قالت الصحف اللبنانية اليوم إنه غداة عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى بيروت، تحركت المساعي على الخطوط الرئاسية في محاولة لإيجاد الحل للأزمة الديبلوماسية المفتعلة من قبل السعودية مع لبنان، إلا أن اللافت هو تصريحات الرئيس ميقاتي من السراي الحكومي التي حملت في طياتها توزيعاً غير عادل للمسؤوليات والاتهامات.
“الأخبار”: رئيس الحكومة يطلب جلسة لإقالة قرداحي واسترضاء الرياض
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “الأخبار” إن “مبادرة محكومة بالفشل، على ما يبدو، تلك التي أطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أمس، فعمّق مأزق حكومته جراء سعيه إلى استرضاء الرياض وعدم مواجهة قرارها بمحاصرة لبنان، من دون حتى أي ضمانات بإمكان قبولها العرض الميقاتي”.
ولفتت إلى أن رئيس الحكومة، العائد من قمة المناخ في اسكتلندا، بدعم دولي كبير لبقاء الحكومة، بدأ اتصالات مكثفة مع القوى السياسية الرئيسية لتسويق «تسوية» تقوم على استقالة الوزير جورج قرداحي أو إقالته، وإعلان حكومي يسمح بفتح الأبواب أمام وساطات عربية ودولية مع الرياض، مشيراً إلى أن تخفيف التوتر مع السعودية ودول الخليج سيساعد لبنان في ما يتعلق بملفات التفاوض على المساعدات المالية.
وقالت الصحيفة إنه بناء عليه، فإن مدخل هذه التسوية، وفق ميقاتي، هو استقالة قرداحي أو إقالته، إما بـ«مبادرة مسيحية» أو عبر دعوة مجلس الوزراء إلى جلسة يكون على جدول أعمالها بند إقالة وزير الإعلام في حال استمر في رفضه الاستقالة. لذلك، عاود رئيس الحكومة التواصل مع البطريرك الماروني بشارة الراعي لممارسة مزيد من الضغط على الوزير الذي كرّر للبطريرك الماروني، ولغيره من المتصلين به، أنه مستعدّ للاستقالة في حال كانت ستؤدي إلى نتائج في مصلحة لبنان. ولكن، لأن الأمر ليس كذلك، فلن يستقيل.
واضافت الصحيفة “لجأ ميقاتي إلى مقربين منه للتوسط مجدداً مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وإقناعه بتليين موقفه في شأن استقالة قرداحي، فكرّر النائب السابق موقفه الرافض لممارسة أي ضغط على وزير الإعلام. بعدها، زار ميقاتي الرئيس ميشال عون وبحث معه في ترتيب جلسة حكومية تخرج بنتيجة مرضية وتسمح باستئناف العمل الحكومي وتخفف الضغوط الخارجية على لبنان. إلا أن رئيس الجمهورية كرّر أمامه أن الأمر يتعلق بنقاش عام وليس ببند واحد. عندها، باشر ميقاتي خطواته المعلنة بكلمة ألقاها في السراي الكبير، أراد من خلالها توجيه رسائل إلى الداخل والخارج واسترضاء السعودية، داعياً – ضمناً – قرداحي إلى الاستقالة، ومسجلاً موقفاً اعتراضياً على مطلب حزب الله وحركة أمل في شأن تحقيقات القاضي طارق البيطار في ملف انفجار المرفأ.
وتابعت الصحيفة “إلا أن رئيس الحكومة سارع إلى التواصل المباشر مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل، طالباً المساعدة في معالجة الأزمة على قاعدة انعقاد مجلس الوزراء لمناقشة الأزمة مع السعودية، والطلب إلى قرداحي الاستقالة أو التصويت على إقالته”.
ولفتت “الأخبار” إلى أن ميقاتي سمع تأكيداً على الوقوف إلى جانب قرداحي في موقفه، وأن السعودية تتحمل مسؤولية الأزمة، وأن استرضاء الرياض لن يخفف من الأزمة لأنها تستهدف ما هو أبعد من الاستقالة، وأن اللبنانيين ضاقوا ذرعاً بهذا النوع من الضغوط. حاول ميقاتي إقناع الحزب، كما فعل مع حركة أمل، بحضور جلسة مجلس الوزراء والتصويت ضد الإقالة أو الاستقالة، لكنه سمع من جديد أن الحزب يرفض مبدأ وضع هذا البند على جدول الأعمال، إضافة إلى أن المشكلة الأساسية لمقاطعة جلسات الحكومة بسبب تحقيقات البيطار لا تزال قائمة، ولا يبدو أن لدى ميقاتي مخرجاً لها.
واشارت “الأخبار” إلى أنه عند هذا الحد، فهم رئيس الحكومة أن حزب الله لن يشاركه جريمة التضحية بوزير الإعلام. لكن ما وصله، وكان وقعه أكثر قسوة عليه، هو ما نقل عن فرنجية بأنه متمسّك بموقفه، وأن أي محاولة لإقالة قرداحي بالقوة ستعني خروج المردة من الحكومة نهائياً وعدم المشاركة في أي حكومة جديدة، وأن فرنجية لن يدخل في أي تحالف انتخابي مع أي طرف يوافق على إقالة وزير الإعلام. كما أكد فرنجية لقرداحي نفسه أنه يقف خلفه، ولن يطلب منه الاستقالة، ولن يوافق على إقالته”.
وقالت الصحيفة إنه من جهة أخرى، يتحدث ميقاتي عن ضغوط يتعرض لها من قيادات في الشارع السني، خصوصاً نادي رؤساء الحكومات السابقين الذين نقل عنهم أنهم في انتظار ما سيقوم به، وفي حال لم يتمكن من إقالة قرداحي فقد يلجأون إلى مطالبته بالاستقالة أو سحب غطائهم عنه كرئيس للحكومة، علماً أن لكل من هؤلاء حساباته، سواء تلك التي تتعلق بالانتخابات النيابية المقبلة، أو بالسعي للحصول على دعم سعودي أكبر، أو حتى لمنافسة ميقاتي نفسه في معركة ترؤس أي حكومة جديدة. ويأخذ هؤلاء في الاعتبار تأثير هذه الأزمة في الشارع السني الذي يشهد ضغوطاً من حلفاء للقوات اللبنانية والمجتمع المدني ممن يتوقعون الفوز بغالبية المقاعد السنية في حال بقي الرئيس سعد الحريري على موقفه بالعزوف عن المشاركة في الانتخابات.
“البناء”: الحكومة مجمدة لغياب الميثاقية والنصاب عن أي اجتماع
من جهتها، صحيفة “البناء” قالت إن مصدر سياسي على صلة بالملف الحكومي ينظر إلى ما صدر عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تحت عنوان خريطة طريق لحل الأزمة مع السعودية، بصفته خريطة طريق لتحييد مصير رئاسته وزعامته عن الاستهداف السعودي، عبر تمايز واضح ومسافة بائنة عن مواقف ثنائي حركة أمل وحزب الله، في قضيتي القاضي طارق بيطار والوزير جورج قرداحي، مضيفاً أن شبكة الحماية الأميركية- الفرنسية للرئيس ميقاتي وحكومته من الاستهداف ربما كان شرطها هذه المسافة، التي تتيح للأميركي خصوصاً طلب تحييد ميقاتي من دائرة الاستهداف السعودي في شارعه، أو من الضغط لاستقالة حكومته، باعتباره صاحب موقف أقرب للسعودية من حزب الله الذي جعلته السعودية هدفاً لمعركتها.
وينظر المصدر إلى توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ما وصفه ميقاتي بخريطة طريق، من جهة ولرد الفعل السريع لرئيس حزب القوات اللبنانية الإيجابي على كلام ميقاتي، ووصفه بالشجاع، مقابل إعلان حزب الله عن تمسكه بمواقفه في قضيتي بيطار وقرداحي، بأنه خلط أوراق داخلي أحدثه الهجوم السعودي، خصوصاً لجهة الضغوط التي يقوم بها رجال الأعمال اللبنانيين العاملين في الخليج والذين يصدرون منتجاتهم إلى دول الخليج في البيئة المحيطة بالرئيسين عون وميقاتي بما يشبه تلك الضغوط التي أحدثتها العقوبات الأميركية، طالما أن التمايز الذي تمثله «خريطة طريق ميقاتي» نحو التحييد من الهجمة السعودية، لا يرتب تغييراً نوعياً في المسار الحكومي يؤدي إلى خطوات تصادمية مع ثنائي حركة أمل وحزب الله، لأن أي اجتماع للحكومة مستحيل من دون التوافق، بسبب غياب الميثاقية عن اجتماع يقاطعه الثنائي، ولا نصاب لاجتماع يغيب عنه وزراء الثنائي والمردة، فنصاب الثلثين هو أربعة عشر وزيراً، والغياب هو سبعة وربما ثمانية مع الوزير الممثل للنائب طلال إرسلان، وكذلك الأمر بالنسبة لكل حساب لفرضية إقالة الوزير قرداحي تحتاج أيضاً لنصاب الثلثين لانعقاد الجلسة والتصويت على الإقالة، واستبعد المصدر فرضية استقالة وزراء من الحكومة لأن لا عدد كافياً من الاستقالات المفترضة لتهديد بقاء الحكومة، والغطاء الأميركي- الفرنسي لبقائها يكفي للجم بعض الاندفاعات التي ظهرت من بعض الوزراء تلميحاً وجرى سحبها من التداول”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه غداة عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى بيروت، تحركت المساعي على الخطوط الرئاسية في محاولة لإيجاد الحل للأزمة الديبلوماسية المفتعلة من قبل السعودية مع لبنان، إلا أن اللافت هو تصريحات الرئيس ميقاتي من السراي الحكومي التي حملت في طياتها توزيعاً غير عادل للمسؤوليات والاتهامات، فقد حمل وزير الإعلام جورج قرداحي مسؤولية الأزمة مع السعودية ودول الخليج داعياً إياه إلى تحكيم ضميره وتغليب المصلحة الوطنية في أي قرار يتخذه، أي بمعنى آخر دعاه للاستقالة من تلقاء نفسه، وكذلك تحميل ميقاتي حزب الله من دون أن يسميه مسؤولية تعطيل عمل الحكومة.
إلا أن ردّ قرداحي على ميقاتي كان حاسماً بقول: «لن أستقيل وموقفي لم يتغيّر».
واشارت الصحيفة إلى أن كلام ميقاتي الذي يعقد الحل يعكس بحسب مصادر سياسية لـ”البناء” حصيلة المشاورات التي أجراها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي والمسؤولين الأوروبيين والخليجيين الذين التقاهم على هامش مشاركته في مؤتمر المناخ في اسكتلندا، حيث سمع حرص الدول الغربية على استمرار الحكومة لكن مع تسوية الأزمة مع السعودية لاحتواء غضبها، مع تأكيد هذه الدول على أنها لن تبادر إلى التدخل مع السعودية لحل الأزمة لكنها ستبذل جهوداً للجم التصعيد السعودي عند هذا الحد.
لكن المصادر تساءلت عن تغير موقف ميقاتي بعد عودته من جولته الخارجية، مذكرة بالبيان المشترك الذي صدر عن ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون فور نشر تصريحات قرداحي، حيث شدد البيان على أن تصريحات وزير الإعلام هي مواقف شخصية وسبقت توزيره ولا تعبر عن موقف الحكومة ولبنان، بالتالي لا يمكن تحميل الحكومة المسؤولية مع التأكيد على أفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج. فما الذي تغير لكي يغير ميقاتي في موقفه سوى التهديدات السعودية التي نقلها بعض المسؤولين الغربيين والخليجيين لميقاتي على هامش مؤتمر المناخ. ولماذا استعجال الطلب من قرداحي الاستقالة والتهديد بالإقالة قبل التشاور مع الأطراف السياسية ومكونات الحكومة والوزير المعني؟
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد موقف قرداحي الذي أتى بعد رسالة رئيس الحكومة، سارع الإعلام المحسوب على الخليج، إلى التسويق لخيار إقالة قرداحي بغالبية ثلثي الوزراء وحتى من دون مشاركة وزراء أمل وحزب الله في الجلسة، كما تحدث عن «اتصالات لتأمين ثلثي عدد الوزراء للسير في القضية، بما أن الدستور اللبناني وضع شروطاً صعبة لإقالة وزير، فقد نصّت المادة 69 منه على أن إقالة الوزير تتم بمرسوم يوقّعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بعد موافقة ثلثي أعضاء الحكومة».
وتعول مصادر هذا الفريق لتأمين الثلثين، على موقف رئيس الجمهورية الذين اتخذوا القرار بالوقوف إلى جانب ميقاتي في هذه القضية بالذات، لتقاطع ظروف سياسية عدة. وكشفت هذه المصادر أيضاً عن «اتصالات لإيجاد مخرج معيّن لا يفجّر مواجهة مباشرة على طاولة مجلس الوزراء، وأحد المخارج يقضي بدعوة الحكومة واستمرار مقاطعة الثنائي الشيعي الحكومة واتخاذ القرار من دون حضورهم». إلا أن أوساطاً في فريق المقاومة تشير لـ”البناء” إلى أن «اللجوء إلى التصويت داخل مجلس الوزراء أو عقد جلسة من دون مشاركة وزراء ثنائي أمل وحزب الله سيعقد الوضع وسيضع الحكومة في مهب الريح وسيؤدي إلى توتر سياسي كبير في البلد»، ونصحت المصادر المعنيين بتجنب اللجوء إلى هذا الخيار. فيما استبعدت الأوساط إقدام فريق رئيس الجمهورية على التصويت ضد الثنائي الشيعي لا سيما أن القرارات اتخذت في كل حكومات العهد الرئاسي الحالي على الأقل بالتوافق وليس بالتصويت. كما استبعدت الأوساط استقالة ميقاتي في الوقت الراهن، لا سيما بعد المواقف الأميركية والفرنسية في مؤتمر المناخ الداعمة لبقائها كضامن للاستقرار الداخلي.
واشارت الصحيفة إلى أن ميقاتي بدأ جولته الرئاسية بزيارة بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية ميشال عون، وجرى البحث في الأزمة الخليجية. وقال ميقاتي بعد اللقاء «وضعتُ فخامة الرئيس بالأجواء التي أحاطت زيارتي إلى غلاسكو واجتماعاتي مع مختلف الجهات الدولية»، مضيفاً: «بحثتُ مع فخامة الرئيس في سبل الخروج من الأزمة الحالية مع السعودية ودول الخليج واتفقنا على خريطة طريق». ثم انتقل ميقاتي إلى عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري ووضعه في أجواء لقاءاته الخارجية وبحث أزمة لبنان مع الخليج. ثم استقبل بري وزير الخارجية عبدالله بوحبيب.
وبحسب أوساط مقرّبة من قرداحي فإنه ينتظر اتصالاً من رئيس الحكومة ليطّلع منه على مواقف المسؤولين العرب والأجانب ولمعرفة ما إذا كانت الاستقالة ستلاقي رد فعل إيجابياً خليجياً، ذلك أن أي استقالة من دون تبدل في الموقف الخليجي من لبنان تبقى من دون أي جدوى.
وأشارت مصادر مطلعة على المشاورات لـ”البناء” إلى أن «النقاش يدور بين الرؤساء بالتشاور مع حزب الله حول جدوى الاستقالة، وهل ستؤدي إلى إرضاء السعودية واحتواء غضبها ووقف إجراءاتها القاسية بحق لبنان، أم ستستغل السعودية هذا التنازل لمزيد من إذلال لبنان وفرض الشروط بعد اعتبار الاستقالة غير كافية؟ ومن يستطيع تقديم ضمانات بهذا الصدد؟
وأكدت المصادر أن «موقف قرداحي لم يتغير ولا موقف حزب الله حتى الساعة»، على رغم أن ميقاتي يطلب منحه ورقة استقالة قرداحي لكي يتسلح بها للحديث مع السعوديين والخليجيين والأميركيين ولتسهيل الوساطة القطرية والجهود الأميركية الفرنسية»، إلا أن المصادر تذهب إلى الاعتقاد بأن المسألة باتت أبعد بكثير من استقالة وزير إلى ممارسة المملكة أقصى الضغوط على لبنان لدفع حزب الله لتقديم تنازلات في الملف اليمني، وفي حال فشلت بذلك ستستمر بتصعيدها بكافة الأسلحة والوسائل حتى الإطاحة بالحكومة وبالانتخابات النيابية معاً وتعميم الفراغ السياسي وتفجير الساحة الداخلية بفتنة أهلية وانهيار اقتصادي تمهيداً لصياغة نظام لبناني جديد تكون فيه شريكة أساسية مع تقليص دور حزب الله».
ويصبح المشهد أكثر تعقيداً عندما يتم الربط بين الأزمة الديبلوماسية مع السعودية وبين ملف تحقيقات المرفأ وتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار التي حاول البعض ربطها بقضية أحداث الطيونة ووقف إجراءات استدعاء رئيس القوات سمير جعجع مقابل تنحية البيطار، وسط الحديث عن مشاورات للتوصل إلى سلة للحل تقضي باستقالة قرداحي وإعلان موقف من الحكومة مستنكر لكلام قرداحي ومطالب بأفضل العلاقات مع السعودية ودول الخليج، وبين تفعيل مبادرة البطريرك الراعي التي تقضي بكف يد البيطار عن ملاحقة الوزراء والرؤساء الذين يخضعون لنص المادة 70 من الدستور على أن يستكمل البيطار تحقيقاته بشكل طبيعي في بقية الملف. إلا أن معلومات «البناء» استبعدت نجاح هكذا تسوية في ظل الفصل الطبيعي بين الملفات الثلاثة. مرجحة أن تطول المشاورات للعثور على حل توافقي وبالتالي جمود المشهد وتعطل انعقاد الحكومة إلى أجل غير مسمى.
كما يهدد الإعلام المحلي التابع للسعودية ومعه الإعلام السعودي بجملة خطوات ستقدم عليها الرياض ومعها دول خليجية أخرى، كوقف التحويلات المالية من الخليج إلى لبنان، والرحلات الجوية ووقف التصدير والتعاملات الاقتصادية والتجارية، وصولاً إلى تصنيف العاملين اللبنانيين في الخليج بين من لهم علاقة بحزب الله أم لا.
وفي موقف يصب في خانة احتواء الغضب السعودي، أعربت وزارة الخارجية والمغتربين عن «إدانتها واستنكارها الشديدين للمحاولة الفاشلة للاعتداء بواسطة طائرتين مفخختين على السعودية»، مؤكدة تضامنها مع المملكة في وجه أيّ اعتداء يطاول سيادتها وأمنها واستقرارها ومنشآتها المدنية ومدنييها بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية. كما تؤكد تضامن لبنان الكامل ووقوفه إلى جانب المملكة، شعباً وحكومةً». وعلى رغم ذلك مضت السعودية في حملتها التصعيدية ضد لبنان، إذ دعا رئيس اتحاد الغرف السعوديّة عجلان العجلان «جميع رجال الأعمال والشركات السعوديّة إلى إيقاف جميع التعاملات التجاريّة والاقتصاديّة مع لبنان، وهذا أقلّ ما نقدّمه دفاعاً عن وطننا».
وفي المواقف الدولية، رأت متحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنه “من الضروري إبقاء لبنان خارج الأزمات الإقليمية الأوسع”. وأضافت: “يجب أن يكون لبنان قادراً على التعويل على كل شركائه في المنطقة لمساعدته على الخروج من الأزمة”.
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أن «على لبنان العمل مع شركائه لصالح الشعب، وترك قنوات الحوار مفتوحة مع دول الخليج«، موضحاً «أننا نسعى لإيجاد طرق، لتخفيف معاناة الشعب اللبناني«.
بدورها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن «روسيا تعول على أقرب وقت ممكن لحل الصراع الدبلوماسي الدائر بين لبنان ودول الخليج العربية»، مشيرة إلى أنه لم يطلب أحد من الجانب الروسي التوسط لحل هذه الأزمة». وأضافت زاخاروفا أن «التصريحات التي قالها قرداحي أتت في وقت لم يكن فيها بعد وزيراً يمثل الدولة اللبنانية وحكومتها، داعية الأطراف إلى حل الخلاف في أقرب وقت ممكن».
وتطرقت الصحيفة إلى ملف تحقيقات مرفأ بيروت، واشارت إلى كف يد المحقّق العدلي طارق البيطار عن قضيّة انفجار مرفأ بيروت بشكل موقت إلى حين بتّ محكمة الاستئناف بالدعوى التي قدّمها منذ أيام قليلة وكلاء الدفاع عن الوزير السابق يوسف فنيانوس.
ولفتت إلى أنه بعد دعوى نقل الشكوى المقامة من وكلاء الوزير فنيانوس أمام محكمة التمييز، تقدم فريق الدفاع عن فنيانوس بطلب رد إلى محكمة الاستئناف في بيروت، وتمت إحالة هذه الدعوى إلى الغرفة التي يرأسها القاضي نسيب إيليا، ولأن إيليا سبق أن ردّ شكلاً كل الدعاوى التي قُدمت بحق البيطار، تنحى عن الملف وتمت إحالة الدعوى المقامة من فنيانوس إلى الرئيس الأول في محكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله. وكلف رزق الله بدلاً من القاضي إيليا القاضي حبيب مزهر، الذي قرر مع الهيئة في محكمة الاستئناف، ابلاغ القاضي البيطار هذه الدعوى وإعطاءه مهلة 3 أيام، للردّ عليها على أن تبتّ بها محكمة الاستئناف في ما بعد.
وأوضح خبراء قانونيون لـ”البناء” أن “المشهد القضائي يتعقد أكثر فأكثر من خلال هذا الكم من الدعاوى المقدمة من وكلاء المدعى عليهم ضد القاضي بيطار واختلاف الآراء داخل المؤسسة القضائية نفسها والتدخلات السياسية بعمل القضاء، فضلاً عن الاعتراضات القانونية والسياسية على أداء بيطار». مشيرة إلى أن «المحقق العدلي غير ملزم بمهلة معينة للإعلان عن تقريره الظني لكن عليه أن يكشف عن هذا التقرير فور اكتمال المعطيات لديه وأن يكون قد استمع إلى مختلف الشخصيات السياسية والقضائية والأمنية والإدارية المسؤولة عن المرفأ، إضافة إلى تقديمه رواية كاملة وشاملة ومتماسكة وغير مجتزأة عن التفجير لكي يتمكن المجلس العدلي من استكمال التحقيقات والمحاكمات».
ولفت في هذا السياق إعلان القاضي شادي قردوحي اعتكافه عن حضور جلسات محكمة الجنايات، كاشفاً عن مخالفات قضائية كبيرة وتدخلات سياسية لمنع صدور أحكام بحق متهمين بجرائم قتل.
وقالت الصحيفة إنه في ملف قضائي آخر، أخلي سبيل الموقوف في أحداث الطيونة أنطوان روحانا بعدما نفذ أهالي الموقوفين وقفة احتجاجية أمام المحكمة العسكرية في بيروت للمطالبة بإخلاء سبيل الموقوفين، وأوضحت النيابة العامة أن «القاضي فادي عقيقي يتعامل مع كل ملف يطرح أمامه من دون أي إملاء أو توجيه سوى من ضميره وحسن إدارته للأمور». وأكدت في بيان، أن «ما يتم تداوله عن تدخل بعض الأشخاص الذين لديهم آراء أو توجهات سياسية لا يمت إلى الحقيقة بأي صلة ويدخل ضمن المناكفات والتشنجات السياسية التي تتسم بها ظروف البلاد الحالية».
واشارت الصحيفة إلى أن التطورات السياسية والقضائية والأمنية حجبت الضوء عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتفاقمة إلى حد غير مسبوق، مع تسجيل ارتفاع إضافي بأسعار المحروقات والخبز وإيجارات الشقق السكنية والنقل والمواد الغذائية وكافة الخدمات وسط تحذير من رفع الدعم عن الاتصالات وخدمات الإنترنت في وقت قريب، فضلاً عن احتمال انقطاع الإنترنت عن لبنان في حال لم يتم توفير المازوت ما يعزل لبنان عن العالم كلياً. وحذر مدير عام هيئة «أوجيرو» عماد كريدية، أنه «إذا لم يتم تأمين مادة المازوت لتشغيل الشبكات فسنكون أمام كارثة توقّف خدمة الإنترنت كلياً»، مشيراً إلى أن «رفع التعرفة على الاتصالات لا يزال خارج جدول الإعمال لكن الوضع صعب». وأشارت مصادر معنية بالملف لـ»البناء» إلى أن «هناك 350 مركزاً لأوجيرو في لبنان ويجب تزويدها بكمية المازوت اللازمة والمقدرة بمليار ليرة يومياً وإلا فلن تستطيع تشغيل هذه المراكز»، لكن المصادر أكدت بأن رئيس الحكومة وقع على مرسوم استثنائي بتأمين سلفة مالية لدعم أوجيرو بقيمة 40 مليار ليرة تكفي لمدة شهرين ولم يعرف إذا كانت سلفة من الخزينة أم مصرف لبنان أم من اعتمادات وزارة الاتصالات»، وتوقعت المصادر أن يبدأ صرف السلفة خلال الأيام القليلة المقبلة لكن مع مخاوف من تجدد الأزمة بعد شهرين».
وتشكك مصادر قانونية بمدى قانونية إقرار هذه السلفة عبر توقيع المرسوم الاستثنائي من رئيسي الحكومة والجمهورية في ظل حكومة أصيلة وليست تصريف أعمال، ما يضع الحكومة بخانة تصريف أعمال غير معلن.
“النهار”: موقف متقدّم لميقاتي
أما صحيفة “النهار” فقالت إنه أي أثر سيكون للموقف المتقدم “والاستثنائي” الذي أطلقه رئيس الحكومة جيب ميقاتي أمس من السرايا، غداة عودته من لقاءات غلاسكو وعقب لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون بعدما “عاجل” الفريق الذي اطلقت إليه رسائل ميقاتي أي “حزب الله ” تحديداً موقفه هذا بالضربة القاضية الفورية؟”
واضافت “بدا لكثير من المراقبين ان ميقاتي عندما أعلن مواقف عالية السقف من “التعطيل من داخل الحكومة” ومن “لغة التحدي والمكابرة” ومن “فرض الرأي عبر المنابر الإعلامية” ومن ثم بالتمسك بالعمق العربي للبنان وخصوصا العلاقات مع المملكة العربية السعودية، كل هذه الرسائل الساخنة التي ميزت موقفه عن مواقف “الشركاء” المنخرطين في المواجهة العبثية مع السعودية والدول الخليجية مهدت لمرحلة جديدة داخلية من شدّ الحبال الحاد بين ميقاتي وهؤلاء الافرقاء الذين “يقطرهم” خلفه “حزب الله”. وإذ بدا واضحا ان ميقاتي أراد توظيف الدعم القوي لبقاء الحكومة وإعادة تفعيلها، الذي تلقاه عبر لقاءات غلاسكو ولا سيما منها الأميركية والفرنسية، شدد تحرك ميقاتي نحو الرئيس عون ومن نحو رئيس مجلس النواب نبيه بري على مسارين متوازيين هما اقناع او اقتناع وزير الاعلام جورج قرداحي بالاستقالة الفورية كإجراء لم يعد من مفر من اتخاذه كحد ادنى للبدء باحتواء تداعيات العاصفة السعودية -الخليجية، وتأمين انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعزل هذا المسار عن المسار القضائي المتصل بموقف الثنائي الشيعي المطالب بتنحية المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار. وشكك المطلعون في ان يكون ميقاتي مضى في هذا الاتجاه لو لم يلق مؤشرات موافقة عليه من الرئيس عون فيما سعى بعد ذلك إلى الحصول على موافقة الرئيس بري وطلب مساعدته لإقناع “حزب الله” به”.
وتابعت “النهار” انه “بيد ان الجواب السلبي على ميقاتي لم يتأخر اذ جاء أولا وبسرعة عبر وزير الاعلام جورج قرداحي معلنا بعد اقل من ساعتين على إلقاء ميقاتي كلمته في السرايا “انني لن أستقيل وموقفي لم يتغير”. ومن ثم جاء في بيان “كتلة الوفاء للمقاومة” التي رجعت صدى المواقف النارية والهجومية من السعودية ومن الوضع الداخلي التي كان أعلنها نائب الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم فشددت على رفض “الإملاءات الخارجية حول خطوات عمل الحكومة، إزاء هذه المسألة أو غيرها”، ورأت في ذلك “اتجاها لطعن الكرامة الوطنية من جهة أو لتهديد استقرار البلاد والإطاحة بالانتخابات النيابية من جهة أخرى، فضلا عن كونها لن تعالج الأزمة المفتعلة، بل ربما تزيد من تفاقمها”. كما اكدت أنها “تتمسك بموقفها الداعي إلى تنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار عن مواصلة التحقيق في كارثة انفجار مرفأ بيروت”.
ولفتت الى انه “يبدو ان الموقف المتشدد في رفض استقالة قرداحي بعد موقف ميقاتي، دفع الامور إلى متاهة تصعيدية داخل “البيت الحاكم والحكومي” منذرا بكباش حاد يتعين رصده في الساعات المقبلة. ذلك ان ثمة معطيات تحدثت عن تداول وضع احتمال اقالة قرداحي على الطاولة في شكل جدي من خلال العمل على توفير أكثرية الثلثين الدستورية في مجلس الوزراء. ولكن هذا الاتجاه بدا مشكوكا فيه لانه يتوقف على صعوبة توفير الثلثين من الوزراء أولا ومن ثم على التحسب لردة فعل السلبية للثنائي الشيعي و”تيار المردة” حياله بما قد يطيح الحكومة كلا”.
واشارت الصحيفة إلى أن هذه المعطيات استندت إلى فرضية موافقة رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” على استقالة او اقالة قرداحي بعدما زار ميقاتي رئيس الجمهورية وقوله “بحثتُ مع فخامة الرئيس في سبل الخروج من الأزمة الحالية مع السعودية ودول الخليج واتفقنا على خارطة طريق”. ومن ثم دعا في كلمته في السرايا وزيرَ الاعلام “إلى تحكيم ضميره وتقدير الظروف واتخاذ الموقف الذي يجب اتخاذه ويبقى رهاني على حسه الوطني لتقدير الظرف ومصلحة اللبنانببن وعدم التسبب بضرب الحكومة بحيث لا تعود قادرة على الانتاج والعمل”. وقال: مخطئ من يعتقد ان التعطيل ورفع السقوف هو الحل ولا يمكن لاي فريق ان يختصر الشعب وادعو الجميع لاختصار الطريق والقيام بالخطوات المطلوبة للمساهمة بالحل وتعويض الايام التي ذهبت هدراً بمناكفات. وقال “لا تدار البلاد بلغة التحدي والمكابرة بل بكلمة سواء تجمع اللبنانيين وتوحّدهم في ورشة عمل واحدة لانقاذ وطنهم، ومخطئ مَنْ يعتقد انه قادر على فرض رأيه بالتصعيد الكلامي على المنابر. مخطئ أيضا مَنْ يعتقد انه، وفي لحظة تحولات معينة لم تتضح معالمها النهائية بعد، يمكنه الانقلاب على الدستور واعادة الوطن إلى دوامة الاقتتال الداخلي والانقسامات التي لا نزال ندفع ثمنها غاليا حتى اليوم.
الموقف الفرنسي
من جهة أخرى، قالت الصحيفة إنه في غضون ذلك برزت مواقف فرنسية جديدة حيال لبنان من باريس وبيروت في وقت واحد. وأعلنت متحدثة باسم الخارجية الفرنسية أنه “من الضروري إبقاء لبنان خارج الأزمات الإقليمية الأوسع”. واضافت: يجب أن يكون لبنان قادرا على التعويل على كل شركائه في المنطقة لمساعدته على الخروج من الأزمة”.
وفي بيروت افاد مصدر ديبلوماسي فرنسي “النهار” ان الرئيس ميقاتي طلب من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في لقائهما في غلاسكو ان يجري الاتصالات الأزمة من اجل وقف تدحرج الأزمة مع الدول الخليجية وهو تاليا لم يتحدث عن استقالة امام الجانب الفرنسي من اجل ان يتم منعه او تقديم نصيحة له بعدم الاستقالة. فلا يمكن تقديم النصح ازاء امر لم يطرح، فيما ان الرئيس الفرنسي الذي، وعلى رغم الانشغالات المتعددة والكبيرة امامه من اجتماعات مجموعة العشرين إلى اجتماعات غلاسكو، لم يشأ الا ان يولي التطورات الاخيرة اهتمامه بلقاء ميقاتي في غلاسكو، دافعا كما فعل ابان زيارة رئيس الحكومة إلى باريس بوجوب ان يقوم لبنان بواجباته او فروضه إذا صح التعبير، وذلك جنبا إلى جنب استمرار الاستعداد لمساعدة لبنان. اذ لا يمكن اقناع الدول ولا سيما المملكة السعودية بما سبق ان تولته فرنسا عن شرح الواقع في لبنان ما لم يتخذ قرار يحافظ على التوزانات السياسية. ولم يشأ المصدر الفرنسي الدخول في اي شكل في ابداء الرأي في ما يراه من مخرج للأزمة الديبلوماسية مع الدول الخليجية في ظل تراكم الازمات في لبنان وتناسلها بحيث ان في مقابل كل حل في رأيه تنشأ مشكلة، فيما ان ازمات لبنان تتفاوت بين الأزمة الديبلوماسية والأزمة الحكومية والأزمة الاقتصادية والأزمة النظامية.
كف يد البيطار
من ناحية اخرى، قالت الصحيفة إنه في غضون ذلك برزت خطوة مفاجئة في ملف التحقيق العدلي اذ قررت محكمة الإستئناف في بيروت برئاسة القاضي حبيب مزهر كف يد قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار موقتاً عن ملف التحقيق في ملف انفجار المرفأ إلى حين بت المحكمة الطلب المقدم من الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام هذه المحكمة لرد المحقق العدلي الذي تقدم به وكيلاه المحاميان طوني فرنجية ونزيه الخوري الشهر الماضي. وتبعا لتوقف البيطار عن متابعة التحقيق بموجب هذا القرار سترجأ الجلسة المقررة الثلثاء المقبل للتحقيق مع النائب غازي زعيتر.
ولفتت إلى أنه يبدو ان فريق الدفاع عن فنيانوس تقدّم بطلب رد إلى محكمة الاستئناف في بيروت، وتمت احالة هذه الدعوى إلى الغرفة التي يرأسها القاضي نسيب ايليا، ولأن ايليا سبق ان ردّ شكلا كل الدعاوى التي قُدمت بحق البيطار، تنحى عن الملف وتمت احالة الدعوى المقامة من فنيانوس إلى الرئيس الاول في محكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله. وكلف رزق الله بدلا من القاضي ايليا القاضي حبيب مزهر، الذي قرر مع الهيئة في محكمة الاستئناف، ابلاغ البيطار هذه الدعوى واعطاءه مهلة 3 ايام، للردّ عليها على ان تبتّ بها محكمة الاستئناف في ما بعد. إلى ذلك، افادت المعلومات ان المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان عمم على الأجهزة الأمنية مذكرة التوقيف الصادرة عن القاضي البيطار بحق الوزير السابق علي حسن خليل.
https://t.me/joinchat/TG_C3kK6vkA0NmE0