ناصر قنديل
بعدما عُقدت قمة مصر والأردن والعراق وأسميت بمشروع الشام الجديد، وطبعاً من دون الشام، تمّ الإيحاء أن الأمر هو تجمّع إقليمي اقتصادي لدول متجاورة وأن محور اللقاء هو الربط بشبكات الكهرباء لبيع الكهرباء المصريّ للعراق وأنابيب النفط من العراق الى العقبة وأنابيب الغاز من مصر الى العراق.
وهذه الخطوات تعني طبعاً سعياً واضحاً لتأمين فك العلاقة الاقتصادية للدولة العراقيّة مع إيران التي يشكل محورها شراء الغاز والكهرباء من إيران لصالح العراق، ولأن الأردن ممر طبيعي بين العراق ومصر فوجوده كمستفيد ثالث لا يمنع التفكير بمصالح مشتركة بينه وبين العراق على نمط أنبوب نفطي يصبّ في العقبة.
– الجديد قمة إماراتيّة بحرينيّة أردنيّة من دون أن يفسّرها اي وجود لحدود مشتركة، والتفسير طبيعي وهو التطبيع حيث الممر الجغرافي الوحيد من فلسطين المحتلة الى دول الخليج هو الأردن والمشاريع التي يرسمها كيان الاحتلال كثيرة فهو يريد جعل موانئه على المتوسط موانئ لنفط الخليج. وهذا يرتبط بالعبور من الأردن ويريد أن يؤمن الاستيراد الخليجي من أوروبا عبر موانئه. وهذا يعني قوافل الشاحنات العابرة الأردن وحتى السياحة بالاتجاهين لا تعيش على الخطوط الجويّة ما لم تسعفها خطوط نقل بري تمر عبر الأردن.
– هذا يؤكد أن التشارك المصري العراقي الأردني يتمّ تحت عنوان التطبيع ذاته لتهيئة مصر والعراق لجولات لاحقة عبر فك العراق عن إيران من جهة وتعويض مصر عن خسائرها من تراجع الاعتماد الخليجي على قناة السويس بنقل التجارة الى موانئ الكيان، لكن السؤال المحوريّ هو هل يكفي الأردن عائدات هذا الموقع الرابط لأخطبوط التطبيع ليتمكّن من الصمود تحت الضغوط التي ستنتج عن التطبيع في ظل انسداد الأفق أمام اي تسوية يقبلها الفلسطينيون. والأردن متداخل مع فلسطين بقضيتين الأولى هي مخاطر تحوّله الى مشروع وطن بديل والثانية الكثافة السكانيّة الفلسطينيّة في الأردن.
– السؤال سياسيّ بامتياز ولا تبدو القيادة الأردنية منتبهة لحجم مخاطر الحمل الثقيل الذي يتم زج الأردن تحت أعبائه، خصوصاً أن الممرات الطويلة للأنابيب والمسافات الطويلة لطرق مرور القوافل الكثيفة من الشاحنات والحافلات تستدعي أمناً يتجاوز الأمور التقنية، والقيادة الأردنيّة تعلم أن الأمن في جوهره سياسيّ، والأمن السياسيّ هنا مفقود.
– يغامرون بالأردن لجعله ساحة صراع تمتص كل احتقانات المنطقة ما يدفع به نحو الانفجار ويريدون للانفجار ان يتخذ عنواناً فلسطينياً فإن جاءت النتيجة تصفية للاحتجاج الفلسطيني تكون فرصة للسير قدماً بمشاريع التهويد والاستيطان، وإن كانت النتيجة كسراً للأردن ككيان وغلبة للفلسطينيين يسيرون قدماً بمشروع الوطن البديل.
– القيادات الأردنية والفلسطينية مدعوّة للانتباه لخظورة ما يخطط وما يدبر للأردن وإطلاق تحرك استباقي لمواجهة المخاطر. والمطلوب من الحكم الأردني التيقظ قبل التورّط لمغامرة خطرة تهدّد مصير الكيان الأردني وجودياً مقابل بعض المصالح الآنيّة التي سيصعب على دولة بمقدرات تفوق مقدرات الأردن بكثير أن تحميها، فيما المنطقة تغلي والمشروع الأميركي يحتاج إلى ساحة تختزن الانفجار المقبل. وما يُدعى اليه الأردن هو طبق مسموم يعدّ له ليكون ضربة قاضية للأردن.
– إعلان السلطة الفلسطينية العودة لأطر التنسيق مع كيان الاحتلال، تحت تأثير التذرع بمرحلة أميركية جديدة على الأبواب، وبفعل غير معلن لضخ أموال خليجية للسلطة، يخلق حالة مشابهة لحالة الأردن في الضفة الغربية التي يعرف أصحاب برامج التطبيع أنها ممر إلزامي لكل المشاريع أسوة بالأردن، وفي ظل تصاعد الاحتباس الناتج عن البلطجة المفضوحة على حقوق الشعب الفلسطيني فكل ما تفعله السلطة هو فتح الباب لانفجار العلاقات الفلسطينية الفلسطينية بدلاً من انفجار فلسطيني جامع بوجه الاحتلال.