السيد عبد المهدي ولديه حلول اقتصادية حيث إذا ما نُفذت ستُبشر بخير، هذا من الناحية النظرية، واعتقد أن لديه خطة لتحويل الجانب النظري إلى جانب عملي.

لذلك ما حصل هو توافق سياسي، لقد لاحظت يوم أمس ردود أفعال لعدة شخصيات سياسية، ولم يكن هنالك اعتراض شديد، لكن ما قيل أنه عادة ما تُرشح الكتلة الأكبر رئيس الوزراء، لكن أساساً لم يتم الإعلان عن الكتلة الأكبر في البرلمان، فالسؤال هو: السيد عادل عبد المهدي هو مُرَشح لأي كتلة؟، وما حصل هو توافق بين الكتل الكبيرة، لذلك إلى الآن لم تُحدد الكتلة الأكبر بسبب وجود إشكالية لم تستطع حتى المحكمة الاتحادية تحديدها، فربما كان توفيقاً ألهياً أن جعل المتخاصمين يتوافقون على شخص محدد وتُترك مسألة تحديد الكتلة الأكبر إلى وقت آخر، فدستورياً تحديد الكتلة الأكبر هو فقط لتعيين رئيس الوزراء.

وما حدث هو تسمية رئيس الوزراء بتوافق الكتل التي ليس من الواضح من هي الأكبر، لذلك تم حلّ المشكلة وانتهى دور الكتلة الأكبر وتعدينا هذه المرحلة، والسؤال هو: هل تعتبر مسألة عدم تحديد الكتلة الأكبر نقطة قوة لشخص رئيس الوزراء باعتباره مستقلّاً ومتوافقاً عليه أم هي نقطة ضعف، لأنه المعروف أن يستند رئيس الوزراء على كتلة كبيرة تُمكّنه من تمرير قوانينه ومشاريعه ويختار الوزراء ويكون مسؤولاً عنهم، لذلك هي تجربة جديدة تماماً ونحن نترقّب ما الذي سيحدث.

لذلك اعتقد أن هذا التوافق هو ربما في مصلحة الجميع لأن منصب رئاسة الوزراء حمل كبير جداً والكتل الكبيرة حاولت قدر الإمكان أن تتجنب الخوض والتورط في هذا المنصب، على عكس الفترات السابقة، لذلك عندما وقع الاختيار على السيد عبد المهدي الذي أتاه منصب رئاسة الوزراء على طبق من ذهب، وضع شروطاً طويلة أولها أن تقدّم كل الكتل خمسة مرشحين ويتم الاختيار منهم، ما يعني أن رئيس الوزراء هو من يضع الشروط، لذلك أعتقد أن جميع الكتل ستخضع لسياسته المرسومة الجديدة ولن تكون هنالك اعتراضات والمفروض أن تكون جميع الكتل ظهراً لرئيس الوزراء ولن تكون هنالك جبهة معارضة داخل البرلمان، هذه إحدى توقعاتي.

– من المعروف أن السيد عبد المهدي يتمتع بعلاقات طيبة بإقليم كردستان وقياداته، من وجهة نظركم كيف ستكون طبيعة العلاقات بين المركز والإقليم، هل ستتطور نحو الأفضل أم ستتأزم؟

إبراهيم خلف داوود: إقليم كردستان حالياً فرح باختيار السيد عادل رئيساً للوزراء نظراً للعلاقات التاريخية بينهم، لكن لدى الإقليم مطالب واضحة صرحوا بها في أكثر من مناسبة كعودة الموازنة إلى 17% وقضية البيشمركة وغيرها، هل سيحقق السيد عبد المهدي مطالب الأكراد؟ لا أعتقد أن من صلاحياته أساساً أن يبتّ في هكذا أمور.

الآن وبعد توافق الكتلتين الكرديتين على شخص رئيس الوزراء، فإن السيد عبد المهدي غير مجبر على التفاوض معهم بشأن مطالبهم، وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الأكراد فتلك لن تكون مشكلة حقيقية لكن قضية الـ 17% واستقلالية قوات البيشمركة هي من صلاحيات مجلس النواب، إلّا أن يبادر السيد عبد المهدي بنفسه وأنا استبعد ذلك.

شاهدتُ خلال مواقع التواصل الاجتماعي اتهامات للسيد عبد المهدي بأنه هو عراب هذه الصفقة، صفقة الـ 17% لأنه حسب معلوماتي، هذه القضية قد اُقرّت في تسعينيات القرن الماضي بين أمريكا وإقليم كردستان وفي وقتها كان لدى الأكراد نزعة انتقالية شديدة، فدعتهم القوى العراقية المعارضة للانضمام إلى المؤتمر ووضعوا عدة شروط وقالوا نحن في جميع الأحوال سنكون مستقلين كدولة، لكن إذا أردتم منا الانضمام إليكم كمعارضة والدخول معكم في صراع مع النظام، عليكم تحقيق هذه الشروط وقد ضمنتها أمريكا لهم آنذاك وليس لعادل عبد المهدي علاقة بالأمر.

– فيما يخص الصعيد الخارجي، برأيكم كيف سيتعامل السيد عبد المهدي مع الأطراف الإقليمية المؤثرة في العراق مثل أمريكا وإيران والسعودية وتحديداً مع إيران وهل سيحافظ على طبيعة العلاقات السابقة أم سيميل لمحور دون آخر؟

إبراهيم خلف داوود: إن عبد المهدي لم يستلم منصب وزير خارجية لكن من الممكن استقراء توجهاته لأنه كان أحد القياديين في المجلس الأعلى ومواقف المجلس معروفة وهي مواقف متوازنة، لقد حاولوا خلال الفترة السابقة أن يكونوا متوازنين ما بين القوى الإقليمية بشكل عام وعدم إثارة المشكلات مع أي جهة وأعتقد أنه سيحقق التوزان بينهم لأنه أساساً لديه مشكلات في الداخل أكبر وأعظم من أن ينشغل بمشكلات إقليمية لذلك سيحاول قدر الإمكان مسك العصى من المنتصف وربما إذا حالفه النجاح قد يكون وسيطاً لتقارب وجهات النظر الإقليمية وسبق للعراق لعب دور الوسيط بين أمريكا وإيران في فترة معينة.

لذلك الموضوع ربما يحمل وجهين، ويُفترض بالقوى الإقليمية المتنافسة على الهيمنة داخل العراق أن تتنافس لتقديم الخدمات والدعم والمعونة للحكومة العراقية من أجل الحصول على موطئ قدم وتأثير أقوى داخل العراق، وأن تتجنب هذه القوى أن يكون العراق ساحة حرب لهم.

– كلّف رئيس الجمهورية برهم صالح يوم أمس، السيد عادل عبد المهدي بتشكيل الحكومة وفق التوقيتات الدستورية، هل سيستغرق تشكيل الحكومة وقتاً طويلاً كالسابق أم سيتم تشكيلها وفق التوقيتات الدستورية؟، ومن جانب ثانٍ كانت إحدى شروط السيد عادل لقبول منصب رئاسة الوزراء أن تكون له حرية كاملة في اختيار الكابينة الوزارية بالإضافة إلى تقديم الكتل عدداً من المرشحين لوزارة معينة ويحق له اختيار أحدهم أو رفضهم جميعاً، هل ستكون إرادة رئيس الوزراء أقوى في اختيار مرشحي الوزرات أم ستكون إرادة القوى والأحزاب السياسية أكبر لفرض مرشحيها؟

إبراهيم خلف داوود : الظرف الحالي يحتم على الكتل السياسية أن تخضع لرئيس الوزراء، لأنه وضع هذه الشروط مسبقاً لقبوله بمنصب رئاسة الوزراء، لذلك إذا ما لم يتم تحقيق هذا المطلب، فإن ذلك سيكون أول كسر للاتفاق الذي من المفترض أن تلتزم به القوى السياسية.

أما فيما يخص التوقيتات الدستورية فهو غير معلوم أيضاً باعتبار أن مرشحي الوزارات لم يتم الكشف عنهم بعد، وهنالك شرط آخر يتم التداول به وهو أن يكون المرشح مستقلّاً، أي أن ترشّح الكتل السياسية شخصيات مستقلة وليس بالضرورة أن يكون المرشح تابعاً لها، لأن سابقاً كان أغلب الوزراء قيادات سياسية في كتلهم.

المفروض على كل كتلة سياسية ترى في نفسها أنها مؤهلة أن تكون هي الكتلة الأكبر وتشكل الحكومة، وأن تبدأ بالعمل على اختيار وزراء من فترة مبكرة، ولكن بعد أن تم اشتراط أن يكونوا مستقلين، فهل سيتم إبدال القوائم التي أعدّوها مسبقاً كوزراء للوزارات أم سيتم إبقاء الشخصيات المُرشحة مسبقاً، وهذا غير معروف حتى اللحظة.

المجريات الحالية كانت مُفاجئة ولم تكن مُتوقعة، وهذا التغيير قد يكون نحو الأفضل وأنا متفائل جداً لأن السيد عبد المهدي ومن خلال كتاباته، لديه تشخيص صحيح للمشكلات الاقتصادية داخل البلد وقد رفع شعار “الخروج من الدولة الريعية” لأن العراق حالياً هو دولة ريعية يعتمد اقتصادها بشكل كامل على محور واحد وهو النفط، مثلاً هنالك في الدولة 7 ملايين موظف لكن الاحتياج الحقيقي لا يتجاوز الـ 500 ألف موظف وهذا الأمر أدّى إلى استهلاك 80% من خزينة الدولة لذلك تنعدم الخدمات، ولديه مقولة أخرى: وهي أن الفساد الحقيقي ليس في الأشخاص إنما في المنظومة لأن المنظومة التي حكمتنا والنظام الإداري في البلد نظام قديم جداً وهو تقريباً نظام اشتراكي يشابه نظام الحكومة البائدة بنفس القوانين والإجراءات وبقيت على هذه الحال ويفترض أن ننتقل إلى نظام جديد واقتصاد حرّ رأسمالي لكن الملامح الآن غير واضحة وهنالك تضخم شديد في أعداد الموظفين ما يؤدي إلى ضياع ثروة البلد.

إذا استطاع السيد عادل أن يشكل خطة للخروج من هذا الوضع فإننا سنشهد في فترة قريبة الازدهار الاقتصادي لأننا تحدينا الحالي هو اقتصادي بامتياز وكل المفردات الأخرى كالمشكلات السياسية وعدم الاستقرار هي بسبب المشكلات الاقتصادية بسبب أننا ضمن نظام فاشل لا يتلاءم مع وضع العراق، لذلك للسيد عادل أفكار جيدة بهذا الخصوص وله تشخيص صحيح للمشكلات وبإمكانه وضع العلاج المناسب له، لأنه في الفترات السابقة كانت التشخيص أساساً خاطئاً لذلك لم تناسبه أي علاجات وتفاقمت الأمور.

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...