الوقت- رفضت محكمة الاحتلال الاسرائيلية، مساء يوم الأحد الماضي، طلب لجنة رعاية المقابر الإسلامية بالأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة، بوقف عمل بلدية القدس وسلطة الطبيعة، في مقبرة اليوسفية /صرح الشهيد. وحول هذا السياق، قال “مهند جبارة” المحامي الذي يترافع باسم لجنة رعاية المقابر في القدس: إن “البلدية رفضت الطلب الذي قدم قبل أسبوع، بعد عملية تجريف داخل أرض مقبرة اليوسفية أدت الى نبش القبور وظهور رفات، وذلك يعني أن القاضي أعطى الضوء الأخضر للبلدية وسلطة الطبيعة في الاستمرار بالعمل في أرض المقبرة، لتحويلها الى حديقة”. وكانت لجنة المقابر قد أثبتت خلال جلسات سابقة، أن مقبرة صرح الشهيد هي أرض وقفية تم وقفها منذ العهد الأردني لغرض إقامة مقبرة إسلامية، وحاولت البلدية وسلطة الطبيعة الاعتراض على ذلك عدة مرات، وسمحت المحكمة لسلطات الاحتلال بالعمل في الأرض وتنظيفها وزراعة الورود وإقامة حديقة عامة دون تنفيذ أي أعمال حفر أو أعمال التي من شأنها أن تغير ملامح قطعة الأرض.
وبعد تعهد بلدية القدس بعدم المس بالقبور الموجودة في قطعة الأرض بأي شكل من الأشكال، قامت الجرافة الأحد الماضي بتجريف ظهر خلاله عظام وجمجمة وفك أسنان، وعليه تقدمت لجنة المقابر بطلب عاجل لإيقاف العمل في الأرض، ورفض مساء يوم الاحد. وأوضح المحامي “جبارة”، أن الحديث يدور عن قرار خطير ومفاجئ لا يتعاطى مع حقائق الأمور، ولا يأخذ بعين الاعتبار قدسية المكان، وخطورة نبش القبور وظهور عظام الموتى والمس بمشاعر المسلمين في القدس والعالم. وقال “جبارة”: إن “لجنة رعاية المقابر في القدس أكدت بأن أرض المقبرة هي أرض إسلامية ولا علاقة لها بما تخطط له بلدية القدس من اقامة حديقة عامة في المكان”.
التمييز العنصري في أرض الفصل العنصري
إذا ذكر التمييز العنصري، ذُكر الكيان الغاصب، الذي أرسى دعائمه، نظراً للعلاقة الاستراتيجية التي ربطت الكيان الغاصب، بنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا منذ أربعينيات القرن الماضي، حيث ساد نظام الفصل العنصري، وحكمت من خلاله الأقلية البيضاء، الأغلبية السوداء وفق منهج إقصائي بشع، ولعل الخطورة في هذا النظام أنه يحمل في طياته النبذ والتهميش والإقصاء والإلغاء، وقد أُقر في عام 48 وانتهي عام 1990. ولقد مهد لظهور نظام الفصل العنصري فوز الحزب الوطني المتطرف في تشريعيات 1948، حيث بدأ هذا الحزب تنفيذ مشروعه السياسي بقانون سُمي “سجل السكان” أُقر في 1950، وقسّم سكان البلاد رسميا إلى مجموعات عرقية حدد أماكن وجودها في أماكن معينة من البلاد.
وخلال السنوات الماضية، ضاق المجتمع الدولي ذرعاً بالانتهاكات الصهيونية البشعة، ضد أبناء الشعب الفلسطيني وبدأت الرواية الصهيونية بالانهيار لأن العالم بات مؤمناً بحقوق شعبنا وإقامة دولته على ترابه وفي الآونة الأخيرة، أخذت أصوات عديدة تصف دولة الكيان الغاصب بأنها نظام أبارتهايد وعلى سبيل المثال ألف الرئيس الأمريكي الأسبق “جيمي كارتر” كتاباً بعنوان “فلسطين: السلام لا الأبارتهايد” مع أنه لم يصف صراحة الكيان الغاصب “بالأبارتهايد”، لكنه أشار للعلاقة بين الاحتلال والفصل العنصري وبالإضافة إلى ذلك قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص بفلسطين المحتلة السابق “جون دوغارد” إن إلكيان الغاصب يرتكب ثلاثة انتهاكات تتعارض مع المجتمع الدولي، وهي الاستعمار والاحتلال والأبارتهايد.
الانتهاكات الصهيونية
المنظمات الدولية والحقوقية تتابع عن كثب حجم الانتهاكات الصهيونية وبخاصة منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية أكدت في إحدى التقارير التي أصدرتها أن السلطات الصهيونية ترتكب الجريمتين ضد الإنسانية المتمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد في فلسطين المحتلة وجريمة أخرى ضد الإنسانية بحق ابناء شعبنا في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48 وتتمثل بالتمييز الشديد بحقهم. وتستند هذه النتائج إلى سياسة الحكومة الصهيونية الشاملة، للإبقاء على هيمنة الصهاينة اليهود على أبناء شعبنا وكذلك الانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد أبناء شعبنا الذين يعيشون في الأراضي المحتلة، بما فيها القدس عاصمة دولة فلسطين.
إن السياسات والممارسات تجاه أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتل، فإن الذين يعيشون في نفس المناطق يتعرضون لتمييز عنصري بشع وذلك من أجل الإبقاء على الهيمنة، وتميّز السلطات الصهيونية منهجيا ضد الفلسطينيين. والتمييز المؤسسي الذي يواجهه الفلسطينيون في الكيان يشمل قوانين تسمح لمئات البلدات اليهودية الصغيرة فعليا باستبعاد الفلسطينيين، ووضع ميزانيات تخصص جزءاً ضئيلاً من الموارد للمدارس الفلسطينية، مقارنة بتلك التي تخدم الأطفال اليهود. وفي الأراضي المحتلة، فإن شدة القمع ترقى إلى القمع الممنهج، وهو شرط ليتحقق الفصل العنصري. ويشمل هذا القمع فرض حكم عسكري شديد القسوة على أبناء شعبنا، مع منح اليهود الذين يعيشون بشكل منفصل في نفس المنطقة حقوقهم الكاملة بموجب القانون المدني الصهيوني، الذي يحترم الحقوق.
وفي الواقع ارتكبت السلطات الصهيونية مجموعة من الانتهاكات ضد ابناء الشعب الفلسطيني، والعديد من الجرائم في الأراضي المحتلة والتي تشكل خرقاً جسيماً للحقوق الأساسية وأعمالاً لا إنسانية، وهي شرط لتحقُّق الفصل العنصري. وتشمل هذه الانتهاكات، “القيود المشددة على التنقل”، المتمثلة في إغلاق غزة و”نظام التصاريح”، و”مصادرة أكثر من ثلث أراضي الضفة الغربية”؛ وهنا يمكن القول إن الظروف القاسية في أجزاء من الضفة الغربية التي أدت إلى الترحيل القسري لآلاف الفلسطينيين عن ديارهم؛ حرمان مئات آلاف الفلسطينيين وأقاربهم من حق الإقامة؛ وتعليق الحقوق المدنية الأساسية لملايين الفلسطينيين
إن كل ما يطالب به الشعب الفلسطيني الحرية والاستقلال من خلال إنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي المحتلة عام 67، وتطبيق الشرعية الدولية والقرارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، ومن هذا المنطلق لا يجوز أن يبقى الكيان الغاصب الوحيد في العالم الذي يتحدى القانون والشرعية الدولية، ويستمر في احتلال أرض الدولة الفلسطينية ويستعبد شعبا أصيلا يعيش فوق أرضه وفي وطنه فلسطين منذ آلاف السنين. وهنا نقول أن الأوان من المجتمع الدولي أن يترجم مواقفه المنددة بالاستيطان والاحتلال ونظام الأبارتهايد، الى خطوات عملية تحمي شعبنا وذلك بتوفير حماية دولية وتطبيق القانون الدولي، وذلك من خلال الاعتراف أولاً بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كما جاء في قرار الأمم المتحدة في نوفمبر 2013، ومن ثم اتخاذ المواقف والخطوات الكفيلة بإرغام دولة الاحتلال الصهيوني على الإذعان للقانون الدولي وانهاء نظام الفصل العنصري وأن الحقيقة الماثلة للعيان أن أوهام القوة ومساندة أمريكا ودول الغرب ستسقط طال الزمان إم قصر.
المقاومة هي الحل الوحيد لفلسطين
مع استمرار العنصرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومع استمرار الاحتلال في انتهاك حقوق المواطنين الفلسطينيين، من الواضح أن الفلسطينيين لن يكون لديهم خيار سوى مقاومة المحتلين من أجل نيل حقوقهم. وبالنسبة للفلسطينيين، المقاومة هي الحل الوحيد لمواجهة عدوان الكيان الصهيوني، والتسوية ضد هذا النظام لن تكون انجازا للفلسطينيين. ومثلما أدت تسوية السلطة الفلسطينية مع الصهاينة في الواقع إلى المزيد والمزيد من التراجع في مواجهة عدوان “تل أبيب”، فإن بناء المستوطنات في الأراضي الفلسطينية مستمر بوتيرة أسرع بكثير مما كان عليه من قبل، على الرغم من مفاوضات التسوية