الوقت – يعتقد العديد من المراقبين المحليين والأجانب للتطورات الإسرائيلية، أن هذا الکيان أضعف هيكليًا من أي وقت مضى، من حيث قدرته على مواجهة التحديات الأمنية والعسكرية، وأن عناصر تفوقه العسكري على الأعداء، وخاصةً فصائل ومجموعات المقاومة، آخذة في التراجع.
وفي المقابل، أصبحت نقاط ضعف هذا الکيان أكثر وضوحًا دون أن تتمكن السلطات السياسية والعسكرية الصهيونية من إيجاد حل جذري لمشاكلها الأمنية.
في هذا الصدد، تحدث الجنرال الإسرائيلي المتقاعد “إسحاق بريك” عن كارثة، نتيجةً لاعتماد تل أبيب الكبير على سلاح الجو والاستخفاف بصواريخ أرض – أرض التي “تحاصر إسرائيل”.
ووفق مذكرة نشرت على موقع “ميدا” الصهيوني، قال هذا الجنرال: “إن كفاءة سلاح الجو الإسرائيلي في مواجهة وجود مئات الآلاف من الصواريخ في منطقتنا في إيران وغزة ولبنان آخذة في التدهور؛ بالإضافة إلى ما تحت تصرف حلفاء إيران في اليمن والعراق وسوريا، الأمر الذي شكَّل دائرةً خانقةً حول إسرائيل”.
نهاية العصر الذهبي للتفوق الجوي
لطالما اعتبر الكيان الصهيوني سلاح الجو أهم عنصر لتفوقه العسكري في الحروب الماضية. کما أن الوصول إلى أحدث جيل من الطائرات المقاتلة والمروحيات الغربية ومعدات التجسس عبر الأقمار الصناعية، إلى جانب تدريب الطيارين وطواقم القوات الجوية على أعلى مستوى من قبل أمريكا، جعل هذا الکيان القوة الجوية الرائدة في المنطقة.
خلال حروب القرن العشرين التي خاضها الكيان الصهيوني مع الحكومات العربية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، لعب سلاح الجو دوراً مهماً في تغيير موازين ومعادلات الحرب لمصلحة هذا الکيان.
في حرب 1967 بين الکيان الصهيوني والجيش المشترك للدول العربية مصر وسوريا والأردن والعراق، على الرغم من قلة عدد الطائرات الحربية الإسرائيلية(970 للعرب و300 للکيان الإسرائيلي)، لكن بالإضافة إلى تدمير القوات الجوية المصرية في وقت مبكر من الحرب، تمكنت هذه المقاتلات الإسرائيلية نفسها من تدمير الفرق المدرعة لدبابات الدول العربية والتي كانت نقطة قوتها.
في 5 يونيو، شن سلاح الجو الإسرائيلي هجوماً شاملاً ضد قواعد القوات الجوية المصرية في سيناء، حيث أقلعت نحو 200 طائرة مقاتلة. وقد حلقت المقاتلات الإسرائيلية فوق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر لإرباك شبكة الدفاع الجوي المصرية. کذلك، استلمت مصر عدداً كبيراً من الرادارات وصواريخ “سام 2” النارية من الاتحاد السوفيتي.
بناءً على تجارب الطيارين الأمريكيين في فيتنام، تعلم الطيارون الإسرائيليون أن الطيران على ارتفاعات منخفضة تحت رؤية رادارات العدو، يمكن أن يساعدهم بشكل كبير. وبالفعل أجدی هذا العمل نفعاً. حيث رصدت رادارات إطلاق الصواريخ المصرية المقاتلات الإسرائيلية بشکل متأخر، أو لم ترصدها على الإطلاق.
هذا العنصر المهيمن في الماضي، فقد الآن فعاليته في تحديد معادلات الحرب بعد تغيير استراتيجية وطبيعة الحروب الجديدة، الأمر الذي شكَّل تحدياً خطيراً لقادة الكيان الصهيوني من حيث كيفية التعامل مع الطبيعة المتغيرة للتهديدات.
على سبيل المثال، في حرب الجيش الإسرائيلي التي استمرت 33 يوماً مع حزب الله اللبناني في عام 2006، فشل التفوق الجوي الإسرائيلي المطلق في فعل أي شيء، وانتهت الحرب بقبول تل أبيب بالهزيمة والتراجع.
كذلك، في حين هاجم سلاح الجو التابع للکيان الصهيوني مراراً وتكراراً الأراضي السورية في السنوات الأخيرة لمنع إيران من الاقتراب من حدوده أو لمنع حزب الله من الوصول إلى جيل جديد من الصواريخ، بحسب مزاعم قياداته، لكن هذه الهجمات ليس لها تأثير على تغيير المعادلات، وطلب التغطية من قبل القيادة المركزية هو دليل على ذلك.
في هذا الصدد يضيف “بريك” أنه “في المواجهة المستقبلية المحتملة ستُطلق آلاف الصواريخ على الجبهة الاسرائيلية، وهو ما سيكون كارثياً، وخاصةً مع تضاؤل تفوق القوات الجوية”.
کما تواجه المقاتلات الإسرائيلية صعوبةً أكبر في التعامل مع الصواريخ التي يطلق بعضها من منصات متحركة، لأن هذه المنصات المتحركة تغير موقعها قبل تحليق المقاتلات.
حبل المقاومة الصاروخي على رقاب الصهاينة
لقد حذَّر خبراء عسكريون إسرائيليون مرارًا وتكرارًا من الضعف الاستراتيجي لاستراتيجيات الحرب الإسرائيلية في مواجهة الحروب الجديدة، مثل الضابط الصهيوني والمسؤول عن معالجة الشكاوى العسكرية في الجيش الإسرائيلي “تسحاف بريك” الذي قال في 31 كانون الثاني(يناير) عن عدم استعداد الکيان للدخول في أي حرب مستقبلية محتملة، إن حبلاً صاروخياً يحيط بـ”إسرائيل” من جميع الجهات.
وأضاف الضابط الصهيوني في تقريره، إن هذه الصواريخ تُوجَّه من غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا إلى أهداف إسرائيلية استراتيجية، مثل محطات الطاقة ومنشآت تحلية المياه والقوات الجوية والقواعد البرية للجيش والموانئ والبنية التحتية الاقتصادية وإلخ.
وجاء في تقرير هذا الضابط الصهيوني أيضاً، أن عدد صواريخ “حتيس” القادرة على اعتراض صواريخ العدو ضئيل للغاية ويكفي لأيام قليلة فقط، وهذه الصواريخ مناسبة بشكل خاص لاعتراض الصواريخ التي تستهدف أهدافًا استراتيجيةً، وليس اعتراض الضربات الصاروخية على مواقع أخرى. كما تبلغ تكلفة كل صاروخ حوالي 3 ملايين دولار، وهو ما لا تستطيع “إسرائيل” تحمله بالنظر إلی إمکاناتها الاقتصادية.
الضعف الاستراتيجي في كيفية التعامل مع القدرة الصاروخية الإيرانية، هو موضوع ظهر في رصد وتحليل وسائل الإعلام الصهيونية للتدريبات الصاروخية والطائرات المسيرة الأخيرة للحرس الثوري.
وفي هذا الصدد، كتبت صحيفة “جيروزاليم بوست”، في شرحها لجزء من مناورات “الرسول الأعظم 15″ الصاروخية: لقد استخدمت إيران طائرات مسيرة لمهاجمة نظام دفاع صاروخي، ثم أطلقت عددًا کبيرًا من الصواريخ البالستية مثل ذو الفقار وزلزال ودزفول. وجاء استخدام الطائرات المسيرة لتحييد الدفاعات الجوية عند اقتراب الصواريخ”.
في مثل هذه الظروف، فإن قدرة صواريخ المقاومة على ضرب البنی التحتية الاقتصادية الحيوية للکيان الصهيوني في غضون أيام قليلة وترك خراب اقتصادي هائل للقادة الصهاينة في حال وقوع أي حرب، هو مصدر قلق خطير آخر للصهاينة بشأن الحروب المستقبلية.