الوقت – استضافت مدينة روما، يوم الاثنين (28 حزيران) ، اجتماعاً للتحالف المناهض لداعش برئاسة وزير الخارجية الأمريكية. وهذا الاجتماع هو أول اجتماع وزاري بقيادة بلينكين بشأن سوريا منذ تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه على هامش مؤتمر خاص للتحالف المناهض لداعش في روما. وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، كانت الأهداف الرئيسة للاجتماع هي مكافحة الإرهاب وعلى رأسه جماعة داعش ومنع انتشار الجماعة الإرهابية في القارة الافريقية، وسبل دعم التحالف لتدمير المجموعة الإرهابية و توزيع المساعدات الإنسانية وتوسيع آلية نقلها، لكن الحقيقة هي أن أهداف مثل هذا الاجتماع يمكن المبالغة فيها بما يتجاوز الأهداف المعلنة.
في غضون ذلك، يُشار إلى أن جامعة الدول العربية دعيت بشكل غير متوقع روما لحضور اجتماع يركز على سوريا. في الواقع، أضافت الولايات المتحدة بشكل مفاجئ موضوع سوريا إلى قائمة المؤتمر الوزاري الخاص، حيث حضر القمة في البداية بلينكين و 15 من نظرائه من الدول السبع الكبرى والمجموعة الصغيرة وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبي، ولكن أمريكا فاجأت الدول المشاركة، بيومين قبل الاجتماع، بدعوة أيرلندا والجامعة العربية لحضور الاجتماع. تمت دعوة أيرلندا، إلى جانب النرويج، لأن كلا البلدين مسؤول عن قضية حقوق الإنسان في نيويورك، لكن سبب دعوة جامعة الدول العربية بطريقة جديدة تم النظر فيه من قبل المراقبين السياسيين ووسائل الإعلام. على الرغم من دعوة جامعة الدول العربية والأعضاء الآخرين الحاضرين في قمة روما، يمكن النظر إلى هدفين رئيسيين للأمريكيين فيما يتعلق بعقد هذه القمة على مستوى يتجاوز الأهداف المعلنة. أولاً، من خلال دعوة جامعة الدول العربية، يعتزم الأمريكيون السيطرة على عملية تطبيع العلاقات بين العرب والحكومة السورية، أو منع حدوث هذه العملية وتنفيذها. ثانياً، ينوي الأمريكيون تمديد قرار مجلس الأمن بتقديم المساعدة للإرهابيين في شمال سوريا.
منع تنفيذ خطة تطبيع العلاقات العربية مع دمشق
وتأتي دعوة جامعة الدول العربية لحضور قمة فيينا في الوقت الذي أثار فيه وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خلال زيارته الأخيرة إلى الوطن العربي ولقاءاته مع بعض الوزراء، مسألة رغبة بعض الدول العربية في التطبيع مع دمشق وإرجاعها لجامعة الدول العربية. وعلى المستوى الإقليمي أيضًا، هناك إشارات كثيرة تدل على رغبة الدول العربية في إصلاح العلاقات فيما بينهم، وهو ما يمكن ملاحظته في العلاقات بين السعودية ودمشق. وفي هذا الصدد، نرى أن وزير السياحة السوري، محمد رامي مرتيني، كان قد سافر إلى الرياض، عاصمة السعودية، يومي 26 و 27 مايو 2021 للمشاركة في الاجتماع السابع والأربعين لمجلس الوزراء الخاص بلجنة منظمة السياحة بغرب آسيا. كانت الرحلة، بدعوة من وزارة السياحة السعودية ولجنة منظمة التجارة العالمية في غرب آسيا، أول زيارة لمسؤول سوري إلى السعودية منذ 10 سنوات، بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية، كرمز واضح أن السعودية بدأت عملية التهدئة، وقد لوحظت هذه المسألة بين دول عربية أخرى مع سوريا.
في الواقع، بعد عدة سنوات من التوتر الشديد بين جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي مع الحكومة السورية الشرعية، يبدو أن العالم العربي الآن قد أعاد النظر في استراتيجيته ضد بشار الأسد من خلال عدم اتباع سياسة أقصى درجات المعارضة. لأن العرب يعرفون بوضوح أن الحكومة السورية قد تجاوزت مرحلة الأزمة الشاملة، وأصبح موضوع انهيار الحكومة وانسحاب الرئيس الأسد من السلطة غير ممكن، لذلك، في الوضع الجديد، لا مفر من التهدئة وإعادة التعاون بينهم وبين حكومة بشار الأسد الشرعية. في مثل هذه الحالة، يبدو أن حكومة بايدن، بدعوتها جامعة الدول العربية لحضور قمة روما، تعتزم منع تنفيذ مثل هذه العملية بأي طريقة ممكنة؛ لأنهم يدركون بوضوح أن بدء مثل هذه العملية يعطل خطتهم الشريرة لتطبيع العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني. ونتيجة لذلك، ومن أجل الحفاظ عن استمرار عملية تطبيع العلاقات بين العرب والكيان، فإنهم يعتزمون منع تقدم تطبيع العلاقات بين جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي مع الحكومة الشرعية في سوريا.
موضوع تمديد القرار الخاص بالمساعدات الإنسانية إلى مناطق سيطرة الجماعات المسلحة
ومن الجوانب المهمة الأخرى التي نظرت فيها الولايات المتحدة في قمة روما التي ترأسها أنتوني بلينكين، مسألة تمديد قرار مجلس الأمن بشأن المساعدات التي يتم تقديمها إلى مناطق سيطرت الجماعات الإرهابية. هذا على الرغم من حقيقة أنه في عام 2014، عندما كانت الحرب السورية في أوجها، أصدر مجلس الأمن قرارًا يصرح بتقديم المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها مجموعات مسلحة مختلفة، وكانت المساعدات إلى سوريا منذ ذلك الحين تتم دون تدخل الحكومة المركزية بصورة مؤقتة، وما زالت كذلك حتى الآن. تسعى الولايات المتحدة وتركيا والدول الغربية إلى تقديم مساعدات إنسانية لسوريا عبر الطرق البرية. لكن حلفاء سوريا، وخاصة روسيا والصين، يعارضون طريقة المساعدة هذه ويصرون على أن المساعدة يجب أن تقدم من خلال دمشق، وإلا فإنها تتعارض مع السيادة الإقليمية لسوريا. في الواقع، يعتزم الأمريكيون إقناع موسكو بالموافقة على تجديد القرار في قمة روما، الأمر الذي يبدو بالطبع صعبًا للغاية. في هذا الصدد، نرى إشارات سابقة من واشنطن لتشجيع موسكو على التصويت لمصلحة القرار، بما في ذلك عدم تبني عقوبات جديدة بموجب قانون قيصر في الأشهر الستة الأولى من إدارة بايدن، والنظر في استثناءات لمعدات طبية كانت خاضعة للعقوبات واتفقت على إرسال مساعدات عبر خطوط الصراع بين مناطق النفوذ في سوريا. لكن واشنطن لم تكن على علم حتى الآن بموقف موسكو، معلنة أن القرار سيتم اتخاذه على أعلى المستويات، وبالتحديد الرئيس فلاديمير بوتين، وهناك دلائل على أن موسكو تعارض تمديد القرار.
موسكو تفكر في مواجهة قمة روما
تشير جميع الأدلة إلى أن روسيا لا توافق على الإطلاق مع تحرك أنتوني بلينكين لجمع حلفائها في 15 دولة ومنظمة في روما، وتعتزم مواجهة هذا التحرك بدعوة مجموعة أستانا (روسيا وإيران وتركيا) في الشهر السابع لتقديم المساعدات عشية انتهاء قرار مجلس الأمن. في الواقع، يعتقد الروس والايرانيون أن الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ليس لديها إرادة حقيقية لحل الأزمة السورية، وهم في الأساس يبتزون الأموال لصالحهم من التطورات الحاصلة. كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لا توجد إمكانية للاستقرار في سوريا ما لم يتم تنفيذ اتفاق شامل، بما في ذلك إلغاء قانون قيصر الأمريكي، الذي يضمن فرض عقوبات صارمة على دمشق. الحقيقة أن أي خطة للغربيين لإضاعة الوقت هي الوسيلة الوحيدة للبقاء في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن قضايا مثل إعادة بناء البنية التحتية في سوريا ودعم البنية التحتية لعودة اللاجئين ووجود المحتلين الأمريكيين شرق الفرات هي من أهم التهديدات لمستقبل سوريا السياسي والميداني.