ردّ المقاومة الاسلامية في لبنان على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة شَغَل العدو وإعلامه. لا حديث سوى عن الصدمة التي سببّها حزب الله بإطلاقه الصواريخ باتجاه محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا. المحلّل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل رأى أن إطلاق الصواريخ من لبنان بالأمس كان إستثنائيًا بحجمه، لكن أكثر من ذلك- في تحمّل مسؤوليته.
وقال هرئيل “هذه المرة حرص حزب الله على الإعلان عن مسؤوليته بإطلاق الصواريخ.. قرار الإطلاق والبيان الذي جاء بعده هما جزء من محاولاته للحفاظ على معادلة الردع مع “إسرائيل”، على الرغم من الإنهيار الداخلي المتسارع الذي يحصل في لبنان”.
بحسب هرئيل، هذا تحدٍّ خطير لرئيس الحكومة نفتالي بينت. حزب الله سبق أن نجح مرة واحدة، بشكل مفرط، عندما جرّ رئيس حكومة جديد وعديم الخبرة (إيهود أولمرت) إلى الحرب عام 2006. هذه المرة الأسباب معقّدة أكثر لأن الأمور تحصل في ذروة معركة إقليمية مكثّفة بما فيه الكفاية، وإن كانت سرية بشكل عام، بين “إسرائيل” وإيران.
ووصف هرئيل تبنّي حزب الله مسؤولية إطلاق الصواريخ بأنه “مدوٍّ أكثر من الفعل نفسه”، وقال “يمكن الإفتراض أنه في المشاورات التي أجراها رئيس الحكومة، وزير الأمن (الحرب) ورئيس الأركان دُرست أيضًا ردود أشدّ فيما بعد. لكن “اسرائيل” على عتبة إغلاق رابع، يُحتمل أن يُعلن عنه خلال هذا الشهر بسبب التفشي المتجدد لـ”كورونا”.. الأضرار الإقتصادية للوباء تتراكم، في الوقت الذي لا تزال السياحة في الشمال في منحى الإنتعاش إلى حد ما، بفضل مئات آلاف الإسرائيليين الذين أجبرهم التفشي العالمي لسلالة “دلتا” على إلغاء خطط الإستجمام في الخارج والبقاء في البلاد.
وتابع هرئيل “الإسرائيليون، مثل قادتهم، لا يريدون الحرب.. خيبة الأمل المؤلمة جاءت في أيار الفائت، عندما تعمّدت “حماس”، على عكس التقديرات الإستخبارية المسبقة، إشعال حرب صغيرة في غزة عبر إطلاق صواريخ نحو “تل أبيب”.
ووفق هرئيل، التصعيد في إحدى الدول المجاورة من لبنان الى سوريا وصولًا الى قطاع غزة قد يجرّ إلى إحتدام الوضع في عدة ساحات: إطلاق الصواريخ من لبنان ومن سوريا أثناء عملية حارس الأسوار (العدوان على غزة- عملية سيف القدس) هو إشارة أولى لهذه الإمكانية.
وينقل هرئيل عن ميخائل ميلشتاين من جامعة “تل أبيب”، عضو سابق وبارز في قسم الأبحاث في شعبة الإستخبارات قوله “من وجهة نظري هناك قاسم مشترك بين الأحداث الأخيرة في الخليج وفي لبنان وبين العملية الأخيرة في غزة. ومع ذلك، تظهر هنا جرأة أكثر مقارنة بالماضي، وهناك محاولة لرسم قواعد لعبة جديدة ضد “إسرائيل””.
ويُقدّر ميليشتاين أن “هذا يمكن أن يكون مرتبطًا بالحكومة الجديدة وبصعود إدارة جديدة في الولايات المتحدة. أنا أخشى أننا نقرأ “أعداءنا” بحسب عالم الماضي المألوف لنا، ولا ندرك بشكل معمق التغيير الذي طرأ مؤخرًا في منطق أفعالهم”.
ويخلص المحلّل العسكري في ختام مقاله الى أن الأمين العام لحزب الله (السيد حسن نصر الله) “يُحسن صنعًا إذا لم يحاول دفع نفتالي بينت إلى الزاوية نفسها التي دفع إليها إيهود أولمرت في عام 2006”.