الوقت- لم يكن خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني سماحة السيد حسن نصر الله، مساء يوم الاحد، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد القائدين الكبيرين الحاج قاسم سليماني والحاج ابومهدي المهندس، مثل أي خطاب سبقه، فقد وضع النقاط على الحروف وحدد العدو من الصديق وأبرز امكانيات المقاومة وأصبح واضحاً للجميع من يحافظ على توازن القوى في المنطقة بعد هذا الخطاب.
السيد نصر الله شدد في خطابه على وجوب الشكر للحاج قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس على ما قدموه ولكل من يمثل الشهداء على ما قدموا من تضحيات، وأن هذا ما شهدناه في إيران والعراق وسوريا واليمن والبحرين وتركيا والعديد من الدول الاسلامية وغير الاسلامية، وقال إننا نعرف كيف نحول التهديدات الى فرص والدم المسفوك ظلما، الى دافع قوي للثبات ومواصلة الطريق.
وتوجه للامريكيين والاسرائيليين ومن في محورهما بالقول: عندما تقتلونا يزداد شعبنا وعياً وعندما تقتلون قادتنا نزداد عنادا وتصلبا وتمسكا بالحق. وشدد على ان من يراهن انه بالقتل والاغتيال والحروب والسيارات المفخخة او الحصار والعقوبات يمس بتصميمنا وعزمنا هو واهم.
ولفت الى ان حادثة اغتيال القادة وضعت القوات الامريكية على مسار الخروج من العراق، وشدد على ان شعار إخراج أميركا من المنطقة ما كان ليصبح شعاراً سيتم العمل به لولا حادثة اغتيال الحاج قاسم سليماني. واكد كما قال الامام القائد علي الخامنئي على القصاص العادل من قتلة الحاج سليماني والحاج المهندس، من امر ونفذ، مشيرا الى ان هذا الامر وإن كان مسؤولية الايرانيين والعراقيين بالدرجة الاولى ولكن مسؤولية كل حر وشريف ان يكون شريكا في تنفيذ القصاص. وشدد على مواصلة الدفاع عن دول وشعوب وحركات المقاومة وعنوان فلسطين والقدس والمقدسات وحقوقنا الطبيعية. ولفت الى ان هذا المحور يدار من قبل قادته في البلدان المختلفة وبتفهم للظروف بدقة ومسؤولية وهذا من اسباب الانتصارات.
كيف تحولت المقاومة إلى نهج غيّر معادلات المنطقة وحافظ على توازن القوى ولجم “اسرائيل”؟
من أقوى نظريات العلاقات الدولية، التي ظلت صامدة كمرجعيّة في التفسير والتحليل، هي نظرية توازن القوى، وأنّ نظرية قياس قوة الدولة جاءت لتدعم توازن القوى، وتنقلها من الوصفية والانطباعية إلى التحليل الكمّي الذي قد يدعم الوصف أو الانطباع عند فهم موازين القوى القائمة، أو يكشف الوجه الزائف للوصفيّة. بل إنّ نظريات الحرب والسلام، جاءت أيضاً لتكشف عن أن وضع حدّ لأيّ حرب ومحاولة خلق السلام، يأتي في سياق نظريات توازن القوى وقياس قوة الدولة.
بعبارة أخرى، فإنّ قرارات الحرب وقرارات السلام، مرتبطة بما يتوافر لدى الأطراف من أسلحة وعوامل قوة مختلفة، وقدرتها على الصمود لأطول فترة. من هنا تولدت نظريات فرعية مثل الردع و الرعب وغيره. فبالقدر الذي تمتلكه من قدرات شاملة، بالقدر الذي تمنع العدو من التفكير في الهجوم عليك.
إذا دققنا في خطاب السيد حسن نصرالله نجد أن جميع كلماته تقع في قلب نظرية توازن القوى، التي يتولد عنها التوازن والردع والرعب، وغيرها. فلو سُمح للكيان الصهيوني أن يكون الاختلال في موازين القوى لمصلحته، فإنّ الحرب المقبلة ستكون بمبادرة منها، مثلما حدث في العدوان على بيروت والذي وصل إلى احتلالها، ثم عدوان تموز 2006 والذي استمر 33 يوماً، اكتشف بعدها العدو الصهيوني، أن القدرات المتوافرة لدى المقاومة وحزب الله، أكبر من تقديراته، الأمر الذي أعطى للمقاومة القدرة على الصمود. ولم يفكر الكيان الصهيوني بالعدوان الشامل، كما حدث منه. والسبب واضح وهو تقارب القدرات بين ما تمتلكه المقاومة في لبنان، وما يمتلكه الكيان الصهيوني، وهذا في حدّ ذاته رادع كبير لهذا الكيان بعدم تكرار معاودة التفكير في العدوان مرة أخرى. وكل ما يحدثه هذا الكيان هو اختراقات محدودة، يدفع ثمنها، بهدف إثارة الرعب وإحداث الفتنة في صفوف اللبنانيين.
في اطار هذا الموضوع أضاف الأمين العام لـحزب الله اللبناني أن البعض يفترض أن إيران ستعتمد على اصدقائها بالرد لكن ايران اذا اردت أن ترد فهي سترد عسكرياً أو أمنياً وايران ليست ضعيفة بل قوية وهي تقرر كيف ترد ومتى ترد، وأصدقاء ايران هم من يقررون اذا ارادوا الرد على جريمة الاغتيال.
ولفت السيد حسن نصرالله الى ان عملية الاغتيال لقادة النصر وضعت القوات الامريكية على مسار الخروج من العراق، مشددا بالقول ان شعار إخراج أمريكا من المنطقة ما كان ليصبح شعاراً سيتم العمل به لولا استشهاد الحاج قاسم سليماني.
وصرح السيد نصرالله : عندما نكون أوفياء لعظمائنا وشهدائنا والمخلصين في تحمل المسؤولية فإن الوفاء يعود بالنفع علينا في الدنيا والاخرة.
وأشار السيد حسن نصرالله الى التقارير الصادرة من قبل بعض وسائل الاعلام اللبنانية يوم أمس وقال انها قامت بتحريف كلام المسؤول الايراني حاجي زاده مشيراً إلى أنه في لبنان هناك من يمتهن التزوير وتحريف الأحاديث.
واوضح قائلاً: صحيح نحن في لبنان جبهة أمامية وغزة ايضاً جبهة امامية وحاجي زادة لم يقل أننا جبهة أمامية لإيران بل جبهة أمامية لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي.
وتطرق السيد نصر الله في كلمته إلى المقاومة الاسلامية منذ عام 2000 حتى اليوم وقال المقاومة هي التي تحمي لبنان وتحفظه وتدافع عنه.
وتابع الأمين العام لحزب الله اللبناني بالقول ان المقاومة هي الوحيدة القادرة على حماية الثروات النفطية للبنان بفضل سلاحها والدعم الايراني والسوري.
واضاف السيد نصرالله ان هناك قلقا كبيرا اليوم في المنطقة والخليج الفارسي حيث ان اسرائيل اعلنت رفع الجهوزية بسبب الذكرى السنوية لاستشهاد قادة النصر ولا نعلم اي حادث إلى أين قد يؤدي.
فما هي خلاصة هذه العبارات المنتقاة بعناية شديدة، أنّ المقاومة محور وليست أشخاصاً أو داخل دولة واحدة، وأنها تمتلك من أدوات القوة ما يجعلها قادرة على ردع الكيان الصهيوني، وقادرة على ضرب ومواجهة المشروع الصهيوأمريكي.
كما أنّ المقاومة لديها ما تعلنه من قدرات صاروخية دقيقة التصويب، ولديها ما لا تعلنه ولكنها تشير إليه، للردع والتهديد. كما أنّ المقاومة تمتلك مشروعاً متكاملاً لتحرير فلسطين.