د. محمود جباعي
حازت ثروة لبنان النفطية وبالأخص الغاز الطبيعي على حيّز كبير من الاهتمام في الفترة الأخيرة خاصةً بعد مرور لبنان بأزمة اقتصادية ومالية خانقة من كل الجوانب وغياب أي أفق حقيقي للحل. وبات أمل معظم اللبنانيين مرتبطًا بتحقيق حلم استخراج الثروة النفطية بأسرع وقت ممكن علها تساهم في خروج لبنان من أزمته المالية الخانقة مما ينعكس ايجابًا على حياتهم المعيشية اليومية ومستقبل جيل يسعى بكل السبل إلى الهجرة نحو أي بلد آخر يوفر له الحد الأدنى من العيش الكريم. لكن مع كل هذا الأمل يبقى الشعور السائد لدى معظم اللبنانيين أنه لا خلاص قريبًا لموضوع استغلال الثروة النفطية بفعل الضغوطات الأميركية في ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي من جهة، وتقاعس معظم السياسيين اللبنانيين وتماهيهم مع السياسات الأميركية من جهة أخرى.
تقديرات حجم ثروة لبنان النفطية
تقدر ثروة لبنان الغازية والنفطية حسب الدراسات الأولية بكمية هائلة، فهي قد تصل الى 96 ترليون قدم مكعب من الغاز و900 مليون برميل من النفط، أي ما يقدر بحوالي 600 مليار دولار كعائدات غازية وحوالي 450 مليار دولار كعائدات نفطية. هذه العائدات الهائلة إن أُحسن استعمالها ستؤدي حتمًا الى دفع العملية التنموية قدمًا في كافة المجالات الاقتصادية والمالية والنقدية وأيضًا الاجتماعية والمعيشية لأنها ستخلق فرص عمل كبيرة وتؤمن معاشات شهرية تكفي حاجات معظم اللبنانيين.
النتائج الإيجابية لاستغلال الثروة النفطية
حتمًا إن استغلال ثروة لبنان النفطية بأسرع وقت ممكن سيكون له وقع ايجابي جدًا على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية فضلًا عن آثارها النفسية على معظم الشعب اللبناني لأنها تشكل بارقة أمل في مستقبل لبنان. ويمكن تلخيص أبرز الآثار الايجابية بما يلي:
1- تأمين موارد مالية ضخمة تساهم في الحد من الدين العام والعجز المتراكم في الموازنة العامة.
2- تحسين قدرة الدولة اللبنانية في الانفاق العام على الرواتب والاجور والتقديمات الاجتماعية والصحية.
3- سوف يرتفع مؤشر الاستثمار ومؤشر الانتاجية وهذا سيساهم في ارتفاع معدلات الناتج المحلي الاجمالي مما سيخلق معدلات نمو قد تصل الى أكثر من 5 بالمئة سنويًا.
4- انعكاس مباشر ايجابي على الدخل القومي الاجمالي يساهم في ارتفاع الدخل الفردي مما يعزز القدرة الشرائية للمواطن اللبناني ومستواه المعيشي.
5- يرتفع معدل الناتج المحلي الاجمالي مما يخلق معدلات نمو اقتصادي عالية تقضي على الركود الاقتصادي الذي يمر به لبنان منذ سنوات طويلة جدا.
6- تقليل الحاجة للاستيراد وارتفع الاعتماد على الانتاج المحلي مما يخفض العجز في الميزان التجاري.
7- العائدات النفطية العالية ستساهم في تعزيز الاقتصاد المنتج من زراعة وصناعة مما يساهم في تحقيق نمو اقتصادي مستدام.
8- انخفاض معدلات البطالة بسبب كثرة الاستثمارات وارتفاع فرص العمل.
9- تحسن ملحوظ في سعر صرف العملة الوطنية بسبب توفر الرساميل الأجنبية من جديد مما سيخلق توازنًا نقديًا.
10- دخول لبنان ضمن نوادي الدول النفطية سيحسن من تصنيفه الائتماني ويجعله دولة ذات ثقة عالية مما سينعكس ايجابًا على الأوضاع المختلفة في البلاد.
تعتبر الثروة النفطية نعمة اقتصادية ومعيشية كبرى بالنسبة للبلدان الموجودة فيها كما هو الحال في لبنان شرط أن يتم استغلالها بشكل سريع ودقيق علمًا أن لبنان يمر اليوم بأصعب الأزمات والظروف الاقتصادية والمالية والمعيشية لذلك يتوجب على أصحاب الشأن والجهات المعنية اتخاذ قرارات استراتيجية تصب في مصلحة الشعب اللبناني دون مراعاة لمصالح الدول الأخرى التي تسعى الى الضغط على لبنان من أجل تحصيل مكاسب سياسية عبر تشديد الخناق الاقتصادي عليه. وهذه الدول تعلم أن منع لبنان من استغلال ثروته النفطية سيجعله يلجأ الى صندوق النقد الدولي مما يضعه تحت رحمتها سياسيًا وماليًا، لذلك اليوم علينا اتخاذ قرار جريء يجبر هذه الدول على تسريع عملية التنقيب داخل الحدود اللبنانية والمقصود بهذا القرار هو التوجه نحو قبول عروض ايرانية في هذا المجال وفق ما أعلن عنه أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عن الاستعداد لاستقدام شركات إيرانية لديها تجربة وخبرة واسعة في عملية التنقيب تساهم في كسر حاجز الصمت الذي تفرضه الولايات المتحدة ومن معها من دول على عملية استخراج الثروة النفطية اللبنانية.