بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
نتقدم إلى الموالين والمحبين لأهل بيت النبوة عليهم السلام في كل مكان بالعزاء في بضعة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وعليها، والمعزى في هذا اليوم هو حفيدها المبارك المنتظر المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف ، راجيا من المولى عز وجل أن يعجل بظهوره المبارك حتى نشهد في هذا العصرطلعته البهية ، وليقيم دولة العدل الإلهي على الأرض فيفرح به سكان السموات وسكان الأرض .
عاشت السيدة الطاهرة المباركة ثمانية عشر عاما هي كل عمرها المبارك في هذه النشأة، نشأة الحياة الدنيا ، ومع صغر هذه المساحة الزمنية ، ضيق الدنيا وصغر العمر ، وبلايا صبت عليها صبا ، وأحزان لازمتها دهرا ، فلا تعرف أي البلايا أكبر من الأخرى ، هل هي موت النبي ، أو ظلم الوصي، أو معرفتها بغدر الأمة بحسينها !! .. فحملته كرها ووضعته كرها !! .
ومع صغر عمرها فلقد عظم قدرها، فهي في البشر كليلة القدر في الأيام مجهولة القدر عند الناس وهي كألف شهر عند الله، فعمرها القصير ثمانية العشر عاما الليلة منه بألف شهر، ولا عجب فضربة علي عليه السلام يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين، وليس لأحد غيره ذلك، وتصدقه بالخاتم هو علامة إعلان ولايته العظمى وسبب لنزول قرآن فيه يتلى على مر الأيام والسنين :
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }
(المائدة/55).
وهي لأهل السماء مزهرة كالنجوم لأهل الأرض ، وهى بهجة قلب الرسول صلوات الله عليه وآله ، وروحه التي بين جنبيه ، وهي أم أبيها .. وأولادها أحد عشر كوكبا هم حجج الله على البرايا ، وهي حجة الله عليهم جميعا ، لقد حارت الألباب وتاهت العقول في معرفة مقامها ، وإلا فما معنى الروايةالشريفة : ( دارت على معرفتها القرون الأولى )
وكذلك معنى الرواية الشريفة :
(فمن عرف فاطمة حق معرفتها فقد أدرك ليلة القدر ..وإنما سميت فاطمة لأن الخلق فطموا عن معرفتها )
وكذلك حقيقة : ( السر المستودع فيها )
هل هذا السر هم الأئمة من ولدها ؟ أم هو مهديها الغائب عن الأنظار ؟ وكيف يكون سرا لو عرفناه ، بل لابد أن نعرفه يوم ظهور الحقائق ، ويوم تبلى السرائر .
وكذلك حقيقة : ( هي أم أبيها )
وأبوها هو الكتاب الناطق ، فهل هي أم الكتاب ؟!!
وهل هي وأبيها وبعلها وبنيها , السبع المثاني أو الأربعة العشر معصوما ؟ .
وكيف امتحنها الذي خلقها قبل أن يخلقها ؟ هل في نشأة عالم الأنوار ؟ أو فى عالم ( ألست ) المسمى بعالم ( الذر ) عندما خاطب الله ذراري الخلق وأخذ عليهم الميثاق :
(ألست بربكم قالوا بلى ) .
أو فى عالم لا يدرى عنه الخلق شيئا ؟
السلام عليك ياممتحنة .. امتحنك الذي خلقك قبل أن يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة .
( أي قبل أن يخلقك في هذه الدنيا ) .
فإذا ما هبطنا من تلك العوالم العلوية وهذه النشأة الملكوتة للحوراء الأنسية إلى هذه النشأة الملكية (الحياة الدنيا)، وراجعنا ورجعنا إلى أربعة عشر قرنا أو يزيدون، راجعنا موقفها السياسي، وشجاعتها ، وقوة منطقها ، وحجتها البالغة ، وهي تخطب فى القوم قائلة :
( فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه , ومأوى أصفيائه ظهرت فيكم حسكة النفاق ، وسمل جلباب الدين, ونطق كاظم الغاويين، ونبغ خامل الأفاكين، وأطلع الشيطان رأسه من مغرسه هاتفا بكم، فألفاكم بدعوته مستجيبين، وللغرة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافا ” إلى أن تقول: ( زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) .
لم أتحدث عما نزل فيها من قرآن يتلى :
آية التطهير: { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب/33
وآية الإطعام : { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } (الإنسان/8).
وآية المودة : { قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } (الشورى/23).
وسورة الكوثر : { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } (الكوثر/1) .. وغيرها وغيرها الكثير والكثير .
ولكن قومي لا يعلمون وعن مقامها وذكرها غافلون !!!
السلام على فاطمة الزهراء يوم خلقت
ويوم ولدت
ويوم استشهدت
ويوم تبعث حية
ويوم تشفع لمحبيها
وعظم الله لكم الأجر وصل اللهم على محمد وآل محمد