الوقت – أدت الإخفاقات المتكررة في الملفات الاستخبارية والعملياتية لجهاز تجسس الکيان الصهيوني، إلى موجة من الاستقالات والتغييرات في هذا التنظيم.
وقبل يومين، أُعلن عن استقالة ثلاثة من كبار ضباط الموساد المسؤولين عن إدارة التجنيد والمرتزقة وإدارة التكنولوجيا وما يسمى بوحدة مكافحة الإرهاب في الموساد، استجابةً لقرارات رئيس الموساد الجديد ديفيد بارنيا.
كما أعلنت بعض المصادر الإعلامية أنه من المقرر أن يستقيل عدد آخر من مسؤولي جهاز التجسس هذا خلال الأيام المقبلة، احتجاجًا على التغييرات وإغلاق بعض فرق الموساد وفتح فروع جديدة وتعزيز بعض الفروع الأخرى.
وبحسب هذا التقرير، يعتزم رئيس الموساد تركيز عمل جهاز التجسس هذا على مجالين: التكنولوجيا والعمليات. ويشعر بارنيا أن “الموساد يتخلف عن أجهزة (المخابرات) الأخرى في العالم في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا.
مأزق الموساد
في الأشهر الأخيرة من رئاسته، قام رئيس وزراء الکيان السابق نتنياهو بتغيير رئيس وكالة التجسس التابعة للموساد، ونتيجةً لذلك، خضعت المنظمة لتغييرات جوهرية.
کما أقال نتنياهو رئيس الموساد السابق يوسي كوهين يوم الاثنين 3 يونيو، بعد يومين فقط من إعلان وقف إطلاق النار في غزة، ليحل محله ديفيد بارنيا، وهذا التغيير فور وقف إطلاق النار في غزة أظهر أن الموساد لم يتمكن من تحقيق الأهداف المنشودة في هذه المعركة.
في ذلك الوقت، اعتبرت معظم وسائل الإعلام في المنطقة أن هذه الإطاحة سببها عدم قدرة رئيس الموساد السابق كوهين وفشله في حرب غزة. وذكرت صحيفة “عربي بوست” أنه “حتى قبل حرب غزة، لم يكن بإمكان المخابرات الإسرائيلية(الموساد) توقع تكتيكات المقاومة الفلسطينية للتغلب على القبة الحديدية”.
وبحسب الصحيفة، فقد كان من الواضح أن المشكلة الرئيسية لإسرائيل هي نقص المعلومات وعدم الكشف عن التكتيكات الخادعة والتمويه من قبل حماس والجهاد الإسلامي، وبفضل قدرة الهيكل العسكري وإخفائه، كان من الصعب أن تصل إليه أعين المخابرات الإسرائيلية ولا أسلحة الجيش الإسرائيلي.
الهزيمة الاستخباراتية في حرب غزة تصدرت عناوين الصحف في وسائل الإعلام الصهيونية، بحيث كتب رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” ألوف بن: “دعا بعض المعلقين الإسرائيليين إلى تطهير الجيش من بعض القادة العسكريين الإسرائيليين بسبب أفعالهم في حرب غزة”.
في الوقت نفسه، تحدث التغييرات الحالية بعد حوالي ستة أشهر من تولي الرئيس الجديد للموساد منصبه، وتظهر أنه حتى الرئيس الجديد للمنظمة لم يتمكن من تحقيق أهدافه خلال هذه الأشهر الستة، ولهذا السبب يفكر مسؤولو الموساد الآن في إجراء المزيد من التغييرات.
كما عانى الموساد من نكسات كبيرة في العمليات الميدانية مؤخرًا. بحيث في نيسان من هذا العام، وللمرة الثانية خلال أقل من ثلاثة أسابيع، طلب الکيان الإسرائيلي من مواطنيه عدم السفر إلى العراق، بعد تدمير مجموعات عراقية لمركز استخبارات الموساد في أربيل.
قبل الهجوم على مقر الموساد في أربيل في 29 أبريل 1400، حذر الکيان الصهيوني من سفر سكان الأراضي المحتلة إلى العراق، وخاصةً في شمال البلاد. ويعتبر الخبراء التحذيرات المتكررة للکيان الصهيوني من سفر سكان الأراضي المحتلة إلى كردستان العراق، علامةً على فضح الجواسيس الإسرائيليين في هذا الإقليم.
وكان تدمير مجموعات عراقية لمركز استخبارات الموساد في نيسان(أبريل) الماضي، أحد أوضح العلامات على كشف عملية الموساد في العراق، وقوبلت الأخبار المتعلقة بذلك بالعديد من ردود الفعل في ذلك الوقت.
الفشل السيبراني
بالإضافة إلى الإخفاقات الميدانية، كانت وكالة التجسس التابعة للکيان الصهيوني غير قادرة على توفير الأمن السيبراني للکيان أيضًا.
وفي هذا الصدد، في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الصهيونية، عن قيام مجموعة من المتسللين بتسريب ملفات استخباراتية عن جيش الکيان، تضمنت معلومات عن مئات الجنود.
وبحسب موقع صحيفة يديعوت احرونوت، نشرت هذه المجموعة التي أطلقت على نفسها “عصا موسى”(Moses Staff)، ملفاً يحتوي على التفاصيل الكاملة للكتائب القتالية للجيش الإسرائيلي. وتتضمن هذه المعلومات تفاصيل مئات الجنود في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الاسم والبريد الإلكتروني وعنوان المنزل ورقم الهاتف.
وبعد أيام قليلة، زعمت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية أن مجموعة قرصنة إيرانية تدعى “بلاك شادو” قامت باختراق خوادم شركة الإنترنت الصهيونية “سايبر سيرف” وجعلتها غير قابلة للوصول، وهددت بالكشف عن معلوماتها. ووفقًا للتقرير، فإن سايبر سيرف هي شركة استضافة ويب تقدم خدمات الخادم وتخزين البيانات للشركات الصناعية.
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست أن البيانات التي حصل عليها المتسللون الإيرانيون تغطي مجموعةً واسعةً من المهن: من شركة حجز تذاكر طيران بيغاسوس إلى شركة دان باص، حتى أنها تحتوي على معلومات حول متحف الأطفال الصهيوني.
بالطبع، لم يكن هذا هو الهجوم الإلكتروني الأول والوحيد ضد الکيان الصهيوني، حيث تعرض هذا الکيان لهجمات الكترونية متكررة.
وفي هذا الصدد، أعلنت شركات الأمن السيبراني الأمريكية والکيان الصهيوني قبل أسبوع، أن مجموعة الهاكرز “ليسيوم” استهدفت المنظمات والشبكات الصهيونية.
کما يقول التقرير أيضًا أنه في حالة واحدة بعينها، استهدفت ليسيوم مكتبًا في وزارة الخارجية، احتوی علی معلومات قيمة عن الوضع الحالي للعلاقات الثنائية والتفاعلات المستقبلية.
في الوقت نفسه، أقر رئيس هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي الجنرال أفيف كوخافي، في خطابه الجديد أمام لجنة الكنيست للشؤون الخارجية والدفاع، بأن التهديد الأكثر أهميةً لإسرائيل في هذه المرحلة يتمحور حول الهجمات الإلكترونية على المؤسسات الاقتصادية والمدنية.
وحذر كوخافي من التبعات السلبية لهذه الهجمات، والتي قد تؤدي إلى شلل وتعطيل العديد من الأنظمة والمؤسسات(كما حدث مؤخرًا في مستشفى هيليل).
وفي هذا الصدد، حذر جيل شواد، مدير شركة تشيك بوينت الإسرائيلية الأمريكية، وهي شركة برمجيات، من أن “إسرائيل ليست مستعدةً للرد على هذه الهجمات بالمستوى المطلوب، خاصةً في البنية التحتية مثل شبكة المياه وما إلى ذلك”.
وبحسب التقرير، فإن تحذيرات شواد تتماشى مع تقرير صادر عن المفتش العام لفلسطين المحتلة، حول مخاطر الهجمات الإلكترونية على أنشطة المؤسسات المدنية والاقتصادية التي تعتمد بشكل شبه كامل على أنظمة التكنولوجيا.
إن اعتراف السلطات الصهيونية بعجز الکيان في مواجهة الهجمات الإلكترونية، يظهر بشكل جيد أن هذا الکيان ليس فقط ضعيفًا في عمليات الأمن الميداني، بل إن جهاز التجسس لديه ضعف للغاية في مواجهة الهجمات الإلكترونية أيضًا.