توقف الدبلوماسي الهندي السابق “M.K Bhadrakumar” في مقالةٍ نُشرت على موقع “Asia Times” عند سعي الولايات المتحدة إلى تحريك عملية السلام في أفغانستان بشكل يخدم مصالحها الجيوسياسية، مؤكدًا أنَّ الولايات المتحدة تعمل على ذلك على المسارين السياسي والعسكري، وذلك رغم سحب قواتها من أفغانستان.
وشدَّد الكاتب على أنَّ الولايات المتحدة مصمِّمة على أن يكون لها دورٌ في أفغانستان، معتبرًا أنَّ سحب القوات لا يعني سوى بدء سياسة جديدة ترتكز على تعزيز العلاقات بين واشنطن والحكومة الأفغانية.
وأشار الكاتب إلى بوصلة تستخدمها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حيال أفغانستان تتضمن خطة أولى وخطة بديلة.
وحول الخطة الأولى، قال الكاتب أنَّ سحب القوات الأميركية يعني تراجع خطر سقوط قتلى أميركيين في أفغانستان بشكلٍ كبير، مبينًا أنَّ ذلك يمكِّن الولايات المتحدة من تركيز كامل طاقاتها على منع سيطرة طالبان على أفغانستان والذي سيشوِّه سمعة بايدن على مستوى العام إن حصل.
وبناء عليه، رأى الكاتب أنَّ واشنطن ترسم “علاقة عمل جديدة” مع الحكومة الأفغانية، لافتًا إلى أنَّ الولايات المتحدة تشكك في قدرة طالبان على التغلب على قوات الجيش الأفغاني على المدى القريب وأنَّ ذلك يمنح الولايات المتحدة فترة استراحة كي تدرس “الرد”.
وتابع أنّ “الولايات المتحدة لا تحتاج إلى اتفاق وقف إطلاق النار حاليًا فذلك قد يصب لصالح طالبان في ظل الظروف الراهنة”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنَّ واشنطن استأنفت الضربات الجوية ضد طالبان.
وأوضح الكاتب أنَّ أجندة واشنطن المستقبلية في أفغانستان تستهدف كُلًا من روسيا والصين وإيران وأن الأهداف الأساسية هي تعطيل مشروع الصين “حزام واحد طريق واحد”، والعمل على تغيير الأنظمة في آسيا الوسطى، والاستفادة من “الإسلام المتشدِّد” كأداة جيوسياسية، وترسيخ التواجد الطويل الأمد في أفغانستان.
أمَّا الخطة البديلة، الكاتب بيَّن أن المجموعة الرباعية التي أسست حديثًا والتي تتضمن كُلًا من الولايات المتحدة وأوزباكستان وأفغانستان وباكستان توفر إطارًا لإعادة رسم السياسات في حال تمكنت طالبان من السيطرة على أفغانستان، ذاكرًا أنَّ البنتاغون لا يستبعد بالكامل حدوث هكذا سيناريو.
كما أضاف الكاتب أنَّ هناك نافذة لواشنطن للاستفادة من النُخب في باكستان الذين ينحازون تقليدياً إلى الغرب، وذلك من اجل إبعاد باكستان عن الصين.
وأشار إلى أنَّ المجموعة الرباعية المذكورة تنسجم والمبادرة العالمية الجديدة في مجال البُنية التحتية التي جرى الاتفاق عليها خلال قمة الدول السبع التي جرت في بريطانيا الشهر الماضي.
وتابع الكاتب أنَّ الولايات المتحدة متأكدة من أنَّ طالبان سترى في هذه الرباعية خيارًا مناسبًا لمنح الشرعية لنظامها والاستفادة من المساعدات الغربية، مشددًا على أنَّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة هي من تقف وراء استراتيجية تأسيس المجموعة الرباعية.
ورجَّح الكاتب أنَّ بريطانيا أيضًا تعلب دورًا في هذا الموضوع، لافتًا إلى أنَّ لدى الأخيرة علاقات ممتازة مع الرئيس الأفغاني أشرف غاني ومع قائد الجيش الباكستاني قمر جاويد باجواه، وأنَّ بريطانيا كما جرت العادة ترسم الخطة لواشنطن.
واستشهد بتقرير نشر بصحيفة “Daily Telegraph” البريطانية قبل أسابيع قليلة نقل عن وزير الدفاع البريطاني “Ben Wallace” أنَّ الحكومة البريطانية ستتعامل مع أيِّ حكومة كانت في أفغانستان شرط أن تلتزم بالأعراف الدولية.
وخلص الكاتب إلى أنَّ لدى بريطانيا وأميركا خطة بديلة تحسبًا لسيطرة طالبان على أفغانستان، مردفًا أنَّ واشنطن ولندن وكذلك قوى غربية أخرى تطمح إلى دفع طالبان للعمل معها وليس ضدها.