الرئيسية / من / الصحة والعافية / الآداب الطبية في الإسلام

الآداب الطبية في الإسلام

الاختصاص في الطب :
لقد كان الاختصاص في فروع الطب ظاهرة شائعة بين الأطباء المسلمين ؛ فهناك الطبيب المختص بالجراحة ، وآخر بأمراض العين ، وثالث بأمراض النساء ، ورابع بالأمراض العقلية ، وخامس في الأسنان ، وهكذا . .
النساء والطب :
ولم يكن الطب مقصوراً على الرجال ، بل لقد كان في النساء أيضاً عالمات في الطب ، وقد تقدمت الإشارة إلى هنيدة ، وزينب الأودية
وغيرهما . .
ونزيد هنا : أنهم يقولون : إن أخت الحفيد ابن زهر الأندلسي وابنتها كانتا عالمتين بصناعة الطب ، ولهما خبرة جيدة بمداواة النساء ، وكانتا تدخلان على نساء المنصور الأندلسي ، ولا يقبل سواهما ( 1 ) .
كثرة الأطباء المسلمين :
إن عدد الأطباء طيلة فترة الحكم الإسلامي كثير جداً لا يمكن حصره ، ولا استطاع مؤلفو الموسوعات والتراجم ، حتى ذكر أسماء أقل القليل منهم . .
ويكفي أن نذكر : أنهم قد أحصوا أطباء بغداد وحدها في زمن المقتدر بالله سنة 309 وامتحنوهم ، فأجيز منهم [ 860 ] طبيباً ، فأعطوهم الإذن في التطبيب ، سوى من استغنى عن الامتحان لشهرته ، وسوى من كان في خدمة السلطان ( 2 ) .
وكان سيف الدولة إذا جلس على المائدة حضر معه أربعة وعشرون طبيباً . وكان فيهم من يأخذ رزقين لأجل تعاطيه علمين ( 3 ) . وكان في خدمة المتوكل 56 طبيباً ( 4 ) .
وكان يخدم في المستشفى العضدي 24 طبيباً من مختلف الاختصاصات ( 5 ) وحين بنى المعتضد المستشفى ، أراد أن يكون فيه جماعة من
أفاضل الأطباء وأعيانهم ، فأمر أن يحضر له لائحة بأسماء الأطباء المشهورين حينئذ ببغداد وأعمالها ؛ فكانوا متوافرين على الماءة فاختار منهم نحو خمسين الخ ( 1 ) .
الخدمات الطبية عند المسلمين :
وكان للمسلمين أيضاً عناية خاصة بالأيتام ، والعميان ، والقواعد من النساء فكان لهم رعاية ودواوين خاصة ، تحت إشراف مسؤولين عن أمورهم وأحوالهم ( 2 ) .
« وكان من الأطباء أو الصيادلة من هو خاص بالجند ، يرافقه في أسفاره ، ومنهم من هو خاص بالخلفاء والأمراء ، ولهؤلاء رواتب خاصة ، ويعرفون بالمرتزقين ، ومنهم من يطببون العامة ، وهم غير مرتزقين » ( 3 ) .
وكان لدى المسلمين دار للمجانين ، وصيدليات تعطي الدواء مجاناً في أيام معينة ، وكان الأطباء يذهبون مع أدويتهم إلى الأماكن التي لا يمكن بناء مستشفى فيها ( 4 ) .
وقد ذكر القفطي وغيره في ترجمة سنان بن ثابت : أن الوزير علي بن عيسى الجراح – في سنة كثرت فيها الأمراض والأوباء – قد وقع إلى سنان بن ثابت يأمره : بأن يفرد لمن في الحبوس كلها أطباء يدخلون إليهم في كل يوم ، ويحملون معهم الأدوية والأشربة ، ما يحتاجون إليه من المزورات ويعالجوا من فيها من المرضى .
ووقع إليه توقيعاً آخر ، يأمره بإنفاذ متطببين ، وخزانة من الأدوية والأشربة يطوفون في السواد ، ويقيمون في كل صقع منه مدة ما تدعو الحاجة إلى مقامهم ويعالجون من فيه ، ثم ينتقلون إلى غيره ، ففعل سنان ذلك ( 1 ) .
كما أن المسلمين قد أنشأوا ما نسميه اليوم بالعيادات الخارجية ( 2 ) .
هذا . . ولم يكن كل هؤلاء الأطباء يتقاضى أجره ، بل كان من بينهم من يعمل مجاناً ، فمثلاً لقد « كان أبو بكر بن القاضي أبي الحسن الزّهري يطبب الناس من دون أجرة ، ويكتب النسخ لهم » ( 3 ) .
ويلاحظ : أنهم كانوا في أوائل أمرهم يهتمون بفحص البول ، وبالفصد ، والاستفراغ ، ونحو ذلك . . ولكن هذه المعالجات قد بدأت تتطور نحو الأفضل باستمرار ، تبعاً للتقدم والنبوغ الطبي ، الذي كان يتجلى يوماً بعد يوم ، حتى بعث المسلمون في الطب روحاً جديدة ، كما هو معلوم ومعروف لكل أحد .
المستشفيات :
الرازي . . وبناء مستشفى :
يقول گوستاف لوبون : لقد بنيت المستشفيات الإسلامية موافقة لأصول حفظ الصحة ، وكانت أحسن من المستشفيات الموجودة في هذه الأيام . وقضية الرازي حينما أراد أن يختار موقعاً للمستشفى معروفة ومشهورة ، فإن الطريقة
التي استعملها ، يؤيدها اليوم المحققون في الأمراض المعدية ، فإن الرازي أمر بعض الغلمان : أن يعلق في نواح مختلفة من بغداد قطع لحم ، ليرى في أيها لا يتفسخ اللحم وينتن في وقت أقصر ، ليكون الموقع الملائم لبناء المستشفى ( 1 ) ويقال : إن هذا المستشفى هو المستشفى العضدي .
ولكن ذكر ابن أبي أصيبعة : أن الرازي كان أقدم من عضد الدولة ( 2 ) ، وعليه فلا بد وأن يكون الرازي قد أراد بناء مستشفى غير مستشفى عضد الدولة وذلك لأن الرازي توفي سنة 320 ه‍ ، وقال الحسن بن سوار بن بابا ، وكان قريب العهد منه : أنه توفي في سنة نيف وتسعين وماءتين ، أو ثلاثمائة وكسر ( 3 ) وعضد الدولة إنما توفي سنة 372 ه‍ ، كما هو معلوم .
ولكن قد ذكر القفطي أن الرازي قد توفي سنة 364 وعاش في زمن المكتفي ، وبعض زمن المقتدر ( 4 ) ، وعليه فلا مانع من أن يكون قد شارك في اختيار موضع المستشفى العضدي ، كما ذكروا .

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...