Home / منوعات / شششخصيات اسلامية – الامام الحسن العسكري (عليه السلام)..إشراقة وضاءة لإنقاذ الأمة من أوحال الجاهلية

شششخصيات اسلامية – الامام الحسن العسكري (عليه السلام)..إشراقة وضاءة لإنقاذ الأمة من أوحال الجاهلية

* جميل ظاهري

يعتبر الدين الاسلامي الحنيف شؤون قيادة الأمة من مهام الامامة، ومن هذا المنطلق نجد أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين(ع) وحتى الامام الحسن العسكري(ع) حملوا لواء المعارَضة للسلطات الطاغية والفرعونية الحاكمة، ونادوا بالعمل في كتاب الله عزوجل وسُنَّة النبي(ص).

كما انهم عليهم السلام اتَّخذوا أساليب مختَلفة لمواجهة الانحرافات التي اجتاحت الأمة الاسلامية وسعوا كثيرا من أجل احياء القيم الحقيقية للاسلام المحمدي الاصيل وقدموا الغالي والنفيس وتحملوا أشق المعاناة كالملاحقة، والسجون، والقتل، والتنكيل والاسر وغيرها من أجل ذلك. الامام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام الذي نعيش اليوم الثامن من ربيع الثاني ذكرى ولادته،

هو أيضاً وعلى خطى آبائه الكرام عانى ذات المعاناة في طريق ارشاد الامة ومكافحة الظلم والانحراف والعمل على ابقاء الرسالة المحمدية قائمة ما بقي الدهر. انفرد عليه السلام دون غيره من الأئمة الهداة من أهل البيت عليهم السلام أجمعين في حمله لعبء اعداد الأمة لعصر الغيبة وامامة ولده الامام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف في وقت قصير جداً وظروف بالغة الخطورة وقمع دموي للحكام العاباسيين الطغاة آنذاك.

عاصر الامام الحسن العسكري(ع) فترة حرجة من الصراع مع السلطة العباسية،

تميزت بتراخي قبضة الخلافة على السلطة، وتصعيد الضغط والتضييق على الامام المعصوم (ع) وقاعدته الشعبية، لخوفها من تعلق الناس به. لهذا، عاش(ع) تجربةً مريرةً مليئةً بالمعاناة، كانت تهدف الى عزله عن الناس، والحد من أي نشاط قد يقوم به.

حيث أن الحياة السياسية للدولة العباسية منذ خلافة المنصور وحتى خلافة المعتمد كانت قائمة على أساس القمع والإرهاب بصورة عامة، وللعلويين بصورة خاصة. عاصر الامام الحسن العسكري(ع) مجتمعاً تسوده حياة البذخ واللهو في قصور الخلفاء العباسيين وانصارهم واعوانهم، يقابله في الوقت نفسه مجتمع العلويين وانصارهم حيث تسوده حالات الفقر، والجوع، والمرض،

والارهاب، كما هو الحال في الكثير من البلاد الاسلامية اليوم. فكان من الطبيعي أن يتصدى الامام الحسن بن علي الهادي(ع) لسياسة السلطة المستبدة والطاغية لحكام بني العباس والتي عمدت خلال حكم سلطة المعتز، والمهتدي، والمعتمد، الى اتباع سياسة التضييق على الامام (ع) ومواجهته.

وفي ظل تلك الظروف العصيبة كانت هناك مهام أساسية اخرى تنتظر الامام(ع) باعتباره حلقة الوصل بين عصري الحضور والغيبة بكل ما يزخران به من خصائص وسمات، الأمر الذي دفع بسلطة بني العباس الى اتخاذ اجراءات مراوغة تجاه الامام العسكري(ع) تضليلاً للامة حيث اقدموا على تقريب الامام(ع) من البلاط والتظاهر باكرامه في العلن فيما زادوا من المراقبة الشديدة والمستمرة لكل أحوال الامام(ع)،

الى جانب الايعاز باتخاذ الصرامة في مواجهة الامام العسكري(ع) إذا تطلّب الأمر ذلك مثل سجنه أو مداهمة بيته أو اغتياله عليه السلام.

رغم كل تلك المعاناة المريرة بذل الامام العسكري تبعاً لوالده الامام الهادي (عليهما السلام) جهدا مضاعفا لتخفيف اثار اعداد الأمة للغيبة وتذليل عقباتها على مختلف الصعد فكرياً وذهنياً ونفسياً وروحياً وفي وقت قصير جدّاً من امامته القصيرة جداً (ما بين سنة 254الى سنة260للهجرة) حيث اقام نظام الوكلاء اولئك الذين كان قد عيّنهم لشيعته في مختلف مناطق تواجد شيعته. فكانوا حلقة وصل قوية ومناسبة ويشكّلون عاملاً نفسيّاً ليشعر أتباع أهل البيت باستمرار الارتباط بالإمام وإمكان طرح الأسئلة عليه وتلقي الأجوبة منه.

فكان هذا الارتباط غير المباشر كافياً لتقليل أثر الصدمة النفسية التي تحدثها الغيبة لشيعة الامام (عليه السلام). وهكذا تمّ الاعداد الخاص من قبل الامام الحسن العسكري(ع) للشيعة ليستقبلوا عصر الغيبة بصدر رحب واستعداد يتلاءم مع مقتضيات الايمان بالله عز وجل وبرسوله (ص) وبالأئمة الكرام (ع) وبقضية الامام الموعود (عجل الله تعالى فرجه الشريف) العالمية والتي تشكل الطريق الوحيد لانقاذ المجتمع الانساني من أوحال الجاهلية التي لا يزال يعيشها

 

الامام العسكري.. إمامة قصيرة ومعاناة مريرة

-جميل ظاهري

تعتبر شؤون قيادة الأمة نحو الصلاح والفلاح بصنوفها العقائدية والسياسية والعلمية هي من أبرز مهام الامامة بعد النبوة، ومن هذا المنطلق نجد أن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بدءاً من الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) وحتى الامام الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث حملوا لواء المعارَضة للأنظمة الطاغية والفرعونية الحاكمة، ونادوا بالعمل في كتاب الله عزوجل وسُنَّة النبي (صلى الله عليه وآله)، ما أربك ويربك حكام الجور والتحريف فعقدوا العزم على قمعهم وأتباعهم وشيعتهم وأنصارهم خوفاً من وعي الأمة وإلتفافها حول حبل الله المتين ” إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا”- حديث الثقلين للرسول الأعظم (ص).

أتخذ أئمة أهل بيت النبوة والعصمة عليهم السلام أساليب مختَلفة لمواجهة الظلم والطغيان والانحرافات التي عمت الأمة الاسلامية وسعوا كثيرا لإحياء القيم الحقيقية للاسلام الحنيف الأصيل وعودة المسلمين الى طريق الصواب والنجاة، فقدموا الغالي والنفيس وتحملوا أشق المعاناة كالملاحقة، والسجون، والقتل، والتنكيل والأسر والسبي وغيرها من أبشع أنواع الظلم منذ “سقيفة بني ساعدة” وحتى عصرنا الحاضر حيث إراقة الدماء البريئة بات أمراً مألوفاً للأمة الصالحة “أقتلونا.. القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة” – من اقوال الامام السجاد (ع) في مجلس الدعي أبن الدعي زياد أبن أبيه بالكوفة .

 

وقد قاسى كل أمام من أئمة الهداية الربانية جوراً وظلماً وإضطهاداً لايطيقه أحداً لإحياء السنة الالهية الخاتمية وإبقائها قائمة حتى اليوم الموعود، كلٌ حسب الظروف التي عاشها طيلة حياته الشريفة، ومنهم الامام الحسن بن علي العسكري عليهما السلام الذي نعيش هذه الأيام ذكرى استشهاده الاليمة والمفجعة ، والذي تحمل معاناة ربما أكثر مما عاشها آباؤه الميامين في قيادة الأمة وإرشادها ومكافحة الظلم والانحراف خلال فترة قصيرة لا تتجاوز ست سنوات الى جانب رسالته الكبيرة التي إنفرد بها وهي إعداد الأمة لعصر الغيبة وإمامة الامام المهدي الموعود عجل الله تعالى فرجه الشريف.

 

وأفصح الامام الحسن العسكري(عليه السلام) عن سرّ هذا الأمر ضمن حديث جاء فيه: قد وضع بنو اُمية وبنو العباس سيوفهم علينا لعلّتين: إحداهما: أنّهم كانوا يعلمون (انّ) ليس لهم في الخلافة حق فيخافون من ادّعائنا إيّاها وتستقرّ في مركزها. وثانيهما: انّهم قد وقفوا من الأخبار المتواترة على أن زوال ملك الجبابرة الظلمة على يد القائم منّا، وكانوا لا يشكّون أنهم من الجبابرة والظلمة ، فسعوا في قتل أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإبادة نسله طمعاً منهم في الوصول الى منع ولادة القائم(عليه السلام) أو قتله، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم إلاّ أن يتم نوره ولو كره المشركون(منتخب الأثر: 359 ط ثانية عن أربعين الخاتون آبادي- كشف الحق).

 

فقد عاصر الامام الحسن العسكري(ع) فترة حرجة من الصراع مع السلطة العباسية، تميزت بتراخي قبضة الخلافة على السلطة، وتصعيد الضغط والتضييق على الامام المعصوم (ع) وقاعدته الشعبية، لخوفها من تعلق الناس به لهذا، حيث سعت السلطة العباسية آنذاك جاهدة الى عزله (ع) عن الناس، والحد من أي نشاط قد يقوم به في التصدي للسلطة المستبدة ولحياة البذخ واللهو في قصور الخلفاء العباسيين وانصارهم واعوانهم، يقابله في الوقت نفسه مجتمع العلويين وانصارهم حيث تسوده حالات الفقر، والجوع، والمرض، والارهاب، كما هو حال الكثير من البلاد الاسلامية اليوم منها العراق وسوريا ولبنان ومصر واليمن البحرين والسعودية .

 

وفي ظل تلك الظروف العصيبة كانت هناك مهام أساسية تنتظر الامام (ع) باعتباره حلقة الوصل بين عصري الحضور والغيبة بكل ما يزخران به من خصائص وسمات، الأمر الذي دفع بسلطة بني العباس الى اتخاذ اجراءات مراوغة تجاه الامام العسكري (ع) تضليلاً للامة حيث اقدموا على تقريب الامام (ع) من البلاط والتظاهر بإكرامه في العلن فيما زادوا من المراقبة الشديدة والمستمرة لكل أحوال الامام(ع)، الى جانب الإيعاز باتخاذ الصرامة في مواجهة الامام العسكري (ع) إذا تطلّب الأمر ذلك مثل سجنه أو مداهمة بيته أو إغتياله، فحُوصِر الامام (ع) في عهد الطاغية المتوكل العباسي، واعتقل مرات عدة في عهد من جاء بعده، من المستعين الى المعتز الى المهتدي الى المعتمد العباسي الذي أجمع رأيه على الفتك بالامام (ع)، واغتياله فدس له سماً قاتلاً، لسبب الحسد الكبير الذي كان يكنه العباسيون للامام أبي محمد (ع) على ما يتمتع به من شعبية هائلة واحترام بالغ من جميع الأوساط. وهكذا كان استشهاده عليه السلام في الثامن من ربيع الأول سنة 260 للهجرة وبعد خمس سنوات وثمانية أشهر وخمسة أيام من إمامته المباركة،

 

وكانت أعظم خسارة مني بها المسلمون في ذلك العصر، وجيء بالجثمان الطاهر تحت هالة من التكبير والتعظيم الى مقره الأخير فدفن في داره إلى جانب أبيه الامام علي الهادي (عليه السلام) في سامراء وهو أبن ثمان وعشرين سنة وقد واروا معه صفحة مشرقة من صفحات الرسالة الاسلامية وواروا فلذة كبد رسول الله (ص) تحقيقاً لما قاله أئمة الهدى عليهم السلام “ما منا إلا وقد مات شهيدا او مسموماً” – عيون أخبار الرضا ج2 ص203، والبحار ج49 ص285 وج27 ص213و217، وكفاية الأثر ص162، ومستدرك سفينة البحار ج1 ص164، وكشف الغمة ج2 ص430، والأنوار البهية ص322، وأعلام الورى ص367، والصراط المستقيم ج2 ص128، وبصائر الدرجات ص523، والأمالي للصدوق ص120، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص351 وغيره من كتب الأحاديث.

 

وخير ما نختتم به مقالنا هذا هو حديث الامام الحسن العسكري عليه السلام مع أبي هاشم الجعفري، حيث قال (ع) : “ياأبا هاشم : سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة ، مستبشرة ، وقلوبهم مظلمة منكدرة ، السُّنة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سُنّة، المؤمن بينهم محقَّر والفاسق بينهم موقَّ، اُمراؤهم جاهلون جائرون، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء، وأصاغرهم يتقدّمون على الكبراء، وكل جاهل عندهم خبير وكل محيل عندهم فقير..”- حديقة الشيعة: 592 عن السيد المرتضى الرازي في كتبه: بيان الأديان وتبصرة العوام والفصول التامّة في هداية العامّة عن الشيخ المفيد مسنداً، الأنوار النعمانية: 2 / 293، ذرائع البيان في عوارض اللسان: 38؛ واصفاً عليه السلام ما تعيشه الأمة في عصرنا الحاضر كما عاشته في القرون الماضية

Check Also

هل تعلم أن الكركم و العسل يصنع المعجزات بجسمك.. سبحان الله !