Home / *مقالات متنوعة / التنف ودورها المركزي في انطلاق العدوان على محور المقاومة

التنف ودورها المركزي في انطلاق العدوان على محور المقاومة

إيهاب شوقي
ليس من قبيل المصادفات تزامن فضح الدور الخليجي في تدبير الانقلاب على ملك الاردن، ثم اعلان الدعم الامريكي للملك واستقباله كأول زعيم عربي في البيت الابيض، مع تعاظم دور قاعدة التنف كقاعدة انطلاق هجمات امريكية اسرائيلية داعشية على الجيش السوري وفصائل المقاومة، مع انسحابات كبيرة للقوة الامريكية بالخليج وتوجه جانب منها للاردن.

وهو ما يشي بوعي خليجي بتراجع الاهمية لحساب ملك الاردن، ويشي في ذات الوقت بأن أهمية الاردن لدى الأمريكي نابعة من قطع التواصل السوري العراقي، وبالأحرى قطع تواصل محور المقاومة.

وقد كان احدث عدوان على سوريا مصدره قاعدة التنف، وهي مصدر الشر وقرن من قرون الشيطان، ومنذ عدة سنوات تتتمركز امريكا فيها على المثلث الحدودي السوري الاردني العراقي لتبتعد عن مجال هجمات المقاومة.

إن التمركز بالتنف وانشاء القاعدة هو محاكاة لذات فلسفة انشاء الكيان الصهيوني، فهي تقطع التواصل بين سوريا والعراق كما تقطع “اسرائيل” التواصل بين المشرق العربي “الهلال الخصيب” ومغربه.

وهنا يتأكد الرصد الذي أفادت به التقارير المتواترة، ومفاده أن الدور الاردني لدى ادارة بايدن يتعاظم وهو يؤكد ما رصدناه من تراجع للدور الخليجي لحساب الدور الاردني.

وقد يكون استعراض بعض المعلومات مدخلا هاما لبيان دور القاعدة وحقيقتها:

في أيلول/ سبتمبر 2017، ذكرت وسائل الإعلام الروسية المملوكة للحكومة، أن الولايات المتحدة عبرت عن رغبتها في مغادرة التنف، لكنها لم تذكر متى.

ونستطيع ان نقول انها لن تذكر متى، طالما لا يوجد تهديد مباشر وترى أنها في موقع خارج مجال هجمات المقاومة.

وفي أيار/ مايو 2015، استولى مقاتلو “داعش” الوهابي الإرهابي على نقطة التفتيش الحدودية في التنف، وبذلك حصلوا على السيطرة على طول الحدود العراقية السورية بالكامل. وفي أوائل آب/ أغسطس 2016، استعادت قوات القبائل العراقية الموالية للحكومة بدعم من القوات التي تقودها الولايات المتحدة حاجز الوليد على الجانب العراقي من الحدود. وفي آب/ أغسطس 2016، نشرت BBC صورا التقطت في حزيران/ يونيو من ذلك العام، وقالت إنها أظهرت أن جنود القوات الخاصة البريطانية يحرسون على ما يبدو محيط قاعدة (جيش سوريا الجديد) في التنف في محافظة حمص بسوريا.

وهو ما يشي بأن المستهدف هو ان تكون منطقة التنف منطقة للموالاة لامريكا من الجانبين العراقي والسوري، وبتعبير ادق، منطقة خالية من فصائل المقاومة، بدليل أنه، وفي آذار/ مارس 2017، أعاد تنظيم (مغاوير الثورة) الذي تدعمه الولايات المتحدة في سوريا فتح المعبر الحدودي، واستئناف حركة المرور المدنية عبر الحدود، مع مجموعة يشار إليها باسم جيش العشائر العراقي يقال إنها تسيطر على الجانب العراقي من المعبر.

وفي 18 أيار/ مايو 2017، أصابت مقاتلات التحالف بقيادة الولايات المتحدة قافلة من الجيش السوري تتقدم نحو قاعدة التنف، وأفادت التقارير أن القوات السورية تواصل تقدمها في اتجاه يشير إلى أن نيتها يمكن أن تكون التغلب على وعزل القاعدة الأمريكية في التنف وذلك باستخدام أسلحة متطورة تصنع في روسيا وكانت مدعومة من طائرات هليكوبتر روسية، وهو تقرير أقرته وسائل الإعلام الروسية في 26 أيار/ مايو من نفس العام.
وهنا نستطيع القول ان القاعدة تستهدف التواجد الروسي ايضا، وهو دليل مضاف إلى نوايا امريكا وتشبثها بالتمركز في هذا الموقع الاستراتيجي.

وقد كشفت النيابة العسكرية السورية منذ أشهر عن حيازتها براهين وأدلة قاطعة على جرائم ارتكبها إرهابيون يتبعون جماعات مسلحة تتلقى دعماً أميركياً، وهو ما سيتيح توجيه اتهامات مثبتة ضد الولايات المتحدة الأميركية حول دورها في تحضير وتنفيذ عمليات إرهابية على أراضي دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.

وتوعدت النيابة العسكرية السورية بملاحقة ومحاسبة السوريين المتعاونين مع الاحتلال الأميركي، وقال المتحدث باسم النيابة إن التحقيق ما زال جارياً لديها لمعرفة مدى تورط الأجهزة الخاصة في الولايات المتحدة بشكل مباشر في إدارة مثل تلك الهجمات على الأرض، وأوضح أن تلك الهجمات والاغتيالات طالت ضباطاً وجنوداً سوريين وروسيين.

ولعل التحالف البريطاني الامريكي الذي برز مؤخرا كأولوية امريكية تراجعت معها اهمية التحالفات الاوروبية الاخرى وعلى رأسها فرنسا، يبرز ايضا في هذا الملف.

فقد تحدثت مصادر سورية وروسية إعلامية في أيار/ مايو الماضي عن زيارات وتنسيق عالي الوتيرة للقوات البريطانية ومدربين أميركيين لـ”جيش مغاوير الثورة” في التنف، وإدخال دعم جديد وشحنات من الأسلحة ومنظومة “هيمارس” الصاروخية إلى الموقع وأجهزة رصد ومراقبة.
كما ذكرت مصادر إعلامية أن القوات الأميركية في قاعدة التنف أبلغت “جيش مغاوير الثورة” بالاستعداد لمرحلة جديدة من التدريب المكثف لرفع قدرات مقاتليه، بهدف فرض (الاستقرار الميداني على مستوى سوريا) لتمهيد الأجواء للحل السياسي الشامل على أساس قرار مجلس الأمن 2254.

وهنا نستطيع استنتاج الهدف الامريكي وهو تعطيل الانتصار السوري ودعم تنظيمات مختلفة حتى لو بدت متصارعة مثل “داعش” الوهابي الإرهابي و”مغاوير الثورة” حيث الفوضى والاستفادة منها في تمزيق الوحدة والسيادة وقطع تواصل المقاومة، وهو ما تظهر سياسات مناظرة له في افغانستان من ترك صواعق للتفجير والحرب الاهلية.

تبدو قاعدة التنف منطلقا خطيرا للتمركز والعدوان، ويتأكد يوما بعد يوم حتمية وجودها كهدف متقدم من اهداف المقاومة، وهي ليست عصية على المقاومة وتطور امكانياتها.

Check Also

العودة الی احضان دمشق…اجباریة ام تأسفیة؟

شهدت الآونة الأخيرة تراكض عربي في سبيل إعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية مع سوريا، في ظل ...