في أول إطلالة له بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، إبراهيم رئيسي، يؤكد أنّ السياسة الخارجية لإيران أكبر من الاتفاق النووي.. ماذا في حسابات الرئيس الثوريّ؟
في مؤتمره الصحافي الأول، كان الرئيس الإيراني المنتخَب إبراهيم رئيسي، حاسماً وجازماً، موجِّهاً رسائل واضحة، راسماً خريطةَ طريق دقيقة.
الرجل أطلق لاءات ثلاثاً، بصراحة، من على منبر مجمع الشهيد بهشتي، وقال “لا لمفاوضات استنزافية”، بل لمفاوضات مثمرة تحقق المصلحة الوطنية الإيرانية، مؤكداً أن “سياسة حكومته الخارجية لا تبدأ من الاتفاق النووي، ولن تكون محدودة به”.
اللا الثانية، خاصة ببرنامج إيران الصاروخي، والذي أكد الرئيس الثوري أنه “غير قابل للتفاوض”، متسائلاً إذا كان الغرب لم يلتزم القضايا التي جرى الاتفاق بشأنها، فكيف يريد الدخول في قضايا وملفات جديدة؟
أما اللا الثالثة، فنافية لإمكان لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن، مؤكداً أن واشنطن مطالَبة بإصلاح ما أفسدته بخروجها من الاتفاق النووي.
رسائل مباشرة وجَّهها رئيسي إلى الأوروبيين، مفادها أن “نفِّذوا التزاماتكم، ولا تخضعوا للضغوط الأميركية”.
أمّا الجوار، فيدُ إيران ممدودة له، والتواصل معه أولوية، هذا ما أكده رئيسي خلال مؤتمره الصحافي الأول، موجِّهاً رسائل إلى دول الجوار، ولاسيما السعودية، مشيراً إلى أن أولوية طهران هي تحسين علاقاتها بجيرانها، لافتاً إلى أن لا مانع لدى بلاده من إعادة تبادل فتح السفارات مع السعودية، فالبلَدان كانا قد بدآ محادثات بعيداً من الأضواء في العراق، وخرجت إلى العلن للمرة الأولى في نيسان/أبريل العام الحالي.
وكشف للميادين عن المحادثات عضوُ لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، أبو الفضل عموئي، وقال إنها جرت في ثلاث مراحل، مؤكداً أن يد إيران ممدودة في اتجاه الجوار.
الكشف عن المحادثات أعقبته تصريحات لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وُصفت بالتصالحية تجاه إيران، قال فيها إنه يتمنى إقامة علاقات جيدة ومميزة بطهران.
إيران رحبت بهذه التصريحات، وعبّر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عن أمله في أن تتوصل المحادثات بين البلدين إلى تفاهم مشترك.
أمّا بخصوص فلسطين المحتلة، فأكد رئيسي استمرار دفاع بلاده عنها، مشيراً إلى أن على “إسرائيل” الخوف من المقاومة الفلسطينية قبل أن تخاف من إيران.
وعن الحرب على اليمن، أكد رئيسي أن اليمنيين هم من يقررون كيف يحكمون بلادهم، داعياً السعودية إلى وقف الحرب عليه.
نائب رئيس تحرير صحيفة “الأخبار” اللبنانية، بيار أبي صعب، قال إن “المواجهة بين إيران والغرب دخلت مرحلة جديدة”.
وأضاف للميادين، أن “انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي إهانة كبرى للشرعية الدولية”، مشيراً إلى أن “مواجهة معسكر الاستكبار غير ممكنة إلاّ بلغة التحدي والقوة”.
وشدد أبي صعب على أن “إيران لا تدعم طوائف بل تدعم مقاومات”، معتبراً أن “انتخاب رئيسي يعطي أفقاً أوسع في مواجهة الاستعمار والاحتلال”.
من جهته، قال رئيس مركز المدار للدراسات السياسية، صالح المطيري، إن “رئيسي وبايدن سيكونان محظوظَين إذا نجحت مفاوضات فيينا”.
وأشار إلى الميادين، إلى أن “من الصعوبة أن ترفع إدارة بايدن اسم رئيسي من قائمة العقوبات حالياً”، لافتاً إلى أن “الإدارة الأميركية الجديدة في البيت الأبيض غيّرت كثيراً في الخطاب والاستراتيجية”.
وأكد المطيري أن علاقة إيران “ليست على المستوى ذاته بكل دول الخليج.. فعلاقتها بالكويت وقطر وسلطنة عُمان مميزة”، لافتاً إلى أنه “ليس الملف النووي الإيراني وحده سبب الفجوة في العلاقات الايرانية بالخليج”.
بدوره، أشار الأكاديمي والباحث بالشؤون الدولية، إدمون غريب، إلى أن “لهجة رئيسي قد تكون مغايرة، لكن السياسة هي ذاتها، إلى حد ما”.
وأوضح للميادين أن “رئيسي ألمح إلى إنه ربما يشرك في الحكومة المقبلة شخصيات لم تصوّت له، وهذه رسالة إلى الداخل والخارج”، مشيراً إلى أن “هناك تغييرات جذرية في النظرة الاستراتيجية الأميركية إلى المنطقة، وهناك قلق خليجي حيال ذلك”.