فاطمة سلامة
حين وقّع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قانون “الدولار الطالبي”، كثر قالوا العبرة في التنفيذ. في لبنان ثمّة من يخاف ويتوجّس من سياسة المصارف التي عوّدتنا أنّ الودائع ليست سوى حبر على ورق. أشهر من المعاناة عاشها المواطنون مع هذا “الكارتيل” الذي لم يرحم المودعين، حتى خالوا أن ودائعهم منّة منه. واليوم، يتمرّد هذا الكارتيل على القانون، فيتهرّب من تطبيقه، تاركاً الطلاب اللبنانيين في الخارج تحت رحمة المجهول، الأمر الذي يتطلّب مواجهة جريئة توقف المصارف عند حدها وتجبرها على تطبيق القانون، تماماً كالخطوة التي قام بها قاضي الأمور المستعجلة في النبطية أحمد مزهر والتي أصدر فيها قراراً يلزم أحد المصارف اللبنانية بتحويل مبالغ مالية لأحد الطلاب في الخارج.
طلاب طردوا من جامعاتهم لعدم قدرتهم على دفع القسط الجامعي
يعيش الطلاب في الخارج وأهاليهم على أعصابهم. ينتظرون تطبيق قانون “الدولار الطالبي” الذي أبصر النور أواخر أيلول بعدما كان اقتراحاً تقدمت به كتلة الوفاء للمقاومة. القانون يلزم المصارف العاملة في لبنان بصرف مبلغ 10 آلاف دولار أميركي، وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، عن العام الدراسي 2020 – 2021 للطلاب الجامعيين الذين يدرسون في الخارج. أولئك يعيشون معاناة ما بعدها معاناة، فتحليق سعر صرف الدولار وبلوغه مستويات قياسية جعل كثيرين منهم عاجزين عن تأمين القسط الجامعي، فما بالك بتذاكر السفر والمسكن والحاجيات اليومية؟.
الطالب في أوكرانيا محمد فياض يؤكد لموقعنا أن المصارف لم تنفّذ حتى اللحظة القانون بحجة أنها تنتظر تعميماً من مصرف لبنان، والأخير يتذرع بأنه ينتظر آلية من الحكومة في الوقت الذي تبدو فيه الآلية واضحة في القانون المقر. يوضح فياض أننا كطلاب ندفع الثمن ولا نزال ننتظر تنفيذ هذا القانون رغم أن العام الدراسي انطلق منذ حوالى الشهرين. هذا التأخير دفع بكثيرين –وفق فياض- الى التسرب من جامعاتهم وعدم إكمال تعليمهم الجامعي. البعض لا يزال عالقاً في الخارج، والبعض الآخر جرى طرده من الجامعة لعدم قدرته على دفع القسط الجامعي، فمعظم الطلاب سافروا بمبلغ معين لتمضية فترة قصيرة ريثما يتم بدء العمل بقانون الدولار الطالبي، ليتفاجأوا أن القانون لم يطبق. وهنا يتمنى فياض أن تسارع المصارف الى تطبيق القانون لاننا أمام كارثة فعلية، فالطالب في الخارج يحتاج الى الكثير من المصاريف عدا القسط الجامعي.
حمادة: المصارف تتمرّد على الدستور
عضو كتلة الوفاء للمقاومة وعضو لجنة التربية النيابية النائب ايهاب حمادة يستهل حديثه لموقع “العهد” الإخباري بالإشارة الى أنّ المصارف لا تزال تتمرد على أهالي الطلاب كما تمردوا على الدستور وأنشأوا دولة خاصة بهم. وفق حمادي، لا يعير هؤلاء أي اهتمام للقوانين ولا الدستور ما يدفع بالطلاب الى واقع صعب جداً. وحده بصيص النور الموجود حاليا يتمثل بالخطوة الشجاعة التي قام بها قاضي الامور المستعجلة في النبطية القاضي أحمد مزهر الذي اتخذ قرارا يلزم أحد المصارف بتحويل الأموال لأحد الطلاب. وهنا يشير حمادة الى أن هناك اتجاها لدى جميع الأهالي بسلوك هذا المسار القانوني، فهذا المسار نؤسس له مع أهالي الطلاب حيث هناك نية لدى الجميع للتوجه الى القضاء لرفع دعاوى في وجه المصارف المتمنعة. وبالموازاة ينفذ الأهالي اعتصاماً أمام مصرف لبنان، ويبدو أنه سيبقى مفتوحا هذه الليلة، يضيف حمادة.
كل حجج المصارف واهية
ولدى سؤاله عن حجة المصارف للتمرد على القانون، يؤكد حمادة أن لا حجة فعلية للمصارف. كل حججهم واهية ومبرراتهم لا منطقية للتهرب من تنفيذ القانون ما يرتب عليهم مسؤوليات قانونية تحتم على القضاء اتخاذ الاجراءات اللازمة. وفق حمادة، فإنّ الحالة التي حصلت من قبل القاضي مزهر في النبطية يجب أن تعمم. ويلفت حمادة الى أننا نعمل على هذا المسار القضائي بعدما مكنّا المواطن اللبناني من اللجوء الى قانون يستند اليه اذ وضعنا بين يديه حجة قانونية للمطالبة بحقوقه، وهذا “حشر” المصارف. وفق حمادة، نحن أمام تحد كبير حيال تمرد المصارف، فإما أن تعلو كلمة القانون وإما أن تسقط منظومة القانون والتشريع والقضاء في لبنان.
وضع الطلاب صعب جداً
ويتطرق عضو كتلة الوفاء للمقاومة الى وضع الطلاب السيئ جدا في الخارج، موضحاً أن بعضهم يفترش الطرقات غير قادر على العودة، وهذا مشهد مؤسف لا يليق بالحد الأدنى من الذين يمتلكون أخلاقا. بالنسبة لحمادة فإنّ تذرع المصارف بأن هناك مبالغ كبيرة غير صحيح، فعدد الاستمارات غير كبير، ونحن أمام رقم صغير في المعادلة المالية اذ نتحدث عن حوالى 5000 طالب جرى تعبئة استماراتهم ويحتاجون الى 10 آلاف دولار، أي 50 مليون دولار. والمفارقة، أن جزءا كبيرا من هذه المبالغ هي إيداعات مالية بالدولار لأهالي الطلاب، ما يمثل أولاً اعتداء على الملكية الخاصة وعلى الدستور بسبب حجز هذه الأموال، وثانياً اعتداء على القانون لأن هناك قانونا يلزم المصرف بتحويلات مالية للطلاب وفق الشروط المعينة.
وفي الختام، يلفت حمادة الى أننا من موقعنا في التشريع لا نستطيع أن نفعل أكثر من ذلك، وسنتابع وأهالي الطلاب مع القضاء هذه القضية.