Home / القرآن الكريم / 04 أسرار الآيات وأنوار البينات

04 أسرار الآيات وأنوار البينات

( 3 ) قاعدة في الإشارة إلى أن هذا المنهج أعني : منهج التوحيد

وهو طلب العلم باللَّه وآياته وملكه وملكوته وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر هو مسلك جميع الأنبياء والأولياء عليهم السلام وأن لا خلاف بينهم في شيء من العلوم الإلهية والأصول الإيمانية وأن طريقتهم في العلم واحد ودينهم دين واحد وإنما الخلاف بين شرائعهم في المسائل الفرعية العملية التي قد يختلف باختلاف الأزمنة والأوقات

قوله تعالى

« وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْه ِ أَنَّه ُ لا إِله َ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ » .

وقوله تعالى :

« كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »

وقوله تعالى :

« شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِه ِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِه ِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه ِ »

وقوله :

« إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِه ِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ . . . »

وقوله :

« ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ  قُلْ : هاتُوا بُرْهانَكُمْ  هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ »

وقوله : « أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِه ْ ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِه ِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِه ِ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ »

وقوله :

« إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى » .

واعلم أن هذا المنهاج العلمي والإيمان الحقيقي في غاية الندرة والشذوذ ولا يوجد منهم في كل عصر إلا عدد قليل كواحد أو اثنين

كما قيل :« جل جناب الحق من أن يكون شريعة لكل وارد أو يطلع عليه إلا واحد بعد واحد . . . »

وذلك لأن علم التوحيد والإيمان الحقيقي نور يقذفه اللَّه في قلب من يشاء من عباده ليس تحصيله بمجرد إقرار بالشهادة ولا ببحث وتكرار أو تلفيق أدلة كلامية كما هو شأن أكثر المنتسبين إلى العلم المشهورين بالإفادة والتدريس وأكثر أهل الإسلام ظاهرا هم أهل الكفر والإشراك باطنا

كما قال تعالى :

« وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ »

وقوله :

« وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِالله إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ »

وقوله :

« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِالله وَرَسُولِه ِ . . . »

والمراد : يا أيها الذين آمنوا ظاهرا ولفظا آمنوا ضميرا وعلما

وقوله :

« قالَتِ الأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ »

وقوله :

« يعرفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ » .

ومما يدل على أن المؤمنين بالحقيقة هم الراسخون في العلم الكاملون في الحكمة والمعرفة

قوله :

« لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ »

وقوله :

« وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ . . . »

هذه الآية دالة على

أن غير هؤلاء القوم لا يشهد حقية الرسول

ولا يعلم حقيقة إنزال الكتاب الهادي إلى صراط التوحيد .

وبالجملة أن المؤمنين بالحقيقة هم العلماء باللَّه واليوم الآخر

وهذا العلم نور عزيز المنال

وفضل رفيع المثال

لا يوجد بمجرد القيل والقال والبحث والجدال أو رواية الحديث وحفظ الأقوال .

قال بعض العارفين : « أخذتم علمكم ميتا عن ميت وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت »

وهذا العلم المشار إليه هو علم الوراثة لا علم الدراسة يعني أن علوم الأنبياء عليهم السلام لدنية فمن كان علمه مستفادا من الكتب والرواية والدراسة فليس هو من ورثة الأنبياء لأن علومهم لا يستفاد إلا من اللَّه

كما قال تعالى :

« وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ » .
ولا تظن أن التعليم من عند اللَّه يختص بهم لا يتجاوز غيرهم فقد

قال تعالى :

« وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ »

فكل من وصل إلى حقيقة التقوى فلا بد أن يعلمه اللَّه ما لم يعلم ويكون معه

كما قال

« إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ » .

3b4fd715-7cf7-4573-baf1-8a75bc725732

 

Check Also

14 أسرار الآيات وأنوار البينات

فالفريق الأول من الأشقياء الذين هم أهل القهر الإلهي لا ينجع فيهم الإنذار ولا سبيل ...