الرئيسية / أخبار وتقارير / ما هي أبعاد هزيمة التحالف السعودي في الحُديدة؟

ما هي أبعاد هزيمة التحالف السعودي في الحُديدة؟

 من جديد يوقف التحالف السعودي معركة السيطرة على الحديدة، ومن جديد تتبدّد الانتصارات التي روّجها إعلام التحالف ويتبيّن أنها لم تكن سوى انتصارات افتراضية يجافيها الواقع في الميدان. من بين كل المحاولات لاحتلال المدينة تبدو تداعيات الفشل هذه المرة أخطر من سابقاتها.. تغيّرت الظروف، لا السعودية قادرة على إحراز تقدم ولا هي قادرة على تحمّل الهزيمة وسط متغيرات في غير صالحها.

ما هي أبعاد هزيمة التحالف السعودي في الحُديدة؟

ما هي أبعاد هزيمة التحالف السعودي في الحُديدة؟

إعلان التحالف السعودي عن إيقاف عملياته للسيطرة على الحديدة لم يكن إلا مسألة وقت. ما عاد باستطاعة السعودية والإمارات عمل شيء. نتيجة لم يكن من الصعب توقعها نظراً إلى المحاولات السابقة التي باءت كلها بفشل ذريع. المحاولات اليائسة قد لا تتوقف. السعودية على وجه الخصوص لا تستطيع التسليم بالخسارة ولا يتحمّل ولي عهدها الواقع الميداني القائم حالياً، هو الذي أراد من الحرب على اليمن أن تكون رافعة لعهده، عهد “الحزم”. في هذا السياق يتوقع عضو المكتب السياسي في حركة “أنصار الله” محمد البخيتي أن يعمل التحالف السعودي على مهاجمة الحديدة مجدداً بعد تجميع مرتزقته.

التسليم السعودي بالوقائع الحالية يبدو صعباً، لكن بنفس المقدار يبدو صعباً أن تستمر معركة الحديدة ومعها الحرب على اليمن إلى ما لا نهاية. الظروف الدولية بدأت تتحوّل. الغطاء السياسي الغربي الذي كان ممنوحاً للتحالف السعودي بدأ يعتريه الحرج وحسابات الرأي العام الذي انتبه فجأة للسعودية إثر مقتل جمال خاشقجي.

ميدانياً، كل الخطط والوسائل والأسلحة جرى اختبارها مرة تلو أخرى. معركة الحديدة هذه المرة ستكون على الأرجح مختلفة عن سابقاتها. ربما تتحوّل إلى منعطف كبير في مسار الهزيمة البيّنة لدول العدوان. هل تكون الفرصة الأخيرة الضائعة لتحقيق إنجاز مشتهى يحفظ ماء الوجه؟ هل ضاعت المحاولة الأخيرة لتحقيق إنجاز ما من شأنه أن يمكّن السعودية والإمارات لاحقاً من تجييره على طاولة المفاوضات؟.

تنتهي جولة الحديدة اليوم بفضيحة أخرى تضاف إلى مسلسل من الإخفاقات العسكرية والأخلاقية والسياسية للتحالف السعودي. الوقت بدأ ينفد وفق معطيات الصحف الغربية وتصريحات مسؤولين في مختلف دوائر السلطات في أوروبا وأميركا.

1

للمرة الثانية في أقلّ من شهر، يصدر البرلمان الأوروبي، قراراً بحظر صادرات الأسلحة الأوروبية إلى الرياض. القرار وإن كان غير ملزم إلا أنه يضاف إلى ما أعلنه رئيس لجنة العلاقات الخارجيّة في مجلس الشيوخ الأميركي بوب كوركر، من أنّ أعضاء مجلس الشيوخ يبحثون عن طريقة “ليظهروا للسعودية ازدراءهم لما حدث مع خاشقجي” والأهم “مخاوفهم بشأن الطريق الذي ذهب فيه اليمن”.

زعيمة الحزب الديموقراطي ورئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تعلن بدورها أنّه “يتعيّن على الكونغرس اتّخاذ إجراء حقيقيّ وفوري لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية المروعة” في إشارة إلى ما يحدث في اليمن.

في هذا الإطار يصوت الكونغرس في الساعات المقبلة على مشروع قرار من شأنه وقف بيع الأسلحة إلى البحرين، لمشاركتها في حرب اليمن. يوضح السناتور الجمهوري راند بول إنّ “التصويت سيرسل إلى التحالف السعودي رسالة مفادها بأنّ مجلس الشيوخ لن يدعم المزيد من الدمار في اليمن، وأنه سيتمّ تقييد المزيد من مبيعات الأسلحة للمشاركين في التحالف السعودي حتى يتم إنهاء الحرب هناك”.

إشارات بدأت تظهر بداية الشهر الحالي مع إعلان الخارجية الأميركية أنه “حان الوقت للجلوس إلى مائدة التفاوض وإنهاء حرب اليمن”. قبلها أعلن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من المنامة أن “الوقت حان للمضيّ قدماً في وقف هذه الحرب”.

وبمعزل عن حقيقة المشاعر الإنسانية التي استفاق عليها بعض الغربيين والأميركيين خصوصاً بشكل مفاجئ، إلا أن المؤشرات تتضافر حول استنفاد  الحرب على اليمنيين وقودها الدافع، يوازيه عجز عن تحقيق أي تقدم على أرض الميدان.

بات واضحاً لأسباب ودوافع مختلفة أن الغرب الأميركي والأوروبي يتجّه ظاهرياً إلى رفع الغطاء السياسي والدعم العسكري والاستخباري عن عدوان لم يحقق أياً من أهدافه المعلنة منذ بدايته من شهر آذار/ مارس عام 2015. على أقل تقدير سيشكّل استمرارها إحراجاً للأطراف المشاركة فيها والداعمة لها.

00

تدرك السعودية أن هذه الإخفاقات سيكون لها تداعيات على أكثر من ساحة وعلى أكثر من صعيد. انعكاسات الهزيمة ستصيب ساحتها أولاً، هي التي تعتبر اليمن تاريخياً بمثابة حديقتها الخلفية. أميرها الغارق في بحر من الأزمات سيضاف إلى فشله الاقتصادي وتعثر رؤيته هزيمة تكاد تفوق قدرته على الاحتمال.

من بين دوافعه المتعددة، أراد محمد بن سلمان لهجومه على اليمن، أن يكون رافعة لعهده، وإنجازاً يصرفه في الداخل والخارج. سيبدو بمظهر ضعيف أمام شعبه وأمام العالم عندما تنقشع “عاصفة الحزم” عن هزيمة خالصة. هزيمة تتوّج سلسلة الإخفاقات التي كانت تكذب في كل مرة وعوده بالحسم، على امتداد الأعوام الفائتة ومنذ الشهور الأولى لانطلاق العدوان.

اليمن ليس آخر الملفات الصعبة في مملكة باتت مثقلة بمجموعة من الأزمات. هل ينهكها ذلك بما يؤدي إلى انهيارها؟ من الصعب استحضار هذا السيناريو الذي يبدو حالياً من قبيل التنبؤ. هل يؤدي إلى تراجع دورها ونفوذها أو إلى تغيرات دراماتيكة في بنية السلطة داخلها؟ هذا ليس محتملاً فحسب، انكفاء دورها واضح في العراق ولبنان على الأقل، علاقتها مع تركيا مرشحة لمزيد من التأزم والتصعيد. كان لافتاً على هذا الصعيد سرعة الرد التركي على تقرير النيابة العامة السعودية بخصوص مقتل جمال خاشقجي الذي أعلنته الخميس، ثم رد وزير الخارجية السعودي على ما أعلنه نظيره التركي في غضون بضعة ساعات.

00

معركة الحديدة بالغ الإعلام السعودي في تصويرها “انتصارات” إلى حد إعلان وزير الإعلام في حكومة هادي منذ يومين أن السيطرة على المدينة بات وشيكاً. يشبه ذلك إلى حد كبير الأداء الإعلامي السعودي خلال محاولات سابقة للسيطرة على المدينة الاستراتيجية. وفي الجولتين تبيّن أن الشجرة السامقة التي تسلقتها السعودية يصعب النزول عنها من دون تكلفة أو أضرار.

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...