الوقت- ليس خفياً على أحد أن السعودية بدأت تتجه نحو تحسين العلاقات مع الحكومة السورية منذ وقت ليس بالقريب، ويعود ذلك لعدة اعتبارات، لا شك بأن صمود سوريا وقدرتها على القضاء على الارهاب احداها، اضافة إلى سلسلة من المتغيرات الدولية التي تشهدها المنطقة.
مؤخراً قال وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله، إن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة في سوريا وفقا للقرار الدولي رقم 2254 والقرارات الدولية ذات الصلة.
وجاء تصريح الوزير خلال مشاركته، الاثنين، في الاجتماع الوزاري حول سوريا في العاصمة الإيطالية روما.
هناك تغيرات واضحة بالسياسة السعودية تجاه سوريا، بعد أن كانت الرياض من أكثر الداعمين للمعارضة المسلحة السورية، وأمدتها بكل ما تريد لاسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الاسد، ومع ذلك فشلت رغم كل الاموال التي ضختها في سوريا للاطاحة به، وبعد أن فشلت المعارضة على المستوى السياسي والعسكري، وبعد ان فشلت السعودية في سياستها الخارجية في المنطقة، اتجهت المملكة نحو تعديل سياستها الخارجية، إن كان مع سوريا أو حتى مع ايران وقطر، لأنها أدركت أن سياستها الاقصائية والهجومية لن تحقق لها اي مصلحة في المنطقة، وستخرجها من جميع التوازنات السياسية في الشرق الاوسط، وهذا ما حصل في الحقيقة.
حاليا ووسط التحولات الكبرى التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يسعى ولي عهد السعودية لاستعادة التحالف التقليدي بين الرياض ودمشق، وعادت الأنباء مؤخراً تتحدث عن اتصالات متبادلة بين السعودية وسوريا، في سياق ما اعتُبر بوادر تحسن طفيف في العلاقات بين الرياض ودمشق التي شهدت توتراً على خلفية أحداث الثورة السورية في 2011، تراجعت حدته كثيراً في السنوات القليلة الماضية.
وذكرت بثينة شعبان، المستشارة السياسية للرئيس السوري بشار الأسد، في تصريحات لإذاعة (شام أف أم)، الأربعاء 26 مايو (أيار) أن جهوداً تُبذل لتحسين العلاقات مع السعودية وأنها قد تأتي بنتائج إيجابية قريباً.
وقالت شعبان للاذاعة المحلية، “إن زيارة وزير السياحة السوري إلى الرياض هذا الأسبوع لم تكن ممكنة في السنوات الماضية وإنها خطوة إيجابية”.
لم يتوقف الامر عند هذا، اذ أرسلت السعودية رئيس جهازها الاستخباري إلى دمشق، في زيارة غير معلنة، كما استقبلت وزير السياحة السوري مؤخراً في الرياض للمشاركة في اجتماع دولي.
في الرابع من أيار/ مايو، كشف مراسل صحيفة “الغارديان” البريطانية في الشرق الأوسط مارتن شولوف أن رئيس المخابرات السعودية سافر إلى دمشق للقاء نظيره السوري، في أول اجتماع معروف من نوعه منذ اندلاع الحرب السورية قبل نحو عقد من الزمن.
واعتبر شولوف أن الاجتماع الذي عُقد في العاصمة السورية في الثالث من أيار/مايو هو مقدمة لانفراج وشيك في العلاقة بين خصمين إقليميين كانا على خلاف طوال العقد الماضي.
ونقل عن مسؤول سعودي طلب عدم الكشف عن هويته قوله إن هذا التقارب “كان مخططاً له منذ وقت طويل، ولكن لم تتحرك الأمور”، مضيفاً: “تغيّرت مجريات الأمور إقليمياً ما سمح بهذه الخطوة الافتتاحية”.
لم يكن اللقاء بين مسؤولين صغار. فقد قاد الوفد السعودي رئيس إدارة المخابرات العامة في البلاد اللواء خالد حميدان، واستقبله نظيره السوري الجنرال علي مملوك.
لقد حظيت زيارة الوفد الأمني إلى دمشق، بتغطيةٍ إخبارية كبيرة، وأثار خبر اللقاء الذي كشفت عنه حصرياً صحيفة “رأي اليوم” حول لقاء رئيس المخابرات السعودية مع الرئيس السوري بشار الأسد تساؤلات حول توقيت هذه الخطوة ومغزاها.
ويشير المقال إلى أن العادة جرت على ألا يُعلن رسمياً عن هذا النوع من الزيارات الأمنية السرية، ومن ثمَّ تظل التقارير الإعلامية حول هذه الزيارة أو تلك غير مؤكدة. لكن في هذه الحالة، أصدر السفير السوري في لبنان بياناً إيجابياً حول هذا الموضوع، وهو أمرٌ تجنبه معظم المسؤولين السوريين منذ قطع العلاقات الدبلوماسية الثنائية في بداية الحرب التي أعقبت الأزمة في سوريا.
في الحقيقة إن المتغيرات الأخيرة في الشرق الاوسط، فرضت على السعودية ضرورة إعادة النظر بسياساتها السابقة في مواجهة ايران وسورية، الأمر الذي استدعى ان طلبت السعودية من رئيس وزراء العراق الكاظمي أن يتوسط لها مع ايران وإعلان رغبتها العودة وقد تحقق ذلك بالمحادثات السعودية الإيرانية في بغداد وقد تم الاتفاق بينهما على أن تغير السعودية سياساتها تجاه اليمن وسورية.
لذلك جاءت الخطوة السعودية نحو دمشق بأن أرسلت وفدًا رسميًا سعوديًا بقيادة رئيس المخابرات السعودية الفريق خالد حميدان الى دمشق والتقى مع الرئيس بشار الأسد ونائبه للشؤون الأمنية اللواء علي المملوك.
السؤال الذي يطرح نفسه ما أثر ذلك على المنطقة العربية خصوصاً والشرق الأوسط عمومًا؟
استقرار المنطقة من خلال المشاركة السعودية مع سورية والعراق ومصر والأردن لمواجهة ومحارية الإرهاب والإرهابين ويتحقق بذلك المصلحة لكل دولة.
اعتراف سعودية بخطأ سياساتها السابقة وعدم قدرتها على الإطاحة بالسلطة الشرعية والمشروعة في دمشق.
ضرورة إعادة النظر نحو كامل المنطقة العربية وتوسيع محور السعودية العراق سورية مصر الأردن، الأمر الذي سيفرض على تركيا إعادة النظر بموقفها.
ضرورة تطوير التنمية العربية والتي تستدعي علاقات إيجابية.
إغاظة أعداء الأمة العربية بعودة التنسيق العربي.
وبالنتيجة فان الدولة السورية ستعيد الى جامعة الدول العربية النفس القومي والنهج العروبي كشريك أساسي في ترتيب وإعادة صياغة المنطقة.