الوقت_ لا يخفى على أحد أن معدل الجرائم والقتل والسرقة والتهريب قد ارتفع بشكل لافت في مملكة آل سعود التي تحولت بشكل سريع إلى دولة تعج بالمشكلات الاجتماعيّة، عقب انقلاب ولي العهد محمد بن سلمان، حيث أثار ذلك الارتفاع غضباً واسعاً في البلاد التي تشهد بشكل مستمر جرائم قتل وسرقة وتحرش وإطلاق نار على مرأى ومسمع من قوات النظام السعوديّ وتشكيلاته الأمنيّة المختلفة، ويقول السعوديون إنّ حكومة الرياض هي المسؤول الأول عن هذه الجرائم من خلال سياساتها المباشرة وغير المباشرة.
من المعروف أنّ النظام السعوديّ اتخذ إجراءات عديدة ساهمت بشكل كبير في رفع مستوى الجرائم عموماً، إضافة إلى تدنى الرواتب وفرض الضرائب الحكومية إلى جانب وجود مليون موظف دون خط الفقر، بالتزامن مع الفضائح التي تلف ولي العهد محمد بن سلمان والتي كشفت بطشه ونهجه المتهور، حيث حول السعودية إلى مملكة للفقر والجوع والحكم الاستبداديّ، وجعلها بعيدة كل البعد عمّا ينبغي أن تكون عليه البلاد المليئة بالثروات والمقومات الاقتصاديّة الهامة، ويسعى النظام المشهور بدكتاتوريّته الشديدة فقط إلى كم الأفواه المطالبة بأبسط الحقوق دون الالتفات إلى الحقوق بعينها.
ورغم ادعاء سلطات آل سعود بانخفاض معدل البطالة بين السعوديين خلال بداية العام 2021، يتحمل ابن سلمان المسؤولية الكاملة عن ارتفاع معدلات البطالة ووصولها أرقاماً غير مسبوقة، ناهيك عن تقيده لنشاط هيئة “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، كما يعمد أمراء العائلة الحاكمة إلى تنشيط شبكات تهريب المخدرات داخل المجتمع السعوديّ.
وفي الوقت الذي تتحمل فيه السلطة السعودية المسؤولية التامة، عن شعور المواطن بالقهر والغبن والضعف، وعن تحويل وظيفة رجال الأمن إلى حماية العروش بدلاً من حماية المواطنين، ويُعتبر المصير الوحيد لمن يُعبر عن آرائه الرافضة للوضع المزري هو إقامة دائمة خلف القضبان، لمجرد ممارسة حقهم المشروع في حرية التعبير، كما يخسرون سنوات طويلة من حياتهم لمجرد دعوتهم إلى التغيير والإصلاح في بلد لا تعرف من الحرية حتى اسمها.
وبما أنّ وسائل الإعلام السعودية تُموَّل بشكل مباشر من النظام السعوديّ وتصدح بأكاذيبه وأفكاره الخبيثة والتحريضيّة والهدامة، أثّر الفساد الإعلاميّ والقضائيّ كذلك سلبيّاً على المواطنين الذين لم يعد لديهم أيّ ثقة بمؤسسات بلادهم التي تراخت في تطبيق القوانين وملاحقة المجرمين، حيث دفع ضعف الجهاز الأمنيّ وقلة متابعته لحوادث القتل والسرقة وملاحقة العصابات الإجراميّة، بالمواطنين لإحقاق حقوقهم بأيديهم بعيداً عن سلطة الدولة.
إضافة إلى ذلك، عكست دراسة دوليّة حجم القمع والإرهاب داخل المملكة التي ذاع صيتها في الأعوام الفائتة بالقتل وسفك الدماء والاعتقالات والتهجير القسري لقبائل سعودية لصالح مشاريع وهمية بفعل جرائم نظام آل سعود، وتثير تلك المشاريع مخاوف العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، لأنّ الحكومة السعودية ترغب في تنفيذها دون مراعاة حقوق السكان، استمراراً في سياسة تهجير القبائل المحليّة، لإتمام المشاريع الاقتصاديّة غير آبهة بنتائجه على المواطنين المستضعفين.
ومن الجدير بالذكر أنّ السعودية حلت في المرتبة الأخيرة، ضمن دراسة أصدرها معهد الاقتصاد والسلام الأسترالي (IEP)، ضمن قائمة الدول الخليجيّة الأكثر أمناً وسلامة، وحلت المملكة في ذيل الترتيب على مستوى الخليج، بعدما احتلت المرتبة 128 عالمياً، ووصفت الدراسة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) بأنها الأقل سلمية في العالم للسنة السادسة على التوالي، بعدما تمكنت مؤخراً من التقدم ثلاثة مواقع.
وفي ظل قيام السلطات السعودية بوضع “سوار ابن سلمان” لتتبع ومراقبة أبرز المعارضين، بالتزامن مع حملات الاعتقال التي لا تتوقف بحق نشطاء المعارضة وأقربائهم في الداخل والخارج بسبب عملهم ونشاطهم، شدّد معهد دولي على أن جرائم محمد بن سلمان، أوجدت قاعدة مشتركة لتوحيد المعارضة السعوديّة الداخليّة والخارجيّة بعد أن دفعهم للهروب إلى أوروبا، مع غياب أيّ قانون يحمي السعوديين من المعاقبة بأساليبه الساديّة، وقد جعلت السلطات السعوديّة هذا الوضع المُستبد أمراً واقعاً، حيث لجأت إلى قوانين وأحكام فضفاضة ومعقدة الصياغة، وخاصة في قوانين العقوبات والإجراءات الجنائيّة وجرائم الإنترنت وغيرها من القوانين لاحتجاز الأفراد بشكل تعسفيّ ومحاكمتهم ومعاقبتهم، وساوت بين الأنشطة السياسية السلميّة والتهديدات لأمن الدولة، وفرضت قيوداً شديدة على التجمعات العامة والمظاهرات، وحظرت وحلّت المنظمات غير الحكوميّة المستقلة وحبست مؤسسيها، وجماعات المعارضة السياسيّة.
وبما أنّ ولي العهد السعوديّ، تفرغ إلى ناشطي المعارضة والأقرباء المنافسين له كأبناء عمومته وأبنائهم وأسرهم، بعد أن تخلص من أبرز منافسيه من خلال موجات من الاعتقالات التي شملت أهم وأبرز الأمراء وكبار المسؤولين في البلاد، بالإضافة إلى مجموعة من الوزراء الحاليين والسابقين وبعض رجال الأعمال، والعديد من الدعاة والعلماء والسياسيين والتجار، أوضح معهد “كارنيجي” للدراسات الاستراتيجيّة، أنّ المنشقين في الداخل والخارج يزيدون من مشاركتهم مع المنظمات والمؤسسات الدولية نظرًا لتزايد جرائم القيادة السعودية، مشيراً إلى أنّه على الرغم من خلفياتهم المتنوعة، فقد وجدت شخصيات المعارضة السعودية أرضية مشتركة في الاتحاد ضد استبداد الأمير الشاب، لأنهم يقدمون خطاباً مضادًا له على المستوى الدوليّ.
نهاية القول، مع غياب أيّ نية لحكام آل سعود لإنفاذ القانون وتعزيز الأمن الاجتماعيّ في البلاد، يبدو أنّ السعودية ستصل بشكل سريع إلى مستويات عالية من المشكلات الاجتماعيّة الخطيرة، كالقتل والفقر والبطالة والتهريب والتعاطي، بسبب عدم اتخاذ سلطات البلاد أيّ إجراءات قانونيّة واجبة لتحسين الوضع الاجتماعي.