Home / الاسلام والحياة / اكثر من 183 سنة مفقودة من تاريخ الإسلام .. أين اختفت ؟ 4

اكثر من 183 سنة مفقودة من تاريخ الإسلام .. أين اختفت ؟ 4

تدوين السنة الشريفة
بدايته المبكرة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
ومصيره في عهود الخلفاء إلى نهاية القرن الأول
– السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
اكثر من 183 سنة مفقودة من تاريخ الإسلام .. أين اختفت ؟
هذا البحث جدير بالقراءة والتمعن.

القسم 3

ص 31

يكمن فوق البشر قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي فكيف يمكن بعد أن يكون الطالبي فوق البشر. وسيد الطالبيين علي بن أبي طالب إنما استمد فضله وتفوقه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إذ نهج الرسول له سبيله، وحمله على جادته فجرى على أسلوبه، واتبع سنته، وما زال يطبع على غراره حتى دعاه الله إلى جواره، وهذه الخصيصة هي أفضل خصائص علي، بإجماع الإمامية (1). نعم في الطالبيين اثنا عشر إماما – علي والحسنان والتسعة من سلالة الحسين بوأتهم الأدلة القطعية لدينا مبوأ الإمامة على الأمة والولاية العامة عليها في دينها ودنياها بعهد متسلسل من رسول الله إلى علي ومن علي إلى الحسن فالحسين فإلى كل من التسعة بعده

(هامش)

(1) كما توضحه مراجعاتنا. (*)

ص 32

السابق منهم إلى من بعده. هذا ما فرضته علينا قواطع الأدلة الشرعية نقلية وعقلية، فلتراجع في مظانها من مؤلفات أصحابنا في علم الكلام، فهل يستلزم الاعتقاد بإمامتهم القول بأنهم فوق البشر، كلا بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون كغيرهم من أئمة الخلق، والأوصياء بالحق، فإنه ما من نبي إلا وله وصي لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما.

الرابع: زعم أننا نثبت للطالبيين الكمال المطلق

نعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن كل أفاك أثيم، وحاشا آل محمد وأولياءهم أن يثبتوا الكمال المطلق الذي رمز إليه هذا الرجل لغير الله تعالى، فهو وحده

ص 33

ذو الكمال المطلق لا شريك له في ذلك، كما لا شريك له في الربوبية. نعم، جميع الأنبياء وأوصيائهم كملة في المروءة والإنسانية، متفاوتين في كمالهم البشري على قدر تفاوتهم في الإخلاص لله في العبودية، وكتبنا المختصة صريحة في كل اعتدال، فلتراجع.

الخامس: زعم أنا نقول بأن المعاصي حلال لهم حرام على غيرهم

وهذا من أفحش الأراجيف، قد نحر الأستاذ به نفسه فلم يخطئ الوهدة من لبة صدره، والجاهل يفعل بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه. أن الشيعة الإمامية لأغزر عقلا، وأنفذ بصيرة، وأصح تمييزا من أن يسفوا إلى هذه السخافات التي لا تليق بذي نهيه ولا تكون من ذي مسكة، وتلك

ص 34

أسفارهم صرح الحق فيها عن محضه، وبان الصبح فيها لذي عينين ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. ولو كانت المعاصي عندنا حلالا للطالبيين لما جرحنا وطرحنا مرتكبيها منهم كمحمد وعلي ابني إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق عليه السلام وعمهما عبد الله بن جعفر، وأمثالهم من الفاطميين الذين لا قيمة لهم عندنا بما ارتكبوه من المعاصي، فإنه ليس بين الله وبين أحد من عباده هوادة في إباحة شيء حرمه على العالمين. لعل الأستاذ اكتشف هذه التهمة السخيفة من قولنا بعصمة الاثني عشر، وهم أوصياء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمناؤه على الدين والأمة، فالعصمة ثابتة لهم كثبوتها له ولسائر الأنبياء وأوصيائهم بدليل واحد عقلي مطرد في الجمع، وليس معناها أن المعاصي حلال لهم، والعياذ بالله وإنما معناها نزاهتهم عن ارتكابها لشدة ورعهم عنها

ص 35

وعظيم إخلاصهم لله بالتعبد بزواجره وأوامره. وحضرة الأستاذ لا يجهل مرادنا منها، وإنما نعق بهذا لينعق معه الناعقون: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.

السادس: زعم أنا لم نكن بادئ ذي بدء على ما نحن الآن عليه

وأن التشيع إنما كان بتفضيل علي بالإمامة على الشيخين، وأن متأخرينا أدخلوا في معتقداتنا ما لم يقل به متقدمونا. وهذا خرص وإرجاف، فإن التشيع من أول أيامه إلى يوم القيامة ليس إلا التمسك بالثقلين كتاب الله عز وجل وأئمة العترة الطاهرة، والانقطاع إليهما في أصول وفروعه وفي كل ما يتصل به أو يكون حوله مع موالاة وليهم في الله، ومعاداة عدوهم

ص 36

في الله عز وجل. (1) هذه هو التشيع الذي كان عليه السلف الصالح منها وخلف البار من عهد علي وفاطمة بعد رسول الله حتى يقوم الناس لرب العالمين. وقد أخذنا شرائع الإسلام كلها أصولا وفروعا على سبيل التواتر القطعي على كل خلف من هذه الأمة متصلا بالإمامين الباقرين الصادقين، ومن بعدهما من أوصيائهما الميامين. (2). أما القول بأن متأخري الشيعة الإمامية أدخلوا في معتقداتهم ما لم يقل به متقدموهم فجزاف وتضليل، كالقول

(هامش)

(1) تعبدا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي، وقوله إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك، وإنما مثل أهل بيتي فيكم كباب حطة في بني إسرائيل إلى كثير مما صح من السنن في هذا المعنى فلتراجع في المبحث الأول من كتاب المراجعات، بل في المراجعات كافة. (2) كما فصلناه في المراجعة الأخيرة من كتاب المراجعات. (*)

ص 37

بأن متأخري أهل الذاهب الأربعة أدخلوا في فروعهم ما لم يقل به متقدموهم، وأي فرق بين القولين، لو أنصف المجحفون.

السابع: تقول على الشريف الرضي ما لم يقله، ونسب إليه رأيا لم يره

وقد صوره على ما يشاء تأييدا لمذهبه، كما هي سنته في تاريخ الحوادث والأشخاص، ومن ذا الذي يجهل رأي الشريف الرضي ومذهبه الذي يدين الله به، وقد ورثه عن آبائه الهداة الميامين: علماء أئمة حكماء * يهتدي النجم باتباع هداها ورثوا من محمد سبق أولاها * وحازوا ما لم يحز أخراها على أنه خريج مدرسة شيخ مشائخ الشيعة الإمامية المفيد أعلى الله مقامه، فهو غرس أياديه، وشقيق الشريف المرتضى لأمه وأبيه، ورفيق شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي، فرأيه رأيهم المنتشر في المئات من كتبهم الممتعة وإنها لصريحة في كل ما نحن عليه من مذهب

ص 38

ومشرب، أصولا وفروعا. وحسبك منها كتابا الإيضاح والافصاح في الإمامة بعد رسول الله لشيخنا المفيد. وكتاب الشافي للشريف المرتضى، وتلخيصه (1) لشيخ الطائفة الطوسي. على أن الشريف الرضي – جامع نهج البلاغة – قد صرح برأيه المنعقد عليه قلبه إذ قال في رثاء جده سيد الشهداء: تذكرت يوم السبط من آل هاشم * وما يومنا من آل حرب بواحد أتاحوا له مر الموارد بالقنا * على ما أباحوا من عذاب الموارد بنى لهم الماضون أساس هذه * فعلوا على أساس تلك القواعد

(هامش)

(1) وهما منتشران بالطبع في إيران. (*)

ص 39

رمونا كما يرمى الظماء عن الروى * يذودوننا عن إرث جد ووالد ألا ليس فعل الآخرين وإن علا * على قبح فعل الأولين بزائد كذبتك إن نازعتني الحق ظالما * إذا قلت يوما إنني غير واجد ونسج على منواه تلميذه وخريجه وملك يمينه مهيار الدليمي فإذا ديوانه مشحون بهذا وبما هو أوضح وأصرح، وأبلغ حجة، وأشد لهجة، وحسبك منه قصيدته اللامية التي يقول فيها: وما الخبيثان ابن هند وابنه * وإن طغى خطبهما بعد وجل بمبدعين في الذي جاءا به * وإنما تقفيا تلك السبل ومثلها لاميته الأخرى الذي يقول فيها:

ص 40

حملوها يوم السقيفة أوزارا * تخف الجبال وهي ثقال ثم جاؤا من بعدها يستقيلون * وهيهات عثرة لا تقال وكافيته التي يقول فيها: ورعى النار غدا جسم * روعى أمس حماك شرع الغدر أخو غل * عن الإرث زواك وكثيرا ما كان أدباء الشيعة يأتون على هذا المعنى في مراثيهم ومنهم الكميت إذ يقول في إحدى هاشمياته يبكي سيد الشهداء: يصيب به الرامون عن قوس غيرهم * فيا آخرا أسدى له الغي أول

الثامن: نقل عن أمير المؤمنين القول بأنه لم يظلم مقدار ذرة

قلت هذا يناقض الثابت عنه عليه السلام إذ يقول: فوالله ما زلت مدفوعا عن حقي، مستأثرا علي منذ قبص الله نبيه حتى يوم الناس هذا.

ص 41

وقال: اللهم إني أستعديك على قريش، ومن أعانهم فإنهم قطعوا رحي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي. وقد قال له قائل: إنك على هذا الأمر الحريص، فقال: بل أنتم والله لأحرص، وإنما طلبت حقا هو لي، وأنتم تحولون بيني وبينه. وقال في كتاب كتبه إلى أخيه عقيل: فجزت قريشا عني الجوازي، فقد قطعوا رحمي، وسلبوا سلطان ابن أمي. وسأله بعض أصحابه كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به،؟ فقال: يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ترسل في غير سدد، ولك بعد ذمامة الصهر، وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم، أما الاستبداد علينا بهذا المقام، ونحن الأعلون نسبا،

ص 42

والأشدون برسول الله نوطا، فإنها كانت إثرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم الله، والمعود إليه يوم القيامة، ودع عنك نهبا صيح في حجراته. وقال في بعض خطبه: حتى إذا قبض رسول الله رجع قوم على الأعقاب، وغالتهم السبل، واتكلوا على الولائج، ووصلوا غير الرحم، وهجروا السبب الذي أمروا بمودته، ونقلوا البناء عن رص أساسه، فبنوه في غير موضعه، معادن كل خطيئة وأبواب كل ضارب في غمرة على سنة من آل فرعون الخ. ومن خطبة خطبها بعد البيعة له ذكر فيها آل محمد، فقال: هم أساس الدين، وعماد الدين، إليهم يفئ الغالي وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حق الولاية، وفيهم الوصية والوراثة، الآن إذ رجع الحق إلى أهله.

ص 43

إلى كثير مما هو مأثور عنه وعن أبنائه الطاهرين في هذا المعنى وحسبنا ما احتج به على المنبر متظلما متألما يوم قال: أما والله لقد تقمصها، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ينحدر عني السيل، ولا يرقى إلي الطير. الخطبة (1).

 

 

https://chat.whatsapp.com/Fava5Ifru8330dDMfhs0gn

 

t.me/wilayahh

Check Also

الدرس الخامس: الموت وسكراته

الدرس الخامس: الموت وسكراته       أهداف الدرس: على الطالب مع نهاية هذا الدرس ...