الوقت- بعد أسبوع من إعلان النتائج المفاجئة للانتخابات النيابية العراقية، تسبب عدم الرضا عن العملية والنتائج في ارتباك وقلق بين قادة الأحزاب والتيارات السياسية لبدء عملية تشكيل الحكومة المقبلة. تستغل المجموعات السياسية الرئيسية الشيعية غير الراضية عن نتائج الانتخابات في مجلس النواب منصة “لجنة التنسيق الشيعية” لتوحيد مواقفها حتى يكون لها صوت أقوى للتأثير على مسار التطورات السياسية. وفي هذا الصدد، أعلنت اللجنة، منتصف الأسبوع الماضي، أنها لن تشارك في أي مفاوضات ومحادثات حول تشكيل الحكومة حتى يتم تحديد نتائج الانتخابات.
والجدير بالذكر أن البيت الشيعي أو الإطار التنسيقي للقوى السياسية الشيعية العراقية يضم التيارات الشيعية العراقية والجماعات السياسية، باستثناء “التيار الصدري” بزعامة “مقتدى الصدر”. الآن يبدو أن حياة الإطار التنسيقي الشيعي، رغم طبيعة أهدافه التأسيسية لفترة ما قبل الانتخابات، إلا أننا يجب أن نستمر في رؤية نشاط وأهمية هذا البرنامج السياسي في عملية التحول حتى تشكيل مجلس الوزراء المقبل، لا سيما العدد الكلي للمقاعد، ويمتلك الحاضرون في اللجنة التوازن اللازم مقابل تيار الصدر.
وهذا يبعث رسائل واضحة حول مدى تعقيد عملية تشكيل الحكومة وإمكانية إطالة أمد تشكيل الحكومة الجديدة؛ السؤال الآن هو ما إذا كان الانسحاب من المحادثات سيكون علامة على عدم الرضا التام عن نتائج الانتخابات ومحاولة لإلغاء النتائج، أو انه إجراء مؤقت لمزيد من البحث في شروط وأدوات الضغط لتهدئة الميول الاحتكارية للتيار الصدري الفائز. قال أحد الشركاء من تحالف الفتح: “غالبية الشركاء لا يجدون طريقة للتغلب على الأزمة الانتخابية، لكنهم يرفضونها بأي شكل من الأشكال (…) إذا فشلت الطريقة القانونية والشعبية، سيكون لدينا خطة طويلة المدى”. وهذا يعني أن العراق ينتقل من مرحلة الصدمة إلى متاهة الأفق الغامض بعد إعلان نتائج الانتخابات.
ثانيًا، هل يمكن أن يؤدي الاتفاق على عدم الرضا عن النتائج إلى محاولة تشكيل كتلة مستقلة للسلطة بعدد كافٍ من الأصوات لتشكيل الحكومة؟ وفي هذا الصدد، قال محمد الصيهود، عضو دولة القانون، إن التحالف يمكنه التحالف مع عدد من الكتل الشيعية المستقلة ويشكل الكتلة البرلمانية الأكبر ثم يتفق مع الأكراد والسنة على تشكيل الحكومة.
أشار الدستور العراقي لعام 2005 إلى منح حق تشكيل الحكومة للفصيل البرلماني الأكثر عددًا، كما ورد في المادة 76 (1): “يرشح الرئيس الفصيل البرلماني الأكثر عددًا لتشكيل الحكومة”. وعليه فإن معيار تشكيل الحكومة هو الحصول على أغلبية النواب، والتي ستحدد في الجلسة الأولى لمجلس النواب، وليس التيار الصدري الذي يتصدر نتائج الانتخابات وله عدد المقاعد الأكبر حاليا. في مثل هذه الحالة، يمكننا التحدث عن ثلاثة سيناريوهات لائتلافات محتملة لتشكيل الحكومة.
السيناريو الأول، الذي يبدو أنه السيناريو الأكثر وضوحًا، يشير إلى التحالف بين الفائزين في الانتخابات. وبحسب هذا السيناريو، فإن التيارات الكبرى المنتصرة في الانتخابات، بما في ذلك الصدر والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي والحلبوسي، ستشكل فصيل الأغلبية في البرلمان المقبل. على الرغم من أن هذا السيناريو تعززه الميول الإيجابية لهذه التيارات في السياسة الداخلية، إلا أنه لا يزال يشوبه حالة من الغموض. في مقابلة مع “اندبندت العربية”، قال عصام حسين، عضو التيار الصدري، إنه تم تشكيل لجنة تفاوض في عهد الصدر لكنها لم تجتمع مع أي فصيل أو حزب، وأنه لا توجد مؤشرات على وجود تحالف في الوقت الحالي.
السيناريو الثاني يقوم على إمكانية مسار جديد مع مزيج من القوى السياسية الشيعية والسنية والكردية، ويضم ذلك دولة القانون، وباقي القوى الشيعية، والسنة، والاتحاد الوطني أو الجيل الجديد (من الأكراد) في تحالف مستقل عن الصدريين. ويبدو هذا السيناريو غير مهم لأسباب مثل احتمال حدوث توترات في المشهد السياسي العراقي بسبب قوة التيار الصدري وشعبيته، ولكن بالنظر إلى إمكاناته (مثل التصويت على عدم المشاركة في محادثات مجلس الوزراء) فقد يستطيع التأثير.
في حين يشير السيناريو الثالث إلى دخول مقتدى الصدر قسراً في حكومة ائتلافية واسعة بتشكيل “كتلة كبرى” في البرلمان. هذا السيناريو ليس سهلاً أيضًا، حيث يسعى الصدر إلى تقديم صورة تحولية للحكومة العراقية المستقبلية بعد فوزه في الانتخابات، ويرى التحالف مع القوى التقليدية بمثابة ضربة لقاعدته الانتخابية.
في هذه الحالة، علينا أن ننتظر ونرى في أي اتجاه من السيناريوهات الحالية ستتحرك التطورات المضطربة المستقبلية؛ مفاجآت جديدة أم تحالفات محتملة؟ اضطراب أم استقرار؟