الرئيسية / تقاريـــر / هل تكسر أنقرة “بيضة القبان” في علاقتها مع واشنطن وموسكو؟

هل تكسر أنقرة “بيضة القبان” في علاقتها مع واشنطن وموسكو؟

الوقت- لطالما شكّلت العلاقات التركية -الأمريكية والتركية -الروسية جدلاً واسعاً في الساحة السياسية خلال العقد الماضي أو بالأحرى بعد بداية الأزمة السورية وشهدنا خلال هذه المدة تأرجحاً كبيراً في علاقة أنقرة مع كلا البلدين نتج عنه اختلاف مصالح الثلاثة وتوافقها من حين لآخر، وما زالت هذه الدوامة مستمرة ولكن غليانها أصبح أكثر فوراناً وعلى ما يبدو أنه اقترب الموعد لكي تختار تركيا إلى أي جهة من كفتي الميزان ستتجه، فهناك ضغوط أمريكية كبيرة وتهديد بالعقوبات بشكل مستمر وفي الجهة المقابلة هناك مصالح لا بدّ من الحفاظ عليها مع روسيا والتي تشكل بنفس الوقت ورقة رابحة للأتراك للضغط على الأمريكي والحديث يجري اليوم عن صفقة “اس 400” والتي أشعلت النار تحت واشنطن وما زالت تبحث عن مخرج لإنهاء هذه الصفقة بأي ثمن، فهل ستتنازل تركيا عن هذه الصفقة وكيف سيكون مستقبل العلاقات بين هذه الدول في المستقبل؟.

القلق التركي

تركيا تعلم جيداً أن أمريكا لاعب سياسي خطير ولا يمكن الوثوق به بسهولة وقد امتحنت ذلك أنقرة في الأزمة السورية وشاهدت كيف خذلت واشنطن الأكراد لكنها لم تتخلَ عنهم وما زالت تمدّهم بالسلاح وهذا ما يقلق تركيا الباحثة عن إضعافهم وتفريغ قدراتهم من محتواها وبالتالي مازال الأكراد يشكلون ورقة ضغط أمريكية ناجعة على الأتراك ولا نعتقد أن واشنطن ستتخلى عنهم بسهولة، الأمر الثاني الذي يقلق أنقرة أنه لا ضمانات مع الأمريكي لمنعه من فرض العقوبات في المستقبل والمشكلة الأهم أن التركي حتى ولو تنازل للأمريكي فإن الأخير لن يبادله ذلك ومعادلة القس أندرو برانسون وفتح الله غولن واضحة في هذا السياق، إذن ما الحل ؟!.

الأتراك يضغطون

تركيا أكدت مراراً أنها لن تتخلى عن صفقة منظومة الصواريخ “اس 400” الدفاعية ولكن تبقى هذه التصريحات مشكوك بها لكوننا سمعنا تصريحات مشابهة لها فيما يخص الإفراج عن القس برانسون، ومع ذلك قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أمس الثلاثاء إن شراء تركيا لمنظومة صواريخ “أس 400” الدفاعية المتقدمة من روسيا صفقة محسومة ولا يمكن أن تلغى. وأضاف إن أنقرة تحتاج لمزيد من المشتريات الدفاعية التي يمكن الحصول عليها من أمريكا.

وقال للصحفيين بعد اجتماع مع نظيره الأمريكي مايك بومبيو “الصفقة الراهنة محسومة لا أستطيع أن ألغيها.. لكنني أحتاج للمزيد، وأفضل أن أشتري من حلفائي”.

واضح من كلام أوغلو أن تركيا تحاول أن تجاري أمريكا في سياستها وتمسك العصا من المنتصف على نسق ما يفعل الأمريكي، فهي تقول إنها لن تتخلى عن الصفقة لكنها تركت الباب مفتوحاً لواشنطن لكي تقدم مقترحات ربما تجعلها تتخلى عنها في حال كان العرض الأمريكي أكثر إغراءً.

أبرز ما تبحث عنه تركيا هذه الأيام

استرداد غولن

تبحث تركيا عن استرداد المعارض التركي فتح الله غولن وإعادته إلى تركيا لكن أمريكا مازالت تناور في هذا الموضوع، فبعد أن كانت قناة “NBC” الأمريكية، قد كشفت أن ترامب يدرس خيارات مختلفة لترحيل غولن إلى تركيا بوسائل قانونية من أجل تخفيف حدة المطالب التركية من السعودية في إطار قضية اغتيال خاشقجي، الذي قتل يوم 2 أكتوبر داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، عاد ترامب بدوره ليؤكد أنه لا يدرس ترحيل غولن إلى تركيا لتخفف الأخيرة ضغطها على السعودية إثر مقتل الصحفي جمال خاشقجي.

وأضاف ترامب: “إننا نبحث دائماً عمَّا يمكننا القيام به من أجل الدول التي علاقاتنا معها نزيهة وجيدة، بما في ذلك تركيا، ورئيسها رجب طيب أردوغان، وهو شخص قوي وقاس، وصديق لي، وسنفعل ما نستطيعه وهذا ما ننظر فيه دائماً، لكن ليس من وجهة النظر هذه”.

الكفّ عن حماية الأكراد

قطع العلاقة مع الأكراد أمر أساسي بالنسبة لتركيا لكي تعود العلاقة مع واشنطن لسابق عهدها، والأمر الآخر الذي تبحث عنه أنقرة هو أن تفتح لها أمريكا مجالاً غرب الفرات لإكمال مشروعها هناك، لكن في الحقيقة أمريكا تمسك العصا من المنتصف في ملف الأكراد، حيث يعتبر البعض أن إعلان السفارة الأمريكية في أنقرة في السادس من الشهر الحالي عن مكافأة بملايين الدولارات مقابل الإدلاء بمعلومات تساعد في القبض على 3 من قيادات حزب العمال الكردستاني (صنفته أمريكا منظمة إرهابية) هو بمثابة نوع من الغزل أبدته واشنطن تجاه أنقرة، لكن في المقابل وجدنا الرئيس الأمريكي الذي كان يجلس مع الرئيس التركي على مأدبة عشاء في فرنسا على هامش احتفالات ذكرى الحرب العالمية الأولى، أقام مأدبة موازية ذات دلالة جمعت جنرالات أمريكيين ومقاتلين أكراد في أمريكا بمناسبة الاحتفال بعيد المحاربين القدماء، وهو لقاء استدعى تعليقاً تركيّاً رفيعاً من قِبل وزير الدفاع التركي “خلوصي أكار”، طالب فيه واشنطن بالالتزام بوعودها في وقف دعم المقاتلين الأكراد، معتبراً أنه من غير المقبول أن تستمر أمريكا في تزويد الأكراد بالأسلحة والذخيرة عبر شاحنات وطائرات رغم تحييد تنظيم “داعش” في سوريا إلى حدّ كبير.

البنتاغون يتحرّك

يحاول البنتاغون إنهاء صفقة “اس 400” بين روسيا وتركيا بأي شكل من الأشكال لأنهم يعتبرون إيصالها لتركيا هو خطر كبير على عمق الناتو الاستراتيجي، وعلى هذا الأساس قالت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” إنها تعمل في الوقت الحالي مع الكونغرس للمساعدة في إيجاد بدائل لمنظومة الدفاع الصاروخي الروسية إس 400 من أجل تزويد تركيا بها.

شاهد أيضاً

وزير الخارجية البريطاني: إسرائيل قررت الرد على الهجوم الإيراني

وزير الخارجية البريطاني: إسرائيل قررت الرد على الهجوم الإيراني قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، ...