الرئيسية / الاسلام والحياة / الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني

الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني

إن جهاد النفس هو ذاك الخيط الرابط بين خرز الفضائل كلّها/ إن خط العمل في ديننا هو جهاد النفس

لقد استخدم نبينا الأعظم(ص) عبارة لجهاد النفس بودّي أن أستخدمها في مقام التعريف بموضوع بحثنا. إن الجهاد في سبيل الله من أهمّ الأعمال وأروعها وواحدة من النتائج التي قد يصل إليها الإنسان أثناء الجهاد هي الشهادة في سبيل الله وما تشتمل عليه من أجواء الحبّ والعشق. ولكن أثناء ما كان يرجع الرسول الأعظم(ص) من مثل هذا الجهاد، عبّر عن الجهاد وما ينطوي عليه من شهادة وتضحية وفداء بالجهاد الأصغر ثم حرّض المسلمين بالخوض في الجهاد الأكبر. إذن موضوع كلامنا في هذه الأبحاث هو «جهاد النفس» الذي أعتبره الخيط الرابط بين خرز الفضائل برمّتها. هذه هي الاستراتيجية الرئيسة في التربية الدينية وسوف نتناولها بالبحث والنقاش وندرس ماهيتها وكيفيتها بالتفصيل إن شاء الله.

إن مدى قيمة كل امرء هو بمقدار اهتمامه بجهاد النفس/ مدى تلوّث الإنسان مرتبط بمقدار أخطائه في عملية جهاد النفس 

إن الموضوع الرئيس في التربية الدينية هو جهاد النفس؛ لا مواضيع أخرى كالحسد والتكبر والخمول والحرص والحسرة والصدق والرأفة وغيرها من فضائل ورذائل. طبعا من المؤكد أن قد تبادرت في أذهانكم بعض الأسئلة والاستفسارات عن سبب هذا التحديد. فلعلكم تسألون إذن ما هو شأن الولاية مع ما تشتمل عليه من أهيمة بالغة؟ ولماذا لم نستبدل جهاد النفس بالعبادة ولم نقل أن هذا الخيط يتمثل بالعبادة؟
فسوف نبحث ذلك في جلسات طويلة ونشير إلى موقع كل من العبادة والولاية وبعض الفضائل المهمة في المنظومة الدينية. ولكن إن خط العمل في التربية الدينية هو محاربة الأميال النفسانية. إن مدى قيمة كل امرء هو بمقدار اهتمامه بجهاد النفس. وفي المقابل يرتبط مدى تلوّثه بالذنوب والرذائل بمقدار أخطائه في عملية جهاد النفس. هذا هو المعيار المهم في تقييم الناس فلا يمكن تقييمهم من خلال مدى صدقهم وكذبهم ومدى تواضعهم وكبرهم وحسب، بل يتمّ ذلك من خلال ميزان جهاده أو تبعيته لنفسه. فإن فشل أحد في عملية جهاد النفس، سوف يظهر فشله في ظهور بعض الرذائل كالحسد والكبر والحرص وغيرها. وإذا نجح الإنسان في عملية جهاد النفس، سوف يظهر بعض هذا النجاح في التزامه بأوقات الصلاة ويظهر بعضه في أخلاقه الطيبة مع الآخرين، وهكذا يظهر في باقي الفضائل والمحاسن.

ما هي العلاقة بين شهر رمضان وموضوع جهاد النفس؟ 

بإمكاننا أن نتحدث عدة جلسات لنبيّن ما هي العلاقة بين شهر رمضان وموضوع جهاد النفس، وهل من المناسب أن نطرح هذا الموضوع في هذا الشهر أم لا؟ ولكني أكتفي بنقل كلمة للإمام الخميني(ره) حيث إنكم تودّونه وتعتقدون به وأعفيكم عن استماع عدة جلسات في سبيل إثبات شدة الترابط بين موضوع جهاد النفس وشهر رمضان.
لقد قال الإمام الخميني(ره): «كلكم ضيوف الله، والضيافة بالترك. فإن كانت في الإنسان ذرة من هوى النفس، فهو لم يدخل في هذه الضيافة وإن دخلها فلم يستفد من هذه الضيافة.» ثم أضيفوا كلام الإمام هذا إلى حكمة النبي سليمان بن داوود (ع) حيث قال: «إِنَّ الْغَالِبَ لِهَوَاهُ أَشَدُّ مِنَ الَّذِي يَفْتَحُ‏ الْمَدِينَةَ وَحْدَه‏».[مجموعة ورام/ ج1/ ص60] فاعرف أنت مدى صعوبة الطريق أمامنا. ولا شك بأننا لا نريد أن نحرم من بركات هذا الشهر.
ثم يضيف الإمام ويقول: «كل هذه الجعجعة التي تشاهدونها في العالم فهي لعدم انتفاع الناس بهذه الضيافة، وعدم دخولهم في هذه الضيافة، وعدم تلبيتهم لدعوة الله».

القواسم المشتركة بين الجهاد الأكبر والجهاد الأصغر:

النورانية والأجواء المعنوية/ في أجواء الجهاد الأكبر نستطيع أن نعيش نفس تلك الأجواء المعنوية والروحانية التي كان يعيشها المجاهدون في أيام الدفاع المقدس

نفس الأجواء الممتعة والجميلة التي يعيشها المجاهدون في الجهاد الأصغر، يمكن أن نعيشها في الجهاد الأكبر وفي خضمّ محاربة النفس. حتى أن الصفاء والجمال الذي يشتمل عليه أجواء الجهاد الأكبر هي أكبر وألصق بالفؤاد من أجواء الجهاد الأصغر. نحن نستطيع في أجواء الجهاد الأكبر أن نعيش نفس تلك الأجواء المعنوية والروحانية التي كان يعيشها المجاهدون في أيام الدفاع المقدس. حتى أن في خضم الجهاد الأكبر نستطيع أن نعيش أجواء أكثر معنوية ونورانية. وأنتم تعلمون أن الإمام الخميني(ره) هذا الرجل العظيم الذي قامت هذه الثورة المباركة والعظيمة على أكتافه وببركة وجوده، وتربّى آلاف الشهداء تحت ظله، إنما كان بطلا في ساحة الجهاد الأكبر.
وأنا أتألم عندما أرى بعض الإخوة من المجاهدين يتحدثون بتحسر عن أيام الجبهة ومعنوياتها وروحانياتها وكأنه ذهبت تلك الأيام ولا فرصة بعد لهذا الجيل حتى يعيش الروحانية والأجواء المعنوية. فهذا كلام باطل من أسره؛ إذ لم يمنع الله نعمه عن عباده ولا يظلم أحدا بل يضاعف نعمه على عباده. فإن هذه الفرصة التي أعطاها الله للجميع في ساحة الجهاد الأكبر أثمن بكثير من فرصة الجهاد الأصغر.
في أجواء الجهاد الأصغر كنا نشعر بمحبة الله ولطفه بعد ما كنا نضحي بأنفسنا وأموالنا، أما في الجهاد الأكبر وبعد ما نضحي بأميالنا وأهوائنا، نشعر بمزيد من رضا الله ولطفه ونكسب نورا أقوى من النور الذي نكسبه في أجواء الجهاد الأصغر.

شاهد أيضاً

الولايات المتحدة تعتزم إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في رفح

تعتزم الولايات المتحدة الأمريكية إرسال جنرالات لوضع خطط للعملية المقترحة في مدينة رفح جنوبي قطاع ...