إکنا: تشير الدراسات إلى أن إنشاء الجماعات المتطرفة وقبولها في بعض المجتمعات الغربية متجذر في سياسات الإسلاموفوبيا لتلك المجتمعات، وأن سياسة الولايات المتحدة في التحريض على الحرب في الشرق الأوسط لعبت دوراً مهماً في تشكيل هذه الجماعات.
وقام متطرفون بشنّ هجمات إرهابیة في مدينتي “باریس” و”نیس” الفرنسیتین والعاصمة النمساوية “فيينا” ولکن ما هو السبب وراء إنشاء التیارات المتطرفة والتکفیریة؟ ولماذا يتجه بعض الشباب الأوروبي إلى الجماعات الإرهابية مثل داعش؟
وعلی الرغم من أن مولد معظم المتطرفین والتكفيريين هي دول الشرق الأوسط ولکن علینا أن نعي تماماً أن هذا التطرف والعنف لهما جذور عميقة في سياسات وبرامج الدول الغربية.
وقد كان الاعتماد على القوة والعنف سمة بارزة في تفاعل الغرب مع العالم الإسلامي خاصة منذ بداية الحقبة الاستعمارية والتي استمرت في فترات لاحقة خاصة في القرن العشرين للمیلاد.
إن الولایات المتحدة الأمریکیة بعد إنتهاء الحرب الباردة كانت بحاجة الی فرض سلطتها علی المنطقة وفي هذا الإطار قامت بدعم الإسلاموفوبیا من أجل نشر الهویة الغربیة والثقافیة الأمریکیة، وفی هذا الإطار أدی العنف الغربی مباشرة إلی ظهور تیارات متطرفة في العالم الإسلامی.
کما أن السلفیة کـ فهم دیني رجعي من الإسلام تعود في إنشاءها إلی تکون وتطور المسیرة الفکریة الإسلامیة ولکن لاشك أن الوهابیة کـ مشروع فکری جدید یحمل في ثنایاه محاربة الغرب له أسباب سیاسیة لاترتبط بالإسلام والمسیرة الفکریة الإسلامیة.
ومن أهم السیاسات الغربیة التي أدت الی تفشي التطرف والعنف في المنطقة، وتشكيل الجماعات المتطرفة في العالم الإسلامي هي الحرب السوفیتیة ضد أفغانستان العام 1980 وثم التنافس الأمریکی مع الإتحاد السوفیتی فی المنطقة.
وبدأ آنذاك المنظرون الغربیون بدعم المجاهدین العرب و الأفغان تحت عنوان “مناضلي التحریر” لتضییق الخناق علی الإتحاد السوفیتي.
من جانب آخر ظهر “أسامة بن لادن” بحجة مکافحة التدخل الأمریکي في المنطقة والدول الاسلامية بعد حرب الخلیج الفارسي، الظهور الذي أدی إلی إنشاء الجبهة الدولیة للجهاد ضد الیهود والصلیبیین (القاعدة)، ثم جاءت هجمات الحادی عشر من سبتمبر لتسعف الولایات المتحدة في خطابها المعادي للإسلام والمسلمین.
في الواقع ، أدى العنف الأمريكي إلى انتشار التطرف وإنشاء تنظيم القاعدة الإرهابي. في المقابل، استخدم الغرب القاعدة كتهديد وواصل استراتيجيته العنيفة.
وتطرف داعش هو أيضًا نتاج للحداثة والعولمة يدعمه نظام الهيمنة بسبب توافقه مع المصالح الاستراتيجية للغرب كما أن تنظيم داعش الارهابي يقوم بشكل متزايد بتجنيد المسلمين الأوروبيين.
وبشكل عام، كانت السياسات العدائية والعنيفة للغرب ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية في الدول الإسلامية من جهة ، والنظرة السطحية وغير المدروسة للجماعات العنيفة على التعاليم الإسلامية من جهة أخرى عاملين مهمين في ميل بعض المسلمين إلى التطرف.
والجماعات الارهابیة كالقاعدة وداعش تقوم بخلق اضطرابات وأعمال عنيفة في الشرق الأوسط تحت شعار العودة إلى الأسس الأساسية للإسلام والأفكار السلفية والتكفيرية وذلك بدعم من دول عربية مثل الإمارات والسعودية وقوى فوق إقليمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
وعلى مدى العقود القليلة الماضية، انجذب الآلاف من الغربيين إلى الجماعات الإرهابية من خلال المحتوى عبر الإنترنت. أظهرت دراسة أجريت على مئات من أنصار داعش في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبلجيكا نشرتها جامعة كامبريدج في عام 2018 للميلاد، أن العداء ضد الإسلام على المستوى المحلي يرتبط ارتباطاً مباشراً بميل الأفراد إلى العنف في الفضاء الإلكتروني، وخاصة تويتر.
وأظهرت هذه الدراسة أنه مع تزايد الكراهية ضد الإسلام في هذه البلدان، زادت كذلك التغريدات التعاطفية مع الجماعات العنيفة، بما في ذلك وصف الحياة في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش الارهابي والمناقشات مع المقاتلين الأجانب.
كما يؤدي تهميش المجتمعات الإسلامية في الدول الغربية إلى عزل الشباب وميلهم نحو الفضاء الإلكتروني، مما يزيد بدوره من احتمالية الانجذاب إلى الجماعات المتطرفة.
https://chat.whatsapp.com/Fava5Ifru8330dDMfhs0gn