الرئيسية / أخبار وتقارير / 8 سنوات على انتفاضة الكرامة في القطيف والأحساء ولا تزال مستمرة

8 سنوات على انتفاضة الكرامة في القطيف والأحساء ولا تزال مستمرة

انتفضت القطيف ومن ثم المناطق المجاورة لها، احتجاجاً على حالة التهميش والحرمان منذ أكثر من مائتي عام حينما راح المد السعودي يفرض كيانه على بلاد الجزيرة العربية بقوّة السيف والنار، تمييز طائفي ومناطقي، تحريض مذهبي، اضطهاد، صـــِبُأِحّ أَلـْﯞَورّد اعتقالات عشوائية بالجملة، قمع مُحكم ضد كل أشكال الحرية وانتهاكات إنسانية وأخلاقية على أنواعها.

هي بعض من ممارسات السلطات السعودية الضاربة في عرض الحائط جميع الشرائع الدينية والقوانين الدولية التي تحثّ الأنظمة على حماية المواطن لا سلبه أمنه وأمانه.

البداية كانت من القطيف، بعد مرور أسابيع قليلة على حادثة “بوعزيزي” في تونس التي أشعلت فتيل الثورات العربية، حيث هبّ القطيفيون في 17 من فبراير/ شباط 2011 معلنين سخطهم على حالة الظلم والقهر التي يتعرضون لها على امتداد أراضيهم وهو ما لم يعهده النظام من قبل، وليكن إذ ذاك رفض الظلم وتحقيق العدالة بين المواطنين وإنهاء حالة التمييز السائدة في البلاد إلى جانب الكف عن التضييق على الحريات الدينية وإطلاق سراح السجناء المنسيين هي المطالب الرئيسية التي رفعها المحتجّون.

في الشهور الأولى التي تلت ولادة الإنتفاضة الشعبية، غصّت الشوارع بالشباب الغاضب التوّاق لتغيير الواقع المأساوي بكل ما تحمله الكلمة من معاني إقتصادية وسياسية وإجتماعية وثقافية، وبالرغم من تلك الفورة الشعبية الشبيهة لإنتفاضة محرّم عام 1979، حافظ الحراك على سلميته كما بدأ، بيد أن الجانب السعودي قابل تلك التحركات السلمية بالقمع الشديد إذ راحت قوات مكافحة الشغب تفرّق التظاهرات عبر إطلاق الرصاص الحي ورصاص “الشوزن” (المحرم دولياً) والقنابل المسيّلة للدموع ما تسبّب بسقوط عشرات الشهداء على مدى شهور طويلة وهو ما لم يمنع الشبان من استكمال الحراك.

 

في ٢٤ من فبراير/ شباط ٢٠١١ ارتفعت وتيرة الغضب الشعبي للإنتفاضة وتجدّدت الدعوات للتحرّك ضد سياسات النظام، فامتلأت الشوارع والساحات للمطالبة بإطلاق الشهداء التسعة المنسيين الذين كان قد مضى وقتها على اعتقالهم ستة عشر عاماً دون الكشف عن مصيرهم، ثم ما انفكّ أن ارتفع منسوب الإحتجاجات السلمية في شهر مارس/ آذار من العام ذاته لتمتد الإنتفاضة نحو العوامية و الأحساء وتاروت والدمام وليعلو الصوت المطلبي بهتافات “خروجنا سلمي مطلبنا شرعي”.

لم تكن حادثة اعتقال رجل الدين البارز الشيخ توفيق العامري، إلا شرارة أخرى لإشتعال التظاهرات في القطيف والمناطق المجاورة لها وأبرزها الهفوف في الأحساء، بعد أن دعا إلى الإصلاح وانتقد التمييز الذي تتعرض له الطائفة الشيعية، في المقابل لم تتوان السلطات السعودية عن طمس معالم التحركات بالقوة العسكرية والتعتيم والتشويه الإعلامي الذي اجتهد في إظهار المتظاهرين على أنهم إرهابيين تارةً أو خلايا منظّمة تابعة لإيران هدفها ضرب السلم الأهلي تارةً أخرى فضلاً عن فبركة الفتن الطائفية لمنع تمدّد الإنتفاضة إلى المكوّنات الأخرى الذين يشاركونهم القهر والحرمان، وفق مراقبين.

لقد شكّل إستشهاد الشاب ناصر المحيشي (19 عاماً) على أيدي القوات السعودي عند نقطة تفتيش في القطيف أوائل نوفمبر 2011، تحوّلاً كبيراً في الحراك الشعبي كما كان له وقعاً خاصاً على أنفس القطيفيّين خصوصاً عندما رفضت السلطات السعودية تسليم جثماته إلى ذويه، ثم تلى هذه الحادثة استشهاد ستة آخرون وقد شهدت على إثرها منطقتي القطيف والعوامية مسيرات ضخمة تطالب بإيقاف حملات القتل والاعتقالات بحق أهالي المنطقة الشرقيّة. حينها وجد الحجازيون في منصّات مواقع التواصل الإجتماعي ملاذاً للتعبير عن مطالبهم والإعلان عن نشاطاتهم وتحركاتهم، لتكن صفحات المنظمين على موقعي “تويتر” وفيسبوك” منبراً إعلامياً ذائع الصيت ومحل استهداف السلطات أيضاً، في الوقت الذي تعمّد فيه الإعلام العربي والخليجي تحديداً تجاهل قضايا أبناء الحجاز.

يؤكد مراقبون أن ممارسات السلطات على مدى الأعوام الماضية لم تؤد إلى تراجع الشباب عن المطالب أو إلى إغفال الحقوق ونسيان المعتقلين، بل إنها كانت دافعاً قوياً في رفع عزيمة الأهالي في القطيف والأحساء، إذ يُعتبر إعدام الشيخ المجاهد نمر باقر النمر والشابين علي الربح ومحمد الشيخ ونشطاء آخرون سراجاً يضيء طريق المُكافحين لإطلاق الصوت المطلبي ورفض الظلم السائد على الأهالي.

يُشار إلى أن مشهدية القمع والإنتهاكات التي تشكّل مفاهيم السياسة السعودية ضد جميع أبناء الحجاز وأتباع أهل البيت على وجه الخصوص لا تزال مستمرة، ذلك أن القوات التابعة للنظام لم تكفّ يوماً واحداً وفق مراقبون، عن ممارسة شتّى أشكال المضايقات والإعتداءات على بيوتات الأهالي في القطيف والأحساء، فيما تُعد الإعتقالات والمحاكمات السريّة ومسلسلات التعذيب الممنهج داخل السجون السعودية سيّئة الصيت من أبرز ما يعانيه النشطاء الذين شاركوا في تظاهرات 2011 وكل من يدعو إلى الإصلاح في البلاد.

شاهد أيضاً

الحجاب النوراني والحجاب الظلماني

لكن أنواع ذلك الجلال هو اشراقاتي وهو لفرط العظمة والنورانية واللانهائية، يبعد عنها العاشق بعتاب ...