مجمع البحرين للعالم المحدث الفقيه الشيخ فخر الدين الطريحي المتوفى سنته 1085 أعاد بناءه على الحرف الاول من الكلمة وما بعده على طريقة معاجم العصرية محمود عادل الربع الاول (أ - خ)
[ 3 ]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين أما بعد: فان من دواعى السرور أن أعود - بعد أعوام طويلة - إلى كتاب " مجمع البحرين ومطلع النيرين " لمؤلفه الفقيه المفسر الاديب اللغوى الشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى سنة 1087 ه لقد فكرت ابان عملي في التأليف وتحقيق الكتب وتصحيحها، أن أخدم الكتاب والسنة بطبع هذا الكتاب واخراجه اخراجا يليق به، ووجدت الفكرة محبذة عند الاخوان العلماء وطلاب العلوم الدينية والمشتغلين بالقرآن الكريم والسنة الطاهرة ان الكتب المؤلفة في المفردات اللغوية وغريب القرآن وغريب الحديث كثيرة جدا، وقد سار مؤلفوها في ترتيب المواد وعرضها على أساليب شتى حسب أغراضهم العلمية أو أذواقهم الشخصية، وفيها كتب تحتل المكانة الكبيرة من الاهمية في دسومة المادة ودقة النظم وجمال العرض، كما يوجد فيها كتب ضحلة لا تستحق العناية ويمتاز " مجمع البحرين " بجمع المواد اللغوية ذات الاهمية إلى جانب الالفاظ
الغريبة المستعملة في الكتاب والسنة الطاهرة المروية من طريق أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، فهو كتاب لغة وكتاب غريب القرآن وكتاب غريب الحديث في وقت واحد بالاضافة إلى أنه يلمع إلى أسماء بعض الانبياء والمحدثين والعلماء والملوك والشخصيات التاريخية الكبيرة والمواد غير اللغوية والتفسير وشرح الحديث والعقائد، فهو دائرة معارف صغيرة تعين الطالب على التعرف بكثير من الموضوعات المتعلقة بالشيعة الامامية
[ 4 ]
فاذن من الضرورى أن يخرج الكتاب بحلة جديدة تناسب التقدم الطباعي في العصر الحديث، إذ كان في طبعاته الحجرية السابقة مشوها لا يميز الكلام بعضه عن بعض ويفوت على القارئ الكريم كثير من الفوائد إذا لم يقع في تصحيفات وتحريفات يبدل الموضوع بشئ بعيد عن المقصود كانت الخطوة الاولى للعمل في الكتاب الحصول على نسخ مخطوطة منه تعين على تصحيحه وتحقيقه، وطال الفحص عن نسخة يطمئن إليها القلب، ولكن عدت صفر اليدين آسفا على التراث الاسلامي الضائع أو الواقع تحت تصرف أناس جشعين لا يعرفون قيمة للعلم والثقافة أنبئت أن في حيازة بعض من ينتمي إلى آل الطريحي نسخة من الكتاب بخط المؤلف، فتكرر الالتقاء به في بيته للاستفادة من تلك النسخة والمقابلة عليها، ومع اعترافه بأنه يملك هكذا نسخة الا أنه لم يأذن لي حتى مشاهدتها فكيف بالاستفادة منها وقيل لي ان فلانا الباحث يشتغل في الكتاب، فاتصلت به ورجوته أن يرينى نماذج من عمله، فلم أفهم منه شيئا الا ادعاء انه رتب الكتاب في اثنتى عشرة ألف بطاقة وحققها تحقيقا علميا يفوق عمل كل المحققين والعلماء و.. أو دأن أسرد للقارئ الكريم القصة الطويلة التالية، لكى يعرف بعض ما مني به
العلم والكتب العلمية نتيجة للجهل والبعد عن الروح العلمية والدينية: حدثنى أحد العلماء أنه رأى نسخة مصححة من كتاب " مجمع البحرين " عند فلان الهاوى للمخطوطات، وكنت أعرف صاحب النسخة أنه بخيل لا يكاد أحد يرى مكتبته، فذهبت إلى بيته كزائز مستفسر عن صحته. وبعد أن تحدث طويلا عما يملك من النفائس والنوادر والفخر بوجودها في ضمن مكتبته، طلبت إليه أن يرينى مكتبته و يطلعني على عدد من المخطوطات التى يملكها. وبعد الحاح شديد أجابنى إلى ذلك مشترطا
[ 5 ]
علي أن لا أمديدى إلى الكتب، بل أقف عند باب الغرفة حتى يأتي هو بما يحب اراءته ذهبنا معا إلى الطابق الاعلى من البيت وأوقفني عند باب غرفة المكتبة وجعل يأتي بكتاب بعد كتاب وجعلت أتصفحها بعجل علنى أجد بغيتي. كانت الكتب بحالة مزرية، مبعثرة على الارض والرفوف، علاها الغبار والتراب وأفسدت الارضة جملة منها، ورأيته يطأ عليها ذاهبا وعائدا كأن لم يكن كتاب تحت رجليه أبصرت مخطوطا على الارض كان له نصيب وافر من السحق، فرجوته أن يأتيني به، فلما فتحته وجدته الكتاب الذى أتيت من أجله إلى صاحبنا البخيل، وقرأت، سطورا من أوائله فإذا هو خلو من الاغلاط التي كنت أحفظها من النسخ المطبوعة ورأيت وقفية على الورقة الاولى مفادها أنه وقف على طلاب النجف الاشرف وضعت الكتاب على رف من الرفوف، وعدت أدراجى إلى غرفة الاستقبال وانتهت زيارة المكتبة مع كل الاسف.. ذكرت لهذا الانسان عملي في الكتاب وأنني سأقوم بطبعه ونشره واو دأن أستعين في التصحيح بنسخته، فأبى أن يعيرني النسخة. أعلنت عن استعدادي بوضع مبلغ كبير تحت تصرفه كرهن حتى أعيد الكتاب سالما كما أخذته، فأصر في الاباء والامتناع طلبت منه أن يمسح لي بالمجئ إلى بيته ومقابلة الكتاب بمحضره، ولكن اشتداباؤه
وأخيرا قلت له ان قلت وقف على طلبة العلم وأنا من الطلبة وأحسن أنواع الاستفادة هو العمل الذى أقوم به ولا بجوز حبس الكتاب في هذه الفرصة العلمية، فكان الجواب النفي البات خرجت من البيت مترحما على الواقف المسكين ولاعنا الحابس اللئيم * * * اتجهت إلى أسلوب آخر في التصحيح واخراج الكتاب، وهو:
[ 6 ]
عرض المواد على كتب اللغة المهمة، وتخريج كل الايات وبعض الاحاديث والتعليق على طائفة من أسماء الاعلام الذين تذكر أسماؤهم في المتن، وشرح أسماء البلدان والامكنة إذا كانت تحتاج إلى شرح وتوضيح هذا الاسلوب لم يفد كل الافادة في تقويم ما كان محرفا مصحفا، ولكنه على كل حال خطوة لم نتمكن المزيد عليها آنذاك، وطبع الكتاب في ستة أجزاء بشكل حببه إلى العلماء والمعنيين إلى حدما * * * نفد الكتاب في وقت قصير، وتكرر الطلب باعادة طبعه ونشره، وكنت ارجئ ذلك إلى فرصة اتمكن فيها من تجديد النظر فيه وزيادة تصحيح وتنقيح واليوم - إذ أبعث هذا الاثر من جديد - ألفت الانظار إلى أننى قمت بمقابلة المواد بالاصول اللغوية على كتب اللغة وأعربت الايات الكريمة وضبطت الالفاظ التى يلتبس على القارئ ضبطها وزدت في مواضع من الكتاب التعليق والشرح وقومت كثيرا مما صحف في الطبعة السابقة قم - 1 ربيع الثاني 1395 ه السيد احمد الحسينى
ترجمة المؤلف آل الطريحي: من الاسر العلمية العريقة في النجف الاشرف الاسرة الشهيرة المعروفة: " آل الطريحي "، يقال انهم نزحوا إلى النجف في منتصف القرن السادس الهجرى، وكانت لهم في بعض الفترات سدانة المشهد العلوى والولاية العامة بتلك المدينة
[ 7 ]
وتنسب هذه الاسرة إلى الشيخ طريح بن خفاجي، ويذكر في سبب تسميته بهذا الاسم: ان خفاجي قد أسقطت زوجته سبع مرات متوالية، ولما حملت بالشيخ طريح نذر والده خفاجي إذا رزقه الله ولدا بعد تلك الاسقاط يسميه " طريحا " ولما ولدته سماه أبوه بهذا الاسم وفاءا بنذره، فاشتهرت الاسرة بالانتساب إليه وقد نبغ من هذه الاسرة فريق كبير من العلماء والشعراء والادباء والمؤلفين، ولهم آثار جليلة تذكرنا بجهودهم في مختلف الادوار التاريخية، ولا يزال فيهم بعض الادباء والمؤلفين الذين لهم نشاطات علمية ومؤلفات تدل على دأبهم في الاعمال الثقافية ومشاركتهم الفعالة في انماء غرس العلم ونشره قال الشيخ محبوبه في كتابه " ماضى النجف وحاضرها " 2 / 427 " خدمت العلم والدين أعواما كثيرة وقرونا عدة، لم يزل ذكرها باقيا ببقاء الابد يخلدها مالها من مساع ومؤلفات مشهورة منشورة، لم يبق قطر من الاقطار ولا صقع من الاصقاع الاولها فيه شئ يذكر، وهي من خيرة نتاج كلية النجف واطيبها غرسا.. و لها الشأن والاعتبار لتقدمها في الهجرة ولكثرة النابغين فيها من فحول العلماء، وقد مر على نشوئها اكثر من أربعة قرون لم يزل العلم مزدهرا برجالها.. ترجع بنسبها إلى بنى مسلم وهم احدى فصائل بني أسد القبيلة الشيعية الكبيرة الفراتية " وقال في ص 429:
وآل طريح يرجعون بنسبهم إلى البطل المحامي حبيب بن مظاهر الاسدي، ورجوع نسبهم إلى حبيب أمر مستفيض مشهور " وقال الاب انستاس مارى الكرملي في مجلة لغة العرب المجلد السادس الجزء العاشر ص 143: " آل طريح بيت علم وفضل وأدب وتقى في النجف، ومن أقدم اسرها وأشهرها
[ 8 ]
وأعرقها في المجد والسؤدد، إذا عد رجال العلم والاصلاح حتى الان لايعرف بيت في النجف أعرق منه في المجد والفضل والشرف، ينتهي نسب هذه الطائفة إلى حبيب ابن مظاهر الاسدي، استشهد مع الامام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء المشؤمة، وسموا بجدهم طريح النجفي.. " نسب المؤلف: العالم اللغوى الفقيه المحدث الشيخ فخر الدين بن محمد علي بن احمد بن علي بن احمد بن طريح بن خفاجي بن فياض بن حيمة (حميمة) بن خميس بن جمعة بن سليمان بن داود بن جابر بن يعقوب الطريحي المسلمي العزيزي الاسدي الرماحي ويوجد عند المترجمين لاسرة الطريحي بعض الاختلاف في سرد هذا النسب تلفت القارئ الكريم إلى ذلك للتثبت من شأنه في كتب التراجم والسير والانساب " الطريحي " نسبة إلى الشيخ طريح بن خفاجي جد الاسرة و " المسلمي " نسبة إلى بني مسلم أحدى فصائل بني أسد لا تزال مناز لهم حول الحلة و " العزيزي " نسبة إلى آل عزيز أحد أفخاذ بنى مسلم و " الاسدي " نسبة إلى أسد بن ربيعة بن نزار، وهو أبو قبيلة من ربيعة و " الرماحي " نسبة إلى مدينة الرماحية من مدن الفرات في ربوع خزاعة بالشامية
على مقربة من النجف الاشرف اندرست في طقيان الفرات سنة 1112 ه وعفي أثرها مولده ونشأته العلمية ولد في النجف الاشرف سنة 979 ه.
[ 9 ]
ونشأ نشأته العلمية في احضان والده الكريم وعمه الشيخ محمد حسين الطريحي، واكب على العلم والدراسة عندهما حتى حصل على المراتب الجليلة من العلم والفضيلة والصفات النفسية العالية والملكات الشريفة الممتازة ليس لدينا تفاصيل دقيقة عن سيره العلمي وكيفية دراسته وقطعه الاشواط الثقافية، ولكن يستكشف من آثاره الكثيرة المتعددة الجوانب أنه كان من المشتغلين المجدين الذين لا يضيعون فرصة العمر، بل يقتبسون نور العلم في حلهم وترحالهم ويستضيئون من شعاع الثقافة في كل الاحوال وعند كل فرصة فلو قرأت كتابه " غريب القرآن " وجدته مفسرا محيطا بعلوم القرآن الكريم، وإذا أمعنت النظر في كتابه " غريب الحديث " رأيته محدثا متفننا في الاحاديث المروية عن النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام، وإذا دققت الفكر في كتابه " الضياء اللامع " و " شفاء السائل " و " الفخرية الكبرى " وغيرها رأيته فقيها متضلعا في أبواب الفقه، وإذا طالعت كتابه " ايضاح الاحباب " وجدت تبحره في العلوم الرياضية، وهكذا إذا قرأت كتابيه " تمييز المعطوفات من الرجال " و " جامع المقال " وجدته رجاليا خبيرا بالتراجم وأحوال السابقين من الرواة والمحدثين، أما إذا قرأت كتابه " مجمع البحرين " فانك ترى العجب من اطلاع المترجم له وتضلعه في الفنون الاسلامية والعلوم المتداولة في عصره الزاهد الورع: يكاد يتفق ارباب المعاجم في نعت شيخنا الطريحي - قدس سره - بالزهد
والورع وشدة التمسك بالدين وتطبيق الاوامر الشرعية على نفسه واعراضه عن الزخارف والبهارج الظاهرية وتحليه بالمكارم والاخلاق الفاضلة
[ 10 ]
يقول عنه المولى عبد الله أفندى في كتابه المخطوط " رياض العلماء " " وكان رضي الله عنه أعبد اهل زمانه وأورعهم، ومن تقواه أنه ما كان يلبس الثياب التي خيطت بالابرسيم، وكان يخيط ثيابه بالقطن ووصفه المحدث الشيخ الحر العاملي في كتابه " أمل الامل " بقوله: انه فاضل زاهد ورع عابد فقيه شاعر جليل القدر وذكره الشيخ حسن البلاغي النجفي في كتابه " تنقيح المقال " بأنه: كان أديبا فقيها محدثا عظيم الشأن جليل القدر رفيع المنزلة، أورع أهل زمانه وأعبدهم وأتقاهم وقال المحدث الجليل الشيخ عباس القمي في كتابه " الكنى والالقاب العالم الفاضل المحدث الورع الزاهد العابد الفقيه الشاعر الجليل.. كان أعبد اهل زمانه وأورعهم " إلى غير ذلك من الاقوال والكلمات التى تنم عن مكانته العالية في الورع والتقوى أساتذته وشيوخه: كانت اكثر تلمذته ودراسته على والده الشيخ محمد على الطريحي، ويروى عنه أيضا بالاجازة كما تتلمذ على عمه الشيخ محمد حسين الطريحي، ويروى عنه بالاجازة ويروى عن الشيخ محمد بن جابر بن عباس النجفي عن والده عن الشيخ عبد النبي الجزائري عن السيد محمد العاملي صاحب " المدارك
ويروى عن السيد الامين شرف الدين على الشولستاني عن الميرزا محمد الرجالي
[ 11 ]
عن الشيخ ابراهيم الميسي عن والده نور الدين علي بن عبد العالي العاملي الميسى ويروى عن الشيخ محمود بن حسام الجزائري عن الشيخ بهاء الدين العاملي تلامذته والراوون عنه: تتلمذ عليه وروى عنه جماعة من العلماء، منهم: 1 - المولى محمد باقر بن محمد تقى المجلسي المتوفى سنة 1111 ه. 2 - السيد هاشم بن سليمان الكتكاني البحراني المتوفى سنة 1107 ه. 3 - ولده الشيخ صفي الدين الطريحي المتوفى بعد سنة 1100 ه، فله منه ثلاث اجازات 4 - ابن أخيه الشيخ حسام الدين بن جمال الدين الطريحي المتوفى سنة 1095 ه. 5 - الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي المتوفى سنة 1104. 6 - السيد نعمة الله الموسوي الجزائري المتوفى سنة 1112 ه. 7 - الشيخ محمد امين بن محمد على بن فرج الله الكاظمي 8 - المولى محمد طاهر بن محمد حسين الشيرازي القمي المتوفى سنة 1098 ه 9 - الشيخ محمد بن عبد الرحمن المحدث الحلى، أجاز له يوم الخميس جمادى الاولى سنة 1070 ه 10 - الشيخ عناية الله بن محمد حسين بن عناية الله بن زين الدين المشهدي 11 - السيد محمد بن اسماعيل بن محمد الحسينى النجفي، قرأ عليه " جامع المقال " وأجاز له يوم الاثنين ربيع الاول سنة 1059 ه 12 - السيد محمود بن فتح الله الحسينى الكاظمي النجفي، أجازه يوم الاحد 24 جمادى الاولى سنة 1059 ه
[ 12 ]
13 - الشيخ عبد الواحد بن محمد البوراني النجفي شعره: قال الاستاذ محمد كاظم الطريحي في مقدمته لكتاب " غريب القرآن ": للشيخ فخر الدين شعر متفرق اقتصر اكثره على مدائح ومراثي آل البيت عليهم السلام فمنه قوله: طوبى لمن أضحى هو اكم قصده والى محبتكم اشارة رمزه في قربكم نيل المسرة والمنى وجنابكم متنزه المتنزه قلبى يهيم بحبكم تفريطه في مثلكم والله غاية عجزه يضحى كدود القزيتعب نفسه * في نسجه وهلاكه في نسجه اسفاره: حصلت له أسفار متعددة في تواريخ مختلفة، منها سفره إلى مكة المكرمة لاداء فريضة الحج سنة 1062، وسفره إلى خراسان لزيارة الامام الرضا عليه الصلاة والسلام حيث أقام بطوس مدة، وذهابه إلى اصبهان ومكثه هناك مدة من الزمن أيضا ويبدو أنه في تنقلاته وأسفاره كان لا يخلو من الاشتغال بالعلم والاخذ والافادة والالتقاء برجالات العلم، كما أنه لم يفتر عن التأليف والتصنيف في هذه الاسفار، فقد أنجز طائفة من مؤلفاته في بلدان صرح بها في آخر بعض كتبه هكذا شأن العلماء الذين لم يجدوا متعة في الحياة أحسن من الكتاب والقلم والقرطاس، غير عابئين بسائر المتع والملذات
[ 13 ]
آثاره العلمية: كان شيخنا المترجم له خصب التأليف كثير الكتابة محققا مدققا ذائع الصيت في الاوساط العلمية، واليك فيما يلى ثبتا بأسماء كتبه حسب ما اطلعنا عليه:
1 - الاحتجاج في مسائل الاحتياج 2 - الادلة الدالة على مشروعية العمل بالظن المستفاد من الكتاب والسنة 3 - الاربعون حديثا 4 - ايضاح الاحباب في شرح خلاصة الحساب، فرغ منه باصبهان في التاسع من شهر رجب 1071 ه 5 - ترتيب خلاصة الاقوال للعلامة الحلى 6 - ترتيب مشيخة من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق 7 - تحفة الوارد وعقال الشارد، في اللغة. 8 - تحفة الاخوان في تقوية الايمان، ينسب إليه 9 - تقليد الميت، رسالة في مسائله نقل فيها سبعة أدلة لبعض معاصريه وردها 10 - التكملة والذيل والصلة للصحاح، وهو تكملة لصحاح الجوهرى 11 - جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الدراية والرجال، ويسمى " تمييز المشتركات من الرجال " وسمي في الذريعة " ب " تمييز المتشابه من الرجال " وهو مطبوع 12 - جامعة الفوائد، وهو رد على الاخباري المشهور الميرزا محمد امين الاسترابادي
[ 14 ]
13 - جواهر المطالب في فضائل الامام علي بن ابى طالب، واحتمل في الذريعة انه " الاربعون حديثا " المذكور سابقا 14 - حاشية المعتبر في شرح المختصر للمحقق الحلى 15 - ديوان شعر، وهو ثلاثة دواوين 16 - شرح مبادئ الوصول للعلامة الحلي
17 - شفاء السائل في مستطرفات المسائل، في علم مواقيت الصلاة 18 - ضوابط الاسماء واللواحق، فرغ منه سنة 1049، وطبع بطهران سنة 1375 19 - الضياء اللامع في شرح المختصر النافع للمحقق الحلي 20 - اللمع في شرح الجمع 21 - اللمعة الوافية في اصول الفقه، ويسمى " فوائد الاصول "، فرغ منه يوم الاربعاء سنة 1057، ويفهم من عبارة الذريعة أنه يعرف ب " الاثنا عشر " 22 - عواطف الاستبصار 23 - غريب أحاديث الخاصة 24 - غريب القرآن، طبع في النجف الاشرف سنة 1372، واسمه الكامل " نزهة الخاطر وسرور الناظر وتحفة الحاضر ومتاع المسافر " 25 - الفخرية الكبرى في الفقه 26 - الفخرية الصغرى، وهو مختصر من الكتاب السابق 27 - الفوائد الفخرية 28 - الفوائد من كتاب الضياء اللامع
[ 15 ]
29 - كشف غوامض القرآن، وهو فهرس للايات الكريمة 30 - كنز الفوائد في تلخيص الشواهد، ملخص كتاب " معاهد التنصيص على شواهد التلخيص 31 - الكنز المذخور في عمل الساعات والايام والليالي والشهور 32 - مجمع البحرين ومطلع النيرين وهو هذا الكتاب 33 - مجمع الشتات في النوادر والمتفرقات
34 - المتسطرفات في شرح نهج الهداة، وهو شرح على نهج البلاغة 35 - مشارق النور للكتاب المشهور، وهو تفسير مختصر يعرف أيضا ب " المشارق الطريحية " 36 - المقتل، ولعله هو كتاب " المنتخب " الذى سيذكر. 37 - مقدمة النكت الفخرية، في أصول الفقه. 38 - المنتخب في جمع المراثي والخطب، وهو ثلاثة كبير ووسيط وصغير، والمطبوع مكررا في طهران وبومبى والنجف الاشرف وبيروت هو الوسيط. 39 - النكت اللطيفة في شرح الصحيفة، وهو شرح على " الصحيفة السجادية. 40 - نزهة الناظر في تفسير القرآن الكريم ويفهم من الذريعة انه غير " غريب القرآن " المذكور سابقا. هذا ما عدا بعض الاجازات والتعاليق والكتابات المتفرقة الموجودة كثير منها في المكتبات وعند بعض أحفاده. وفاته: توفي - قدس سره - في الرماحية سنة 1087 (1)، ونقل جثمانه إلى النجف
[ 16 ]
الاشرف ودفن بظهر الغرى، وقد شيعه من الرماحية إلى النجف خلق كثير، وكان يوم وفاته يوما مشهودا لم يريوم اعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والمؤالف وقد أرخ عام وفاته تلميذه الشيخ محمد أمين الكاظمي بأبيات فقال: رزء أصاب حشى الهدى والدين مذ فخره أودى بسهم منون علم له علم العلوم وفضله منشور أعلام ليوم الدين سل (مجمع البحرين) والدرر التى جمعت به من علمه المخزون
وانظر لتأليفاته وبيانه الشافي بعين بصيرة ويقين تجد الهدى في فعله والحكم في أقواله بالفضل والتبيين
(1) أرخ الشيخ حسن البلاغى وفاة المؤلف في كتابه " تنقيح المقال " سنة 1085، وسرى هذا السهو إلى جماعة من ارباب المعاجم لافخر حيث تضيف أصحاب الكسا أرخ (وطيدا بعد فخر الدين) (1) مصادر الترجمة: 1 - امل الامل للحر العاملي 2 / 214. 2 - لؤلؤة البحرين، للشيخ يوسف البحراني 66 - 68. 3 - الاعلام، لخير الدين الزركلي 6 / 337. 4 - هدية العارفين، للبغدادي 1 / 432. 5 - روضات الجنات، للسيد الخونسارى 5 / 349 - 353. 6 - نجوم السماء، للكشميري ص 106. (*)
[ 17 ]
7 - الكنى والالقاب، للمحدث القمى 2 / 448. 8 - ريحانة الادب، للمدرس الخياباني 4 / 53 - 55. 9 - رياض العلماء وحياض الفضلاء للافندي (مخطوط) 10 - ماضى النجف وحاضرها، للشيخ محبوبه 2 / 454. 11 - مراقد المعارف، للشيخ حرز الدين 1 / 417. 12 - مصطفى المقال، للشيخ آغا بزرك الطهراني ص 149. 13 - الذريعة، للشيخ الطهراني ايضا، في مختلف الاجزاء. 14 - اعلام العرب للاستاذ عبد الصاحب الدجيلى. 15 - مستدرك الوسائل، للمحدث النوري 3 / 389.
16 - اعيان الشيعة، للسيد الامين 42 / 265 - 268. 17 - مجلة لغة العرب، السنة السادسة 10. 18 - مجلة العرفان، السنة السادسة عشر، ج 1. 19 - مقدمة غريب القرآن، للاستاذ محمد كاظم الطريحي 20 - شعراء الغرى، للاستاذ على الخاقانى 7 / 68. 21 - ادب الطف، للسيد جواد شبر 5 / 118 22 - معجم رجال الفكر في النجف، للاستاذ الاميني ص 290. 23 - لباب الالقاب، للكاشاني ص 131. 24 - معجم المطبوعات العربية، لاليان سركيس 2 / 1845. 25 - معجم المؤلفين، للاستاذ كحالة 8 / 55.
(1) مجموع التاريخ يكون 1081. فيضاف إليه عدد اصحاب الكساء وهم خمسة ومع عد جبرائيل منهم فيكمل التاريخ 1087. (*)
[ 19 ]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لمن خلق الانسان، وعلمه البيان والتبيان، وأوضح له الهدى والايمان، والصلاة على من خص بالفرقان، والآثار المحمودة الحسان، وآله حجج الرحمن، المطهرين عن الرجس بنص القرآن. أما بعد: فلما كان العلم باللغة العربية من الواجبات العقلية، لتوقف العلوم الدينية عليه، وجب على المكلفين معرفته والالنفات إليه، وحيث لا طريق إلى معرفة غير المتواتر منها سوى الآحاد المستفادة من التتبع والاستقراء مست الحاجة إلى ضبط ما هو بالغ في
الاتفاق حدا يقرب من الاجماع ويوثق به في الانتفاع. ولما صنف في إيضاح غير الاحاديث المنسوبة إلى الآل كتب متعددة ودفاتر متبددة، ولم يكن لاحد من الاصحاب ولا لغيرهم من أولي الالباب مصنف مستقل موضح لاخبارنا مبين لآثارنا، وكان جمع الكتب في كل وقت متعبا وتحصيلها عن آخرها معجزا معجبا ووفق الله سبحانه المجاورة لبيته الحرام وللحضرة الرضوية على مشرفها السلام وظفرت هناك وهنالك بعدد عديد من الكتب اللغوية كصحاح الجوهري، والغريبين للهروي، والدر النثير، ونهاية ابن الاثير، وشمس العلوم، والقاموس، ومجمع البحار المأنوس، وفائق اللغة، وأساسها، والمجمل من أجناسها، والمغرب
[ 20 ]
الغريب، وشرح النهج العجيب، ونحوها من الكتب المرضية والشروح المطلعة على النكت الخفية حداني ذلك على الشروع في تأليف كتاب كاف شاف يرفع عن غريب أحاديثنا أستارها، ويدفع عن غير الجلي منها غبارها. ثم إني شفعته بالغرائب القرآنية والعجائب البرهانية ليتم الغرض من مجموعي الكتاب والسنة لمن رام الانتفاع بهما، ويتحصل المطلوب فيه من كل منهما، إذ لا يجد الجلم (1) كل واجد، وليس العلم مخصوصا منهما بواحد. ثم إني اخترت لترتيبه من الكتب الملاح ما أعجبني ترتيبه من كتاب الصحاح، غير أني جعلت بابي الهمزة والالف بابا واحدا ليكون التناول أسهل، والانتشار أقل. وحين تم التأليف صببته في قالب الترصيف، معلما لكل حرف من حروف الهجاء كتابا، ولكل كتاب أبوابا، باذلا فيه جهدي، مغنيا فيه كدي، طالبا فيه رضي ربي، إنه وليي وحسبي. وسميته ب (مجمع البحرين ومطلع النيرين).
(1) الجلم: آلة كالمقص لجز الصوف، وقد أخرجه هنا على مخرج المثال. (*)
[ 21 ]
ا، أ الالف المفردة على ضربين: لينة ومتحركة، واللينة تسمى " ألفا " والمتحركة تسمى " همزة "، والالف قد تكون منقلبة عن الواو كغزا أو عن الياء كرمى (1)، وقد لا تكون كذلك كإلى وإذا وحتى، وقد تكون من حروف المد واللين والزيادات، وقد تكون في الافعال ضمير الاثنين كفعلا ويفعلان، وتكون في الاسماء علامة الاثنين ودليلا على الرفع نحو " رجلان ". والهمزة قد ينادى بها تقول: " أزيد أقبل " إلا أنها للقريب دون البعيد لانها مقصورة، وقد تزاد في الكلام للاستفهام تقول: " أزيد عندك أم عمرو ". فان اجتمعت همزتان فصلت بينهما بألف، قال ذو الرمة (2): أيا ظبية الوعساء بين جلاجل وبين النقا آ أنت أم أم سالم والهمزة أصل أدوات الاستفهام ولهذا اختصت بأحكام:
(1) يذكر في " قعا " قلب الالف واوا في الوقف، وفى " احد " ابدال الهمزة
واوا، وفى " نجد " في همزة باب الافعال، وفى " يمن " في همزة الوصل - ز. (2) ذو الرمة: هو أبو الحارث غيلان بن عقبة ينتهى نسبه إلى نزار، الشاعر المشهور، أحد فحول الشعراء. والرمة - بالضم: قطعة من حبل، ويكسر، ولقب بذلك لقوله: " أشعث وباقى رمة القليد " وأراد بالاشعث: المرتد، بحصول الشعث برأسه من كثرة الدق، وبرمة القليد من جبل: التى يقلد بها. والمعنى: رمة تقليده باقية - م. (*)
[ 22 ]
أحدها: جواز حذفها - سواء تقدمت على أم كقول عمر بن أبي ربيعة: * بسبع رمين الجمر أم بثمان * (1) أم لم تقدم كقوله: * أحيا وأيسر ما قاسيت قد قتلا * الثاني: أنها ترد لطلب التصور نحو " أزيد قائم أم عمرو " ولطلب التصديق نحو " أزيد قائم وهل مختصة بطلب التصديق نحو " هل قام زيد " وبقية الادوات مختصة بطلب التصور نحو " من جاءك " و " ما صنعت " و " كم مالك " و " أين بيتك " و " متى سفرك ". الثالث: أنها تدخل على الاثبات - كما تقدم - وعلى النفي نحو (ألم نشرح لك صدرك).
الرابع: تمام التصدير بها، وذلك أنها إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بثم قدمت على العاطف، تنبيها على أصالتها في التصدير نحو (أو لم ينظروا)، (أفلم يسيروا)، (أثم إذا ما وقع آمنتم به) وأما أخواتها فتتأخر عن العاطف - كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة - نحو: (وكيف تكفرون)، (فأين تذهبون)، (فأنى تؤفكون)، (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون)، (فأي القريقين أحق بالامن)، (فما لكم في المنافقين فئتين) - هذا هو مذهب سيبويه وعليه الجمهور. وزعم جماعة - منهم الزمخشري -: أن الهمزة في تلك المواضع في محلها الاصلي، وأن العطف على جملة مقدرة بينها وبين العاطف، والتقدير " أمكثوا فلم يسيروا "، " أنهملكم فنضرب عنكم الذكر صفحا "، " أتؤمنون به في حياته فإن مات أو قتل أنقلبتم "، " أنحن مخلدون فما نحن بميتين ". وهو تكلف بما لا حاجة إليه. وقد تخرج الهمزة عن الاستفهام الحقيقي.
فتكون للتسوية نحو قوله تعالى: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم). وللانكار الابطالي، فتقتضي بطلان
(1) في ديوانه ص 59 " بسبع رميت الجمر أم بثمان ". (*)
[ 23 ]
ما بعدها وكذب مدعيه نحو (أفاصفكم ربكم بالبنين). وللانكار التوبيخى، فيقتضي أن ما بعدها واقع وفاعله ملوم نحو: (أفتعبدون ما تنحتون). وللتقرير، ومعناه حملك المخاطب على الاقرار والاعتراف بأمر استقر ثبوته عنده أو نفيه، ويجب أن يليها الشئ المقر به، تقول في التقرير بالفعل: " أضربت زيدا " وبالفاعل: " أأنت ضربت زيدا " وبالمفعول: " أزيدا ضربت ". وللتهكم نحو (أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا). وللامر نحو (ءأسلمتم). وللتعجب نحو (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل). وللاستبطاء نحو (ألم يأن للذين آمنوا).
والهمزة على ضربين: ألف وصل وألف قطع، فكل ما يثبت في الوصل فهو ألف القطع وما لم يثبت فهو ألف الوصل. وألف القطع قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام، وقد تكون أصلية مثل " أخذ " و " أمر ". وفي التنزيل (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) قال بعض المفسرين: الهمزة في " أو لما " للتقرير والتقريع، دخلت على الواو العاطفة على محذوف، تقديره: (أ) فعلتم كذا من الفشل والتنازع (ولما أصابتكم مصيبة) بأحد، الآية أ ب ب قوله تعالى: (وفاكهة وأبا) [ 80 / 31 ] الاب في كلام اللغوين: ما رعته الاغنام، وهو للبهائم كالفاكهة للانسان (1). أ ب ت يقال أبت يومنا يأبت: إذا اشتد حره - قاله الجوهري. أ ب د في حديث الحج: قال له سراقة بن
مالك: أرأيت متعتنا هذه لعامنا هذا أم للابد ؟ قال: لا بل لابد الآبد (2).
(1) في الصحاح (ابب): الاب المرعى. (2) الكافي ج 4 ص 246. (*)
[ 24 ]
أي هذه لآخر الدهر، والابد: الدهر، والجمع آبآد مثل سبب وأسباب. والابد: الدهر الطويل الذي ليس بمحدود. وإذا قلت " لا أكلمه أبدا " فالابد هو من لدن تكلمت إلى آخر عمرك. والتأبيد: التخليد، ومنه " إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا " أي مخلدا إلى آخر الدهر. والابد: الدوام، ومنه يجزي التحري أبدا: أي دائما. وأبد يأبد بالكسر أبودا: أقام به. أ ب ر في الحديث " من ابتاع نخلا بعد أن يؤبر فثمرتها للبائع " التأبير: تلقيح النخل وإصلاحه، على ما هو معروف بين غراس النخيل، يقال أبرت النخلة أبرأ من بابي ضرب وقتل: لقحنه، والاسم
منه الابار بالكسر. وأبرته تأبيرا، مبالغة وتكثير، ومنه " خير المال مهرة مأمورة وسكة مأبورة " أي ملقحة. ومنه حديث علي عليه السلام في الخوارج " لا بقي منكم آبر " (1) أي رجل يقوم بتأبير النخل وإصلاحه، فهو اسم فاعل. ويروى " آثر " بالثاء المثلثة أي مخبر. و " الابرة " بالكسر معروفة. وإبرة العقرب: شوكتها. وفي الخبر " المؤمن كالشاة المأبورة " أي التي أكلت الابرة في علفها فنشبت في جوفها، فهي لا تأكل وإن أكلت شيئا لم يتمحد به. وفي حديث علي عليه السلام " لست بمأبور في ديني " أي لست بمتهم في ديني. أ ب ض الاباضية فرقة من الخوارج، أصحاب عبد الله بن إباض التميمي. و " أباض " اسم موضع (2).
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 102.
(2) اسم قرية بالعرض عرض اليمامة كلها نخل لم ير نخل اطول منها، وعندها كانت وقعة خالد بن الوليد مع مسيلمة الكذاب - معجم البلدان ج 1 ص 60. (*)
[ 25 ]
أ ب ط في الخبر " كانت رويته التأبط " وهو أن يدخل الثوب تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الايسر. والابط كحمل: ما تحت الجناح يذكر ويؤنث، والجمع آباط كأحمال. ومنه " تأبط شرا " وزعموا كان السيف لا يفارقه (1). أ ب غ " أباغ " بالضم موضع بين الكوفة والرقة (2). أ ب ق قوله تعالى: (إذ أبق إلى الغلك المشحون) [ 37 / 140 ] أي هرب إلى السفينة. ومنه الحديث " إن بني تغلب أبقوا من الجزية " يعني هربوا. ومنه أبق العبد إباقا من بابي تعب، وقتل في لغة، والاكثر من باب ضرب:
إذا هرب من سيده من غير خوف ولا كد عمل. والاباق بالكسر: اسم منه فهو آبق والجمع الاباق ككافر وكفار. أ ب ل قوله تعالى (وأرسل عليهم طيرا أبابيل) [ 105 / 3 ] أي جماعات في تفرقة أي حلقة حلقة. واحدها أبول وأبيل بالكسر فيهما. وعن الاخفش جائت إبلك أبابيل
(1) هو أبو زهير ثابت بن سفيان الفهمي، كان من فتاك العرب في الجاهلية، وهو من اهل تهامة، وكان شاعر فحلا مشهورا، ويقال انه كان ينظر إلى الظبى في الفلاة فيجري خلفه فلا يفوته، قتل في بلاد هذيل سنة 80 قبل الهجرة والقي في غار يقال له رخمان، فوجدت جثته بعد مقتله فيه - الاعلام للزركلي ج 2 ص 80. (2) وقال الاصمعي اباغ بالفتح.. كانت منازل اياد بن نزار بعين اباغ، وعين اباغ ليست بعين ماء وانما هو ماء وراء انبار على طريق الفرات إلى الشام، وكان عندها في الجاهلية يوم بين ملوك غسان ملوك الشام وملوك لخم ملوك الحيرة قتل فيه المنذر بن المنذر بن امرئ القيس اللخمي - معجم البلدان ج 1 ص 61. (*)
[ 26 ]
أي فرقا وطير أبابيل. قال وهذا يجئ في معنى التكثير. ويقال هو جمع لا واحد له.
ويقال في طير أبابيل هو طير يعيش بين السماء والارض ويفرخ ولها خراطيم كخراطيم الطير وأكف كأكف الكلاب وقيل هي طير خضر خرجت من لجة البحر لها رؤوس كرؤس السباع. وقيل كالوطاويط. وقال عباد بن موسى: أظنها الزرازير. قوله (أفلا ينظرون إلى الابل كيف خلقت) [ 88 / 17 ] الابل بكسرتين لا واحد لها من لفظها. وربما قالوا إبل بسكون الباء للتخفيف. ويقال للذكر والانثى منها بعير ان أجذع وهي مؤنثة لان أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كان لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم. و " تأبل آدم عليه السلام على ابنه المقتول كذا وكذا عاما لا يصيب حواء " أي امتنع من غشيانها. أ ب ن في الحديث " أبى الله أن يعبد إلا سرا حتى يأتي إبان أجله " أي حينه ووقته.
وإيان الشئ بالكسر والتشديد: وقته. يقال " كل الفواكه في إبانها " ومنه فيأتيني إبان الزكاة. والمأبون: المعيب. والابنة: العيب. ولا يؤبن: لا يعاب. والابنة بالضم: العقدة في العود أ ب ه في الدعاء " كم من ذي أبهة جعلته حقيرا " الابهة بضم الهمزة والتشديد: العظمة والكبر والبهاء، يقال تأبه الرجل تأبها: إذا تكبر. أ ب و قوله تعالى: (ملة أبيكم إبرهيم) جعل إبراهيم أبا للامة كلها، لان العرب من ولد إسماعيل وأكثر العجم من ولد إسحاق، ولانه أبو رسول الله صلى الله عليه وآله وهو أب لامته، فالامة في حكم أولاده، ومثله قوله: (وإله آبائك إبراهيم
[ 27 ]
وإسمعيل وإسحق) أضيف الاب اليهما لانه من نسلهما (1).
وقد تجعل العرب العم أبا والخالة أما، ومنه قوله تعالى: (ورفع أبويه على العرش) يعني الاب والخالة، وكانت أمه راحيل قد ماتت (2). قوله: (أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون) قال الشيخ أبو علي (ره): أخبر سبحانه عن الكفار منكرا عليهم (أو لو كان آباؤهم) أي يتبعون آباءهم فيما كانوا عليه من الشرك وعبادة الاوثان، وإن كان آباؤهم (لا يعلمون شيئا) من الدين (ولا يهتدون) إليه. وفي هذه الآية دلالة على فساد التقليد وأنه لا يجوز العمل به في شئ من أمور الدين إلا بحجة، وفيها دلالة على وجوب المعرفة وأنها ليست ضرورية، لانه سبحانه بين الحجاج عليهم ليعرفوا صحة ما دعاهم الرسول إليه، ولو كانوا يعرفون الحق ضرورة لم يكونوا مقلدين لآبائهم. و " أبوت الصبي أبوا ": غذوته. وبذلك سمي الاب أبا. والاب لامه محذوفة وهي واو. ويطلق على الجد مجازا.
وفى لغة قليلة تشدد الباء عوضا عن المحذوف فيقال: " هو الاب ". وفى لغة يلزم التقصير مطلقا فيقال: " هذا أباه " و " رأيت أباه " و " مررت بأباه ". وفى لغة الاقل يلزمه النقص مطلقا، فيستعمل استعمال " يد " و " دم ". والابوة: مصدر من الاب، مثل الامومة والاخوة والعمومة والخؤلة. والابوان: الاب والام.
(1) ويذكر في " ازر " تسمية العم بالاب - ز. (2) أي جعل ابراهيم واسحاق أبا، لان يعقوب من نسلهما، وأما اسماعيل فجعله أبا لكونه عما ليعقوب. وفى بعض النسخ: " أضيف الاب إليه لانه من نسله، والمراد من الاب هو الجنس - ن. (*)
[ 28 ]
وإذا جمعت الاب بالواو والنون قلت: " أبون ". قال الجوهري: وعلى هذا قرأ بعضهم: (وإله أبيك إبرهيم وإسمعيل وإسحق) يريد جمع " أب " أي أبينك، فحذفت النون للاضافة. والنسبة إلى أب " أبوي ".
وفى الحديث: " بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله " وهذه الباء يسميها بعض النحاة باء التفدية يحذف فعلها في الغالب، والتقدير: " نفديك بآبائنا وأمهاتنا ". وهي في التحقيق باء العوض نحو " خذ هذا بهذا ". قال بعض المحققين: وعد منه قوله تعالى: (أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون "، ثم قال: ويمكن جعل الباء في الحديث للمعية أيضا والمعنى: " نحن فداء مع آبائنا وأمهاتنا ". وقولهم: " يا أبة أفعل " يجعلون علامة التأنيث عوضا عن ياء الاضافة، كقولهم في الام: " يا أمة ". قال الجوهري: تقف عليها بالهاء إلا في القرآن فانك تقف بالياء. وفي الحديث: " لله أبوك ". قيل: الاصل فيه انه إذا أضيف شئ إلى عظيم اكتسي عظما كبيت الله، فإذا وجد من الولد ما يحسن موقعه قيل: " لله أبوك " للمدح والتعجب، أي لله أبوك خالصا حيث أتى بمثلك.
ومثله: " لله درهم " فانه دعاء لهم بالخير، بخلاف " لله أبوهم " فقيل: هو تهزؤ، وقيل: تعجب منهم وليس بدعاء وقولهم: " لا أبا لك " قد يكثر في المدح، أي لا كافي لك غير نفسك، وقد يذكر في الذم ك " لا أم لك "، وقد يذكر في التعجب، وبمعني جد في الامر وشمر، لان من له أب إتكل عليه. واللام زيدت لتأكيد الاضافة كما زيدت في قوله تعالى: (يريد الله ليبين لكم) مؤكدة لارادة التبيين. وقد يقال: " لا أباك " بترك اللام. وأبي - بضم الهمزة وتشديد الياء -:
[ 29 ]
إسم رجل من القراء، ومنه: " نحن نقرأ على قراءة أبي " وأنكروا قراءة ابن مسعود لانه ضال (1). والابواء - بفتح أوله وسكون ثانيه والمد أخيرا: مكان بين الحرمين عن المدينة نحوا من ثلاثين ميلا. نقل أنه مولد أبي الحسن موسى - عليه السلام - (2) وفيه قبة آمنة أم النبي صلى الله عليه وآله. سمي بذلك
لتبوء السيل ونزوله فيه. أ ب ى وفي الحديث: " كلكم في الجنة إلا من أبى " أي امتنع وترك الطاعة التي يستوجب بها الجنة. ومثله: " الملا أبوا علينا " اي امتنعوا من إجابتنا إلى الاسلام. ومنه حديث علي (ع) - وقد جمع ولده للوصية وكانوا إثنى عشر ذكرا -: " إن الله عزوجل أبى إلا أن يجعل في سنة من يعقوب ". ومنه: " أبى الله أن يعبد إلا سرا " أي كره ذلك في الدولة الظالمة دولة الشيطان، وذلك لان الدولة دولتان: دولة الشيطان ودولة الرحمن. فإذا كانت العبادة سرا فالدولة دولة الشيطان، وإذا كانت العبادة جهرا فالدولة دولة الرحمن. أ ت م في الحديث " ذكر الماتم " هو على مفعل بفتح الميم والعين، وهو - عند العرب -: اجتماع النساء في الخير والشر، و - عند العامة -: المصيبة. تسمية للحال باسم
المحل، يقال: " كنا في مأتم فلان " قال الجوهري: والصواب " في مناحة فلان " وقيل المأتم: مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح، ثم خصص به اجتماع النساء للموت. وقيل هو للثواب منهن. وأتم بالمكان يأتم أتوما من باب تعب - لغة -: أقام.
(1) أبو الطفيل أبى بن كعب بن قيس الانصاري، أحد القراء السبعة، ويستفاد من الحديث المذكور أن قراءته مرضية عند ائمة اهل البيت عليهم السلام - انظر تفقيح المقال 1 / 44. (2) الكافي 2 / 634. (*)
[ 30 ]
واسم المصدر والزمان والمكان: " مأتم " على مفعل، والجمع: مآتم. أ ت ن الاتان بالفتح: الانثى من الحمير، ويجتمع في القلة على آتن مثل عناق وأعنق، وفي الكثرة على أتن وأتن بضمتين وأما قول الشاعر: فهل أنت إن ماتت أتانك راحل إلى آل بسطام بن قيس فخاطب فعلى الاستعارة، والمراد الزوجة، والوجه في فخاطب، الرفع لكنه جر
للمجاورة. أ ت ى قوله: (أتت أكلها ضعفين) أي أعطت ثمرتها ضعفي غيرها من الارضين. قوله: (وآتوا الزكوة) أي أعطوها، يقال: " أتيته " أي أعطيته. وأتيته - بغير مد - أي جئته. قوله: (آتنا غداءنا) أي إئتنا به. قوله: (وآتوهم ما أنفقوا) أي أعطوا أزواجهن ما أنفقوا، أي إدفعوا إليهم المهر. قوله: (وآتاهم تقويهم) أي جازاهم. قوله: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل) أي ما ينظر هؤلاء إلا أن تأتيهم ملائكة الموت أو العذاب أو يأتي ربك، أي كل آيات ربك، بدلالة قوله: (أو يأتي بعض آيات ربك) يريد آيات القيامة والهلاك الكلي، وبعض الآيات أشراط الساعة. كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك،
(يوم يأتي بعض آيات ربك) التي يزول التكليف عندها (لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت) أي لا ينفع الايمان حينئذ نفسا لم تقدم إيمانها من قبل ظهور الآيات - قاله الشيخ أبو علي (ره). قوله: (حتى تأتينا بقربان تأكله النار) أي تشرع لنا تقريب قربان تأكله النار. قوله: (أتى أمر الله) اي اتى وعدا
[ 31 ]
التأنيث عوضا عن ياء الاضافة، كقولهم " أتاك الامر وهو متوقع ". قوله: (أتينا طائعين) أي جئنا طائعين، وقرأ ابن عباس بالمد فيكون المعنى: " أعطينا الطاعة. قال الشيخ محمد بن محمد بن النعمان (ره): هو سبحانه وتعالى لم يخاطب السماء بكلام ولا السماء قال قولا مسموعا، وإنما اراد انه عمد إلى السماء فخلقها ولم يتعذر خلقها عليه، وكأنه لما خلقها قال لها وللارض: " ائتيا طوعا أو كرها " فلما فعلتا بقدرته كانتا كالقائلتين: " أتينا طائعين "،
ومثل ذلك كثير في محاورات العرب. قوله: (أتى الله بنيانهم من القواعد) اي أتى مكرهم من اصله، وهو تمثيل لا ستيصالهم، والمعنى انهم فعلوا حيلا ليمكروا الله بها فجعل الله هلاكهم في تلك الحيل، كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالاساطين وأتى البنيان من الاساطين بأن ضعفت فسقط عليهم السقف فهلكوا. وفي التفسير: اراد صرح نمرود. قوله: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) الضمير للقرآن، اي ليس فيه ما لا يطابق الواقع لا في الماضي ولا في الحال - كذا روي عن اهل البيت عليهم السلام (1). قوله: (وأوتوا به متشابها) اي يشبه بعضه بعضا، فجائز أن يشتبه في اللون والخلقة ويختلف بالطعم، وجائز أن يشتبه بالنبل والجودة فلا يكون فيه ما يفضله غيره قوله حكاية عن الشيطان: (ثم لآتينهم من بين أيديهم) الآية، اي لآتينهم من الجهات الاربع التي يأتي العدو منها في الغالب، وهذا مثل لوسوسته إليهم على
كل وجه يقدر عليه. وعن الباقر (ع) قال: (لآتينهم من بين أيديهم) يعني أهون عليهم أمر الآخرة (ومن خلفهم) آمرهم بجمع الاموال والبخل بها عن الحقوق لتيقى لورثتهم (وعن أيمانهم) أفسد عليهم امر دينهم بتزيين
(1) البرهان 4 / 112. (*)
[ 32 ]
الضلالة وتحسين الشبهة (وعن شمائلهم) بتحبيب اللذات إليهم وتغليب الشهوات على قلوبهم (1). وعن بعض المفسرين: إنما دخلت " من " في القدام والخلف و " عن " في الشمال واليمين لان في القدام والخلف معنى طلب النهاية وفي اليمين والشمال الانحراف عن الجهة. قوله: (والذين يؤتون ما آتواو قلوبهم وجلة) اي يعطون ما أعطوا. وقرئ (يؤتون ما أتوا) بغير مد، اي يفعلون ما فعلوا (وقلوبهم وجلة) اي يعملون العمل وهم يخافونه ويخافون لقاء الله.
وفى الحديث عن الصادق (ع): " ما الذي أتوا به أتوا - والله - بالطاعة مع المحبة والولاية وهم مع ذلك خائفون أن لا يقبل منهم، وليس - والله - خوفهم شك فيما هم فيه من إصابة الدين ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في المحبة والطاعة " (2). والمأتي: الآتي (3). ومنه قوله تعالى: (وكان وعده مأتيا). وفى حديث المكاتب عن ابي عبد الله (ع) في قوله تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) قال: " تضع عنه من نجومه التي لم تكن تريد أن تنقصه منها.. " الحديث (4). وفي حديث آخر: " يضع عنه مما
(1) البرهان 2 / 5. (2) البرهان 3 / 114. (3) جاء الفاعل في القرآن بمعنى المفعول في موضعين، الاول قوله تعالى: (لا عاصم اليوم من أمر الله) أي لا معصوم، الثاني قوله تعالى: (ماء دافق) بمعنى مدفوق. وجاء المفعول بمعنى الفاعل في ثلاث مواضع: الاول قوله تعالى: (حجابا مستورا) أي ساترا، الثاني قوله تعالى: (وكان وعده مأتيا) أي آتيا، الثالث قوله تعالى: (جزاء موفورا) أي وافرا - ه. (4) المراد من النجوم الاقساط التى يضمن السيد أن يأخذها من المكاتب. والحديث صحيح. الوسائل الباب التاسع من ابواب المكاتبة - ن (*)
[ 33 ]
يرى أن يكاتبه عليه ". وفى كلام بعض المحققين: يجب على المولى إعانته من مال الزكاة لقوله تعالى: (وآتوهم) الآية، لان مال الله هو الزكاة على ما هو المعروف ضد الاطلاق، والامر للوجوب، ولا يضر تطرق الاحتمال، لان الوجوب المستفاد من الامر كالقرينة على إرادته.. انتهى وفي المسألة اقوال: الوجوب مطلقا، والعدم مطلقا، والوجوب من الزكاة للمطلق دون المشروط. وفى الحديث: " من هنا أتيت " اي من هنا دخل عليك البلاء - قاله المطرزي في المغرب. وفيه: " ليأتين على الامة كذا " اي ليغلبن عليهم ذلك، بقرينة " على " المشعرة بالغلبة المؤذنة بالهلاك. واتى الرجل يأتي إيتاءا: جاء. والاتيان الاسم منه. و " أتيتك في الحديث على وجهه " اي جئك به على مساقه تاما من غير تغيير
ولا حذف. واتيت تستعمل لازما ومتعديا. وأتى يأتوا أتوا: لغة فيه. و " أتى عليه الدهر " اهلكه. و " تأتى له الامر " تسهل وتهيأ. و " اتى الرجل امه " زنا بها، والحائض: جامعها. و " جاءهم سيل أتي " - بفتح اوله وتشديد آخره -: وأتاوي ايضا، اي سيل لم يصبه مطره. والمواتاة: حسن المطاوعة والموافقة، وأصله الهمزة وخفف وكثر حتى صار يقال بالواو الخالصة. ومنه الحديث: " خير النساء المواتية لزوجها ". و " مأتى الامر " - بفتح ما قبل الآخر -: وجهه الذي يؤتى منه. وفي حديث الدبر: " هو أحد المأتيين فيه الغسل " هو بفتح التاء الفوقانية وتخفيف الياء التحتانية. (*)
[ 34 ]
أ ث ث
قوله تعالى: (هم أحسن أثاثا ورئيا) [ 19 / 74 ] الاثاث: متاع البيت، وعن الفراء لا واحد له من لفظه، وعن ابن زيد الاثاث المال أجمع الابل والغنم والعبيد والمتاع، الواحدة " أثاثة " وقيل الاثاث ما يلبس ويفترش، والجمع أثة وأثث. وفي تفسير علي بن ابراهيم قال: يعني به الثياب والاكل والشرب. وفي رواية الباقر قال: الاثاث المتاع (1). أ ث ر قوله تعالى: (فقبضت قبضة من أثر الرسول) [ 20 / 96 ] المعنى من أثر فرس الرسول، روي أن موسى عليه السلام لما حل ميعاده وذهابه إلى الطور أرسل الله جبرئيل راكب خيروم فرس الحياة ليذهب به، فأبصره السامري فقال: إن لهذا شأنا، فقبض قبضة من موطئه، فلما سأله موسى عن ذلك قال ذلك. وتوضيح القصة في محالها. قوله: " آثرك الله علينا: أي فضلك الله علينا، من قولهم: له عليه إثرة "
أي فضل. قوله: " إثارة من علم تؤثر عن الاولين " أي تستند إليهم أو علم مأثور. قوله: (سنكتب ما قدموا وآثارهم) [ 36 / 12 ] السين فيها وفي نظائرها للتأكيد، وآثارهم أي ما قدموا من الاعمال وما سنوه بعدهم حسنة كانت أو قبيحة، ومثله (علمت نفس ما قدمت وأخرت) وقيل (آثارهم) أي أقدامهم في الارض، أراد مشيهم إلى العبادة. وآثار الاعمال: ما بقي منها. ومنه قوله تعالى: (فانظر إلى آثار رحمة الله) [ 30 / 50 ] أي ما بقي منها. قوله: (وإنا على آثار هم مقتدون) [ 43 / 23 ] أي على سنتهم في الدين. قوله: (هم أولاء على أثري) [ 20 / 84 ] هو من قولهم " خرجت في أثره " بفتحتين، وفى إثره بكسر الهمزة فالسكون أي تبعته عن قريب. قوله: (إن هذا إلا سحر يؤثر) [ 74 / 24 ] أي ما تقوله سحر يؤثر
(1) انظر التفسير ص 413. (*)
[ 35 ]
وينقل عن أهل بابل. قوله: (ويؤثرون على أنفسهم) [ 59 / 9 ] أي يقدمون على أنفسهم، من قولهم " آثره على نفسه: قدمه وفضله. قوله: (بل تؤثرون الحياة الدنيا) [ 87 / 16 ] أي تقدمونها وتفضلونها على الآخرة. قال الشيخ أبو علي قرأ أبو عمر وغيره بالياء التحتانية والباقون بالتاء على الخطاب. وقال في قوله: (فأثرن به نقعا) [ 100 / 4 ] بتشديد الثاء وهو من التأثير فالهمزة فاء الفعل، فأثرن بالتخفيف من الاثارة. والنقع: الغبار. وفي الحديث " إذا دخل شهر رمضان فهو المأثور " أي المقدم المفضل على غيره من الشهور. والاثر بالضم: أثر الجراح يبقى بعد البرء. وسنن النبي صلى الله عليه وآله آثاره. وأثرت الحديث أثرا من باب قتل:
نقلته. و " الاثر " بفتحتين الاسم منه. وحديث مأثور: ينقله خلفا عن سلف. وأثر الدار: بقيتها، والجمع آثار مثل سبب وأسباب. وفي حديث وصفهم عليهم السلام " آثاركم في الآثار وقبوركم في القبور " ونحو ذلك، ولعل المراد بذلك شدة الامتزاج بهم والاختلاط معهم. وفي الخبر " فبعث في آثارهم " أي فبعث الطالب وراءهم. وفيه " من سره أن يبسط الله في رزقه وينسئ في أثره فليصل رحمه " الاثر: الاجل، سمي به لانه يتبع العمر. ومنه قولهم " قطع أثره " أي أجله، لان من مات لم يبق له أثر. واستأثر فلان بالشئ: استبد به، والاسم الاثرة بالتحريك. وفي الخبر " إنه قال صلى الله عليه وآله للانصار ستلقون بعدي أثرة فاصبروا " الاثرة بفتح الهمزة والثاء الاسم من أثر يؤثر إيثارا: إذا أعطى، أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفئ.
والاستيثار: الانفراد. وفي خبر من مر عليه وهو يصلي " قطع الله أثره " دعاء عليه بالزمانة ليقطع مشيته.
[ 36 ]
والتأثير: إبقاء الاثر في الشئ. واستأثر الله بفلان: إذا مات ورجى له الغفران - قاله الجوهري. والمأثرة بالضم: المكرمة لانها تؤثر ويتحدث بها. أ ث ك ل في حديث الحد " فجلد بأثكول " وفي رواية " بأثكال ". وهما لغتان في عثكال والعثكول، وهو عذق النخلة بما فيه من الشماريخ والهمزة بدل من العين. أ ث ل قوله تعالى (وأثل) [ 34 / 16 ] الاثل شجر شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه. الواحدة أثلة كبقلة، والجمع أثلاث. وفي الخبر " إن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان من أثل الغابة " والغابة غيضة ذات شجر كثير وهي على تسعة
أميال من المدينة. والتأثيل: التأصيل. ومنه المجد المؤثل. وتأثل الشئ: تأصل وتعظم. وتأثلت الشئ: جمعته. ومنه الدعاء " تأثلت علينا لو احق المين " أي اجتمعت. أ ث م قوله تعالى: (يلق أثاما) [ 25 / 68 ] أي عقوبة والاثام جزاء الاثم. قوله: (كفار أثيم) [ 2 / 276 ] أي متحملا للاثم. والاثيم، الآثم قوله: (طعام الاثيم [ 44 / 44 ] الاثيم هنا: الكافر قوله: (والاثم والبغي) [ 7 / 32 ] قيل: الاثم ما دون الحسد وهو ما يأثم الانسان بفعله. والبغي الاستطالة على الناس، وقيل الاثم الخمر، والبغي الفساد، يقال " شربت الاثم حتى ضل عقلي ". وأثمه: نسبه إلى الاثم، قال تعالى: (لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما) [ 56 / 25 ].
وفي الحديث ". لا يتأثم ولا يتحرج " هو من قبيل عطف التفسير، أي لا يجعل نفسه آثما بكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله. والمأثم: الامر الذي يأثم به الانسان
[ 37 ]
وفي حديث علي عليه السلام للحسن عليه السلام في ابن ملجم " ضربة بضربة ولا تأثم " أي لا إثم عليك بذلك، فإن القصاص حق أمر الله تعالى به. وفي الحديث " لا ينزل أحدكم على أخيه حتى يؤثمه، قالوا: يا رسول الله وكيف يؤثمه ؟ قال: لا يكون عنده ما ينفق عليه " يعني فيوقعه في الاثم. أج ج قوله تعالى: (لو نشاء جعلناه أجاجا) [ 56 / 70 ] الاجاج: المالح المر الشديد الملوحة، يقال: أج الماء يؤج أجوجا إذا ملح واشتدت ملوحته. قوله تعالى: (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج) [ 21 / 96 ] يهمزان ولا يهمزان، فمن همزهما جعلهما
مشتقين من " أجة البحر " وهو شدته وقوته، ومنه " أجيج النار " وهو توقدها وحرارتها، سموا بذلك لشدتهم وكثرتهم والاكثرون على أنهما اسمان أعجميان غير مشتقين، فلذلك لا يهمزان ولا يصرفان للعجمة والتعريف. قيل هم من أولاد آدم عليه السلام وحواء وهو قول أكثر العلماء، وقيل من ولد آدم من غير حواء (1) فيكونون إخواننا من الاب، وقيل هم من ولد يافث بن نوح، وعن الضحاك هم من الترك. وفي الخبر عنه عليه السلام: " يأجوج أمة لها أربعمائة أمير، وكذلك مأجوج، لا يموت أحد منهم حتى ينظر إلى ألف فارس من ولده، صنف منهم طوله مائة وعشرون ذراعا، وصنف يفترش أذنه ويلتحف بالاخرى، لا يمرون بفيل ولا خنزير إلا أكلوه، ويأكلون من مات منهم، مقدمهم بالشام وسالفهم بخراسان يشربون أنهار المشرق، ويمنعهم الله من مكة والمدينة وبيت المقدس " (2). وعن علي عليه السلام: يأجوج
ومأجوج صنف منهم في طول شبر، وصنف منهم مفرط الطول، لهم مخالب الطير وأنياب
(1) لما ذكروا ان آدم نام يوما فاحتلم على الارض واختلط ماؤه بالتراب فخلق منه يأجوج ومأجوج - انظر مجمع البيان ج 3 ص 494. (2) مجمع البيان ج 3 ص 494 مع اختلاف في الالفاظ. (*)
[ 38 ]
السباع وتداعى الحمام وتسافد البهائم وعواء الذئب، وشعور تقيهم الحر والبرد وآذان عظام. وعن بعض المؤرخين: يأجوج ومأجوج أمتان عظيمتان، وقيل يأجوج اسم للذكران ومأجوج اسم للاناث. وفي بعض الاخبار: إن يأجوج ومأجوج اثنان وعشرون قبيلة الترك قبيلة واحدة منها، كانت خارج السد لما ردمه ذو القرنين، فأمر بتركهم خارج السد فلذلك سموا تركا. فقال القوم لذي القرنين: (هل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ؟ فقال ذو القرنين: ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة)، يريد لست طالبا منكم. جعلا على ذلك ولكن أعينوني
بالآلة والعدة من الصخر والحديد والنحاس (أجعل بينكم وبينهم ردما) لا يقدرون على مجاوزته حتى يأتي وعد الله فيجعله دكا ويخرجون منه. وعن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يفتح سد يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس، كما قال تعالى: (وهم من كل حدب ينسلون) فيغشون الارض كلها ويجتاز المسلمون إلى حصونهم ويضمون إليهم مواشيهم فيشربون مياه الارض، فيمر أوائلهم بالنهر فيشربون ما فيه ويتركونه فيمر به من بعدهم ويقولون: لقد كان هنا مرة ماء، ولا يبقى أحد من الناس إلا من كان في حصن أو جبل شامخ، فيقول قائلهم: لقد فرغنا من أهل الارض وقد بقي من في السماء. ثم يهز أحدهم حربته فيرمي بها نحو السماء فترجع إليهم مخضوبة بدم، فيقولون: قد قتلنا أهل السماء، فبيناهم كذلك إذ سلط الله عليهم دودا مثل النغف، فيدخل في آذانهم وينقب أعناقهم فيصبحون موتى
لا يسمع لهم حس ولا حركة. وروي أن الارض تنتن من جيفهم فيرسل الله تعالى مطر السيول فتحمل جيفهم إلى البحار. والاجيج: تلهب النار، يقال: أجت النار تؤج أجيجا: توقدت. والاج: الاسراع والهرولة. ومنه حديث علي عليه السلام " فأعطاه الراية
[ 39 ]
فخرج بها يؤج حتى وكزها تحت الحصن " أي أسرع بها مهرولا. والاجة: شدة الحر وتوهجه، والجمع " إجاج " بالكسر، مثل جفنة وجفان. أ ج د في الدعاء " الحمد لله الذي أجدني بعد ضعف " أي قواني بعده. وقولهم: " ناقة أجد " أي قوية. أ ج ر قوله تعالى: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) [ 4 / 24 ] جمع أجر، وهو جزاء العمل، يعني صداقهن، فأوجب إيفاء الاجر بنفس العقد في نكاح المتعة
خاصة. قوله: (على أن تأجرني ثماني حجج) [ 28 / 27 ] هو من قولهم آجر فلان فلانا إذا أخدمه بأجرة، أي تكون أجيرا لي. وفي الحديث في غسلات الوضوء " ومن زاد على اثنين لم يؤجر " (1) أي لم يعط الاجر والثواب، يقال أجره الله من بابي ضرب وقتل، وآجره الله بالمد لغة ثالثة: أثابه. وفي حديث علي عليه السلام في علة اعتلها بعض أصحابه " جعل الله [ ما كان من ] شكواك حطا لسيئاتك، فإن المرض لا أجر فيه ولكن يحط السيئات ويحتها حت الاوراق، وإنما الاجر في القول باللسان والعمل بالايدي والاقدام، وإن الله تعالى يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة " (2). قال السيد رضي: قوله " إن المرض لا أجر فيه " ليس ذلك على إطلاقه، وذلك لان المريض إذا احتمل المشقة التي حملها الله عليه احتسابا كان له أجر الثواب
قوله: (على أن تأجرني ثماني حجج) [ 28 / 27 ] هو من قولهم آجر فعل الله إذ كان ألما على سبيل الاختبار العوض (3)، وهو كلام حسن.
(1) الكافي ج 3 ص 27. (2) نهج البلاغة ج 3 ص 162. (3) لم نجد هذا الكلام في نهج البلاغة، بل نص كلامه فيه بعد ذكر كلام علي عليه السلام هو: ان المرض لا اجر فيه، لانه من قبيل ما يستحق عليه العوض لان (*)
[ 40 ]
وآجرته على فعله: إذا جعلت له أجرا. والاجرة: الكراء، والجمع أجر مثل غرفة وغرف. قال في المصباح: وربما جمعت على أجرات بضم الجيم وفتحها وآجرته الدار: كريتها. والاجارة: هي العقد على تملك منفعة بعوض معلوم. وفي خبر الاضاحي " كلوا وادخروا وإيتجروا " أي تصدقوا طالبين الاجر بذلك، ولا يجوز فيه إتجروا بالادغام لان الهمزه لا تدغم في التاء، وانما هو من الاجر لا من التجارة. و " إيتجر عليه بعض إخوانه بكفن " أي تصدق.
وفى حديث أم سلمة " آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها " هو من قولهم آجره يوجره: إذا أصابه وأعطاه الاجر والجزاء. وكذلك آجره بأجرة، والامر منهما آجرني. والمأجور: المثاب. ومنه " كان مأجورا كلما نظر إليه " أي مثابا. واستأجرت العبد: إذا اتخذته أجيرا. والاجير: المستأجر بفتح الجيم. و " الآجر " بالمد والتشديد أشهر من التخفيف. اللبن إذا طبخ، والواحدة آجرة، وهو معرب قاله الجوهري وغيره. وآجر بالمد: أم اسمعيل. أ ج ص " الاجاص " بكسر الاول وتشديد الجيم فاكهة معروفة، الواحدة إجاصة، ولا يقال إنجاص، ويقال إنه ليس من كلام العرب لان الصاد والجيم لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلامهم. أ ج ل قوله تعالى (فإذا بلغن أجلهن)
[ 2 / 234 ] أي مدتهن. وأجل الشئ بالتحريك: مدته ووقته الذى يحل فيه. يقال أجل الشئ أجلا من باب تعب،
العوض يستحق على ما كان في مقابلة فعل الله تعالى بالعبد من الآلام والامراض وما يجري مجرى ذلك، والاجر والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد، فبينهما فرق قد بينه عليه السلام كما يقتضيه علمه الثاقب ورأيه الصائب. (*)
[ 41 ]
وأجل أجولا من باب قعد لغة. قوله (وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا) [ 6 / 128 ] قال المفسر: يعني بالاجل الموت. وقيل البعث والحشر. قوله (قضى أجلا وأجل مسمى عنده) [ 6 / 2 ] فالمقضى هنا أمر الدنيا والمسمى أمر الآخره. وفي الخبر " هما أجل محتوم وأجل موقوف " أي علي مشية جديدة وهو البداء. قوله (ولكل أمة أجل) [ 7 / 33 ] أي مدة ووقت لنزول العذاب. قوله (لاي يوم اجلت) [ 77 / 12 ]
أي أخرت. قوله (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل) [ 5 / 35 ]. قيل معناه من جناية ذلك. ويقال من أجل ذلك بفتح الهمزة وكسرها، إى بسببه سواء كان السبب فاعليا أو غائيا. ومن لا بتداء الغاية فإن الشئ يبتدأ من سببه. وقد تبدل من باللام فيقال لاجل ذلك. وفي الدعاء " أسألك إيمانا لا أجل له دون لقائك " أي لا منتهى له دون لقائك يعني أموت عليه وألا قيك فيه. والآجل: نقيض العاجل. والآجلة: نقيض العاجلة. والتأجيل ضد التعجيل. وهو الوقت المضروب المحدود في المستقبل. وأجل جواب مثل نعم في التصديق. قال الجوهري ونعم أحسن منه في الاستفهام، فإذا قلت أنت سوف تذهب قلت أجل وكان أحسن من نعم، فإذا قلت أتذهب قلت نعم وكان أحسن من
أجل. أ ج م في الحديث " الرجل دخل الاجم ليس فيها ماء " الاجمة كقصبة: الشجر الملتف، والجمع أجمات كقصبات، وأجم كقصب والآجام جمع الجمع. أ ج ن في الحديث " نهى عن الوضوء في الماء
[ 42 ]
الآجن " أي المتغير لونه وطعمه، يقال أجن الماء من بابي قعد وضرب: تغير لونه وطعمه فهو آجن كضارب اسم فاعل. وأجن أجنا مثل تعب تعبا فهو آجن لغة، ومنه حديث علي عليه السلام فيمن لا يأخذ علمه من أهله بل من الرأي ونحوه " قد ارتوى من آجن ". والاجانة بالكسر والتشديد: واحدة الاجاجين وهي المر كن، والذي يغسل فيه الثياب. والاجانة أيضا: موقع الماء تحت الشجرة والجمع أجاجين، ومنه " يجب على العامل تنقية الاجاجين " والمراد
ما يحوط حول الاشجار. والاجنة بالضم: لغة في الوجنة واحدة الوجنات. أح ح أح الرجل يؤح أحا: أي سعل أ ح د قوله تعالى: (قل هو الله أحد) [ 112 / 1 ] أي واحد، فأبدل الواو همزة وحذفت الثانية. وقيل أصل أحد وحد فأبدلت الهمزة من الواو المفتوحة كما أبدلت من المضمومة في قولهم وجوه وأجوه ومن المكسورة كوشاح وإشاح، ولم يبدلوا من المفتوحة إلا في حرفين احد وامرأة أناة من الونى وهو الفتور. وقيل أحد بمعنى أول كما يقال يوم الاحد. قبل سبب نزول (قل هو الله أحد) هو أن اليهود جاؤا إلى الرسول صلى الله عليه وآله فقالوا له: ما نسبة ربك ؟ فأنزل الله (قل هو الله أحد) إلى آخرها (1)، فأحد في قل هو الله أحد بدل من الله لان النكرة تبدل من المعرفة،
كما في قوله تعالى (لنسفعا بالناصية ناصية كاذبة) ومعنى أحد أحدي النعت كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله " نور لا ظلام فيه وعلم لا جهل فيه " (2). وفي رواية ابن عباس (قل هو الله أحد) يعني غير مبعض ولا مجزأ ولا يقع عليه اسم العدد ولا الزيادة ولا النقصان. و " الاحد " من أسمائه تعالى، وهو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه
(1) مجمع البيان ج 5 ص 564. (2) البرهان ج 4 ص 526. (*)
[ 43 ]
آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول " ما جاءني أحد ". والاحد بمعنى الواحد، وهو أول العدد، تقول أحد واثنان وأحد عشر وإحدى عشرة. قال الجوهري: وأما قولهم ما في الدار أحد فهو اسم لمن يصلح أن يخاطب، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث، قال تعالى (لستن كأحد من النساء) وقال (فما منكم من أحد عنه حاجزين). وأحده ووحده كما يقال ثناه وثلثه.
والاحد: أحد أيام الاسبوع، وجمعه الآحاد. ومنه الحديث " إتقوا أخذ الاحد " أي شره. و " أحد " بضمتين: جبل معروف على ظهر مدينة الرسول الله صلى الله عليه وآله، وبقر به كانت الوقعة التي قتل فيها حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله وقبره هناك. أ ح ن في الحديث " ألا إن كل دم كان في الجاهلية أو إحنة فهي تحت قدمي هذه " ثم فسر الاحنة بالشحناء، وفي كلام أهل اللغة الاحنة بكسر الفاء: واحدة الاحن وهي الضغائن، يقال في صدره علي إحنة أي حقد، وأحن الرجل يأحن من باب تعب: حقد وأظهر العداوة. والاحنة اسم منه والجمع إحن كسدرة وسدر أ خ ذ قوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا
غافلين) [ 7 / 172 ] قال بعض المفسرين: (من ظهورهم) بدل (من بني آدم)، وهو بدل البعض من الكل، وتقديره: وإذ أخذ ربك من بني آدم ذريتهم أي أخرج من أصلابهم نسلهم على ما يتوالدون قرنا بعد قرن (وأشهدهم على أنفسهم) أي نصب لهم دلائل الربوبية وركب في عقولهم ما يدعوهم إلى الاقرار عليها حتى صاروا بمنزلة من قيل لهم ألست بربكم قالوا بلى كراهة أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين - انتهى. وقال الشيخ الجليل المفيد وقد سئل عن معنى الاخبار المروية في أن الله
[ 44 ]
أخرج الذرية من ظهر آدم على صور الذر ؟ أما الحديث في إخراج الذر من ظهر آدم على صورة الذر فقد جاء الحديث بذلك على اختلاف ألفاظه ومعانيه، والصحيح أنه أخرج الذرية من ظهره كالذر ليعرفه قدرته ويبشره بافضال نسله وكثرتهم وما عليهم من النور والظلمة، فملا بهم الافق وجعل على بعضهم نورا
لا يشوبه ظلمة وعلى بعضهم ظلمة لا يشوبه نور وعلى بعضهم نور وظلمة، فلما رآهم عجب من كثرتهم وما عليهم من النور والظلمة، فقال عليه السلام: ما لي أرى على بعضهم نورا لا ظلمة فيه وعلى بعضهم ظلمة لا يشوبها نور وعلى بعضهم نورا وظلمة ؟ فقال تبارك وتعالى: وأما الذين عليهم النور بلا ظلمة فهم أصفيائي من ولدك الذين يطيعوني ولا يعصوني، وأما الذين عليهم الظلمة بلا نور فهم أعدائي الذين يعصوني ولا يطيعوني، وأما الذين عليهم نور وظلمة فأولئك الذين يطيعوني ويعصوني فيخلطون أعمالهم السيئة بأعمال حسنة، فهؤلاء أمرهم إلى إن شئت عذبتهم فبعدلي وإن شئت عفوت عنهم فبفضلي، فأعلمه تعالى بالكائن قبل أن يكونوا ليزداد آدم يقينا بربه ويدعوه ذلك إلى توقيره وطاعته والتمسك بأوامره واجتناب زواجره. ثم قال: والاخبار التي جاءت بأن ذرية آدم استنطقوا فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي أخبار ناسخة، وقد
خلطوا فيها ومزجوا الحق بالباطل، والمعتمد ما ذكرناه، فإن تعلق متعلق بقوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) فظاهر هذا القول يحقق ما رواه أهل التناسخ والحشوية والعامة في انطاق الذرية وخطابهم وأنهم كانوا أحياء ناطقين، فالجواب عنه أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كتطايرها مما هو مجاز واستعارة، والمعنى فيها أن الله أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم وظهور ذرياته العهد عليهم بربوبيته من حيث أكمل عقله ودله بآثار الصنعة على حدوثه، وأن له محدثا أحدثه لا يشبهه يستحق
[ 45 ]
العبادة منه بنعمته عليه، فذاك هو أخذ العهد منهم وآثار الصنعة فيهم، والاشهاد لهم على أنفسهم بأن الله ربهم، وقوله تعالى: (قالوا بلى) يريد به أنهم لم يمتنعوا من لزوم آثار الصنعة فيهم
ودلائل حدثهم اللازمة لهم وحجة العقل عليهم في إثبات صانعهم، وكأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدوثهم ووجود محدثهم قال: ألست بربكم ؟ فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كأنهم قائلين بلى شهدنا. وقوله: (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) و (تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) ألا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكارهم ولا يستطعيون - انتهى كلامه. وأقول: أنت خبير بأن حديث أخذ الميثاق على العباد في عالم الذرو استنطاقهم فيه مشهور بين الفريقين منقول بطرق عديدة فلا مجال لانكاره، إلا أن بعض علماء القوم جد في الهرب عن ظاهره لما يرد عليه من الآية الشريفة، وذلك لان قوله تعالى: (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) إن كان هذا الاقرار عن ضرورة فلهم أن يقولوا يوم
القيامة شهدنا يومئذ، فلما زال عنا علم الضرورة ووكلنا إلى آرائنا فمنا من أصاب ومنا من أخطأ، وإن كان عن استدلال مؤيد بعصمة عن الخطأ فلهم أن يقولوا يوم القيامة شهادتنا يومئذ كانت مؤيدة بالعصمة، فلما زالت منا فمنا من أصاب ومنا من أخطأ، فيبطل الاحتجاج عليهم. ويمكن الجواب عن ذلك: أما على اعتقاد أن التكليف بالاقرار مطلوب من العباد في كل من العالمين فهو أن نقول: إنا نختار أن الاقرار كان عن ضرورة لبعد احتمال غيره. قولكم لهم: إن يقولوا يوم القيامة شهدنا يومئذ، فلما زال عنا علم الضرورة ووكلنا إلى آرائنا فمنا من أصاب ومنا من أخطأ. قلنا: غير مسلم أن العباد وكلوا إلى آرائهم في التكليف، وإنما هو عن علم ضروري أيضا لكنه مشروط بمقدمات نظرية مقدورة
[ 46 ]
مأمور بها، فمن ساعده جده وتوفيقه وصل إلى ذلك العلم الضروري وارتفع
الاحتجاج عليهم، ومن قصر عن تحصيل تلك المقدمات حرم علم الضرورة وقامت الحجة عليهم يوم القيامة. وأما على اعتقاد أن التكليف بالاقرار إنما هو في العالم الاول وبه تقوم الحجة على العباد دون الثاني وإنما وقع التكليف الثاني مؤكدا وكاشفا عنه، كما يشهد له بعض الاخبار فالحجة على العباد قائمة بلا تكلف. وبذلك يندفع المحظور الموجب لصرف كل من الآية والحديث عن الظاهر منهما. والله أعلم. قوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) [ 5 / 51 ] قال المفسر: الاتخاذ الاعتماد على الشئ في إعداده لامر، وهو إفتعال من الاخذ والاصل " إيتخاذ " فغير، أي لا تعتمدوا على الاستنصار بهم متوددين إليهم. قوله: (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل) [ 2 / 54 ] هو افتعال من الاخذ إلا أنه أدغم وأبدل، ثم توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه فعل يفعل وقالوا تخذ يتخذ من باب تعب تخذا بفتح الخاء
وسكونها. وقرئ (لتخذت عليه أجرا) حكاه الجوهري. قوله: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) [ 2 / 125 ] قرأ نافع وابن عامر واتخذوا على صيغة الماضي عطفا على جعلنا، وباقي القراء على صيغة الامر. قوله: (أخذ برأس أخيه يجره) [ 7 / 150 ] أي أخذ رأس أخيه. قوله: (خذوا ما آتيناكم بقوة) [ 2 / 63 ] أي تناولوا، من قولهم أخذت الشئ أخذا: أي تناولته. ومثله (فأخذتكم الصاعقة) [ 2 / 55 ] أي تناولتكم، وهي موت أو عذاب مهلك. وأخذه الله: أهلكه. وأخذه الله بذنبه: عاقبه عليه. والعامة تقول " وأخذه "، ومنه قوله: (ثم أخذتها) [ 22 / 48 ]. قوله: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) [ 2 / 225 ] قال في المصباح وقرأ بعض السبعة (يواخذكم) بالواو. قوله: (ويأخذ الصدقات) [ 9 / 104 ]
[ 47 ]
أي يقبلها إذا صدرت عن خلوص النية. قوله: (وأمر أهلك يأخذوا بأحسنها) [ 7 / 145 ] يعني ما فيها حسن وما هو أحسن كالاقتصاص والعفو والانتصار والصبر، فمرهم أن يأخذوا بما هو أدخل في الحسن وأكثر للثواب، كقوله (واتبعوا احسن ما أنزل اليكم) وقيل يأخذوا بما هو واجب أو ندب لانه أحسن من المباح. وفي الحديث " خذوا على يد الظالم السفيه " أي امنعوه عما يريد فعله وأمسكوا يده. ومثله " أخذت على يده "، وقيل اتقوا أخذ الآخذ يعني ابتداء الامور فيه. وأخذه بيده أخذا: تناوله. وأخذ من الشعر: قص. والاخذ من الشارب: قصه وقطع شئ من شعره. وأخت كذا يبدلون الذال تاء فيدغمونها في التاء، وبعضهم - وهو القليل - يظهر الذال. واتخذت صديقا: جعلته.
واتخذت مالا: كسبته. وآخذه بالمد مؤاخذة، ومنه قرئ آية (لا يؤاخذكم) بالواو كما سبق. ومن أمثال العرب " أخذته الاخذة " قال الفراء نقلا عنه: الاخذة السحر، ومنه قولهم " في يده أخذة " أي حيلة يسحر بها. والاخيذ: الاسير فعيل بمعنى مفعول، والمرأة أخيذة. وفي الخبر " وأنا آخذ بحجزكم " روى اسم فاعل بكسر خاء وتنوين ذال وفعل مضارع بضم خاء بلا تنوين. أ خ ر قوله تعالى: (وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا) [ 9 / 102 ] الآية. قيل: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله لما حاصر بني قريضة قالوا له: إبعث إلينا أبا لبابة نستشيره في أمرنا. فقال رسول الله الله: يا أبا لبابة ائتهم، فأتاهم، فقالوا له: يا أيا لبابة ما ترى أننزل على حكم محمد ؟ فقال:
أنزلوا واعلموا أن حكمه هو الذبح - وأشار إلى حلقه - ثم ندم على ذلك فقال: خنت الله ورسوله ونزل من حصنهم
[ 48 ]
ولم يرجع إلى رسول الله، ومر إلى المسجد وشد في عنقه حبلا وشده إلى الاسطوانة التي تسمى أسطوانة التوبة وقال: لا أحله حتى أموت أو يتوب الله علي، فبلغ رسول الله ذلك فقال: أما لو أتانا لاستغفرنا له الله تعالى فأما إذ قصد إلى ربه فالله أولى به، وكان أبو لبابة يصوم النهار ويأكل بالليل مما يمسك به رمقه، وكانت تأتيه ابنته بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة، فلما كان بعد ذلك ورسول الله صلى الله عليه وآله في بيت أم سلمة نزلت توبته، فقال: يا أم سلمة قد تاب الله على أبي لبابة (1). قوله: (والرسول يدعوكم في أخريكم) [ 3 / 153 ] أي في خلفكم فلم يلتفت منكم أحد، وأخريكم ليس بتأنيث آخر بكسر الخاء وإنما هو تأنيث آخر بفتح الخاء كفضلي وأفضل.
قوله: (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون) [ 7 / 34 ] هو من التأخير نقيض التقديم. قوله: (فإذا جاء وعد الآخرة) [ 17 / 7 ] أي قيام الساعة، والآخرة خلاف الدنيا. قوله: (ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة) [ 38 / 7 ] هي ملة عيسى عليه السلام لانها آخر الملل. قوله: (ولدار الآخرة خير) [ 6 / 32 ] أي ولدار الساعة الآخرة، لان الشئ لا يضاف إلى نفسه. قوله: (وآخر من شكله أزواج) [ 38 / 58 ] هو بفتح الخاء غير الاول، يعنى الحميم والغساق. والآخر أزواج. والآخر بكسر الخاء خلاف الاول، ومنه قوله تعالى: (هو الاول والآخر). وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى (هو الاول والآخر) فقال: ليس شئ إلا يبيد ويتغير أو يدخله التغيير والزوال إلا رب العالمين، فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة،
هو الاول قبل كل شئ وهو الآخر على ما لم يزل، لا يختلف عليه الصفات والاسماء كما تختلف على غيره مثل الانسان يكون ترابا مرة ومرة لحما ومرة
(1) تفسير البرهان ج 2 ص 155. (*)
[ 49 ]
دما ومرة رميما، وكالبسر الذي يكون مرة بلحا ومرة بسرا ومرة رطبا ومرة تمرا، فتتبدل عليه الاسماء والصفات والله بخلاف ذلك (1). وفي حديث آخر " الاول لا عن أول قبله ولا عن بدئ سبقه والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين ولكن قديم أول آخر لم يزل " (2). والآخر في أسمائه تعالى وهو الباقي بعد فناء خلقه، والمؤخر أيضا وهو الذي يؤخر الاشياء فيضعها مواضعها. ويوم النفر الآخر: اليوم الثالث من أيام التشريق، والنفر الاول اليوم الثاني منها. وآخر ليلة من الشهر: يحتمل التسع والسلخ.
والتأخير: نقيض التقديم. وجاء أخيرا: أي آخرا. وجاء آخرا مثل أخير. وفي الخبر " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله فكذا " (3) آخر يقرأ بالرفع والنصب، قيل ولا يشترط التلفظ عند الموت، إذ حكم الايمان بالاستصحاب والآخر يجمع على الاواخر الاخرى على الاخريات وأخر مثل كبرى وكبريات وكبر. ومنه قولهم: " جاؤا في أخريات الناس " أي في أواخرهم. وأخر جمع أخرى، وأخرى تأنيث آخر، وهو غير منصرف. قال تعالى: (فعدة من أيام أخر). وقوله: " آخر ما كلمهم " نصب على الظرف، أي في آخر ما كلمهم. وأخرته فتأخر، واستأخر مثل تأخر وفي الحديث " العشر الاواخر " الجمع لملاحظة الجنس أو لابانة الظاهر. وقوله: " يغفر ما بينه وبين الجمعة الاخرى " أي ما بين يوم الجمعة هذا وبين
الجمعة الاخرى أي الماضية والمستقبلة. و " شق ثوبه آخر ومن أخر " بضمتين فيهما أي من مؤخره. ومؤخر العين كمؤمن: الذي يلي
(1) تفسير البرهان ج 4 ص 286. (2) البرهان ج 4 ص 276. (3) من لا يحضر ج 1 ص 78. (*)
[ 50 ]
الصدغ، ومقدمها الذي يلي الانف - قاله الجوهري وغيره. أ خ و قوله تعالى: (يا أخت هرون) اي شبيهته في الزهد والصلاح، وكان رجلا عظيم الذكر في زمانه. وقيل: كان لمريم أخ يقال له هارون. قوله: (أخا عاد) هو هود (ع). قوله: (وأخاهم هودا) لانهم يجتمعون إلى واحد، ومنه " يا أخا العرب " للواحد منهم. قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم) الآية. قال الشيخ أبو علي (ره): (وقالوا لاخوانهم) أي لاجل إخوانهم،
وقوله: (ليجعل) يتعلق ب (قالوا) أي قالوا ذلك واعتقدوه ليكون حسرة في قلوبهم، ويكون اللام للعاقبة، كما في قوله: (ليكون لهم عدوا وحزنا)، ويجوز أن يكون المعنى " لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاه ليجعله الله حسرة في قلوبهم خاصة ويصون منها قلوبكم "، وإنما أسند الفعل إلى الله لانه سبحانه عند ذلك الاعتقاد الفاسد يضع الحسرة في قلوبهم ويضيق صدورهم، وهو قوله: (يجعل صدره ضيقا حرجا). قوله: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) يريد المشاكلة، لان الاخوة إذا كانت في غير الولادة كانت المشاكلة والاجتماع في الفعل، كقولك: " هذا الثوب أخو هذا الثوب ". ومنه قوله تعالى: (وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها) أي من التي تشبهها. ومنه قوله: " لي إخوان " أي أصدقاء. وفى الحديث: " المؤمن أخو المؤمن لابيه وأمه " (1) ومعناه كما جاءت به الرواية
عن سليمان الجعفري عن أبي الحسن (ع)، قال: " يا سليمان إن الله خلق المؤمنين من نوره، وصبغهم برحمته، وأخذ ميثاقهم لنا
(1) الكافي 2 / 168. (*)
[ 51 ]
بالولاية، فالمؤمن أخو المؤمن لابيه وأمه، أبوه النور وأمه الرحمة " الحديث (1). وفيه: " لم تتوا خوا على هذا الامر ولكن تعارقتم عليه " (2) والمعنى ان الاخوة كانت بينكم في الازل لا اليوم، وإنما التعارف اليوم. وفي الخبر: " أكرموا أخاكم " ويعني به نفسه (ع) هضما لها، أي أكرموا من هو بشر مثلكم. والاخ محذوف اللام وهي واو، وترد في التثنية على الاشهر، فيقال: " أخوان ". وفى لغة تستعمل منقوصا فيقال: " أخان " وجمع إخوة وإخوان - بالكسر فيهما. وضم الهمزة لغة، وجمعه بالواو والنون، وعلى " إخاء " كإباء أقل. والانثى " أخت " وجمعها " أخوات ". وتقول: " هو أخو الصدق " أي
ملازم له. و " أخو الغنى " أي ذو الغنى. و " خوة الاسلام " لغة في الاخوة. و " تآخيث الشئ " بمعنى قصدته وتحريته. وفي الجمل: قال بعض أهل العلم: سمي الاخوان لتآخي كل واحد منهما ما يتآخاه الآخر. و " آخى بين الرجلين " أي جعل بينهما أخوة. و " آخيت بين الشيئين " - بهمزة ممدودة وقد تقلب واوا على البدل - أي شابهت بينهما. وقالوا: " لا أخا لك " ويريدون المدح أو الذم. أ دب في الحديث: " إذك بالادب قلبك فنعم العون الادب " وفي حديث الوالد مع الولد: " واعلم أنك مسؤول عما وليته من حسن الادب " (3). الادب: حسن الاخلاق، وقد جمعت الاحاديث الفرض والسنة والادب،
(1) يذكر في " روح " حديث في لقاء الاخوان - ز. (2) الكافي 2 / 166. (3) تحف العقول ص 263. (*)
[ 52 ]
وظاهر العطف المغايرة. وأدبته أدبا - من باب ضرب: علمته رياضة النفس ومحاسن الاخلاق. وأدبته تأديبا مبالغة وتكثير. وفي الحديث: " خير ما ورث الآباء لابنائهم الادب ". قال مسعدة: يعني بالادب العلم (1) وفيه: " كان علي (ع) يؤدب أصحابه " أي يعلمهم العلم ومحاسن الاخلاق. وأدبته تأديبا: إذا عاقبته على إساءة، ومنه قوله (ع): " من فعل كذا فليؤدب ". وأدبته فتأدب: انتهى. وأحسن التأديب أن يكون من غير ضرب وعنف بل بلطف وتأن. وأدب أدبا - من باب ضرب -: صنع صنيعا ودعى الناس إليه. فهو آدب. واسم الصنيع " المأدبة " بضم
الدال وفتحها. أدد قوله تعالى: (لقد جئتم شيئا إدا) [ 19 / 89 ] أي ظلما ومنكرا عظيما، من الاد وهو الشئ المنكر العظيم. وفي حديث علي عليه السلام " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فقلت: ما أصبت من الادد والاود " الادد بكسر همزة جمع إدة بكسرها وتشديدها: الدواهي العظام، والاود العوج. و " أد " أبو قبيلة، وهو أدبن طائحة ابن إلياس بن مضر. و " أدد " أبو قبيلة من اليمن، وهو أدد بن زيد بن كهلان بن سبأ بن حمير - قاله الجوهري. وفي حديث الباقر عليه السلام " لم يزل بنو اسمعيل ولاة البيت يقيمون للناس حجهم وأمر دينهم يتوارثونه كابرا عن كابر حتى كان زمن عدنان بن أدد فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وأفسدوا وأحدثوا في دينهم وأخرج بعضهم بعضا،
(1) الحديث وتفسير مسعدة في الكافي ج 8 ص 150. ومسعدة هذا هو أبو محمد
أو أبو بشر مسعدة بن صدقة العبدي، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام له كتب. انظر رجال النجاشي ص 325. (*)
[ 53 ]
فمنهم من خرج في طلب المعيشة ومنهم من خرج كراهيه القتال، وفي أيديهم أشياء كثيرة من الحنيفية - يعني سنة إبراهيم - من تحريم الامهات والبنات وما حرم الله في النكاح، إلا أنهم كانوا يستحلون امرأة الاب وابنة الاخت، والجمع بين الاختين، وكان فيما بين إسمعيل وعدنان بن أدد موسى (ع). أدر في الحديث ذكر الادرة، وزان غرفة وهي انتفاخ الخصية، يقال أدر يأدر من باب تعب فهو آدر بهمزة ممدودة. ومنه الحديث " فإن أدرت خصيتاه فكذا ". والآدر: من يصيبه فتق في إحدى خصييه، والجمع أدر كحمر. أ د م في الخبر " نعم الادم الخل " الادم جمع إدام بالكسر مثل كتب وكتاب،
ويسكن. وروي " سيد إدامكم " لانه أقل مؤنة وأقرب إلى القناعة، ولذا قنع به أكثر العارفين. وفي بعض كتب أهل اللغة الادام فعال بفتح الفاء ما يؤتدم به مائعا كان أو جامدا ويجمع علي آدام كقفل وأقفال، يقال: أدم الخبز يأدمه بالكسر، وأدمت الخبز وأدمته باللغتين: إذا أصلحت إساغته بالادام. والادمة من الابل بالضم: البياض الشديد مع سواد المقلتين. وفي الناس: السمرة الشديدة. وآدم: أبو البشر، كرر الله قصته في سبع سور: في " البقرة " و " الاعراف " و " الحجر " و " بني إسرائيل " و " الكهف " و " طه " و " ص " لما تشتمل عليه من الفوائد. وأصله بهمزتين لانه أفعل إلا أنهم لينوا الثانية. قال الجوهري: فإذا احتجت إلى تحريكها جعلتها واوا في الجمع، لانها ليس لها أصل في الباء معروف، فجعلت الغالب عليها الواو. وقيل: سمي آدم من اللون. وقيل لانه
خلق من أدمة الارض، وهو لونها. وجمعها آدمون. وفي معاني الاخبار " معنى آدم: لانه خلق من أديم الارض الرابعة ". وقد تقدم مدة عمره وموضع قبره ووقت النفخ فيه في " صلل " ونقل أنه
[ 54 ]
عليه السلام لم يمت حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا. وأديم السماء: وجهها. وأديم الارض صعيدها وما ظهر منها. والاديم: الجلد المدبوغ، والجمع أدم بفتحتين. وفي الخبر " كانت مخدته صلى الله عليه وآله من أدم " أي من الجلود وفي آخر " كانت مرفقته من أدم ". أ د و والاداة: آلة الحرب من سلاح ونحوه. وفى الحديث ذكر الاداوه (1) - بالكسر - وهي المطهرة، والجمع الاداوى - بفتح الواو (2). وفي المصباح وغيره: هي إناء صغير من جلد يتطهر به ويشرب. والاداة - بالفتح -: الآلة، وأصلها
الواو، والجمع أدوات. أ د ى قوله تعالى: (وأداء إليه باحسان) أي إيصال إليه وقضاء. ومنه " وأدى دينه " و " أدى الامانة إلى أهلها " أي أوصلها. والاسم الاداء والتأدية. وفي الدعاء: " أوسع علي من رزقك ما أؤدي به أمانتي " أي أقضي ما ائتمنتني عليه من الحقوق. وفي حديث الميت مع ولده: " نؤديك إلى حفرتك " أي نوصلك إليها. وفيه: " من غسل ميتا وأدى فيه الامانة غفر الله له " ومعناه كما جاءت به الرواية أن لا يخبر بما رآه منه. وفي دعاء الاستنجاء: " الحمد لله الحافظ المؤدي " (3) - بتخفيف الدال - كأنه من أداه كأعطاه: إذا قواه وأعانه، إذ، إذ م ا وأما " إذ " فكلمة تدل على ما مضى من الزمان، ولها استعمالات: تكون ظرفا - وهو الغالب - نحو قوله
تعالى: (فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا).
(1) انظر التهذيب 1 / 355 (2) ويذكر الاداوة في " سمد " أيضا - ز (3) من لا يحضره الفقيه 1 / 11 (*)
[ 55 ]
ومفعولا به نحو قوله تعالى: (واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم)، (وإذ قال ربك للملائكة)، (وإذ فرقنا بكم البحر). وبدلا من المفعول نحو: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) فإذ بدل اشتمال من مريم. ومضافا إليها اسم زمان صالح للاستغناء عنه نحو " حينئذ " و " يومئذ "، وغير صالح له نحو: (بعد إذ هديتنا). وللشئ توافقه في حال أنت فيها، ولا يليها إلا الفعل تقول: " بينما أنا كذا إذ جاءني زيد ". واسما للزمن المستقبل نحو (يومئذ تحدث أخبارها). وللتعليل نحو (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم) أي لن ينفعكم اليوم إشراككم لاجل ظلمكم في الدنيا.
وزائدة نحو قوله: (وإذ واعدنا). وتكون " إذ " حرف جزاء إلا انه لا يجازي به إلا مع " ما ". تقول: " إذ ما تأتني آتك " كما تقول: " إن تأتني وقتا آتك ". إ ذ ا واما " إذا " التي لا تنون فلها معان: تكون ظرفا يستقبل بها الزمان، وفيها معنى الشرط نحو " إذا جئت اكرمتك " وللوقت المجرد نحو " قم إذا احمر البسر " أي وقت احمراره. ومرادفة للفاء، فيجازي بها كقوله تعالى: (وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون). وتكون للشئ توافقه في حال أنت فيها، وذلك نحو " خرجت فإذا زيد قائم " المعنى: خرجت ففاجأني زيد في الوقت بقيام. (تنبيه) قال بعض الاعلام: إذا دلت " إذا " على الشرط فلا تدل على التكرار على الصحيح. وقيل: تدل ك " كلما ". واختاره
ابن عصفور، قال: وكما لا تدل " إذا " على التكرار لا تدل على العموم على الصحيح، وقيل: تدل. وجعل من
[ 56 ]
فروعه أن يكون له عبيد ونساء فيقول: " إذا ولدت امرأتي فعبد من عبيدي حر " وولدت أربعا بالتوالي أو المعية فلا يعتق إلا عبد واحد وينحل اليمين. والخلاف في " متى " ومتى ما " في الدلالة على التكرار وعدمه كالخلاف في " إذا ". إ ذ ا، إ ذ ن و " إذا " الجوابية المبدلة نونها ألفا في الوقف في الاصح، عملها نصب المضارع بشرط تصديرها، واستقباله، واتصالها، أو انفصالها بالقسم، أو بلاء النافية. وعن جماعة من النحويين: إذا وقعت بعد الواو والفاء جاز الوجهان، نحو: (وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا)، (وإذا لا يؤتون الناس ثقيرا). وقرئ شاذا بالنصب فيهما.
وفي حديث شريح: " إذن لم تشترها بدرهمين " فاذن هي الجوابية. والاكثر وقوعها بعد " إن " و " لو "، ولكن اختلف في كتابتها، والمشهور بالالف، والمازني بالنون، والفراء كالجمهور إذا أعملت وكالمازني إذ أهملت. وإذن: حرف مكافأة وجواب، قال الجوهري: إن قدمتها على الفعل المستقبل نصب بها لا غير، وإن أخرتها الغيت وقلت أكرمك إذن، وإن كان الفعل بعدها فعل الحال لم تعمل فيها العوامل الناصبة. قال: وإذا وقفت على إذن قلت: إذا، كما تقول زيدا. أ ذ ن قوله تعالى (الاذن بالاذن) [ 5 / 48 ] هي بسكون الذال وضمها: معروفة. قوله (ويقولون هو أذن) [ 9 / 62 ] أي يسمع ما يجب استماعه، ويقبل ما يجب قبوله قوله: (قل هو أذن خير لكم) [ 9 / 62 ] أي أذن في الخير وليس أذنا في غير ذلك ورجل أذن بالسكون: يسمع كلام
كل أحد ويصدقه، ومنه حديث الاخلاء الماكرين. صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بشر عندهم أذن
[ 57 ]
ويروى أذنوا بالواو على لفظ الماضي يعني أذنوا في الكلام. وجمع الاذن آذان، ومنه قوله تعالى (فضربنا على آذانهم) [ 18 / 11 ]. قوله (وإذ تأذن ربك) [ 7 / 166 ] الخطاب للنبى صلى الله عليه وآله قال المفسر: معناه واذكر يا محمد إذ أذن واعلم ربك، فإن تأذن وأذن بمعنى. وقوله (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) [ 2 / 279 ] أي اعلموا بها من أذن بالشئ إذا علم به. وقرئ " فآذنوا " أي اعلموا غيركم والحرب من الله: النار، ومن الرسول: القتال. قوله (ثم أذن مؤذن) [ 12 / 70 ] أي ثم نادى مناد، يقال أذن: أعلم، واذن:
أكثر الاعلام. قوله (آذنتكم على سواء) [ 21 / 109 ] أي أعلمتكم، واستوينا في العلم معا. وآذنتنا: أعلمتنا. وآذناك: أعلمناك. قوله (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) [ 59 / 5 ] أي قطعها باذن الله وأمره (لنجزي الفاسقين). قوله (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) [ 2 / 102 ] أي بأمره تعالى لانه وغيره من الاسباب غير مؤثر بالذات بل بأمره تعالى. قوله (تؤتي أكلها كل حين باذن ربها) [ 14 / 25 ] أي بتيسير خالقها وتكوينه. قوله (لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا) [ 78 / 38 ]. روى معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام " قال سئل عن هذه الآية ؟ فقال: نحن والله المأذون لهم يوم القيامة، والقائلون صوابا، قال، جعلت فداك
ما تقولون ؟ قال: نمجد ربنا، ونصلي على نبينا، ونشفع لشيعتنا فلا يردنا ". قوله (وأذن في الناس بالحج) [ 22 / 27 ] أي ناد فيهم، والخطاب لابراهيم عليه السلام، والنداء في الحج " أن يقول حجوا وعليكم بالحج ". روي أنه صعد أبا قبيس فقال " أيها
[ 58 ]
الناس حجوا بيت ربكم " فاسمع الله صوته كل من سبق علمه بالحج، بأنه يحج إلى يوم القيامة، فأجابوه بالتلبية، في أصلاب الرجال. وفي حديث آخر " إن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت جائه جبرئيل عليه السلام فأمره أن يؤذن في الناس بالحج، فقال إبراهيم عليه السلام: يا رب وما مبلغ صوتي، قال الله تعالى أذن وعلي البلاغ، فعلا إبراهيم عليه السلام المقام وأشرف حتى صار كأطول الجبال، وأقبل عليه يمينا وشمالا، وشرقا وغربا، ونادى: يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت فأجيبوا ربكم،
فأجابه من كان في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لبيك اللهم لبيك ". قال بعض الاعلام: وفيه إشارات لطيفة منها: أن إجابة من كان في الاصلاب والارحام إشارة إلى ما كتب بقلم القضاء في اللوح المحفوظ من طاعة المطيع بهذه الدعوة على لسان إبراهيم عليه السلام، وما بعده من الانبياء وهم المراد بالسماع الذين أجابوا دعوته لحجهم، وصدقوا ما بلغه عن ربه تعالى. قوله (وأذنت لربها وحقت) [ 84 / 2 ] قال الشيخ أبو علي: الاذان الاستماع، يقول العرب: أذن لك هذا الامر إذنا بمعنى إستمع لك، ومعنى (أذنت لربها) أي استمعت وأطاعث في الانشقاق، وانقادت لتدبير الله، وحق لها أن تأذن بالانقياد لامر ربها الذي خلقها وتطيع له. ثم قال في قوله (وأذنت لربها وحقت) [ 84 / 5 ] الثانية: ليس هذا تكرارا ولكن الاول في صفة السماء والثاني في صفة الارض، وهذا كله من أشراط الساعة.
والاستيذان: طلب الاذن. قال تعالى (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) [ 24 / 58 ] الآية. أمر الله تعالى بأن يستأذن العبد والاطفال الذين لم يبلغوا الحلم من الاحرار ثلاث مرات في اليوم والليلة، قبل صلاة الفجر لانه وقت القيام من المضاجع ولبس الثياب، وبالظهيرة لانه وقت وضع الثياب للقايلة وبعد صلاة العشاء لانه وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاف بثياب النوم
[ 59 ]
وسمي كل وقت من هذه الاوقات عورة. وفى الحديث تكرر ذكر " الاذان " - وهو بفتح الفاء - لغة: الاعلام والاجازة، اما من الاذن بمعنى العلم أو من الاذن بمعنى الاجازة، وعلى التقديرين إما اصله الايذان كالامان بمعنى الايمان والعطاء بمعنى الاعطاء. أو هو فعال بمعنى التفعيل كالسلام والكلام بمعنى التسليم والتكليم. وشرعا: ألفاظ متلقاة من الشارع. والمئذنة بكسر الميم وسكون
الهمزة، المنارة. وأذنت له في كذا: أطلقت له في فعله. ومثله أذن لى في فعله. وأذنت للعبد في التجارة فهو مأذون له. والفقهاء يحذفون الصلة ويقولون العبد المأذون. (مجمع البيان ج 6 - 25) وفي الحديث " إن الله خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه وأمرهم ونهاهم فلا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذن ". قال بعض الشارحين: الاذن مقارن لحدوث الفعل والترك، وإن مصداقه الحيلولة أو التخلية، ومعناه ليس ما شاؤا صنعوا بل فعلهم معلق على إرادة حادثة متعلقة بالتخلية أو بالصرف، وفي كثير من الاحاديث " إن تأثير السحر موقوف على إذنه تعالى " وكأن السر في ذلك أنه تعالى قال: لا يكن شئ من طاعة أو معصية أو غيرهما كالافعال الطبيعية إلا بإذن جديد مني فيتوقف في كل حادث على الاذن توقف المعلول على شرطه
لا توقفه على سببه. والآذن بالمد: الحاجب. وإذينونة: - بكسر الذال وسكون الياء المثناة التحتانية، على ما صح في النسخ -: اسم لعابد العجل بأمر السامري، وهو أحد الخمسة الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله بذبحها، وأخوه ميذونة، وابن أخيه، وابنته، وامرأته. أ ذ ى قوله تعالى، (قل هو أذى) أي الحيض مستقذر يؤذي من يقربه نفرة منه، إذ الاذى هو ما يكره ويغتم به. (*)
[ 60 ]
قوله: (أذى من رأسه) كجراحة وقمل. قوله: (لن يصروكم إلا أذى) أي إلا ضررا يسيرا، كطعن وتهديد. قوله: (الذين آذوا موسى) قيل: هو إتهامهم إياه بقتل هارون، وقد كان صعد الجبل فمات هارون فحملته الملائكة ومروا به على بني اسرائيل ميتا، وقيل: رموه بعيب في جسده من برص أو أدرة (1) فأطلعهم الله على أنه برئ
من ذلك (2). قوله: (واللذان يأتيانها منكم فآذوهما) قيل: المراد اللواط، لاتيانه بلفظ التذكير، واكثر المفسرين على ارادة الزنا، والتثنية للفاعل والمرأة، وغلب التذكير، والمراد بالايذاء قيل: التعيير والتوبيخ والاستخفاف، فعلى هذا لا يكون منسوخا، لانه حكم ثابت مطلقا، بل المنسوخ الاقتصار عليه، وعلى الاول يعني اللواط، فالايذاء هو القتل، وهو أبلغ مراتبه. قوله: (يؤذون الله ورسوله) أي قالوا: (واتخذ الله ولدا)، وقيل: أولياءه. قوله: (وإذا أوذي في الله) أي في ذات الله وبسبب دين الله رجع عن الدين، وهو المراد ب (فتنة الناس) يعني يصرفهم ما مسهم من أذاهم عن الايمان، كما أن عذاب الله يصرف المؤمنين عن الكفر. وفى الحديث: " كل مؤذ في النار " وهو وعيد لمن يوذي الناس في الدنيا بعقوبة النار في الآخرة (3).
وفى حديث العقيقة: " أميطوا عنه الاذى " يريد به الشعر والنجاسة وما يخرج على رأس الصبي حين يولد مما يؤذيه.
(1) الادرة: انتفاخ الخصيين أو الانفتاق في أحدهما. (2) في الحديث، ان بنى اسرائيل كانوا يقولون: ان موسى آدر، من أجل أنه كان يغتسل وحده، وفيه نزل قوله تعالى: (ولا تكونوا كالذين آذوا موسى) فبرأه الله تعالى ما قالوا - م (3) يذكر الاذى في " قذا " ويذكر في " جفا " حديث في كف الاذى - ز (*)
[ 61 ]
وما روي: " من صيام أذى حلق الرأس " فالظاهر أن يراد به صيام أذى الشعر الموجب لحلق الرأس وما قاربه. و " أذى الطريق " ما يؤذي فيها من شوك ونجاسة ونحو ذلك. و " أذي الرجل أذى " من باب تعب: وصل إليه المكروه، فهو " أذ " مثل عم، وبعدي بالهمزة فيقال، " أذيته إيذاءا " والاذية: اسم منه. أ ر ب قوله تعالى حكاية عن موسى (ع): (ولي فيها مآرب أخرى) [ 20 / 18 ]
أي حوائج، واحدها " مأربة " مثلثة الراء. وقيل: كان يحمل عليها زاده وسقاءه، وكانت تحادثه، وكان يضرب بها الارض فيخرج منها ما يأكله يومه، ويركزها فيخرج منها الماء فإذا رفعها ذهب الماء، وكان يرد بها غنمه، وكانت تقيه الهوام باذن الله تعالى، وإذا ظهر له عدو حاربت وناضلت عنه، وإذا أراد الاستسقاء من البئر صارت شعبتاها كالدلو بستقي به، وكان يظهر على شعبتيها نور كالشمعتين تضئ له ويهتدي بها، وإذا اشتهى ثمرة من الثمار ركزها في الارض فتغصن أغصان تلك الشجرة وتورق وتثمر ثمرها. قوله تعالى: (غير أولي الاربة من الرجال) [ 24 / 31 ] قيل: هم البله الذين لا يعرفون شيئا من أمور النساء، وهو مروي عن أبى عبد الله عليه السلام (1) وقيل: الخصي. وقيل: الشيخ الفاني الذي لا حاجة له في النساء. وقيل: العبيد الصغار. وقرئ (غير) بالنصب على الحال وبالجر صفة للتابعين. وفي الحديث: " أولي
الاربة من الرجال: الاحمق الذي لا يأتي النساء " (2). وقيل: (غير أولي الاربة) أي النكاح، والاربة: الحاجة (3).
(1) في معاني الاخبار ص 162 والبرهان ج 3 ص 131 عن الصادق (ع) قال: هو الابله المولى عليه الذي لا ياتي النساء. (2) البرهان ج 3 ص 131. (3) انظر تفصيل هذه الاقوال في مجمع البيان ج 4 ص 138. (*)
[ 62 ]
و " الارب " مصدر من باب تعب، يقال: أرب الرجل إلى شئ: إذا احتاج إليه، هو آرب على فاعل. و " الارب " بالكسر مستعمل في العضو، والجمع " أر آب " مثل حمل وأحمال ومنه " السجود على سبعة أر آب " أي أعضاء وآر أب أيضا. والاريب: العاقل لا يختل عن عقله، ومنه قولهم: " يحرص عليه الاديب الاريب ". وتأريب الشئ: توفيره. ومأرب: موضع، ومنه ملح مأرب (1). و " الاربي " بضم الهمزة الداهية
و " الاربيان " بالكسر سمك معروف في بلاده (2). أ ر ث قد تكرر في الكتاب والسنة ذكر الارث، وهو الميراث، وأصل الهمز فيه الواو. وقوله (ع): " إنكم على إرث أبيكم إبراهيم " أي على ملته. والتأريث: إيقاد النار - قاله الجوهري. أ ر ج الارج والاريج: توهج ريح الطيب، يقال: أرج المكان أرجا مثل تعب تعبا: إذا فاحت منه رائحة طيبة. وأرجان - بتشديد الراء -: بلد بفارس وربما جاء بتخفيف الراء في الشعر (3) والنسبة إليه " الارجاني ". وفي الخبر " نهى عن القزو الارجوان " هو بضم همزة وسكون راء وضم جيم:
(1) " مأرب " بفتح الميم والهمزة وكسر الراء، ويقال بسكون الهمزة. انظر معجم ما استعجم ص 1180. ومراصد الاطلاع ص 1218. (2) " الاربيان " اسم فارسي معرب، وقد يحرف إلى الروبيان، وقد ذكره
الدميري في حياة الحيوان ج 1 ص 371. (3) قال المتنبي - كما في ديوانه ج 2 ص 270 -: ارجان ايتها الجياد فانه عزمى الذي يذر الوشيج مكسرا (*)
[ 63 ]
ورد أحمر شديد الحمرة يصبغ به. وفيه أيضا " لا أركب الارجوان " أي لا أجلس على ثوب أحمر، ولا أركب دابة على سرجها وسادة صغيرة حمراء. أ ر ح " أريحا " كزليخا وكربلا: اسم قرية الغور قريبا من القدس (1). أ ر خ التأريخ: تعريف الوقت، والتوريخ مثله. وأرخت الكتاب يوم كذا وورخته بمعنى. أ ر ر في خطبة علي عليه السلام " يفضي كإفضاء الديكة ويؤر بملاقحة الار " (2) بتشديد الراء: الجماع، يقال أريؤر أرا وهو مئر بكسر الميم أي كثير الجماع. وأر الفحل: نكح.
أ ر ز في الحديث " العلم يأرز كما تأرز الحية في جحرها " أي ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض. قال بعض الافاضل: كأنه إشارة إلى ما وقع بعده صلى الله عليه وآله في ابتداء الامر، حيث انحصر العلم في أهل العباء عليهم السلام وفي جمع قليل بعدهم من أتباعهم. ومثله " إن الاسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها " قال في النهاية: ومنه كلام علي عليه السلام " حتى يأرز إلى غيركم " (3). قال: ومنه كلامه الآخر " جعل الجبال للارض عمادا وأرزها فيا أوتادا " (4) أي أثبتها إن كانت الزاي مخففة، فهي من أرزت الشجرة تأرز: إذا ثبتت في الارض، وإن كانت مشددة فهي من أرزت الجرادة ورزت: إذا أدخلت ذنبها في الارض لتلقى فيها بيضها.
(1) في معجم البلدان ج 1 ص 165: اريحا بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة والحاء مهملة والقصر، وقد رواه بعضهم بالخاء المعجمة...
(2) نهج البلاغة ج 2 ص 88. (3) نهج البلاغة ج 2 ص 100. (4) نهج البلاغة ج 2 ص 218. (*)
[ 64 ]
وأرز فلان يأرز أرزا وأروزا: إذا تضام وتقبض من بخله. ومنه حديث أبي الاسود الدؤلي " إن فلانا إذا سئل أرز وإذا دعي إلى الطعام اهتز ". وفيه ذكر الارز: وفيه لغات أرز كقفل. وضم الراء للاتباع، وضم الهمزة والراء، وتشديد الزاي، والرابعة فتح الهمزة مع التشديد، والخامسة رز من غير همزة، والسادسة النز بالضم لغة في الارز. قال في المصباح: هي لعبد القيس كأنهم أبدلوا من إحدى الزائين نونا. والارزة بفتح الراء: شجر الارزن، وهو خشب معروف، وعن أبي عبيدة الارزة بالتسكين شجر الصنوبر والصنوبر ثمرها. وقوله " ولا يأرز من ثمرها شيئا "
أي لا ينقص. وقولهم " ولم ينظروا في أرز الكلام " أي في حصره وجمعه والتروي فيه. والمأرز: الملجأ. أ ر ش أرش الجناية: ديتها، والجمع أروش مثل فلس وفلوس. قال في المصباح: وأصله الفساد، من قولهم أرشت بين القوم تأريشا: أي أفسدت ثم استعمل في نقصان الاعيان لانه فساد فيها (1). والارش ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع. ومنها أروش الجنايات لانها جابرة للنقص. أ ر ض قوله تعالى: (ومن الارض مثلهن) [ 65 / 12 ] أي سبع أرضين. قيل ليس في القرآن آية تدل على ان الارضين سبع غير هذه الآية. قوله: (وما تدري نفس بأي أرض تموت) [ 31 / 34 ] قال عليه السلام: من قدم إلى قدم.
وأرضون بفتحتين جمع أرض، وهي مؤنثة اسم جنس يفرق بينه وبين واحده بالتاء، والجمع أرضات وآراض بالمد وأراضي على غير القياس.
(1) وفى المصباح ايضا بعد ما ذكر الذي هنا: ويقال اصله هرش. (*)
[ 65 ]
وعن أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الارض على أي شئ هي ؟ قال، على الحوت. قلت: فالحوت على أي شئ هي ؟ قال: على الماء. قلت: فالماء على أي شئ هو ؟ قال: على الصخرة. قلت: فعلى أي شئ الصخرة ؟ قال: على قرن ثور أملس. قلت: فعلى أي شئ الثور ؟ قال: على الثرى. قلت: فعلى أي شئ الثرى ؟ فقال: هيهات عند ذلك ضل علم العلماء. وروى فخر الدين في كتاب جواهر القرآن باسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لله أرض بيضاء مسيرة الشمس فيها ثلاثون يوما، هي مثل الدنيا ثلاثون مرة، مشحونة خلقا لا يعلمون أن الله خلق آدم ولا إبليس، ولا يعلمون من أن
الله يعصى في الارض. والارضة بالتحريك: دويبة صغيرة كنصف العدسة تأكل الخشب، وهي التي ذكرها الله في كتابه العزيز، ولما كان فعلها في الارض أضيفت إليها. ونقل عن القزويني في الاشكال أنه إذا أتى على الارضة سنة نبت لها جناحان طويلان تطير بهما، وهي الدابة التي دلت الجن على موت سليمان بن داود والنملة عدوها وهي أصغر منها، فتأتي من خلفها فتحملها إلى جحرها. أ ر ط في الحديث ذكر الارطى وهو شجر معروف ينبت بالرمل عروقه حمر، وهمزته على ما قيل أصلية لقولهم " أديم مأروط " إذا دبغ بذلك، وقيل زائدة للالحاق وليست للتأنيث لان الواحدة أرطاة. أ ر ف في الحديث " أي مال اقتسم وأرف عليه فلا شفعة فيه " أي حد وعلم. وفيه " الارف تقطع الشفعة " هي
الحدود والمعالم جمع أرفة مثل غرفة وغرف في النهاية ويقال بالثاء المثلثة أيضا. وفيه " قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة ما لم تورف " يعني ما لم يقسم المال ويحد. أ ر ق تكرر ذكر " الارق " في الحديث. هو بالتحريك: السهر.
[ 66 ]
وقد أرقت بالكسر أي سهرت. ورجل أرق: إذا سهر ليله، فإذا كان السهر من عادته قيل: أرق بضم الهمزة والراء، كذا نقلناه عن كتب اللغة. وأرقني تأريقا: أسهرني. والاراقة: شئ يبقى في الرحم يقال له الاراقة. وأراقه: أهرقه. وحمر مراق أي مبدر. والارقان: لغة في اليرقان وسيأتى ذكره. أ ر ك
قوله تعالى (على الارائك) [ 18 / 31 ] جمع أريكة وهو سرير منجد مزين في قبة أو بيت. وقيل هي سرير في حجلة من دونه ستر لا يكون إلا كذلك فلا يكون منفردا أريكة. وقيل هي كل ما اتكى عليه من سرير أو فراش أو منصة. وفي الحديث " إن أصحاب الاراك لاحج لهم " الاراك كسحاب شجر يستاك بقضبانه له حمل كعنا قيد العنب يملا العنقود الكف. والمراد به هنا موضع بعرفة من ناحية الشام قرب نمرة. وكأنه حد من حدود عرفة فالوقوف به ليس بوقوف فلا يكون مبرء للذمة. وأركت الابل: إذا رعت الاراك. أرم قوله تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد) [ 89 / 6 ] إرم كعنب غير منصرف، فمن جعله اسما لقبيلة قال إنه عطف بيان لعاد، ومن جعله اسما
لبلدتهم التي كانت إرم فيها أضافه إلى عاد، تقديره بعاد أهل إرم. وذات العماد إذا كانت صفة للقبيلة، والمعنى انهم كانوا بدويين أهل عمد أو طول الاجسام (1) على تشبيه مدورهم بالاعمدة، وإن كانت صفة للبلدة فالمعنى انها ذات أساطين. وروي أنه كان لعاد ابنان: شديد
(1) في نسخة: طوال الاجسام. (*)
[ 67 ]
وشداد، فملكا و قهرا ثم مات شديد وخلص الامر لشداد، فملك الدنيا، وسمع بذكر الجنة، فقال: أبني مثلها فبنى إرم في بعض صحارى عدن في ثلاثمائة سنة، وكان عمره تسعمائة، وهى مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت، وفيها أصناف الاشجار والانهار المطردة، ولما تم بناؤها وسار إليها بأهل مملكته، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة، بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا. والارم: حجارة تنصب في المفاوز يهتدي بها، يجمع على آرام وأروم كأضلع
وضلوع. وفي حديث الشيعة " وينقض بهم طي الجنادل من أرم " قيل فيه إشارة إلى استيلاء الشيعة على دمشق وحواليها وعلى من كان فيها من بني أمية. والاروم بفتح الهمزة: أصل الشجرة والقرن. قاله الجوهري: والارومة زنة أكولة: الاصل. أ ر ن ب في الخبر: " رأيت على أنف رسول الله صلى الله عليه وآله وأرنبته أثر الماء والطين " ومثله " كان يسجد على جبهته وأرنبته " الارنبة: طرف الانف عند الكل و " الارنب " واحدة الارانب هو حيوان يشبه العناق قصير اليدين طويل الرجلين عكس الزرافة، يطأ الارض على مؤخر قوائمه، وهو اسم جنس يطلق على الذكر والانثى.. قيل: وقضيب الذكر كذكر الثعلب أحد شطريه عظم والآخر عصصب.. وتسافد وهى حبلى، وتكون عاما ذكرا وعاما أنثى - كذا في حياة الحيوان (1).
وفي الحديث: " الارنب مسخ كانت إمرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها " (2). أ ر و الاروى - على أفعل -: الذكر من الوعول. ولا روية - بضم الهمزة وإسكان الراء
(1) انظر ج 1 ص 20 (2) بحار الانوار ج 15 ص 784. (*)
[ 68 ]
وكسر الواو وتشديد الياء - الانثي. والجمع: أراوى. وفى الخبر: (1) " إن يونس بن متى لما طرح بالعراء وأنبت الله عليه اليقطينة هيا له أروية وحشية ترعى في البرية وتأتيه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت لحمه ". أ ز ب في الحديث ذكر الميزاب. وفي المصباح: " المئزاب " بهمزة ساكنة و " الميزاب " للمبالغة، وجمع الاول " مآزيب " والثانى " ميازيب " وربما قيل: " موازيب "، من " وزب
الماء ": إذا سال، وقيل بالواو معرب، وقيل مولد، وعن ابن الاعرابي: يقال: للميزاب: " مرزاب " و " مزراب " بتقديم الراء المهملة وتأخيرها. والازب: الكثير الشعر. والازبة: الجذب. أ ز ج " الازج " بالتحريك: ضرب من الابنية، وهو ببت يبنى طولا، وجمعه " أزآج "، مثل سبب وأسباب، و " أزج " أيضا. أ ز د في حديث السواك " لما دخل الناس في الدين أفواجا أتتهم الازد أرقها قلوبا وأعذبها أفواها ". الازدهم ولد الازد بن الغوث أبوحي من اليمن. والازد أزد شنوة وعمان. أ ز ر قوله تعالى: (فآزره فاستغلظ) [ 48 / 9 ] أي أعانه. قوله: (اشدد به أزري) [ 20 / 31 ] أي قو به ظهري.
قوله: (وإذ قال إبراهيم لابيه آزر) [ 6 / 74 ] وقرئ آزر على النداء، واختلف فيه فذهب بعض أنه كان جد إبراهيم لامه، وقيل بل هو اسم أبى إبراهيم عليه السلام استدلالا بقوله
(1) الاشارة بقولنا: " في الخبر " إلى ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله، وبقولنا: " في الحديث " إلى ما روى عن أحد الائمة (ع) - م (*)
[ 69 ]
تعالى (قال لابيه آزر) وبما روي " أن آزر أبا إبراهيم كان منجما لنمرود " (1) وهو صريح في أن آزر أبو إبراهيم عليه السلام، وليس بشئ لانعقاد الاجماع من الفرقة المحقة على أن أجداد نبينا صلى الله عليه وآله كانوا مسلمين موحدين إلى آدم عليه السلام، وقد تواتر عنهم " نحن من أصلاب المطهرين وأرحام المطهرات لم تدنسهم الجاهلية بأدناسها ". وقد نقل بعض الافاضل عن بعض كتب الشافعية كالقاموس وشرح الهمزية لابن حجر المكي بأن آزر كان عم إبراهيم عليه السلام وكان أبوه تارخ، ومثله نقل بعض الافاضل أنه لا خلاف بين النسا بين
أن اسم ابي ابراهيم تارخ، وهذا غير مستبعد لاشتهار تسمية العم بالاب في الزمن السابق. وقد تكرر في الحديث ذكر الازار بالكسرو هو معروف يذكر ويؤنث، ومقعد الازار من الحقوين، والجمع في القلة والكثرة على آزرة وأزر مثل حمار وأحمرة وحمر، وفي كلام البعض من أهل اللغة الازار بالكسر: ثوب شامل لجميع البدن. وفي حديث الكفن قلت: فالازار ؟ قال: إنها لا تعد شيئا، إنما تصنع ليضم ما هناك لئلا يخرج منه شئ " (2). قال بعض الشارحين: أراد بقوله: " فالازار " الاستفسار من الامام عليه السلام أنه هل يستغنى عنه بهذه الخرقة أم لا ؟ ويمكن أن يكون مراده أن الازار هو الثالث من الاثواب، وبه يتم الكفن المفروض، فما هذه الرابعة ؟ فأجاب عنها بأنها غير معدودة من الكفن فلا يستغنى بها عن شئ من أثوابه ولا يزيدها قطع الكفن عن الثلاثة.
وفي الصحاح وغيره الميزر: الازار يلتحف به. وفي كتب الفقه ويذكرون المئزر مقابلا للازار ويريدون به غيره، وحينئذ لا بعد في الاشتراك ويعرف المراد بالقرينة. وفي الخبر " إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين " الازرة بالكسر: الحالة والهيئة
(1) تفسير علي بن ابراهيم 194. (2) الكافي ج 3 ص 145. (*)
[ 70 ]
ومنه الاتزار كالركبة والجلسة. وفي الحديث القدسي " العظمة إزاري والكبرياء ردائي " وقد مر البحث في ردا. وفي حديث العشر الاواخر من شهر رمضان " وشد المئزر " (1) أي الازار كنى به عن اعتزال النساء، وقيل أراد التشهير للعبادة، يقال شددت لهذا الامر مئزري، أي تشمرت له، قيل ويحتمل الحقيقة فلا يستبعد أن يكون قد شد مئزره ظاهرا وتفرغ للعبادة زائدا على المعتاد. وفي حديث علي عليه السلام " كان النساء يصلين مع النبي صلى الله عليه وآله
فكن يؤمرن أن لا يرفعن رؤوسهن قبل الرجال لضيق الازر " بتقديم الزاى المعجمة على الراء المهملة. جمع إرار وهو ما يتزر به ويشد في الوسط، وقد اضطربت النسخ هنا: ففي بعضها ما ذكرناه، وفي بعضها " لضيق الازز " بزايين معجمتين، وفي بعضها " لضيق الارز " براء مهملة ثم زاي معجمة، وفي بعضها غير ذلك والاظهر الاول، وذلك أن الرجال كانوا يستعملون الازر في غالب أوقاتهم، وإذا كانوا قدام النساء فربما يبدو حجم عوراتهم عند سجودهم لضيق أزرهم، فلو رفعن النساء رؤوسهن قبل الرجال لرأين ما رأين وإذا تأخرن عن ذلك لم يرين شيئا من ذلك، فلذلك نهين عن ذلك. ولقد عرضت هذا التوجيه على بعض مشائخ العصر فاستحسنه، ثم ظفرت بعد ذلك بحديث في مكارم الاخلاق يشهد له، هو ما رواه زرارة عن أبى جعفر عليه السلام في قصة الستر الذي قطعة رسول الله صلى الله عليه وآله لاهل الصفة.. إلى أن قال: ثم دعى رسول الله أهل الصفة
قوما من المهاجرين لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسمه بينهم قطعا وكان طويلا لا عرض له، ثم جعل يدعو الرجل منهم العاري الذى لا يستتر بشئ فجعل يؤزر الرجل، فإذا التقى عليه قطعه حتى قسمه بينهم أزرا، ثم أمر النساء لا يرفعن رؤوسهن من الركوع والسجود حتى ترفع الرجال رؤوسهم، وذلك أنهم كانوا من * (هامش) (2) هذا اللفظ مذكور في النهاية (ازر)، اما في الكافي ج 4 ص 175 ومن لا يحضر ج 2 ص 120 فلفظ الحديث " وشمر المئزر ". (*)
[ 71 ]
صغر أزرهم إذا ركعوا وسجدوا بدت عوراتهم من خلفهم، فجرت بذلك السنة أن لا يرفعن النساء رؤوسهن من الركوع والسجود حتى يرفع الرجال - إلى آخر الحديث. وهو نص في المطلوب. وأتزرت: لبست الازار، وأصله بهمزتين الاولى همزة وصل والثانية فاء افتعلت، وفي المجمع وغيره " هي مؤتزرة في حال الحيض " أي مشدودة الازار ولا يقال منزرة لان الهمزة لا تدغم في التاء. وأزرت الخائط بالتشديد تأزيرا:
جعلت له من أسفله كالازار. وفي الحديث " إذا كان الغلام شديد الازرة كبير الذكر حاد النظر فهو ممن لا يرجى خيره " قيل كأن المراد بالازرة القوة وبحدة النظر إلى المحارم، وليس بمستبعد. أ زز قوله تعالى: (إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا) [ 19 / 83 ] أي تزعجهم إزعاجا، وقيل أي تغريهم على المعاصي، من الاز وهو التهيج والاغراء قال الشيخ أبو علي: المعني ثم خاطب الله تعالى نبيه فقال: (ألم تر) يا محمد (إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين) أي خلينا بينهم وبين الشياطين إذا وسوسوا إليهم ودعوهم إلى الضلال حتى أغووهم، ولم نخل بينهم وبينهم بالالجاء ولا بالمنع وعبر عن ذلك بالارسال على سبيل المجاز والتوسع، كما يقال لمن خلى بين الكلب وغيره أرسل كلبه عليه عن الجبائي، وقيل معناه سلطناه عليهم، وهو في معنى التخلية أيضا (1).
وفي تفسير علي بن ابرايم نزلت الآية في مانع الخمس والزكاة، والمعروف، يبعث الله عليهم سلطانا أو شيطانا فينفق ما يجب عليه من الزكاة والخمس في غير طاعة الله ثم يعذبه على ذلك (2). وفى الحديث " أجد في بطني أزا أو ضربانا " أراد بالاز التهيج والغليان الحاصل في بطنه، من أزت القدر: أشتد غليانها وتهيجها. وفي بعض النسخ " أذى " ومعناه واضح. والازيز: صوت الرعد، وصوت غليان
(1) مجمع البيان ج 3 ص 531. (2) تفسير علي بن ابراهيم ص 413. (*)
[ 72 ]
القدر أيضا. ومنه الخبر " كان يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء " أي خنين بالخاء المعجمة، وهو صوت البكاء، وقيل أن تجيش جوفه وتغلى بالبكاء. والمرجل قدر من نحاس. ومجلس أزز: أي ممتلئ بالناس كثير الزحام ليس فيه متسع. أزف
قوله تعالى: (أزفة الآزفة) [ 53 / 57 ] أي قربت القيامة ودنت، سميت بذلك لقربها، لان كل ما هو آت قريب. يقال أزف شخوص فلان أزفا من باب تعب وأزوفا: أي قرب. ومثله قوله: (وأنذرهم يوم الآزفة) [ 40 / 18 ]. أزل في الدعاء " اللهم اصرف عني الازل " هو بالسكون: الشدة والضيق. وقد أزل الرجل يازل كضرب يضرب أزلا: إذا صار في ضيق وحبس. والازل بالتحريك: القدم. ومنه يقال أزلي أي قديم. وقيل إن أصله ياء من قولهم للقديم لم يزل ثم نسب إليه فقيل يزلي فأبدلت الياء همزة. وصفات الازل: صفات الذات. ومن صفاته تعالى ديمومي في المستقبل أزلي في الماضي. أزم
المازم وزان مسجد: الطريق الضيق بين الجبلين، متسع ما ورائه، والميم زائدة كأنه من الازم: القوة والشدة. ويقال للموضع الذي بين عرفة والمشعر: مأزمان وأزم علينا الدهر يأزم أزما من باب ضرب: إشتد وقل خيره. والازمة: اسم منه وهي الشدة والقحط. وأزم من باب تعب لغة وأزم القوم أمسكوا عن الطعام. قال بعض أهل اللغة: والمشهور أرم القوم بالراء المهملة والميم المشددة. والازم: الصمت. ومنه حديث علي عليه السلام " ثم أزم ساكتا طويلا ثم رفع رأسه ". أزى
[ 73 ]
في الخبر: " فرفع يديه حتى أزتا شحمة أذنيه ". الازاء - بالكسر -: المحاذاة والمقابلة، يقال: " آزينا العدو وأزيناهم " أي قابلناهم. وروي في صلاة الخوف بالواو، وأنكره
الجوهري. وقولهم: " هو بأزائه " أي بحذائه. و " هاشمي لا يوازى " أي لا يحاذي ولا يقابل، لهيبته وعظم شأنه. أ س ت " الاستان " بالضم: أربع كور ببغداد عالي وأعلا وأوسط وأسفل (1)، من أحدها هبة الله بن عبد الله الاستاني ومنه الحديث: " فأهل الارض يقولون هي أرضهم وأهل الاستان يقولون من أرضنا ". أ س د الاسد معروف، وسمي أسدا لقوته من استأسد النبت: إذا قوي. وأسد جد أمير المؤمنين عليه السلام لامه فاطمة. وجمع أسد أسود وأسد وأسد وآسد وآساد مثل أجبل وأجبال، والانثى أسدة. وللاسد أسماء كثيرة ذكرها في حياة الحيوان. وعن ابن خالويه للاسد خمسمائة اسم وصفة. وزاد عليه علي بن القاسم اللغوي مائة وثلاثين اسما.
قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان: إن الانثى لا تضع إلا جروا واحدا تضعه لحما ليس فيه حس ولا حركة، فتحرسه كذلك ثلاثة أيام ثم يأتي بعد ذلك أبوه فينفخ فيه المرة بعد المرة حتى يتحرك ويتنفس وتنفرج أعضاوه وتتشكل صورته، ثم تأتي أمه فترضعه ولا تفتح عيناه إلا بعد سبعة أيام، فإذا مضت عليه ستة أشهر كلف الاكتساب لنفسه بالتعليم. قالوا: وللاسد من الصبر على الجوع وقلة الحاجة إلى الماء ما ليس غيره من السباع، ولا يأكل من فريسة غيره، وإذا شبع من
(1) الاستان العالي: كورة في غربي بغداد تشتمل على اربعة طساسيج، وهى الانبار، وباروريا، وقطر بل، ومسكن، ومعنى الاستان كالرستاق. انظر مراصد الاطلاع ص 70. (*)
[ 74 ]
فريسته تركها ولم يعد إليها، ولا يشرب من ماء ولغ فيه كلب - كذا في حياة الحيوان. أ س ر قوله تعالى: (وشددنا أسرهم) [ 76 / 28 ] أي قوينا خلقهم، فبعض الخلق
مشدود إلى بعض لئلا يسترخيان. قوله: (مسكينا ويتيما وأسيرا) [ 76 / 8 ] الاسير الاخيذ، أخذا من الاسار بالكسر وهو القد، كانوا يشدون الاسير بالقد فسمي كل أخيذ أسيرا وإن لم يؤسر به، يقال أسرت الرجل أسرا وإسارا من باب ضرب فهو أسير ومأسور وامرأة أسير أيضا والجمع أسرى وأسارى كسكرى وسكارى وفي الحديث " الاسير عيال الرجل ينبغي إذا زيد في النعمة يزيد أسراؤه في النعمة عليهم ". وفي حديث الحسن عليه السلام " كان رسول الله صلى الله عليه وآله يؤتى بالاسير فيدفعه إلى بعض المسملين فيقول: أحسن إليه، فيكون عنده اليومين والثلاثة، وكان أسيرهم يومئذ مشرك. و " الاسار " بالكسر مصدر أسرته أسرا وإسارا، ومنه الدعاء " فأصبح طليق عفوك من إسار غضبك " والاسار أيضا: الحبل. وأسرة الرجل وزان غرفة: رهطه وعشيرته وأهل بيته لانه يتقوى بهم.
والاسر: الجميع، ومنه أخذه بأسره أي جميعه والقبيلة بأسرها. أ س س قوله تعالى: (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله) [ 9 / 109 ] الآية. قال المفسر: المعنى أفمن أسس بنيان دينه على قاعدة محكمة، وهو الحق الذي هو تقوى الله ورضوانه (خير أم من أسس) على قاعدة هي أضعف القواعد وأقلها بقاءا وهو الباطل. والمسجد الذي أسس على التقوى، وقد تقدم الكلام فيه. وفي الحديث: إذا قام القائم رد البيت إلى إساسه ورد مسجد الرسول إلى إساسه ورد مسجد الكوفة إلى إساسه " الاساس على فعال بكسر الفاء جمع أس بالضم كخفاف جمع خف، والاس أصل البناء، ومنه " الامامة الاسلام النامي
[ 75 ]
أصله ". وفى المصباح أس الحائط بالضم وجمعه أساس كقفل واقفال، وربما قيل إساس
مثل عس وعساس، وجمعه أمس مثل عناق وعنق. وفي المصباح الاساس: أصل البناء، والاسس مقصور منه، وجمع الاساس اسس مثل قذال وقذل، وجمع الاسس آساس مثل سبب وأسباب. أ س ف قوله تعالى: (غضبان أسفا) [ 8 / 150 ] أي شديد الغضب متلهفا على و " إساف " ككتاب وسحاب صنم قوله: (يا أسفا على يوسف) [ 12 / 84 ] أي يا حزناه عليه. والاسف: الحزن. قوله: (فلما آسفونا انتقمنا) [ 43 / 55 ] أي أغضبونا. وفى الحديث عن الصادق عليه السلام " إن الله لا يأسف كأسفنا، ولكن خلق أولياء يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مربوبون، فجعل رضاهم رضا نفسه.. قال تعالى: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها.. قال عليه السلام: وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من
الاشياء مما يشاكل ذلك، ولو كان يصل إلى الله الاسف والضجر وهو الذي خلقهما وأنشأهما لجاز لقائل هذا أن يقول: إن الخالق يبيد لانه إذا دخله الغضب والتضجر جاز عليه التغيير، وإذا دخل عليه التغيير لم يؤمن عليه الابادة ولم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور ولا الخالق من المخلوق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " (1). و " أساف " ككتاب وسحاب صنم وضعه عمرو بن يحيى على الصفا ونائلة على المروة، وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة، وهما اساف بن عمرو ونائلة بنت سهل كانا شخصين من جرهم ففجرا في الكعبة فمسخا حجرين فعبدتهما قريش، وقالوا لو لا أن الله رضي أن يعبد هذان ما حولهما عن حالهما. وفي الخبر " لا تقتلوا أسيفا " الاسيف:
(1) البرهان ج 4 ص 150. (*)
[ 76 ]
الشيخ الفاني، وقيل العدو، وقيل الاسير. و " يوسف " النبي عليه السلام ولد
يعقوب، ومعناه مأخوذ من أسف أي غضب، لانه أغضب أخوته بما ظهر من فضله عليهم وشدة محبة والده له، وفيه ستة أوجه ضم السين وكسرها وفتحها مع الهمزة وتركها، وفي كتب السير عاش يوسف مائة وعشرين سنة. أ س ل في حديث وصفه عليه السلام " كان أسيل الخد " أي طويله. والاسالة في الخد: الاستطالة. والاسل بالتحريك: شجر الرمان ويقال كل شجر له شوك طويل فشوكه: أسل. أ س م أسامة: اسم رجل. وأبو أسامة: كنية زيد: متبني رسول الله صلى الله عليه وآله، قاله في المغرب. ويقال للاسد: أسامة قال الجوهري: وهو معرفة. أس ن قوله تعالى: (ماء غير آسن) [ 47 / 15 ] أي غير متغير كالآجن المتغير
الطعم، يقال: أسن الماء أسونا من باب قعد. ويأسن بالكسر أيضا: تغير فلم يشرب فهو آسن على فاعل. وأسن أسنا فهو أسن مثل تعبا فهو تعب لغة قاله في المصباح. أ س و قوله: (أسوة حسنة) هي بكسر الهمزة وضمها: القدوة أي إئتمام واتباع. ومنه الحديث: " لك برسول الله أسوة وبعلي أسوة ". ومنه قولهم: " تأسيت واتسيت ". و " المال أسوة بين الغرماء " أي شركة ومساهمة بين غرماء المفلس لا ينفرد به أحدهم دون الآخر. وفي الحديث: " مواساة الاخوان " وهي مشاركتهم ومساهمتهم في الرزق والمعاش. قيل: ولا يكون إلا عن كفاف لا عن فضلة، وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا.
[ 77 ]
و " تآسوا " أي آسى بعضهم بعضا، قال الشاعر:
وإن الاولى بالطف من آل هاشم تآسوا فسنوا للكرام تأسيا أ س ى قوله تعالى: (ولا تأس على القوم الفاسقين) أي لا تحزن. قوله: " آسى " أي أحزن، من قولهم: أسي أسى - من باب تعب: حزن، فهو آس أي حزين. وآسية بنت مزاحم: امرأة فرعون - عليها الرحمة - روي: " انها لما عاينت المعجزة من العصا وغلبة السحرة أسلمت، فلما بان لفرعون ذلك نهاها، فأبت، فأوتد يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس، ثم أمر أن تلقى عليها صخرة عظيمة، فلما قرب أجلها قالت: (رب ابن لي عندك بيتا في الجنة) فرفعها الله تعالى إلى الجنة، فهي فيها تأكل وتشرب " (1). وعن الحسن (ع): " هو أن آسية امرأة فرعون كلما أراد فرعون أن يمسها تمثلت له شيطانة يقاربها " (2). وكذلك في عمر مع أم كلثوم (3).
أ ش ب الاشابة: اخلاط الناس. وأشب القوم: خلط بعضهم ببعض، وتأشبوا حوله: اجتمعوا إليه وطافوا به. أ ش ر قوله تعالى: (سيعلمون غدا من الكذاب الاشر) [ 54 / 26 ] الاشر بكسر الشين الفرح البطر، كأنه يريد كفران النعمة وعدم شكرها.
(1) نقل ذلك عن الحسن وابن كيسان - كما في مجمع البيان وروح البيان -، وأما ما رواه عن الحسن (ع) فيما بعد فانما هو بيان لكيفية نجاة آسية من فرعون حينما دعت بقولها: (ونجني من فرعون وعمله) ولكنني لم أظفر عليه في كتب الحديث - ن. (2) يذكر في " مرا " شيئا في آسية، وكذا في " خدج " و " ذرر " - ز. (3) كما في البحار ج 9 ص 619 - 620 نقلا عن كتاب الخرائج للراوندي - ن. (*)
[ 78 ]
و " المنشار " بالنون، وهو ما يشق به الخشب، يقال نشرت الخشبة وأشرتها ووشرتها وشرا من باب قتل: شققتها بالمنشار. والخشبة مأشورة، والجمع مآشير ومواشير. وتأشير الانسان: تحديد أطرافها.
ومنه " لعنت الاشيرة والمأشورة ". أ ش ش الاشاش والهشاش: الطلاقة والبشاشة أ ص ر قوله تعالى: (وأخذتم على ذلكم إصري) [ 3 / 81 ] الاصر بالكسر: العهد، وسمي العهد إصرا لانه مما يوصر أي يشد ويعقد. والاصر: الذنب أيضا. وحمل عليه قوله تعالى (ولا تحمل علينا إصرا) [ 2 / 286 ] أي ذنبا يشق علينا، وقيل عهدا نعجز عن القيام به، قيل وأصل الاصر الضيق والحبس، يقال أصره يأصره: إذا ضيق عليه وحبسه، ويقال للثقل اصرا لانه يأصر صاحبه من الحركة لثقله. قوله تعالى: (ويضع عنهم إصرهم) [ 7 / 157 ] هو مثل لثقل تكليفهم، نحو قتل الانفس في التوبة، وكذلك الاغلال وفي الخبر " من كسب مالا من حرام فأعتق منه كان ذلك عليه إصرا " أي عقوبة.
ومثله " إذا أساء السلطان فعليه الاصره وعليكم الصبر ". أ ص ط ب ل الاصطبل: موضع الدواب بلغة أهل الشام. ومنه إصطبل يزيد والجمع أصارب. وفي المصباح هو عربي. وقيل معرب وألفه أصلية. قال الجوهري لان الزيادة لا تلحق بنات الاربعة من أوائلها إلا الاسماء الجارية على أفعالها، وهي من الخمسة أبعد. أ ص ل قوله تعالى (بكرة وأصيلا) 25 / 5 ] الاصيل كأمير: ما بين العصر إلى المغرب. وجمعه أصل بضمتين، ثم آصال بالمد. قال تعالى (بالغدو والآصال)
[ 79 ]
[ 7 / 204 ] أي بالعشي. والاصل: واحد الاصول التي منها الشئ. وأصل الشئ معروف والجمع الاصول.
وفي الحديث " لا يحل لكم أن تظهروهم على أصول دين الله " لعل المراد به الولاية ونحوها مما لا يوافق مذهبهم. وقولهم فلان لا أصل له ولا فصل له الاصل: الحسب. والفصل: اللسان. ومجد أصيل: ذو أصالة. وقد يعبر عن الامام بالاصل كما في بعض تراجم الرجال. وفي حديث الدجال " كان رأسه أصلة " هي بفتح الهمزة والصاد: الافعى. وقيل هي الحية العظيمة الضخمة القصيرة. والعرب تشبه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية. ويسمى علم الكلام بأصول الدين لان سائر العلوم الدينية من الفقه والحديث والتفسير متوقفة على صدق الرسول: وصدقه متوقف على وجود المرسل وعدله وحكمته وغير ذلك مما يبحث عنه في هذا العلم فلذلك سمى بهذا الاسم. واستأصل الشئ: إذا قطعه من أصله. ومنه الحديث " إستأصل شعرك يقل
درنه " أي وسخه. ومنه " إذا استؤصل اللسان ففيه الدية " أي إذا قطع من أصله وقيل هي الهالكة المهزولة من قولهم إستأصل الله الكفار أي أهلكهم جميعا. وقولهم ما فعلته أصلا بمعنى ما فعلته قط ولا أفعله أبدا. وانتصابه على الظرفية أي ما فعلته وقتا ولا أفعله حينا من الاحيان. وكل إنسان أصله عقله. قيل هو إشارة إلى أن العمدة في الانسان النفس الناطقة لا الهيكل المحسوس. فأصالة الانسان ترجع إلى أصالة نفسه الناطقة، ومن خواص النفس الناطقة العقل. أ ط ر في الحديث " من السنة أن تأخذ الشارب حتى تبلغ الاطار " (1) هو
(1) مكارم الاخلاق ص 74. (*)
[ 80 ]
ككتاب: حرف الشفة الاعلى الذي يحول بين منابت الشعر والشفة، وكل شئ إحاط بشئ فهو إطار له، ومنه " إطار
الحافر ". أ ط م في الخبر " كان يؤذن على أطم المدينة " الاطم بضمتين، وقد يسكن الثاني، والاطام بكسر الهمزة وفتحها مع مد: جمع. وأطمة كأكمة: واحده، وهي: حصون لاهل المدينة. أ ف د أفد كفرح: أسرع وأبطأ ضد - قاله في القاموس. وأفد أيضا: أزف ودنى كأستافد، فهو أفد على فعل. والافد محركة: الاجل والامد. أ ف ف قوله تعالى: (ولا تقل لهما أف) [ 17 / 23 ] الاف كلمة يقال لما ينضجر منه ويستثقل، ومنه قوله: (أف لكم ولما تعبدون) [ 21 / 67 ] وفيها على ما قيل تسع لغات أف بحركات ثلاث بغير تنوين وبالحركات الثلاث مع التنوين وأفة وأف وأف، والافصح ما ورد به الكتاب: وذكر في القاموس أربعين لغة،
واقتصر في الصحاح على ست. ومنه الحديث " إذا قال الرجل لاخيه أف انقطع ما بينهما من الولاية ". وأففت بفلان تأفيفا: إذا قلت له أف لك. وأما قولهم أف وتف فذكر في المجمل عن تغلب أنه قال الاف: قلامة الظفر، وقال غيره الاف ما رفعته من الارض من عود أو قصبة. وفي الخبر " ألقى ثوبه على أنفه ثم قال أف أف " قال في النهاية: ومعناه الاستقذار لما شم. أ ف ق قوله تعالى (ولقد رآه بالافق المبين) [ 81 / 23 ] تقدم في (رأى). وفي الحديث ذكر " الافق " هو بضم الفاء والعين: الناحية، والجمع آفاق. ومنه آفاق السماء لنواحيها. ومنه ما ورد في شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وآله: وأنت لما ولدت أشرقت الارض
[ 81 ]
وضائت بنورك الافق وضائت لغة في أضائت. والافق من الناس على ما في الحديث مائة ألف أو يزيدون. أ ف ك قوله تعالى (والمؤتفكة أهوى) [ 53 / 53 ] قيل هي القرى التي ائتفكت بأهلها أي انقلبت وهم قوم لوط. وأهوى أي رفعها إلى السماء على جناح جبرئيل ثم أهوى بها إلى الارض أي أسقطها. وقيل المؤتفكة البصرة، يدل عليه قول أمير المؤمنين عليه السلام " يا أهل المؤتفكة، يا جند المرأة، وأتباع البهيمة - إلى أن قال - لعنتم على لسان سبعين نبيا ". إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أن جبرئيل عليه السلام أخبره أنه طوى له الارض فرأى البصرة أقرب الارضين من الماء وأبعدها عن السماء. وفيها تسعة أعشار الشر والدواء العضال، المقيم فيها بذنب والخارج منها برحمة ".
وقد أئتفكت بأهلها مرتين وعلى الله الثالثة، وتمام الثالثة في الرجعة. وفي الخبر " البصرة إحدى المؤتفكات " يعني أنها غرقت مرتين فشبه غرقها بانقلابها. والافك: أسوء الكذب وأبلغه. وفيل هو البهتان. والمشهور فيه كسر الهمزة وإسكان الفاء. وجاء فتحها والجمع الآفاك. وأفك كضرب وعلم. ورجل أفاك بالتشديد: كذاب. ومنه قوله (تنزل على كل أفاك أثيم) [ 26 / 222 ] أي كذاب صاحب الاثم الكبير. والمراد بهم الكهنة كشق وسطيح (1) ونحوهم كان الشياطين قبل أن يحجبوا بالرجم يسمعون إلى الملا فيختطفون بعض ما يتكلمون به مما اطلعوا عليه من الغيوب ثم يلقون ما يسمعونه أي يوحون به إليهم. قوله تعالى (ان الذين جاؤا بالافك
(1) يأتي الكلام عنهما في الجزء السادس ص 305. (*)
[ 82 ]
عصبة منكم) [ 24 / 11 ] الآية. قال الشيخ علي بن إبراهيم رحمه الله: إن العامة روت أنها نزلت في عائشة ومارية في غزوة بني المصطلق من خزاعة. وأما الخاصة فإنهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة. روي عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما هلك إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله حزن عليه حزنا شديدا. فقالت عائشة: ما الذي يحزنك عليه فما هو إلا ابن جريح ! فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا وأمره بقتله فذهب علي عليه السلام إليه ومعه السيف. وكان جريح القبطي في حائط فضرب علي عليه السلام باب البستان فأقبل جريح ليفتح الباب فلما رأى عليا عرف في وجهه الشر فأدبر راجعا ولم يفتح باب البستان فاتبعه فولى جريح مدبرا.
فلما خشي أن يرهقه صعد في نخلة وصعد علي عليه السلام في أثره فلما دنى منه رمى جريح بنفسه من فوق النخلة فبدت عورته. فإذا ليس له ما للرجال وما للنساء فانصرف علي عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال له: يا رسول الله إذ بعثتني في الامر أكون فيه كالمسمار المحمي في النار أم أثبت ؟ فقال: تثبت. فقال: والذي بعثك بالحق ماله ما للرجال ولا ما للنساء. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي صرف عنا السوء أهل البيت. وفي حديث آخر " فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال صلى الله عليه وآله له: ما شأنك يا جريح ؟ فقال: يا رسول الله القبط يحبون حشمهم ومن يدخل على أهلهم. والقبطيون لا يستأنسون إلا بالقبطيين فبعثني أبوها لادخل عليها وأونسها. فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن جائكم فاسق بنبأ فتبينوا) [ 49 / 6 ]
الآية. وقال الشيخ أبو علي رحمه الله: المراد بالافك ما أفك به على عائشة وصفوان ابن المعطل.
[ 83 ]
وكان سبب نزول الافك أن عائشة ضاع عقدها في غزاة المصطلق. وكانت قد خرجت من هودجها لقضاء حاجة فرجعت طالبة له. وحمل بعيرها على هودجها ظنا منهم أنها فيه فلما عادت إلى الموضع وجدتهم قد رحلوا. وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل إلى ذلك الموضع وعرفها أناخ بعيره حتى ركبته وهو يسوقه حتى أتى الجيش وقد نزلوا. فجاء رجل من تلك العقبة يشيع في الناس ويقول امرأة نبيكم باتت مع رجل حتى أصبحت ثم جاء يقودها. والله ما نجت منه ولا نجا منها. قال والخطاب في قوله " هو خير لكم " لعائشة وصفوان لانهما المقصودان بالافك
ولمن شاء ذلك من المؤمنين. ومعنى كونه خيرا لهم أن الله يعوضهم بصبرهم. قوله (لتأفكنا عن آلهتنا) [ 46 / 22 ] أي لتصرفنا عنها. وفي عرض نفسه صلى الله عليه وآله على قبائل العرب " لقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك " أي صرفوا عن الحق ومنعوا منه من قوله افكه يأفكه: إذا صرف عن الشئ وقلبه. أ ف ل قوله تعالى (فلما أفل) [ 6 / 76 ] الآية أي غاب: وهو من بابي ضرب وقعد. وأفلت الشمس والنجوم تأفل بالضم وبالكسر أفولا أي غابت. ومنه قوله (لا أحب الآفلين) [ 6 / 76 ]. أ ف ن بالتحريك ضعف الرأي، قاله الجوهري. وفي حديث النساء " فإن رأيهن إلى الافن وعزمهن إلى الوهن " الافن وقال غيره الافن: النقض.
ورأي أفن ومأفون: ناقص. والافيون: لبن الخشخاش، وهو مأخوذ من الافن، وهو أن لا يبقي الحالب من اللبن في الضرع شيئا.
[ 84 ]
أ ق ط الاقط بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها: لبن يابس مستحجر يتخذ من مخيض الغنم. أ ك د التأكيد لغة في التوكيد، ومعناه التقوية، وهو عند النحاة نوعان: لفظي وهو أعادة الاول بلفظه نحو " جاء زيد زيد "، ومنه قول المؤذن " الله أكبر، الله أكبر. الله أكبر "، ومعنوي نحو " جاء زيد نفسه " وفائدته رفع توهم المجاز لاحتمال مجئ غلامه. أ ك ر في الحديث ذكر الاكار بالفتح والتشديد وهو الزراع. و " الاكرة " بالضم: الحفرة، وبها سمي الاكار.
وأكرت النهر من باب ضرب: شققته. أ ك ل قوله تعالى (تؤتي أكلها كل حين) [ 14 / 25 ] يعني النخلة توتي أكلها أي رزقها. والاكل بالضم والضمتين: الرزق لانه يؤكل. قال تعالى (أكلها دائم) [ 13 / 37 ] ويقال الاكل ثمر النخل والشجر وكل ما يؤكل فهو أكل. قوله (لاكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم) [ 5 / 69 ] أي وسع عليهم الرزق. وأكلنا بنى فلان أي ظهرنا عليهم. وأصل الاكل للشئ: الافناء له ثم استعير لافتتاح البلاد وسلب الاموال. قال تعالى (وتأكلون التراث أكلا لما) [ 89 / 19 ] أي تأكلون جميعها. قوله (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) [ 6 / 118 ] قال المفسر المراد بالامر الاباحة وإن كانت الصيغة صيغة أمر. وما ذكر اسم الله عليه هو بسم الله
عند ذبحه. وقيل هو كل اسم يختص الله به أو صفة مختصة به كقوله باسم الرحمن أو باسم القادر لنفسه أو العالم لنفسه وما يجري مجراه. والاول مجمع على جوازه، والظاهر
[ 85 ]
يقتضي جواز غيره. وفي الحديث " لا تتعاط زوال ملك لم ينقض أكله ولم ينقطع مداه " يعني بالاكل الرزق والجظ من الدنيا. وفيه " لعن الله أكل الربا وموكله " يريد البايع والمشتري والآخذ والمعطى. وفي حديث المصدق " دع الربي والماحض والاكولة " أمر المصدق أن يعد هذه الثلاثة ولا يأخذ منها لانها خيار المال. والاكوله هي بفتح الهمزة: التي تسمن وتعد للاكل. وقيل هي الخصي والهرمة والعاقر من الغنم وفي الفقيه " لا تؤخذ الاكولة وهي الكبيرة من الشياة تكون في الغنم ". ورجل أكول أي كثير الاكل.
وفي الحديث " يصف قوما يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة ". يقال: سائر الدواب تأخذ من نبات الارض بأسنانها والبقرة بلسانها فضرب بها المثل لانهم لا يهتدون إلى المأكل إلا بذلك كالبقرة لا تتمكن من الاحتشاش إلا باللسان. ولانهم لا يميزون بين الحق والباطل كالبقرة لا تميز بين الرطب واليابس والحلو والمر. وفي الخبر " نهى عن المواكلة هو أن يكون للرجل على الرجل دين فيهدي إليه شيئا ليؤخره ويمسك عن قضائه فسمى مؤاكلة لان كل واحد منهما يؤكل صاحبه أي يطعمه والاكل مصدر قولك أكلت الطعام أكلا ومأكلا. وحقيقته بلع الطعام بعد مضغه فبلع الحصا ليس بأكل حقيقة. والاكلة بالضم: اللقمة، وبالفتح المرة من الاكل حتى يشبع. ومنه الخبر " ما زالت أكلة خيبر تعاودني " يريد بها اللقمة التي أكل من
الشاة المسمومة. وبعض الرواة يفتح الالف، قيل وهو خطأ لانه لم يأكل منها إلا لقمة واحدة. وهذا الشئ أكلة لك أي طعمة. وفي الحديث " أكلت النار ما فيه " أي اذهبت جميع ما فيه من الاجزاء من الميتة وأكيلة السبع والذئب: فريسته. والاكيل والشريب الذي يصاحبك
[ 86 ]
في الاكل والشرب. وفي الخبر " لا آكل متكئا " أي لم أقعد متكئا على الارطئة حال الاكل، إذ هو فعل من يكثر من الاطعمة " لكني أقعد مستوقرا وآكل لعقة من الطعام " وليس المراد من الاتكاء الميل على أحد جانبيه. ومن الامثال " كم أكلة منعت أكلات " قيل أول من قال ذلك عامر بن الظرب العدواني وأوله قصة تطلب من محلها (1). أ ك م في الحديث " ذكر الاكمة والاكمات
والآكام ". والاكمة كقصبة: تل صغير، والجمع
(1) يضرب في ذم الحرص على الطعام. قال المفضل: اول من قال ذلك عامر بن الظرب العدواني. وكان من حديثه انه كان يدفع الناس، فرآه ملك من ملوك الغساسنة، فقال: لا اترك هذا العدواني أو اذله. فلما رجع الملك إلى منزله ارسل إليه: احب ان تزورني فاحبوك واكرمك واتخذك خلا، فاتاه قومه فقالوا: تفد ويفد معك قومك إليه، فيصيبون في جنبك، ويتجيهون بجاهك. فخرج واخرج معه نفرا من قومه، فلما قدم بلاد الملك اكرمه واكرم قومه. ثم انكشف له راى الملك فجمع اصحابه وقال: الراى نائم والهوى يقظان، ومن اجل ذلك يغلب الهوى الراي عجلت حين عجلتم، ولن اعود بعدها، انا قد توردنا بلاد هذا الملك فلا تسبقوني بريت امر اقيم عليه ولا بعجلة راى اخف معه، فان رايي لكم. فقال قومه: قد اكرمنا كما ترى وبعد هذا ما هو خير منه. قال: لا تعجلوا فان لكل عام طعام ورب اكلة تمنع اكلات... إلى آخر القصة. وتخلص منه بحيلة غريبة راجع مجمع الامثال ج 1 ص 297. (*)
[ 87 ]
أكم كقصب وأكمات كقصبات، وجمع إكم: إكام كجبل وجبال، وجمع الاكام أكم ككتاب وكتب، وجمع الاكم آكام
كعنق وأعناق كذا في كتب اللغة. أ ل ا وألا - بالفتح والتخفيف - تكون لمعان: للتنبيه، يفتتح بها الكلام (1). وللتوبيخ والانكار (2) نحو قوله: * ألا طعان ألا فرسان عادية * وللتمني نحو قوله: * ألا عمر ولى مستطاع رجوعه * وللاستفهام عن النفي نحو قوله: * ألا اصطبار لسلمى أم لها جلد * والتحضيض نحو قوله تعالى: (ألا تحبون أن يغفر الله لكم). ومنه قوله (ع): " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، فصعد إبراهيم واسماعيل على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقيادة وأمكن من ناصيته " فان " ألا " و " هلا " كل منهما للحث والتحضيض، وكأنهما أرادا بذلك الحث والاسراع، يعني إسراعهن بالطاعة. أ ل ب
في حديث علي (ع): " واعجبا لطلحة ألب الناس على ابن عفان حتى إذا قتل أعطاني صفقته " (3) أي جمع الناس، من قولهم: " ألب الابل ألبا " أي جمعها وساقها، و " ألبت الجيش " جمعته و " تألبوا " تجمعوا. أ ل ت قوله تعالى: (وما ألتناهم من عملهم) [ 52 / 21 ] أي ما نقصنا بهم، والالت: النقصان، يقال ألته حقه يألته ألتا: أي نقصه ما نقصناهم من ثواب
(1) نحو قوله تعالى: (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم). (2) المعروف عند أئمة العربية ان الذي يفيد التوبيخ والانكار هو الهمزة، وان " لا " باقية الدلالة على النفى. (3) الكافي ج 5 ص 54. (*)
[ 88 ]
عملهم من شئ، وقيل ما نقصناهم من ثوابهم شيئا نعطيه الابناء بل ألحقناهم بهم على سبيل التفضل. قال الشيخ أبو على: وقرئ " وما ألتناهم " بكسر اللام من ألت يألت، وتكون لغة في ألت يألت. وألته يمينا: حلفه، ويقال إن الالت الظلم.
أ ل س في الدعاء " نعوذ بك من الالس " الالس هو اختلاط العقل، يقال ألس فهو مألوس، وقيل هو الخيانة. أ ل ف قوله تعالى: (خير من ألف شهر) [ 97 / 3 ] هي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، وكان استقلال امارة بني أمية منذ بيعة الحسن بن علي لمعاوية وذلك على رأس أربعين سنة وإن كان انفصال دولتهم على يد أبي مسلم الخراساني سنة اثنتين وثلاثين ومائة وذلك اثنان وتسعون سنة، تسقط منها خلافة ابن الزبير ثمان سنين وثمانية أشهر يبقى ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر - كذا ذكره في المجمع قوله: (لايلاف قريش) [ 106 / 1 ] هو مصدر ألفت المكان إيلافا، والمعنى على ما ذكره الشيخ أبو علي: أي فعلنا ذلك بأصحاب الفيل نقمة منا على قريش مضافة إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف، وقيل معناه فعلنا ذلك لتألف قريش بمكة وتمكنهم المقام بها، فإنهم
هابوا من أبرهة لما قصدها وهربوا منه فأهلكناه لترجع قريش إلى مكة ويألفوا بها ويولد محمد صلى الله عليه وآله فيبعث إلى الناس بشيرا ونذيرا. وقوله (إيلافهم) بدل من الاول، و (رحلة الشتاء والصيف) منصوبة بوقوع إيلافهم عليها وقوله: (لايلاف قريش) يتعلق بقوله (كعصف مأكول) لانهما في مصحف أبي سورة واحدة بلا فصل، والمعنى أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم حتى ينتظم لهم في رحلتهم فلا يجترئ عليهم وقال الزجاج: معناه أهلك الله أصحاب الفيل لتبقى قريش وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف، وقيل يتعلق اللام بقوله (فليعبدوا رب هذا البيت) أمرهم الله أن يعبدوه لاجل إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ويجعلوا عبادتهم إياه شكرا
[ 89 ]
لهذه النعمة واعترافا بها. وكانت لقريش رحلتان يرحلون في الشتاء إلى اليمن وفي الصيف إلى الشام فيتجرون ويمتارون. وقرئ ليلاف مختلسة الهمزة، وقرئ
والافهم والفهم، يقال ألفته إلفا والافا وقد جمعهما قول الشاعر: زعمتم أن إخوتكم قريشا لهم إلف وليس لكم إلاف ورحلة مفعول به لايلافهم، وأراد رحلتي، فأفرد لامن الالتباس كما قيل شعر: * كلوا في بعض بطنكم تعفوا * والتنكير في جوع وخوف لشدتهما يعني أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف التخطف في بلادهم ومسائرهم. قوله: (وهم ألوف) [ 2 / 243 ] هي جمع ألف. والالف من الاعداد معروف، وجمعه في القليل على آلاف وفي الكثير ألوف، وبهما ورد الكتاب العزيز. قوله: (ألفوا) [ 37 / 69 ] أي وجدوا. قوله: (والمؤلفة قلوبهم) [ 9 / 60 ] أي المستمالة قلوبهم بالمودة والاحسان،
وكان النبي صلى الله عليه وآله يعطي المؤلفة قلوبهم من الصدقات وكانوا من أشراف العرب، فمنهم من كان يعطيه دفعا لاذاه، ومنهم من كان يعطيه طمعا في إسلامه وإسلام أتباعه، ومنهم من كان يعطيه ليثبت على إسلامه لقرب عهده بالجاهلية. وفي حديث " المؤلفة قلوبهم هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم إن محمدا رسول الله وكان رسول الله يتألفهم بالمال والعطاء حتى يحسن إسلامهم ويعلمهم ويعرفهم كما يعرفوا، فجعل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا " (1). والتألف: المداراة والاستيناس. وألف بين الشيئين: جمع، ومنه قوله (ولكن الله يألف بينهم).
(1) سفينة البحار ج 1 ص 28 والبرهان ج 2 ص 136. (*)
[ 90 ]
والالفة اسم من الايتلاف، وهو الالتيام والاجتماع واسم الفاعل مثل علم. وآلفت الموضع إيلافا من باب أكرمت
وألفته أو ألفه مؤالفة والافا من باب قاتل. والمألف: الموضع الذي يألفه الانسان. وفي حديث ابن عباس " وقد علمت قريش أن أول من أخذلها الايلاف هاشم ". الايلاف: العهد والزمام، كان هاشم ابن عبد مناف أخذه من الملوك لقريش. ومنه " وما العلم والعمل إلا إلفان مؤتلفان " هو من قولهم ألفته إلفا من باب علم: انست به واحببته، والاسم الالفة بالضم. والايتلاف: نقيض الاختلاف. وفي الحديث: " المؤمن مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف. و " الالف " حرف من حروف المعجم ولها مواضع تكون للضمير نحو (آمنا بربنا) وتكون مبدلة من الواو نحو (بوب) ومن الياء نحو (يا أسفى) أصله أسفي ومن الهمزة نحو (آمن) ومن النون الخفيفة نحو (لنسفعا) ومن التنوين في الوقف نحو " يا زيدا " وزائدة نحو " ضاربة ضرابا " وتكون للتأنيث
نحو " حبلى " وللجمع نحو " قوم غرقى " وللتثنية وتكون للوصل في رؤوس الآي في الوقف نحو (فأضلونا السبيلا) وتكون للنداء نحو " وازيداه " وتكون للوصل في الخط دون اللفظ كقوله (فاضرب به) وتكون للالحاق في الخط دون اللفظ كقوله (كفروا وصدوا) قال الخليل: زيدت في الخط فرقا بين واو الاضمار والاصلية نحو " لو " وقيل للفرق بين المضمر المتصل والمنفصل نحو " صدوكم " و " صدوا " وقيل للفرق بين هذه الواو وواو العطف - كذا في شمس العلوم وفي حديث الائمة " وما عسيتم تروون من فضلنا إلا ألفا غير مقطوعة " قال بعض الشارحين: قوله " إلا إلفا مقطوعا " احترازا عن الهمزة وكناية عن الوحدة. قال: ويمكن أن يكون إشارة إلى ألف منقوشة ليس قبلها صفر أو غيره، ومحصله لم ترووا من فضلنا سوى القليل المتناهى في القلة. أ ل ق في حديث علي عليه السلام " ألق
[ 91 ]
دواتك " يعني أصلحها. وفي الدعاء " نعوذ بك من الالق " يعني الجنون. وتألق البرق: لمع. وقصبة إيلاق: كورة من كور ما وراء النهر تتاخم كورة الشاس. وقد يطلق إيلاق على بلاد الشاس. قال في المصباح: والنسبة إليها على لفظها. أ ل ك الالوك: الرسالة. وكذلك المالك والالوكة بضم اللام فيهما. أ ل ل قوله تعالى (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) [ 9 / 9 ] الال بالكسر هو الله تعالى. والال أيضا: العهد والقرابة. والاليلة على فعيلة: اليمين. والالال بفتح الهمزة وتخفيف اللام الاولى: جبل بعرفة. ومنه الحديث " سئل عليه السلام
ما اسم جبل عرفة فقال الالال ". وأل الشئ: إذا لمع. وأل الفرس: إذا أسرع في عدوه. أ ل ل ا وألا - بالفتح والتشديد - حرف تحضيض، تختص بالجمل الفعلية الخبرية كسائر أدوات التحضيض (1). إل ل ا وإلا - بالكسر والتشديد - قال الجوهري: هو حرف استثناء، يستثنى بها على خمسة أوجه: بعد الايجاب، وبعد النفي، والمفرغ، والمقدم، والمنقطع. فتكون في المنقطع بمعنى " لكن " لان المستثنى من غير جنس المستثنى منه. وقد يوصف بإلا، فان وصفت بها جعلتها وما بعدها في موضع غير، وأتبعت الاسم بعدها ما قبله في الاعراب، فقلت: " جائني القوم إلا زيد " كقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)، وقال عمرو بن معدي كرب:
(1) يذكر في " حضض " شيئا في ألا التحضيضية - ز. (*)
[ 92 ]
وكل أخل مفارقة أخوه لعمر أبيك إلا الفرقدان كأنه قال: " غير الفرقدين ". ثم قال: وأصل " إلا " الاستثناء والصفة عارضة، وأصل " غير " صفة والاستثناء عارض، وقد تكون " إلا " بمنزلة الواو في العطف. انتهى. وقد جعلوا منه قوله تعالى: (لئلا يكون عليكم حجة إلا الذين ظلموا) وقوله: (ولا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء) أي ولا الذين ظلموا ولا من ظلم، وتأولهما الجمهور على الاستثناء المنقطع. وفى التنزيل: (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام) أي لكن الذين عاهدتم منهم عند المسجد الحرام ولم يظهر منهم نكث، كبني كنانة وبني ضمرة، فتربصوا أمرهم. وفيه: (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قيل: انها ليست للاستثناء، إذ لو كانت له كانت المودة
مسؤلة، وليس كذلك، بل المعنى: ولكن افعلوا المودة في القربى. وفيه: (إلا من تولى وكفر) قال الشيخ أبو علي (ره): قرئ (ألا من تولى وكفر) بالتخفيف، على أن " ألا " للافتتاح، و " من " شرط وجوابه (فيعذبه). (تنبيه) الاستثناء من النفى إثبات وبالعكس في المشهور. نص عليه جماعة، ودل عليه كلمة التوحيد، والقول بأنها شرعية لا لغوية باطل وقوله صلى الله عليه وآله: " لا صلاة إلا بطهور " و " لا نكاح إلا بولي " متأول: إما بأن المعنى: لا صلاة حاصلة إلا صلاة بطهور، أو لا صلاة تثبت بوجه من الوجوه إلا باقترانها بطهور. وفي الحديث: " وإلا كانت نافلة " أي إن لم تصادف الامر على قصدته كانت الصلاة لك نافلة.
[ 93 ]
أ ل م قوله تعالى: (آلم ذلك الكتاب
لا ريب فيه) [ 2 / 1 - 2 ] الآية. قال بعض المحققين: " ألم " وسائر الحروف الهجائية في أوائل السور كنون وقاف ويس، كان بعض المفسرين يجعلها أسماء للسور لتعرف كل سورة بما افتتحت به. وبعضهم جعلها أقساما أقسم الله تعالى بها لشرفها وفضلها، ولانها مبادئ الكتب المنزلة، ومبادئ أسمائه الحسنى، وصفاته العليا وبعضهم يجعلها حروفا مأخوذة من صفات الله، كقول ابن عباس في " كهيعص " أن الكاف من كاف، والهاء من هاد، والياء من حكيم، والعين من عليم والصاد من صادق. ونقل الزجاج عن ابن عباس: ان " ألم " معناه " أنا الله " و " المر " معناه " أنا الله أرى " و " المص " معناه " أنا الله أعلم وأفصل " وأما " ق " فقيل مجازها مجاز سائر الحروف الهجائية في أوائل السور. ويقال " ق " جبل من زبر جد أخضر محيط بالدنيا وأما " ن والقلم " فقيل: هو نون الحوت. وقيل هو الحوت التي تحت
الارض. وقيل النون الدواة. وقيل هو نهر في الجنة، قال الله تعالى له كن مدادا فجمد، وكان أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد، فقال للقلم: أكتب فكتب القلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة. روي ذلك عن الباقر عليه السلام. وأما " يس " فقيل: معناه " يا إنسان " وقيل " يا رجل " وقيل " يا محمد " وقيل كسائر الحروف الهجائية في أوائل السور. وأما " المرآ " فقيل: هو حرف من حروف الاسم الاعظم المتقطع في القرآن فإذا ألفه الرسول أو الامام فدعى به اجيب. قوله: (ولهم عذاب أليم) [ 2 / 10 ] أي مؤلم موجع، كالسميع بمعنى المستمع إذ لا ألم فوق ألم عذاب لا رجاء معه للخلاص إذ الرجاء يهون العذاب. قوله: (يألمون كما تألمون) [ 4 / 103 ] أي يجدون ألم الجراح ووجعها كما تجدون ذلك. وآلمه: أوجعه. والتألم: التوجع. والايلام: الايجاع.
[ 94 ]
أ ل ه قوله تعالى (وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض) [ 23 / 92 ] قال المفسر: هو رد على الثنوية، يعني لو كان إلا هان لطلب كل واحد منهما العلو، ولو شاء واحد أن يخلق إنسانا وشاء الآخر أن يخالفه فيخلق بهيمة، فيكون الخلق منهما على مشيتهما واختلاف إرادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة، فهذا من أعظم المحال، غير موجود، فإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان، وكان واحدا. يؤيده قوله تعالى (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) [ 21 / 22 ] الآلهة: الاصنام سموا بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحق لها، وأسماؤهم تتبع اعتقادهم لا ما عليه الشئ في نفسه. وأله بالفتح إلهة: عبد عبادة. قال الجوهرى: ومنه قرأ ابن عباس (ويذرك وإلهتك) [ 7 / 126 ] بكسر
الهمزة قال أي وعبادتك. وفي المصباح أله يأله من باب تعب ألهة بمعنى عبد عبادة. وتأله: تعبد. والاله: المعبود، وهو الله تعالى ثم استعاره المشركون لما عبدوا من دونه. وإله على فعال بمعنى مفعول لانه مألوه أي معبود ككتاب بمعنى مكتوب، وإمام بمعنى مؤتم به فلما أدخلت عليه الالف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام. ولو كانتا عوضا منها لما اجتمعت مع المعوض في قولهم " الاله ". وقطعت الهمزه في الابتداء للزومها تفخيما لهذا الاسم. قال الجوهري: وسمعت أن أبا علي النحوي يقول: إن الالف واللام عوض منها. والله: اسم علم للذات المقدسة الجامعة لجميع الصفات العليا، والاسماء الحسنى. وفى الحديث " سئل عن معنى (الله) ؟ فقال: استولى - على ما دق وجل ". وفيه " الله معنى يدل عليه بهذه
الاسماء، وكلها غيره ". قيل: وهو غير مشتق من شئ بل هو علم لزمته الالف واللام.
[ 95 ]
وقال سيبويه - نقلا عنه -: هو مشتق، وأصله (إله) دخلت عليه الالف واللام فبقي (الاله) نقلت حركة الهمزة إلى اللام وسقطت فبقي (الله) فأسكنت اللام الاولى وأدغمت وفخم تعظيما، لكنه ترقق مع كسرة ما قبله. وفي الحديث " يا هشام، الله مشتق من إله، والاله يقتضي مألوها كان إلها إذ لا مألوه " ءأي لم تحصل العبادة بعد ولم يخرج وصف المعبودية من القوة إلى الفعل. وفي جوامع التوحيد " كان إلها إذ لا مألوه " معناه سمى نفسه بالاله قبل أن يعبده أحد من العباد. و (اللهم) [ 3 / 26 ] قال الشيخ أبو علي: الميم فيه عوض عن ياء، ولذلك لا يجتمعان، وهذا من خصائص هذا الاسم، كما اختص الباء في القسم، وبدخول حرف النداء عليه (1).
وفي كلام الفراء - نقلا عنه -: أن أصل (اللهم) يا الله أمنا بالخير، فخفف به لحذف لكثرة الدوران على الالسن. ورد الشيخ الرضى كلامه بأنه يقال أيضا اللهم لا تؤمهم بالخير. وفي حديث البيت الحرام " ويألهون إليه " أي يشتاقون إلى وروده كما تشتاق الحمام الساكن به إليه عند خروجه. وفى الحديث " الله إن أبا الحسن أمرك بهذا ؟ قال قلت: نعم " وظاهر الكلمة التعجب، وإعرابها يحتمل الجر باضمار حرف القسم بقرينة قوله بعد ذلك: فاستحلفني ثلاثا. و (لا إله إلا الله) قال الزمخشري - نقلا عنه -: قد بلغني أن المختار فيها أن يكون أصلها (الله إله)، ثم قدم الخبر فقيل: (إله الله) ثم أدخل (لا) و (إلا) لتحصيل الحصر فصار (لآ إله إلا الله). أ ل و وقوله: (ولا يأتل أولوا الفضل) هو
يفتعل من الالية، أي يحلف. والالية - على فعيلة - اليمين، والجمع
(1) جوامع الجامع ص 55. وله (رحمه الله) كلام مبسط حول هذه الكلمة في تفسيره الآخر (مجمع البيان ج 1 ص 427) فراجع. (*)
[ 96 ]
" ألايا ". و " ألى الرجل " إذا قصر وترك الجهد. ومنه قوله تعالى: (لا يألونكم خبالا) أي لا يقصرون لكم في الفساد. وألاه يألوه - كغزاه يغزوه: استطاعه وعليه حمل قول الملكين للميت - عند قول " لا أدري " -: " لا دريت ولا إيتليت " أي لا استطعت. إ ل ى وإلى: حرف جر تكون لانتهاء الغاية، تقول: " خرجت من الكوفة إلى مكة ". وجائز أن تكون بلغتها ولم تدخلها، لان النهاية تشمل أول الحد وآخره، وإنما تمتنع مجاوزته. وللمعية نحو: (من أنصاري إلى الله)، وحمل بعضهم عليه قوله تعالى: (إلى المرافق) فتدخل ضرورة، اما إذا كانت
للانتهاء فقيل: تدخل بالاصالة لعدم تميز الغابة عن ذي الغاية بمحسوس، وقيل: تدخل بالتبعية لورودها تارة داخلة واخرى خارجة. وتكون للتبيين، وهي المبينة فاعلية مجرورها، نحو (رب السجن أحب إلي) ومرادفة للام نحو (والامر إليك)، وقيل: هي هنا لانتهاء الغاية، أي منته إليك. وبمعنى " في " - ذكره جماعة (1). وبمعنى " من " (2). وبمعنى " عند " نحو قوله تعالى: (ثم محلها إلى البيت العتيق) اي محل نحرها عند البيت العتيق. وتزاد للتأكيد، أثبته الفراء. قال الجوهري: قال سيبويه: ألف " إلى " و " على " منقلبتان من واوين، لان
(1) قيل: منه قوله تعالى: (ليجمعنكم إلى يوم القيامة) أي في يوم القيامة. (2) نحو قول الشاعر: تقول وقد عاليت بالكور فوقها * أيسقى فلا يروى إلي ابن أحمرا أي فلا يروى مني. (*)
[ 97 ]
الالفين لا تكون فيهما الامالة. وإذا اتصل المضمر بهما قلبت ألفهما ياء، تقول: " إليك " و " عليك " وقل " إلاك " و " علاك ". وفي الدعاء: " والشر ليس إليك " اي ليس مما يتقرب به إليك. وقوله: " وأنا منك وإليك " اي التجائي وانتمائي اليك. وقولهم: " اللهم اليك " أي اقبضني أو خذني أو اشكوا أو " اليك اليك " كما يقال: " الطريق الطريق " اي تنح وابعد، والتكرير للتأكيد. وفي حديث علي (ع): " إليك عني " (1) اي تنحي عني. قال بعض الشارحين: خاطب الدنيا خطاب الزوجة المكروهة منافرا لها، وهو أغرب وألذ. أ ل ى قوله تعالى: (آلاء الله) أي نعمه، واحدها " ألى " بالقصر والفتح، وقد تكسر الهمزة. وفى الغريب: واحدها " إلى " بالحركات الثلاث.
وقيل: " الآلاء " هي النعم الظاهرة، و " النعماء " هي النعم الباطنة. ومنه الحديث: " تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله ". قوله تعالى: (والذين يؤلون من نسائهم) أي يحلفون على ترك وطء أزواجهم وكأن التعدية بمن لتضمين معنى الانتفاع. ومنه الحديث: " آلى أهل المدينة أن لا ينوحوا على ميت حتى يبدأ وا بحمزة " أي حلفوا. والالية: ألية الشاة، ولا تكسر الهمزة، ولا يقال " لية "، والجمع " أليات " كسجدة وسجدات، والتثنية " أليان " بحذف التاء كسكران. و " إليا " نقل انه اسم علي (ع)
(1) نهج البلاغة 3 / 166. (*)
[ 98 ]
بالسريانية، وهي لغة اليهود (1). أم وأم منقطعة تقدر ببل والهمزة في الخبر والاستفهام.
قال تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) [ 2 / 214 ] ومعناها بل أحسبتم. والهمزة فيها للتقرير. وأما المتصلة بمعنى أو في مواضع منها: إذا كان أم معادلا لهمزة الاستفهام. قال تعالى: (أهم خير أم قوم تبع) [ 44 / 37 ] وهو على التقريع والتوبيخ من الله، لانه عالم بمن هو خير، والمعنى ليسوا بخير، كقوله (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة) [ 41 / 40 ]. ويكون للتسوية من غير استفهام كقوله (سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم) [ 2 / 6 ]. قال بعض المحققين من أهل العربية: أم في الكلام حرف عطف في الاستفهام ولها موضعان: " أحدهما " - أن تقع معادلة لالف الاستفهام بمعنى أي، تقول: " أزيد في الدار أم عمرو " والمعنى أيهما فيها، وتسمى متصلة، لان ما قبلها وما بعدها كلام واحد، ولا تستعمل في الامر والنهي،
ويجب أن يعادل ما قبلها في الاسمية، فإن كان الاول اسما أو فعلا كان الثاني مثله، نحو " أزيد قائم أم قاعد " و " أقام زيد أم قعد " لانها لطلب تعيين أحد الامرين، ولا يسأل بها إلا بعد ثبوت أحدهما، ولا يجاب إلا باليقين، لان المتكلم يدعى وجود أحدهما، ويسأل عن تعيينه. و " الثاني " - أن تكون منقطعة مما قبلها خبرا كان أو استفهاما، تقول في الخبر: " إنها لابل أم شاة " وذلك إذا نظرت إلى شخص فتوهمته إبلا فقلت ما سبق إليك، ثم أدركك الظن بأنه شاة فانصرفت عن الاول فقلت أم شاة، بمعنى
(1) وقال في " سرى ": ان اللغة السريانية هي لغة القس والجاثليق - ن. وفي الوافي ج، / 170 في حديث امير المؤمنين عليه السلام مع يهودي " فأثراه امير المؤمنين اسمه في الصحيفة وقال: اسمي اليا ". (*)
[ 99 ]
بل، فهو إضراب عما كان قبله، إلا أن ما يقع بعد بل يقين، وما بعد أم مظنون وتقول في الاستفهام: " هل زيد منطلق أم عمرو " فأم معها ظن واستفهام وإضراب.
أ م ا ثم قال، و " أما " مخففا لتحقيق الكلام الذي يتلوه، تقول: " أما إن زيدا عاقل " يعني أنه عاقل على الحقيقة دون المجاز.. انتهى. وقال الزمخشري: أما من مقدمات اليمين وطلائعها نحو: * أما والذي لا يعلم الغيب غيره * * أما والذي أبكى وأضحك والذي * وقد تحذف ألفها نحو " أم والله زيد قائم ". أ م ت قوله تعالى: (ولا أمتا) [ 20 / 107 ] أي ارتفاع وهبوط، ويقال هي النباك، وهي التلال الصغار. أم ج " الامج " بفتحتين وجيم في الآخر. موضع بين مكة والمدينة. ومنه الحديث " إصطاد النساء قمرية من قماري أمج ". أ م د قوله تعالى: (فطال عليهم الامد)
[ 57 / 16 ] الامد هو نهاية البلوغ، وجمعه آماد، يقال بلغ أمده: أي بلغ غايته. وعن الراغب الامد والابد متقاربان، لكن الابد عبارة عن مدة الزمان التي ليس لها حد محدود ولا يتقيد فلا يقال أبدا كذا، والامد مدة مجهولة إذا أطلق وينحصر نحو أن يقال أمد كذا، والفرق بين الزمان والامد أن الامد يقال باعتبار الغاية والزمان عام في المبدأ والغاية. ولذلك قال بعضهم المدى والغاية متقاربان. قوله: (امدا بعيدا) [ 3 / 30 ] أي مسافة واسعة وفي حديث وصفه تعالى " لا أمد لكونه ولا غاية لبقائه " قيل أي لا أول. وفي الدعاء " جعلت له أمدا محدودا " أي منتهى ينتهي إليه. وأمد أمدا من باب لعب: غضب.
[ 100 ]
وآمد بلد في الثغور - قاله الجوهري. أ م ر قوله تعالى: (وائتمروا بينكم
بمعروف) [ 65 / 6 ] أي ليأمر بعضكم بعضا بالمعروف. قوله: (إن الملا يأتمرون بك ليقتلوك) [ 28 / 20 ] أي يتشاورون في قتلك، وقيل يهمون فيه. قوله: (وأوحى في كل سماء أمرها) [ 41 / 12 ] أي ما يصلحها، وقيل ملئكتها. قوله: (يحفظونه من أمر الله) [ 13 / 11 ] أي يحفظونه من المضار بأمر الله، وقيل غير ذلك. قوله: (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر) [ 16 / 77 ] قيل معناه إن إقامة الساعة وإحياء جميع الاموات يكون في أقرب وقت وأسرعه، وهو مبالغة في في القرب كقوله تعالى (وإن يوما كان عند ربك كألف سنة مما تعدون). قوله تعالى: (وما أمرنا إلا واحدة) [ 54 / 5 ] أي وما أمرنا إلا كلمة واحدة سريعة التكوين كلمح البصر والمراد كن. قوله: (هبئ لنامن أمرنا رشدا) [ 18 / 10 ] أي من أمرنا نحن فيه رشدا
حتى نكون بسببه راشدين. قوله: (قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليه مسجدا) [ 18 / 21 ] أي غلبوا على أمرهم من المسلمين لنتخذن عليهم مسجدا أي على باب الكهف يصلي فيه المسلمون ويتبركون بمكانهم. قوله: (أمرنا متر فيها ففسقوا فيها) [ 17 / 16 ] أي أمرنا هم بالطاعة فعصوا ففسقوا فيها. قوله: (يتنزل الامر بينهن) [ 65 / 12 ] أي يجري أمر الله وحكمه بينهن ويدبر تدبيرا فيهن. وفي حديث علي عليه السلام " إن الامر ينزل من السماء إلى الارض كقطر المطر " (1) أي مبثوث في جميع أقطار الارض إلى كل نفس بما قدر الله لها من زيادة ونقصان في العمر والمال والجاه والولد وغير ذلك. قوله: (له الخلق والامر) [ 7 / 54 ]
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 56. (*)
[ 101 ]
قال بعض الافاضل: إشتهر تفسير الاول
بخلق الممكنات، والثاني بعلم الشرائع. قوله تعالى: (لقد جئت شيئا إمرا) [ 18 / 17 ] أي عجيبا. والامر بالكسر: العجيب. قوله: (وأمر أهلك بالصلاة) [ 20 / 132 ] أمره الله تعالى أن يخص أهله دون الناس لان لاهله عند الله منزلة ليست للناس، فأمرهم مع الناس عامة ثم أمرهم بها خاصة - كذا روي عن الباقر عليه السلام (1). وفي الحديث " أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، ولا يعي حديثنا إلا صدور أمينة وإحلال رزينة " (2) قيل المراد بأمرهم شأنهم ومالهم من الكمال الخارج عن كمال غيرهم، كالقدرة على ما يخرج عن وسع غيرهم والحديث عن الامور الغائبة كالوقائع المستقبلة لزمانهم التي وقعت وفق إخبارهم، فإن هذا الشأن صعب في نفسه لا يقدر عليه إلا الانبياء والاوصياء، ومستصعب الفهم على الخلق معجوز عن حمل ما يلقى منه من الاشارات. ولا يحتمله إلا نفس عبد
امتحن الله قلبه للايمان، فعرف كمالهم وكيفية صدور هذه الغرائب عنهم ولم يستنكر ذلك ويتعجب منه ويتلقاه بالتكذيب كما فعل ذلك جماعة من جهال الصحابة، بل يتلقى ما يصدر عنهم بالايمان به أولئك أصحاب الصدور الامينة والاحلام الرزينة. هذا وقد تقدم في " صعب " بحث في هذا غير ما هنا. وفيه " إن صاحب هذا الامر ليحضر الموسم كل سنة " يعنى به القائم بأمر الله تعالى وفي الدعاء " ليس لنا من الامر إلا ما قضيت " المراد بالامر النفع. ومثله " فوضت أمري إلى الله " و " ذكرت الذي من أمرنا " أي حالنا وما جرى علينا. وفي الحديث " رجل عرف هذا الامر " يعني أنكم أوصياء رسول الله حقا أو وجوب التعلم أو التفقه
(1) تفسير البرهان ج 3 ص 50. (2) هذا المضمون مذكور في معاني الاخبار ص 188. (*)
[ 102 ]
أو علم أصول الدين واكتفر به من غير زائد فأجيب لا يسعه ذلك كيف يتفقه هذا في الدين وهو يحتاج إلى السعي. والامر واحد الامور، ومنه أمور فلان مستقيمة. وأمره أمرا: نقيض نهاه. وأمر الله: القيامة، لقوله تعالى: (أتى أمر الله). واستأمره: طلب منه الامر. وآمرته بالمد: كثرته، ومنه الخبر " خير المال مهرة مأمورة " أي كثيرة النسل والنتاج. وإنما قال مأمورة للازدواج والاصل مؤمرة على مفعلة كما يقال للنساء " إرجعن مأزورات غير مأجورات " وإنما هي موزورات. والامير: المنصوب للامر. والامرة بالكسر: الولاية. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله " سلموا على علي بإمرة المؤمنين ". ومنه سمى أمير المؤمنين عليه السلام وفي الحديث " هو اسم سماه الله تعالى به لم يسم به أحد قبله ولم يسم بعده حتى
قائم أهل البيت عليهم السلام لم يسلم عليه بذلك بل يقال السلام عليك يا بقية الله " (1). وعن الباقر عليه السلام وقد سئل لما سمي أمير المؤمنين عليه السلام ؟ قال: الله سماه وهكذا أنزل إلينا. وعن أبي الحسن وقد سئل لم سمي أمير المؤمنين ؟ قال: لانه يميرهم العلم. قال بعض الافاضل: من المعلوم أن أن أمير مهموز الفاء وان يمير أجوف فلا تناسب في الاشتقاق، ثم قال: ولك أن تقول قصده عليه السلام أن تسميته بأمير المؤمنين ليس لاجل أنه مطاعهم بحسب العلم، أي الاحكام الالهية، فعبر عن هذا المعنى بلفظ مناسب للفظ الامير - انتهى. ومولد أمير المؤمنين بعد عام الفيل بثلاثين سنة، وكان قتله في شهر رمضان لتسع بقين منه في سنة أربعين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة، بقي بعد قبض النبي صلى الله عليه وآله ثلاثين سنة، وهو أول هاشمي ولده هاشم مرتين، لان أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف.
(1) سفينة البحار ج 1 ص 29. (*)
[ 103 ]
والتأمير: تولية الامارة. وتأمر بالتشديد: تسلط. وأتمر الامر: إمتثله. وفي حديث المتعة " فأمرت نفسها " أي شاورتها واستأمرتها. ومنه " البكر تستأذن والايم تستأمر " أي تستشار. والامارة: الوقت والعلامة. أ م س قال الجوهري: أمس اسم حرك آخره لالتقاء الساكنين، واختلفت العرب فيه فأكثرهم يبنيه على الكسر معرفة، ومنهم من يعر به معرفة، وكلهم يعربه إذا دخل عليه الالف واللام، أو صيره نكرة أو إضافة تقول " مضى الامس المبارك " و " مضى أمسنا " و " كل غد صائر أمسا ". ثم قال: قال سيبويه: قد جاء في ضرورة الشعر مذ أمس بالفتح. قال: ولا يصغر أمس كما لا يصغر غدا والبارحة وكيف وأين ومتى وأي وما وعند وأسماء
الشهور والاسبوع (1). أ م ص في الفقيه " لا بأس بأكل الامص " الامص والاميص طعام يتخذ من لحم عجل بجلده، أو مرق السكباج المصفى من الدهن معرب - قاله في القاموس. وروي أنها اليحامير. أ م ع الامعة بكسر الهمزة والتشديد في الميم: الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على رأيه، والهاء للمبالغة، ويقال فيه إمع أيضا، وهمزته أصلية. ومنه الخبر " كن عالما أو متعلما ولا تكن إمعة ". ورجل إمع وإمعة: ضعيف الرأي. أ م ل الامل بالتحريك: الرجاء وهو ضد اليأس ومنه قوله تعالى (وخير أملا) [ 18 / 48 ] وقد مر تفسير الآية في (بقى) وفي الحديث " طول الامل ينسي الآخرة ".
(1) في الصحاح: والاسبوع غير الجمعة. (*)
[ 104 ]
وروى أن أسامة (1) بن زيد اشترى وليدة بمائة دينار إلى شهر فبلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك فقال ألا تعجبون من أسامة المشترى إلى شهر، إن أسامة لطويل الامل. والسبب في طول الامل - كما قيل - حب الدنيا، فإن الانسان إذا أنس بها وبلذاتها ثقل عليه مفارقتها وأحب دوامها فلا يفتكر بالموت الذي هو سبب مفارقتها، فإن من أحب شيئا كره الفكر فيما يزيله ويبطله. فلا زال يمني نفسه البقاء في الدنيا. ويقدر حصول ما يحتاج إليه من أهل ومال وأدوات، فيصير فكره مستغرقا في ذلك فلا يخطر الموت بخاطره. وان خطر بباله التوبة والاقبال على الاعمال الاخروية أخر ذلك من يوم إلى يوم ومن شهر إلى شهر ومن سنة إلى سنة، فيقول إلى أن اكتهل ويزول سن الشباب عنى فإذا اكتهل قال إلى أن اصير شيخا فإذا شاخ قال إلى أن أتمم عمارة هذه الدار وأزوج ولدي وإلى أن أرجع
من هذا السفر. وهكذا يؤخر التوبة شهرا بعد شهر وسنة بعد سنة. وهكذا كل ما فرغ من شغل عرض له شغل آخر بل أشغال حتى يختطفه الموت وهو غافل غير مستعد، مستغرق القلب في أمور الدنيا فتطول في الآخرة حسرته فتكثر ندامته، وذلك هو الخسران المبين. وأمل يأمل من باب طلب وتأمل الشئ: نظر فيه ليعلم عاقبته. أم م قوله تعالى: (وإنه في أم الكتاب) [ 43 / 4 ] الآية يعني في أصل الكتاب، يريد اللوح المحفوظ. وأم الكتاب أيضا: فاتحة الكتاب، وسميت أما لانها أوله وأصله ولان السورة تضاف إليها ولا تضاف هي إلى شئ، وقيل سميت أما لانها جامعة لاصل مقاصده ومحتوية على رؤس مطالبه، والعرب
(1) اسامة بن زيد بن حارثة ممن اكرمه النبي صلى الله عليه وآله بكثير الحباء. واردفه خلفه حين ذهابه إلى مكة وولاه إمرة الجيش في آخر حياته صلى الله عليه وآله. لكنه لم يثبت على الطريقة الوسطى فانخرط اخيرا مع مناوئي اهل البيت عليهم السلام. (*)
[ 105 ]
يسمون ما يجمع أشياء متعددة: أما، كما يسمون الجلدة الجامعة للدماغ وحواسه أم الرأس، ولانها كالفذلكة لما فصل في القرآن المجيد، لاشتمالها على المعاني في القرآن من الثناء على الله بما هو أهله، ومن التعبد بالامر والنهي والوعد والوعيد فكأنه نشأ وتولد منها بالتفصيل بعد الاجمال، كما سميت مكة أم القرى لان الارض دحيت منها. قوله: (هن أم الكتاب) [ 3 / 7 ] ولم يقل أمهات الكتاب لانه على الحكاية وهي كما يقول الرجل: ليس لي معين، فنقول نحن معينك فتحكيه، وكذلك قوله (واجعلنا للمتقين إماما) [ 25 / 74 ] وعن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (واجعلنا للمتقين إماما) قال " إيا ناعنى ". وفي حديث آخر أنه قال: " هذه فينا ". وفي حديث أبي بصير أنه قال " واجعلنا للمتقين إماما) فقال عليه السلام: سألت ربك عظيما إنما هي واجعل لنا من المتقين إماما ".
قوله: (إني جاعلك للناس إماما) [ 2 / 124 ] أي يأتم بك الناس فيتبعونك ويأخذون عنك، لان الناس يأمون أفعاله أي يقصدونها فيتبعونها. ويقال للطريق إمام، لانه يؤم أي يقصد ويتبع. قوله: (وإنهما لبإمام مبين) [ 15 / 79 ] أي لبطريق واضح. والامام: الكتاب أيضا، قال تعالى (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) [ 17 / 71 ] أي بكتابهم، ويقال بدينهم، ويقال بمن أتموا به من نبي أو إمام أو كتاب. وفي حديث الشيعة، وقد قال لهم الصادق عليه السلام " ألا تحمدون الله تعالى إذا كان يوم القيامة فدعا كل قوم إلى من يتولونه وفزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وفزعتم إلينا، أين ترون يذهب بكم ؟ إلى الجنة ورب الكعبة " قالها ثلاثا. قوله: (يريد الانسان ليفجر أمامه) [ 75 / 5 ] أي ليدوم على فجوره فيما بين يديه من الاوقات، وفيما يستقبله من الازمان لا ينزع منه، وقيل معناه يقدم الذنب ويؤخر التوبة، يقول سوف أتوب
سوف أتوب إلى أن يأتيه الموت على أسوأ حالة. قوله: (وجعلنا منهم أئمة يهدون
[ 106 ]
بأمرنا) [ 21 / 73 ] أي حكمنا لهم بالامامة ومثله (وجعلنا منهم أئمة يدعون إلى النار) [ 32 / 24 ]. وأصل أئمة: أءممة فألقيت حركة الميم الاولى على الهمزة وأدغمت الميم في الميم، وخففت الهمزة الثانية، لئلا تجتمع همزتان في حرف واحد مثل آدم وآخر، فمن القراء من يبقي الهمزة مخففة على الاصل ومنهم من يسهلها، والقياس " بين بين " وبعضهم يعده لحنا ويقول: لا وجه له في القياس. قوله: (وقطعنا هم في الارض أمما) [ 7 / 167 ] أي فرقناهم في الارض بحيث لا يكاد يخلو قطر منهم. قوله: (أميون) [ 2 / 78 ] هو جمع الامي. والامي في كلام العرب: الذي لا كتاب له من مشركي العرب.
قيل: هو نسبة إلى الام، لان الكتابة مكتسبة فهو على ما ولدته أمه من الجهل بالكتابة. وقيل: نسبة إلى أمة العرب لان أكثر هم أميون، والكتابة فيهم عزيزة أو عديمة، فهم على أصل ولادة أمهم. قوله: (آمين البيت) [ 5 / 3 ] أي عامرين البيت. والام: الوالدة، قيل أصلها أمهة، ولهذا تجمع على أمهات، وان الاصل أمات. ويقال: إن الامهات للناس والامات للبهائم. قال في البارع، نقلا عنه: فيها أربع لغات " أم " بضم الهمزة وكسرها " وأمة " و " أمهة " فالامات والامهات لغتان، ليس احديهما أصلا للاخرى. قوله: (وأزواجه أمهاتهم) [ 33 / 6 ] أي في تحريم النكاح كما قال: (ولا تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) [ 33 / 6 ] ولسن بأمهات على الحقيقة وجائت الامة في الكتاب العزيز على وجوه: أمة بمعنى جماعة، ومنه قوله تعالى
(ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون) [ 28 / 22 ] أي جماعة، وسميت بذلك لان الفرق تأمها. قال تعالى: (ويوم نبعث من كل أمة شهيدا) [ 16 / 84 ] و (ترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها) [ 45 / 27 ]. وأمة: رجل جامع للخير يقتدى به،
[ 107 ]
ومنه قوله (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله) [ 16 / 120 ]. وأمة: دين، ومنه قوله تعالى: (إنا وجدنا آبائنا على أمة) [ 43 / 22 ] وأمة: حين وزمان، ومنه قوله تعالى (إلى أمة معدودة) [ 11 / 8 ] وقوله (وادكر بعد أمة) [ 12 / 45 ] وقوله (كان الناس أمة واحدة فاختلفوا) [ 2 / 213 ] أي كانوا مذهبا واحدا قبل نوح متفقين على الفطرة فاختلفوا فبعث الله النبيين، بدلالة قوله: (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) وقيل: (كان الناس أمة واحدة) كفارا فبعث الله النبيين فاختلفوا عليهم. قوله: (ولو لا
أن يكون الناس أمة واحدة) [ 43 / 33 ] أي لو لا أن يجتمعوا على الكفر لجعلنا - الآية. والواحد قد سماه الله أمة كما في إبراهيم عليه السلام. ويقال لجميع أجناس الحيوان: أمة، وهو قوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) [ 35 / 24 ] ومنه أمة محمد صلى الله عليه وآله، قوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر) [ 3 / 110 ] قال بعض الافاضل: استدل بعض مخالفينا بالآية على كون الاجماع حجة، من حيث أن اللام في المعروف والمنكر للاستغراق أي تأمرون بكل معروف وتنهون عن كل منكر، فلو أجمع على الخطأ لم يتحقق واحدة من الكلمتين وهو المطلوب. والجواب: منع كون اللام في اسم الجنس للاستغراق. وان سلم فنحمله على المعصومين لعدم تحقق ما ذكرتم في غيرهم، وبذلك ورد النقل أيضا عن أئمتنا عليهم السلام قالوا: " وكيف تكون
خير أمة وقد قتل فيها ابن بنت نبيها " (1) وقد أطنب الشيخ الطوسي رحمه الله في البحث عن هذه الآية في كتاب العدة. قوله: (أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم) [ 13 / 30 ] هي أمة محمد صلى الله عليه وآله. والامة: الخلق كلهم. وأمة كل نبي: أتباعه. ومن لم
(1) تفسير العياشي: ذيل الآية. والصافي ج 1 ص 289. (*)
[ 108 ]
يتبع دينه - وإن كان في زمانه - فليس من أمته. وقد جائت الامة في غير الكتاب بمعنى القامة، يقال فلان حسن الامة أي حسن القامة. وبمعنى الام أيضا يقال هذه أمة زيد. والامة: كل جماعة يجمعهم أمر، إما دين واحد، أو دعوة واحدة. أو طريقة واحدة، أو زمان واحد، أو مكان واحد، ومنه الحديث " يبعث عبد المطلب أمة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الانبياء ".
ويقال لكل جنس من الحيوان أمة. ومنه الخبر " لو لا أن يكون الكلاب أمة من الامم لامرت بقتلها ". قوله: (ولا طائر يطير بجناحيه إلا امم أمثالكم) [ 6 / 38 ] أي في الخلق والرزق والحياة والموت والحشر والمحاسبة والاقتصاص لبعضها من بعض. وقيل غير ذلك وقد مر في " طير ". وأم الشئ أما من باب قتل: قصده. ومنه الحديث " من أم هذا البيت فكذا " يعني البيت الحرام. وأم الخير للتي تجمع كل الخير. وأم الشر للتي تجمع كل الشر. وأم الصبيان: ريح تعرض لهم. وأم فروة: أم جعفر الصادق عليه السلام، وقد تقدم ذكرها (1). وقولهم: " لا أم لك " ذم وسب أي أنت لقيط لا تعرف لك أم. وقيل: قد يقع مدحا بمعنى التعجب منه، قال في النهاية: وفيه بعد. والآمة من الشجاج وهي بالمد: اسم فاعل، وبعض العرب يقول: مأمومة،
وهي الشجة التي بلغت ام الرأس، وهي الشجة التي تجمع ام الدماغ، وهي أشد الشجاج وتجمع الاولى على أمام مثل دابة على دواب، والثانية على لفظها مأمومات. والامام بالكسر على فعال للذي يؤتم به وجمعه أئمة. وفي معاني الاخبار: سمي الامام إماما لانه قدوة للناس منصوب من قبل الله تعالى مفترض الطاعة على العباد.
(1) في (فرا). (*)
[ 109 ]
وأمام الشئ: مستقبله، وهو ضد خلف وهو ظرف، ولهذا يذكر ويؤنث على معنى الجهة. والامامة: هي الرئاسة العامة على جميع الناس، فإذا أخذت لا بشرط شئ تجامع النبوة والرسالة، وإذا أخذت بشرط لا شئ لا تجامعهما. وأمامة بنت أبي العاص بن الربيع: أمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة عليها السلام، فلما قتل علي
عليه السلام وكان قد أمر المغيرة بن نوفل بن الحرث أن يتزوج أمامة بعده، لانه خاف أن يتزوجها معاوية، فتزوجها المغيرة فولدت له يحيى وبه كان يكنى وهلكت عنده. وأمامة الانصاري الخزرجي غلبت كنيته واشتهر بها وكان عقيبا نقيبا شهد العقبة الاولى والثانية وبايع فيهما وكانت البيعة الاولى في ستة نفر أو سبعة، والثانية في اثني عشر رجلا، والثالثة في سبعين رجلا. أ م م ا و " أما " المشددة المفتوحة، قال الجوهري: هي لا فتتاح الكلام، ولا بد من الفاء في جوابه، تقول: " أما عبد الله فقائم "، وإنما احتيج إلى الفاء في جوابه لان فيه تأويل الجزاء، كأنك قلت: " مهما يكن من شئ فعبد الله قائم ". إ م م ا و " إما " المشددة المكسورة، قال الجوهري: هي بمنزلة " أو " في جميع أحكامها، إلا في وجه واحد، وهو: أنك
تبتدئ في " أو " متيقنا ثم يدركك الشك، و " إما " تبتدئ بها شاكا، ولا بد من تكريرها تقول: " جاءني إما زيد وإما عمرو ".. انتهى. وفي التنزيل: (إما يأتينكم مني هدى) قيل: هي شرط ذكرت بحرف الشك للتنبيه على أن اتيان الرسل أمر جائز غير واجب، كما ظنه أهل التعليم، وضمت
[ 110 ]
إليها " ما " لتأكيد معنى الشرط، ولذلك أكد فعلها بالنون. وفى حديث بيع الثمرة: " إما لا فلا تبائع حتى يبدو صلاح الثمرة " قيل: هي كلمة ترد في المحاورات كثيرا، وأصلها " إن " و " ما " و " لا " فأدغمت النون في الميم و " ما " زائدة في اللفظ لا حكم لها، ومعناها: إن لم تفعل هذا فليكن هذا. أ م ن قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله) [ 4 / 135 ] الآية قال المفسر: هو خطاب للمسلمين. قوله (آمنوا) أي أثبتوا على
الايمان ودوموا عليه. قوله (فليؤد الذي ائتمن أمانته) [ 2 / 283 ] الامانة ما يؤتمن عليها الانسان، وائتمنه على الشئ أمنه، يقال أؤتمن فلان - على ما لم يسم فاعله - فإن ابتدأت به صيرت الهمزة الثانية واوا، لان كل كلمة اجتمع في أولها همزتان وكانت الاخرى ساكنة، فلك أن تصيرها واوا إن كانت الاولى مضمومة أو ياء إن كانت الاولى مكسورة نحو إيتمنه، أو ألفا إن كانت الاولى مفتوحة نحو آمن. قوله (إنا عرضنا الامانة على السموات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان) [ 33 / 72 ] الآية. قيل المراد بالامانة: الطاعة، وقيل العبادة روي " أن عليا عليه السلام كان إذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل فيقال له مالك يا أمير المؤمنين عليه السلام فيقول: جاء وقت الصلاة، وقت أمانة عرضها الله على السموات والارض فأبين أن يحملنها وأشفقن منها " وعرضها على الجمادات وآباؤها وإشفاقها: مجاز. وأما حمل الامانة فهو مثل قولك فلان
حامل للامانة ومحتمل لها يريد لا يؤديها إلى صاحبها حتى يخرج عن عهدتها، لان الامانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها فإذا أداها لم تبق راكبة له ولم يكن هو حاملا لها، والمعنى فأبين أن
[ 111 ]
لا يؤدينها، وأبى الانسان إلا أن يكون محتملا لها فلا يؤديها. وفي المجمع: اختلف في معنى عرض الامانة على أقوال " أحدها " أن المراد العرض على أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وعرضها عليهم تعريفه إياهم: أن في تضييع الامانة الاثم العظيم وكذلك في ترك أو امر الله تعالى وأحكامه فبين تعالى جرأة الانسان على المعاصي، وإشفاق الملائكة من ذلك فيكون المعنى (إنا عرضنا الامانة على) أهل (السموات والارض والجبال) من الملائكة والانس والجن (فأبين أن يحملنها) أي فأبى أهلهن أن يحملوا تركها وعقابها والمأثم فيها، (وأشفقن منها) أي أشفقن (1) أهلهن من حملها (وحملها الانسان إنه كان ظلوما) لنفسه
بارتكاب المعاصي (جهولا) بموضع الامانة في استحقاق العقاب على الخيانة فيها. وأمنته على كذا وائتمنته بمعنى. وقرأ مالك (لا تأمننا على يوسف) [ 12 / 11 ] بين الادغام والاظهار، وعن الاخفش: الادغام أحسن. قوله (وأبلغه مأمنه) [ 9 / 7 ] أي موضع أمنه إن لم يسلم. قوله (قال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه) [ 40 / 28 ] قيل اسمه حزبيل من أصحاب فرعون، وكان نجارا له، وهو الذي نجر التابوت لام موسى حين قذفته في البحر، وقيل كان خازنا لفرعون قد خزن له مائة سنة وكان مؤمنا خالصا يكتم إيمانه فأخذه يومئذ مع السحرة، وقتل صلبا. قوله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) [ 2 / 143 ] أي صلوتكم والايمان هنا الصلوة. قوله (فتحرير رقبة مؤمنة) [ 4 / 91 ] يعني بذلك مقرة قد بلغت الحنث.
قوله (فآمن له لوط) [ 39 / 26 ]
(1) كذا في النسخ وفي الاصل. والصحيح: اشفق. (*)
[ 112 ]
قيل وهو أول من صدق به، وهو ابن اخته. قوله (وهذا البلد الامين) [ 35 / 9 ] أي الآمن يعنى مكة، وكان آمنا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله لا يغار عليها. قوله (ومن دخله كان آمنا) [ 3 / 97 ] أي من العقاب إذا قام بحقوق الله تعالى، وقيل آمنا من القتل، وقيل إن مكة كانت أمنا قبل دعوة إبراهيم عليه السلام من لدن آدم عليه السلام من الخسف والزلازل والطوفان وغيرها من من أنواع المهلكات، وإنما تأكد ذلك بدعائه عليه السلام، وقيل الامان للصيد. قوله (فامنن أو أمسك بغير حساب) [ 38 / 39 ] جعل الله لسليمان أن يحبس من يشاء من الجن والانس ويطلق من يشاء. يقال مننت على الاسير: أطلقته. قوله تعالى (لا يعلمون الكتاب
إلا أماني) [ 2 / 78 ] الكتاب التورية. وقوله (إلا أماني) أي إلا ما هم عليه من أمانيهم إن الله يعفو عنهم، ولا يؤاخذهم بخطاياهم. وقيل إلا أكاذيب مختلقة من علمائهم فقبلوها على التقليد، كما قال أحدهم هذا شئ رويته أم تمنيته أي اختلقته. وقيل إلا ما يقرؤن من كتاب الله كقول الشاعر: تمنى كتاب الله أول ليلة قوله (أمنة نعاسا) [ 3 / 154 ] الامنة: الامن مصدر أمنت. والامنة أيضا: الذي يثق بكل شئ وكذلك الامنة كهمزة. والامن: الامان. قال تعالى (لهم الامن) [ 6 / 82 ] أي الامان. قوله (وما آمن معه إلا قليل) [ 11 / 40 ] قيل يعني نوحا عليه السلام قيل كانوا ثمانية وقيل كانوا اثنين وسبعين رجلا وامرأة. قوله (وما كان لنفس أن تؤمن
إلا بإذن الله) [ 10 / 100 ] ظاهره تحريم الايمان عليها، ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله، وإذنه أمره لها بالايمان كما هو مروي عن الرضا عليه السلام.
[ 113 ]
والايمان لغة هو التصديق المطلق إتفاقا من الكل ومنه قوله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا) [ 12 / 17 ]. وشرعا على الاظهر هو التصديق بالله بأن يصدق بوجوده، وبصفاته، وبرسله بأن يصدق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله، وبكتبه بأن يصدق بأنها كلام الله وأن مضمونها حق، وبالبعث من القبور والصراط والميزان، وبالجنة والنار، وبالملائكة بأنهم موجودون وأنهم عباد مكرمون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الله بالليل والنهار لا يفترون، مطهرون من من أنواع الشهوات من الاكل والشرب والجماع إلى غير ذلك، مبرؤن عن التناسل والتوالد ليسوا بذكور ولا إناث، بل
خلقهم الله تعالى من نور وجعلهم رسلا إلى من شاء من عباده. وفي الحديث - وقد سئل عليه السلام عن أدنى ما يكون العبد به مؤمنا - فقال " يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، ويقر بالطاعة، ويعرف إمام زمانه، فإذا فعل ذلك فهو مؤمن ". والايمان يرد على صيغتين الايمان بالله، والايمان لله. فالايمان بالله هو التصديق باثباته على النعت الذي يليق بكبريائه. والايمان لله هو الخضوع والقبول عنه والاتباع لما يأمر والانتهاء لما ينهى. وفي كشف الغمة عن الصادق عليه السلام إنه قال " الايمان ثابت في القلب، واليقين خطرات فمرة يقوى فيصير كأنه زبر الحديد ومرة يصير كأنه خرقة بالية ". وفي الحديث " الوسائل إلى الله: الايمان الكامل " أي الايمان بالله ورسوله هو أصله، وباقي الفرائض والسنن كمالات. وفيه " لا إيمان لمن لا أمانة له "
هذا الكلام ونحوه وعيد لا يراد به حقيقة الايقاع، وإنما يقصد به الزجر والردع ونفي الفضيلة دون الحقيقة في رفع الايمان وإبطاله. وفيه " من صام إيمانا واحتسابا فكذا " أي تصديقا بالله وبوعده، وإيمانا مفعول له، ويجوز أن ينتصب على الحال، أي صام مؤمنا ومصدقا، ويجوز نصبه
[ 114 ]
على المصدر أي صام صوم مؤمن مصدق له. قيل: وأحسن الوجوه كونه مفعولا. والمؤمن: من كان متصفا بالايمان، وهل يكلف الدليل ؟ قال المحقق الشيخ علي رحمه الله: المؤمن من كان يعتقد إعتقاد الامامية، وإن لم يكن عنده دليل. وقريب منه ما نقل عن المحقق الطوسي. وقيل لا بد منه ولو إجمالا. وفي حديث رفاعة " أتدري يا رفاعة لم سمي المؤمن مؤمنا ؟ قال: لا أدري ! قال: لانه يؤمن على الله فيجيز أمانه ".
والمؤمن من أسمائه تعالى سمي الله تعالى به لانه يؤمن من عذابه من أطاعه كما جاء في الحديث. وفيه " نهران مؤمنان النيل والفرات ونهران كافران " وهذا على التشبيه لا الحقيقة لانهما يفيضان فيسقيان الحرث بلا مؤنة وكلفة، وجعل الاخيرين كافرين لانهما لا يسقيان ولا ينتفع بهما إلا بمؤنة وكلفة فهذان في الخير والنفع كالمؤمنين، وهذان في قلة النفع كالكافرين. وفي الدعاء " وأخرجني من الدنيا آمنا " أي من الذنوب التي بينى وبينك، بأن توفقني للتوبة منها قبل الموت، ومن التي بيني وبين خلقك، بأن توفقني للخلاص منها ". وفيه " لا تؤمنى مكرك " قيل فيه كالاستدراج ونحوه. وفيه " المجالس بالامانة وليس لاحد أن يحدث بحديث يكتمه صاحبه إلا أن يكون لله أو ذاكرا له بخير " فقوله بالامانة أي كالوديعة التى يجب حفظها.
وفى المجمع في قوله " المجالس بالامانة ": إلا ثلاثة كما إذا سمع في المجلس قائلا يقول أريد أقتل فلانا، وأريد الزنا بفلانة، أو آخذ ماله فإنه لا يستره. وفي حديث أبي عبد الله عليه السلام " المجلس بالامانة وليس لاحد أن يحدث بحديث يكتمه صاحب إلا باذنه إلا أن يكون ثقة أو ذاكرا له بخير ". وفي حديث الرضا عليه السلام مع الرشيد " المجالس بالامانة، وخاصة
[ 115 ]
مجلسك، فقال: لا بأس عليك ". والامين: المؤتمن على الشئ، ومنه محمد صلى الله عليه عليه وآله أمين الله على رسالته. وفي الحديث " المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم وصيامهم ولحومهم ودمائهم " أي ممن يصدقونم ويأتمنونهم على ذلك كله. قيل في شرح الحديث: أما في الصلاة والصيام فظاهر، وأما في اللحوم والدماء
فقيل فيه أن من صدر منه ذلك جاز استحلال لحمه الذي يؤخذ منه، ولحم يؤخذ من بلد هو فيه، وأما في الدماء فمعناه أن من صدر منه إهراق دم جاز استحلاله، ومثله " العلماء أمناء ما لم يدخلوا في الدنيا ". والامان: عدم الخوف. وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله " كساه الله من حلل الامان ". قال بعض الشارحين " المراد أمان أمته من النار، فإن الله تعالى قال له (ولسوف يعطيك ربك فترضى) [ 93 / 5 ] وهو صلى الله عليه وآله لا يرضى بدخول أحد من أمته إلى النار كما ورد في الحديث وحلل الامان: إستعارة، وذكر الكسوة ترشيح. وآمين بالمد، والقصر لغة، بمعنى " اللهم استجب ". وعند بعضهم: " فليكن كذلك ". وأمنت على الدعاء تأمينا: قلت عنده آمين. ومنه " فلان يدعو وفلان يؤمن
على دعائه ". والرجل المأمون: المتصف بالامانة. وكذا الحائض المأمونة. والمأمون من ألقاب الخلفاء، واسمه عبد الله بن هارون الرشيد. وآمنة بنت وهب: أم النبي صلى الله عليه وآله توفيت وللنبي أربع سنين، وتوفي أبوه وهو ابن شهرين، ومات عبد المطلب وللنبي صلى الله عليه وآله نحو من ثمان سنين كذا في الكافي. وآمنة بنت أبي سفيان: زوجة النبي صلى الله عليه وآله. أم ه قوله تعالى (وادكر بعد أمه)
[ 116 ]
[ 12 / 45 ] على قرائة ابن عباس، أي نسيان. والامه: النسيان. والامهة: أصل قولهم (أم) والجمع أمهات وأمات. أ م و قد تكرر في الحديث ذكر الامة، قال
الجوهري: الامة خلاف الحرة، والجمع " إماء " و " آم " ويجمع على " إموان " كاخوان (1) وأصل " أمه " أمو - بالتحريك - والنسبة إليها " أموي " بالفتح، وتصغيره على " أمية ". قال: و " أمية أيضا من قريش، والنسبة إليهم " أموي " بالضم وربما فتحوا، وهو في الاصل اسم رجل.. انتهى. وفي نقل آخر: ان بني أمية ليسوا من قريش، بل كان لعبد شمس بن مناف عبد رومي يقال له: " أمية " فنسب إلى عبد شمس، فقيل: " أمية بن عبد شمس " فنسبوا بني امية إلى قريش لذلك، وأصلهم من الروم، وكان ذلك عند العرب جائزا أن يلحق بالنسب مثل ذلك، وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وآله يزيد بن حارثة الكلبي مثل ذلك، حيث تبناه بعد أسره ونسبه إليه حين تبرأ أبوه منه، فقال صلى الله عليه وآله: " يا معشر قريش والعرب زيد ابني وأنا أبوه " فدعي يزيد بن محمد (2). أ ن وأما أن المفتوحة الهمزة فهى في
العربية لمعان: تكون حرفا مصدريا
(1) يذكر في " فتى " النهى عن قول امتى، وفى " كسب " شيئا في الاماء، وفى " خضخض " و " ملك " نكاح الاماء، وفى " قين " شيئا في بيع الاماء - " ز. (2) يذكر في " سلخ " أمية بن أبي الصلت، وفى " شجر " شيئا في بنى أمية، وكذا في " قهر " و " ركض " و " وزغ "، " ورحم "، وفى " ألف " شيئا في دولتهم، وفى " خلف " خلفاءهم ومدة خلافتهم، وفى " فرق " شيئا فيهم، وفى " عبل " أمية الصغرى، وفى " مرا " آخر ملوكهم - ز. (*)
[ 117 ]
ناصبا للفعل المضارع نحو (وأن تصوموا خير لكم) [ 2 / 184 ] (إلا أن قالوا) [ 7 / 4 ]. ومخففة من الثقيلة نحو (أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا) [ 20 / 89 ] وقوله (وآخر دعويهم أن الحمد لله رب العالمين) [ 10 / 10 ] والمعنى أنه الحمد لله، وقرأ بعضهم (أن الحمدلله) بالتشديد للنون ونصب الدال، قيل وهو خارج من رأي الائمة. وقرئ (وأن هذا صراطي مستقيما) [ 6 / 153 ] بسكون النون. واختلف في قوله (وأن لعنة الله على الظالمين) [ 7 / 43 ] فقرء بتشديد
النون، ونصب التاء، والباقون بالرفع والتخفيف. وأما قوله تعالى (والخامسة أن لعنة الله عليه) [ 24 / 7 ] (والخامسة أن غضب الله عليها) [ 24 / 9 ] فقرء بالتخفيف والرفع، وقرئ بالتشديد والنصب. وتكون مفسرة بمعنى أي نحو (ونودوا أن تلكموا الجنة) [ 7 / 42 ] وقوله (فانطلق الملا منهم أن امشوا) [ 38 / 6 ]. وزائدة نحو (فلما أن جاء البشير) [ 12 / 69 ] ولا معنى للزيادة سوى التأكيد. إ ن قوله (وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين) [ 15 / 79 ] إن هي المخففة من المثقلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، تقديره: وإن الشأن والحديث كانوا من قبل لفي ضلال مبين أي ظاهر. وفي حديث المحتضر " إذا سالت عيناه فاعلم أنه " أي أنه قد مات. وقولهم لا أفعله ما إن في السماء نجم، أي
كان في السماء نجم. وإن الساكنة المكسورة هي حرف للجزاء توقع الثاني من أجل وقوع الاول، كقوله " إن تأتني آتك " و " إن جئتني أكرمتك ". ولها في العربية معان: تكون شرطية كما تقدم. ونافية نحو قوله تعالى (إن الكافرين إلا في غرور) [ 67 / 20 ] ونحو قوله تعالى (ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) [ 46 / 26 ] وسيجئ معنى الآية.
[ 118 ]
ومخففة من المثقلة، وهذه لابد فيها من دخول اللام في خبرها عوضا مما حذف من التشديد، لئلا يلتبس بمعناه للنفي. فإن دخلت على الجملة الاسمية جاز الاعمال، وعليه قرائة بعضهم (وإن كلا لما ليوفينهم) [ 11 / 112 ] والاهمال وهو كثير نحو (وإن كل ذلك لما متاع الحيوة الدنيا) [ 43 / 35 ] وإن دخلت على فعلية وجب إهمالها نحو (وإن كانت لكبيرة) [ 2 / 143 ] و (إن كادوا ليفتنونك) [ 7 / 73 ]
وزائدة نحو قول الشاعر: وما إن طبنا جبن (1) وجوابا للقسم نحو " والله إن فعلت " أي ما فعلت. أ ن ا و " أنا " (2) ضمير متكلم، واصله على ما ذكره البعض " أن " بسكون النون، والاكثرون على فتحها وصلا والاتيان بالالف وقفا، تقول: " أن فعلت " و " فعلت أنا ". وأنا: اسم مكني به، وهو للمتكلم وحده، وإنما بني على الفتح فرقا بينه وبين أن التي هي حرف ناصب للفعل، والالف الاخيرة إنما هي لبيان الحركة في الوقف. وقد يوصل بها تاء الخطاب فيصيران كالشئ الواحد، تقول أنت، وتكسر للمؤنث، وأنتم، وأنتن. وقد يدخل عليه كاف التشبيه تقول أنا كأنت، وأنت كأنا. أ ن ب في الحديث: " من أنب مؤمنا
أنبه الله تعالى في الدنيا والآخرة ". " التأنيب " المبالغة في التوبيخ والتعنيف، ومنه " فتؤنبونه ". و " الانابيب " جمع " أنبوب ": الرماح. أ ن ث قوله تعالى: (إني وضعتها أنثى)
(1) ولكن منايانا ودولة آخرينا. (2) يذكر في " أ " و " نحن " شيئا في أنا ضمير المتكلم - ز. (*)
[ 119 ]
[ 3 / 36 ] وروى الزمخشري أن حنة حين ولدت مريم لفتها في خرقة وحملتها إلى المسجد ووضعتها عند الاحبار أبناء هارون وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة، فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة. فتنافسوا فيها لانها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم وكانوا بنو ماتان رؤوس بني إسرائيل وملوكهم. فقال زكريا: أنا أحق بها عندي أختها. فقالوا: لا حتى نقترع عليها، فانطلقوا وكانوا سبعة وعشرين إلى نهر فألقوا فيه أقلامهم فارتفع قلم زكريا فوق الماء ورسبت أقلامهم، فتكفلها وكان
كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا فيقول لها: (أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) تكلمت وهي صغيرة كما تكلم عيسى (ع) وهو في المهد. قوله: (إن يدعون من دونه إلا إناثا) [ 4 / 117 ] قيل يعني إلا مواتا ضد الحياة، وقيل الملائكة، وقيل مثلا للات والعزى ومناة وأشباهها من الآلهة المؤنثة، كانوا يقولون للصنم أنثى بني فلان، ويقولون إن الاصنام بنات الله، ويقرأ: إلا أنثى جمع إناث. والانثى: خلاف الذكر، والجمع " إناث " بالكسر. وتأنيث الاسم: خلاف تذكيره. وفى الحديث: " الشيطان أتى قوم لوط في صورة حسنة فيها تأنيث " كأن المراد حب الوطي. ومثله " رأيت التأنيث في ولد العباس ". والاسماء التي لابد من تأنيثها ممالا علامة فيه فكثيرة، منها العين والاذن والنفس
والدار والدلو إلى تمام ستين اسما. والانثيان: الخصيان، ومنه " في الانثيين الدية ". أ ن س قوله تعالى: (فإن آنستم منهم رشدا) [ 4 / 6 ] أي علمتم ووجدتم فيهم رشدا (فادفعوا إليهم أموالهم). قوله: (آنست نارا) [ 20 / 10 ] أي أبصرتها. والايناس: الرؤيه والعلم والاحساس بالشئ. قال ابن الاعرابي: وبهذا سمي الانس
[ 120 ]
لانهم يؤنسون، أي يرون بانسان العين. قوله: (لا تدخلوا بيوتا حتى تستأنسوا) [ 24 / 27 ] فيه وجهان: " أحدهما " - أنه من الاستيناس خلاف الاستيحاش، لان الذي يطرق باب غيره لا يدري يؤذن له أم لا، فهو كالمستوحش لخفاء الحال عليه، فإذا أذن له إستأنس، والمعنى حتى يؤذن لكم، فوضع الاستيناس موضع الاذن.
و " الثاني " - انه إستفعل من إستأنس فلم أر أحدا أي استعملت وتعرفت. وفي الخبر " يا رسول الله ما الاستيناس ؟ قال: يتكلم الرجل بالتسبيحة والتحميدة والتكبيرة ويتنحنح ويؤذن أهل البيت " (1). قوله: (ولا مستأنسين لحديث) [ 33 / 53 ] أي يستأنس بعضكم ببعض لاجل حديث يحدثه به، أو مستأنسين حديث أهل البيت عليهم السلام. واستيناسه تسمعه. قوله: (وأناسي كثيرا) [ 25 / 49 ] هو جمع إنسي، وهو واحد الانس مثل كرسى وكراسي، والانس جمع الجنس يكون بطرح ياء النسبة مثل رومي وروم، ويجوز أن يكون أناسي جمع إنسان، فيكون الياء بدلا من النون، لان الاصل أناسين بالنون مثل سراحين جمع سرحان، فلما القيت النون من آخره عوضت النون بالياء قوله: (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين) [ 23 / 12 ] قيل المراد به هنا الهيكل المخصوص. قوله: (إن الانسان لفي خسر)
[ 103 / 2 ] الانسان من الناس اسم جنس يقع على الذكر والانثى والواحد والجمع، واختلف في اشتقاقه مع اتفافهم على زيادة النون الاخيرة. فقال البصريون: من الانس، والهمزة أصلية، وزنه فعلان. وقال الكوفيون: مشتق من النسيان، فالهمزة زائدة، ووزنه أفعال على النقص والاصل انسيان على أفعلان، ولهذا يرد إلى أصله مع التصغير فيقال أنيسيان. وقد اختلف الناس في معرفته اختلافا كثيرا لا يكاد ينضبط، لكن يرجع حاصله إلى أنه إما جوهر أو عرض، والجوهر إما جسماني أو روحاني،
(2) مجمع البيان ج 4 ص 135. (*)
[ 121 ]
فالاقسام ثلاثة: " الاول " - أن يكون عرضا، فقيل هو المزاج المعتدل، وقيل الحياة، وقيل تخاطيط الاعضاء وتشكل البدن. " الثاني " - أن يكون جسما أو جسمانيا، فقيل الهيكل المحسوس، وقيل الاربعة. وقيل أحد العناصر الاربعة، فكل
ذهب إليه قوم، وقال النظام جسم لطيف داخل البدن وقال الراوندي جزء لا يتجزى في القلب، وقيل الروح، وهو جسم مركب من نارية الاخلاط. والمحققون من المتكلمين قالوا: إنه أجزاء أصلية في البدن باقية من أول العمر إلى آخره، لا يتطرق إليها الزيادة والنقصان، ومن أحب الوقوف على دلائل هذه الاقوال فليطلبها من مظانها. و " الانسان " على ما قيل مركب من صفات بهيمية وصفات سبعية وشيطانية وربوبية، فيصدر من البهيمة الشهوة والشره والفجور، ومن السبعية الغضب والحسد والعداوة والبغضاء، ومن الشيطانية المكر والحيلة والخداع، ومن الربوبية الكبر والعز وحب المدح. وأصول هذه الاخلاط هذه الاربع وقد عجنت في طينة الانسان عجنا محكما لا يكاد يتخلص منها، وإنما ينجو من ظلماتها بنور الايمان المستفاد من العقل والشرع، فأول ما يخلق في الآدمي البهيمية، فيغلب عليه الشره والشهوة كما في الصبي، ثم يخلق فيه السبعية فيغلب
عليه المعاداة والمنافسة، ثم يخلق فيه الشيطانية فيغلب عليه المكر والخداع، ثم تظهر بعد ذلك صفات الربوبية وهو الكبر والاستيلاء، ثم بعد ذلك يخلق العقل فيه ويظهر الايمان، وهو من حزب الله وجنود الملائكة، وتلك الصفات من جنود الشيطان، وجنود العقل تكمل عند الاربعين ويبدو أصله عند البلوغ، وأما سائر جنود الشيطان تكون قد سبقت إلى القلب قبل البلوغ واستولت عليه وألفتها النفس واسترسلت في الشهوات متابعة لها إلى أن يرد نور العقل فيقوم القتال والتطارد في معركة القلب، فإن ضعف جند العقل ونور الايمان لم يقو على إزعاج جنود الشيطان، فتبقى جنود الشيطان مستقرة في القلب آخرا كما سبقت إلى النزول فيه أولا، وقد سلم للشيطان مملكة القلب.
[ 122 ]
وقال بعض الافاضل: إعلم أيها الانسان أنك نسخة مختصرة من العالم، فيك بسائطه ومركباته ومادياته ومجرداته. بل أنت العالم الكبير بل الاكبر كما قال
أمير المومنين: دواؤك فيك وما تشعر وداؤك منك وما تبصر وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر والانس: خلاف الجن، سمى إنسا لظهورهم، وكذلك الانسان سمي إنسانا لظهوره. والانسي: خلاف الوحشي. والانسة بالتحريك: ضد الوحشة. والانس بالتحريك لغة في الانس. وفي الحديث " إن أو حشتهم الغربة أنسهم ذكرك " أي سرهم ذكرك. والاناس بضم الفاء لغة في الناس، وهو في الاصل فحذف. واستأنست بفلان وتأنست بمعنى. والانيس: المؤانس، وكل ما يؤنس به. وما بالدار من أنيس: أي أحد. والاستيناس: التأنس. ومن أمثلتهم " الاستيناس بالناس من الافلاس " قيل: أي من العلم والعمل
لا من المال. " و " يونس بن متى " المرسل إلى أهل نينوى من أرض موصل - كذا في التواريخ. و " أنس بن مالك " صحابي (1) قال له علي عليه السلام ذات يوم وقد كان بعثه إلى طلحة والزبير لما جاءا إلى البصرة يذكر هما شيئا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله في معناهما، فلوى عن ذلك فقال إني نسيت ذلك الامر فقال عليه السلام " إن كنت كاذبا فضربك الله بيضاء لا معة لاتواريها العمامة " يعني البرص، فأصاب انس هذا الداء في وجهه، فكان لا يرى
(1) انس بن مالك بن النضر الانصاري الخزرجي النجاري البصري، اختلف كثيرا في وقت وفاته، فقيل سنة احدى وتسعين، وقيل سنة ثلاث وتسعين، وكان عمره يوم مات مائة سنة وثلاث سنين وقيل مائة وعشر سنين - انظر الاستيعاب ج 1 ص 110. (*)
[ 123 ]
فيما بعد إلا متبرقعا. أ ن ف قوله تعالى: (آنفا) [ 47 / 16 ] أي الساعة وهي أول وقت يقرب منا، من قولك إستأنفت الشئ: أي ابتدأته.
وفي الحديث " المؤمن كالجمل الانف ". ومثله " المؤمنون هينون لينون كالجمل الانف " أي ان قيد انقاد وان استنيخ على صخرة استناخ. والجمل الانف: أي المأنوف الذي عقر الخشاش أنفه، فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به، وكان الاصل ان يقال مأنوف لانه مفعول كما يقال مصدور ومبطون للذي يشتكي صدره وبطنه، وإنما جاء هذا على الشذوذ، وقيل الانف الذلول، ويروى الآنف بالمد وهو بمعناه. وأنف من الشئ من باب تعب يأنف أنفا: إذا كرهه وعرفت نفسه عنه. وفي الحديث " سألته عن سبحان الله ؟ فقال: أنفة " هو كقصبة أي تنزيه الله تعالى. كما أن سبحان تنزيه. قال بعض الشارحين: الانفة في الاصل الضرب على الانف ليرجع، ثم استعمل لتعبيد الاشياء، فيكون هنا بمعنى رفع الله عن مرتبة المخلوقين بالكلية لانه تنزيه عن صفات الرذائل والاجسام.
وأنف من الشئ: أي استنكف وهو الاستكبار. وأنف كل شئ: طرفه. وأنف كل شئ: أوله. وأنف الرجل وغيره معروف، والجمع أنف وأنوف وآناف. ومنه حديث " من أحدث في الصلاة فليأخذ بأنفه وليخرج ". قال بعض الشارحين: إنما أمر بذلك ليوهم المصلين أن به رعافا، وهو نوع من الادب في ستر العورة وإخفاء القبيح والكناية بالاحسن عن الاقبح، ولا يدخل في باب الكذب والرياء وإنما هو من باب التجمل والحياء وطلب السلامة من الناس. وفي الخبر " شجاعة المرء على قدر أنفته " (1) الانفة حمية الانف وثوران
(1) نهج البلاغة ج 3 ص 163. (*)
[ 124 ]
الغضب لما يتخيل من مكروه يعرض استنكارا له واستنكافا من وقوعه، وظاهر كونه مبدءا للشجاعة في الاقدام على الامور.
وجاء آنفا: أي من قبل. ومنه قوله عليه السلام في حديث عصا موسى " وإن عهدي بها آنفا وهي خضراء " و " أنزلت على سورة آنفا " أي الآن. وفعلت الشئ آنفا: أي أول وقت يقرب مني. أ ن ق أنق الشئ أنقا من باب تعب: راع حسنه وأعجب. وأنقني: أعجبني. وتأنق فلان في الروضة: إذا وقع في معجباتها. والانق بالفتح: الفرح والسرور. والشئ الانيق: المعجب. وتأنق في الامر: عمله بإحكام. أ ن ك الآنك وزان أفلس: الرصاص. وقيل هو الرصاص الابيض. وقيل هو الاسود. وقيل هو الخالص منه. ولم يجئ على أفعل غير هذا - على ما قيل.
ويحتمل أن يكون الآنك فاعلا لا أفعل وهو أيضا شاذ. أ ن م الانام بفتح الفاء: الجن والانس. وقيل الانام: ما على وجه الارض من جميع الخلق. أ ن ن وأن الرجل من الوجع يئن بالكسر أنينا أو أنانا بالضم: صوت. أن ن وأما أن المفتوحة المشددة فتكون بمعنى المصدر كقوله تعالى (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) [ 23 / 35 ]. قال سيبويه: أن الثانية مبدلة من أن الاولى، والمعنى أنكم مخرجون إذا متم. قال الفراء والمبرد: أن الثانية مكررة للتوكيد لما طال الكلام كان تكريرها حسنا.
[ 125 ]
وهي في العربية على وجهين أيضا.
" أحدهما - " التوكيد كالمكسورة و " الثانية " - أن تكون لغة في لعل، وعليه حمل قرائة من قرأ (وما يشعركم أنها إذا جائت لا يؤمنون) [ 6 / 109 ] قال الجوهرى: وفي قرائة أبي: لعلها، وفي حديث التلبية " لبيك إن الحمد لك " بكسر الهمزة على معنى الاستيناف، وربما فتحت على تأويل: بأن الحمد لك. إ ن ن قوله تعالى (وإنهما لبإمام ميين) [ 15 / 79 ] يعني قوم لوط والايكة (لبإمام مبين) أي لبطريق واضح. وأما إن المكسورة، فتأتي في أول الكلام، نحو (إنا أعطيناك الكوثر) [ 108 / 1 ] وتأتي بعد القول نحو قوله تعالى (قال إنه يقول) [ 2 / 71 ] وبعد القسم نحو قوله تعالى (والعصر إن الانسان لفى خسر) [ 103 / 1 ]. وهي إما حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر. أو جواب بمعنى نعم كقول ابن الزبير لمن قال له لعن الله ناقة حملتني إليك:
" إن وراكبها " أي نعم ولعن الله راكبها. أ ن ن ى وأما أنى بتشديد النون والالف، فيكون شرطا في الامكنة بمعني أين. ويكون استفهاما بمعنى ثلاث كلمات، وهي " متى وأين وكيف ". قال في الارتشاف - نقلا عنه -: إلا أنها بمعنى " من أين " بزيادة حرف الدال على الابتداء، لا بمعنى أين وحدها، ألا ترى أن مريم عليها السلام لما قيل لها (أنى لك هذا) [ 3 / 37 ] أجابت (هو من عند الله) ولم تقل هو عند الله، بل لو أجابت به لم يحصل المقصود. وقد فسرت في قوله تعالى (فأتوا حرثكم أنى شئتم) [ 2 / 223 ] بثلاثة معان: كيف شئتم، وحيث شئتم، ومتى شئتم. واقتصر الجوهري من ذلك على معنيين. قال علي بن إبراهيم: وتأولت العامة (أنى شئتم) في القبل والدبر، وقال
الصادق عليه السلام (أنى شئتم) في
[ 126 ]
الفرج. والدليل عليه قوله (نساؤكم حرث لكم) [ 2 / 223 ] فالحرث الزرع والزرع في الفرج موضع الولد. وقوله تعالى (أنى يكون لي غلام) [ 3 / 40 ] قال المفسر: هو استبعاد من حيث العادة (وقد بلغني الكبر) [ 3 / 40 ] أي أثر في الكبر، وأضعفني، وكانت له تسع وتسعون سنة، ولا مرأته ثمان وتسعون سنة. أ ن و قوله تعالى: (آناء الليل) أي ساعاته، واحدها " إنى " بحركات الهمزة. وفي حديث زرارة عن الباقر (ع) - وقد سأله عن قوله تعالى: (أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه) " قال: يعني صلاة الليل. قال: قلت: (وأطراف النهار لعلك ترضى) ؟ قال: يعني من تطوع بالنهار. قال: قلت: (وأدبار النجوم): قال: ركعتان قبل الصبح.
قلت: (وأدبار السجود) ؟ قال: ركعتان بعد المغرب " (1). أ ن ى قوله تعالى: (ألا أن يوذن لكم إلى طعام غير ناظر ين إناه) أي نضجه وادراكه، من الانا - بالكسر والقصر النضج، وقيل: إناه: وقته، أي غير ناظرين إلى وقت الطعام وساعة أكله. قال المفسر: هو حال من (لا تدخلوا) وقع الاستثناء على الحال والوقت معا، كأنه قال: " لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الاذن، ولا تدخلوها إلى غير ناظرين إناه ". روي: " ان رسول الله صلى الله عليه وآله أو لم على زينب بتمر وسويق وذبح شاة، فأمر أنسا أن يدعو له الصحابة، فترادفوا أفواجا أفواجا، يأكل كل فوج فيخرج ثم يدخل فوج، إلى أن قال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد دعوت حتى لا أجد أحدا أدعوه. فقال: ارفعوا طعامكم، وتفرق الناس وبقي ثلاثة نفر يتحدثون
(1) البرهان 4 / 69. (*)
[ 127 ]
فأطالوا، فقام رسول الله ليخرجوا، فطاف بالحجرات ورجع فإذا الثلاثة جلوس مكانهم، وكان صلى الله عليه وآله شديد الحياء فتولى عنهم، فلما رأوه متوليا خرجوا، فنزلت الآية " (1). قوله تعالى: (ألم يأن للذين آمنوا) من أنى الامر: إذا جاء أناه، أي وقته، والمعنى: ألم يحن للمؤمنين أن تلين قلوبهم، أي ألم يأت وقت ذلك. قوله تعالى: (وبين حميم آن) أي ساخن منتهى الحرارة، من قولهم: " أنى الماء " إذا سخن وانتهى حره. ومنه: (عين آنية) أي قد انتهى حرها. وفي تفسير علي بن ابراهيم (ره): أي لها أنين من شدة حرها (2). و " تأنى له في الامر " ترفق وتنظر، والاسم " الاناة " كقناة - قاله الجوهري وغيره (3). وفى الحديث: " والرأي مع الاناة " وذلك لانها مظنة الفكر في الاهتداء إلى وجوه المصالح.
و " الاناء " معروف، وجمعه الآنية (4) وجمع الآنيه أواني، مثل سقاء وأسقية وأساقي. أ ه ب في حديث الميت: لا يفدح في قبره حتى يأخذ أهبته (5) أي عدته، يقال: تأهب للشئ: إستعدله، وجمع الاهبة " أهب " كغرفه وغرف. و " المتأهب للشئ " المستعد له. و " أهبة الحرب " التهابه.
(1) اسباب النزول للواحدي ص 270. (2) تفسير على بن ابراهيم 2 / 418. (3) يذكر في " دار " شيئا في التأني - ز. (4) يذكر في " كفى " و " وكى " و " نجم " حديث في الآنية - ز. (5) في الكافي ج 3 ص 191 عن أبي عبد الله (ع): " لا تفدح ميتك بالقبر ولكن ضعه اسفل منه بذراعين أو ثلاثة ودعه يأخذ اهبته ". وتفدح بمعنى تثقل. (*)
[ 128 ]
وفي الخبر: " أيما إهاب دبغ فقد طهر ". الاهاب - ككتاب - الجلد ويقال: ما لم يدبغ، والجمع " أهب " ككتب. وبفتحتين على غير القياس. قال
بعضهم: ليس في كلام العرب " فعال " يجمع على " فعل " بفتحتين إلا إهاب وأهب وعماد وعمد. وربما استعير الاهاب لجلد الانسان. أ ه ق الايهقان: الجرجير البرى. أ ه ل أهل الرجل: آله. وهم أشياعه وأتباعه وأهل ملته. ثم كثر استعمال الاهل والآل حتى سمي بهما أهل بيت الرجل لانهم أكثر من يتبعه. وأهل كل نبي: أمته. قيل ومنه قوله تعالى (وأمر أهلك بالصلاة) [ 20 / 132 ] وقد مر في (أمر): أنهم أهل بيته خاصة. وفلان أهل لكذا أو يستأهل لكذا أي حقيق به. وأهل البيت: سكانه. وكذا أهل الماء. ومنه الحديث " إن للماء أهلا " أي سكانا يسكنونه. وأهل الاسلام: من يدين به.
وأهلا وسهلا أي أتيت أهلا لاغربا وسهلا لا حزنا. والاهلي من الدواب، خلاف الوحشي، وهو ما يألف المنازل. والاهالة بكسر الهمزة: الشحم المذاب. وقيل دهن يؤتدم به. وقيل الدسم الجامد. ومنه الحديث " أدهن بسمن أو إهالة ". وفي الخبر " كان يدعى إلى خبز الشعير والاهالة فيجيب ". أو و " أو " قال الجوهرى: هي حرف إذا دخلت على الخبر دلت على الشك والابهام وإذا دخلت على الامر أو النهي دلت على التخيير والاباحة (1). وقد تكون بمعنى " إلى " تقول:
(1) قد وردت رواية صحيحة أن " أو " في القرآن للتخيير حيثما وقعت - وم. (*)
[ 129 ]
" لاضربنا أو تتوب ". وقد تكون بمعنى " بل " في توسع الكلام، قال تعالى: (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) ويقال: معناه إلى
مائة ألف عند الناس أو يزيدون عند الناس، لان الشك عليه تعالى محال. وفى المغني: وتكون " أو " للتقسيم نحو " الكلمة اسم أو فعل أو حرف ". وبمعنى " إلا " في الاستثناء كقوله: * كسرت كعوبها أو تستقيما * وللتقريب نحو " لا أدري أسلم أو ودع " وللشرطية نحو " لاضربنه عاش أو مات " وللتبعيض نحو (قالوا كونوا هودا أو نصارى).. انتهى. واما قوله تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) فقيل: هو من باب التعريض كما يقول احدنا: " أنا كاذب " وانت تعلم انه صادق. ومثله حديث ابي ذر، قال لفلان: " أشهد أن النبي صلى الله عليه وآله قال: أشهد أني أو إياك لفرعون هذه الامة " يريد انك ولكنه ألقاه إليه تعريضا. أ وب قوله تعالى: (يا جبال أو بي معه) [ 34 / 10 ] أي سبحي، من " التأويب " وهو التسبيح. روي أنه كانت الطير والجبال
ترجع التسبيح مع داود عليه السلام، والتأويب: سير النهار كله، فكأن المعنى: سبحي نهارك كله معه كتأويب السائر نهاره كله، فيجوز أن يكون خلق الله فيها تسبيحا كما خلق الكلام في الشجرة فيسمع في الجبال التسبيح كما يسمع من المسبح، معجزة لداود (ع) قوله تعالى: (أواب) [ 38 / 17 ] أي رجاع عن كل ما يكره الله إلى ما يحب. و (الاوابين) [ 17 / 25 ] مثله و " المآب " المرجع، قوله تعالى: (إتخذ إلى ربه مآبا) [ 78 / 39 ] أي عملا يرجع إليه. قوله تعالى: (إن إلينا إيابهم) [ 88 / 25 ] قال الشيخ أبو علي: قرأ أبو جعفر (إيابهم) بالتشديد والباقون بالتخفيف، والمعنى: إلينا مرجعهم
[ 130 ]
ومصيرهم بعد الموت، ثم إن علينا حسابهم. وفي الحديث: " ثمان ركعات
الزوال تسمى صلاة الاوابين " (1) يعني: الكثيرين الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة. و " الاواب " بالتشديد: التائب. وقوله: " آئبون تائبون " هو جمع " آئب ". و " أيوب " من آب يؤوب، وهو أنه يرجع إلى العافية والنعمة والاهل والمال والولد بعد البلاء - كذا في معاني الاخبار (2). قوله: " إني بإيابكم من المؤمنين " (3) يريد بذلك الاقرار بالرجعة في دولة القائم و " آبت الشمس " - بالمد - لغة في غابت، ومنه الحديث: " لا يصلى بعد العصر شيئا حتى تؤب الشمس " (4) أي تغيب. وفي الحديث: " طوبى لعبد نؤمة لا يؤبه له " أي لا يبالى به، ولا يحتفل لحقارته. و " آب " فصل من فصول السنة بعد تموز. أ ود قوله تعالى: (ولا يؤده حفظهما)
[ 2 / 255 ] أي لا يثقله ويشق عليه، من قولهم أدنى الشئ أو الحمل يؤوني أودا: أي أثقلني. ومن كلامهم " وما آدك فهو لي آيد " أي ما أثقلك فهو لي مثقل. والاود بالفتح: القوة. والاود أيضا: العوج. وأود الشئ بالكسر يأود أودا: أي اعوج. وتأود: تعوج. وأقام إوده: أي عوجه، ومنه " يقيم إودكم " أي اعوجاجكم. ومثله " أقم بهم أودي " أي اعوجاجي. والمعنى أصلح بهم شأني واكشف بهم غمي ونظائره أ وذ الاواذي جمع أذى، وهو ما عظم من
(1) من لا يحضر ج 1 ص 146. (2) انظر ص 50 (3) من زيارة الجامعة الكبيرة. (4) من لا يحضر ج 1 ص 146.
[ 131 ]
موج البحر. ومنه الحديث " تلتطم أو اذي
أمواجها " (1) أ ور في حديث علي عليه السلام " طاعة الله حرز من أوار نيران موقدة " الاوار بالضم حرارة النار والشمس والعطش. أ وز فيه الاوز بكسر الهمزة وفتح الواو وتشديد الزاي: البط، واحدته أوزة، والجمع أوزون بالواو والنون. وفي لغة وز، الواحدة وزة مثل تمر وتمرة. والاوز أيضا الرجل الخفيف والمرأة أوزة أ وس " أوس " أبو قبيلة من اليمن، وهو أوس بن قيلة أخو الخزرج، وقيلة أمهما. و " أويس القرنى " أحد الزهاد الثمانية، وفى القاموس أويس بن عامر القرنى من سادات التابعين (2). والآس: شجر معلوم. أ وف في الحديث ذكر الآفة، وهي العاهة والبلية الشديدة التي قل ما يخلو
الانسان عنها. وقد أيف الزرع - على ما لم يسم فاعله - أي أصابته آفة، فهو مؤوف مثال معوف. أول قوله تعالى (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) [ 3 / 96 ] الاول هو ابتداء الشئ. ثم قد يكون له ثان وقد لا يكون. وفي وجه ضعيف إن الاول يقتضي آخر كما أن الآخر يقتضي أول. قيل واللام في للذي لام تأكيد وقع في خبر إن. ووضع للناس أي لعبادتهم.
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 172. (2) هو من بني قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد، وأصله من اليمن، وكان يسكن القفار والرمال، وادرك حياة النبي صلى الله عليه وآله ولم يره، وشهد وقعة صفين مع علي ويرجح الكثيرون انه قتل فيها - الاعلام للزركلي ج 1 ص 375. (*)
[ 132 ]
سئل صلى الله عليه وآله عن أول مسجد وضع فقال " المسجد الحرام ثم بيت المقدس ".
وسئل علي عليه السلام " أهو أول بيت ؟ قال: لا قد كان قبله بيوت لكنه أول بيت وضع للناس ". وأول من بناه إبراهيم عليه السلام، ثم بناه قوم من العرب، ثم من جرهم ثم هدم فبنته العمالقة، ثم هدم فبناه قريش. وعن ابن عباس " أول بيت حج بعد الطوفان ". وقيل أول بيت ظهر على وجه الماء عند خلق السماء والارض خلقه قبل خلق الارض، وكان درة بيضاء على وجه الماء ثم دحيت الارض من تحته. قيل وهذا القول محمول على مكان البيت لا البيت نفسه. وقيل أول بيت بناه آدم على وجه الارض وقد تقدم في (بيت) مزيد بحث في هذا المعنى. وعن الباقر عليه السلام " أول ما خلق الله الشئ الذي جميع الاشياء منه، وهو الماء فجعل نسب كل شئ إلى الماء، ولم يجعل للماء نسبا، وخلق الريح من الماء ثم سلطها على الماء، فشققت متن
الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الزيد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا نقب ولا صعود ولا هبوط. ثم طواها فوضعها فوق الماء. ثم خلق الله النار من الماء فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا نقب. ثم طواها فوضعها فوق الارض. ثم بعد ذلك دحا الارض أي بسطها. وكانت السماء رتقا لا تنزل المطر. وكانت الارض رتقا لا تنبت الحب فلما خلق الله الخلق وبث فيها من كل دابة فتق السماء بالمطر والارض بنبات الحب ". قوله (وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) [ 3 / 7 ] التأويل إرجاع الكلام وصرفه عن معناه الظاهري إلى معنى أخفى منه، مأخوذ من آل
[ 133 ]
يؤل: إذا رجع وصار إليه. وتأول فلان الآية أي نظر إلى ما يؤل معناه. واختلف في إعراب الكلام. فقيل لا يعلم تأويله الا الله دون غيره، والراسخون مبتدأ، ويقولون خبره. وقال ابن عباس: والراسخون عطف على اسم الله تعالى وهم داخلون في الاستثناء. ويقولون على قوله في موضع الحال أي قائلين. قوله (ويعلمك من تأويل الاحاديث) [ 12 / 6 ] قيل أراد تعبير الرؤيا لانها أحاديث الملك إن كانت صادقة. وأحاديث النفس والشيطان إن كانت كاذبة. قوله (وابتغاء تأويله) [ 3 / 7 ] أي ما يؤل إليه من معنى وعاقبة. وفي حديث علي عليه السلام " ما من آية إلا وعلمني تأويلها " أي معناه الخفي الذي هو غير المعنى الظاهري، لما تقرر من أن لكل آية ظهرا وبطنا والمراد أنه صلى الله عليه وآله أطلعه على تلك
المخفيات المصونة والاسرار المكنونة. وفي حديث العالم الذي لا ينتفع بعلمه " يستعمل آلة الدين في الدنيا " أي يجعل العلم الذى هو آلة ووسيلة إلى الفوز بالسعادة وسيلة موصلة إلى تحصيل الدنيا الفانية من المال والجاه وميل الناس إليه وإقبالهم عليه ونحو ذلك. والآلة: الاداة، والجمع الآلاة. والايال ككتاب اسم منه. وقد استعمل في المعاني فقيل آل الامر إلى كذا. وآل إبراهيم: اسمعيل وإسحق وأولادهما. وآل عمران: موسى وهرون ابنا عمران بن يصهر. وفي الحديث " لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله ". وسئل الصادق عليه السلام من الآل ؟ فقال " ذرية محمد صلى الله عليه وآله " فقيل له من الاهل ؟ فقال " الائمة عليهم السلام " فقيل له قوله تعالى (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) [ 40 / 46 ] قال
" والله ما عنى إلا ذريته ". وفي معاني الاخبار " سئل عن آل
[ 134 ]
محمد ؟ فقال عليه السلام: ذريته، فقيل ومن أهل بيته ؟ قال: الائمة عليهم السلام، قيل، ومن عترته ؟ قال: أصحاب العبا، قيل: فمن أمته ؟ قال: المؤمنون ". وعن بعض أهل الكمال في تحقيق معرفة الآل: إن آل النبي صلى الله عليه وآله كل من يؤل إليه وهم قسمان: الاول من يؤل إليه مآلا صوريا جسمانيا كأولاده ومن يحذو حذوهم من أقاربه الصوريين الذين يحرم عليهم الصدقة في الشريعة المحمدية. والثاني من يؤل إليه مآلا معنويا روحانيا وهم أولاده الروحانيون من العلماء الراسخين والاولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة أنواره - إلى أن قال -: ولا شك أن النسبة الثانية آكد من الاولى. وإذا اجتمعت النسبتان كان نورا على نور كما في الائمة المشهورين من العترة الطاهرة.
ثم قال: وكما حرم على الاولاد الصوريين الصدقة الصورية كذلك حرم على الاولاد المعنويين الصدقة المعنوية أعني تقليد الغير في العلوم والمعارف وآل حم: سور أولها حم أو يراد نفس حم. وآل أصله أهل قلبت الهاء همزة بدليل أهيل فإن التصغير يرد الاشياء إلى أصولها. والاول: الرجوع. وقولهم آلت المضربة إلى النفس أي رجعت. وطبخت النبيذ حتى آل المنان منا واحدا أي صار. وفعلت هذا عام أول على الوصف، وعام أول على الاضافة. وقولهم أي رجل دخل أول فله كذا مبني على الضم - قاله في المغرب. واعتكفت العشر الاول بضم الهمزة وخفة الواو. والصلاة أول ما فرضت ركعتان، منصوب على الظرف، وما مصدرية. أ ول و
وأولو: جمع لا واحد له من لفظه، واحده " ذو ". وأولات: للاناث، واحدها " ذات ". تقول: " جاءني أولو الالباب وأولات الاحمال ".
[ 135 ]
أ ول ى وأولى - بضم الهمزة - قال الجوهري: هو جمع لا واحد له من لفظه (1)، واحده " ذا " للمذكر و " ذه " للمؤنث، يمد ويقصر، فان قصرته كتبته بالياء وإن مددت بنيته على الكسر، ويستوي فيه المذكر والمؤنث، وتدخل عليه الهاء للتنبيه فيقال: " هؤلاء "، وتدخل عليه الكاف للخطاب تقول: " أولئك " و " أولاك ". قال الكسائي: من قال: " أولئك " فواحده " ذلك "، ومن قال: " أولاك " فواحده " ذاك "، و " أو لا لك " مثل " أولئك "، وربما قالوا: " أولئك " في غير العقلاء، قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا)
قال: وأما الاولى - بوزن العلى - فهو أيضا جمع لا واحد له من لفظه، واحده " الذي ".. انتهى. أ وم الاوام بالضم: حر العطش. أ ون قوله (الآن وقد عصيت قبل) [ 10 / 91 ] قال الجوهري الآن اسم الوقت الذي أنت فيه، وهو ظرف غير متمكن وقع معرفة ولم يدخله الالف واللام للتعريف لانه ليس له ما يشركه. وربما فتحوا اللام منه، وحذفوا الهمزتين. وقال غيره: الآن وهو الوقت الذي يقع فيه كلام المتكلم، وقد وقعت في أول أحوالها بالالف واللام، وهي علة بنائها، ويقال إنما بني لان وضعه يخالف وضع الاسم، لان الاسماء إنما وضعت أولا نكرات ثم التعريف يعرض عليها، وأما الآن فوضع بالالف واللام فلم يكن وضعه كوضع الاسم، فبني كالحرف لان وضعها ليس كوضع الاسم. أو يقال إنما بني لتضمنه حرف
التعريف كأمس وقيل غير ذلك.
(1) وأما قولهم: " ذهبت العرب الالى " فهو مقلوب من الاول لانه جمع أولى مثل أخرى وأخر - ه. (*)
[ 136 ]
واختلف في أصله فقيل: أصله (أو ان) فحذف منه الواو، وهو أحد قولي الفراء كما قالوا في زمن وزمان وأورده الجوهري في أين، ولا بعد فيه. والفرق بين الآن والآنف: أن الآن الوقت الذي أنت فيه والآنف اسم للزمان الذي قبل زمانك الذي أنت فيه. وآن له أن يفعل كذا أي حان له أن يفعل كذا. أ وه قوله تعالى (إن إبراهيم لاواه حليم) [ 9 / 115 ] الاواه فعال بالفتح والتشديد من أوه وهو الذي يكثر التأوه. وكل كلام يدل على حزن يقال له التأوه، ويعبر بالاواه عمن يظهر ذلك خشية لله تعالى. وقيل أي دعاء.
وقيل: رقيق القلب. وقيل: كثير التأوه والبكاء والدعاء. وقيل الاواه: الرحيم - بلغة الحبشة. وفي حديث علي عليه لاسلام " أوة على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه ". أوه: كلمة توجع. ويتكلم بها العرب عند الشكاية. قال الجوهري قولهم: أوه من كذا عند الشكاية، ساكنة الواو. وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا: آه من كذا. وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء فقالوا أوه من كذا. وربما حذفوا الهاء مع تشديد فقالوا أو من كذا بلا مد، وبعضهم يقول آوه من كذا بالمد والتشديد وفتح الواو ساكنة الهاء لتطويل الصوت بالشكاية. وربما أدخلوا فيه التاء فقالوا أوتاه يمد ولا يمد. أوى قوله: (آوى إليه أخاه) اي ضم إليه اخاه بنيامين.
قوله: (فأووا إلى الكهف) اي انضموا إليه. قوله: (آوي إلى ركن شديد) اي أنضم إلى عشيرة منيعة. ومثله قوله: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء).
[ 137 ]
قوله: (فأما الذين آمنوا عملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا) جنات المأوى: نوع من الجنان. وعن ابن عباس، تأوى إليها ارواح الشهداء. وقيل: هي عن يمين العرش، و (نزلا) عطاء بأعمالهم - كذا ذكره الشيخ أبو علي (ره). وفي الحديث: " من تطهر ثم آوى إلى فراشه " اي رجع وانضم إليه " بات وفراشه كمسجده " اي يحصل له ثواب المتعبد في ليلته. و " آوى إلى الله فآواه " اي انضم إلى مجلسه فجازاه بمثله، بأن ضمه إلى رحمته. قال في المجمع: آوى - بالمد والقصر - بمعنى، والمقصور لازم ومتعد، قال:
وانكر بعضهم المقصور المتعدي. وفى حديث الدعاء: " الحمد لله الذي كفانا وآوانا " اي ردنا إلى مأوى لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم. وآويته إيواء - بالمد - وأويته ايضا - بالقصر -: إذا أنزلته بك. وفيه: " من آوى محدثا " (1) إلى آخره، هو بكسر الدال، وهو الذي جنى على غيره جناية. وأيواه: إجارته من خصمه، والحيلولة بينه وبين ما يستحق استيفاءه منه، قيل: ويدخل في ذلك الجاني على الاسلام باحداث بدعة إذا حماه عن التعرض له والاخذ على يده، لدفع عاديته. ويجوز أوى بالقصر، يعني ضمه. ومنه: " لا يأوي الضالة إلا ضال ". و " أويت " في قوله: " إني أويت على نفسي أن اذكر من ذكرني " قال القتيبي نقلا عنه: هذا من المقلوب والصحيح " وأيت " من الوأي: الوعد، يقول: جعلته وعدا على نفسي. وإلايواء بالمد: العهد.
ومنه حديث الدعاء: " اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك " اي بعهدك على نفسك ووعدك الذي وعدته اهل طاعتك
(1) الكافي 4 / 565. (*)
[ 138 ]
فيكون ايضا من باب القلب - كما نبه عليه القتيبي سابقا. والمأوى: المنزل. و " مأوى الشياطين " موضع اجتماعهم كالاسواق والحمامات ونحوها. و " ابن آوى " (1) بمد في اوله: حيوان معروف، وقال الجوهري: يسمى بالفارسية شغال. والجمع " بنات آوى ". و " آوى " لا ينصرف، لانه أفعل، وهو معرفة. أي، إى و " أي " مثال " كى " ينادى بها القريب دون البعيد، وهي أيضا كلمة تتقدم التفسير تقول: " أي كذا " كما أن " إي " بالكسر تتقدم القسم، ومعناها " بلى " تقول: " إي وربي إي والله ". وفي المغني: إذا وقعت " أي " للتفسير
بعد " تقول " وقبل فعل مسند للضمير حكي الضمير، أي أتيت به على الحكاية نحو " تقول استكتمته الحديث أي سألته كتمانه " يقال ذلك بضم التاء، ولو جئت بإذا مكان أي فتحت، فقلت: " إذا سألته " لان إذا ظرف لتقول، وقد نظم بعضهم ذلك فقال: إذا كنيت بأي فعلا تفسره فضم تاءك فيه ضم معترف وإن تكن بإذا يوما تفسره ففتحة التاء أمر غير مختلف أي ا قال: وأما " أيا " مخففة فهي من حروف النداء، ينادى بها القريب والبعيد أي د قوله تعالى: (وأيدناه بروح القدس) [ 2 / 87 ] أي قويناه به، والايد والاد: القوة. قوله: (ذا الايد) [ 38 / 17 ] بغير ياء فيمن قرأ بذلك، أي ذي القوة على العبادة، وقيل ذي القوة على الاعداء لانه رمى بحجر من مقلاعه صدر
رجل فأنفذه من ظهره فأصاب آخر فقتله. ومثله قوله تعالى: (ذو الايد) في
(1) يذكر في " فنك " اسم لفرخ ابن آوى - ز. (*)
[ 139 ]
قراءة من قرأ بغير ياء، أي أولي القوة. وأيدته تأييدا: قويته، والفاعل مؤيد. وتأيد الشئ: تقوى. وتقول أيدته تأييدا: قويته، ومنه " أيدك الله تأييدا ". ورجل أيد نسيد: أي قوي. أ ى ر في الحديث ذكر أيار هو بفتح الهمزة والتشديد: شهر بعد حزيران، وهو أحد فصول السنة بعد نيسان. أ ى س أيس من الشئ بمعنى يئس. وأيس أيسا من باب تعب، وكسر المضارع لغة، حكاها في المصباح. وأيسني منه فلان مثل أيأسني وفي الحديث " المرأة التي تيأس من المحيض كذا ". أ ى ض آض يئيض أيضا مثل باع يبيع بيعا:
إذا رجع. فقولهم " إفعل كذا أيضا " معناه عود إلى ما تقدم. وآض فلان إلى أهله: رجع. أ ى ك قوله تعالى (أصحاب الايكة) [ 15 / 78 ] الايكة واحدة الايك وهو الشجر الملتف الكثير. قيل إن أصحاب الايكة كانوا أصحاب شجر ملتف وكان شجرهم شجر المقل وهم قوم شعيب. ويقال ألايكة اسم قرية، والليكة اسم بلد. وقيل هما بمعنى. قال الجوهري من قرأ أصحاب الايكة فهي الغيضة. ومن قرأ ليكة فهي اسم القرية. ويقال هما مثل بكة ومكة. أ ى ل إيل بالكسر فالسكون: اسم من أسمائه تعالى عبراني أو سرياني. وقولهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل
بمنزلة عبد الله وتيم الله ونحوهما. واسرائيل هو يعقوب النبي عليه السلام وبنو إسرائيل: قومه. ومعناه بلسانهم: عبد الله أو صفوة الله. وفي الحديث " إن أول أنبياء بني إسرائيل موسى وآخرهم عيسى عليه السلام ".
[ 140 ]
وإيل هو البيت المقدس. وقيل بيت الله لان إيل بالعبرانية الله، والايل بضم الهمزة وكسرها والياء فيه مشددة مفتوحة: ذكر الاوعال، وهو التيس الجبلي والجمع الايائيل. ومن خواصه: أنه إذا خاف من الصائد يرمى نفسه من رأس الجبل ولا يتضرر بذلك، وعدد سنين عمره عدد العقد التي في قرنه. وأيلة: جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع. وإيلة بالكسر: قرية بين مدين والطور. وأيلة بالفتح فالسكون: بلد بين ينبع ومصر. ومنه حديث حوض رسول الله صلى الله
عليه وآله " عرضه ما بين صنعاء إلى أيلة ". وإيليا بالمد والتخفيف: بيت المقدس وقد تشدد الثانية وتقصر الكلمة وهو معرب. ومسجد إيليا هو المسجد الاقصى قاله في المغرب. والايالة بالكسر: السياسة. يقال فلان حسن الايالة وسئ الايالة. وآل الملك رعيته إيالا: ساسهم. وآل المال: أصلحه وساسه. ومنه حديث حسن جوار النعم " إذا أساس الناس معاملة النعم وإيالتها نفرت عنهم ". أ ى م قوله تعالى: (وانكحوا الايامى) [ 24 / 32 ] أي الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء: جمع أيم. قال ابن السكيت: أصل أيامى أيايم فنقلت الميم إلى موضع الهمزة ثم قلبت الهمزة ألفا وفتحت الميم تخفيفا. وفي الدعاء: " وأعوذ بك من بوار الايم " فيعل مثل كيس: المرأة التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب أحد
في تزوجها. والايم فيما يتعارفه أهل اللسان: الذى لا زوج له من الرجال والنساء، يقال: رجل أيم سواء كان تزوج من قبل أو لم يتزوج. وامرأة أيم أيضا بكرا كانت أو ثيبا وإنما قيل للمرأة أيم ولم يقل أيمة لان أكثر ذلك للنساء فهو كالمستعار. وأيم الله بفتح الهمزة وكسرها: اسم
[ 141 ]
موضوع للقسم، لا جمع يمين خلافا للكوفيين، مثل لعمرو الله. وفيها لغات كثيرة. وهمزتها للوصل وقد تقطع. ومنه " وأيم الله لو كشف الغطاء لشغل محسن بإحسانه " - الحديث. أ ى ن والاينية: الوجود، والمائية: الماهية ومنه الحديث " لا يثبت الشئ إلا بأينية ومائية " ومنه الحديث " إن الله أين الاين وكيف الكيف بلا كيف " وكأن المعنى أوجد الاين لمن يقول أين، وأوجد الكيف لمن يقول كيف.
وأين: سؤال عن مكان إذا قلت أين زيد، فإنما تسأل عن مكانه. إ ى ه اسم سمي به الفعل، لان معناه الامر يقال للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل " إيه " بكسر الهاء. قال ابن السكيت: فإن وصلت نونت فقلت إيه حدثنا، وإذا أردت التبعيد بايه قلت: أيها بفتح الهمزة بمعنى هيهات. ومن العرب من يقول أيهات، وهو في معنى هيهات. وفي كتاب شرح الابيات: إذا قلت أيه بغير تنوين فكأن مخاطبك كان في حديث ثم أمسك فأمرته بالشروع في الحديث الذي كان فيه، أي هات الحديث، فإذا قلت إيه بالتنوين فكأنك أمرته ابتداء بأن يحدث حديث ما، أي هات حديثا. وفي الغريبين إيها: تصديق كأنه قال: صدقت وفي الحديث " إيها والله " أي صدقت، ويقال إيها عنا أي كف عنا.
أ ى ى قوله: (لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين) هي جمع " آية " وهي العبرة، والآيات: العلامات والعجائب. قوله: (ثم بدالهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) قيل: هي شهادة الصبي، والقميص المخرق من دبر، واستباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب، فلما عصاها لم تزل مولعة بزوجها حتى حبسه.
[ 142 ]
قوله: (فيه آيات بينات) اي علامات واضحات، وهي - على ما جاءت به الرواية - أثر قدمي ابراهيم (ع) والحجر الاسود ومنزل اسماعيل (ع). قوله: (لنريه من آياتنا) قال الشيخ أبو علي (1): الآيات التي أراها الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وآله حين أسري به إلى البيت المقدس أن حشر الله عز ذكره الاولين والآخرين من النبيين والمرسلين، ثم أمر جبرئيل فأذن شفعا وأقام شفعا، وقال في أذانه: " حي على خير العمل " ثم تقدم فصلى بالقوم، فلما
انصرف قال لهم: " على م تشهدون وما كنتم تعبدون " قالوا: " نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسوله أخذ على ذلك عهودنا وميثاقنا " انتهى، ومنه يعلم جواب من يقول: كيف قال تعالى: (واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا) والنبي صلى الله عليه وآله لم يدركهم. قوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) في الآفاق مثل الكسوف والزلازل وما يعرض في السماء من الآيات، وفي أنفسهم مرة بالجوع ومرة بالعطش ومرة يشبع ومرة يروى ومرة يمرض ومرة يصح ومرة يفتقر ومرة يستغني ومرة يرضى ومرة يغضب ومرة يخاف ومرة يأمن، فهذا من عظيم دلالة الله على التوحيد. قوله: (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) لم يقل " آيتين " لان قصتهما واحدة، وقيل: لان الآية فيهما معا، وهي الولادة بغير فحل. قوله: (ولقد تركناها آية فهل من مدكر) نقل: " انه أبقى الله سفينة نوح
حتى أدركها اوائل هذه الامة " اي شيئا
(1) المراد به فيما مضى ويأتى كثيرا هو الشيخ أمين الدين أبو على الفضل بن الحسن ابن الفضل الطبرسي، توفى سنة 548 ه في سبزوار وحملت جنازته إلى مشهد الرضا (ع) له تآليف قيمة كثيرة أشهرها تفسيره (مجمع البيان في تفسير القرآن) طبع في ايران وصيدا وبيروت. (*)
[ 143 ]
من اجزائها إلى زمان بعثة النبي صلى الله عليه وآله. وفى الخبر: " بلغوا عني ولو آية " الآية هنا: الكلام المفيد نحو " من سكت نجا " أي بلغوا عني أحاديث ولو قليلة. وفى حديث مدح الاسلام وجعله آية لمن توسم. التوسم: التفرس، اي من تفرس الخير في الاسلام كان علامة له عليه. والآية من القرآن، قيل: كل كلام متصل إلى انقطاعه، وقيل: ما يحسن السكوت عليه، وقيل: هي جماعة حروف، من قولهم: " خرج القوم بآيتهم " اي بجماعتهم. وقال الجوهري: " الآية " العلامة، والاصل " أويه " بالتحريك، وجمع الآية
" آي " و " آيات ".. انتهى ومنه الحديث: " نزل جبرئيل بآي من القرآن " أي آيات منه (1). و " أي " في الكلام اسم معرب يستفهم به ويجازى فيمن يعقل وفيمن لا يعقل (2) قال الجوهري: وهو معرفة للاضافة، وقد يتعجب به، قال الفراء: " أي " يعمل فيه ما بعده ولا يعمل فيه ما قبله كقوله تعالى: (لنعلم أي الحزبين أحصى) فرفع. وإذا ناديت اسما فيه الالف واللام أدخلت بينه وبين حرف الندءا " أيها " فتقول: " يا أيها الرجل " و " يا أيتها المرأة " فأي اسم مبهم مفرد معرفة بالنداء مبني على الضم، و " ها " حرف تنبيه، وهي عوض مما كانت " أي " تضاف إليه، وترفع الرجل لانه صفة " أي ". قال في المغني: وقد تزاد " ما " على " أي " مثل: " أيما إهاب دبغ فقد طهر ".
(1) يذكر في " لوك " آيات تقرأ في وقتين، وفى " أول " حديث في الآيات، وفى " وجه " آية يقرأها المسافر، وفى " رضا " أرجى آية في كتاب الله تعالى، وفى
" عقب " آية يقرأها المسافر - ز. (2) يذكر أي الاستفهامية في " فهم " أيضا - ز. (*)
[ 144 ]
وقد تكون " أي " خبرا بمعنى " كم " للعدد كقوله تعالى: (وكأين من قرية) و (كأين من نبي) أصله " أي " دخلت الكاف عليها فصارت بمعنى " كم " التي للتكثير.. انتهى. وفى الحديث: " وأي شئ الدنيا " ولعل " أي " للاستفهام الذي يراد به النفي لقصد التحقير، كقولك لمن ادعى اكرامك: " أي يوم أكرمتني ". إ ى ى ا و " إيا " بكسر الهزة والتشديد، قال: الجوهري: هو اسم مبهم ويتصل به جميع المضمرات المتصلة للنصب نحو " إياي " و " إياك " و " إياه " و " إيانا " وجعلت الياء والكاف والهاء والنون بيانا عن المقصود، ليعلم المخاطب من الغائب، ولا موضع لها من الاعراب، فهي كالكاف في " ذلك " قال: وقد تكون للتحذير تقول: " إياك والاسد " وهو بدل من
فعل، كأنك قلت: " باعد ". أي ى ا ن قوله تعالى (يسئلونك عن الساعة أيان مرسيها) [ 7 / 176 ] قال الجوهري وإيان بالكسر لغة. قوله (وأيان يبعثون) [ 16 / 21 ] أي أي حين ؟ وهو سؤال عن زمان، مثل متى. فأين للامكنة شرطا واستفهاما، ومتى وأيان للازمنة. وكسر همزة أيان لغة سليم. ولا يستفهم بها إلا عن المستقبل كقوله تعالى (وما يشعرون أيان يبعثون) [ 27 / 65 ].
[ 145 ]
ب ب قال الجوهري: الباء من حروف الشفة بنيت على الكسر لاستحالة الابتداء بالموقوف. وقال غيره: الباء المفردة لمعان: الالصاق (1).
والتعدية (2). والاستعانة (3). والسببية كقوله تعالى: (إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل). والمصاحبة كقوله تعالى: (إهبط بسلام). والظرفية كقوله: (ولقد نصركم الله ببدر). والبدل نحو قول الشاعر: فليت لي بهم قوما إذا ركبوا شنوا الاغارة فرسانا وركبانا والمقابلة (4). والمجاوزة - كعن - كقوله تعالى: (واسئل به خبيرا) وقوله: (يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم) وقوله: (يوم تشقق السماء بالغمام) وقيل: الباء هنا للحال، أي وعليها الغمام، كما تقول: " ركب الامير بسلاحه " أي وعليه سلاحه
(1) وهو حقيقي ومجازي، فالحقيقي نحو " أمسكت بزيد " والمجازي نحو " مررت بزيد " (2) نحو قوله تعالى: (ذهب الله بنورهم). (3) نحو " كتبت بالقلم ". (4) نحو قوله تعالى: (أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون). (*)
[ 146 ]
والاستعلاء - كعلى - كقوله تعالى: (ومنهم من إن تأمنه بقنطار) أي على قنطار. والقسم (1). والغاية كقوله تعالى: (وقد أحسن بي) أي إلي. والتوكيد - وهي الزائدة - كقوله تعالى (وكفى بالله حسيبا). وللدلالة على التكرير والدوام " كأخذت بالخطام ". وفي المغني: إختلف النحويون في الباء من قوله: (فسبح بحمد ربك) فقيل: للمصاحبة و " الحمد " مضاف إلى المفعول أي سبحه حامدا، أي نزهه عما لا يليق به وأثبت له ما يليق به، وقيل: للاستعانة و " الحمد " مضاف إلى الفاعل، أي سبحه بما حمد به نفسه. قال: واختلف أيضا في: (سبحانك اللهم وبحمدك) فقيل: جملة واحدة، والواو زائدة، وقيل: جملتان والواو عاطفة ومتعلق الباء محذوف، ثم قال: وتكون الباء للتبعيض - أثبت ذلك
الاصمعي والفارسي والثعلبي وابن مالك، قيل والكوفيون وجعلوا منه قوله تعالى: (عينا يشرب بها عباد الله) قيل: ومنه قوله تعالى: (وامسحوا برؤسكم) انتهى ومجيئها للتبعيض وكونها في الآية له مما لا شك فيه، كما عليه الامامية ونطق به الخبر الصحيح عن زرارة عن الباقر (ع) (2) ويتم الكلام في بعض انشاء الله تعالى (3) ب أب أ روى من طريق الخاصة والعامة: " ان النبي صلى الله عليه وآله بأبأ الحسن والحسين " وكذا علي، وذلك من " بأبأت الصبي " إذا قلت له: " بأبي أنت وأمي " أي أنت مفدى بهما أو فديتك بهما. ب أر قوله تعالى: (وبئر معطلة) [ 22 / 45 ] الآية البئر بكسر الباء
(1) نحو " بالله لاصادقنك ". (2) انظر الكافي 3 / 30. (3) تقدم في " أبا " كلام في الباء، وسيأتى في " سبح " بعض كلام فيها، وفى " بسم " شيئا في باب البسملة - ز. (*)
[ 147 ]
معروفة، وهي التى يستقى منها الماء
بالدلو والرشاء. ومعنى البئر المعطلة - على ما قيل - هي الرس، وكانت لعذر لامة من بقايا ثمود. والقصر المشيد قصر شداد بن عاد، وقيل البئر المعطلة الامام الصامت والقصير المشيد الامام الناطق وجمع البئر في القلة أبور وآبار بهمزة بعد الباء، ومن العرب من يقلب الهمزة فيقول أبآر، فإذا كثر فهي البيار - قاله الجوهري. ب أ س قوله تعالى: (نحن أولو قوة وأولو بأس شديد) [ 27 / 33 ] البأس: الشدة في الحرب. والبأس: العذاب، ومنه قوله تعالى: (لما رأوا بأسنا) [ 40 / 84 ] أي عذابنا. وقوله تعالى: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد) [ 57 / 25 ]. وقوله: (وحين البأس) [ 2 / 177 ] أي وقت مجاهدة العدو، وجمع البأس بؤس كفلس وفلوس. قوله تعالى: (فأخذناهم بالبأ ساء والضراء) [ 6 / 42 ] البأساء من البأس
أو البؤس، والضراء من الضر، وقيل البأساء القحط والجوع، والضراء المرض ونقصان الانفس والاموال. قال الاخفش: بني على فعلاء، وليس له أفعل لانه اسم كما يجئ أفعل في الاسماء ليس معه فعلاء نحو أحمد. والبؤسى خلاف النعمى. قوله: (البائس الفقير) [ 22 / 28 ] البائس الذي أصابه بؤس، أي شدة، وهو القتال في الحرب، ويقال أيضا بؤس أي فقر وسوء حال. وفي المغرب: البائس هو الذي به الزمانة إذا كان محتاجا، والفقير المحتاج الذي لا يطوف بالابواب، والمسكين الذي يطوف ويسأل. وفى الحديث " البائس هو الذي يطوف ويسأل. وفى الحديث " البائس هو الذي لا يستطيع أن يخرج لزمانته " (1) وهو تصديق لما في المغرب. قوله: " ولا تبأس " أي ولا تحزن ولا تشتك، من البؤس، وهو الضر والشدة
أي لا يلحقك ما يضرك ولا يلحقك بؤس
(1) تفسير البرهان ج 3 ص 87. (*)
[ 148 ]
بالذي فعلوا. والمبتئس: الكاره والحزين، ومنه الدعاء " فكنت رجاء المبتئس ". و " بئس " كلمة ذم كما أن نعم كلمة مدح، ومنه قرأ نافع (بعذاب بئس) بفتح السين، وقرأ نافع وابن عامر (بعذاب بئس) على فعل بكسر الفاء بالتنوين إلا أن نافعا لا يهمز. قال الكسائي: أصلها بئيس على فعيل ثم خففت الهمزة فاجتمعت ياءان فحذفوا أحداهما والقوا حركتها على الياء. وقال محمد: أصلها بئس ثم كسر الباء لكسرة الهمزة فصار بئس ثم حذفت الكسرة لثقلها. وقال علي بن سليمان: معنى بعذاب بئس أي ردئ. وقرأ بعضهم بعذاب بئس مثل أي ردئ. وقرأ بعضهم بعذاب بئس مثل حذر. وقرأ بعضهم بئيس على فعيل، أي شديد، وهو اختيار أبي عبيدة والكوفيين و " البؤس " بضم الفاء الفقر والخوف
وشدة الافلاس وسوء الحال للقوة، يقال بئس الرجل يبأس كسمع يسمع: اشتدت حاجته. فهو بائس. والبؤس: ضد النعيم. ومنه الحديث " ما أقرب البؤس من النعيم " لعله يريد نعيم الآخرة. ويوم بؤس: ضد يوم نعمة. وفيه " إن الله يحب الجمال والتجمل ويبغض البؤس والتبأس " كأن المراد إظهار الفقر والحاجة للناس. وبئس الرجل زيد وبئست المرأة هند، وهما فعلان ما ضيان لا يتصرفان لانهما أزيلا عن موضعهما، فنعم منقول من قولك نعم فلان إذا أصاب نعمة، وبئس منقول من قولك بئس فلان إذا أصاب بؤسا، فنقلا إلى المدح والذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، وفيهما لغات يجئ ذكرها في نعم. والبأس: الخضوع والخوف، ومنه قوله " ومن المكارم صدق البائس ". وقد تكرر في الحديث " لا بأس بذلك " ومعناه الاباحة والجواز. ب ب ر
" الببر " ببائين موحدتين الاولى مفتوحة والثانية ساكنة: حيوان يعادي الاسد من العدو لا من العدوان، ويقال له البريد صاحب حياة الحيوان وهو عندي شبيه ابن آوى، ويقال إنه متولد من الزبر قان واللبوة، والجمع ببور مثل
[ 149 ]
فلس وفلوس، ومن طبعه على ما قيل أن الانثى منه تلقح من الريح، ولهذا كان عدوه كالريح لا يقدر أحد على صيده، وإنما تسرق أجراؤه فتجعل في مثل القوارير من زجاج ويركض بها على الخيول السابقة، فإذا أدركهم أبوها ألقوا إليه قارورة منها فيشتغل بالنظر إليها والحيلة في إخراج ولده منها فتفوته بقيتها، فتربى حينئذ وتألف الصبيان وتأنس بالانس، وهو يألف شجر الكافور كثيرا. ب ب غ " الببغاء " بثلاث با آت أولاهن وثالثتهن مفتوحات والثانية ساكنة وبالغين المعجمة هي الطائر الاخضر المسمى بالدرة بدال
مهملة مضمومة، والناس يحتالون لتعليمه بطرق عدة. وعن الزمخشري الببغاء تقول: ويل لمن كانت الدنيا همه (1) ب ب ل قوله تعالى (ببابل هاروت وماروت) [ 2 / 102 ] باب: اسم موضع بالعراق مشهور (2) ينسب إليه السحر والخمر. قال الاخفش: لا ينصرف لتأنيثه ومعرفته. ب ت ت في الحديث: " لا تكرهوا إلى أنفسكم عبادة ربكم فأن المبتت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى " يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته: قد أبتت، أي انقطع، من البت: القطع، يقال بته بتا من باب ضرب وقتل: قطعه.
(1) انظر حياة الحيوان ج 1 ص 113. (2) بابل مدينة قديمة انقاضها واقعة على الفرات قرب الحلة على مسافة 160 كم جنوبي شرقي بغداد اسس فيها سوموا بوم الامورى (2105) ق م سلالة كان سادس ملوكها حمورابي القرن (19 ق م) الذي وحد (سومر) و (اكاد). خضعت لسوريا بضعة قرون ثم اصبحت بعد سقوط نينوى (612 ق م) عاصمة نبوكد نصر. وجعلها
الاسكندر عاصمة الشرق. انحطت على زمن خلفاءه السلوقيين (القرن 3 ق م). وبرج بابل ذو الحدائق المعلقة احد العجائب السبع العالمية. وآثاره باق لحد الآن. (*)
[ 150 ]
ومنه " رجل مبت " أي منقطع، والمعنى أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض وطره وقد أعطب ظهره. وفي الحديث: " المبت المفرط ". والبت: كساء غليظ مربع من وبروصوف، وقيل طيلسان من خز، والجمع " بتوت " ومنه في صفة الجن " كأنهم الجراد الصفر عليهم البتوت ": ومنه أيضا ما قيل في إبليس " وقد اعترض في صورة شيخ جليل وعليه بت ". و " صدقة بتة بتلة " أي مقطوعة عن صاحبها لا رجعة له فيها، ويقال لا أفعله بتة ولا أفعله البتة لكل أمر لا رجعة فيه. قيل البت مصدر من بت يبت بتة بمعنى القطع، واللام لازم له، والتاء للوحدة ولا يدخله التنوين للام. وقيل هي كلمة واحدة غير منصرفة للتأنيث والعلمية، فإنها علم للقطع خاص في أي مكان يقع. وطلاق البتة: طلاق البائن.
والمبتوتة: المطلقة بائنا. وطلقة بتة: أي قاطعة. ودخل الجنة البتة: أي قطعا. وفي الحديث: " الرجل يتزوج المرأة متعة أيحل أن يتزوج ابنتها بتاتا " يعنى دائما، يدل عليه قوله " فرج موروث " وهو البتات " وفرج متعة ". وحلف يمينا باتا وباتة: أي بارة. وبت شهادته وأبتها بالالف: جزم بها. وفي الخبر: " أبتوا نكاح هذه النساء " أي اقطعوا الامر فيه وأحكموه بشرائطه. وفي بعض ما روي عنه صلى الله عليه وآله أنه صلى الله عليه وآله قال: " لا صيام لمن لا يبت الصيام من الليل " وذلك من العزم والقطع بالنية. والبتات: متاع البيت. ب ت ر قوله تعالى: (إن شانئك هو الابتر) [ 108 / 3 ] ومعناه إن مبغضك هو المنقطع عن الخير. وقيل الابتر الذي لا عقب له، وهو جواب لقول قريش إن محمدا لا عقب له يموت فنستريح منه ويندرس دينه. إذ لا يقوم مقامه من يدعو إليه فيقطع أمره.
وفي حديث الضحايا " نهى عن المبتورة " أي مقطوعة الذنب. والابتر: المقطوع الذنب، يقال بتر الشئ بترا من باب قتل: قطعه قبل الاتمام، ويقال في لازمه بتر بترأ من باب تعب فهو أبتر، والانثى بتراء،
[ 151 ]
والجمع بتر مثل أحمر وحمراء وحمر. وفي الحديث " من سد طريقا بتر الله عمره " أي قصر عليه أجله وقطعه والباتر: السيف القاطع. و " البترية " بضم الموحدة فالسكون: فرق من الزيدية. قيل نسبوا إلى المغيرة ابن سعد ولقبه الابتر. وقيل البترية هم أصحاب كثير النوا الحسن بن أبي صالح وسالم بن أبي حفصة والحكم بن عيينة وسلمة بن كهيل وأبو المقدام ثابت الحداد، وهم الذين دعوا إلى ولاية علي عليه السلام فخلطوها بولاية أبي بكر وعمر. ويثبتون لهم الامامة ويبغضون عثمان وطلحة والزبير وعائشة، ويرون الخروج مع ولد علي عليه السلام.
ب ت ع في الخبر " سئل عن البتع ؟ فقال: كل مسكر حرام " البتع بكسر الموحدة وإسكان الفوقانية وبالمهملة: نبيذ العسل وهو خمر أهل اليمن، وقد تحرك التاء كعنب. و " أبتع " كلمة يؤكد بها. ب ت ك قوله تعالى (فليبتكن آذان الانعام) [ 4 / 118 ] أي قطعها، شدد لكثرته. والبتك: القطع. قال المفسر: هو فعلهم بالنجائب كانوا يشقون أذن الناقة إذا ولدت خمسة أبطن وجاء الخامس ذكرا وحرموا على أنفسهم الانتفاع. وسيف باتك أي صارم. ب ت ل قوله تعالى (وتبتل إليه تبتيلا) [ 73 / 8 ] أي انقطع إلى الله تعالى وانفرد. والتبتل: الانقطاع إلى الله تعالى
وإخلاص النية. وأصل ذلك من البتل وهو القطع كأنه قطع نفسه عن الدنيا. يقال بتلت الشئ أبتله بالكسر: إذا قطعته وأبنته من غيره. ومنه قوله " طلقها بتة بتلة ". ومنه حديث رسول الله صلى الله عليه وآله في خبر النص " فاتتني عزيمة من الله تعالى بتلة أو عدني إن لم أبلغ أن
[ 152 ]
يعذبني ". وفي الخبر " لا رهبانية ولا تبتل في الاسلام " أراد بالتبتل: الانقطاع عن الدنيا وترك النكاح. والبتول كرسول: العذراء المنقطعة عن الازواج. ويقال هي المنقطعة عن الدنيا. والبتول: فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. قيل سميت بذلك لا نقطاعها إلى الله وعن نساء زمانها ونساء الامة فعلا وحسبا ودينا.
وفي الرواية " وقد سئل صلى الله عليه وآله إنا سمعناك يا رسول الله تقول إن مريم بتول وإن فاطمة بتول ما البتول ؟ فقال: البتول التي لم تر حمرة قط ". والتبتل في الدعاء هو الدعاء بأصبع واحدة يشير بها أو يرفع أصابعه مرة ويضعها مرة يرفعها إلى السماء رسلا ويضعها تأنيا. والتبتل أيضا هو أن يحرك السبابة اليسرى. وبجميع ما ذكرناه وردت الرواية عنهم عليهم السلام. والمبتول: المقطوع. ومنه الحج المبتول، والعمرة المبتولة. وفي الحديث " العمرة المبتولة على صاحبها طواف النساء ". ب ث ث قوله: (وبث فيها من كل دابة) [ 2 / 164 ] أي فرق فيها ونشر، من بث الشئ: إذا فرقه. قوله: (هباءا منبثا) [ 56 / 6 ] المنبث: ما تبثه الخيل بسنابكها من
الغبار، والمبثث المفرق، ومنه قوله تعالى: (كالفراش المبثوث) [ 101 / 4 ] وقوله تعالى: (وزرابي مبثوثة) [ 88 / 16 ] قوله: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) [ 12 / 86 ] البث: أشد الحزن الذي لا يصبر عليه صاحبه حتى يبثه أو يشكوه، والحزن: الهم. وقيل البث ما أبداه الانسان والحزن ما أخفاه، لان الحزن مستكن في القلب، والبث ما بث وأظهر، فالبث غير الحزن. وفي الحديث " إبليس يبث جنوده " أي يفرقهم وينشرهم، من بث الحديث.
[ 153 ]
أذاعه وأنشره. ومنه " بث السلطان جنوده "، ومثله: " بث الخير وأبثه ". وبث الله الخلق بثا - من باب قتل -: خلقهم. وبث حاجتك: أذكرها. ب ث ر في الحديث " المحرم يكون به البثرة والدماميل " البثرة بالفتح وسكون المثلثة وقد تفتح، واحدة البثر كتمرة وتمر، يقال بثر الجلد بثرامن باب قتل: خرج
به خراج صغير، وجمع البثرة بثور كتمور. و " بثرياء " بالباء الموحدة والثاء المثلثة ثم الراء المهملة ثم الياء المثناة التحتانية ومد في آخره - على ما يظهر من النسخ - وهو وصي يوسف النبي. ب ث ق في حديث الاول والثاني " كانا أول من ركب أعناقنا وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبدا حتى يقوم قائمنا " هو من قولهم بثق النهر: أنكسر شطه أي ثلما علينا ثلمة في الاسلام لا يسدها شئ ويقال بثقت الماء بثقا من بابي ضرب وقتل: إذا أهرقته. وكذلك في السكر فانبثق هو وأنبثق الماء: إنفجر وجرى. ومنه حديث هاجر أم إسماعيل في اسماعيل " فغمز بعقبه الارض فانبثق الماء " يعنى ماء زمزم. والبثق بالكسر: اسم للمصدر. ب ج ج
البجيجة: شئ يفعل الانسان عند مناغاة الصبي - قاله الجوهري. ب ج ح البجح: الفرح، يقال بجح بالشئ بالكسر، وبالفتح لغة ضعيفة. وبجحته فتبجح: أي فرحته ففرح وفي حديث أهل الجنة " في خيراتها يبتجحون " وفي بعض النسخ " يتبحبحون " بحائين مهملتين بينهما باء موحدة، كأنه من التبحبح وهو التمكن في الحلول والمقام. ب ج د " ذو البجادين " من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، سمي بذلك لانه حين هاجر قطعت أمه بجادا لها قطعتين فارتدى
[ 154 ]
بأحداهما وائتزر بالاخرى (1). والبجاد: الكساء من أكسية العرب مخطط. ومنه قوله: * كبير أناس في بجاد مزمل * وبجدة الامر: باطنه وسره، يقال هو عالم ببجدة أمرك وببجدة أمرك بضم
الباء والجيم، أي بدخلة أمرك وباطنه. ويقال للدليل الحاذق " هو ابن بجدتها " أي عالم بالارض كأنه نشأ بها. وأبجد إلى قرشت وكلمن رئيسهم ملوك مدين، وضعوا الكتابة العربية على عدد حروف أسمائهم، هلكوا يوم الظلة فقالت ابنة كلمن شعرا: * كلمن هدم ركني هلكه وسط المحلة * - قاله في القاموس. وفى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال " تعلموا تفسير أبجد فإن فيه الاعاجيب كلها، ويل لعالم جهل تفسيره " فقيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ما تفسير أبجد ؟ فقال: " أما الالف فآلاء الله، وأما الباء فبهاء الله، وأما الجيم فجنة الله وجلال الله وجمال الله، وأما الدال فدين الله، وأما هوز فالهاء الهاوية فويل لمن هوى في النار، وأما الواو فويل لاهل النار، وأما الزاء فزاوية في النار فنعوذ بالله مما في الزاوية يعني زوايا جهنم، وأما حطي فالحاء حطوط الخطايا عن المستغفرين في ليلة القدر وما نزل
به جبرئيل مع الملائكة إلى مطلع الفجر، وأما الطاء فطوبي بهم وحسن مآب وهي شجرة غرسها الله تعالى وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة تنبت الحلي والحلل متدلية على أفواههم، وأما الياء فيد الله فوق خلقه، وأما كلمن فالكاف كلام الله لا تبديل لكلمات الله ولن تجد من دونه ملتحدا، وأما اللام فإلمام أهل الجنة بينهم في الزيارة والتحية والسلام وتلاوم أهل النار فيما بينهم، وأما الميم فملك الله الذي لا يزول ودوام الله الذي لا يفنى، وأما النون فنون والقلم وما يسطرون والقلم قلم من نور وكتاب من نور ولوح
(1) اسم ذي البجادين هو عبد الله بن عبد نهم - راجع الكنى والالقاب ج 2 ص 220. (*)
[ 155 ]
من نور الله محفوظ يشهده المقربون وكفى بالله شهيدا " ذكر ذلك كله في معاني الاخبار إلى قوله قرشت فقال فيه " قرشهم فحشرهم ونشرهم إلى يوم القيامة فقضى بينهم بالحق " (1) ولعله اكتفى في تفسير باقي الحروف على ما فسر في حروف
الهجاء. والله أعلم. ب ج ر في الحديث " ودية البجرة إذا كانت فوق العانة عشر دية النفس مائة دينار " (2) البجر بالتحريك: نفخ في السرة وارتفاع وغلظ في أصلها، والرجل أبجر والمرأة بجراء، والجمع بجر. والبجرة بالضم: الوجه والعنق. ومنه " خضعت له بجرة المتكبر ". " وابن بجرة " اسم خمار كان بالطائف. و " شبيب ابن بجرة " شارك ابن ملجم في قتل أمير المؤمنين عليه السلام قاله في القاموس. وفي حديث على عليه السلام لقومه " لم آت بجرا " (3) أي شرا وأمرا عظيما. وقولهم " أفضيت إليك بعجري وبجري " أي بعيوبي، يعني بأمري كله. ب ج س قوله تعالى " (فأنبجست منه اثنتا عشرة عينا) [ 7 / 160 ] أي انفجرت منه، من قولهم إنبجس الماء. وتبجس: تفجر. وبجست الماء فانبجس من باب قتل:
أي فجرته فانفجر. وبجس الماء بنفسه يتعدى ولا يتعدى. وفي دعاء الغيث " منبجسة بروقه " أي منفجرة بالماء. ب ج ع البجعة بالضم: طلب الكلاء من مواضعه. ومنه حديث " الدنيا منزلة قلعة وليست بدار بجعة " أي مرعى. ب ج ل في الحديث " بجيلة خير من وعل ". وذكر أن بجيلة: حي من اليمن والنسبة إليه بجلي بالتحريك. وهم ولد امرأة اسمها بجيلة نسب إليها أولادها. (هامش) * (1) معاني الاخبار ص 45 - 47. (2) الكافي ج 7 ص 341. (3) نهج البلاغة ج 1 ص 83. (*)
[ 156 ]
والتبجيل: التعظيم. يقال بجلته تبجيلا: وقرته وعظمته. وأصبتم كثيرا بجيلا أي واسعا. والبجل محركة: البهتان.
ولعل منه حديث وصف المؤمن " لا يبجل ولا يعجل ". وبجلة: بطن من بني سليم. والنسبة إليهم بجلي بالتسكين. وبجلي أي حسبى. ب ح ب ح في الحديث " فغزاهم في بحبوحة قرارهم " البحبوحة - بضم البائين الموحدتين وبالحائين المهملتين -: وسط الشئ، ومنه " بحبوحة الجنة "، والمعنى غزاهم في وسط مستقرهم ومكانهم الذي يسكنونه، يقال بحبح الرجل: إذا تمكن وتوسط المنزل والمقام. ب ح ت في حديث تغسيل الميت " ثم اغسله بماء بحت " (1) وزان فلس، أي خالص لا يمازجه سدر ولا كافور. ومثله " شراب بحت " ومسك بحت " أي غير ممزوج، و " خبز بحت " أي ليس معه غيره، و " عربي بحت " أي خالص.
والبحت: الخالص من كل شئ. ب ح ت ر البحتر بالضم: القصير المجتمع الخلق، وكذلك الحبتر بالفتح - قاله الجوهري، وهو مقلوب منه. ب ح ث قوله تعالى: (غرابا يبحث في الارض) [ 5 / 31 ] هو من البحث، وهو طلب الشئ في التراب. والبحث أيضا: التفحص عن الشئ والتفتيش، يقال بحثت عن الشئ وابتحثت عنه: أي فتشت. وبحث بعقبه: أي حفر بطرف رجله وفي الحديث: " ليس على الناس أن يبحثوا " أي يتقصوا عن الاحوال ويفتشوا، من قولهم بحث عن الامر بحثا - من باب نفع -: استقصى. ب ح ح " البحح " بالحائين المهملتين غلظ
(1) الكافي ج 3 ص 139. (*)
[ 157 ]
الصوت، ومنه " البحة " بالضم، يقال بح
يبح بحوحا، فإن كان من داء فهو البحاح. وبححت بالكسر أبح بحا. ورجل أبح: بين البحح إذا كان ذلك فيه خلقة وامرأة بحة في صوتها. ومنه حديث التلبية " ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا ". ب ح ر قوله تعالى: (ما جعل الله من بحيرة) [ 5 / 103 ] الآية. البحيرة فيما بينهم: الناقة إذا نتجت خمس أبطن، فإن كان الخامس ذكرا بحروه أي شقوا أذنه فأكله الرجال والنساء، وإن كان الخامس أنثى بحروا أذنها وكانت حراما على النساء، فإذا ماتت حلت للنساء، فأنكر الله عليهم ذلك. قوله: (ظهر الفساد في البر والبحر) [ 30 / 49 ] البحر: الماء الكثير أو الملح فقط. والجمع أبحر وبحور وبحار. والفساد قيل هو قتل ابن آدم أخاه وأخذ السفينة غصبا. قوله تعالى: (حتى بلغ مجمع البحرين) يريد به - على ما قيل - بحر الروم وفارس.
وفي الحديث " إذا رأيت دم البحراني فدعي الصلاة " (1) البحراني قيل هو نسبة إلى البحر الذي هو قعر الرحم، زادوا في النسبة ألفا ونونا للمبالغة، يريد الدم الخالص الغليظ الواسع، وقيل هو نسبة إلى البحر لكثرته واتساعه، وعن القتيبي هو دم الحيض والاستحاضة (2). ورجل بحراني: منسوب إلى البحرين بلاد معروفة (3) و " فلان بحر في العلم " أي واسع فيه كالبحر.
(1) الكافي ج 3 ص 86. (2) كذا، ولكن نقل عنه انه قال " هو دم الحيض لا دم الاستحاضة ". (3) في معجم البلدان ج 1 ص 347: وهو اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان، قيل هي قصبة هجر، وقيل هجر قصبة البحرين، وقد عدها قوم من اليمن، وجعلها اخرون قصبة براسها، وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة، وربما عد بعضهم اليمامة من اعمالها، والصحيح ان اليمامة عمل براسه وسط الطريق بين مكة والبحرين.. (*)
[ 158 ]
وتبحر في العلم: توسع. و " البحر الاخضر " هو البحر المخيط. وفي الخبر " لا تركب البحر إلا حاجا
ومعتمرا، فإن تحت البحر نارا " يريد أنه لا ينبغي للعاقل أن يلقي نفسه إلى المهالك إلا لامر ديني يحسن بذل النفس فيه. وقوله: " فإن تحت البحر نارا " هو تهويل شأن البحر لآفات متراكمة إن أخطأته مرة جذبته أخرى. وفي حديث مارة " وكان لهم صنم يقال له باحر " بفتح الحاء، ويروى بالجيم. وفي حديث زمزم " ثم بحرها " أي شقها ووسعها لئلا تنزف ب خ ت في الحديث: " في الابل البخت السائمة مثل ما في الابل العربية " (1) البخت نوع من الابل، الواحد بختي مثل روم ورومي، والانثى بختية، والجمع بخاتي غير مصروف لانه جمع الجمع. ومنه الحديث: " إن لله واديا من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل، فلو رامه البخاتي لم تصل إليه " خصها بالذكر لانها أقوى خلق الله من الحيوان. و " البخت " بالفتح: الحظ وزنا ومعنى، وهو عجمي - قاله في المصباح.
و " بخت نصر " بالتشديد أصله بوخت، ومعناه ابن، ونصر كبقم لانه كان وجد ملقى عند صنم واسم ذلك الصنم نصر فنسب إليه لانه لم يعرف له أب - قاله في القاموس (2). و " بختيشوع " في الحديث بالباء الموحدة والخاء المعجمة ثم التاء المثناة الفوقانية والياء التحتانية ثم الشين المعجمة ثم العين المهملة بعد الواو اسم رجل من النصارى صاحب شأن. ب خ ت ج في الحديث " سألته عن البختج ؟ فقال: إذا كان حلوا يخضب الاناء فاشربه ". " البختج " بالخاء المعجمة بعد الباء المنقطة واحدة من تحتها والتاء المثناة
(1) الكافي ج 3 ص 532. (2) وفي رواية انه سمى " بخت نصر " لانه رضع بلبن كلبة وكان اسم الكلبة بخت واسم صاحبه نصر. انظر سفينة البحار ج 1 ص 60. (*)
[ 159 ]
الفوقانية وفي الآخر جيم: العصير المطبوخ وعن ابن الاثير: أصله بالفارسية پخته. ب خ ت ر
التبختر في المشي: هو مشية المتكبر المعجب بنفسه. ب خ خ بخ كلمة تقال عند الرضا والمدح مبنية على السكون، يقال " بخ بخ " فإن وصلت خففت ونونت بقول بخ بخ، وربما شددت كالاسر. وبخبخته: قلت له بخ بخ. ب خ ر البخور كرسول: ما يتبخر به، كالفطور والسحور. وعرف بأنه دخان الطيب المحترق. وبخرت القدر بخرا من باب قتل: ارتفع بخارها. وبخر الفم بخرا من باب تعب: أنتنت رائحته، ومنه رجل أبخر وامرأة بخراء، والجمع بخر مثل أحمر وحمراء وحمر. و " أحمد بن محمد بن علي البخاري " منسوب إلى بخراء العود لانه كان يتبخر به في الخانات، محدث من علماء العامة. والبئر المبخرة: التي يشم منها
الرائحة الكريهة كالجيفة ونحوها. ب خ س قوله تعالى: (وشروه بثمن بخس دراهم) [ 12 / 20 ] أي ناقص، من البخس مثلثة: النقصان، أي شروه بثمن ذي ظلم، لانه كان حرا وكان ثمنه دراهم لا دنانير قليلة تعد عدا ولا توزن. قيل وهي قيمة كلب الصيد إذا قتل كانت قيمته عشرين درهما. قوله: (لا تبخسوا الناس أشيائهم) [ 7 / 75 ] أي لا تنقصوهم أشياءهم، من قوله بخسه حقه يبخسه بخسا من باب نفع: إذا نقصه، يتعدى إلى مفعولين كما في الآية. ب خ ص في حديث وصفه عليه السلام " كان مبخوص العقبين " بالباء الموحدة والخاء المعجمة ثم الصاد المهملة أي قليل لحمها. والبخصة: لحم أسفل القدم. قال الهروي: وإن روي بالنون والحاء والضاد فهو من النحض اللحم، يقال نحضت العظم: إذا أخذت عنه لحمه.
[ 160 ]
ب خ ع قوله تعالى: (لعلك باخع نفسك على آثارهم) [ 18 / 6 ] أي قاتل نفسك بالغم والوجد عليهم، هو من قولهم بخع نفسه بخعا: أي قتلها غما ووجدا. وبخع بالحق بخوعا كمنع: أقربه وخضع له، وكذلك بخع بالكسر بخوعا وبخاعة. وفي الخبر " أتاكم أهل اليمن أرق قلوبا وأبخع طاعة " أي أبلغ وأنصح في الطاعة من غيرهم " كأنهم بالغوا في بخع أنفسهم " أي قهرها وإذلالها بالطاعة. قال الزمخشري في الفائق: وهو من بخع الذبيحة: إذا بالغ في ذبحها، وهو أن يقطع عظم رقبتها ويبلغ بالذبح البخاع بالباء، وهو العرق الذي في الصلب، والنخع بالنون دون ذلك، وهو أن يبلغ بالذبح النخاع وهو الخيط الابيض الذي يجري في الرقبة، هذا أصله ثم كثر حتى استعمل في كل مبالغة. ب خ ل
قوله تعالى (ومن بخل فإنما يبخل عن نفسه) [ 47 / 38 ] البخل: الشح في الشئ. والبخيل خلاف الجواد. ويقال بخل بخلا وبخلا من بابي تعب وقرب. والاسم البخل وزان فلس فهو بخيل. وفي الشرع: هو منع الواجب. وعند العرب: منع السائل مما يفضل عنده. وبخله تبخيلا: رماه به. ب خ ن ق البخنق على فعلل بالضم: البرقع الصغير - عن الاصمعي -. وقال الفراء: رقعة تقي الخمار من الدهن على الرأس. وفي شمس العلوم البخنق: البرنس الصغير. ب د أ قوله تعالى: (كما بدأنا أول خلق نعيده) (1) هو من بدأت الشئ: فعلته ابتداءا، ويقال: بديت بالشئ "
(1) سيأتي في " دخن " أول ما خلق الله تعالى ز. (*)
[ 161 ]
بكسر الدال: بدأت به، فلما خففت الهمزة كسرت الدال وانقلبت ياما. قوله: (فبدأ بأوعيتهم) أي بتفتيشها (قبل وعاء أخيه) بنيامين لنفي التهمة. قوله تعالى: (باد الرأي) أي في أول رأي رآه وابتدائه. قوله: (وما يبدئ الباطل وما يعيد) قال الشيخ أبو علي (ره): الحي إما أن يبدأ فعلا أو يعيده، فإذا هلك لم يكن منه ابداء ولا إعادة، فجعلوا قولهم " لا يبدئ ولا يعيد " مثلا للهلاك، والمعنى جاء الحق وهلك الباطل. و " ابتد لو بدء الامور بيده " - بمفتوحة ثم ساكنة وهمزة - أي ابتداء أوائل الامور بقدرته. والبدي - بالتشديد -: الاول، ومنه: " الحمد لله بديا ". وقولهم: " إفعل ذلك بديا " أي اول كل شئ.
والبدي: البئر التي حفرت في الاسلام وليست بعادية. ومنه: " حريم البئر البدي خمسة وعشرون ذراعا ". ب د ج في حديث أم سلمة قالت لعائشة " جمع الله ذيلك فلا تبدحيه بالحركة " أي لا توسعيه بالحركة والخروج، من قولهم " بدج به " أي باح. ب د د في الحديث " لم نجد لك بدا من كذا " أي لم نجد لك مخلصا منه بدون فعله، يقال لا بد لك من كذا: أي لا فراق لك منه ولا محيد عنه. ولا يعرف استعمال لها إلا مقرونا بالنفي. وبدت الشئ بدا - من باب قتل فرقته، واستعمل مبالغة وتكثيرا. وبدد الله عظامه يوم القيامة: فرقها. وفي الدعاء على الكافرين والمنافقين " واقتل أعداءهم بددا " بكسر الباء جمع بدة وهي الحصة والنصيب، أي أقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد منهم حصته
ونصيبه، ويروى بالفتح أي متفرقين بالقتل واحدا بعد واحد.
[ 162 ]
وشمل مبدد: أي متفرق، من تبدد الشئ: تفرق. ومالك به بدد وبدة، أي مالك به طاقة. واستبد بالامر: إنفرد به من غير مشارك، ومنه يقال " من استبد برأيه ضل أو هلك ". ب د ر قوله تعالى: (لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) [ 3 / 123 ] بدر اسم موضع بين مكة والمدينة، وهو إليها أقرب، يذكر ويؤنث، وفيها كانت وقعة النبي مع المشركين. وعن الشعبى أن بدرا اسم بئر هناك قال: وسميت بدرا لان الماء كان لرجل من جهينة اسمه بدر (1). قوله تعالى: (ولا تأكلوها إسرافا وبدارا) [ 4 / 6 ] أي مبادرة ومسابقة، يقال بدر إلى الشئ بدورا وبادر إليه
مبادرة وبدارا من بابى قعد وقاتل: أسرع. قيل ومنه سمي البدر أعنى القمر، لانه يبدر الشمس أي يسبقها بطلوعه. وقيل سمي بدرا لتمامه وامتلائه، وكل شئ تم فهو بدر. وليلة البدر: ليلة أربعة عشر. وفي حديث الجماعة " ولا يبدر لهم إمام " أي لا يظهر لهم إمام متميز عنهم. والبادرة: حدة الغضب، ومنه " الرجل ليأتي بالبادرة فيكفر ". وفي الحديث " البادرة اليمين عند الغضب ". و " أخشى عليك بادرته " أي غضبه وبدرت منه بوادر غضب: أي خطأ وسقطات عندما أحتد. وأهل البادرة: من يخشى بوادره من الظلمة. والبادرة: لحم بين المنكب والعنق. ومنه قوله " ترجف بوادره " وهي
(1) في معجم البلدان ج 1 ص 357: يقال انه ينسب إلى بدر بن يخلد بن النضر بن كنانة، وقيل بل هو رجل من بنى ضمرة سكن هذا الموضع فنسب إليه ثم غلب اسمه عليه، وقال الزبير بن بكار: قريش بن الحارث.. وابنه بدر بن
قريش به سميت بدر التى كانت بها الوقعة المباركة لانه كان احتفرها. (*)
[ 163 ]
جمع بادرة. و " تبتدره خزنة الجنة " أي يسرعون إليه. والبدرة من المال هي بالفتح فالسكون: عشرة آلاف درهم، سميت بدرة لتمامها. والمبادرة في الرماية: هي أن يشترط الاستحقاق لمن بدر إلى إصابة خمسة من عشرين مثلا. والمحاطة في الرماية: هي أن يشترط الاستحقاق لمن خلص له من الاصابة عدد معلوم بعد مقابلة إصابات الاخر باصابا ت مثلها - كذا قررهما بعض الاعلام. ب د ر ق في الحديث " سألته عن رجل يبدرق القوافل من غير أمر السلطان " كأن المعنى يتعرضهم، من البدرقة وهي الجماعة التي تتقدم القافلة وتكون معها، تحرسها وتمنعها العدو، وهي مولدة - قاله في المغرب. ب د ع
قوله تعالى: (ما كنت بدعا من الرسل) [ 46 / 9 ] أي ما كنت بدءا من الرسل، أي ما كنت أول من أرسل من الرسل قد كان قبلي رسل كثيرة. قوله: (ورهبانية ابتدعوها) [ 57 / 27 ] أي أحدثوها من عند أنفسهم وقد تقدم في كتب ما يتم به الكلام. قوله: (بديع السماوات والارض) [ 2 / 117 ] أي مبدعهما وموجد لهما من غير مثال سابق. ونوقش بأن فعيل بمعنى مفعل لم يثبت في اللغة، وإن ورد فيها فشاذ لا يقاس عليه. وأجيب بأن الاضافة فيه إضافة الوصف بحال المتعلق، فهي من قبيل حسن الغلام: أي إن السماوات والارض بديعة أي عديمة النظير. و " البديع " من أسمائه تعالى، وهو الذي فطر الخلق مبدعا لا على مثال سبق. وبديع الحكمة: غرائبها. ومنه الحديث " روحوا أنفسكم ببديع الحكمة فإنها تكل كما تكل الابدان ".
والبديع: المبتدع بالفتح، ومنه شئ بدع بالكسر أي مبتدع. وفي الدعاء " ولا يبدع من ولايتك " هو باسكان الدال، والمراد أن العطية التي
[ 164 ]
لا يحتاج معها إلى غيرك ليست أمرا بعيدا غريبا لم يعهد مثله من ولايتك بفتح الواو أي من إمدادك وإعانتك، " ولا ينكر " أي منكر ومستبعد ذلك. و " البدعة " بالكسر فالسكون الحدث في الدين، وما ليس له أصل في كتاب ولا سنة، وإنما سميت بدعة لان قائلها ابتدعها هو نفسه، والبدع بالكسر والفتح جمع بدعة. ومنه الحديث " من توضأ ثلاثا فقد أبدع " أي فعل خلاف السنة، لان ما لم يكن في زمنه صلى الله عليه وآله فهو بدعة. قال بعض شراح الحديث: البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهو في حيز الذم والانكار، وما كان تحت
عموم ما ندب الله إليه وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الافعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لان النبي صلى الله عليه وآله قد جعل له في ذلك ثوابا فقال " من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها " وقال في ضده " من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها "، وذلك إذا كان على خلاف ما أمر الله به ورسوله. ب د ل قوله تعالى (يوم تبدل الارض غير الارض والسموات) [ 14 / 48 ] التبديل: تغيير الشئ عن حاله. وبدلت الشئ: إذا غيرته ولم تأت له يبدل. ومعنى تبديل الارض: تسيير جبالها وتفجير بحارها وكونها مستوية لا فيها عوجا ولا أمتا. ومعنى تبديل السموات: إنتشار
كواكبها وانفطارها وتكوير شمسها وخسوف قمرها. وقيل بدلهما أرض وسموات أخر. وفي الحديث " تصير خبزة يأكلون منها حتى يفرغ الناس من الحساب ". وعن علي بن الحسين عليه السلام في قوله (تبدل الارض غير الارض)
[ 165 ]
[ 14 / 48 ] قال يعني بأرض لم يكتسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحيها أول مرة. قوله (فأردنا أن يبدلهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما) [ 18 / 82 ] يقال أبدلت بكذا إبدا لا إذا محيت الاول وجعلت الثاني مكانه. قال المفسر: الزكوة الطهارة والنقاء من الذنوب والرحم والرحمة العطف. وعن الصادق عليه السلام " حيث أبدلهما بالغلام المقتول جارية فولدت سبعين نبيا ". وبدلته تبديلا بمعنى غيرت صورته تغييرا وأتيت له ببدل.
قال تعالى (ومن يتبدل الكفر بالايمان) [ 2 / 108 ] أي يتعوض عنه بذلك. وبدل الله السيئات حسنات يتعدى إلى مفعولين بنفسه لانه بمعنى جعل وصير. ومنه قوله تعالى (يبدل الله سيئاتهم حسنات) [ 25 / 70 ] بأن يمحو سوابق معاصيهم بالتوبة ويثبت مكانها لواحق طاعاتهم، أو يبدل ملكة المعصية بملكة الطاعة. وقد استعمل أبدل بالالف مكان بدل بالتشديد فعدى بنفسه إلى مفعولين لتقارب معناهما منه. وقوله تعالى (وعسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا) [ 66 / 5 ] في قرائة السبعة. قوله (لا تبديل لخلق الله) [ 30 / 30 ] أي لا ينبغي أن تبدل تلك الفطرة التي فطر الناس عليها من التوحيد وتغير. وفي الحديث " إن جامعت ليلة الجمعة
بعد العشاء الآخرة فإنه يرجى أن يكون الولد من الابدال ". الابدال: قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم إذا مات واحد أبدل الله مكانه آخر. وفي القاموس الابدال: قوم يقيم الله بهم الارض وهم سبعون، أربعون بالشام وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلا قام مقامه آخر من سائر الناس. البدل بفتحتين والبدل بالكسر والبديل
[ 166 ]
كلها بمعنى والجمع أبدال. وبديل كزبير ابن ورقاء الخزاعي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رسولا في بعض المواضع. ب د ن قوله تعالى (فاليوم ننجيك ببدنك) [ 10 / 92 ] البدن ما سوى الرأس والاطراف. وبدن القميص مستعار منه وهو ما يقع على الظهر والبدن دون الكمين والدخارس والجمع أبدان.
والبدن أيضا الدرع القصيرة. وفي حديث علي عليه السلام " إنما كنت جارا لكم جاوركم بدني أياما " قيل إنما قال ذلك لان مجاورته إياهم إنما كان بجسده لا بنفسه المجاورة للملائكة المقبلة علي العالم العلوي بكليتها، المعرضة عن العالم السفلي. وفي حديث الباقر عليه السلام " إنه كان بادنا " البادن. والبدين: الجسيم. ورجل بأدن أي سمين ضخم. والبدن بالضم: جمع بدنة كقصبة وتجمع علي بدنات كقصبات سميت بذلك لعظم بدنها وسمنها، وتقع على الجمل والناقة والبقرة عند جمهور أهل اللغة وبعض الفقهاء، وخصها جماعة بالابل. وعن بعض الافاضل قال: إطلاقها على البقرة مناف لما ذكره أئمة اللغة من أنها من الابل خاصة ولقوله عليه السلام " تجزي البدنة عن سبعين، والبقرة عن سبعة " وهي في السن على ما نقل عن بعض المحققين: ماله خمس سنين ودخل في السادسة.
ب د ه في حديث وصفه عليه السلام " من رآه بديها هابه " أي مفاجأة وبغتة. ب د و وبادي الرأي - غير مهموز - من البدو والظهور، أي في ظاهر الرأي والنظر. قيل: وكلهم قرأ بغير همزة غير أبي عمرو قوله: (بدت لهما سوآتهما) أي ظهرت لهما عوراتهما، وظهرت لكل واحد منهما عورة صاحبه (وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) قال المفسر: وهذا إنما كان لان المصلحة اقتضت إخراجهما من الجنة
[ 167 ]
وإهباطهما إلى الارض لا على وجه العقوبة فان الانبياء لا يستحقون العقوبة. قوله: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) هي الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار. قال علي بن ابراهيم (ره): والزينة ثلاث: زينة للناس وزينة للمحرم وزينة للزوج، فأما زينة الناس فقد ذكرناه، وأما زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج فما دونه
والخلخال وما أسفل منه، وأما زينة الزوج فالجسد كله (1). و " أبدى الشئ " أظهره. ومنه سميت البادية لظهورها. والبدو - على فعول -: الظهور، ومنه الحديث: " نهى عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها " أي قبل ظهوره، وهو أن يحمر البسر أو يصفر. قوله: (سواء العاكف فيه والباد) أي الذى من أهل البدو. والبدو - كفلس -: خلاف الحضر. قوله: (بادون في الاعراب): خارجون إلى البدو، واراد البداوة أي الخروج إلى البادية، وتفتح باؤها وتكسر وفي الحديث: " أتى أهل البادية رسول الله " أي جماعة من الاعراب سكان البادية. والبدوي: نسبة إلى البادية على غير القياس. وفي الخبر: " كره شهادة البدوي على صاحب قرية " قيل: لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع،
ولانهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها. و " فلان ذو بداوة " أي لا يزال يبدو له رأي جديد. ومنه " بدا له في الامر " إذا ظهر له استصواب شئ غير الاول. والاسم منه البداء - كسلام - وهو بهذا المعنى مستحيل على الله تعالى، كما جاءت به الرواية عنهم (ع): " بأن الله لم
(1) تفسير على بن ابراهيم 2 / 101. (*)
[ 168 ]
يبدله من جهل ". وقوله (ع): " ما بدا لله في شئ إلا كان في علمه قبل أن يبدو له ". وقد تكثرت الاحاديث من الفريقين في البداء، مثل: " ما عظم الله بمثل البداء " (1) وقوله: " ما بعث الله نبيا حتى يقر له بالبداء " (2) أي يقر له بقضاء مجدد في كل يوم بحسب مصالح العباد لم يكن ظاهرا عندهم، وكأن الاقرار عليهم بذلك للرد على من زعم أنه تعالى فرغ من الامر، وهم اليهود، لانهم يقولون:
" إن الله عالم في الازل بمقتضيات الاشياء فقد ركل شئ على وفق علمه ". وفي الخبر: " الاقرع والابرص والاعمى بدا لله عزوجل أن يبتليهم " أي قضى بذلك، وهو معنى البداء هاهنا لان القضاء سابق. ومثله في اليهود: " بدا لله أن يبتليهم " أي ظهر له إرادة وقضاء مجدد بذلك عند المخلوقين. وفي حديث الصادق (ع): " ما بدا لله في شئ كما بدا له في اسماعيل ابني " يعني ما ظهر له سبحانه أمر في شئ كما ظهر له في اسماعيل ابني، إذ اخترمه قبلي ليعلم أنه ليس بامام بعدي - كذا قرره الصدوق (ره). وفي حديث العالم (ع): " المبرم من المفعولات ذوات الاجسام المدركات بالحواس من ذوي لون وريح ووزن وكيل، وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك مما يدرك بالحواس فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء
والله يفعل ما يشاء ". وفيه من توضيح معنى البداء ما لا يخفى (3).
(1) الكافي 1 / 146. (2) الكافي 8 / 165. (3) قد ثبت في الاحاديث الصحاح أن لله علما مكنونا يكون منه البداء وله علم مبذول يكون فيه البداء، وهو المكتوب في اللوح، وهو المراد من " المبرم من المفعولات " وقد ظهر ان في القول بالبداء انقطاعا للعبد إلى الله في كل حال، وفيه وقوف للعبد في مقام
[ 169 ]
وقال الشيخ في العدة: وأما البداء فحقيقته في اللغة: الظهور، ولذلك يقال: " بدا لنا سور المدينة " و " بدا لنا وجه الرأي " قال تعالى: (وبدا لهم سيئات ما عملوا)، (وبدا لهم سيئات ما كسبوا) ويراد بذلك كله: ظهر. وقد يستعمل ذلك في العلم بالشئ بعد ان لم يكن حاصلا، وكذلك في الظن، فأما إذا أضيفت هذه اللفظة إلى الله تعالى فمنه ما يجوز إطلاقه عليه ومنه ما لا يجوز، فأما ما يجوز من ذلك فهو ما أفاد النسخ بعينه، ويكون إطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع، وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما ورد عن الصادقين (ع) من الاخبار المتضمنة لاضافة البداء إلى الله تعالى، دون
ما لا يجوز عليه من حصول العلم بعد أن لم يكن، ويكون وجه إطلاق ذلك عليه والتشبيه هو: أنه إذا كان ما يدل على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهرا ويحصل لهم العلم به بعد أن لم يكن حاصلا وأطلق على ذلك لفظ البداء. قال: وذكر سيدنا المرتضى - قدس روحه - وجها آخر في ذلك، وهو أن قال: يمكن حمل ذلك على حقيقته، بأن يقال: " بدا لله " بمعنى أنه ظهر له من الامر ما لم يكن ظاهرا له، وبدا له من النهي ما لم يكن ظاهرا له، لان قبل وجود الامر والنهي لا يكونان ظاهرين مدركين، وإنما يعلم أنه يأمر أو ينهى في المستقبل، فأما كونه آمرا وناهيا فلا يصح أن يعلمه إلا إذا وجد الامر والنهي، وجرى ذلك مجرى أحد الوجهين المذكورين في قوله تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم) بأن تحمله على أن المراد به: حتى نعلم جهادكم موجودا، لان قبل وجود الجهاد لا يعلم الجهاد موجودا، وإنما يعلم كذلك
العبودية، ولذا ما عظم الله بشئ مثل البداء كما ذكره. وقد صححنا الحديث على الكافي
كتاب التوحيد باب البداء - ن (*)
[ 170 ]
بعد حصوله، فكذلك القول في البداء (1) ثم قال: وهذا وجه حسن جدا. ب ذ خ في حديث النساء " البذخ لهن لازم وإن كبرن " البذخ بالتحريك: الفخر والتطاول. وقد كثرت النسخ في هذا الحديث: ففي بعضها البرح بالراء المهملة أعني الشدة والشر، وفي بعضها البرج بالجيم أعني اظهار الزينة للرجل، ولعل الاول أصح. وشرف باذخ: أي عال. والباذخ: العالي، ويجمع على بذخ. ومنه حديث علي عليه السلام " وحمل شواهق الجبال البذخ على أكتافها " (2). ومنه " سبحان ذي الجلال الباذخ ". وبذخ الجبل يبذخ من باب تعب بذخا: طال، فهو باذخ، والجمع بواذخ. وبذخ بالكسر وتبذخ: أي تكبر وعلا. ب ذ ذ في الحديث " إذا قال بذ القائلين "
أي سبقهم وغلبهم، من قولهم بذه يبذه بذاذا: أي غلبه وفاقه. ومثله في وصف المؤمن " إذا قال بذ " أي غلب. وفي الخبر " البذاذة من الايمان " هي رثائة الهيئة. وباذ الهيئة: هو رث اللبسة، من قولهم بذذت كعلمت: إذا ساعت حالك، والمراد هنا التواضع في اللباس. ب ذ ر قوله تعالى: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) [ 17 / 27 ] هو من التبدير في النفقة والاسراف فيها وتفريقها في غير ما أحل الله تعالى، وقد فرق بين التبدير والاسراف في أن التبذير الانفاق فيما لا ينبغي والاسراف الصرف زيادة على ما ينبغي، والاخوة هنا للمشاكلة. وفي حديث وصف الاولياء " ليسوا بالمذاييع البذر " جمع بذور. ويقال بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب: أي أفشيته وفرقته. والبذر بكسر الذال: الذي يفشي
السر ويظهر ما سمعه. ومنه " رجل بذور " للذي يذيع
(1) يذكر في " سلط " حديثا في البداء - ز. (2) نهج البلاغة ج 1 ص 173. (*)
[ 171 ]
الاسرار. وقوم بذر مثله. ومن كلام الفقهاء " الثفل في البذر عيب " هو بفتح الباء وكسرها مفسر بدهن الكتان، وأصله محذوف المضاف، أي دهن البذر. والبذر بالفتح فالسكون: ما يبذر ويزرع من الحبوب كلها. وبذرت البذر من باب قتل: إذا نثرت الحب في الارض للزراعة. وقال بعضهم: البذر في الحبوب كالحنطة والبز بالزاي المعجمة للرياحين والبقول قال في المصباح: وهذا هو المشهور في الاستعمال، وعن الخليل كل حبة بذر. والبذر: النسل والولد. و " الباذورج بجيم في آخره نوع من الرياحين الجبلية. ومنه " كان يعجب رسول الله صلى الله عليه وآله من البقول الباذورج " (1). ب ذ ر ج
في الحديث " بقلة أمير المومنين عليه السلام الباذورج " (2) هو بفتح الذال نبت يؤكل، ويقال هو نوع من الريحان الجبلي. ب ذ ل في حديث الاستسقاء " فخرج متبتذلا " التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. وفي حديث سلمان " فرأى أم الدرداء متبذلة ". وفي رواية " مبتذلة " وهما بمعنى. والمراد ترك التصاون. وفي الحديث " إبتذال نعم الله بالفعال أحب إليه من ابتذالها بالمقال " أي بالقول. والبذل: العطاء. وبذل بذلا من باب قتل: سمح وأعطاه وجاد به وهو يناقض المنع. ومنه " عليكم بالتواصل والتباذل ". ومنه قوله " شيعتنا المتباذلون في ولايتنا ". ومنه قوله " من زار أخاه في الله لا يأتيه خداعا ولا استبذالا وكل الله به
سبعين ألف ملك ينادون طبت وطابت لك الجنة " أراد بالاستبذال: طلب العطاء. وبذله: أباحه عن طيب نفس. وفي الحديث " من خير نسائكم المرأة
إذا خلا بها زوجها بذلت له ما أراد منها ولم تبذل له تبذل الرجل " أي تتصاون في الجملة ولم تترك التصاون. وبذل الثوب وابتذله: لبسه في أوقات الخدمة. وثوب بذلة بالكسر أي يبذل ولا يصان. ب ذ و في الحديث " إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذي " (1) البذي - على فعيل -: السفيه، من قولهم: " بذا على القوم يبذوا بذاء " بالفتح والمد: سفه عليهم وأفحش في منطقه، وإن كان صادقا فيه، ولعلهما في الحديث واحد مفسر بالآخر. قيل: وربما كان التحريم زمانا طويلا لا تحريما مؤبدا، والمراد بالجنة جنة خاصة
معدة لغير الفحاش، وإلا فظاهره مشكل وفي الخبر: " البذاء من الجفاء " يعني الفحش من القول. وقد جاء أبذا يبذئ بالالف، وبذي يبذو من بابي تعب وقرب. ب ر أ قوله تعالى: (هو الله الخالق البارئ المصور) قيل: الخالق المقدر لما يوجده، والبارئ: المميز بعضهم عن بعض بالاشكال المختلفة، والمصور: المثل. ويتم الكلام في خلق انشاء الله تعالى. والبارئ (2): اسم من أسمائه تعالى، وفسر بالذي خلق الخلق من غير مثال. قيل: ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وفلما تستعمل في غير الحيوان، فيقال: " برأ الله النسمة وخلق السموات والارض ". قوله: (ما أصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) الضمير في نبرأها للنفس أو المصيبة، والمراد بالمصيبة في الارض مثل القحط ونقص
الثمار، وفى الانفس مثل الامراض والثكل بالاولاد، والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ ثم بين تعالى وجه الحكم في ذلك بقوله:
(1) تحف العقول ص 44. (2) يذكر " الباري " في " خلق " أيضا - ز. (*)
[ 173 ]
(لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتيكم) أي (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) من نعيم الدنيا، (ولا تفرحوا بما آتيكم) الله عزوجل، يعني إذا علمتم أن كل شئ مقدر مكتوب قل حزنكم على الفائت وفرحكم على الآتي، وكذا إذا علمتم أن شيئا منه لا يبقى لم تهتموا لاجله واهتممتم لامور الآخرة التي تدوم ولا تبيد. قوله: (إنا برءاء منكم ومما تعبدون) برءاء - بالضم - أي بريئون، وقرئ " براء " بالفتح وزن " سلام " (1). قوله: (براءة من الله) أي هذه الآيات براءة و " من " لابتداء الغاية. قال الشيخ أبو علي (ره): أجمع المفسرون على أن رسول الله صلى الله عليه وآله حين نزلت براءة دفعها إلى أبي بكر ثم أخذها منه ودفعها إلى علي (ع) وان اختلفوا في تفصيله. (2)
قوله تعالى: (أولئك هم خير البرية) أي هم خير الخلق، من " برأ الله الخلق " أي خلقهم، فتركت همزتها، ومنهم من يجعلها من " البرء " وهو التراب لخلق آدم منه. قال الشيخ أبو علي (ره): قرأ نافع وزكوان البرأة مهموزا والباقون بغير همز، والمعنى: اولئك هم خير الخليقة، قال: وروي مرفوعا إلى يزيد بن شراحيل الانصاري كاتب علي (ع) قال: " سمعت عن علي (ع) قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا مسنده إلى صدري فقال: يا علي ألم تسمع قوله تعالى: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) وهم شيعتك وموعدي وموعدك الحوض إذا اجتمعت الامم للحساب، يدعون غرا محجلين "، وعن ابن عباس في قوله تعالى: (أولئك هم خير البرية) قال: " نزلت في علي (ع) وأهل بيته ". قوله: (وما أبرئ نفسي) الاية
(1) وهذا لا يثنى ولا يجمع، لانه في الاصل مصدر مثل " سمع سماعا " بخلاف ما إذا قلت " أنا برئ منه " فانه يثنى ويجمع، كما يأتي تفصيله - م. (2) انظر البرهان 2 / 100، والدر المنثور 3 / 209. (*)
[ 174 ]
قال الشيخ أبو علي (ره): ثم تواضع لله - يعني يوسف - وبين أن ما به من الامانة إنما هو بتوفيق الله وعصمته (وما أبرئ نفسي) من الزلل ل (أن النفس لامارة بالسوء) أراد الجنس (إلا ما رحم ربي) إلا البعض الذي رحمه ربي بالعصمة. وقيل: من كلام امرأة العزيز، أي ذلك قلت ليعلم يوسف أني لم أكذب عليه في حال الغيبة وصدقت فيما سئلت عنه، وما أبرئ نفسي مع ذلك من الخيانة، فأني خنته حين فرقته وسجنته، تريد الاعتذار مما كان. وفي الحديث: " من نام على سطح غير محجر فقد برئت منه الذمة " ومعناه: أن لكل أحد من الله عهدا بالحفظ والكلاءة، فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرم أو خالف ما أمر به خذلته ذمة الله. و " برأت من المرض أبرأ براءا " بالفتح، ويقال: " برئت " بالكسر " برء " بالضم، و " وأبرأه الله من المرض ".
و " برئ فلان من دينه " من باب تعب: سقط عنه طلبه. و " برئ فلان من فلان " إذا تبرأ منه و " الله منه برئ " أي متبرئ، وهو من باب الوعيد. وإذا قلت: " أنا برئ منه " قلت في الجمع: " نحن منه برءاء " مثل فقيه وفقهاء، و " براء " مثل كريم وكرام، و " أبراء " مثل شريف وأشراف، " وأبرياء " مثل نصيب وأنصباه، و " بريئون " - كذا قاله الجوهري. و " أنا منه براء " أي برئ عن مساواته في الحكم وأن أقاس به، ولم يرد براءة الايمان والولاية. وفي حديث الطب والتطير: " فليطلب من وليه البراء " كأنه يريد البراءة من الضمان عند عروض التلف. و " أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل " اي أمتنع. و " استبرأت الشئ " طلبت آخره لقطع الشبهة عنه.
[ 175 ]
ومنه " إستبراء الخبر ". والاستبراء من البول (1): أن يستفرغ بقيته وينقي موضعه ومجراه حتى يبرئهما منه، ومن الحيض: هو طلب نقاوة الرحم من الدم، وكيفيته - على ما ذكر في الفقيه - هو أن تلصق المرأة بطنها بالحائط وترفع رجلها اليسرى - كما ترى الكلب إذا بال - وتدخل قطنة فان خرج الدم فهو حيض. ومن الجلل: هو ربط الجلال وحبسه عن أكل النجاسات مدة مقدرة من الشرع، وفى كمية القدر خلاف، ومحصله - على ما ذكره بعض المحققين -: استبراء الناقة بأربعين يوما، والبقرة بعشرين - وقيل بثلاثين - والشاة بعشرة والبطة وشبهها بخمسة - وفي الفقيه بثلاثة ايام وروي ستة ايام -، والدجاجة وشبهها بثلاثة ايام، والسمك بيوم وليلة، وما عدا هذه المذكورات بما يزيل حكم الجلل، ومرجعه إلى العرف. و " استبرأ لدينه وعرضه " اي طلب البراء لاجل دينه من الذم الشرعي ومن الاثم ولعرضه من الطعن فيه.
والبراء: - بالمد والتخفيف - يقال لابن معرور الذي هو من النقباء ليلة العقبة، ولابن عازب الذي نقل أنه روى عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاثمائة وخمسة أحاديث، وانه حضر مقتل الحسين (ع) ولم ينصره، وكان يطيل الحسرة والندم على ذلك، ولابن مالك اخو أنس بن مالك الذي شهد أحدا والخندق. ب ر ب ر والبربر: جيل من الناس، يقال أول من سماهم بهذا الاسم أقر يقيس الملك لما ملك بلادهم. وقد جاء في الحديث " الباه في أهل بر بر ". ونقل أن في الجزائر كثير منهم. ب ر ب ط في الحديث " لا يقدس الله أمرة فيها بربط يقعقع وفاية تفجع " البربط كجعفر معرب بربت أي صدر البط، لان الصدر يقال له بالفارسية بر والضارب به يضعه شئ من ملاهي العجم يشبه صدر البط، على صدره.
(1) يذكر في " نثر " كيفية الاستبراء من البول، وفى " سوق " حديثا فيه - ز. (*)
[ 176 ]
قال في القاموس: ويقال له العود. و " الفاية " بالفاء أو غيرها على اختلاف النسخ شئ من ملاهي العجم. ب ر ث البرث: الارض السهلة، والجمع براث وأبراث وبروث. و " براثا " بالضم: محلة عتيقة بجانب بغداد (1). و " مسجد براثى " معروف هناك، وهو مسجد صلى فيه أمير المؤمنين (ع) لما رجع من قتال أهل النهروان (2). ب ر ث ن في حديث وصفه عليه السلام " كأن الذهب أفرغ على براثنه " البراثن بالثاء المثلثة جمع برثن كقنفذ: الكف مع الاصابع. والبرثن من السباع والطير الذي لا يصيد، بمنزلة الظفر من الانسان. ب ر ج قوله تعالى: (في بروج مشيدة)
[ 4 / 78 ] أي في حصون مرتفعة، واحدها " برج " وهو القصر والحصن. و " البروج " في الاصل: بيوت على أطراف القصر، من " برجت المرأة " إذا ظهرت. وبروج السماء: منازل الشمس والقمر والبروج أيضا: الكواكب العظام، سميت بها لظهورها. قوله تعالى: (والسماء ذات البروج) [ 85 / 1 ] قال الشيخ أبو علي في تفسير هذه الآية: " البروج " المنازل العالية، والمراد هنا منازل الشمس والقمر والكواكب وهي اثنى عشر برجا، يسير القمر في كل برج منها يومين وثلث، وتسير الشمس في كل برج منها شهرا، وجواب القسم محذوف تقديره: إن الامر حق في الجزاء على الاعمال، وقيل جواب القسم (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) الاية، وقيل قوله: (إن بطش ربك لشديد) - انتهى (3).
(1) براثا بالثاء المثلثة والقصر: محلة كانت في طرف بغداد في قبلى الكرخ. مراصد الاطلاع ص 174. (2) في الوافي ج 2 ص 170 جابر بن عبد الله الانصاري قال: صلى بنا علي (ع)
ببراثا بعد رجوعه من قتال الشراة.. (3) البرهان ج 4 ص 445 والزيادات منه. (*)
[ 177 ]
وفي الحديث: " للشمس ثلاثمائة وستون برجا ". وجمع " البرج " البروج وأبراج. والبروج التي للربيع والصيف الحمل والثور والجوزاء والسرطان والاسد والسنبلة، وبروج الخريف والشتاء الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والسمكة. وعن الاصبغ بن نباتة قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذكر الله تعالى عبادة، وذكري عبادة، وذكر علي عبادة، وذكر الائمة [ من ولده ] عبادة، والذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية إن وصيي لافضل الاوصياء، وإنه لحجة الله على عباده وخليفته على خلقه، ومن ولده الائمة الهداة بعدي، بهم يحبس الله العذاب عن أهل الارض، وبهم يمسك السماء أن تقع على الارض [ إلا باذنه ]، وبهم يمسك الجبال أن تميد بهم، وبهم يسقي خلقه الغيث، وبهم يخرج
النبات، أولئك أولياء الله حقا وخلفاؤه صدقا، عدتهم عدة الشهور، وهي اثنى عشر شهرا، وعدتهم عدة نقباء موسى بن عمران، ثم تلا هذه الآية (والسماء ذات البروج) ثم قال: أتزعم يابن عباس أن الله يقسم بالسماء ذات البروج ويعني به السماء وبروجها ؟ قلت: يا رسول الله فما ذاك ؟ قال: أما السماء فأنا، وأما البروج فالائمة بعدي أولهم علي وآخرهم المهدي صلوات الله عليهم أجمعين (1). قوله تعالى: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى) [ 33 / 33 ] أي لا تبرزن محاسنكن وتظهرنها، والجاهلية الاولى هي القديمة التي يقال لها الجاهلية الجهلاء، وهي في الزمن الذي كان فيه ابراهيم عليه السلام، كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ وتمشي وسط الطريق وتعرض نفسها على الرجال، وقيل ما بين آدم ونوح عليهما السلام، وقيل جاهلية الكفر بعد الاسلام. وفي الدعاء " وأتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه " (2) أي زينته.
وابن البراج أبو القاسم عبد العزيز
(1) مجمع البيان ج 5 ص 464 - 466، والكلام المنقول هنا مختصر عما ذكر في المجمع. (2) من دعاء الصباح لامير المؤمنين عليه السلام. (*)
[ 178 ]
من فقهاء الامامية، وكان فاضلا بطرابلس (1) ب ر ج د البرجد: كساء غليظ - قاله الجوهري والبراجد. الحوائط السبعة التي وصت بها فاطمة عليها السلام. ب ر ج س في الخبر " سئل عن الكواكب الخنس ؟ فقال: هي البرجيس وزحل وعطارد وبهرام والزهرة " وفسر البرجيس بالمشترى وبهرام بالمريخ. ب ر ج م البرجمة بالضم: واحدة البراجم وهي مفاصل الاصابع التي بين الاشاجع والرواجب وهي رؤس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض القابض كفه نشرت وارتفعت. ب ر ح قوله تعالى: (فلن أبرح الارض) [ 18 / 60 ] أي لن أفارق مصر، يقال
ما برح من مكانه أي لم يفارقه. قوله: (لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين) [ 18 / 60 ] أي لا أزال أسير، فحذف الخبر لدلالة حاله وهو السفر. و " براح " بالفتح مثل قطام: اسم للشمس وانشد قطرب: هذا مقام قدمي رباح ذبب حتى دلكت براح من روى بفتح الباء جعله اسما مبنيا على فعال كقطام وحذام، ومن يروي براح بكسر الباء أراد باء الجر والراح جمع راح وهي الكف، لانهم كانوا يضعون راحاتهم على عيونهم ينظرون هل غربت الشمس أو زالت. وبرح الظبي بالفتح بروحا: إذا ولاك مياسره يمر من ميامنك إلى مياسرك. والعرب تتطير بالبارح وتتفأل بالسانح، لانه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف كذا ذكره الجوهري، ويتم الكلام في سنح انشاء الله. والبارح: الريح الحارة. والبارحة، أقرب ليلة مضت. قال
(1) الشيخ عبد العزيز بن نحرير بن عبد العزيز بن البراج، يلقب بالقاضي لانه كان قاضيا بطرابلس مدة عشرين أو ثلاثين سنة، توفي 9 شعبان سنة 481 ه. الكنى والالقاب ج 1 ص 214. (*)
[ 179 ]
في المصباح: والعرب تقول قبل الزوال " فعلنا الليلة كذا " لقربها من وقت الكلام، وتقول بعد الزوال " فعلنا البارحة ". و " البرح " بالفتح فالسكون الشدة، تقول منه برحا. والتبريح: المشقة والشدة. و " ضرب مبرح " بكسر الراء: أي شاق. و " البراح " بالفتح: المتسع من الارض لا زرع فيه ولا شجر. والبراح مصدر قولك " برح الشئ من مكانه " من باب تعب " براحأ " أي زال عنه وصار في البراح. وبريحة بالباء الموحدة والراء والحاء المهملتين بينهما ياء مثناة: اسم رجل. ب ر د قوله تعالى: (من جبال فيها من
برد) [ 24 / 43 ] قيل من هنا زائدة، والتقدير وتنزل من السماء من جبال فيها برد. والبرد: شئ ينزل من السحاب يشبه الحصى، ويسمى حب الغمام وحب المزن، قيل وإنما سمي بردا لانه يبرد وجه الارض. قوله: (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا) [ 78 / 24 ] يريد النوم والماء قاله الشيخ أبو علي نقلا عن ابن عباس، وقيل لا بذوقون في جهنم بردا ينفعهم من حرها ولا شرابا ينفعهم من عطشها (1). والبرد: خلاف الحر. كما أن البرودة خلاف الحرارة. وبرد الماء كنصر وكرم برودة: سكنت حرارته. وعيش بارد: أي هنئ. وفي الحديث " أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من قوح جهنم " (2) قيل هو من الابراد الذي هو انكسار الوهج والحر، أعني الدخول في البرد، والمعنى صلوها في أول وقتها من برد النهار أوله،
وهو الاقرب لان الصلاة مما أمر الانسان بتعجيلها والمحافظة عليها.
(1) هذا الكلام كله منقول من مجمع البيان ج 5 ص 246. (2) سفينة البحار ج 1 ص 68. (*)
[ 180 ]
ومثله الحديث " إن المؤذن يأتي النبي صلى الله عليه وآله في الحر في صلاة الظهر فيقول له رسول الله صلى الله عليه وآله أبردأ برد " (1) يعني عجل عجل. قال الصدوق (ره): وأخذ ذلك من التبريد يعني الدخول في البرد، لان من عجل بصلاته في أول وقتها فقد سلم من الوهج والحر، قيل وهذا أولى من حمل أبرد أبرد على التأخير لمنافاته المحافظة على الصلاة وتعجيلها أول الوقت. وفيه " أفضل الصدقة إبراد كبد حرى " (2) أي تبريد وهجها وحرارتها وفيه " الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة " أي التي لا تعب فيها ولانصب. والعرب تصف سائر ما يستلذ بالبرودة، ويشهد لذلك قوله عليه السلام " من وجد برد حبنا على قلبه فليحمد الله " أراد لذاذة
حبنا، والمعنى ان الصائم في الشتاء يحوز الاجر من غير أن يمسه العطش أو تصيبه لذعة الجوع. وفيه " إذا نظر أحدكم امرأة فليأت زوجته فإن في ذلك برد ما في نفسه " روي بالموحدة من البرد، أي إنه يبرد له ما تحركت به نفسه من حد شهوة الجماع، أي يسكنه ويجعله باردا. وفيه: لا تبرد للوارث على ظهرك " قيل معناه لا تشقى ويسعد غيرك، يفسره قوله عليه السلام " إنما أنت جامع لاحد رجلين: إما رجل عمل بطاعة الله فيسعد بما شقيت، وإما رجل يعمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له، وليس من هذين أحد بأن تؤثره على نفسك ولا تبرد له على ظهرك. وفي الدعاء " اللهم اجمع بيننا وبين محمد صلى الله عليه وآله في برد العيش " أي في طيب العيش. وبردت الشئ تبريدا، ولا يقال أبردته إلا في لغة ردية - قاله الجوهري. و " البرد " بالضم فالسكون: ثوب
مخطط، وقد يقال لغير المخطط أيضا، وجمعه برود وأبراد، ومنه الحديث " الكفن يكون بردا، فإن لم يكن بردا فاجعله كله قطنا " (3).
(1) من لا يحضر ج 1 ص 144. (2) الكافي ج 4 ص 56. (3) الكافي ج 3 ص 149. (*)
[ 181 ]
والبردة: كساء أسود مربع فيه صغر يكتسيه الاعراب. و " أبو بردة " من كنى الرجال، ومنه أبو بردة بن قيس الاشعري اخو موسى الاشعري اسمه عامر بن قيس بن سليم. و " بردة " اسم أحد الاوصياء الذي انتقلت منه الوصية إلى محمد صلى الله عليه وآله. وبريد مصغرا: اسم رجل. و " البريد " بالفتح على فعيل أربعة فراسخ اثنا عشر ميلا، وروي فرسخين ستة أميال، والمشهور الذي عليه العمل خلافه. وفي الحديث عن الصادق عليه السلام
" البريد ما بين ظل عير إلى فئ وعير ذرعته بنو أمية ثم جزوه اثني عشر ميلا فكان كل ميل ألفا وخمسمائة ذراع وهو أربعة فراسخ ". وفي الحديث " حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة بريد في بريد " (1). ومثله " الحرم بريد في بريد " وحينئذ فيكون طول الحرم أربعة فراسخ وعرضه كذلك، وهو من جانب مكة الشرقي أكثر من الغربي، لان إشراق نور الحجر كان أكثر إلى جانب المشرق. والبريد: الرسول، ومنه " الحمى بريد الموت ". وفي الفائق وغيره: البريد في الاصل البغل، وهي كلمة فارسية وأصلها " بريده دم " أي محذوف الذنب، لان بغال البريد كانت محذوفة الاذناب، فأعربت الكلمة وخففت ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا، ثم سميت المسافة به، والجمع برد بضمتين. وفي الحديث: " آخر العقيق بريد أو طاس " لعله اسم موضع. و " البردى " بالفتح فالسكون نبات
معروف في العراق، وبالضم ضرب من أجود التمر. و " البرادة " بالتشديد: السقاية، وسمي المبرد النحوي بذلك لانه كان يدرس بها، وكنية المبرد أبو العباس وكان في زمن المتوكل (2).
(1) من لا يحضر ج 2 ص 336. (2) توفي المبرد في سنة 285 ه ببغداد ودفن في مقبرة باب الكوفة في دار
[ 182 ]
والبردان: العصران، وهما الغداة والعشي، يعنى طرفي النهار، ويقال ظلاهما و " البردان " بالتحريك: موضع (1) وفي الخبر " البطيخ يقطع الابردة " بكسر الهمزة: علة معروفة من غلبة البرد والرطوبة تفتر عن الجماع - قاله في النهاية. وفيه " كان يكنحل بالبرود " وهو بالفتح: كحل فيه أشياء باردة. ب ر ذ " البرذون " بكسر الباء الموحدة وبالذال المعجمة هو من الخيل الذى أبواه أعجميان، والانثى برذونة، والجمع
براذين. ب ر ذ ع " البرذعة " بالذال والدال: الحلس الذي يلقى تحت الرحل والجمع البراذع. هذا في الاصل وفي عرف زماننا هي للحمار ما يركب عليه بمنزلة السرج للفرس. ب ر ذ ن في الحديث " من ربط برذونا يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتب له ست حسنات ". البرذون بكسر الباء الموحدة وفتح الذال المعجمة: التركي من الخيل والجمع البراذين، وخلافها العراب، كذا في المغرب. وعن ابن الانباري: يقع على الذكر والانثى، وربما قالوا في الانثى برذونة. وبرذن الرجل برذنة: إذا ثقل، واشتقاق البرذون منه. ب ر ر قوله تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم) [ 2 / 44 ] قال على
ابن ابراهيم: نزلت في القصاص والخطاب وهو قول أمير المؤمنين عليه السلام وعلى كل منبر منهم خطيب مصقع يكذب على على الله وعلى رسوله وعلى كتابه - انتهى (2). وقد نظم بعض الشعراء في هذا المعنى:
اشتريت له - انظر الكنى والالقاب ج 3 ص 113. (1) ذكر ياقوت في معجم البلدان ج 1 ص 375 مواضع كثيرة تعرف بالبردان. (2) تفسير علي بن ابراهيم ص 38. (*)
[ 183 ]
وغير تقي يأمر الناس بالتقى طبيب يداوي الناس وهو عليل (1) قوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا) [ 3 / 92 ] الآية. البر - على ما قيل: اسم جامع للخير كله، والمراد به هنا الجنة. والبر: الصلة، ومنه " بررت والدي " أي أحسنت الطاعة إليه ورفقت به وتحريت محارمه وتوفيت مكارمه. قوله: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) [ 2 / 177 ] الآية. قال المفسر: قرأ حمزة وحفص عن عاصم ليس البر بالنصب على أنه خبر
ليس مقدم على اسمها، وهو ضعيف بجعل الاسم جملة، والباقون بالرفع على الاصل، وقرأ نافع ولكن البر بالتخفيف والرفع فجعلها عاطفة، والباقون بالتشديد والنصب بجعلها من أخوات إن، ورفع الموفون عطف على من آمن، ونصب الصابرين على المدح، والخطاب لاهل الكتاب لانهم أكثروا الخوض في أمر القبلة حين حولت وادعى كل فريق أن البر التوجه إلى قبلته: فرد عليهم بأنه ليس البر التوجه إلى المشرق قبلة النصارى والمغرب قبلة اليهود، ولكن البر بر من آمن بالله، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. مثل " واسأل القرية ". قوله: (إنه هو البر الرحيم) [ 52 / 28 ] أي الصادق، وقيل الذي من عادته الاحسان، ومنه بر فلان بيمينه إذا صدق. ومنه قوله تعالى: (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم أن تبروا) [ 2 / 224 ] والبر بالفتح: البار، ومنه قوله تعالى: (وبرا بوالديه) [ 19 / 14 ]. قوله: (إن الابرار لفي نعيم)
[ 82 / 13 ] الابرار: أولياء الله المطيعون في الدنيا (لفي نعيم) وهو الجنة. ومنه قوله تعالى: (وتوفنا مع الابرار) [ 3 / 193 ]. قوله: (كرام بررة) [ 80 / 16 ] البررة جمع بار، وهو فاعل البر، أي الخير وجمع البر أبرارا، وكثيرا ما يخص الاولياء والزهاد والعباد.
(1) البيت مذكور في تفسير علي بن ابراهيم ص 39. (*)
[ 184 ]
والكرام البررة: هم الملائكة المطيعون المطهرون من الذنوب والمآثم. و " البر " بالكسر: الاتساع في الاحسان والزيادة، ومنه سميت " البرية " بالفتح والتشديد لاتساعها، والجمع البراري. ومنه الحديث " فوق كل بر بر حتى يقتل في سبيل الله ". ومنه حديث المصلي " يتناثر عليه البر من مفرق رأسه إلى أعنان السماء " و " البر " بالضم: القمح، ومنه حديث الفطرة " فرض رسول الله الفطرة
صاعا من بر أو صاعا من قمح " وهو نوع من البر. وأبر الله حجك لغة في بر الله حجك أي قبله. والحج المبرور: الذي لا يخالطه شئ من المآثم. وقيل المقبول المقابل بالبر وهو الثواب. ومنه الدعاء " اللهم اجعله حجا مبرورا ". ومنه " بر حجك يا آدم " على البناء للمجهول، أي كان حجك مقبولا أو خالصا نقيا مما يشوبه من الشوائب والمآثم. وفلان يبر خالقه: أي يطيعه. وتباروا: تفاعلوا من البر. والبر بالفتح: خلاف البحر. والبر من أسمائه تعالى، وهو العطوف على عباده الذي عم بره جميع خلقه، يحسن إلى المحسن بتضعيف الثواب وإلى المسئ بالصفح والعفو وقبول التوبة. وبر الله قسمه وأبره: أي صدقه. ومنه " لو أقسم على الله لابر قسمه " أي لو حلف على وقوع شئ لابره أي
صدقه وصدق يمينه، ومعناه أنه لو حلف يمينا على أنه يفعل الشئ أو لا يفعله جاء الامر فيه على ما يوافق يمينه لعظم منزلته وإن أحقر عند الناس. وقيل لو دعاه لاجابه. وفي حديث زمزم " إحفر بره " بفتح الموحدة وتشديد المهملة، سماها بذلك لكثرة منافعها وسعة مائها. و " برة " بالباء الموحدة التحتانية والراء المهملة المشددة على ما صح من النسخ أحد أوصياء الانبياء المتأخرين عن نوح عليه السلام.
[ 185 ]
وفي الدعاء " أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر " قرئت بالوجهين الفتح والكسر. وفيه " إجعل قلبي بارا " أي مطيعا محسنا، واجعله خالصا في البر لا يخالطه إثم. و " البرانية " الظاهر، و " الجوانية " الباطن. ومنه " خالطوهم - يعني أعداء الدين - بالبرانية ولا تخالطوهم بالجوانية ".
والبرير: ثمر الاراك. ومنه " ما لنا طعام إلا البرير ". و " البريرة " بالباء الموحدة والياء المثناة من تحت المتوسطة بين الرائين المهملتين وفي الآخر هاء: مملوكة كانت عند زوج لها يسمى مغيث بضم الميم والغين المعجمة وبعدها ياء مثناة ثم ثاء مثلثة فاشترتها عائشة واعتقتها، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وآله إن شاءت بقيت عنده وإن شاءت فارقته. ب ر ز قوله تعالى: (وترى الارض بارزة) [ 18 / 47 ] أي ظاهرة ليس فيها مستظل ولا متفيا، من برز الشئ بروزا من باب قعد: ظهر. وفى الحديث " البول مثل البراز " وهو بفتح الباء اسم للفضاء الواسع كنوابه عن قضاء الحاجة كما كنوا بالخلاء والحش عنه، يقال تبرز تبرزا تغوط، وذلك لانهم كانوا يبرزون في الامكنة الخالية من الناس، وقيل سمي برازا لبروزه من الجسد.
قال في النهاية: قال الخطابي المحدثون يروونه بالكسر، وهو خطأ لانه بالكسر مصدر المبارزة في الحرب. قال بعض شراح الحديث: وللعرب عادة حسنة في هذا الباب وأمثاله، فما يفحش ذكره أو يستحيى منه يعبرون عنه بالكنايات صيانة للالسنة عما تصان عنه الابصار والاسماع أو تنفر عنه الطباع. وفي الحديث " من عادى لي وليا "
[ 186 ]
يعني محبا " فقد بازرني بالمحاربة " المبارزة بالمحاربة إظهارها والتصدي لها. والبرزة من النساء: التي لا تحتجب احتجاب الشواب، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم، من البروز وهو الظهور. ورجل برز: أي عفيف - نقلا عن الخليل. والمكان البارز: أي الظاهر. وبرزت الشئ تبريزا أي أظهرته وتبينته والابريز: الذهب الخالص من
الكدورات، معرب والهمزة والياء زائدتان. و " أبرواز " ملك من ملوك الفرس - قاله في القاموس (1). ب ر ز خ قوله تعالى: (بينهما برزخ لا يبغيان) [ 55 / 20 ] البرزخ: الحاجز بين الشيئين. والبرزخ في قوله عليه السلام " نخاف عليكم هول البرزخ " هو ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث، فمن مأت فقد دخل البرزخ. ومنه الحديث " كلكم في الجنة ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ. قلت: وما البرزخ ؟ قال: القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة " (2). وفي حديث الصادق عليه السلام " البرزخ القبر " وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة. ب ر س في الخبر " أحلى من ماء برس " برس بضم الباء قرية معروفة بالعراق، ويريد بمائها ماء الفرات (3). ب ر س م
في الحديث " خرج الحسين عليه السلام معتمرا. وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم " هو من البرسام بالكسر: علة معروفة يهذى فيها، يقال برسم
(1) قال في القاموس (برز): وابرويز بفتح الواو وكسرها وابرواز ملك. (2) سفينة البحار ج 1 ص 71. (3) في معجم البلدان ج 1 ص 384: برس بالضم موضع بأرض بابل به آثار لبخت نصر، وتل مفرط العلو يسمى صرح البرس. (*)
[ 187 ]
الرجل فهو مبرسم. وفيه " كان الناس قبل إبراهيم يعتبطون اعتباطا، ولكن بدعوة إبراهيم عليه السلام نزل الله الموم وهو البرسام ثم أنزل بعده الداء ". والابريسم: معروف معرب. ب ر ش في حديث أخذ حصى الجمار " خذ الحصى الجمار البرش " (1) وهي المشتملة على ألوان مختلفة، يقال برش يبرش برشا فهو أبرش والانثى برشاء والجمع برش مثل برص برصا فهو ابرص وبرصاء وبرص وزنا ومعنى.
والبرش في شعر الفرس: نكت صغار تخالف لونه، والفرس أبرش. ب ر ص البرص لون مختلط حمرة وبياضا أو غيرهما، ولا يحصل إلا من فساد المزاج وخلل في الطبيعة، يقال برص الجسم برصا من باب تعب، والذكر أبرص والانثى برصاء، والجمع برص كأحمر وحمراء وحمر. و " سام أبرص " و " سميرص " هو كبار الوزغ، اسمان جعلا اسما واحدا، فإن شئت اعربت الاول وأضفته إلى الثاني، وإن شئت بنيت الاول على الفتح وأعربت الثاني، ولكنه غير منصرف في الوجهين للعلمية الجنسية ووزن الفعل - كذا قاله الجوهري وغيره، وتقول في التثنية هذان ساما أبرص وفي الجمع سوام أبرص، وإن شئت قلت هؤلاء سوام ولا تذكر أبرص، وإن شئت قلت هؤلاء البرصة والابراص، ولا تذكر سام. و " أبو برص " بفتح الباء: الوزغ الذي يسمى سام أبرص. وعن يحيى بن يعمر " لئن أقتل مائة
وزغة أحب إلي من أن أعتق مائة رقبة ". قيل: إنما قال ذلك لانها دابة سوء، وزعموا أنها تستسقي الحيات وتمج في الماء، فإذا نال الانسان من ذلك حصل له مكروه عظيم، وإذا تمكن من الملح تمرغ فيه فيصير مادة لتولد البرص. ومن خواصه أنه إذا شق وجعل على موضع النصل والشوك فإنه يخرجهما، وإذا سحق وخلط بالزيت أنبت الشعر على القرع.
(1) الكافي ج 4 ص 476. (*)
[ 188 ]
ب ر ط ش كان عمر في الجاهلية مبرطشا: أي ساعيا بين البائع والمشتري شبه الدلال. ب ر ط ل في الحديث " إنه عليه السلام كره لباس البرطلة " البرطلة بالضم. قلنسوة وربما تشدد. ب ر ط م البرطمة: الانتفاخ من الغضب. ورجل مبرطم: متكبر. ب ر ع التبرع: التطوع.
ومنه فعلت كذا متبرعا: أي متطوعا وبرع الرجل يبرع بفتحتين، وبرع براعة وزان ضخم ضخامة: فاق أصحابه في العلم وغيره، فهو بارع. ب ر ع ث " برعيثاشا " على ما في النسخ وصي عثامر الذي هو وصي سام الذي هو وصي نوح (ع). ب ر غ ث البرغوث واحد البراغيث، وضم بائه أشهر من كسرها. و " أكلوني البراغيث " لغة طي خرجوا عليها (وأسروا النجوى الذين ظلموا)، ومثله قوله: " يتعاقبون عليكم ملائكة ". ب ر ق قوله تعالى (فإذا برق البصر) [ 75 / 7 ] أي شخص وتحير من شدة الفزع. يقال برق البصر بالكسر يبرق برقا: إذا تحير فلم يطرف. وبرق بفتح الراء من البريق: إذا شخص، يعني إذا فتح عينه عند الموت.
قوله (فيه رعد وبرق) [ 2 / 19 ] البرق: واحد بروق السماء. قيل هو موضع ملك يسوق السحاب أي يضربه. وقيل تلالؤ الماء (1). وفي الحديث " البرق مخاريق الملائكة ". قوله (يريكم البرق خوفا وطمعا) [ 13 / 13 ] خوفا للمسافر وطمعا للمقيم. قوله (وأباريق) [ 56 / 18 ] هي
(1) سيأتي تحقيق " البرق " في الجزء السادس ص 91. (*)
[ 189 ]
جمع إبريق. والابريق معروف، قيل هو فارسي معرب (1). قوله (وإستبرق) [ 76 / 21 ] هو ثخين الديباج، يقال هو أغلظ من الحرير والابريسم، والسندس رقيقه. وعن الازهري: إنها وأمثالها من ألفاظ حروف عربية وقع فيها وفاق بين العربية والعجمية. وفي الدعاء " إذا برقت الابصار "
قال بعض الشراح: يجوز كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحيرة، والفتح بمعنى البرق اللموع. وفي حديث المعراج " ذكر البراق " بضم الباء وهي دابة ركبها رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الاسرى، سمي بذلك لنصوع لونه وشدة بريقه. وقيل لسرعة حركته تشبيها بالبرق وجاء وصفه: أصغر من البغل، وأكبر من الحمار، مضطرب الاذنين، عيناه في حافره، وخطامه مد بصره، وإذا انتهى إلى جبل قصرت يداه وطالت رجلاه، وإذا هبط طالت يداه وقصرت رجلاه، أهدب العرف الايمن، له من خلفه جناحان. والابرقة: دابة غير البراق أتاه بها جبرئيل لما بدى رسول الله صلى الله عليه وآله بتعليم الاذان، وأتاه بالبراق فاستصعب عليه، أتاه بها. والابرقة أيضا: شقة يستذفر بها مكان المنطقة كادت تخطف الابصار، من أبرق الجنة كانت لرسول الله صلى الله
عليه وآله، فأوصى بها لعلى عليه السلام، وقال له: يا على إن جبرئيل أتاني بها وقال: يا محمد إجعلها في حلقة الدرع، واستذفر بها مكان المنطقة. والبرقة بضم الباء وسكون الراء: أحد الحيطان السبعة الموقوفة على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله في المدينة. والابرق من الجبل: الذي فيه لونان وكل شئ اجتمع فيه لونان سواد وبياض فهو أبرق. وأرعد الرجل وأبرق أي تهدد.
(1) معرب (آب ريز) أي ما يصب به الماء. (*)
[ 190 ]
ومنه حديث علي عليه السلام " ولعمري فليبرقوا وليرعدوا ". وأبرقوا: إذا أصابهم رعد وبرق. والبرقاء من الشياة: التي في خلال صوفها الابيض طاقات سود. وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وقد سئل ما بال الشهيد لا يفتن في قبره ؟ فقال " كفى بالبارقة فوق رأسه فتنة " أي
لمعان السيوف. يقال برق بسيفه وأبرق: إذا لمع ب ر ق ش " براقش " طائر صغير أعلى ريشه اغر وأوسطه أحمر وأسفله أسود - قاله في القاموس (1). ب ر ق ع البرقع للدواب ونساء الاعراب. قال الجوهري: وكذلك البرقوع. ب ر ك قوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) [ 44 / 3 ] هي ليلة القدر على الصحيح - قاله الشيخ أبو علي. وقيل: ليلة النصف من شعبان أي أنزله جملة واحدة إلى سماء الدنيا. قوله (شجرة مباركة) [ 24 / 35 ] هي شجرة الزيتون لانها كثيرة البركة والمنفعة يسرج بدهنها ويؤتدم به ويوقد بحطبها ويغسل الابريسم بر مادها. وهي على ما نقل أول شجرة نبتت بعد الطوفان في الارض. وقيل لان سبعين نبيا باركوا فيها
منهم إبراهيم عليه السلام. قوله (بورك من في النار ومن حولها) [ 27 / 8 ] معناه على ما قيل بورك من في مكان النار ومن حول مكانها. ومكانها البقعة التي حصلت فيها وهي البقعة المباركة وحواليها حدوث أمر ديني فيها وهو تكليم الله تعالى موسى عليه السلام. وقيل هو عام في كل من كان في تلك البقعة وذلك الوادي وحواليها من أرض الشام. وعن ابن عباس يعني به قدس من في النار وهو الله تعالى عنى به نفسه. قال وتأويل هذا القول: أنه كان فيها لا على سبيل تمكن الاجسام بل انه
(1) المذكور في القاموس أبو براقش، وكذا في حياة الحيوان ج 1 ص 163. (*)
[ 191 ]
جل وعلى نادى موسى وأسمعه كلامه من جهتها وأظهر له ربوبيته من ناحيتها فالشجرة مظهرة لكلامه تعالى. روي أن موسى عليه السلام لما كلمه الله تعالى سمع الكلام من سائر الجهات ولم يسمعه من جهة واحدة فعلم من ذلك
أنه كلام الله تعالى. قوله (تبارك الله أحسن الخالقين) [ 22 / 14 ] أي ثبت الخير عنده وفي خزائنه. وقيل تبارك أي علا. ويقال تبارك وتعظم واتسعت رحمته وكثرت نعمته تفاعل من البركة ولا يجئ من هذا خاصة الفعل المضارع. وقيل تبارك الله: بارك الله مثل قابل وتقابل إلا أن فاعل يتعدى وتفاعل لا يتعدى. ويقال تبارك الله: تقدس والقدس: الطهارة. قوله (وهذا كتاب أنزلناه مبارك) [ 6 / 92 ] قال المفسر وهذا أعني القرآن أنزلناه من السماء إلى الارض مباركا. وإنما سماه مباركا لانه ممدوح كل من تمسك به نال الفوز ولان قرائته خير والعمل به خير وفيه علم الاولين والآخرين وفيه مغفرة للذنوب وفيه الحلال والحرام. وقيل البركة: الزيادة والقرآن مبارك لما فيه من زيادة البيان على الكتب السماوية
لانه ناسخ لا يرد عليه نسخ فبقاؤه إلى آخر التكليف. قوله (وجعلني مباركا أينما كنت) [ 19 / 31 ] قال الصادق عليه السلام يعني نفاعا. وفي الدعاء " وأنزل علي من بركاتك " أي من خيرك وكرمك. سمى إيصال البركات إلى العباد إنزالا على جهة الاستعارة تشبيها للعلو والسفل اللذين من جهة الرتبة بالعلو والسفل الحقيقيين. وفي الدعاء " وبارك على محمد " أي أثبت له وادم ما أعطيته من التشريف والكرامة من برك البعير: ناخ في موضعه فلزمه. وبارك الله عليه وفيه بمعنى جعل فيه البركة.
[ 192 ]
والتبريك: تفعيل، وهو الدعاء بالبركة. والارض المباركة: القدس والخليل كما جائت به الرواية. ومبارك الابل: المواضع التي تأوي
إليها دون مناخها لعلفها وبرك البعير يبرك بروكا أي استناخ لانه يقع على بركه وهو صدره. وقولهم ما أحسن هذه البركة بالكسر وهو اسم للبروك كالركبة والجلسة. وبركة الماء: معروفة. والجمع برك كسدرة وسدر سميت بذلك لا قامة الماء فيها. والبركة كرطبة: طائر أبيض من طير الماء. ب ر م قوله تعالى: (أم أبرموا أمرا) [ 43 / 79 ] أي أحكموا أمرا، من قولهم أبرم الامر أي أحكم، وأبرم الحبل: إذا أحكم فتله ومنه القضاء المبرم. وفي حديث وداع شهر رمضان " غير مودع برما " هو بالتحريك مصدر برم بالكسر، يقال برم برما فهو برم مثل ضجر ضجرا فهو ضجر وزنا ومعنى: إذا سئمه ومله. ومنه حديث وصف المؤمن " لا يتبرم ولا يتسخط " أي لا يسأم ولا يتضجر
من أعمال الخير، ويقال أبرمه أي أمله وأضجره. وأبرمت إبراما أي أحكمته فأبرم. وأبرمت الشئ وبرمته. وفي الدعاء " يا مدبر الابرام والنقض " الابرام في الاصل: فتل الحبل. والنقض بالضاد المعجمة نقيضه، والكلام استعارة والمراد تدبير أمور العالم على ما تقتضيه حكمته البالغة من الابقاء والافناء والاعزاز والاذلال والتقوية والاضعاف وغير ذلك. والبرمة: القدر من الحجر، والجمع برم كغرفة وغرف وبرام ككتاب. ب رم ك البرامكة: الذين كثر فسادهم في البلاد فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر (1) نقل أن شيرويه لما قتل أباه كسرى
(1) استوزرهم بنو العباس واستفحل امرهم حتى استأصلهم الرشيد في نكبتهم المشهورة. (*)
[ 193 ]
استوزر برمك بن فيروز جد البرامكة. ب ر ن في الحديث " خير تموركم البرني "
هو نوع من أجود التمر. والبرنية بفتح الاول: إناء معروف من خزف. ب ر ن س و " البرنس " بالضم كبرسن قلنسوة طويلة كان العباد يلبسونها في صدر الاسلام من البرس بكسر الباء وهو القطن والنون زائدة، وقيل إنه غير عربي. ومنه حديث العالم المرضي " قد تحنك في برنسه وقام الليل في حندسه " أي تعمد للعبادة وتوجه بها وصار في ناحيتها وتجنب الناس وصار في ناحية منهم. وتبرنس الرجل: إذا لبس البرنس. والبرنس: شئ تلبسه النصارى على رؤوسهم. والبرنس: كل ثوب رأسه منه ملزوق به من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره. وفى الحديث " كان له برنس يتبرنس به " أي يلبسه على رأسه. ب ر ه في الحديث " شر ماء على وجه الارض ماء برهوت " بالباء الموحدة
المفتوحة على الافصح وقيل بالضم: بئر بحضرموت (1) تردها هامة الكفار. وفي رواية أخرى " ترده أرواح الكفار ". والبرهة بضم الموحدة وفتحها: المدة الطويلة، يقال: أتى عليه برهة من الدهر بالوجهين، أي مدة طويلة وزمان كثير والجمع برهات كغرفة وغرفات. وأبرهة: ملك من ملوك اليمن، وهو أبرهة بن الحارث. وأبرهة بن الصباح أيضا: ملك من ملوك اليمن. وكذا أبرهة الاشرم، وهو أبو يكسوم صاحب الفيل.
(1) برهوت: واد في (حضر موت) فيه بئر يتصاعد منها لهيب الاسفلت مع صوت الغليان وروائح كريهة. واشتهر عنها: ان ارواح الكفار تجتمع في هذه البئر وتصيح في الليل من الالم قائلة: يادومة !. (*)
[ 194 ]
وفي الحديث " كان برهة نصرانيا " وفي نسخة برية بالباء الموحدة والراء المهملة ثم الياء المثناة من تحت. وفى الكافي برهة بالهاء بدل الياء:
عالم من علماء أهل الكتاب آمن على يد أبى الحسن عليه السلام. وبريهة: اسم رجل نصراني وكتابه الانجيل. ب ر ه ت " برهوت " كحمدون: واداو بئر بحضر موت (1). ب ر ه م في الحديث " مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وآله وله ثمانية أشهر فأتم الله رضاعه في الجنة " إبراهيم اسم أعجمى قال الجوهري: وفيه لغات: إبراهام، وإبراهم، وإبرهم، بحذف الياء. وفي معاني الاخبار معنى إبرهم: انه هم فبر. وفي الحديث تكرر " سألت أبا إبراهيم عليه السلام " والمراد به موسى عليه السلام (2). والبراهمة: قوم لا يجوزون على الله بعثة الرسل. ب ر ه ن قوله تعالى (لو لا أن رأى برهان ربه) [ 12 / 24 ] البرهان بالضم فالسكون
الحجة والبيان. وبرهانكم أي حجتكم وبرهنه أي بينه بحجة. وسميت الحجة برهانا لبيانها ووضوحها. وعن ابن الاعرابي: البرهان الحجة من البرهونة وهي البيضاء من الجواري، كما اشتق السلطان من السليطة وهو الزيت لانارته. قوله (برهان ربه) [ 12 / 24 ] قيل أي قبح الزنا وسوء عاقبته، وقيل رأى جبرئيل، وعن بعضهم المراد ببرهان
(1) برهوت بضم الهاء وسكون الواو وتاء فوقها نقطتان: واد باليمن، قيل هو بقرب حضر موت، جاء ان فيه ارواح الكفار، وقيل بئر بحضر موت، وقيل هو اسم البلد الذي فيه البئر، رائحتها منتنة فظيعة جدا. مراصد الاطلاع ص 190. (2) اي ابن جعفر بن محمد عليهما السلام. (*)
[ 195 ]
ربه ما نصبه من الدلائل العقلية والنقلية على وجوب اجتناب المحارم والمآثم. وفي حديث علي بن الحسين عليه السلام في معناه قال " قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا. فقال لها يوسف:
ما هذا ؟ فقالت: أستحي من الصنم أن يرانا. فقال لها يوسف: أتستحين ممن لا يبصر ولا يفقه، ولا أستحي ممن خلق الانسان وعلمه البيان ". قوله (فذانك برهانان من ربك) [ 28 / 32 ] هما اليد البيضاء وضم الجناح من الرهب. ب ر و والبرة - بالضم وخفة الراء -: الحلقة التي توضع في أنف البعير، وهي الخزامة، وربما كانت من شعر (1). وفي الحديث: " كانت برة رسول الله صلى الله عليه وآله من فضة " (2). ب ر ى وفيه: " من يطيقك وأنت تباري الريح " أي تسابقه، من قولهم: " فلان يباري الريح سماحة " أي يسابقه فيها، أو من المعارضة من قولهم: " فلان يباري فلانا " إذا صنع كصنعه ليعجزه. وفي الخبر: " نهى عن طعام المتباريين " أي يفعلهما ليعجز أحدهما الآخر، وإنما كرهه لما فيه من المباهات والرياء.
و " بارى الرجل امرأته " إذا فارقها. والمباراة: ان تقول المرأة لزوجها: " لك ما عليك واتركني " (3) فيتركها إلا أنه يقول لها: " إن ارتجعت في شئ فأنا أملك ببضعك " إلى غير ذلك من الشروط المذكورة في محالها. والبرى: التراب، ومنه " اللهم صلى على محمد عدد الثرى والبرى ". ونهى عن بري النبل في المساجد، أي نحته وعمله فيها.
(1) يذكر البرة في " خشش " أيضا - ز. (2) يذكر في " جفس " البرة من الاوصياء - ز. (3) وقد صححنا الحديث على ما في الوسائل الباب الثامن من أبواب الخلع والمباراة - ن (*)
[ 196 ]
يقال: " بريت النبل والقلم بريا " من باب رمي، و " بروته " لغة، واسم الفعل البراية بالكسر. والبارية الحصير الخشن، وهو المعروف في الاستعمال، وقال المطرزي: الباري الحصير، ويقال له بالفارسية: البوريا (1). ب ر ى ل بريال بالباء الموحدة ثم الياء المثناة
التحتانية بعد الراء المهملة واللام أخيرا بعد ألف: اسم ملك الموت. وقد جاء في الحديث. ب ز خ البزخ: خروج الصدر ودخول الظهر. وتبازخ فلان عن الامر: تقاعس. وتبازخ الهجين: ثنا حافره إلى باطنه. ب ز ز وفي الحديث " كان النبي بزازا " البزاز بالفتح وتشديد الزاي الاولى صاحب البز، والبز من الثياب أمتعة التاجر، ومنه " قدم بز من اليمن "، ومنه " اشتروا بزا فاشتركوا ". والبزة بالكسر مع الهاء: الاثواب والسلاح. والبزة أيضا: الهيئة، يقال هو حسن البزة. و " أظهر بزة النصرانية " أي اجعلها وراء ظهر ومن خلف ظهر. وابتز ثيابي: جردني منها وغلبني عليها. وبزه ثيابه يبزه بزا: سلبه.
وايتززت الشئ: استلبته. ب ز غ قوله تعالى: فلما رأى الشمس بازغة) [ 6 / 78 ] أي طالعة، من قولهم بزغت الشمس بزوغا: طلعت. ومثله (فلما رأى القمر بازغا) [ 6 / 77 ]. ومنه بزغ ناب البعير: إذا طلع. ب ز ق في الحديث " نهي عن محي كتاب الله بالبزاق " هو بالضم: ماء الفم إذا خرج منه.
(1) يذكر الباري البوريا في " بور " أيضا - ز. (*)
[ 197 ]
وما دام فيه فهو ريق. وقد بزق يبزق من باب قتل بزقا وبزاقا بمعنى بصق. ب ز ل. في شعر أبي جهل: ما تنقم الحرب الشموس مني بازل عامين حديث السن لمثل هذا ولدتني أمي
البازل من الابل عند أهل اللغة: الذي تم له ثمان سنين ودخل في التاسعة. وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته. ثم يقال له بعد ذلك بازل عام وبازل عامين. يقال بزل البعير من باب قعد فطر نابه بدخوله في السنة التاسعة فهو بازل. يستوي فيه الذكر والانثى والجمع البوازل. وبزل كسكر. ومعناه إنا مجتمع الشباب مستكمل القوة. وتبرل: تشقق. ب ز ى في حديث أبي طالب يعاتب قريشا في أمر النبي صلى الله عليه وآله: كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطأ عن دونه ونناضل يبزى: أي يقهر، والمعنى: لا يبزى، بحذف " لا " أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع. والبازي - وزان القاضي - واحد البزاة التي تصيد، ويجمع أيضا على
" أبواز " و " بيزان " مثل أبواب ونيران. وفى حياه الحيوان: أفصح اللغات البازي مخففة، والثانية " باز " والثالثة " بازي " بتشديد الياء، ويقال في التثنية: " بازيان " وفى الجمع " بزاة ". ويقال للبزاة والشواهين وغيرها مما يصيد " صقورة " وكنيته أبو الأشعث وأبو بهلول وأبولا حق، وهو من أشد الحيوان تكبرا وأضيقها خلقا. قال القزويني في عجائب المخلوقات: قالوا: إنه لا يكون إلا أنثى وذكرها من نوع آخر من الحدأة والشواهين، ولهذا اختلفت أشكالها.. انتهى. وعن كعب الاحبار: البازي يقول: " سبحان ربي وبحمده ".
[ 198 ]
ب س ت ق البستوقة من الفخار: معرب بستق قاله في القاموس. ب س ت ن البستان بالضم معرب بوستان. وبستان إبراهيم عليه السلام ببلاد أسد قاله في القاموس.
ب س ر قوله تعالى: (ثم عبس وبسر) [ 74 / 22 ] أي كلح في وجهه وكره، يقال بسر الرجل بسورا: كلح قوله: (وجوه يومئذ باسرة) [ 75 / 24 ] أي متكرهة. وفي الحديث " الاستنجاء مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير " الباسور بالباء الموحدة والسين أو الصاد المهملتين واحد البواسير، وهي كالدما ميل في المقعدة. وفي المصباح: قيل هو ورم تدفعه الطبيعة إلى كل موضع في البدن يقبل الرطوبة من المقعدة والانثيين والاشفار وغير ذلك. وفي الحديث ذكر البسر بالضم فالسكون وهو ثمر النخل قبل أن يرطب. وأبسر النخل: صار ما عليه بسرا. و " روضات باسرات " أي لينات طريات. ب س س قوله تعالى: (وبست الجبال بسا) [ 56 / 5 ] أي فتت حتى صارت كالدقيق. والسويق المبسوس: أي المبلول.
وقيل حطمت. البس: الحطم. ومنه سميت مكة " الباسة " لانها تحطم من أخطأ فيها، وتسمى " البساسة " لانهم كانوا إذا ظلموا بستهم أي أهلكتهم وروى بالنون من النس وهو الطرد (1). والبس: اتخاذ البسيسة، وهو أن يلت السويق أو الدقيق أو الاقط المطحون بالسمن أو الزيت ثم يؤكل ولا يطبخ - كذا قاله الجوهري. وعن ابن السكيت بسست السويق أو الدقيق أبسه بسا: إذا بللته بشئ من الماء، وهو أشد من اللت (2).
(1) عد في معجم البلدان من جملة اسامى مكة ج 5 ص 182: النساسة، والناسة والباسة - بتشديد السين في الاخيرين. (2) في الصحاح (بسس) وهو اشد من اللت بللا. (*)
[ 199 ]
وعن الاصمعي البسيسة كل شئ خلطته بغيره مثل السويق بالاقط مع بله أو بالرب، أو مثل الشعير بالنوى للابل. بس في معنى: حسب والبس: السويق اللين.
وقد بست الابل أبسها بالضم بسا. ب س ط قوله: (وزادكم في الخلق بسطة) [ 7 / 69 ] أي طولا وتماما، يقال كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم سبعين ذراعا، وقيل اثنى عشر ذراعا. وعن الباقر عليه السلام " كان الرجل منهم ينحت الجبل بيده فيأخذ منه قطعة " (1). قوله: (وزاده بسطة في العلم والجسم) [ 2 / 247 ] أي زاده سعة وامتدادا في العلم والجسم، وكان أعلم بني إسرائيل في وقته وأتمهم جسما وأشجعهم. قوله: (الله يبسط الرزق) [ 13 / 26 ] أي يقدره ويوسعه دون غيره، وقد مر الكلام فيه. قوله: (بل يداه مبسوطتان) [ 5 / 64 ] كناية عن الجود، وتثنية اليد مبالغة في الرد، ونفي البخل عنه واثبات لغاية الجود، فإن غاية ما يبلغه السخي من ماله أن يعطيه بيديه ولا يريد حقيقة اليد والجارحة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
قوله: (ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) [ 17 / 29 ] قال الشيخ علي بن ابراهيم: كان سبب نزولها أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان لا يرد أحدا يسأله شيئا عنده، فجاء رجل يسأله فلم يحضره شئ، فقال: يكون إنشاء الله تعالى. فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآله أعطني قميصا فأعطاه قميصه، فأنزل الله تعالى الآية (2). والمحسور: العريان قال الصادق عليه السلام (3). وبسط اليد: مدها إلى البطش، قال تعالى (إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم) [ 60 / 2 ] وقال: (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني
(1) مجمع البيان ج 2 ص 437. (2) تفسير علي بن ابراهيم ص 381. (3) نفس المصدر والصفحة. (*)
[ 200 ]
ما أنا بباسط يدى إليك لاقتلك) [ 5 / 28 ] قيل كان هابيل أقوى منه ولكن تحرج عن قتله واستسلم خوفا من الله تعالى، لان الدفع لم يبح بعد أو تحريا لما هو الافضل قوله: (والملائكة باسطو أيديهم)
[ 6 / 93 ] أي تعيض أرواحهم كالمتقاضي المسلط، وهذا عبارة عن العنف بالسياق والتغليظ في الازهاق، فعل الغريم الملح يبسط يده إلى من عليه الحق، ويقال أخرج لي ما عليك أو بالعذاب (أخرجوا أنفسكم) أي خلصوها من الدنيا وهم لا يقدرون على الخلاص. قوله: (كباسط كفيه إلى الماء) [ 13 / 14 ] يومئ إليه فلا يجيبه. و " الباسط " من أسمائه، وهو الذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته، ويبسط الارواح في الاجساد عند الحياة. وفي حديث الصلاة " لا تبسط ذراعيك انبساط الكلب " أي لا تفترشهما على الارض في الصلاة. والانبساط مصدر إنبسط لا بسط فحمله عليه. والانبساط: ترك الاحتشام. وبسط الشئ وبالصاد أيضا: نشره. والبسطة: السعة. والبساط بالكسر، ما يبسط، أي
ينشر. ب س ق قوله تعالى (والنخل باسقات) [ 2 / 10 ] أي طوال في السماء، من قولهم بسق النخل بسوقا من باب قعد: طال. وبسق فلان على أصحابه أي علاهم والباسق: المرتفع في علو. وفي حديث وصف السحابة للصحابة " كيف ترون قواعدها وبواسقها وجونها ورحاها وجفوها ووميضها " فالقواعد: أصولها المعترضة في آفاق السماء. والبواسق: فروعها المستطيلة في وسط السماء إلى الافق الآخر، وكذلك كل طويل باسق والجون هو الاسود وجمعه جون. ورحاها: استدارتها في السماء. والجفو: الاعتراض من البرق في نواحي الغيم
[ 201 ]
والوميض: اللمعان قليلا ثم يسكن. والبساق بالضم: البصاق.
ب س ل قوله تعالى (أبسلوا بما كسبوا) [ 6 / 70 ] أي ارتهنوا وأسلموا للهلكة يقال أبسل ولده إذا رهنه. قال (وذكر به) أي بالقرآن (أن تبسل نفس بما كسبت) [ 6 / 70 ] أي مخافة أن تسلم نفس إلى الهلاك والعذاب وترتهن بسوء كسبها. كقوله تعالى (يبين الله لكم أن تضلوا) [ 4 / 175 ]. وفي الدعاء " لا تبسلني " بالباء الموحدة أي لا توردني الهلاك. وفي الحديث القدسي " إستبسل عبدي " أي استسلم لامري. يقال بسل نفسه للموت أي وطنها. والبسل: الحرام. والابسال: التحريم. والبسالة بالفتح: الشجاعة. وقد بسل بالضم فهو باسل أي بطل. وأبسلت الشخص: أسلمته للهلكة، فهو مبسل. ب س م
قوله تعالى: (فتبسم ضاحكا من قولها) [ 27 / 19 ] التبسم دون الضحك وهو أوله بلا صوت. يقال: بسم بالفتح يبسم بالكسر بسما فهو باسم وابتسم وتبسم. والمبسم كمجلس: الثغر. ورجل بسام ومبسام: كثير التبسم. وفي حديث الصادق عليه السلام في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم قال: " الباء بهاء الله، والسين سناء الله، والميم مجد الله. وفي رواية ملك الله - والله إله كل شئ الرحمن بجميع خلقه، الرحيم بالمؤمنين خاصة ". ب س م ل بسمل الرجل: إذا قال بسم الله. يقال قد كثرت من البسملة أي من قول بسم الله. قال بعض المفسرين: قد طال التشاجر في شأن أوائل السور المصدرة بها في المصاحف هل هي هناك جزء من تلك السورة الكريمة سواء الفاتحة وغيرها، أو من الفاتحة لا غير، أو أنها ليست جزء
[ 202 ]
من شئ، بل آية منفردة من القرآن أنزلت للفصل بين السور، أو أنها لم تنزل إلا بعض آية في سورة النمل، وإنما يأتي التالي بها في أوائل السور للتميز والتبرك أو أنها آيات من القرآن أنزلت بعدد السور من غير كونها جزء شئ منها. والاول مذهب الاصحاب كافة، وقد وردت به الروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام. والثاني مختار بعض الشافعية. والثالث مختار متأخري فقهاء الحنفية. والمشهور بين قدمائهم هو الرابع. والخامس منسوب إلى أحمد وداود. ب ش ر قوله تعالى: (ما هذا إلا بشر) [ 23 / 24 ] الآية. البشر: الانسان، والواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، وقد يثنى وبه جاء التنزيل (بشرين مثلنا) والجمع البشر، وهم الخلق، وسمى البشر بشرا لظهورهم. قال تعالى: (لواحة للبشر)
[ 74 / 29 ] أخذا من البشرة التي هي ظاهر الجلد. قوله: (يا بشرى هذا غلام) [ 12 / 19 ] البشرى والبشارة إخبار بما يسر، وإنما سميت بشارة لانها تتبين في بشرة من بشر بها. وقد تستعمل البشارة في الشر كقوله تعالى: (فبشرهم بعداب أليم) [ 13 / 21 ] وقيل بشرى في قوله تعالى: (يا بشرى هذا غلام) [ 12 / 19 ] اسم صاحب له ناداه، ويقال يا بشر أي هذا غلام مثل عصاي. قوله: (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) [ 10 / 64 ] فسرت البشرى في الحياة الدنيا بالرؤيا الصالحة في الدنيا يراها الرجل الصالح فيستبشر بها، أو يرى ما بشر الله به المتقين في غير موضع من كتابه وفي الآخرة الجنة. أو بشارة يبشر عند الموت. قوله: (باشروهن) [ 2 / 187 ] أي جامعوهن. والمباشرة: الجماع، سمي بذلك لمس البشرة - أعني ظاهر الجلد -.
قوله: (يستبشرون بنغمة من الله وفضل) [ 3 / 171 ] أي يفرحون. قوله: (مبشرا برسول) [ 61 / 6 ]
[ 203 ]
يعني عيسى عليه السلام يبشر برسول الله. وروي عن كعب الاخبار أن الحواريين قالوا لعيسى: يا روح الله هل بعدنا من أمة ؟ قال: نعم أمة محمد صلى الله عليه وآله علماء أتقياء كأنهم في الفقه أنبياء يرضون من الدنيا باليسير ويرضى الله منهم باليسير من العمل قوله: (يقولون إنما يعلمه بشر) [ 16 / 13 ] قالوا: يعلمه غلام رومي اسمه غامس أسلم وحسن إسلامه. وكان صاحب كتاب، وقيل سلمان الفارسي. قالوا: إنه يتعلم القصص منه. و " البشارة " بالضم: ما يعطى البشير كالعمالة للعامل. والبشر بالكسر: طلاقة الوجه وبشاشته، ومنه الحديث " ألقوا الناس بطلاقة الوجه وحسن البشر ". ومنه " حسن البشر يذهب بالسخيمه ".
ومنه في حديث صفات المؤمن " بشره في وجهه وحزنه في قلبه " أي بشره في وجهه تحببا إلى الناس، وحزنه في قلبه اصطبارا على مكاره الدنيا وشدائدها. و " البشارة " هي بكسر الباء وحكي ضمها. وفي الخبر " أمرنا أن نبشر الشوارب بشرا " أي نحفيها حتى تبين بشرتها. وباشر الرجل الامر، إذا خالطه ولا مسه، ومنه " فليباشر بكفيه الارض ". و " أتاني أمر بشرت به " بالكسر: أي سررت به. والتباشير: البشرى. وتباشير الصبح: أوائله، وكذا أوائل كل شئ، ولا يكون منه فعل - قاله الجوهري. ب ش ش البش والبشاشة: طلاقة الوجه وحسن اللقاء. ورجل هش بش: أي طلق الوجه طيب. وقولهم " لقيته فتبشش " قاله الجوهري:
أصله تبشبش، فأبدلوا من الشين الوسطى فاء الفعل. ب ش ع في الخبر " كان صلى الله عليه وآله يأكل البشع " أي الخشن من الطعام الكريه الطعم. وشئ بشع: أي كريه الطعم والرائحة
[ 204 ]
يأخذ بالحلق، بين البشاعة، يريد أنه لم يكن يذم طعاما. وبشع الرجل من باب تعب بشاعة: إذا ساء خلقه في عشيرته. ب ش م بشم الحيوان بشما من باب تعب: اتخم من كثرة الاكل. ب ص ب ص في حديث دانيال حين ألقي في الجب وألقوا عليه السباع " جعلن يلحسنه ويبصبصن إليه " أخذا من البصبصة، وهي تحريك الكلب ذنبه طمعا أو خوفا. وفي الحديث القدسي " يا عيسى سروري أن تبصبص إلي " أي تقبل إلي بخوف
وطمع. ونقل الشهيد محمد بن مكي رحمه الله عن أبى جعفر ابن بابويه أن البصبصة: هي أن ترفع سبابيتك إلى السماء وتحركهما وتدعو. والبصيص: البريق. وبص الشئ يبص: لمع. ب ص ر قوله تعالى: (قد جاءكم بصائر من ربكم) [ 6 / 104 ] أي بينات ودلائل من ربكم تبصرون بها الهدى من الضلالة وتميزون بها بين الحق والباطل. قوله: (وهو السميع البصير) [ 17 / 1 ] أي العالم، وهما من صفات الازل، والبصير في أسمائه تعالى هو الذي يشاهد الاشياء كلها ظاهرها وخافيها من غير جارحة. فالبصر في حقه تعالى عبارة عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات. وفي الحديث " سميناه بصيرا لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار من لون أو شخص أو غير ذلك ولم نصفه ببصر
لحظة العين. قوله: (لا تدر كه الابصار) [ 6 / 13 ] أي لا تراه العيون لان الادراك متى قرن بالبصر لم يفهم منه إلا الرؤية، كما أنه إذا قرن بآلة السمع فقيل " أدركته بأذني " لم يفهم منه إلا السماع، وكذا إذا أضيف إلى كل واحد من الحواس أفاد ما بتلك الحاسة آلته، مثل " أدركته بفمي " أي وجدت طعمه، و " أدركته بأنفي " أي وجدت رائحته،
[ 205 ]
والمعنى لا تدركه ذو الابصار وهو يدرك الابصار أي المبصرين، ويقال لا تدركه الابصار أي الاوهام. وفي حديث هشام بن الحكم في إثبات الصانع " الاشياء لا تدرك إلا بأمرين: الحواس والقلب، والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراك بالمداخلة، وإدراك بالمماسة، وإدراك بلا مداخلة ولا مماسة. فأما الادراك الذي بالمداخلة فالاصوات والمشام والطعوم، وأما الادراك بالمماسة فمعرفة الاشكال من التربيع والتثليث
ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد، وأما الادراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر، فإنه يدرك الاشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، وإدراك البصر له سبيل وسبب فسبيله الهواء وسببه الضياء، فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائما أدرك ما يلاقي من الالوان والاشخاص، فإذا حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رد راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصر لا في المرآة وكذلك الناظر في الماء الصافي يرد راجعا فيحكي ما وراءه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره. وأما القلب فإنما سلطانه على الهواء، فهو يدرك جميع ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا في الهواء موجود كما قلناه في أمر البصر، تعالى الله أن يشبهه شئ من خلقه ". قوله تعالى: (أولو الايدي والابصار) [ 38 / 45 ] أي أيد من الاحسان وبصائر في الدين، ألا ترى إلى قوله تعالى (قد
جاءكم بصائر من ربكم) [ 6 / 104 ] ليس بمعنى بصر العيون (فمن أبصر فلنفسه) يعني ليس من البصر بعينيه، (ومن عمي فعليها) ليس يعني عمى العيون إنما عنى إحاطة الوهم، كما يقال " فلان بصير بالشعر " و " فلان بصير بالفقه " و " فلان بصير بالثياب " إنما أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون. والبصير: خلاف الاعمى، ومنه قوله تعالى: (وما يستوي الاعمى والبصير) [ 35 / 19 ]. قوله: (وأبصر فسوف يبصرون) [ 37 / 179 ] أي أبصرهم ما يقضي عليهم
[ 206 ]
من القتل والاسر عاجلا والعذاب الاليم آجلا، فسوف يبصرونك وما يقضى لك من النصرة والتأييد اليوم والثواب والنعيم غدا. والبصر: العين وحاسة الرؤية. ومنه قوله تعالى: (ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير) [ 67 / 4 ]. قوله: (فبصرك اليوم حديد)
[ 50 / 22 ] أي علمك بما آتيت به نافذ. قوله: (بصائر من ربكم) [ 6 / 104 ] أي حجج بينة، واحدها بصيرة وهي الدلالة التي يستبصر بها الشئ على ما هو به، وهو نور القلب كما أن البصر نور العيون سميت بها الدلالة لانها تجلى الحق ويبصر فيها. قوله: (بصرت بما لم يبصروا به) [ 20 / 96 ] أي رأيت ما لم يروه، أو علمت ما لم يعلموه، من البصيرة. ويقال بصرت: علمت، وأبصرت: نظرت. قوله: (على بصيرة) [ 12 / 108 ] أي على يقين. قوله: (بل الانسان على نفسه بصيرة) [ 75 / 14 ] أي الانسان بصير على نفسه، والهاء دخلت للمبالغة كما في علامة ونسابة، ويقال جوارحه تشهد عليه بعلمه. قوله: (يبصرونهم) [ 70 / 11 ] بالتشديد، أي يبصرون الاحماء والاقرباء فلا يخفون عليهم، فلا يمنعهم من المسألة أن بعضهم لا يبصر بعضا ولكنهم لم يتمكنوا
من تسائلهم لتشاغلهم. والمبصرة: المضيئة، ومنه قوله تعالى: (فلما جائتهم آياتنا مبصرة) [ 27 / 13 ] أي واضحة مضيئة. ومثله (وآتينا ثمود الناقة مبصرة) [ 17 / 59 ] أي بينة واضحة. ومثله (وجعلنا آية النهار مبصرة) [ 17 / 12 ]. قوله: (والنهار مبصرا) [ 10 / 67 ] أي يبصر فيه، كما يقال ليل ينام أي ينام فيه. وفي حديث الدنيا " من أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته " (1). قوله: " من أبصر بها بصرته " أي من
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 127. (*)
[ 207 ]
جعلها سبب هدايته ومحل إبصاره بعين عقله استفاد منها البصر، " ومن أبصر إليها أعمته " أي من مد إليها بصر بصيرته محبة لها أعمته عن إدراك أنوار الله تعالى. وفي حديث مدح الاسلام " وجعله تبصرة لمن عزم " (1) أي من عزم على
أمر كان في الاسلام تبصرة وهداية إلى كيفية فعله. وأبصرته برؤية العين إبصارا، وبصرت بالشئ بالضم والكسر لغة بصرا بفتحتين: علمت فأنا بصير يتعدى بالباء وبنفسه، وهو ذو بصيرة: أي علم وخبرة، ويتعدى بالتضعيف إلى ثان. والاستبصار من البصيرة، والمستبصر: المستبين للشئ. و " يبصرهم الناظر " أي يحيط بهم نظرة لا يخفى عليه منهم شئ. وفي الخبر " بصر كل سماء مسيرة كذا " أي سمكها. و " البصرة " وزان تمرة بلدة إسلامية بنيت في خلافة الثاني في ثمان عشر من الهجرة، سميت بذلك لان البصرة الحجارة الرخوة وهي كذلك فسميت بها (2). وفي كلام علي عليه السلام " البصرة مهبط إبليس ومغرس الفتن " (3). والبصرتان: البصرة والكوفة. و " الحسن البصري " كان في زمن الصادق عليه السلام (4). وكان يقول
تارة بالجبر وتارة بالقدر، وابن أبي العوجاء من تلامذته فانحرف عنه. و " أبو بصير " من رواة الحديث مشترك بين الثقة والضعيف (5).
(1) في نهج البلاغة ج 1 ص 203 " وتبصرة لمن عزم ". (2) في معجم البلدان ج 1 ص 430: قال ابن الانباري: البصرة في كلام العرب الارض الغليظة، وقال قطرب: البصرة الارض الغليظة التي فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب.. وقال غيره: البصرة حجارة رخوة فيها بياض.. وذكر انه انما سميت البصرة لان فيها حجارة سوداء صلبة وهى البصرة.. (3) نهج البلاغة ج 3 ص 20. (4) ولد سنة 89 وتوفى في رجب سنة 110 - انظر الكنى والالقاب ج 2 ص 75. (5) يطلق " أبو بصير " على ثلاثة أو اربعة - انظر التفاصيل في منتهى المقال ص 340. (*)
[ 208 ]
و " بنصر " بكسر الباء والصاد: الاصبع التي بين الوسطى والخنصر، والجمع بناصر. ب ص ق البصاق بالضم: البزاق. ومنه بصق بصقا: إذا بزق. ب ص ل البصلة محركة معروفة.
والجمع بصل كقصبة وقصب ب ض ض في حديث علي عليه السلام " وهل ينتظر أهل بضاضة الشباب إلا جواني هرم المشيب " (1) البضاضة بضادين معجمتين: رقة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شئ. والبضاضة: امتلاء البدن وقوته. وفي الخبر " الشيطان يجري في الاحليل ويبض في الدبر " أي يدب فيه يتخيل أنه بلل أو ريح. ب ض ع قوله تعالى: (إجعلوا بضاعتهم في رحالهم) [ 12 / 62 ] البضاعة بكسر الباء قطعة من المال، والمراد بها هنا التي شروا بها الطعام، وكانت على ما نقل نعالا وأدما. قوله: (في بضع سنين) [ 12 / 42 ] البضع بالكسر وقد يفتح، يقال لما بين الثلاثة إلى التسع، وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة، وهو قطعة من العدد يستوي فيه المذكر والمؤنث، تقول بضع سنين
وبضع عشرة رجلا وبضع عشر امرأة، وأصح الاقوال أن يوسف عليه السلام لبث في السجن سبع سنين عدد حروف الكلمتين. وجمع البضع بضع وبضعات كتمرو تمرات. وفي الخبر " أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله هريسة من هرائس الجنة فزادت في قوته صلى الله عليه وآله بضع أربعين رجلا ". وفيه " صلاة الجماعة تفضل صلاة الواحد ببضع وعشرين درجة ". فهذا ونحوه يخالف ما ذكره الجوهري حيث قال: فإذا جاوزت العشر ذهب البضع، لا تقل بضع وعشرون. والبضع بالضم: يطلق على عقد النكاح
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 136. (*)
[ 209 ]
وعلى الجماع وعلى الفرج، والجمع ابضاع مثل قفل وأقفال. والمباضعة: المجامعة، ومنه " الكحل يزيد في المباضعة " (1). وفي الحديث المشهور " فاطمة بضعة مني " (2) بفتح الباء، أي أنها جزء مني
كما أن القطعة من اللحم جزء من اللحم. والباضعة من الشجاج وهي التي تشق اللحم وتبضعه بعد الجلد وتدمي إلا أنها لا تسيل الدم. ومنه الحديث " وفي الباضعة بعيران " (3) و " أبضعة " وزان أرنبة ملك من كندة، وقيل أبصعة بالمهملة، ومنه الحديث " لعن الله الملوك الاربعة " وذكر منهم ابضعة. و " بئر بضاعة " بئر بالمدينة لقوم من خزرج (4). و " بضاعة " اسم رجل أو امرأة، وأهل اللغة يفتحون الباء ويكسرونها، والمحفوظ من الحديث الضم، وقد حكى عن بعضهم بالصاد المهملة وليس بمحفوظ. والابضاع: هو أن يدفع الانسان إلى غيره مالا ليبتاع به متاعا ولا حصة له في ربحه بخلاف المضاربة. ب ط أ قوله تعالى: (وإن منكم لمن ليبطئن) من التبطئة، وهو التأخر عن الامر. والمبطئون: المنافقون، تثاقلوا وتخلفوا
عن الجهاد، من " بطأ " بمعنى " أبطأ ". ومنه الخبر: " من بطأ به عمله لم ينفعه نسبه " أي من أخره عمله السئ وتفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب.
(1) مكارم الاخلاق ص 49. (2) سفينة البحار ج 2 ص 374. (3) الكافي ج 7 ص 326. (4) قال في معجم البلدان ج 1 ص 442: بضاعة بالضم وقد كسره بعضهم والاول اكثر: وهى دار بنى ساعدة بالمدينة، وبئرها معروف، فيها افتى النبي بأن الماء طهور ما لم يتغير، وبها مال لاهل المدينة من اموالهم. وفي كتاب البخاري تفسير القعنبي: البضاعة نخل بالمدينة. (*)
[ 210 ]
قال الجوهري: اللام الاولى في الآية للتأكيد، والثانية جواب، لان القسم جملة توصل بأخرى وهي المقسم عليه لتوكيد الثانية بالاولى، ويربطون بين الجملتين بحروف يسميها النحويون جواب القسم. و " أبطأ الرجل " تأخر مجيئه. ويقال: " بطوء مجيئه بطء " من باب قرب فهو بطئ على فعيل. وفي الصحاح: بطوء مجيئك وأبطأت،
ولا يقال أبطيت. وفي القاموس: بطوء ككرم بطء بالضم، وبطاء ككتاب، وأبطأ: ضد أسرع. وباطي بن شرجيل السامري: رجل عالم، أعلم الناس باليهودية. والباطية: الاناء، قال الجوهري: وأظنه معربا (1). ب ط ح في الحديث " إنه صلى الله عليه وآله صلى بالابطح " يعني مسيل وادي مكة، وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى أوله عند منقطع الشعب بين وادي منى وآخره متصل بالمقبرة التي تسمى بالمعلى عند أهل مكة، ويجمع على الاباطح والبطاح بالكسر على غير القياس. والبطحاء مثل الابطح، ومنه " بطحاء مكة ". وفي الفقيه: سمي الابطح أبطح لان آدم (ع) أمر أن ينبطح في بطحاء جمع فانبطح حتى انفجر الفجر. و " بطح المسجد " بالتشديد: ألقى فيه البطحاء، وهو دقاق الحصى. والبطحاء: الارض المستوية.
وبطحه بطحا من باب نفع: ألقاه على وجهه فانبطح. وبطحته بطحا: بسطته. ب ط خ " البطيخة " واحدة البطيخ، وهو فاكهة معروفة. وفي المصباح البطيخ بكسر الباء والعامة تفتح الاول وهو غلط لفقد فعيل. والمبطخة بالفتح: موضع البطيخ، وضم الطاء لغة.
(1) الظاهر أنه معرب " بادية "، وهي الاناء بالفارسية. (*)
[ 211 ]
ب ط ر قوله تعالى: (بطرت معيشتها) [ 28 / 58 ] بكسر الطاء، أي في معيشتها. وقد تكرر في الحديث ذكر البطر، وهو - كما قيل - سوء احتمال الغنى والطغيان عند النعمة، ويقال هو التجبر وشدة النشاط، وقد بطر بالكسر يبطر بالفتح وأبطره المال. وذهب دمه بطرا بالكسر: أي هدرا. وفي الخبر " الكبر بطر الحق " قيل
هو أن يجعل ما جعله الله من توحيده وعبادته باطلا. وقيل هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا، وقيل هو أن يتكبر من الحق ولا يقبله. وفي الحديث ذكر البطيرة، وهي معالجة الدواب. والبطر: الشق، ومنه سمى البيطار. وغيث صوته مستبطر: أي ممتد ومثله سحاب مستبطر. ب ط ر ق في حديث هرقل (1) " فدخلنا عنه وعنده بطارقة من الروم ". البطارقة بالموحدة المفتوحة جمع بطريق بكسرها: خواص الدولة. والبطريق (2): الحاذق بالحرب وأمورها بلغة الروم، وهو ذو منصب. ويقدم عندهم، وهو معرب. ب ط ش قوله تعالى: (وإذا بطشتم بطشتم جبارين) [ 26 / 130 ] البطش الاخذ بسرعة والاخذ بعنف وسطوة. والبطشة الكبرى: قيل هي يوم بدر،
وقيل يوم القيامة. وبطش بطشا من باب ضرب وبها قرأ السبعة، وفي لغة من باب قتل، وقرأها الحسن البصري وأبو جعفر المدني - قاله في الصحاح. وفي الحديث القدسي " كنت يده الذى يبطش بها " هو بالكسر والضم أي يأخذ بها. وقد سبق تمام البحث فيه. وفي حديث الصادق عليه السلام لابان ابن تغلب: " كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين " قال بعض شراح الحديث: كأنه إشارة إلى وقعة عسكر السفياني بين
(1) هرقل: امبراطور المملكة الرومانية الشرقية أو البيزنطية. تصادمت جيوشه مع جيوش الاسلام، فلم يقو على المقاومة فانتصر المسلمون على جيوشه في وقعة اليرموك. (2) لقب للقائد من قواد الروم القديم. (*)
[ 212 ]
المسجدين وإلى الفتنة التي من عسكره في عراق العرب، وظهور رجل مترفع من الشيعة في العراق دلالة عسكر السفياني على الشيعة، والمراد من الحديث كله ظهور المهدى عليه السلام.
ب ط ط " البط " من طير الماء والبطة واحدته وليست الهاء للتأنيث وإنما هي للواحد من الجنس، يقال هذه بطة للذكر والانثى جميعا مثل حمامة ودجاجة. و " البط " عند العرب صغاره وكباره الاوز. والبط أيضا: شق الدمل والجراح ونحوهما، يقال بط الرجل الجرح بطا من باب قتل: أي شقه. ب ط ق في الحديث " يؤتى برجل يوم القيامة ويخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله " البطاقة بالكسر فيها رقيعة صغيرة توضع في الشئ يثبت فيها مقدار ما يجعل فيه إن كان عينا فوزنه وعدده، وإن كان متاعا فقيمته. قيل سميت بذلك لانها تشد بطاقة من هدب الثوب فتكون الباء حينئذ زائدة وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر. ب ط ل قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) [ 47 / 33 ] أي لا تبطلوها بمعصية الله والرسول أو بالشك والنفاق. وعن ابن عباس: لا تبطلوها بالرياء والسمعة. كذا ذكره الشيخ أبو علي. قوله (لا يأتيه الباطل) الآية أي لا يتطرق إليه الباطل من جهة من الجهات. ويقال المراد به إبليس لعنه الله أي لا يزيد فيه ولا ينقص منه. وقد مر في (أتى) مزيد كلام في الآية والباطل: خلاف الحق. والجمع أباطيل على خلاف القياس. والباطل: الشرك أيضا. وأبطل الرجل: إذا جاء بالباطل. وبطل من العمل بطالة بالفتح. وحكي الكسر وهو أفصح. وربما قيل بطالة حملا على العمالة.
[ 213 ]
وبطل الشئ يبطل بطلا وبطولا وبطلانا وقول الشاعر:
ألا كل شئ ما خلا الله باطل (1) أي فان أو غير ثابت أو خارج عن حد الانتفاع، أي ما خلا الله وصفاته، وما كان له من الصالحات كالايمان والثواب. وذهب دمه بطلا أي هدرا. وبطل الاجير بطالة أي تعطل. ب ط ن قوله تعالى (للبث في بطنه) [ 37 / 144 ] البطن: خلاف الظهر وهو مذكر، وجمعه في القلة أبطن، وفي الكثرة بطون. قال الله تعالى (هو الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم) [ 16 / 88 ] وقال (يخرج من بطونها شراب) [ 16 / 69 ] وإن كان يخرج من أفواهها كالريق لئلا يظن أنه ليس من بطونها. قوله (لا تتخذوا بطانة من دونكم) [ 3 / 118 ] أي دخلا من غيركم، وبطانة الرجل: دخلاؤه وأهل سره ممن يسكن إليهم ويثق بمودتهم، شبه ببطانة الثوب كما يشبه الانصار بالشعار والناس بالدثار، ومنه حديث الحائض " كانوا
كلفوا نسوة من بطانتها " أي من أهل سريرتها المستبطنين أمرها، العالمين به. ومنه " أعوذ بك من الخيانة فإنها بئش البطانة " قيل أراد بالخيانة: مخالفة الحق بنقض العهد في السر، وهي نقيض الامانة. وفي حديث غيبة القائم عليه السلام " لا بد من أن تكون فتنة يسقط فيها كل بطانة ووليجة " البطانة: السريرة والصاحب، والوليجة: الدخيلة وخاصتك من الناس. وفي التعويذ " أعوذ بك من البطانة " وهي خلاف الظهارة وأصلها في الثوب ثم تستعار لمن تخصه بالاطلاع على باطن أمرك، وأريد ما يستنبطه فيجعله بطانة حاله. وبطنان العرش بالضم: وسطه وداخله، ومنه الحديث " فناداه مناد من بطنان العرش.
(1) آخره: وكل نعيم لا محالة زائل. (*)
[ 214 ]
وفي حديث الشمس " إذا غابت انتهت
إلى حد بطنان العرش " قال بعض الشارحين كأن المراد وصولها إلى دائرة نصف النهار فإنها حينئذ تحاذي النقطة التي هي وسط العرش. والبطنان جمع البطن وهو المنخفض من الارض. والباطن من أسمائه تعالى، وهو المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم، وهو العالم بما بطن قاله في النهاية. وفى الحديث " الباطن ليس على معنى الاستبصار للاشياء أن يغور فيها، ولكن ذلك منه على استبطانه للاشياء علما وحفظا وتدبيرا، كقول القائل أبطنته أي أخبرته وعلمت مكنون سره ". وفيه " أنت الباطن فليس دونك شئ " أي فليس شئ أبطن منك. وفي حديث الوضوء " أيبطن الرجل لحيته " بتشديد الطاء من بطن يبطن إذا أدخل الماء تحتها مما هو مستور بشعرها لامن بطنت الوادي دخلته. وفي حديث علي عليه السلام " إنه
مسح على النعلين ولم يستبطن الشراكين " أي لم يمسح ما تحتهما. والبطن: دون القبيلة، وفوقها: الفخذة مؤنثة، وإن أريد الحي فمذكر، ويجمع البطن على أبطن وبطون. والبطن محركة: داء البطن. والمبطون: الذي يموت بمرض البطن والمبطون: من به إسهال أو انتفاخ في بطن أو من يشتكي بطنه. وفي الخبر " المبطون لم يعذب في القبر ". وبطن بالكسر يبطن فهو بطين: إذا عظم بطنه. والمبطان مثله. والمبطان: الذي لا يزال عظيم البطن من كثرة الاكل. ومنه حديث علي عليه السلام " ءأبيت مبطانا وحولي بطون غرثى ". والبطنة بالكسر: الامتلاء الشديد. ومنه قوله عليه السلام " إن افرط في الشبع كظته البطنة ". ومنه:
بحسبك داء أن تبيت ببطنة
[ 215 ]
وحولك أكباد تحن إلى القد ب ظ ر البظارة بالضم: هنة نابتة في الشفة العليا ومنه قول علي عليه السلام لشريح " فما تقول أنت أيها الابظر ". والبظر: قلقلة بين شفري المرأة لم تقطع في الختان، والجمع أبظر وبظور مثل أفلس وفلوس. ب ع ث قوله تعالى: (من بعثنا من مرقدنا) [ 36 / 52 ] قيل قد يكون البعث من النوم كما في الآية، ومثله قوله (ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى) [ 18 / 12 ] ويكون البعث إرسالا ك (بعثنا في كل أمة رسولا) [ 16 / 36 ] ويكون نشورا ك (يبعثكم فيه) [ 6 / 60 ] أي في النهار، ويكون إحياءا كقوله: (وكذلك بعثناهم) [ 18 / 19 ] أي أحييناهم. قوله: (إذا انبعث أشقيها) [ 91 / 12 ]
هو إنفعل من البعث. والانبعاث: الاسراع إلى الطاعة للباعث، ويقال إنبعث لشأنه: إذا ثار ومضى ذاهبا لقضاء حاجته. قوله: (ولكن كره الله انبعاثهم) [ 9 / 46 ] أي نهوضهم للخروج. قوله: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) [ 17 / 79 ] قيل ضمن يبعثك معنى يقيمك مقاما محمودا وهو الشفاعة لامته، وكان محمودا لانه يحمده كل من عرفه، والبعث: الاثارة، من فعل يفعل بالفتح فيهما، يقال بعث الله الموتى من قبورهم: أي أثارهم وأخرجهم. وفي الحديث: " تنوقوا بأكفانكم فإنكم تبعثون بها " (1) أي تنشرون بها. وفي حديث الحجر: " ليبعثه الله يوم القيامة " قيل لما كان الحجر من جملة الاموات واعلم نبي الله ان الله قدر أن يهب له حياة يوم القيامة يستعد بها للنطق ويجعل له آلة تميز بها المشهود له وغيره وآلة يشهد بها، شبه حاله بالاموات الذين كانوا رفاتا فبعثوا، لاستواء كل واحد
منهما في انعدام الحياة أولا ثم في حصوله ثانيا.
(1) الكافي ج 3 ص 149، وفيه " في الاكفان ". (*)
[ 216 ]
والباعث: الذي يحيى الخلق بعد موتهم. وبعثه وابتعثه: بمعنى أرسله. ومن كلام علي (ع) في وصف النبي: " وبعيثك نعمة " (1) أي مبعوثك الذي بعثته إلى الخلق - أي أرسلته - نعمة فهو فعيل بمعنى مفعول. ومثله قوله (ص): " والذي بعثني بالحق نبيا " وقوله: " بعثت إلى الناس كافة " ومثله " بعث راحلته " و " حتى تنبعث راحلته " أي تستوي قائمة إلى الطريق، أي حين ابتدأ الشروع. والبعث: الجيش، تسمية بالمصدر والجمع بعوث، ومنه " كان (ع) يبعث البعوث " بفتح موحدة: أي يرسل الجيش للقتال. وفي الحديث: " أول العقيق بريد البعث " (2) بالعين المهملة والثاء المثلثة
في المشهور، وهو مكان دون المسلح بستة أميال مما يلي العراق، وبينه وبين غمرة على ما قيل أربعة وعشرون ميلا بريدان، وفسر المسلح بالسين والحاء المهملتين اسم مكان أخذ السلاح ولبس لامة الحرب، وهذا يناسب تفسير البعث بالجيش، وضبطه العلماء بأنه واحد المسالح وهي المواضع العالية، وضبطه البعض بالخاء المعجمة لنزع الثياب به (3)، ويحكى ضبطه عن العلامة ببريد النغب بالنون قبل الغين المعجمة والباء الموحدة أخيرا، وهو خلاف ما اشتهرت به الرواية. و " يوم المبعث " هو يوم السابع والعشرين من رجب. و " يوم بعاث " بالضم كغراب: يوم حرب في الجاهلية بين الاوس والخزرج وكان الظفر للاوس واستمر مائة وعشرين سنة حتى ألف بينهم الاسلام. و " بعاث " اسم حصن للاوس، وبعضهم يقول بالغين المعجمة،
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 204. (2) الكافي ج 4 ص 321. (3) الموجود في الكافي ج 4 ص 320 - 321 في عدة احاديث " مسلخ " بالخاء المعجمة، وقال في مراصد الاطلاع ص 1271 المسلح بالفتح تم السكون وفتح اللام
والحاء المهملة موضع من اعمال المدينة. قلت: ومسلح قبل ذات عرق يحرم منه الشيعة - انتهى. (*)
[ 217 ]
قال في النهاية: وهو تصحيف (1). ب ع ث ر قوله تعالى: (أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور) [ 100 / 9 ] أي أثير وأخرج. قوله: (وإذا القبور بعثرت) [ 82 / 4 ] أي بحثرت وأثيرت، يقال بعثرت الشي وبحثرته: إذا استخرجته وكشفته، ويقال بعثرت: أي قلبت فأخرج ما فيها، من قولهم " تبعثرت نفسي " أي جاشت وانقلبت، يريد عند البعث. ب ع ج يقال: بعج بطنه بالسكين بعجا: إذا شقه، فهو مبعوج وبعيج. ومنه " تباعجوا بالسكاكين ". ب ع د قوله تعالى: (باعد بين أسفارنا) [ 34 / 19 ] هو المباعدة نقيض المقاربة. روي هو أن هؤلاء كان لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية
وأموال ظاهرة، فكفروها وغيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عليهم سيل العرم ففرق قراهم وأخرب ديارهم وأذهب أموالهم. قوله: (بعدت ثمود) [ 11 / 95 ] أي هلكت، يقال بعد بالكسر يبعد إذا هلك، وبعد يبعد بالضم من البعد. قوله: (رجع بعيد) [ 50 / 3 ] قيل هذا البعيد يعنون البعث. قوله: (ينادون من مكان بعيد) [ 41 / 44 ] قيل أي بعيد من قلوبهم. وبعد: خلاف قبل. قال تعالى: (ولله الامر من قبل ومن بعد) [ 30 / 4 ] أي قبل الفتح وبعده، وقد يكون بمعنى مع مثل قوله تعالى: (عتل بعد ذلك زنيم) [ 68 / 13 ] أي مع ذلك. قوله: (والارض بعد ذلك دحيها) أي مع ذلك، وقيل بعد على أصلها، لما روي عن ابن عباس قال: خلق الله الارض قبل السماء فقدر فيها أقواتها ولم يدحها، ثم خلق السماء ثم دحى الارض من بعدها. قوله: (في شقاق بعيد) [ 79 / 30 ]
قيل أي يتباعد بعضهم في ميثاقه بعض. وفي الحديث " أي قاض قضى بين
(1) بعاث بالضم وآخره ثاء مثلثة: موضع من نواحي المدينة، كانت به وقائع بين الاوس والخزرج في الجاهلية، وحكاه صاحب العين بالمعجمة، قال السكري هو تصحيف، وقيل لغتان. مراصد الاطلاع ص 206. (*)
[ 218 ]
اثنين فأخطأ سقط أبعد من السماء والارض " (1) قيل يعني سقط عن درجة اهل الثواب سقوط أبعد مما بين السماء والارض، فأبعد صفة مصدر، أي سقوطا بعيد المبتدأ والمنتهى. ومثله " يهوي به أبعد ما بين المشرق والمغرب ". وفي الحديث " من فعل كذا تباعدت عنه النار مسيرة سنة " قيل هو إشارة إلى يوم القيمة يوم العبور على الصراط والورود على النار. وفي الدعاء " باعد بيني وبين خطاياي " أي إذا قدرت لي ذنبا وخطيئة فبعد بيني وبينه واغفر لي خطاياي السالفة مني. وفي حديث الخلاء " إذا أراد أحدكم قضاء الحاجة أبعد " يعني تباعد عن النظارة
إليه. قال ابن قتيبة نقلا عنه: أبعد يكون لازما ويكون متعديا، فاللازم أبعد زيد عن المنزل بمعنى تباعد، والمتعدي أبعدته الابعد خلاف الاقرب، والبعد نقيض القرب. والبعد: المسافة. والتباعد: نقيض التقارب. وبعده بالتشديد بمعنى أبعده، واستبعده نقيض استقربه. وأمر بعيد: لا يقع مثله لعظمه. وتنح غير بعيد: أي كن قريبا. و " بعد " ظرف مبهم من ظروف الزمان لا يفهم معناه إلا بالاضافة لغيره، وهو زمان متراخ عن السابق، فإذا قرب منه قيل بعيدة بالتصغير، كما يقال قبل العصر فإذا قرب قيل قبيل العصر. وقد تكرر في كلام الفصحاء " أما بعد " وهي كلمة تسمى فصل الخطاب، يستعملها المتكلم إذا أراد الانتقال من كلام إلى آخر. قيل: أول من تكلم بها داود، وإليه الاشارة بقوله تعالى: (وآتيناه الحكمة
وفصل الخطاب) يعنى أما بعد، وقيل أراد بفصل الخطاب البينة على المدعى واليمين على المنكر، وقيل أول من قالها علي عليه السلام لانها أول ما عرفت من كلامه وخطبه، وقيل قس بن ساعدة الايادي حكيم العرب، لقوله:
(1) الكافي ج 7 ص 408. (*)
[ 219 ]
لقد علم الحي اليمانون أنني إذا قيل أما بعد أنى خطيبها أي خطيب أما بعد، ومعناها مهما يكن من شئ بعد كذا فكذا. ب ع ر " البعير " بفتح الاول وكسر الثاني وسكون الثالث قال الجوهري: هو من الابل بمنزلة الانسان من الناس، يقال هو للجمل والناقة. ومنه قول بعض العرب " صرعتني بعيري " أي ناقتي، والجمع أبعرة وأباعر وبعران. وليلة البعير: ليلة اشترى صلى الله عليه وآله من جابر جمله في السفر.
قيل سمي البعير بعيرا لانه يبعر، يقال بعر البعير يبعر بفتح العين فيهما بعرا باسكان العين. و " البعرة " بالفتح فالسكون واحدة البعر كذلك والابعار، وهي من البعير والغنم بمنزلة العذرة من الانسان. ب ع ص في الحديث " في الرجل إذا انكسر بعصوصه فلم يملك إسته ففيه الدية " البعصوص كعصفور: الورك وعظم دقيق حول الدبر، وهو العصعص. ب ع ض قوله: (إن الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها) [ 2 / 26 ] المعنى أن يضرب مثلا بعوضة نصبها على البدل وما زائدة، وقد تقدم معنى الاستحياء. و " البعوضة " بالفتح واحدة البعوض الذي هو صغار البق، واشتقاقها من البعض لانها كبعض البقة، وهي على خلقة الفيل إلا أنها أكثر أعضاء، فإن للفيل أربعة أرجل وخرطوما وذنبا ولها مع هذه
الاعضاء رجلان زائدتان وأربعة أجنحة، وخرطوم الفيل مصمت وخرطومه مجوف، فإذا طعن به جسد الانسان استسقى الدم وقذف به إلى جوفه فهو له كالبلعوم والحلقوم قوله: (فما فوقها) قال الزمخشري: فيه معنيان " أحدهما " فما تجاوزها وزاد عليها في المعنى الذي ضربت فيه مثلا وهو القلة والحقارة. و " الثاني " فما زاد عليها في الحجم، كأنه قصد بذلك رد ما استكبروه من ضرب المثل بالذباب والعنكبوت
[ 220 ]
لانهما أكبر من البعوضة. ونقل القاضي ابن الخلكان عن بعض الفضلاء أن الزمخشري أوصى أن تكتب هذه الابيات على قبره، وقد ذكرها في تفسيره في تفسير سورة البقرة وهي: يا من يرى مد البعوض جناحه في ظلمة الليل البهيم الاليل ويرى مناط عروقها في نحرها والمخ في تلك العظام النحل أمنن على بتوبة أمحو بها ما كان مني في الزمان الاول
ومن بعض ما قيل: لا تحقرن صغيرا في عداوته إن البعوضة تدمي مقلة الاسد وبعض الشئ: طائفة منه. وبعضه تبعيضا: أي جزأه فتبعض. وعن تغلب أجمع أهل النحو على أن البعض شئ من شئ أو أشياء، وهذه تتناول ما فوق النصف كالثمانية، فإنه يصدق عليها أنها من العشرة. وقال الازهري: وأجاز النحويون إدخال الالف واللام على بعض وكل إلا الاصمعي فإنه منع ذلك وقال: كل وبعض معرفة فلا يدخلهما الالف واللام لانهما في نية الاضافة، ومن هنا قال أبو علي كل وبعض معرفتان لانهما في نية الاضافة، وقد نصبت العرب عنها الحال فقالت " مررت بكل قائما " والباء للتبعيض. قال في المصباح: ومعناه أنها لا تقضي العموم، فيكفي أن يقع ما يصدق عليه أنه بعض، واستدلوا عليه بقوله تعالى: (وامسحوا برؤسكم) وقالوا الباء هنا للتبعيض على رأى الكوفيين.
ونص على مجيئها للتبعيض ابن قتيبة في أدب الكاتب وأبو علي الفارسي وابن جنى، ونقله الفارسي عن الاصمعي. وقال ابن مالك في شرح التسهيل: وتأتي الباء موافقة من التبعيضية.. إلى أن قال: وذهب إلى مجئ الباء بمعنى التبعيض الشافعي وهو من أئمة اللسان، وقال بمقتضاه احمد وأبو حنيفة حيث لم يوجب التعميم بل اكتفى احمد بمسح الاكثر وابو حنيفة بمسح الربع ولا معنى للتبعيض غير ذلك. قال: وجعلها للتبعيض أولى من القول بزيادتها، لان الاصل عدم الزيادة
[ 221 ]
ولا يلزم من الزيادة في موضع ثبوتها في كل موضع، بل لا يجوز القول به إلا بدليل، فدعوى الاصالة دعوى تأسيس وهو الحقيقة، ودعوى الزيادة دعوى مجاز ومعلوم أن الحقيقة أولى. وقوله تعالى: (ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله) قال ابن عباس الباء بمعنى من، ومثله (فاعلموا أنما
أنزل بعلم الله) أي علم الله.. إلى أن قال: وقال النحاة تأتي للالصاق، ومثلوه بقولك " مسحت يدي بالمنديل " أي ألصقتها به، والظاهر أنه لا يستوعبه وهو عرف الاستعمال، ويلزم من هذا الاجماع على أنها للتبعيض - انتهى. وهو تحقيق جيد يطابق المذهب الحق ويشهد له صريح الحديث الصحيح المشهور المروي عن زرارة عن الباقر عليه السلام قال: قلت له ألا تخبرني من أين علمت ؟ وقلت: إن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين، فضحك وقال: يا زرارة قاله رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به الكتاب من الله تعالى لانه قال: (فاغسلوا وجوهكم) فعرفنا أن الوجه كله ينبغي أن يغسل، ثم قال: وأيديكم إلى المرافق فوصل اليدين بالوجه فعرفنا أنه ينبغي لهما أن يغسلا إلى المرفقين ثم فصل بين الكلامين فقال: (امسحوا برؤسكم) فعرفنا حين قال (برؤسكم) أن المسح ببعض الرأس لمكان الباء، ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال: (وأرجلكم إلى
الكعبين) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أن المسح على بعضها، ثم فسر رسول الله ذلك للناس فضيعوه. وفي حديث صفاته تعالى " لا يتبعض بتجزئة العدد في كماله " يعنى أوصافه الكاملة كثيرة، وهو عالم قادر سميع بصير ومصداق لكل واحد، وهو ذاته، وهو منزه عن التجزئة التى تستلزم العدد في الكثرة. ب ع ع بعاع السحاب: ثقله بالمطر. ب ع ق البعاق بالضم: المطر الكثير الغزير الواسع. ومنه " السحاب المنبعق " أي السائل الكثير السيلان. ب ع ل
[ 222 ]
قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) [ 2 / 228 ] بعل المرأة: زوجها، والجمع البعولة. قوله (أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين) [ 37 / 125 ] بعل بالفتح
فالسكون: اسم صنم كان لقوم إلياس عليه السلام. وفي الحديث " جهاد المرأة حسن اتبعل " التبعل حسن العشرة وحسن صحبة المرأة مع بعلها. والبعال: النكاح، وملاعبة الرجل امرأته فعال من البعل وهو الزوج. ومنه حديث أيام التشريق " أيام أكل وشرب وبعال " أي نكاح. يقال بعل يبعل بعلا من باب قتل بعولة: إذا تزوج. والمباعلة: المباشرة. والبعل كالتبعل: حسن العشرة. ويستعار البعل للنخل وهو ما يشرب بعروقه من الارض فاستغنى عن السقي. وعن أبي عمرو: والبعل والعذي واحد وهو ما سقته السماء. وعن الاصمعي، العذى: ما سقته السماء. والبعل: ما شرب من عروقه من غير سقي ولا سماء. ب غ ب غ في الحديث " بعث أمير المؤمنين عليه
السلام إلى رجل خمسة أوساق من تمر البغيبغة " ببائين موحدتين وغينين معجمتين وفي الوسط ياء مثناة وفي الآخر هاء: ضيعة أو عين بالمدينة غزيرة كثيرة النخل لآل الرسول (1). وفي تاريخ المدينة البغيبغة تصغير البغبغ، وهي البئر القريبة الرشا، والبغبغات والبغبغة عيون عملها علي بن أبي طالب عليه السلام بينبع أول ما صارت إليه إليه وتصدق، بها وبلغ جذاذها في زمنه ألف وسق، ومنها خيف الاراك وخيف ليلى وخيف الطأس، وأعطاها حسين بن علي عبد الله ابن جعفر بن أبي طالب يأكل ثمرها ويستعين بها على دينه على أن لا يزوج ابنته من يزيد بن معاوية. والبغبغة: ضرب من الهدير. والمبغبغ: السير العجل
(1) انظر التفاصيل حول هذه الضيعة معجم البلدان ج 1 ص 469. (*)
[ 223 ]
ب غ ت قوله تعالى: (قل أرأيتم إن أتيكم عذاب الله بغتة أو جهرة) [ 6 / 47 ]
الآية قوله: " بغتة " أي مفاجأة، أو جهرة أي علانية. قال المفسر: وإنما قرن البغتة بالجهرة لان البغتة تتضمن الخفية، لانها تأتيهم من حيث لا يشعرون. وقيل البغتة أن تأتيهم ليلا، والجهرة أن تأتيهم نهارا، فإن هلك فيها مؤمن أو طفل فإنما يهلك بغتة ويعوضه الله على ذلك أعواضا كثيرة. ب غ ث في الحديث ذكر البغاث بالباء الموحدة المثلثة وبالمعجمة جمع بغاثة كذلك: طائر أبيض بطئ الطيران أصغر من الحدأة، وفي الدروس: البغاث ما عظم من الطير وليس له مخلاب معقب أي معوج، وربما جعل النسر من البغاث. وقال الفراء: بغاث الطير شرارها وما لا يصيد منها. وفي الصحاح البغاث طير دون الرخمة بطئ الطيران. وفى المثل " ان البغاث بأرضنا تستنسر " أي من جاورنا عزبنا. ب غ د د " بغداد " اسم البلدة المشهورة، تذكر وتؤنث، والدال الاولى مهملة وفي الثانية
لغات ثلاث: دال مهملة وهو الاكثر، ونون، وذال معجمة (1). قال في المصباح وهي إسلامية وبانيها المنصور أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس ثاني الخلفاء العباسين، بناها لما تولى الخلافة بعد أخيه السفاح وكانت ولاية المنصور المذكور في ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة وتوفي في ذى الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة. ب غ ض البغضاء بالمد: أشد البغض، وكذلك البغضة بالكسر. والبغض: ضد الحب. والتباغض: ضد التحاب. وبغضه يبغضه من باب نصر، وقد بغض الرجل بغاضة: أي صار بغيضا، وبغضه الله إلى الناس تبغيضا.
(1) ذكر في معجم البلدان ج 1 ص 459 لبغداد سبع لغات: بغداد، بغدان، بغداذ، مغداد، مغداذ، مغدان. (*)
[ 224 ]
وفي الحديث " إن الله ليبغض المؤمن الضعيف. قلت: وما المؤمن الضعيف ؟
قال: هو الذي يرى المنكر ولا ينكر على فاعله " ومعناه أن يعامله معاملة المبغض مع من أبغضه، بأن يوصل إليه ما يترتب على البغض لا حقيقة البغض، فإن ما يوصف به سبحانه يؤخذ باعتبار الغايات لا المبادئ. ب غ ل البغال جمع بغل وهي التي تركب يقال سمي بذلك من التبغيل وهو ضرب من السير. والانثى بغلة. والبغال بالتشديد: صاحب البغال والدرهم البغلي بسكون الغين وتخفيف اللام: منسوب إلى ضراب مشهور باسم رأس البغل (1). وقيل هو بفتح الغين وتشديد اللام منسوب إلى بلد اسمه بغلة قريب من الحلة، وهي بلدة مشهورة بالعراق. والاول أشهر على ما ذكره بعض العارفين. وقدرت سعته بسعة أخمص الراحة وبعقد الابهام.
والدرهم الشرعي دون البغلي، عرف ذلك بالاعتبار. ب غ م بغام الظبية: صوتها. ب غ ى قوله تعالى: (وما كانت أمك بغيا) البغي: المرأة الفاجرة، يقال: " بغت المرأة تبغي بغاءا " - بالكسر والمد - فجرت، فهي بغي، والجمع " البغايا "، وهو وصف يختص بالمرأة الفاجرة ولا يقال للرجل بغي (2). و " البغاء " - بالكسر والمد - الزنا. " وبغيت الشئ ابغيته بغيا " طلبته، وابتغيته مثله، والاسم: البغاء بالضم كغراب. قال تعالى: (أفغير دين الله يبغون) أي يطلبون.
(1) وهو يهودى كان يضرب الدراهم ايام عمر بن الخطاب بسكة فارسية (2) يذكر في " عنق " أول بغى بغى على وجه الارض، وفى " خبر " حديثا في البغى - ز (*)
[ 225 ]
و (بغيا أن ينزل الله) أي طلبا أن ينزل الله.
قوله: (وما ينفقون إلا ابتغاء وجه الله) قيل: هو نفي ويراد به النهي، مثل " لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها " ومراده لا ينفقون شيئا إلا ابتغاء وجه الله، أي طلب وجه الله، وفيه نهي عن الرياء وطلب السمعة بالانفاق، وأمر بالاخلاص لما في الكلام من النفي والاثبات. قوله: (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم) قيل: هو في محل النصب مفعول له، والمفعول محذوف: أي أحل لكم ما وراء ذلكم لان تطلبوا النساء. قوله: (غير باغ ولا عاد) أن لا يبغي الميتة ولا يطلبها وهو يجد غيرها، ولا عاد يعدو شبعه. قوله: (وابتعوا من فضل الله) أي رزقه أو علمه، وورد أنه عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ، قوله: (وابتغوا إليه الوسيلة) الوسيلة فعلية من قولهم: " توسلت إليه " أي تقربت، والضمير راجع إلى الله تعالى، أي اطلبوا التقرب إلى الله تعالى بأعمالكم.
قوله: (إنما بغيكم على أنفسكم) أي فسادكم على أنفسكم. والبغى: الفساد، وأصل البغي: الحسد ثم سمي الظالم بغيا، لان الحاسد ظالم. ومنه قوله تعالى: (فبغى عليهم) أي ترفع وجاوز المقدار. وقوله تعالى: (ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله) في تفسير علي بن ابراهيم (ره): هو رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخرجته قريش من مكة وهرب منهم إلى الغار، فطلبوه ليقتلوه، فعاقبهم الله يوم بدر، فقتل عتبة وشيبة والوليد وأبو جهل وحنظلة بن أبي سفيان وغيرهم، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله طلب بدمائهم، فقتل الحسين (ع) وآل محمد بغيا وعدوانا وظلما، وهو قول يزيد: ليت أشياخي ببدر شهدوا
[ 226 ]
وقعة الخزرج مع وقع الاسل إلى قوله: قد قتلنا القوم من ساداتهم
وعدلناه ببدر فاعتدل (1) فقوله: (ومن عاقب) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله (بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه) يعني بقتل الحسين (ع) بغيا وظلما وعدوانا (لينصرنه الله) يعني بالقائم من ولده. قوله: (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) أي ما يتأتى للرحمن اتخاذ الولد، ولا يصلح له ذلك. يقال: " ما ينبغي لك أن تفعل كذا " أي ما يصلح لك ذلك. وفي المصباح: حكي عن الكسائي انه سمع من العرب: " وما ينبغي أن يكون كذا " اي ما يستقيم وما يحسن، قال: " وينبغي اي يكون كذا " معناه يندب ندبا مؤكدا لا يحسن تركه، ثم قال: واستعمال ماضيه مهجور، وقيل: عدوا " ينبغي " من الافعال التي لا تتصرف ولا يقال " انبغى " قال: وقيل في وجهه إن ينبغي مطلوع " بغى " ولا يستعمل إنفعل إلا إذا كان فيه علاج وانفعال، وهو لا علاج فيه، واجازه بعضهم.. انتهى.
وفي الحديث: " ألا وان الله يحب بغاة العلم " (2) بضم موحدة، أي طلبته، جمع " باغ " بمعنى طالب والجمع " بغيان " كراع ورعيان يقال: بغيت الشئ بغا وبغته إذا طلبته قال الحاجبي: الصفة من نحو " جاهل " على " جهل " و " جهال " غالبا و " فسقة " كثيرا وعلى قضاة. و " البغاة " ايضا جمع " باغ " وهم الخارجون على امام معصوم - كما في الجمل وصفين - سموا بذلك لقوله تعالى: (فإن بغت إحديهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي) حقي تفئ " والفئة الباغية " الخارجة عن طاعة الامام من " البغي " الذي هو مجاوزة الحد. ومنه حديث عمار: " تقتله الفئة الباغية ". وفيه: " إياك أن يسمع منك كلمة بغي "
(1) تفسير على بن ابراهيم 2 / 76. (2) الكافي 1 / 31. (*)
[ 227 ]
أي ظلم وفساد. و " بغى على الناس " ظلم واعتدى، فهو " باغ ". و " بغى " سعى في الفساد.
قيل: ومنه " الفئة الباغية " لانها عدلت عن القصد. و " البغية " - بالكسر مثل الجلسة - الحال التي تبغيها. و " البغية " - بضم الموحدة - الحاجة نفسها. عن الاصمعي: " وبغى ضالته " طلبها، وكل طلبة " بغاء " - بالضم - و " بغاية " أيضا - قاله الجوهري. وفى الحديث في رجل أعار جارية " لم يبغها غائلة " أي لا يقصد اغتيالها، فقضى أن لا يغرمها. و " ابغني كذا " - بهمزة الوصل - أطلب لي، وبهمزة القطع أعني على الطلب قاله في الدر. ب ق ر قوله تعالى: (سبع بقرات سمان) [ 12 / 43 ] البقرات بالتحريك جمع البقر كذلك اسم جنس يقع على الذكر والانثى وإنما دخلته الهاء للوحدة. قيل واشتق هذا الاسم من بقر: إذ شق لانها تشق الارض بالحراثة.
والبقر أجناس: فمنها الجواميس وهي أكثرها ألبانا وأعظمها أجساما، ومنها نوع آخر يقال له دربن بدال مهملة ثم راء ثم باء موحدة ثم نون وهي التي ينقل عليها الاحمال وربما كانت لها أسنمة. قال في حياة الحيوان: والوحشي من البقر أربعة أصناف الايل والمها واليحمور والتيتل، وكلها تشرب الماء في الصيف إذا وجدته وإذا عدمته صبرت عنه واقتنعت باستنشاق الريح، وفي هذا الوصف يشاركها الذئب والثعلب (1). وأهل اليمن يسمون البقرة باقورة ومنه ما كتب لهم النبي صلى الله عليه وآله " في كل ثلاثين باقور بقرة ". وفي الحديث نهى عن التبقر في الاهل
(1) حياة الحيوان ج 1 ص 153. (*)
[ 228 ]
والمال. قال الاصمعي. التبقر التوسع، ويقال بقرت الشئ بقرا من باب قتل: شققته وفتحته. وتبقر في العلم: توسع، ومنه سمي
أبو جعفر الباقر عليه السلام لان بقر العلم بقرا وشقه وفتحه. والبيقرة: إسراع يطأطئ الرجل فيه رأسه. ب ق ط " الباقطاني " بالباء الموحدة والقاف والطاء المهملة والنون ثم الياء على ما في نسخ متعددة أفيد أنه أحد وزراء بني العباس ب ق ط ر " البقطرية " بالضم: الثياب البيض الواسعة. ب ق ع قوله تعالى: (في البقعة المباركة) [ 28 / 30 ] وهي القطعة من الارض على غير الهيئة بجنبها. والبقعة بضم الباء في الاكثر تجمع على بقع كغرفة وغرف، وبالفتح تجمع على بقاع ككلبة وكلاب. وفي الحديث " إذا مات المؤمن بكت عليه بقاع الارض التي كان يعبد الله عليها " (1) ويحتمل الحقيقة والمجاز. و " البقيع " من الارض المكان المتسع
قيل ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجرا وأصولها. ومنه " بقيع الغرقد " (2). وبقع الغراب بقعا من باب تعب: اختلف لونه، فهو أبقع، وجمعه بقعان بالكسر غلب فيه الاسمية. قال في المصباح: ولو اعتبرت الوصفية لقيل بقع مثل أحمر وحمر. والبقع بالتحريك في الطائر والكلاب كالبلق في الدواب. ب ق ق البق هو البعوض واحدة: بقة. ومنه " لا بأس بقتل البق ". ورجل بقاق وبقاقة: كثير الكلام، والهاء للمبالغة. والبقباق مثله وبه كني أبو العباس (3).
(1) من لا يحضر ج 1 ص 84. (2) وهو مقبرة اهل المدينة، وهى داخل المدينة - معجم البلدان ج 1 ص 473. (3) البقباق - كصلصال - أبو العباس فضل بن عبد الملك الكوفي من اصحاب
[ 229 ]
ب ق ل قوله تعالى (أدع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الارض من بقلها) [ 2 / 61 ]
الآية البقل هو ما انبتته الارض من الخضر كالنعناع والكراث والكرفس ونحوها. وكل نبات اخضر له الارض: بقل. ومنه البقال وهو الذي يبيع البقول. وفي الحديث " لا زكوة في الخضر والبقول ". والبقلة الحمقاء: سيدة البقل وهي الرجلة واستحمقت لانها تنبت في المسيل. والباقلاء معروفة. قال الجوهري: إذا شددت اللام قصرت، وإن خففت مددت والواحدة باقلاءة. وفي حديث " أكل الباقلاء يمخمخ الساقين " أي يصير فيهما المخ. ب ق م البقم بالفتح فالتشديد: صبغ معروف وهو الضدم. قيل: هو عربي، وقيل: معرب. ب ق ى قوله تعالى: (فهل ترى لهم من باقية) أي من بقية، أو من بقاء مصدر كالعافية. قوله: (والله خير وأبقى) أي اكثر
بقاء. قوله: (والباقيات الصالحات) قيل: هي الاعمال يبقي ثوابها، وقيل: الصلوات الخمس، وقيل: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ". وعن بعض المفسرين من الخاصة والعامة في قوله تعالى: (المال والبنون زينة الحيوة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا): المراد بها اعمال الخير، فان ثمرتها تبقى أبد الآبدين، فهي باقيات، ومعنى كونها خيرا أملا أن فاعلها ينال بها في الآخرة ما كان يأمل
ابي عبد الله الصادق عليه السلام. وثقه جماعة من ارباب التراجم والرجال. وعده الشيخ المفيد من فقهاء اصحاب الامامين الباقر والصادق عليهما السلام. ومن الاعلام والرؤسا المأخوذ منهم الحلال والحرام والفتيا والاحكام. ومن الذين لا يطعن عليهم ولا طريق إلى ذمهم بتاتا. الكنى والالقاب ج 2 ص 78. (*)
[ 230 ]
بها في الدنيا. وما جاء في الخبر من قوله: " هن من الباقيات الصالحات " فمعناه - على ما ذكر -: ان تلك الكلمات من جملة
ما ذكره الله سبحانه في القرآن المجيد وعبر عنه بالباقيات الصالحات وجعل ثوابه وامله خيرا من المال والبنين. قوله: (بقية الله خير لكم) أي ما أبقى الله لكم من الحلال ولم يحرمه عليكم، فيه مقنع ورضى فذلك خير لكم. قوله: (وبقية مما ترك آل موسى وآل هرون) أي في التابوت مما تكسر من الالواح التي كتب الله لموسى، وعصى موسى وثيابه، وعمامة هارون. ويقال: " بقية مما ترك " رضاض قطع الالواح. قوله: (أولوا بقية) أي أولوا تمييز وطاعة، يقال: " فلان بقية " أي فضل مما يمدح به. والبقية: الرحمة، ومنه حديث وصفهم (ع): أنتم بقية الله في عباده " أي رحمة الله التي من الله بها على عباده. وجمع البقية " بقايا " و " بقيات " مثل عطية وعطايا وعطيات. وفي حديث النار: " لا تبقي على من تضرع إليها " أي لا ترحمه، من أبقيت
عليه إبقاء: إذا رحمته وأشفقت عليه. والاسم البقيا. وبقي الشئ يبقى - من باب تعب - دام وثبت. ويتعدى بالالف فيقال: " أبقيته ". والاسم: " البقوى " بالفتح مع الواو و " البقيا " بالضم مع الياء. قال في المصباح: ومثله الفتوى والفتيا والثنوى والثنيا، قال: وطي تبدل الكسرة فتحة فتقلب الياء ألفا، وكذلك كل فعل ثلاثي مثل بقي ونسي وفتي.. انتهى و " بقي من الدين كذا " فضل وتأخر و " تبقى " مثله. والاسم: البقية. وفي حديث ملك الموت لبني آدم: " إن لتا فيكم بقية " يريد ما يبقى من
[ 231 ]
الشئ ويفضل. و " لاربع بقين من كذا " أي بقيت منه، وكذا " خلون " أي خلون منه. وفى الحديث: " ما من نبي ولا وصي يبقى في الارض أكثر من ثلاثة أيام حتى
يرفع بروحه وعظمه ولحمه إلى السماء " وفيه تأويل (1). و " الباقي " من صفاته تعالى، وهو من لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ينتهي إليه، ب ك ت التبكيت: التقريع والتوبيخ، كما يقال له " يا فاسق أما استحييت أما خفت الله " قال الهروي: ويكون باليد والعصاء، ويقال بكته بالحجة إذا غلبه، وقد يكون التبكيت بلفظ الخبر كما في قول ابراهيم: (بل فعله كبير هم هذا) [ 21 / 63 ] فإنه تبكيت وتوبيخ على عبادتهم الاصنام ب ك ر قوله تعالى: (لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) [ 19 / 62 ] أي مقدارهما أو دائما، وقد تقدم في عشا غير ذلك والبكرة بالضم: الغداة. والجمع بكر مثل غرفة وغرف، وجمع الجمع أبكار مثل رطب وأرطاب. قوله: (بكرة وأصيلا) [ 25 / 5 ] أي غداء ومساء. قوله (بالعشي
والابكار) [ 3 / 41 ] هو اسم للبكرة. قال الجوهري: جعل الابكار، وهو فعل يدل على الوقت، وهو البكرة كما قال تعالى: (بالغدو والآصال) جعل الغدو وهو مصدر يدل على الغداة. قوله: (فجعلنا هن أبكارا) [ 56 / 36 ] هي بفتح الهمزة جمع بكر، وهي العذراء من النساء التي لم تمس، مثل حمل وأحمال، وسميت البكر بكرا
(1) والالورد عليه ان نوحا نقل عظام آدم (ع) من سرنديب إلى النجف، وموسى نقل عظام يوسف من مصر إلى بيت المقدس، ونقل رأس الحسين (ع) من كربلا إلى الشام إلى النجف، والتأويل فيه: انها ترفع ثم ترجع إلى الارض لحكمة اقتضت ذلك، ولما فيه من قطع طمع الاعداء والمنافقين الذي يسبقونهم في قبورهم، فإذا علموا ذلك انقطع الطلب وكفوا عن ذلك - م. (2) الكافي 2 / 438. (*)
[ 232 ]
اعتبارا بالثيب لتقدمها عليها فيما يزاوله النساء. والبكارة أيضا: عذرة المرأة. وضربة بكر: أي قاطعة لا تثنى ومنه الخبر " كانت ضربات علي أبكارا إذا اعتلا قد وإذا اعترض قط ". والبكر بالفتح: الفتى من الابل،
والانثى بكرة، والجمع بكار مثل فرخ وفراخ، وقد يجمع في القلة على أبكر. وفي حديث علي عليه السلام في أصحابه " كم أداريكم كما تدارى البكار العمدة والثياب المتداعية " (1). قال الفاضل ميثم والبكار العمدة: التي انشدخ باطن أسنمتها لثقل الحمل، وتسمى العمدة لذلك، ووجه شبه مداراتهم بمداراتها قوة المداراة وكثرتها، وخص البكار جمع بكرة لانها أشد تضجرا بالحمل عند ذلك الداء، وأشار إلى وجه شبهها بمداراة الثياب المتتابعة في التمزق بقوله " كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر ". وحيصت: خيطت وجمعت، أي كلما أصلح حال بعضهم وجمعهم للحرب فسد بعض آخر عليه وتفرق عنه. وفي الحديث " عليه بكارة " بالفتح وهي الناقة إذا ولدت. وبكرة البئر: الخشبة التي يستقى عليها. قال الا معي: إن كانت البكرة على ركية متوح فهي بكرة، وإن كانت على ركية حرور فهي محالة.
وبكر بالصلاة: صلاها لاول وقتها. ومنه " لا تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب ". وبكر إلى الشئ بكورا من باب قعد: أسرع أي وقت كان. وبكر بالتشديد مثله ومنه حديث الجمعة " من بكر وابتكر " قالوا بكر: أسرع، وابتكر: أدرك الخطبة. وبكر بالصدقة. تصدق قبل خروجه، ومنه " باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها " (2). وفي حديث علي عليه السلام في وصف
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 112 (2) الكافي ج 4 ص 6، وفيه " بكروا بالصدقة ". (*)
[ 233 ]
المفتى " بكر فاستكثر " (1) أي ذهب بكرة، يعني أخذ في طلب العلم أول شئ فاستكثر منه. ومن بادر إلى الشئ فقد أبكر إليه: أي أسرع. وأتيته بكرة: أي باكرا. قال
الجوهرى فإن أردت به بكرة يوم بعينه قلت " أتيته بكرة " غير منصرف كأنه للتأنيث والعلمية، وهي من الظروف التي لا تتمكن وابتكر الشئ: إذا أخذ بكورته وهو أوله. و " أبو بكر بن أبى قحافة " ولد قبل عام الفيل بثلاث سنين (2) وكان اسمه عبد العزى وكنيته أبا فصيل، فسماه النبي صلى الله عليه وآله عبد الله وكناه بأبي بكر. ب ك ك قوله تعالى (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) [ 3 / 96 ] قيل بكة: موضع البيت. ومكة سائر البلد. وقيل هما اسمان للبلد والباء والميم يتقاربان. وإنما سميت بكة قيل لانها تبك أعناق الجبابرة أي تدقها وقيل لان الناس يبك بعضهم بعضا في الطواف أي يزاحم ويدافع.
وفي الحديث " إنما سميت بكة لانها تبك فيها الرجال والنساء ". وروي " سميت بكة لبكاء الناس حولها وفيها ". وبعلبك: اسم بلد (3) كلمتان جعلتا كلمة واحدة.
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 48. (2) توفي يوم الجمعة لتسع ليالي بقين من جمادي الآخرة سنة ثلاث عشرة، وقيل مات عشى يوم الاثنين، وقيل ليلة الثلاثاء، وقيل عشي يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة - الاستيعاب ج 2 ص 977. (3) بلدة فيها آثار ضخمة في لبنان. شيد فيها - في القديم معبد جبار على اسم (جوبيتر هليو پوليس) ودام بناء ونجميل المعبد زهاء (260 سنة من عهد أو غسطوس إلى عهد كاركلا. وكانث مستعمرة رومانية. (*)
[ 234 ]
ب ك ل في الحديث نوف البكالى (1) بفتح الباء وتخفيف الكاف، كان صاحب علي عليه السلام. ونقل عن تغلب أنه منسوب إلى بكالة قبيلة. وقال القطب الراوندي هو منسوب إلى بكال حي من همدان. وقال عبد الحميد بن أبي الحديد:
إنما هو بكال بكسر الباء قبيلة من حمير. فمنهم هذا الشيخ وهو نوف بن فضالة صاحب علي عليه السلام. ب ك م قوله تعالى: (صم بكم عمي) [ 2 / 18 ] البكم: الخرس. والابكم: الذي لا يفصح، والمعنى: صم عن استماع الحق، بكم عن النطق به، عمي عن ابصاره، وإن لم يكن لهم تلك الصفات هناك. وبكم يبكم من باب تعب فهو أبكم أي أخرس. وقيل: الاخرس: الذي خلق ولا نطق له. والابكم: الذي له نطق ولا يعقل الجواب، والجمع: بكم. ب ك ى قوله تعالى: (بكيا) هو جمع " باك " وأصله " بكوي " على فعول، فأدغمت الواو في الياء. ويقال: " البكي " على فعيل: الكثير البكاء، و " البكي " على فعول جمع " باك ". قوله: (فما بكت عليهم السماء والارض)
عن ابن عباس: مامن مؤمن إلا ويبكي عليه إذا مات مصلاه وباب ارتفاع عمله، وقيل: معناه أهل السماء، فحذف، وقيل: العرب تقول إذا هلك العظيم فيها: " بكت عليه السماء وكسفت لموته الشمس ". وفي حديث علي للحسن (ع): " وابك على خطيئتك " قال بعض أهل التحقيق: وهذا لا يستقيم على ظاهره على قواعد الامامية القائلين بالعصمة، وقد ورد مثله كثيرا في الادعية المروية عن أئمتنا (ع) وقد روى في الكافي في باب الاستغفار
(1) تقدم بعض الكلام عنه في (نوف). (*)
[ 235 ]
عن الصادق (ع): إن " رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتوب إلى الله عزوجل كل يوم سبعين مرة " (1) وأمثال ذلك من طريق الخاصة والعامة كثير، ثم قال: وأحسن ما تضمحل به الشبهة ما أفاده الفاضل الجليل بهاء الدين علي بن عيسى الاربلي في كتاب كشف الغمة، قال: إن الانبياء والائمة (ع) تكون أوقاتهم مستغرقة بذكر الله تعالى،
وقلوبهم مشغولة، وخواطر هم متعلقة بالملا الاعلى، وهم أبدا في المراقبة كما قال (ع): " ا عبد الله كأنك تراه فان لم تره فإنه يراك " فهم أبدا متوجهون إليه ومقبلون بكليتهم عليه، فمتى انحطوا عن تلك المرتبة العلية والمنزلة الرفيعة إلى الاشتغال بالمأكل والمشرب والتفرغ إلى النكاح وغيره من المباحات عدوه ذنبا واعتقدوه خطيئة فاستغفروا منه، ألا ترى إلى بعض عبيد أبناء الدنيا لو قعد يأكل ويشرب وينكح وهو يعلم أنه بمرأى من سيده ومالكه يعده ذنبا، فما ظنك بسيد السيادات ومالك الملاك، والى هذا أشار بقوله (ع): " إنه ليغان على قلبي وإني استغفر بالنهار سبعين مرة " (2) وقوله: " حسنات الابرار سيئات المقربين ".. انتهى. ويجئ في " غين " انشاء الله تعالى ما يتم به الكلام. وبكى يبكى بكى وبكاء بالقصر والمد - قيل: القصر مع خروج الدموع، والمد على إرادة الصوت (3)
قال في المصباح: وقد جمع الشاعر بين المعينين، فقال: بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل
(1) الكافي 2 / 438. (2) يأتي في " غين " حديث مشابه لما ذكره هنا مع تفسيره - ن. (3) يذكر في " عذب " شيئا في البكاء على الميت، وفى " عشر " البكاء على الحسين (ع)، وفى " وله " البكاء لله تعالى، وفى " غنا " البكاء عند قراءة القرآن - ز. (*)
[ 236 ]
وقد تكرر ذكر البكاء في الحديث، والمبطل منه للصلاة (1) يحتمل معينين، وقصر البعض تحريمه على الممدود لمكان الاستصحاب في صحة الصلاة، وإطلاق النص بأباه (2). و " تباكى الرجل ": تكلف البكاء. ومنه: " إن لم تجدوا البكاء فتباكوا " وقيل: معناه لا تكلفوا البكاء. و " بكيته " و " بكيت عليه " و " بكيت له " و " بكيته " - بالتشديد - و " بكت السماء " إذا أمطرت، ومنه " بكت السحابة ". ب ل
وبل حرف من حروف العطف يعطف به الثاني على الاول فيلزمه مثل إعرابه. قال الجوهري وهو للاضراب عن الاول للثاني تعطف بها بعد النفي والاثبات جميعا وربما وضعوه موضع رب كقول الراجز: بل مهمه قطعت بعد مهمه كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعا وقوله تعالى (ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق) [ 38 / 2 ] قال الاخفش عن بعضهم: إن بل هنا بمعنى إن فلذلك صار القسم عليها. ب ل ب ل والبلبلة: شدة الهم والحزن والوسواس وبلبلة الصدر: وسوسته. والبلابل هي الهموم والاحزان. تبلبلت الالسن: اختلطت. وفي حديث علي عليه السلام " لتبلبلن بلبلة ولتغر بلن غربلة ولتساطن سوط القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم " كأنه يريد الامتحان والاختبار
(1) وهو ما كان للدنيا كذهاب مال أو فقد محبوب، واما ما كان للاخرة كبكا
- بالقصر - أو بكاء - بالمد - من خشية الله تعالى أو ذكر الجنة والنار فهو أفضل الاعمال، كما نطقت به الاخبار عنهم (ع) - وم. (2) لا يخفى بأن النصوص الواردة بأن البكاء على الميت يفسد الصلاة لا ندرى أهو على الممدود أم على المقصور، فان جعلناها لمطلق البكاء ناسب قول الوالد المصورة: " واطلاق النص يأباه " وان فرقنا بينهما كان في العبارة المذكورة مساهلة، وفى لفظ الحديث إجمال، فيشكل التعلق به في إثبات حكم مخالف للاصل، خصوصا وقد اشتمل على عدة من الضعفاء - وم. (*)
[ 237 ]
والابتلاء ليتميز المحق من المبطل. وقد سبق معنى سوطة القدر (1). وسيأتي معنى الغربلة (2). والبلبل بضم البائين: طائر معروف يعد من العصافير. ب ل ج في وصفه عليه السلام " أبلج الوجه " أي مشرقه، ولم يرد بلج الحاجب لانه وصف بالقرن. يقال: بلج الصبح بلوجا - من باب قعد -: أسفرو أنار، ومنه قيل " بلج الحق " إذا وضح وظهر. وبلج بلجا - من باب تعب - لغة. وصبح أبلج: بين البلج.
و " بلجة الصبح " بالضم والفتح: ضوؤه ونوره. والرجل الابلج: الذى ليس بمقرون الحاجبين. وفي الحديث " لو أن الموت يشترى لاشتراه الكريم الابلج واللئيم الملهوج " المراد بالكريم الشريف الخالي عن اللئامة واللئيم بخلافه. والابلج: إما المشرق الوجه المضئ من قولهم " أبلج الوجه " مشرقه، أو من قولهم " رجل أبلج " للذي لم يكن مقرون الحواجب، ولعل الاول أقرب. والملهوج: المولع بالاشياء العابث بها، أخذا من اللهوج بالشئ: الولوع به، وكأن المعنى لو أن الموت يشترى لاشتراه هذان الصنفان، وفيه مذمة للزمان وما يحصل فيه من كدورة العيش الناشئة من كثرة البلايا والمصائب والهموم والغموم والاحزان والامراض، كما قال الشاعر: لست مأسوفا على زمن ينقضي بالهم والحزن ومثله قول بعضهم:
ألا موت يباع فاشتريه ولو أنفقت كل المال فيه ومثله: إن هذا الموت يكرهه كل من يمشي على الغبرا وبعين العقل لو نظروا لرأوه الراحة الكبرى وفي حديث وصف الاسلام " أبلج المنهاج " أي واضح الطريق، لان الايمان منهاجه. ب ل ح " البلح " بالتحريك قيل البسرلان أول التمر طلع ثم خلال ثم بلح ثم بسر
(1) في (سوط) (2) في (غربل). (*)
[ 238 ]
ثم رطب ثم تمر، الواحدة بلحة. ب ل خ " بلخ " بالفتح فالسكون كورة بخراسان، وكانت من مساكن ملوك العجم. ونهر بلخ مشهور (1). ب ل د
قوله تعالي: (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) [ 7 / 58 ] الآية. قال المفسر: معناه والارض الطيب ترابه (يخرج نباته) أي زرعه خروجا حسنا وفيه " البيداء هي ذات الجيش ". وفي آخر " قلت: وأين حد البيداء ؟ لا يخرج إلا نكدا) أي الارض السبخة جد في السير ثم لا يصلي حتى يأمعرس شيئا قليلا (2). قوله: (وهذا البلد الامين) [ 95 / 3 ] قال الشيخ أبو علي: يعني مكة البلد الحرام يأمن فيه الخائف في الجاهلية والاسلام، فالامين يعني المؤمن يؤمن من يدخله - كذا رواه عن موسى بن جعفر عليه السلام (3). و " البلد " يذكر ويؤنث والجمع بلدان. والبلدة. البلد، والجمع بلاد مثل كلبة وكلاب. ويطلق البلدة والبلاد على كل موضع من الارض عامرا كان أو خلاء، ومنه قوله تعالى: (إلى بلد ميت) [ 35 / 9 ]
أي إلى أرض ليس فيها نبات ولا مرعى فيخرج ذلك بالمطر فترعاه أنعامهم، فأطلق الموت على عدم النبات والمراعي، وأطلق الحياة علي وجودهما. وفي الحديث " أعوذ بك من ساكني البلد " يريد بالبلد الارض التي هي المأوى للحيوان والجن وإن لم يكن فيها بناء، وأراد بالساكنين الجن لانهم سكان الارض وبلد الرجل بالضم بلادة فهو بليد: إذا كان غير ذكي ولا فطن. والبلادة: نقيض النفاذ والمضي في الامر. والتبلد: ضد التجلد. ومنه الحديث " أيها الناس إن التجلد قبل التبلد " ولعل معناه ان الانسان إذا تجلد وتصبر على الامر وصل إلى الراحة التي هي عدم التبلد. والله أعمل.
(1) في معجم البلدان ج 1 ص 480: ويقال لجيحون نهر بلخ بينهما نحو عشرة فراسخ. (2) مجمع البيان چ 5 ص 432. (3) مجمع البيان ج 2 ص 511. (*)
[ 239 ]
و " إبراهيم بن أبي البلاد " باللام المخففة والباء الموحدة من رواة الحديث (1)
ب ل ر في الحديث ذكر البلور وهو بكسر الباء مع فتح اللام كسنور وبفتح الباء مع ضم اللام كتنور: حجر من المعادن واحدته بلورة. ومنه الحديث " نعم الفص البلور " قيل وأحسنه ما يجلب من جزائر الزنج. ب ل س قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) [ 17 / 61 ]. روي عنه صلى الله عليه وآله أنه قال " أمر الله الملائكة بالسجود لآدم فدخل في أمره الملائكة وإبليس، فإن إبليس كان مع الملائكة في السماء يعبد الله وكانت الملائكة تظن أنه منهم ولم يكن منهم فلما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم خرج ما كان في قلب إبليس من الحسد فعلمت الملائكة عند ذلك أن إبليس لم يكن منهم. فقيل له: فيكف وقع الامر على إبليس وإنما أمر الله الملائكة بالسجود لادم ؟ فقال: كان إبليس منهم بالولاء
ولم يكن من جنس الملائكة، وذلك أن الله خلق خلقا قبل آدم وكان إبليس فيهم في الارض، فاعتدوا وأفسدوا وسفكوا الدماء، فبعث الله الملائكة فقتلوهم وأسروا إبليس ورفعوه إلى السماء، وكان مع الملائكة يعبد الله إلى أن خلق الله آدم ". وعن ابن عباس وقتادة وابن جرير والزجاج وابن الانباري: كان إبليس من الملائكة من طائفة يقال لهم الجن، وكان اسمه بالعبرانية عزازيل - بزائين معجمتين بينهما ألف - فلما عصى الله لعنه وجعله شيطانا مريدا، وبالعربية الحارث، وكان رئيس ملائكة الدنيا وسلطانها وسلطان الارض، وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرها علما، وكان
(1) اسم ابي البلاد يحيى بن سليم وقيل ابن سليمان مولى بني عبد الله بن غطفان، ويكنى ابراهيم اما يحيى، كان ثقة قارئا اديبا - انظر رجال النجاشي ص 18. (*)
[ 240 ]
يوسوس بين السماء والارض فيرى بذلك لنفسه شرفا عظيما وعظما، فذلك الذي دعاء إلى الكبر فعصى وكفر، فمسخه الله
شيطانا رجيما ملعونا. و " إبليس " أفعيل من أبلس أي يئس من رحمة الله، يقال إنه اسم أعجمي فلذلك لا ينصرف، وقيل عربي. وفي حياة الحيوان، وكنية إبليس " أبو مرة ". قوله: (فإذا هم مبلسون) [ 6 / 44 ] أي آيسون من النجاة والرحمة، وقيل متحيرون. والمبلس: النادم، ويقال الساكت المنقطع الحجة. ومثله قوله: (لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون) [ 43 / 75 ] أي يائسون ملقون بأيديهم. والابلاس بالكسر: الحيرة، يقال أبلس يبلس: إذا تحير. ومنه الخبر " ألم تر إلى الجن وإبلاسها " أي تحيرها ودهشها. ومنه الدعاء " أعوذ بك من شرما يلبس به إبليس وجنوده ". والابالسة: الشياطين. قال الكفعمي وهم ذكور وأناث يتو الدون ولا يموتون
بل يخلدون في الدنيا كما يخلد إبليس. قال: وإبليس هو أب الجن، والجن ذكور وأناث يتوالدون ويموتون، واما الجان فهو أب الجن، وقيل انه مسخ الجن كما ان القردة والخنازير مسخ الناس، والكل خلقوا قبل آدم عليه السلام. وقد سبق في " شطا " ما يناسب المقام. وفي كتب السير: روي ان إبليس لعنه الله تمثل ليحيى عليه السلام فقال له: أنصحك. قال: لا أريد ذلك ولكن أخبرني عن بني آدم. قال: هم عندنا على ثلاثة أصناف: صنف منهم - وهم أشد الاصناف عندنا - نقبل على أحد منهم نفتنه عن دينه ونتمكن منه ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك حاجتنا فنحن معه في عناء، وأما الصنف الآخر منهم فهم في أيدينا كالكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم كيف شئنا قد كفونا مؤنة أنفسهم، وأما الصنف الثالث فهم معصومون لا نقدر منهم على شئ.
[ 241 ]
وفي الخبر " من أراد أن يرق قلبه فليدم أكل البلس " هو بفتح لام وقيل بضمها: التين (1). والبلاس كسلام: هو المسح، وأهل اليمن يسمون المسح بلاسا، وهو فارسي معرب، والجمع بلس بضمتين مثل عناق وعنق. و " البلسان " شجر كثير الورق ينبت بمصر، وله دهن معروف. ب ل س ن البلسن بالضم: حب كالعدس وليس به قاله الجوهري. ب ل ط البلاط بالفتح: كل شئ فرشت به الدار من حجر وغيره، ومنه " أرض مبلطة " أي مفروشة بالحصى. والبلاطة الحمراء: هي حجر تسمى حجر السماق، ولد عليها علي بن أبى طالب عليه السلام في بيت الله الحرام، وقد كانت في وسط البيت ثم غيرت وجعلت في ضلع البيت عند الباب. وفي الخبر " كان البلاط حيث يصلى
علي الجنائز سوقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله يسمى البطحاء ". قال في النهاية البلاط ضرب من الحجارة يفرش به الارض، ويسمى المكان بلاطأ اتساعا. والمبالطة: المضاربة بالسيوف. وتبالطوا، تجالدوا. و " البلوط " كتنور شجر معروف له حمل يؤكل ويدبغ بقشره. ب ل ع قوله تعالى: (يا أرض ابلعى مائك) [ 11 / 44 ] أي ابتلعه، يقال بلعت الشئ بالكسر وابتلعته بمعنى. وفي المصباح: بلعت الماء والريق بلعا من باب تعب ومن باب نفع لغة. و " سعد بلع " منزل من منازل القمر، وهما كوكبان متقاربان. قال الجوهري: زعموا أنه طلع لما قال الله تعالى للارض: (ابلعي مائك). وقد تكرر في الحديث ذكر البالوعة، وهي ثقب في وسط الدار. قال الجوهرى: وكذلك البلوعة يعنى بفتح الباء والتشديد
(1) في الصحاح (بلس): والبلس بالتحريك شئ يشبه التين يكثر باليمن. (*)
[ 242 ]
والجمع البلاليع، سميت بذلك لبلعها الماء وما يقع فيها. وفى حديث الركوع " بلع بأطراف أصابعك عين الركبة " (1) قال بعض شراح الحديث، تقرأ باللام المشددة والعين المهملة من البلع أي اجعل أطراف أصابعك بالعة لعين الركبة. والبلعوم: مجرى الطعام في الحلق، وهو المرى. قال في المصباح: مشتق من البلع فالميم زائدة، والبلعم لغة. و " بلعم بن باعورا " تقدم بيانه. ب ل ع م البلعوم بالضم والبلعم: مجرى الطعام في الحلق وهو المرئ. وبلعم: اسم رجل من أحبار اليهود. وفي الحديث " بلعم بن بحورا " وله قصة تقدم ذكرها (2). والبلعم: الكثير الاكل الشديد البلع للطعام، والميم زائدة.
ب ل غ قوله تعالى: (إن هذا لبلاغا) [ 21 / 106 ] أي كفاية موصلة إلى البينة. ومثله: (هذا بلاغ للناس) [ 14 / 53 ] أي ذوبلاغ، أي بيان، وهذا إشارة إلى المذكور. والبلاغ: اسم من التبليغ، قال تعالى: (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) [ 24 / 54 ] أي تبليغ الرسالة. قوله: (الله بالغ أمره) [ 65 / 3 ] أي يبلغ ما يريد. قوله: (أيمان علينا بالغة) [ 68 / 29 ] أي مؤكدة. قوله:، (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) [ 5 / 67 ] أي أوصل ما أنزل إليك من ربك (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). قال المفسر: قد كثرت الاقاويل في ذلك، والذى اشتهرت به الروايات عن أهل البيت عليهم السلام أن الله أوحى إلى نبيه أن يستخلف عليا، وكان يخاف أن يشق ذلك على جماعة من أصحابه،
فأنزل الله تعالى هذه الآية تشجيعا له على القيام بما أمره الله بتأديته، وحكاية
(1) الكافي ج 3 ص 320. (2) في (سلخ). (*)
[ 243 ]
الغدير متواترة فيما بين المؤمنين وإن أنكرها بعض أهل الخلاف. قوله: (فإذا بلغن أجلهن) أي قرب بلوغ أجلهن (فأمسكو هن بمعروف) [ 65 / 2 ]. ونظير ذلك في لغة العرب كثير، قال تعالى: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ) والاستعاذة قبل. والبلوغ: الوصول أيضا، قال تعالى: (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن) [ 2 / 232 ] وقوله: (هديا بالغ الكعبة) [ 5 / 95 ] أي واصلها. قوله: (وإذا بلغ الاطفال منكم الحلم) [ 24 / 59 ] الآية، هو من قوله بلغ الصبى بلوغا من باب قعد: احتلم ولزمه التكليف، فهو بالغ والجارية بالغ بغير هاء، وربما أنث مع ذكر الموصوف.
قال بعض الافاضل: ويعلم البلوغ بانبات الشعر الخشن على العانة أو خروج المني الذي منه الولد، وهذان الوصفان للذكور والاناث، أو السن وهو بلوغ خمسة عشر سنة، وفي رواية من ثلاثة عشر إلى أربعة عشر، وفي أخرى ببلوغ عشر، وأما الانثى فببلوغ تسع، ويعلم بلوغ الخنثى بخمسة عشر سنة وبالمني من الفرجين والحيض من فرج النساء مع المني من فرج الرجال والانبات. وفي حديث عيسى عليه السلام " رح من الدنيا ببلغة " أي بكفاية " وليكفك الخشن الجشب " وفي الحديث " لا تطلبوا من الدنيا أكثر من البلاغ " (1) هو ما كفى وبلغ مدة الحياة. وفى دعاء الاستسقاء " واجعل ما انزلت لنا قوه وبلاغا إلى حين " أي نتوصل به إلى حين وزمان. وبالغ في الامر يبالغ مبالغة وبلاغا: إذا اجتهد فيه ولم يقصر. وفى خبر عائشة يوم الجمل وقد قالت
لعلي عليه السلام " قد بلغت منا البلغين " البلغين بكسر الباء وضمها مع فتح اللام الداهية، وهو مثل، ومعناه بلغت منا كل مبلغ، مثل " لقيت منه البرحين " أي كل الدواهي.
(1) نهج البلاغة ج 1 ص 92. (*)
[ 244 ]
والبلوغ والبلاغ: الانتهاء إلى أقصى الحقيقة، ومنه البلاغة، والاصل فيه أن يجمع الكلام ثلاثة أوصاف: صوابا في موضوع اللغة، وطبقا للمعنى المراد منه، وصدقا في نفسه. وبلغ الرجل بالضم: أي صار بليغا. والبليغ: من يبلغ بلسانه كنه ما في ضميره. والبلغة بالضم: الكفاية وهو ما يكتفي به في العيش. ومنه الحديث في الدنيا " فإنها دار بلغة ومنزل قلعة " (1) أي دار عمل يتبلغ فيها من صالح الاعمال ويتزود، ومنزل قلعة أي يتحول عنها من دار إلى دار أخرى.
وتبلغ بكذا: اكتفى به. وتبلغت به العلة: اشتدت. ب ل غ م في الحديث " السواك يذهب البلغم " البلغم: طبيعة من طبائع الانسان الاربع، وهو بارد ورطب. وفيه " دواء البلغم الحمام ". ب ل ق البلقة بالضم: سواد في بياض. والبلق بالتحريك مثل ذلك. ومنه فرس أبلق وبلقاء. والبلقاء بالمد: مدينة بالشام (2). ب ل ق س " بلقيس " فعليل ملكة سبأ بن الهداهد بن شرجيل، مر ذكرها في مرا. ومما نقل أنها كانت كثيرة الشعر، فقال سليمان للشياطين إتخذوا لها شيئا يذهب عنها هذا الشعر، فعملوا الحمامات وطبخوا النورة والزرنيخ، فالحمامات والنورة مما اتخذته الشياطين لبلقيس، وكذا الارحية تدور عليها الماء ب ل ق ع
في الحديث " اليمين الكاذبة تذر الديار
(1) في نهج البلاغة ج 3 ص 54 " وانك في منزل قلعة ودار بلغة " (2) البلقاء: هي النصف الجنوبي لشرقي الاردن، قاعدتها: (السلط). يضرب المثل بجودة حنطتها (*).
[ 245 ]
بلاقع من أهلها " (1) أي خالية، وهو كناية عن خرابها وإبادة أهلها، يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه. والبلقع: الارض القفراء التي لا شئ فيها، يقال منزل بلقع ودار بلقع بغير هاء إذا كان نعتا. ب ل ل في الحديث " فمسح ببلة ما بقي رأسه ورجليه " البلة بكسر الموحدة وتشديد اللام: الاسم من الابتلال وهي النداوة والرطوبة. يقال بلة أي رطوبة ونداوة. وبللته بالماء بلا فابتل. وجمع البل: بلال كسهم وسهام.
والاسم البلل بفتحتين. ومنه الحديث " إحتلم ولم يجد بللا ". وابتلت العروق: ترطبت وتنددت. وبل رحمه: إذا وصله. ومنه الحديث " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " أي ندوها بصلتها. وهم يطلقون النداوة على الصلة كما يطلقون اليبس على القطيعة. لانهم لما رأوا بعض الاشياء تتصل وتختلط بالنداوة، ويحصل بينها التجافي والتفرق باليبس استعاروا البلل لمعنى الوصل، واليبس لمعنى القطيعة. وفي الحديث " فدعا بلالا فعلمه الاذان ". بلال بن حمام مؤذن رسول الله (2) صلى الله عليه وآله من الحبشة شهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله. ولم يؤذن بعد النبي صلى الله عليه وآله لاحد فيما روي إلا مرة واحدة في قدومه إلى المدينة لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله فأذن ولم يتم الاذان.
مات بدمشق بسنة عشرين وقيل
(1) الكافي ج 7 ص 436. (2) الصحيح: بلال بن رباح. واما ابن حمامة فهو غير المترجم على ما ذكره بعض المحققين. أو لعل ذلك نسبة إلى امه. (*)
[ 246 ]
ثماني عشرة بالطاعون، وهو ابن بضع وستين سنة. ودفن بباب الصغير. وقيل مات بحلب ودفن على باب الاربعين (1) وريح بلة بالفتح أي فيها بلل. وكل ما يبل به الحلق من ماء ولبن فهو بلال. ب ل ل ج و " البليلج " بكسر الباء واللام الاولى وفتح الثانية: دواء هندي معروف يتداوى به. ب ل م البلم محركة: صغار السمك، قال بعض المحققين: الاجلامي من السمك: البني. ب ل ه
في الخبر " أكثر أهل الجنة البله " البله جمع الابله وهو الذي فيه البله بفتحتين يعني الغفلة، والمراد الغافل عن الشر المطبوع على الخير. وقيل: البله هنا هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس لانهم غفلوا عن دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها واستحقوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة، فأما الابله الذي لا عقل له فليس بمراد. يقال بله الرجل يبله بلها من باب تعب: ضعف عقله فهو أبله، والانثى بلهاء والجمع بله كأحمر وحمراء وحمر. قال في المصباح: ومن كلام العرب " خير أولادنا الابله الغفول " المعنى أنه لشدة حيائه كالابله، نسبة إلى البله مجازا. وفي الحديث " عليك بالبلهاء ! قلت: وما البلهاء ؟ قال: ذوات الخدود
(1) روى ان بلالا لما اتى من بلاد الحبشة إلى النبي صلى الله عليه وآله وانشده بلسان الحبشة شعرا اره يره كنكره * كرى كري منظره
فقال عليه السلام لحسان: اجعل معناه عربيا فقال حسان: إذا المكارم في آفاقنا ذكرت * فانما بك فينا يضرب المثل (*)
[ 247 ]
العفائف ". وعيش أبله: قليل الغموم. و (بله): كلمة مبنية على الفتح، مثل (كيف) ومعناها: (دع). ب ل ه ن يقال " فلان في بلهنة من العيش " أي في سعة ورفاهية. ب ل و قوله تعالى: (إن هذا لهو البلاء المبين) أراد به الاختبار والامتحان، يقال: " بلاه يبلوه " إذا اختبره وامتحنه. وبلاه بالخير أو الشر ببلوه بلوا، وأبلاه - بالالف - وابتلاه بمعنى: امتحنه. والاسم: البلاء (1) مثل سلام. والبلوى والبلية مثله. ويقال البلاء على ثلاثة أوجه: نعمة، واختبار، ومكروه. قوله: (لتبلون في أموالكم وفي أنفسكم) يريد توطين النفس على الصبر
كما جاءت به الرواية عنهم (ع). قوله: (وإذ ابتلى إبرهيم ربه بكلمات) أي اختبره بما تعبده به من السنن، وقيل: هي عشر خصال خمس في الرأس، وهي: الفرق والسواك والمضمضة والاستنشاق وقص الشارب، وخمسة في البدن: الختان وحلق العانة والاستنجاء وتقليم الاظفار ونتف الابط، قوله: (فأتمهن) أي عمل بهن ولم يدع منهن شيئا. والبلاء يكون حسنا وسيئا، وأصله المحنة. والله يبلو العبد بما يحبه ليمتحن شكره، وبما يكرهه ليمتحن صبره، قال تعالى: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة). قوله تعالى: (يوم تبلى السرائر) أي تختبر السرائر في القلوب، من العقائد والنيات وغيرها وما أسر وأخفى من الاعمال، فيتميز منها ما طاب وما خبث. قوله: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) أي ليعاملكم معاملة المختبرين لكم،
(1) يذكر في " جهد " شيئا في البلاء، وكذا في " وجد " و " حطط " و " سخف " و " مثل " و " وكل " - ز. (*)
[ 248 ]
وإلا فعالم الغيب والشهادة لا يخفى عليه شئ، وإنما يبلو ويختبر من تخفى عليه العواقب. وعن الصادق (ع): " ليس يعني أكثركم عملا ولكن أصوبكم عملا وانما الاصابة خشية الله والنية الصادقة " (1) وعن بعض المفسرين: جملة (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) تعليل لخلق الموت والحياة في قوله: (خلق الموت والحيوة) والنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة، غير مخلوط فيه شئ سوى وجه الله سبحانه كمن يعتق عبده مثلا ملاحظا مع القربة الخلاص من مؤنته أو سوء خلقه ونحو ذلك. قوله: (وهو الذي خلق السموات والارض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) (ليبلوكم) متعلق بما تقدم، أي خلقهن لحكمة بالغة، وهي أن يجعلها مساكن لعباده، وينعم عليهم فيها بفنون النعم ويكلفهم ويعرضهم للثواب، ولما أشبه ذلك اختبار المختبر. قال: (ليبلوكم) أي ليفعل بكم ما يفعل
المبتلى لاحوالكم. وفى الحديث: " أعوذ بك من الذنوب التي تنزل البلاء " وهي كما جاءت به الرواية عن سيد العابدين عليه السلام: " ترك إغاثة الملهوف، وترك معاونة المظلوم، وتضييع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ". وفيه: " الحمد لله على ما أبلانا " أي أنعم علينا وتفضل، من الابلاء الذي هو الاحسان والانعام. وفيه: " الحمد لله على ما أبلا وابتلى " أي على ما ابلى من النعم وابتلى من النقم. يقال: " أبلاه الله بلاء حسنا " أي بكثرة المال والصحة والشباب، وابتلاه اي بالمرض والفقر والمشيب. وفيه: " لا تبتلنا إلا بالتي هي أحسن " اي لا تمتحنا ولا تختبرنا إلا بالتي هي أحسن.
(1) البرهان 2 / 207. (*)
[ 249 ]
وفيه: " إنما بعثتك لابتليك وأبتلي بك " اي لامتحنك هل تقوم بما امرت
به من تبليغ الرسالة والجهاد والصبر، وابتلى بك قومك من يتبعك ومن يتخلف عنك ومن ينافق معك. و " ابتليت بهذا العلم " أي اختبرت به وامتحنت. والبلية والبلوى والبلاء واحد، والجمع البلايا. " ولا أباليه ": لا اكترث به ولا أهتم لاجله (1) ومنه " ما باليت به ". ومنه " لا أبالي أبول أصابني أم ماء ". ومنه حديث اهل الجنة والنار: " هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، وهؤلاء إلى النار ولا أبالي ". وفيه: " من لا يبالي ما قال وما قيل فيه فهو لغية أو شرك شيطان " (2) وفسره بمن تعرض للناس يشتمهم وهو يعلم انهم لا يتركونه. و " بلي الثوب يبلى " - من باب تعب " بلى " - بالكسر والقصر - و " بلاء " - بالضم والمد -: خلق، فهو " بال ".
و " بلى الميت " أفتنه الارض. وفي حديث الصادق (ع) - وقد سئل عن الميت يبلى جسده - قال: " نعم حتى لا يبقى له لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها فانها لا تبلى بل تبقى في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق منها أول مرة ". و " بلى " حرف إيجاب، فإذا قيل: " ما قام زيد " وقلت في الجواب " بلى " فمعناه إثبات القيام، وإذا قلت: " ليس كان كذا " وقلت: " بلى " فمعناه التقرير والاثبات. ولا يكون معناه إلا بعد نفي إما في اول كلام - كما تقدم -، وإما في اثنائه كما في قوله تعالى: (أيحسب الانسان أن
(1) في " قدر " أيضا حديث في من لا يبالى، وكذا في " سفل " و " لغا " - ز. (2) يذكر مثل ذلك في " غيا " أيضا - ز. وانظر الكافي 2 / 323. (*)
[ 250 ]
لن نجمع عظامه بلى) والتقدير: بلى نجمعها وقد يكون مع النفي استفهام وقد لا يكون - كما تقدم - فهو أبدا يرفع حكم النفي ويوجب نقيضه (1) - جميع ذلك قاله في المصباح.
وفي الحديث: " تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو لا والله وبلى والله " اي يمحو ما وقع للعبد من القسم الكاذب في اليوم ب ن ج " البنج " كفلس تعريب بنك: نبت معروف له حب يسكر. ب ن د ر " بندار " بضم الباء وإسكان النون: إمامى من رواة الحديث (2). ب ن د ق في الحديث " لا يؤكل ما قتله الحجر من البندق " البندق: الذي يرمى به عن الجلاهق، الواحدة: بندقة وهي طينة مدورة مجففة، وتجمع أيضا على بنادق. وبندقة: أبو قبيلة من اليمن. ب ن ف س ج البنفسج: دهن معروف. ومنه الحديث " البنفسج سيد أدهانكم " (3). ب ن ق في الحديث " بانقيا " وهي القادسية (4) وما والاها من أعمالها. قال ابن ادريس في سرايره: وإنما
(1) يأتي في " نعم " انها لا تبطل النفى كما تبطله بلى، وفى التنزيل: (ألست بربكم ؟ قالوا بلى) ولو قالوا: نعم لكفروا، وفى صحيحة ابى ولاد: (قلت: أرأيت لو عطب البغل أو نفق أليس كان يلزمنى ؟ قال: نعم قيمة بغل يوم خالفته) يعنى ليس يلزمك، وعلى ذلك يسقط الاستدلال بها على ان المدار في الضمان على قيمة يوم المخالفة - ن. (2) هو ابن محمد بن عبد الله امامى متقدم، له كتب كثيرة - انظر منتهى المقال ص 69. (3) الكافي ج 6 ص 521، وفي مكارم الاخلاق ص 51 " البنفسج سيد الادهان ". (4) القادسية: مدينة كبيرة في العراق هزم عندها المسلمون جيوش الفرس كان المسلمون آنذاك (000 ر 16) وعلى رأسهم سعد بن ابي وقاص. والفرس (000 ر 80)
[ 251 ]
سميت بالقادسية بدعوة إبراهيم الخليل عليه السلام لانه قال كوني مقدسة أي مطهرة، من التقديس، وإنما سميت بانقيا لان إبراهيم عليه السلام اشتراها بمائة نعجة من غنمه لان (با) مأة و (نقيا) شاة بلغة (نبط). وقد ذكر (بانقيا) أعشى قيس في شعره. وفسرها علماء اللغة، ووضعوا كتب الكوفة من السيرة بما ذكرناه. وفي القاموس بانقيا: قرية بالكوفة (1) والبنيقة من القميص: لينه. ب ن ن
قوله تعالى (واضربوا منهم كل بنان [ 8 / 12 ] وقوله (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) [ 75 / 4 ] البنان بالفتح الاصابع، وقيل أطرافها سميت بنانة لان بها صلاح الاحوال التي تستقر معها. وتبن أي تقيم، يقال أبن بالمكان إذا استقر به. وجمعه في القلة على بنانات. والمعنى بلى قادرين على أن نسوي أصابعه التي هي أطرافه كما كانت أولا، على صغرها ولطافتها، وكيف كبار العظام. وقيل: معناه نحن قادرون على أن نسوي أصابع يديه ورجليه أي نجعلها مستوية شيئا واحدا، كخف البعير وحافر الحمار فلا يمكنه أن يعمل شيئا مما كان يعمل بأصابعه المفرقة ذات المفاصل والانامل، من البسط والقبض وأنواع الاعمال. ب ن و قوله: (ونادى نوح ابنه) هو - على
وعلى رأسهم رستم.
والقادسية - الآن -: ناحية في العراق (قضاء أبو صخير - لواء الديوانية). (1) جاء (بانقيا) من اسماء النجف ايضا - كما في (ماضي النجف وحاضرها ج 1 ص 8) - نقل عن فتوح البلدان للبلاذري، ومعجم البلدان للياقوت، قال ضرار ابن الازور الاسدي يذكر بانقيا وجرحه بها ايام الفتح: ارقت ببانقيا ومن يلق مثلما * لقيت ببانقيا من الجرح يأرق (*)
[ 252 ]
ما في الرواية عن اهل البيت (ع) ابنه، وإنما نفاه عنه بقوله: (إنه ليس من أهلك) لانه خالفه في دينه. وفي تفسير علي بن إبراهيم (ره): انه ليس ابنه، إنما هو ابن امرأته، وهو بلغة طي، يقولون لابن الامرأة: " ابنه " (1). وفي تفسير الشيخ ابي علي (ره): وقرأ علي (ع): ابنه - بفتح الهاء - اكتفاه بالفتحة عن الالف، وروي ايضا بالالف وقوله: (هؤلاء بناتي هن أطهر لكم) نسبهم إليه باعتبار أن كل نبي أب لقومه. والابن: ولد الرجل، وأصله " بنو " - بالفتح - لانه يجمع على " بنين " وهو جمع سلامة، وجمع السلامة لا يتغير، وجمع القلة " أبناء " وأصله " بنو " - بكسر الباء - مثل حمل، بدليل " بنت ".
ويطلق الابن على ابن الابن وإن سفل مجازا. وأما غير الاناسي مما لا يعقل " كابن مخاض " و " ابن لبون " فيقال في الجمع: " بنات مخاض " و " بنات لبون " وما أشبهه. قال في المصباح: قال ابن الانباري: واعلم أن جمع غير الناس بمنزلة جمع المرأة من الناس، تقول فيه: " منزل " و " منزلات " و " مصلى " و " مصليات " وفى " ابن عرس ": " بنات عرس " وفي " ابن نعش ": " بنات نعش " وربما قيل في ضرورة الشعر " بنو نعش " وفيه لغة محكية عن الاخفش انه يقال: " بنات عرس " و " بنو عرس " و " بنات نعش " و " بنو نعش "، فقول الفقهاء " بنو لبون " يخرج إما على هذه اللغة وإما للتمييز بين الذكور والاناث، قال: ويضاف الابن إلى ما يخصصه لملابسة بينهما نحو " ابن السبيل " لمار الطريق المسافر، و " ابن الدنيا " " لصاحب الثروة، و " ابن الماء " لطير الماء، و " ابن فاطمة "
و " ابن الحنفية " ونحو ذلك، وهو قاعدة العرب ينسب الانسان إلى أمه عند ذكره
(1) تفسير على بن ابراهيم 1 / 328. (*)
[ 253 ]
لامرين: إما لشرفها وعلو منزلتها أو لخساستها ودناءتها، ويريدون النقص في ولدها، كما يقال في معاوية: " ابن هند " وفى عمرو بن العاص " ابن النابغة " لشهرتها بالزنا. ومؤنث الابن " ابنة "، وفي لغة " بنت " والجمع " بنات " قال ابن الاعرابي: وسألت الكسائي: كيف تقف على " بنت " ؟ فقال: بالتاء، تبعا للكتاب، والاصل بالهاء لان فيها معنى التأنيث.. انتهى وفى حديث المواضع: " واذكر خروج بنات الماء من منخريك " يريد الديدان الصغار، والاضافة للملابسة. و " بنات الماء " أيضا سمكة ببحر الروم شبيهة بالنساء ذوات شعر سبط، ألوانهن تميل إلى السمرة، ذوات فروج عظام وثدي وكلام لا يكاد يفهم ويضحكن
ويقهقهن، وربما وقعن في أيدي بعض أهل المراكب فينكحوهن ثم يعيدوهن إلى البحر - كذا في حياة الحيوان. والبنات أيضا: التماثيل الصغار التي يلعب بها الجواري. وإذا نسبت إلى " ابن " و " بنت " حذفت ألف الوصل والتاء، ورددت المحذوف، فقلت: " بنوي ". قال في المصباح: ويجوز مراعاة اللفظ فيقال: " ابني " و " ابنتي ". ويصغر برد المحذوف، فيقال " بني " والاصل " بنيو ". وإذا اختلط ذكور الاناسي بأناثهم غلب التذكير وقيل: " بنو فلان " حتى قالوا: " امرأة بنى تميم " ولم يقولوا: " من بنات تميم " بخلاف غير الاناسي حيث قالوا: " بنات لبون ". قال في المصباح: وعلى هذا لو أوصى لبني فلان دخل الذكور والاناث - كما عليه الفتيا. ب ن ى قوله تعالى: (كأنهم بنيان مرصوص)
البنيان: الحائط، والمرصوص الملصق بعضه على بعض.
[ 254 ]
قوله: (وابنوا له بنيانا) عن ابن عباس: بنوا له حائطا من حجارة طوله في السماء ثلاثون ذراعا وعرضه عشرون ذراعا وملؤه نارا وألقوه فيه. قوله: " لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم) قال المفسر: المعنى: لا يزال هدم بنيانهم الذي بنوه سبب شك ونفاق في قلوبهم، لا يضمحل اثره إلا ان تقطع، اي تقطع قلوبهم قطعا وتتفرق أجزاء، فحينئذ يميلون عنه، والريبة باقية فيها ما دامت سالمة. وقرئ " تقطع " بالتشديد والتخفيف، ويجوز ان يراد حقيقة تقطيعهم بقتلهم أو في النار. وقيل: معناه: إلا ان يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما على تفريطهم. وفي الحديث: " من هدم بنيان ربه فهو ملعون " اي من قتل نفسا بغير حق لان الجسم بنيان الله تعالى.
وفيه: " الكلمات التي بني عليها الاسلام أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر " اي الكلمات التي هي اصل الاسلام يبنى عليها كما يبنى على الاساس، وكأن الوجه في ذلك - على ما قيل - اشتمالها على عمدة اصول الدين: من التوحيد والصفات الثبوتية والسلبية. وفيه: " بنى بالثقفية " اي نكح زوجة من ثقيف. وفيه: " تزوج رسول الله بعائشة وهي بنت ست، وبنا بها وهي بنت تسع " اي دخل بها وهي بنت تسع سنين. قال في المصباح وغيره: وأصله أن الرجل كان إذا تزوج بنى للعرس خباء جديدا وعمره بما يحتاج إليه، ثم كثر حتى كني به عن الجماع. ثم حكى عن ابن دريد أنه قال: " بنى عليها " و " بنى بها " والاول أفصح، وحكى عن ابن السكيت انه قال: " بنى على أهله " إذا زفت إليه، والعامة تقول: " بنى بأهله " و " ابتنى على أهله " إذا أعرس انتهى وفي الخبر: " أول ما نزل الحجاب في
مبتنى رسول الله صلى الله عليه وآله " اراد بالمبتنى هنا
[ 255 ]
الابتناء. وفى حديث الاعتكاف " فأمر ببناه فقوض " اي نقض، ويريد به واحد الابنية، وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحاري. قال الجوهري: أبنية العرب طراف وأخبية، فالطراف من أدم والخباء من صوف أو وبر. وفيه: " كل بناء وبال إلا ما لا بد منه " قيل: أراد ما بني للتفاخر والتنعم، لا أبنية الخير من المساجد والمدارس والربط ونحوها وفيه: " إتقوا الحرام في البناء " أي احترزوا عن انفاق مال الحرام في البنيان " فانه أساس الخراب " أي خراب الدين، والمعنى: اتقوا ارتكاب الحرام في البنيان، فانه أساس الخراب، فانه لو لم يبن لم يخرب - كما في الحديث: " لدوا للموت وابنوا للخراب ". والبنية - على فعيلة بفتح الباء -: الكعبة، يقال: " ورب هذه البنية "
وكانت تدعى بنية ابراهيم (ع) قالوا: أول من بنى الكعبة الملائكة، ثم ابراهيم (ع)، ثم قريش في الجاهلية، وحضره النبي صلى الله عليه وآله وله خمس وثلاثون أو خمس وعشرون، ثم ابن الزبير، ثم الحجاج. وقيل: بنيت بعد ذلك مرتين أو ثلاثا. ب ن ى م بنيامين بن يعقوب: أخو يوسف عليه السلام، روي " إنه لما ذهب عنه بنيامين نادى يا رب أما ترحمني، أذهبت ابني. فأوحى إليه لو أمتهما لاحييتهما لك، ولكن تذكر الشاة التي ذبحتها وشويتها وأكلت، وفلان إلى جانبك صائم لم تنله منها شيئا ! ". ب ه ت قوله تعالى: (فبهت الذي كفر) [ 2 / 258 ] يقال: " بهت الرجل " على صيغة المجهول، أي انقطع وذهبت حجته ويقال تحير لانقطاع حجته. يقال بهت وبهت من باب قرب وتعب: دهش وتحير، وأفصح منهما بهت بالمجهول. ويقال بهته بهتا: أي أخذه بغتة.
قوله: (فتبهتهم) [ 21 / 40 ] أي تحيرهم، ويقال تفجأهم.
[ 256 ]
والبهتان: الذي بهت صاحبه على وجه المكابرة. وفي الحديث: " من باهت مؤمنا أو مؤمنة حبسه الله يوم القيامة في طينة خبال " - الحديث (1)، وهو من قولهم بهته بهتا وبهتانا، أي قال عليه ما لم يفعله وهو مبهوت. وفيه " فإن لم يكن فيه فقد بهته " هو بفتح هاء مخففة: أي قلت عليه البهتان. وبهتما بهتا من باب نفع: قذفها بالباطل وافترى عليها الكذب. ب ه ج قوله تعالى: (حدائق ذات بهجة) [ 27 / 60 ] هي بالفتح فالسكون: الفرح والسرور، يقال " بهج به " بالكسر: أي فرح به وسر، وهو " بهج " وابتهج بالشئ: إذا فرح به، مثل بهج. قوله تعالى: (من كل زوج بهيج)
[ 22 / 5 ] أي حسن يبهج من رآه، أي يسره، يقال: بهج بالضم بهاجة فهو بهيج. والبهجة: الحسن، ومنه " رجل ذو بهجة ". والبهجة: السرور، ومنه الدعاء " وبهجة لا تشبه بهجات الدنيا " أي مسرة لا تشبه مسرات الدنيا. وفيه " سبحان ذي البهجة والجمال " يعني الجليل تعالى. قيل البهجة والبهيج والسرور والحبور والجذل والفرح والارتياح نظائر. ب ه ر في حديث علي عليه السلام " عرض لي بهر حال بيني وبين الكلام " البهر بالضم: تتابع النفس يعتري الانسان عند السعي الشديد والعدو والمرض الشديد و " البهر " بالفتح فالسكون: العجب يقال بهرا لفلان أي عجبا له. ومنه حديث المغيرة بن العاص " فأتى شجرة فاستظل بها لو أتاها أحدكم ما أبهره ذلك " أراد ما أعجبه الجلوس
تحت ظلها لكثرة شوكها وعدم تمكن المستظل من فيئها.