المنهج الجديد في تربية الطفل
November 5, 2021
بحوث اسلامية
1,500 Views
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين, المربّي الحقيقيّ للبشر، الذي أعطى كلّ شيء خلقه ثم هدى، والصلاة والسلام على رسوله وأهل بيته عليهم السلام الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، فكانوا مدرسة تربوية نموذجية للناس أجمعين.
يتميّز الإنسان عن باقي الكائنات المشاركة له في وحدة الحياة بأنه كائنٌ يمتلك قابليّة التغيّر واستعداد الانتقال من حال إلى حال، كائنٌ قادر على صناعة هويّته وتشكيل شخصيّته بالإرادة الحرّة والاختيار، فهو بالمشيئة – وفق تعبير القرآن الكريم[1]-، أي يستطيع أن يتقدّم ويعرج في مراتب الكمال ليصير كالملائكة، أو أن يتأخّر ويتسافل في درجات النقص ليصبح كالأنعام بل أضلّ سبيلاً. فالإنسان يعيش بين الكينونة والصيرورة، فهو بما هو كائن بالفعل غيره بما يُمكنه أن يكون بالقوّة، وهذا ما أشار إليه الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله: “إن الله عزّ وجلّ ركَّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركّب في البهائم شهوة بلا عقل، وركّب في بني آدم كليهما، فمن غلب عقله شهوته فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته عقله فهو شرّ من البهائم”[2].
وهذا السلوك الاختياريّ للإنسان تجاه الكمال الملائكيّ أو النقص البهائميّ، يخضع لجملة عوامل ومؤثّرات، منها طبيعة النظام والمؤسّسات في الدولة التي يعيش فيها الإنسان، والبيئة المجتمعية المحيطة به، وخصائص البيت الأسريّ الذي ينمو فيه، والمدرسة التي
يتعلّم فيها، والجمعيات الكشفية أو الأندية الرياضية التي ينتسب إليها، والمكتسبات التي تنتقل إليه عن طريق الوراثة، والنماذج السلوكية التي يُحاكيها ويُقلّدها، وإمبراطورية الإعلام وشبكات وسائل التواصل والاتّصال (التلفزيون والسينما وأفلام الكرتون – الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعيّ – الألعاب الإلكترونية – برامج الهاتف-الإعلانات والدعايات…). وكلّ هذه العوامل والمؤثّرات تندرج تحت كلّية مفهوم التربية بالمعنى الأعمّ، أي تنشئة وتنمية استعدادات الإنسان شيئاً فشيئاً في جميع جوانب شخصيّته. والتربية بهذا المعنى قابلة للتحرّك، إمّا بهذا الاتّجاه لتبلغ حدّ الكمال أو ذاك لتنزل إلى حدّ النقص. والبوصلة التي تُحدّد خطّ سير التربية هي الفلسفة والرؤية الكونية والمنظومة القيمية والمفاهيم الحقوقية والتشريعية التي ينتمي إليها المربّي. وانطلاقاً من عقيدتنا الدينية عن الله والكون والإنسان والحياة، يُعتبر القرآن الكريم وسنّة المعصومين عليهم السلام المصدرين الأساسين اللذين نستمدّ منهما المنهاج التربويّ الأفضل لاستكمال شخصية أطفالنا وأبنائنا وبناتنا في جميع جوانب هويّتهم وساحاتها وأبعادها، خصوصاً أنّ التجربة النبوية في تربية الإنسان من أكثر التجارب نضوجاً ورشداً في إيصال الإنسان إلى الهدف المنشود الذي يتناسب مع كمال طبيعته البشرية. وفي هذا السياق يقول الإمام الخمينيّ قدس سره: “إذا كان لكلّ علم موضوع، فإنّ علم جميع الأنبياء هو الإنسان، فالإنسان هو موضوع بحث جميع الأنبياء، وموضوع تربيتهم”.
وعليه، مهما شرّق الإنسان أو غرّب في المدارس التربوية الحديثة والمعاصرة أو وجهات نظر المتخصّصين في ميدان التنظير التربويّ، مع ما فيها من الآراء المهمّة والنظريات المبتكرة, لن يجد علماً صحيحاً كالذي يخرج عن المصدر الوحيانيّ[3].
وهذه هي وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأمة، حيث يقول صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، فتمسّكوا بهما لئلّا تضلّوا”[4]. فمن ترك كتاب الله تعالى والنبيّ وأهل بيته عليهم السلام لا يمكن أن يصل إلى نتائج معرفية مشرقة ومضيئة في أيّ مجال من مجالات علوم الإنسان،
فعن الإمام الكاظم عليه السلام، قال: “من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيّه ضلّ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيّه كفر”[5].
وفي هذا السياق، نُلاحظ أنّ الإمام القائد السّيد عليّ الخامنئيّ دام ظله يؤكّد في مناسبات كثيرة على العمل التأصيليّ لنظريات تتعلّق بحقل دراسة الإنسان كعلم النفس والاجتماع والتربية وغيرها في ضوء المباني الوحيانية والتصوّر القرآنيّ، حيث يقول: “العلوم الإنسانية الغربية تبتني على رؤية كونية مادّية متعارضة مع المباني القرآنية والإسلامية. إنّنا نقوم بتدريس هذه العلوم الإنسانية في الأقسام المختلفة لجامعاتنا، وننشرها على شكل ترجمات من دون أن نُعمِل أي بحث فكريّ إسلاميّ فيها، مع أنّه يجب تحرّي المهمّة في البحث عن مباني العلوم الإنسانية في القرآن الكريم واستخراجها”.
وهذا لا يعني – من وجهة نظر الإمام الخامنئيّ- إغفال الاستفادة من منجزات التجربة المعرفية الغربية في علوم الإنسان، يقول دام ظله: “أنا أُظهر حساسية تجاه قضايا العلوم الإنسانية، لم نقل إنه لا ينبغي أن نستفيد بأي شكل من الأشكال من معارف الغربيين التي يوجد فيها الكثير من الطفرات عبر قرون عدّة في مجالات العلوم الإنسانية المختلفة أو أن لا نقرأ كتبهم، لكن ما نقوله هو أن لا تُقلّدوا…“[6].
ويعتبر سماحته أنّ “جميع التحرّكات الطلائعية في المجتمع هي الجسد، والعلوم الإنسانية هي روح هذا الجسد، وأنّ العلوم الإنسانية توجّه السير، وتُحدّد الاتّجاه الذي نتحرّك نحوه، والهدف الذي يسعى إليه علمنا. وعندما تنحرف العلوم الإنسانية وتقوم على أسس ورؤى كونية خاطئة تكون النتيجة أنّ جميع تحرّكات المجتمع تتّجه نحو نزعة منحرفة“[7].
وانطلاقاً من أهمّية وخطورة علم التربية في خارطة علوم الإنسان من جهة، ومن ضرورة أن تكون تربيتنا منسجمة مع الرؤية الكونية الوحيانية كما دعا الإمام الخامنئيّ، كان هذا الكتاب “المنهج الجديد في تربية الطفل، الرؤية الإسلامية للأبعاد والميادين“، دراسة تأصيلية، تهدف إلى توضيح المعالم العامة للمنهاج التربويّ الإسلاميّ في خطّ علاقة
المربّي مع الطفل المتربّي، من خلال استنطاق النصّ الدينيّ – القرآن والسنّة – في ضوء فهم علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام، لتكون حياتنا التربوية مع أطفالنا تعيش حالة التوفيق بين السلوك التربويّ من جهة والعقيدة والقيم والشريعة الإسلامية.
واعتقاداً منّا بأهمّية تفعيل العلاقة الجدلية بين النص الوحيانيّ وتجربة الواقع في الإنتاج المعرفيّ الإسلاميّ -كما هي دعوة الإمام الخامنئيّ دام ظله وأشار إليها الشهيد السيد محمد باقر الصدر قدس سره في كتاب المدرسة القرآنية-تمّ الأخذ بعين الاعتبار المنجزات التربوية للتجربة البشرية التي سجّلتها يد المتخصّصين والباحثين في حقل التربية وميادينها، فلم يتمّ إغفال النظريات التربوية المعاصرة من الحضور في طيّات أبحاث الكتاب، لأنّ “العالِم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس”[8]، على حدّ تعبير الإمام جعفر الصادق عليه السلام.
وقد انعكست هذه النقطة أي النظر إلى معطيات الوحي الإلهيّ ومنجزات التجربة التربوية البشرية على الكتاب منهجاً وأسلوباً وشكلاً ومضموناً، أي من حيث أسلوب الكتابة ولغة التعبير الغنية بالمصطلحات العلمية، ومن حيث المنهج المشحون بالروح الاستدلالية والتحقيقية، أو مضمون الأفكار الحافل بمقدّمات مطويّة (تدرس في أصول الفقه، وعلم الفقه الاستدلاليّ، وقواعد اللغة العربية، وعلم الكلام، والفلسفة والمنطق…) التي من المفترض أن يكون الطالب/ الطالبة قد قطع شوطاً معها في الحلقات الدراسية السابقة، خصوصاً أنّ الجهة المستهدَفة بالكتاب هي المرحلة التخصّصية، لذا قد يجد الطالب نفسه معنياً ببذل جهد شخصيّ – بالإضافة إلى شرح الأستاذ- في فهم مطالب الكتاب ومباحثه.
ولكون الكتاب قد أكثر من النصوص الوحيانية في استدلالاته، نُشير إلى أنّنا اعتمدنا في تخريج الروايات على منهج التحقيب التاريخيّ للموسوعات الحديثية، بمعنى أنّه تمّ اللجوء إلى المصادر الروائية بحسب تسلسلها التاريخيّ، فإنْ عثرنا على الروايات في كتب القدماء كالشيخ الكلينيّ والصدوق والطوسي…، استندنا إليها، وهكذا نتحرّك تدريجياً حسب التسلسل التاريخيّ صعوداً وصولاً إلى كتب وسائل الشيعة وبحار الأنوار والوافي وجامع أحاديث الشيعة… إلخ.
كما أنّ كون الحصة الدراسية لها سقف زمنيّ محدّد، حال دون التوقّف بالشرح والتحليل والدراسة المقارنة والتفصيلية للعديد من متون الروايات مع كثرتها، ممّا ترك أيضاً مساحة يتحرّك فيها الأستاذ والطالب مع فقه الحديث، لاستخراج الكنوز المعرفية من البحر الواسع لعلوم المعصومين عليهم السلام.
ونُشير في الخاتمة، إلى أنّنا قد أكملنا مباحث هذا الكتاب بكتابٍ ثانٍ، نُعالج فيه التربيات المضافة، ونُسلّط الضوء فيه على الأبعاد والساحات التي تجري فيها العمليات التربوية، بالإضافة إلى الأساليب العامة للتربية، مثل: التربية باللعب، التربية بالحبّ والرحمة، التربية بالعقوبة، التربية بالثواب، التربية الاقتصادية، التربية الصحية، التربية الرياضية، التربية الجنسية…
وأخيراً، ندعو الله تعالى أن ينفع بيئتنا التربوية ومؤسّساتنا التعليمية خصوصاً التخصّصية منها بهذا الجهد المتواضع، سائلين إيّاه عزّ وجلّ أن يمنّ على مجتمعاتنا بالمزيد من الإنتاج المعرفيّ الأصيل فيما يتعلّق بميادين العلوم الإنسانية.
والحمد لله رب العالمين
مركز نون للتأليف والترجمة
الفصل الأول: تربية الطفل
المفهوم – الهدف
-
الدرس الأوّل: مفهوم تربية الطفل على ضوء تحليل الشبكة المعنائية.
-
الدرس الثاني: مفهوم تربية الطفل في العلوم التربوية المعاصرة.
-
الدرس الثالث: هدف تربية الطفل.
الدرس الأول: مفهوم تربية الطفل في ضوء تحليل الشبكة المعنائية
أهداف الدرس
على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:
1- يُعرِّف التربية لغةً ومن وجهة نظر العلماء المسلمين.
2- يعرض مرادفات التربية ويُحلّل الشبكة المعنائية لها.
3- يقدر على التعريف الاصطلاحيّ لتربية الطفل.
تمهيد
نظراً لتعدُّد الآراء ووجهات النظر في تعريف مفردة التربية من جهة[9]، ولكون تعريف المصطلحات ليس أمراً حيادياً بل هو انعكاس للنظام المعرفيّ والعقائديّ والقيميّ الذي ينتمي إليه الباحث[10] من جهة ثانية، ومن باب تحديد المبادئ التصوّرية كان لا بدّ من الجواب عن السؤال التّالي: ما هي التربية؟ لتبنّي وجهة نظر خاصة حول مفهومها.
معنى التربية في اللغة
طُرحت في معنى التربية ومصدريّتها في اللغة العربية عدّة احتمالات:
الأول: أن تكون مصدراً من: رَبَا الشّيءُ، بمعنى: زاد ونما[11]، وارتفع وعلا[12].
الثاني: من ربَّ يرُبُّه ربّاً: مَلَكَه[13].
وقد تبنّى خسرو باقري[14] في كتبه هذا الاحتمال، آخذاً معنى التربية من مادة (ر ب ب) التي تنطوي على عنصرين معنائيين: المالكية والتدبير، ليستفيد تالياً – كما سيأتي في الدرس الثاني – من تبنّي وجهة النظر هذه في التعريف الاصطلاحيّ للتربية اتّكاءً على مفهوم الربوبية لا مفهوم النموّ والزيادة.
والثالث: رَبَوْتُ في بَني فلان أَرْبُو نَشَأْتُ فيهِم[15]. ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “ربيت في بني سعد بن بكر”[16].
وقد تبنّى العديد من فقهاء اللغة هذا الرأي، يقول ابن سيده في معنى الربّ: “أصله في الاشتقاق من التَّرْبية، وهي التَّنْشِئة،… وقيل للمالك رَبّ لأنّه يملك تَنْشِئةَ المَرْبُوب… ومنه ربّان السفينة لأنّه ينشِئُ تدبيرها ويقوم عليها…”[17].
وقفة مع المعاني اللغوية لمفردة التربية
1- نشأ بمعنى رَبَا: يأتي فعل نشأ بمعنى: ربا وشَبّ[18]. ونَشَأَ: ارتفع وسما[19]. وبناءً عليه، لا يختلف الاحتمال الثالث عن الأول من حيث المعنى.
2- مادة: ر ب ب: يظهر بالاستقراء من أغلب فقهاء اللغة أنّ أصل مفردة ربّ لغة بالمعنى المطابقيّ: إصلاح الشيء والقيام عليه[20]، وبمعنى: الحفظ والرعاية للشيء[21]… ودلالتها على معنى الملك التزامية، حيث “سُمّي به المالك لأنّه يحفظ ما يملكه”[22].
استقراء تعريف التربية عند العلماء المسلمين
– قال الشيخ محمد بن الحسن الطوسيّ (385-460هـ): “الربّ وأصله التربية، وهي: تنشئة الشيء حالاً بعد حال حتى يصير إلى الكمال”[23].
– وقال الملا محمد صالح المازندراني (ت 1086هـ): “الربّ في الأصل مصدر بمعنى التربية: وهي تبليغ الشيء من حدّ النقص إلى حدّ الكمال على سبيل التدريج“[24].
– وقال محمود الآلوسي (1217-1270هـ): “الربّ في الأصل مصدر بمعنى التربية: وهي تبليغ الشيء إلى كماله بحسب استعداده الأزليّ شيئاً فشيئاً“[25].
– وقال السيد حسين البروجردي: “التربية: تبليغ الشيء إلى كماله أو حال أحسن من حاله، وبالجملة إلى كماله الحقيقيّ أو الإضافي شيئاً فشيئاً”[26].
ومن الواضح أنّ المعنى الجامع للتربية عندهم هو: إيصال المتربّي إلى كماله المستعدّ له بالتدريج.
التربية عند أفلاطون (427 – 347 ق.م)
هذا المعنى لمفردة التربية عند العلماء المسلمين مشابه ومقارب لما هو موجود في الفلسفة اليونانية عند أفلاطون، فقد اشتهر عنه تعريف التربية بأنّها: “إعطاء الجسم والروح كلّ ما يُمكن من الجمال وكلّ ما يُمكن من الكمال“[27].
الشبكة المعنائية لمفردة التربية
من جملة المناهج المعتمدة في التحليل اللغويّ لفهم الحقل الدلاليّ لمفردة أو كلمة مفتاحية ما، هو اعتماد طريقة الترادف والأشباه والنظائر، القائمة على الدراسة التحليلية للمفردة، من خلال البحث عن اللفظ المرادف – أو المرادفات – لها وتحديد معناها (كأن نبحث مثلاً عن كلمة التربية، فنجدها بمعنى: الحفظ)، ثم التفتيش عن مرادف المرادف،
(أي اللفظ المرادف لكلمة الحفظ، فنجدها بمعنى: الحراسة)، وهكذا يستمرّ البحث بشكل تسلسليّ… (فنبحث مثلاً عن مفردة الحراسة فنجدها بمعنى: المراقبة، والمراقبة بمعنى: النظارة… إلخ)، بهدف الوصول في المحصّلة إلى رسم خارطة المعاني المترادفة والعلاقات المترابطة فيما بينها، لمعرفة الشبكة المعنائية وصبّها في منظومة مفهومية واحدة، بحيث تُفيد هذه الشبكة المعنائية في الكشف عن المراد من المفهوم بشكل أوضح.
نموذج تطبيقيّ مختصر للمنهج
إذا بحثنا مثلاً في المعاجم اللغوية عن مادّة مفردة التربية، سنراها تأتي بمعنى:
– الحفظ، ومعنى الحفظ: الحراسة. والحراسة: المراقبة. والمراقبة: النظارة. والنظارة: الحماية، والحماية: الدفاع، والدفاع: المنع…
– وتأتي التربية بمعنى: الرعاية، والإحاطة.
والإحاطة: بمعنى الصيانة، والرعاية. والحفظ، والتعهّد… والصيانة: الكنّ (الستر) والحفظ. والصيانة: الوقاية. والوقاية: بمعنى: الصيانة، أي الستر من الأذى، والدفاع. والتعهّد: التحفّظ بالشيء وتجديد العهد به.
– التربية: التنمية، وهي: بمعنى الزيادة والارتفاع والإشراف من أعلى.
والإشراف: من الشرف بمعنى العلوّ والمكان المرتفع. وأشرفت: اطّلعت على الشيء من فوق.
– التربية: بمعنى التنشئة. والتنشئة: بمعنى الترقّي والتسامي والتعالي بالشيء.
– التربية: بمعنى الإصلاح، وأصلح الشيء: أقامه وأحسن إليه.
– التربية: بمعنى السياسة، والسياسة: القيام على الشيء بما يُصلحه.
– التربية: بمعنى الحضانة، احتمال الشيء وجعله في الحضن.
– التربية: بمعنى التغذية[28]، والغذاء: ما يكون به نماء الجسم وقوامه.
– التربية: بمعنى التنبيت والغرس[29]. والتنبيت: التغذية وحسن القيام على الشيء[30].
– التربية: بمعنى التأهيل[31]، والتهيئة للشيء[32].
… إلخ.
نتيجة تطبيق المنهج
وبهذا يتّضح أنّ مفردة التربية في اللغة العربية ذات حقل دلاليّ واسع، يتضمّن العديد من المعاني، ويشمل الكثير من المفاهيم، ممّا يعني أنّ العملية التربوية ليست ذات بعد واحد، ولا تتعلّق بجانب واحد من جوانب بناء شخصية الطفل، فالتربية هي مجموع عمليات مركّبة ومتشابكة ومتداخلة فيما بينها من أجل أن تصبّ في المحصّلة بخدمة هدف واحد، فالتربية حفظ ورعاية وصيانة وحماية وحراسة وتنمية وتغذية وحسن قيام وتأهيل وتهيئة وحضانة وسياسة وإصلاح وتنشئة ووقاية ودفاع وإحاطة… إلخ، ولو دقّقنا النظر في كلّ هذه المعاني لوجدنا بينها قاسماً مشتركاً ومعنى وحدانياً تلتقي عنده كلّ أجزاء الشبكة وعناصرها، وهو إيصال الشيء إلى كماله[33]. وقد أشار العلماء المسلمون في تعريفاتهم السابقة للتربية إلى هذا المعنى بشكل واضح، حيث عرّفوها بأنّها عبارة عن عملية: إيصال المتربّي إلى الكمال المستعدّ له في جميع جوانب شخصيّته.
مرادفات التربية في النصوص الدينية
هناك مفردات أخرى ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالشبكة المعنائية للتربية، ولكونها وردت في العديد من النصوص القرآنية والروائية، وتُستعمل كثيراً في علوم التربية والأخلاق والعرفان العمليّ، سنفردها بالحديث بنحو شديد الاختصار.
التربية والتزكية
أ- التزكية في القرآن: وردت مفردة التزكية بمادّتها في العديد من الآيات القرآنية، منها: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾[34].
ب- التزكية في اللغة: بمعنى النماء والزيادة[35]. والزكاة: التطهير. والزكاة: الصلاح. والزكاة: الارتفاع والعلو[36].
ج- معنى التزكية في الآيات: حمل المفسّرون معنى التزكية في الآية المذكورة وما يُشابهها على التطهير من الكفر والشرك والدنس والذنوب وخبائث الجاهلية وألوان التعلّقات الدنيوية… إلخ. قال السيد محمد حسين الطباطبائي: “التزكية تفعيل من الزكاة، بمعنى النموّ الصالح، الذي يلازم الخير والبركة، فتزكيته لهم تنميته لهم نماء صالحاً بتعويدهم الأخلاق الفاضلة والأعمال الصالحة، فيكملون بذلك في إنسانيّتهم فيستقيم حالهم في دنياهم وآخرتهم، يعيشون سعداء ويموتون سعداء”[37].
وباختصار التزكية هي: أن يفعل الإنسان كلّ ما يُصبح به هو أو غيره زكياً طاهراً صالحاً[38].
التربية والتطهير
1- التطهير في القرآن: وردت مادة (ط ه ر) في القرآن بهيئات مختلفة، منها قوله تعالى: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا﴾[39].
2- الطهارة في اللغة: بمعنى النقاء وزوال الدنس[40]. والنظافة والخلوص من الشائبات[41].
قال السيد الطباطبائي: “التطهير إزالة الأوساخ والقذارات من الشيء ليصفى وجوده ويستعدّ للنشوء والنماء وظهور آثاره وبركاته، والتزكية إنماؤه وإعطاء الرشد له بلحوق الخيرات وظهور البركات“[42]. وكأن الفرق بين التزكية والتطهير، أنّ الأولى تحلية بالكمالات والثانية تخلية عن النواقص.
التربية والتذكية
1- التذكية في الروايات: عن أمير المؤمنين عليه السلام: “اذكُ بالأدب قلبك“[43].
2- التذكية في اللغة: بمعنى التطهير، والتذكية بمعنى: شدّة وهج النار واشتعالها.
وقد فسّر متن الرواية السابقة بفهمين: الأول: ما ذكره الطريحي: أي طهّر قلبك ونظّفه عن الأدناس والرذائل[44]. والثاني: بمعنى نوّر بالأدب مع الله قلبك، لأنّ ضياء القلب واشتعال النور فيه يكون بسبب الأدب[45]، وهو الأصح، بقرينة ذيل الرواية: “اذك بالأدب قلبك كما تُذكّي النار بالحطب“.
التربية والتهذيب
1- التهذيب في الروايات: عن الإمام علي عليه السلام، قال: “ذروة الغايات لا ينالها إلا ذوو التهذيب والمجاهدات“[46].
– وعنه عليه السلام: “الاشتغال بتهذيب النفس أصلح“[47].
2- التهذيب في اللغة: تنقية الشيء ممّا يعيبه[48]، ليزيد نمواً وحسناً[49]. والتهذيب: إصلاح الشيء. والتهذيب: تطهير الأخلاق.
التربية والهداية
1- الهداية في القرآن: وردت بهيئات متعدّدة بكثرة، منها قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾[50]. ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ﴾[51].
2- الهداية في الروايات: عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “والله لأن يُهدَى بهداك رجلٌ واحد خير لك من حمر النعم”[52].
3- الهداية في اللغة: بمعنى الإرشاد، والدلالة على طريق الرشد، والدلالة على المطلوب بلطف، والإيصال إلى المطلوب[53]. قال السيد مصطفى الخميني: “إنّ المعروف تقسيم الهداية إلى:
أ- الهداية بمعنى إراءة الطريق.
ب- والهداية بمعنى الإيصال إلى المطلوب.
ولكنّه ليس من قبيل المعنيين لِلَّفظ الواحد، بل هذا تقسيم للمعنى الواحد”[54].
فالهداية إيصال إلى الكمال المطلوب، كما هو معنى التربية.
التربية والتعليم
1- التعليم في القرآن: وردت مفردة العلم بهيئات مختلفة بكثرة في النصوص الدينية القرآنية والروائية[55]، منها:
– التعليم الإلهيّ: ﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾[56]. ﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾[57].
– التعليم النبويّ: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾[58].
2- التعليم في اللغة العربية: على وزن تفعيل من العلم، والعلم إدراك الشيء بحقيقته[59]. والعلم بمعنى الشعور بالشيء[60]. والعلم المعرفة[61]. والعلم اليقين الذي لا يدخله احتمال[62]. والعلم الاعتقاد الراجح سواء أكان يقيناً أم ظنّاً[63].
والذي يظهر بالتتبّع لاستعمالات العلم أنّه صفة قائمة في النفس توجب انكشاف وظهور الشيء لها بشكل تام يتميّز به عن غيره بنحو لا يحتمل الخلاف. وبناءً عليه، يكون معنى التعليم: إعطاء العلم وإكسابه للآخرين بحيث يتمّ رفع الجهل عن أنفسهم، وقيل: التعليم يختصّ بما يكون بتكرير وتكثير حتّى يحصل منه أثر في نفس المتعلّم[64].
وبما أنّ الجهل نقص للنفس الإنسانية والعلم كمال لها، يكون التعليم من مصاديق التربية بجعل نفس المتعلِّم ترتفع وتتسامى من النقص إلى الكمال.
التربية والتأديب
1- التأديب في اللغة: مشتقّ من الأدب، وأصله: أن تجمع الناس إلى طعامك[65]. والأدب: ملكة تعصم من قامت به عمّا يشينه[66]. “والأدب اسم يقع على كلِّ رياضة محمودة يتخرّج بها الإنسان في فضيلة من الفضايل“[67].
2- التأديب في أحاديث النبيّ وروايات أهل البيت عليهم السلام: لم ترد مفردة الأدب والتأديب في القرآن الكريم، وجاءت في الأحاديث بكثرة.
– عن الإمام عليّ عليه السلام: “يا كميل، إنّ رسول الله أدّبه الله، وهو أدّبني، وأنا أؤدّب المؤمنين، وأورث الآداب المكرمين”[68].
– وعنه عليه السلام: “سبب تزكية الأخلاق حسن الأدب“[69].
– وعنه عليه السلام: “إنّ الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه على محبّته“[70].
ويظهر بشكل واضح من هذه النصوص أنّ متعلّق التأديب في الاستعمال الروائيّ وكذلك اللغويّ غير مختصّ بتهذيب الهيئة البدنية للإنسان بل يشمل الهيئات النفسانية من القيم والأخلاق والصفات الوجدانية كالحب[71]. وبهذا يظهر أنّ ما ذكره بعض العلماء من حصر معنى الأدب في السلوك والفعل والهيئة الحسنة دون الملكات الأخلاقية، ليس في محلّه[72].
فهذه المعاني بمجموعها تُشكّل منظومة مفهومية مترابطة فيما بينها ترسم لنا معالم سعة مفهوم التربية على الشكل التّالي:
الرأي المختار في تعريف التربية
إنّ اختيار تعريف معيّن للتربية يتوقّف على معالجة العديد من المقدّمات المطوية التي سيتمّ عرضها خلال دروس الكتاب، فهو إن كان متأخّراً عنها ثبوتاً لكن نُقدِّمه عليها إثباتاً لضرورات تتعلّق بمنهجية البحث، فنقول في تعريف التربية بأنّها:
قيام وليّ الطفل أو المأذون له من قِبَله، قولاً وعملاً، بصناعة[73] هوية الطفل (شخصيّته)، أو تنمية استعداداته وقابليّاته الخاصّة، في جميع جوانبها (البدنية، القلبية، والعقلية)، وبمختلف الأبعاد الحياتية (الاجتماعية، الاقتصادية، السياسية، و…[74])، بهدف إيصاله إلى كماله (الحقيقيّ أو الإضافيّ) المتوجّه إليه، بشكل تدريجيّ، وبنحو مستدام، من خلال اعتماد مجموعة من الأصول والأساليب والتقنيات، المستخرجة من المصادر الإسلامية أو المنسجمة معها.
التربية وعلم الأخلاق
بعد أن اتّضح معنى التربية، يظهر الفرق بين التربية وعلم الأخلاق، فعلم الأخلاق يهدف إلى تكميل الملكات النفسانية التي تصدر عنها الأفعال الحسنة والجميلة[75].
وبعبارة مختصرة وظيفة علم الأخلاق بناء المحتوى الداخليّ الروحيّ للإنسان، فمركز نظره على جانب من جوانب شخصية الطفل، ولا علاقة له بالجوانب الأخرى كمهارات التفكير، والرياضة البدنية، والسلامة الجسدية، وإعطاء المعرفة، وبناء العقيدة… إلخ. بينما التربية هي تنمية لكافة جوانب شخصية الطفل وأبعادها الحياتية.
المفاهيم الرئيسة
– التربية لغةً من فعل ربا، بمعنى نما وعلا وسما.
– التربية في اصطلاح العلماء المسلمين هي: تنشئة الشيء حالاً بعد حال بالتدريج من حدّ النقص إلى حدّ الكمال.
– يقوم منهج الترادف والتناظر لمعرفة الشبكة المعنائية لأيّ مفردة على أساس البحث عن معناها لمعرفة مرادفها، ثم البحث عن المرادف، ومرادف المرادف، وهكذا، ومن ضمن عناصر الشبكة المعنائية للتربية: التنمية، التنشئة، التسامي، الحراسة، الرعاية، الحضانة، الإصلاح، الحماية، الصيانة، التأهيل، الإرشاد، الإشراف، التغذية…
– يُفيد المفهوم الجامع لعناصر الشبكة المعنائية للتربية أنّها بمعنى إيصال المتربّي إلى الكمال المستعدّ له في جميع جوانب شخصيّته.
– تتضمّن مفردة التربية أو تترادف مع عدّة معانٍ ذُكرت في النصوص الدينية، مثل: التعليم، التزكية، التهذيب، التذكية، الهداية، التأديب، التطهير، المجاهدة…
– تمتاز التربية عن علم الأخلاق، بأنّ التربية تشمل كلّ جوانب شخصية الإنسان، أمّا علم الأخلاق فيختصّ بجانب تنمية وبناء الملكات النفسية الفاضلة.
– نقصد بتربية الطفل باختصار: قيام وليّ الطفل بتنمية استعدادات الطفل وصناعة هويّته في جميع جوانبها، بهدف إيصاله إلى الكمال المستعدّ له بنحو تدريجيّ.
أسئلة الدرس
1- برأيك هل يُمكن اعتبار تعريف المصطلحات والمفاهيم أمراً حيادياً أم هو تابع للمدرسة الفلسفية والمنظومة المفاهيمية والقيمية التي ينتمي إليها الباحث؟ اضرب مثلاً على ذلك.
2- هل الانتقال بالإنسان من حدّ الكمال إلى النقص يعتبر تربية حقيقة؟ علِّل ذلك.
3- هناك مصطلحات أخرى غير التي ذُكرت في الدرس ترتبط بالشبكة المعنائية للتربية في اللغة العربية، مثل: (الرياضة، التبليغ، الدعوة، التبشير) اعطِ أمثلة من النصوص الدينية عليها، وبيّن علاقتها بالتربية.
4- هل توافق على أنّ مفردة التأديب في اللغة العربية مختصّة بتربية الهيئة البدنية والأفعال السلوكية للإنسان، أم تشمل الأبعاد الأخرى المعرفية والنفسية والعاطفية…؟ اذكر شواهد على رأيك من النصوص الروائية.
5- ما هو الفرق بين التربية وعلم الأخلاق من وجهة نظرك؟
[1] قال تعالى: ﴿لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ سورة المدثر, الآية 37. وقال تعالى: ﴿فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ سورة الكهف, الآية 29، وغيرهما من الآيات الكثيرة.
[2] الصدوق، محمد بن علي، علل الشرائع، ص5. ويقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ سورة الأعراف, الآية 179.
[3] كما قال الإمام أبو جعفر محمد الباقر عليه السلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عيينة: “شرّقا أو غرّبا لن تجدا علماً صحيحاً إلا شيئاً خرج من عندنا أهل البيت”. الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال، ج2، ص469.
[4] الصدوق، محمد بن علي، كمال الدين وتمام النعمة، ص324.
[5] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص56.
[6] خطاب الولي 2011، مركز نون للتأليف والترجمة، ط1، 2012م، ص296.
[7] المصدر نفسه، ص 422.
[8] الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، ص27.
[9] يراجع حول التعريفات المتعدّدة للتربية: عجمي، سامر توفيق، التربية مفهومها غايتها موضوعها، الفصل الأول. مع الإشارة إلى أنه قد تمت الاستفادة من المصدر المذكور في صياغة هذا الدرس والدرس الثاني أيضاً. ويراجع: إبراهيم، مجدي عزيز، موسوعة المعارف التربوية، حرف التاء، ص939.
[10] المصطلح هو اللفط الذي يوضع للدلالة على معنى خاص في حقل معرفي ما، وغالباً ما تكون هناك علاقة ومناسبة بين المعنى الموضوع له اللفظ والمعنى المنقول إليه في الاصطلاح العلمي، كوضع لفظ “نفس” في علم الفلسفة للدلالة على الموجود الجوهري المجرد عن المادة ذاتاً والمتعلّق بها فعلاً، وهذا التعريف للنفس ينطلق من الفهم الفلسفي اليوناني الأرسطي مثلاً أو الإسلامي المشّائي للوجود والإنسان، أمّا مع وجود فهم آخر كمذهب الوضعية المنطقية أو الماركسية وغيرهما من المدارس الفلسفية التي تنظر إلى الوجود من زاوية حسّية-تجريبية، وتعتبر الوجود مساوقاً للمادة، فلن يتمّ تعريف النفس الإنسانيّة بأنّها موجود مجرّد لإنكار عالم المجرّدات، بل ستعرّف بتعريف يتلاءم مع أصول الفلسفة المادية والتجريبية، إذاً النظام الفلسفي يلعب دوراً في تعريف المصطلحات…، لذا نرى الاختلاف بين مدرسة وأخرى في تعريف المصطلحات وبيان مضمونها الدلالي، وليس ذلك إلا بسبب الاختلاف في الانتماء الفكري في النظرة إلى الله والوجود والإنسان والطبيعة و…
[11] يراجع: الفراهيدي، أحمد بن خليل، كتاب العين، ج8، ص283. وابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، ج1، ص400.
[12] ابن فارس، أحمد بن زكريا، معجم مقاييس اللغة، ج2، ص483.
[13] كتاب العين، ج8، ص256. ولسان العرب، ج5، ص94.
[14] يراجع: باقري، خسرو، فلسفة التربية والتعليم الإسلامية، ص158.
[15] لسان العرب، ج14، ص306.
[16] المفيد، محمد بن محمد، الاختصاص، ص187.
[17] ابن سيده، علي بن إسماعيل، المخصص، ج5، ص155.
[18] لسان العرب، ج14، ص134.
[19] معجم مقاييس اللغة، ج5، ص356.
[20] م.ن، ج2، ص482-484.
[21] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس من جواهر القاموس، ج2، ص7.
[22] المجلسي، محمد باقر، مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج12، ص146.
[23] الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، ج4، ص337.
[24] المازندراني، م.س، ج12، ص102.
[25] الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني تفسير الآلوسي-، ج1، ص77.
[26] البروجردي، حسين، تفسير الصراط المستقيم، ج3، ص352.
[27] سليمان، كامل، والعبد الله، علي، التربية، ص176-177.
[28] الجوهري، إسماعيل بن حماد، تاج اللغة وصحاح العربية، ج6، ص2445.
[29] الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط، ج1، ص158.
[30] تاج العروس، ج3، ص143.
[31] المخصص، ج1، ص27.
[32] لسان العرب، ج2، ص450.
[33] يراجع: المصطفوي، حسن، التحقيق في كلمات القرآن الكريم، ج4، ص 18-19. وقد ذكر تحقيقاً لطيفاً حول المسألة في ما يقارب الـ 9 صفحات : 15-23، تراجع للفائدة.
[34] سورة آل عمران، الآية 164.
[35] كتاب العين، ج5، ص394. الصحاح، ج3، ص1223.
[36] معجم مقاييس اللغة، ج2، ص468.
[37] الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، ج19، ص264.
[38] التبيان في تفسير القرآن، ج1، ص467. والطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، ج10، ص6.
[39] سورة التوبة، الآية 103.
[40] معجم مقاييس اللغة، ج3، ص428.
[41] معجم مقاييس اللغة، ج5، ص464. والصحاح، ج6، ص2514.
[42] الميزان في تفسير القرآن، ج9، ص377.
[43] الصدوق، محمد بن علي، من لا يحضره الفقيه، ج4، ص385.
[44] الطريحي، فخر الدين، مجمع البحرين، ج1، ص159.
[45] المحمودي، محمد باقر، نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة، ج7، ص265.
[46] الواسطي، علي بن محمد، عيون الحكم والمواعظ، ص257.
[47] المصدر نفسه، ص47.
[48] معجم مقاييس اللغة، ج6، ص 45-46.
[49] تاج العروس، ج2، ص488.
[50] سورة الشورى، الآية 52.
[51] سورة يونس، الآية 35.
[52] السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الجامع الصغير، ج2، ص714، ح9606.
[53] العسكري، أبو هلال، الفروق اللغوية، ص42. والراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، ص705.
[54] الخميني، مصطفى، تفسير القرآن الكريم، ج2، ص74.
[55] يراجع: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج1، كتاب العقل والجهل. والريشهري، محمد، العلم والحكمة في الكتاب والسنة، تحقيق مؤسسة دار الحديث الثقافية، قم، ط1.
[56] سورة الرحمن، الآيات 1-4.
[57] سورة العلق، الآيات 3-5.
[58] سورة البقرة، الآية 151.
[59] الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن، ص475.
[60] العين، ج2، ص152.
[61] الصحاح، ج5، ص1990.
[62] مجمع البحرين، ج6، ص119.
[63] مفردات ألفاظ القرآن، ص475.
[64] المصدر نفسه.
[65] معجم مقاييس اللغة، ج1، ص74.
[66] تاج العروس، ج1، ص296.
[67] المازندراني، محمد صالح، شرح أصول الكافي، ج1، ص292.
[68] ابن شعبة الحراني، الحسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول، ص171.
[69] عيون الحكم والمواعظ، ص281.
[70] م.ن، ص265.
[71] يراجع: عجمي، سامر توفيق، عقوبة الطفل في التربية الإسلامية، ص103-109.
[72] الميزان في تفسير القرآن، ج6، ص273.
[73] مفردة “صناعة” مستعارة من قوله تعالى: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾, سورة طه، الآية 39.
[74] أنظر: الدرس الثالث والدرس السادس.
[75] يراجع: مسكويه، أحمد بن محمد، تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، ص51. والطوسي، نصير الدين، أخلاق ناصري، ص102.
2021-11-05