الوقت- بدأ المشروع الكبير لإعادة إعمار ميناء “الفاو” العراقي في أبريل 2010، وبعد أكثر من 10 سنوات لم تكمل بغداد المشروع فحسب، بل لم يحرز المشروع تقدمًا يُذکر، وتری الأوساط العراقية أن عرقلة الإدارة الأمريكية هي أحد الأسباب الرئيسة لذلك.
بعد مضي هذه الفترة، تم استبعاد شركة صينية كانت قد وقعت عقداً مع الحكومة العراقية لبناء الميناء مؤخراً، ووقعت شركة “دايو” الكورية عقداً مع بغداد بهذا الصدد، لكن الشركة أعلنت أيضاً بأنه يجب تغيير شروط العقد، وطالبت بمزيد من الأموال.
تأمل الحكومة العراقية أن تخطو خطوةً كبيرةً نحو التنمية الاقتصادية مع افتتاح مشروع إعادة إعمار ميناء الفاو، وإكمال المشروع بحلول عام 2024، وفي حال اكتماله، سيكون ميناء الفاو أحد أكبر عشرة موانئ في العالم.
تثار مناقشة تطوير ميناء الفاو ومشروع “القناة الجافة” الكبير(نفق بري ينقل البضائع من الخليج الفارسي إلى تركيا والأردن وسوريا وأوروبا) في العراق لسنوات عديدة، على الرغم من أن هذا المشروع لا يزال يراوح مكانه بسبب عراقيل أمريكا وحلفائها في الخليج الفارسي، وخاصةً في الإمارات التي تعدّ الضحية الرئيسة لتنفيذ المشروع.
في غضون ذلك، تتنافس شركة صينية وأخرى كورية على تنفيذ المشروع، ولكل منهما موافقون ومعارضون بين المسؤولين والشعب العراقي للحصول على المشروع.
يقول معارضو شركة دايو الكورية إن كوريا الجنوبية تخضع في الواقع للأوامر الأمريكية، وإن اقتراحها يتضمن بناء برنامج بتمويل من الحكومة العراقية، وقرض بقيمة 2.6 مليار دولار على مدى أربع سنوات، بينما المبلغ المقترح للشركة الصينية هو 2 مليار و160 مليون دولار، وفي الوقت نفسه، لا تجبر الشركة الصينية العراق على الدفع مقدماً، لكنها تمنحه 10 سنوات على الأقل.
يعود الاتفاق المبدئي بين بغداد وبكين بشأن ميناء الفاو إلى فترة رئاسة “عادل عبد المهدي” للوزراء واتفاقه الاقتصادي التاريخي مع الصين، والذي أجبر على الاستقالة بعد احتجاجات أكتوبر الماضي، ويعتقد كثير من المحللين أن استقالته كانت عقاباً له على تلك الاتفاقية.
رد فعل الأوساط العراقية
في هذا الصدد، غرد الناشط العراقي على تويتر “حسن الحكيم” قائلاً: “والله عجيبة… الشرکات الصينية تقدم عرضاً مغرياً لإنشاء ميناء الفاو، وتعهدت بتسليم المشروع دون أن تأخذ فلساً، وإنما تستقطع التكاليف من ريع المشروع بعد عمله ولمدة 15 عاماً… فيحال إلی الشرکة الکورية التي قدمت عرضاً أغلی ومن دون إکماله، وتأخذ أمواله فورياً ونحن نعيش أزمةً ماليةً“.
كما كتب الناشط الإعلامي العراقي “نجاح محمد علي” على تويتر: إن “الأمريكيين هددوا حكومة مصطفى الكاظمي الحالية بأن مصيرها سيكون كمصير حكومة عادل عبد المهدي، في حال لم يتم التعاقد مع شركة دايو الكورية“.
کذلك انتقد “حيدر القريشي” وهو ناشط على تويتر، “زيد عبد الوهاب الأعظمي “عضو قناة “دجلة” الفضائية، وقال: إن “بوق دجلة الداعشية يستنكر رفض العراقيين بيع الكاظمي لميناء الفاو، ونسي أن أسياده الخلايجة أبرموا عشرات الاتفاقيات مع الصين لتطوير دولهم“.
العرقلة الأمريکية
بدوره قال المحلل السياسي العراقي “كامل البياتي” لموقع “المعلومة”، إن “كوريا الجنوبية تحت السيطرة الأمريكية، وواشنطن تقف وراء طلب الشركة الكورية زيادة قيمة العقد“.
وأكد أنه في حالة فشل الإدارة الأمريكية في إشراك الشركات الأمريكية في مشروع إعادة إعمار ميناء الفاو، فإنها ستدخل في عملية وضع العراقيل، أو تسعى للحصول على حصتها من خلال زيادة مبلغ العقد مع الشركة الكورية.
وانتقد البياتي صمت الحكومة العراقية وتقاعسها عن الموضوع وسير المشروع، قائلاً إنه إذا لم تتخذ بغداد موقفاً واضحاً من إبرام العقود مع الشركات الأجنبية لإكمال المشروع، فإن فشل المشروع لن يفيد إلا الدول الخليجية، التي تعدّ حليفةً لأمريكا وتعمل لخدمة مصالحها الاقتصادية.
کما دعت عضو هيئة الشفافية في مجلس النواب العراقي “عالية نصيف“، الحكومة العراقية إلى الجدية في استكمال مشروع ميناء الفاو، ووضع حدّ للضغوط الأجنبية والخليجية على المشروع.
وأضافت: إن الاقتراح الصيني لاستكمال مشروع إعادة إعمار وتطوير ميناء الفاو مهم. ويعاني العراق حالياً من ضغوط خارجية من الدول الخليجية، التي تهدف إلى إفشال مشروع إعمار وتطوير ميناء الفاو الكبير بأي طريقة ممكنة.
وأوضحت أن “عائدات ميناء الفاو تساوي عائدات النفط العراقي، وتخلق مليون فرصة عمل فضلاً عن إيجاد مئات المصانع وعشرات فرص الاستثمار الأجنبي“.
من جهة أخرى، قالت “زهرة البجاري” عضو لجنة الطاقة في مجلس النواب العراقي: إن “بعض دول المنطقة تتجه نحو إغلاق مشروع ميناء الفاو. يعدّ تنفيذ مشروع ميناء الفاو من سبل إنقاذ الاقتصاد العراقي. وهذا هو السبيل الوحيد لنقل العراق من الاعتماد الكامل على النفط إلى مصدر اقتصادي آخر“.
وأضافت: “أصبح النفط مصدر قلق للاقتصاد العراقي بسبب تراجع الصادرات وتقلبات الأسعار، ولا يمكن الاعتماد عليه، ولا يوجد مخرج للعراق في الوقت الحالي غير ميناء الفاو، وهذا يتطلب اهتماماً جاداً بهذا المشروع“.