الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / المرأة حقوق وحرية وحجاب

المرأة حقوق وحرية وحجاب

حركات إصلاح جديدة في الغرب‏

 

إزاء النظرة الخاطئة إلى قضايا المرأة، وما ترتّب عليها من مفاسد في الشارع الغربي، ظهرت أصوات وحركات جديدة للدفاع عن حقوق المرأة وحريتها.

 

والمؤسف أن هناك من ينادي في المجتمعات الإسلامية بمتابعة التجربة الغربية، في حين أن هناك أصواتاً تُرفع لتغيير بعض المسارات الخاطئة، والنظرات المنحرفة فيما يتعلق بالمرأة في النُخب الغربية.

 

يقول الإمام دام ظله:

” إن كثيراً ممن يتحدَّثن اليوم عن حقوق المرأة، إنهن في الحقيقة يطرحن الحرية الغربية والتهتّك، ويقلدن الغربيين، هنّ أنفسهن من يكتبن بين الحين والاخر بعض الأمور…

ولو كانت النسخة الغربية حول المرأة صحيحة، لما اضطر الغربيون بعد سبعين أو ثمانين أو مائة عام أن يطرحوا نهضة جديدة للدفاع عن حقوق المرأة كالتي طرحوها أخيراً.

الان خلال العشرين العام الماضية عادوا لطرح حركات جديدة للدفاع عن حقوق المرأة، وعن حريتها، لماذا؟

لو كانت الحرية الغربية أمراً موفقاً، ولو كان الدفاع عن

 


حقوق المرأة أمراً حقيقياً، لما احتاج الأمر لأن يقوم البعض بطرح هذه الحركة بعد مائة عام، ويثيرون كل هذه الجلبة.

إذن لقد كانت وصفتهم السابقة خطأ، ووصفتهم الفعلية خطأ أيضاً، وسوف لن تعود على المرأة والرجل وخاصة على المرأة، إلا بالبؤس وايجاد المشاكل الجديدة “.

 

انظر إلى هذا الكاتب الغربي مايك ماثويس ماذا يقول ، في مقال له، يدعو إلى إصلاح في مسير المرأة: ” إذا عرضت نفسك للاخرين بصورة مثيرة من خلال لباسك فطبيعي أن الكثير من الرجال يريدون جسدك للمتعة بغض النظر عن كونك امرأة لك شخصيتك وفردانيتك في التفكير “.

 

ويقول مايك في مقطع اخر من مقاله: ” الرجال مخطئون إن فكروا بشهوانية إزاء المرأة التي تلبس ثياباً فاضحة، لكن الرجل المهذب يريد أن يبتعد عن هذا التفكير، ونأمل من المرأة أن تساعدنا على ذلك بعفتها ولبسها الثياب المحتشمة “.

 

ويقول متابعاً: ” يجب أن لا تنخدع المرأة بما هو معروض في المحلات عن الأزياء والموضة التي تجعل من كل شخص باحثاً عن الجنس، وأن عليك أن تلبسي ثياباً مغرية لتحصلي على الرجل الجديد، ليس صحيحاً، هم وحدهم الذين يريدون أن يحصلوا على متعتهم الجنسية، يشجعون النساء على ارتداء مثل تلك الملابس، وليس عليك أن تظهري جسمك لتحصلي على الرجل الجديد… “3.

3- مجلة نور الإسلام، عدد 88 87، ص‏46.


وقد أصدرت الشرطة البريطانية كتيباً تحت عنوان ” لسلامة المرأة الشخصية ” يتضمن نصائح لتجنّب الاغتصاب والنصح بعدم لبس ثياب فاضحة ومغرية والالتزام بالاحتشام4، وفي أمريكا أدت المدارس المختلطة إلى نتائج سيئة. وإلى انصراف الطلاب والطالبات عن المناهج الدراسية بشكل عام، ولذلك فقد صمم علماء التربية على فصل مدارس البنين عن البنات في المرحلتين الابتدائية والثانوية5.

 

في الوقت الذي تصدر فيه مثل هذه الأصوات، نرى بلداناً إسلامية تدعو إلى ما هرب منه هؤلاء الإصلاحيون.

 

في تركيا بالرغم من القانون الذي صدر في بداية عام 1991 وصادق عليه الرئيس التركي بشأن حرية وضع الحجاب من قبل الطالبات في جميع المؤسسات التعليمية، فإن إدارة جامعة أنقرة، قررت منع الطالبات المرتديات الحجاب الشرعي من الدخول إلى الحرم الجامعي6.

 

وفي بلد إسلامي اخر مصر سنة 1991.. قررت إدارة التلفزيون منع المذيعات اللاتي يظهرن على الشاشة من ارتداء الحجاب الشرعي7.

 

على الثقافة الغربية أن تدافع عن نفسها

 

الثقة بالنفس من أوّليات تقدُّم الإنسان في جميع المجالات، وكذلك من أوّليات تطور أي أمّة هي أن تحافظ على أصالتها وهويتها وتثق بدينها وقانونها وتشريعها.

4- ن.م، ص‏47.

5- ن.م، عدد 2، ص‏80.

6- ن.م، عدد 22 21، ص‏106.

7- ن.م، ص‏106.


وأن تحترم نفسها ولا تنهزم أمام الدِّعايات والإشاعات والمظاهر الخادعة، والمؤسف أن في أمتنا الإسلامية أناساً انسحقوا أمام الغرب، فيريدون أن يسيروا مع الغرب بكل سلبياته، وبذلك أصبحوا وأصبح معهم الكثير في موقع المتّهم والمدافع عن نفسه أمام الحضارة الغربية. فساعدوا على الانهزام النفسي للمجتمع الإسلامي.

 

والقائد دام ظله أراد أن يقلب الصورة ويؤكد أصالة وطهارة وكمال ديننا، ولهذا علينا أن نطمئن وعليهم هم أن يدافعوا عن أنفسهم.

 

يقول سماحته دام ظله:

” على الغربيين أن يجيبوا على ما فعلوه بجنس المرأة، فلقد خانوا المرأة، إن التمدّن الغربي، لم يقدّم للمرأة شيئاً.

وإذا كان هناك تقدم علمي وسياسي وفكري فهو للنساء أنفسهن، أينما كانت هذه الأمور فهي للنساء، في إيران الإسلامية وفي الدول الأخرى.

أما الذي أقامه الغربيون ووضعت أسسه المدنية الغربية هو البناء المعوّج للتهتك، والابتذال النسوي، لقد جرّوا المرأة إلى الابتذال، ولم يصلحوا وضعها داخل الأسرة. فالصحافة ووسائل الإعلام الأميركية والأوروبية تتحدث عن مستوى عال لإيذاء النساء وتعذيبهن وتعنيفهن.

إن الثقافة الغربية حول المرأة والتهتك وجرّ نساء تلك المناطق نحو الابتذال أدى إلى اضعاف الأسرة، وجعل بناء الأسرة متزلزلاً، وجعل الرجل والمرأة لا يعدّان خيانتهما

 


داخل الأسرة أمراً مهماً جداً. أليس ذلك ذنباً؟ أليس ذلك خيانة لجنس المرأة؟ رغم تلك الثقافة يطالبون العالم أن يجاريهم في حين يجب أن يكونوا مدانين.

على الثقافة الغربية أن تدافع عن نفسها في مجال المرأة، عليها أن تقدِّم توضيحات، لكن تغلّب سلطة الرأسمالية ووسائل الإعلام المستكبرة الجبّارة الغربية جعلت القضية معكوسة، فأصبحوا هم يدينون الاخر، وجعلت منهم المدافعين عن حقوق المرأة حسب قولهم وادعائهم! في حين ليس هناك شي‏ء من ذلك.

نعم هناك بين الغربيين بعض المفكرين والفلاسفة والصادقين والصالحين الذين يفكرون ويتكلمون بصدق. أما ما تحدثت عنه فهي الثقافة العامة والمدنية الغربية وجنوحها ضد المرأة والإضرار بها “.

 

 

الفصل الثالث

 

 أسباب وكيفية العلاج

 

– أسباب ظلم المرأة

– كيف تعالج حقوق المرأة

 

 

 

أسباب ظلم المرأة

 

لقد دعا القائد حفظه الله إلى البحث عن علل ظلم المرأة ومعالجة هذا الظلم: “علينا أن نبحث عن علل هذا الظلم الذي وقع على المرأة طوال التاريخ”.

 

أ- جهل البشر

 

“إني أعتقد أن الظلم قد لحق بالمرأة طوال التاريخ، وفي المجتمعات المختلفة. وقد أشرت إلى ذلك، وتحدثت عن منشأ ذلك الظلم، إنه بسبب جهل البشر، فطبيعة البشر الجهل، حيث القوي يظلم الضعيف، إلا إذا كانت هناك قوة خارجية تسيطر عليه وتمنعه من ذلك، كالقانون وسيف القانون وعصاه. وأن يكون هناك رادع داخل الإنسان، أي إيمان قوي وواع وصريح، وهذا الأمر نادر جدّ”.

 

ب- استقواء الرجال ‏

 

“…فالرجال لأنهم أضخم وصوتهم أعلى وأجسادهم أقوى وعظامهم أضخم يستقوون على النساء اللاتي عظامهن أدق وصوتهن أرق وأجسادهن أضعف. هذا هو الواقع، وأرى لو أنّكنّ بحثتن في الأمر لبدى لكنّ‏َ أن هذا هو منشأ الاستقواء لديهم”.

 

وبدوره الرجل الغربي يظلم المرأة أيضاً، بشكل أو بآخر.

 

“فمن علامات تسلّط الرجل الغربي أنه يعتبر المرأة وسيلة

 


للرجل، لذلك يطلبون من المرأة أن تزيّن نفسها ليلتذ الرجل بها. ذلك تسلط للرجل، وليس حرية للمرأة، بل هي حرية للرجل في الحقيقة. يريدون أن يكون حرّاً حتى في اللذة البصرية، لذلك يشجعون المرأة على السفور والتبرّج أمام الرجال. إن أنانية الرجال تلك في المجتمعات التي لا تستفيد من دين اللَّه، كانت منذ العهود القديمة، واليوم موجودة أيضاً، والغربيون هم مظهرهم الأعلى….

 

ج- الاستغلال المادي ‏

 

“إن موضوع المرأة أصبح كباقي الموضوعات سلعة بيد المستغلين والمتاجرين بالقيم الإنسانية، فأولئك الذين لا يقيمون وزناً للمرأة… إلا في حساباتهم المالية.. ويعتبرون قضية المرأة سلعة ورأسمالاً للتعامل في أسواقهم المختلفة، يتحدثون عنها، ويرسمون ثقافة وإعلاماً يناسبهم حولها، ويدفعون بأذهان الرجال والنساء في العالم كله نحو جادتي الوسوسة والضياع الكبير”.

 

كيف تعالج حقوق المرأة

 

أ- عدم التقليد الأعمى ‏

 

“للأسف إني أرى الذين يدافعون عن حقوق المرأة يقعون في فخ الأخطاء، فلا يعود دفاعهم عن المرأة بالنفع


عليها. أي أنهم ينظرون إلى حال المرأة الغربية، ويتخذونها أسوة لهم! في حين أن ثقافتها تتفاوت أساساً مع الثقافة الإسلامية، فالثقافة الإسلامية أرقى من تلك الثقافة بمراتب وأنفع لوضع المرأة بمراتب.

 

ب- الحكمة وعدم الانفعال

 

‏”إن أي حركة اجتماعية ستكون حركة صحيحة وتكون نتائجها صحيحة عندما تكون مبنية على الحكمة والتأمل والتشخيص والمصلحة، وقائمة على قواعد صحيحة وعقلانية. وفي كل حركة تقصد إحقاق حقوق المرأة لا بد من ملاحظة هذا المعنى بالضبط، أي أنه أي حركة يجب أن تنطلق من نظرة حكيمة مبنية على حقائق الوجود، أي على معرفة طبيعة المرأة وفطرتها وطبيعة الرجل وفطرته، والمسؤوليات والمشاغل الخاصة بالمرأة، والمسؤوليات والمشاغل الخاصة بالرجل، وما يمكن أن يكون مشتركاً بينهما. وأن لا تكون الحركة منطلقة عن الانفعال والتقليد.

 

لأنه إذا كانت الحركة منطلقة على أساس الانفعال والتقليد والقرارات العمياء فستكون حركة مضرة.

 

فإذا كان في بلدنا ومجتمعنا الإيراني من يتحدث عن المرأة وحقوقها انطلاقاً من المجلات الغربية أو التقارير الغربية أو السياسيين الغربيين، حيث يتهمون إيران الإسلامية بعدم مراعاتها لحقوق المرأة، فإن تحركهم ذاك

 


خطأ. لا ينبغي دخول هذه الساحة بهذا الهدف، لأنه ينتهي بالانحراف والخطأ. وإذا دخلنا ساحة الدفاع عن المرأة بقصد أن لا نتخلّف عن الغرب فسنكون مخطئين أيضاً. وإذا دخلنا هذه الساحة بقصد أن لا ينظر إلينا أولئك نظرة سلبية فسنكون مخطئين أيضاً. وإذا دخلنا هذه الساحة بتصور وتوهم أن أولئك قد ساروا في طريق الصواب ووجدوا الطريق الصحيح فسنكون مخطئين بشدة أيضاً. للأسف إنني أرى اليوم أن بعض المقالات التي تكتب تحت شعار الدفاع عن المرأة، وبعض الكلام الذي يطلق تحت شعار إحقاق حقوق النساء ينطلق بالكامل من الانفعال، لأن الغربيين قالوا كذا، ولأن الأوروبيين كتبوا كذا، ولأنهم نسبوا إلينا كذ، فإذا أخذنا موقع الدفاع وسرنا على أساسه، فإن ذلك سيحرفنا ويغوينا، علينا أن نرى ما هي حقائق عالم الوجود، وأكثر هذه الحقائق موجودة في التعاليم الإسلامية”.

 

ج- تبيان حقوق المرأة بلغة العصر

 

“المسألة المهمّة الأخرى هي تبيان اراء الإسلام حول حقوق المرأة والرجل، وعلى النساء أن ينشطن في هذا المجال أيضاً. لكن النشاط الأساسي يقع على عاتق المطلعين على المعارف الإسلامية، ليتمكنوا من اظهار رأي الإسلام

 


في الحالات التي تختلف فيها حقوق المرأة عن حقوق الرجل.

 

ليطمئن الجميع إلى أن تلك الحقوق قد وضعت على أساس الطبيعة والفطرة الإنسانية للمرأة والرجل، وبناءً لمصالح المجتمع.

 

طبعاً هناك أمور جرت حتى الان، لكن يجب أن تتم هذه الأمور اليوم بلغة العصر”.

 

د- ضرورة تجنب البحوث المنحرفة

 

“فالبعض يحمل شعار الدفاع عن المرأة ويجر البحث إلى متاهات، كطرح البعض لمسائل من قبيل الديّة وأمثالها، تلك البحوث تحرف الموضوع، فرأي الإسلام واضح وبيّن، ومن يطرح مثل تلك القضايا لن يجي‏ء سوى إطالة الطريق وتضليل الأذهان…”.

 

ه- إصلاح وتعديل القوانين

 

‏ “فبعض القوانين تحتاج إلى تعديل في مجال التعامل مع المرأة والرجل، وعلى المتخصصين في هذا المجال أن يدرسوا الأمر، وأن يصححوا تلك القوانين…”.

 

و- النيّة السليمة

 

 “فإن هدفنا من هذه المواجهة (في الدفاع عن حقوق المرأة) ومن هذه الحكومة ومما لدينا الان هو كسب رضا اللَّه، … إننا نعيش عدّة أيام هنا ونتنفّس، ثم نذهب إلى هناك، ولا ينفع الإنسان أولاً وأخيراً إلا رضا اللَّه…

 


 اجعلنَ رضا اللَّه هدفكن، اقصدن التقرب إلى اللَّه في أعمالكن وجهودكن، اعملن للَّه، وسيعينكن اللَّه، ولا تدخلن المؤشرات الغربية حول المرأة في عملكن”.

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...