ميساء مقدم
في اجواء ذكرى انتصار لبنان وشعبه في تموز 2006، ومع اقتراب ذكرى التحرير الثاني في 28 آب، التقى موقع “العهد” رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين، الذي أطلق جملة من المواقف، أكد خلالها أن “المعادلة (مع العدو) تم تثبيتها والتأكيد عليها من خلال الصواريخ التي أطلقت، وأن الاسرائيلي اذا كان يفكر أن بامكانه أن يغير قواعد ومستلزمات هذه المعادلة من طرفه فهو غير قادر على ذلك”، مشددا على أن “جهوزية المقاومة دائمة، وهي حاضرة لردع العدو عند القيام بأي اعتداء بغض النظر عن أي تغيرات وتبدلات ساسية داخلية أو سياسية اقليمية على مستوى المنطقة” وأن “معادلة الجيش والشعب والمقاومة قائمة وثابتة وناجحة ومنتجة”.
وفي ما يرتبط بذكرى انفجار مرفأ بيروت، جدد السيد صفي الدين تأكيد حزب الله أن “عدم تبيان ما الذي حصل وعدم تقديم تقرير أو رؤية أو سردية لما حصل يعني أن الباب سيبقى مفتوحا أمام الاشتهاءات والاجتهادات والتدخلات والاستثمارات” وأن “تحديد وتوصيف ما الذي حصل يحدد الكثير من الاتجاهات التي ينبغي ان يذهب اليها التحقيق حتى يكون الناس على بيّنة، وفي هذا الموضوع نحن نرى الأمور غير سليمة وغير صحيحة”.
وحول الهجوم الأخير لوزير الخارجية السعودية على حزب الله، قال السيد صفي الدين لموقع “العهد”: “السعودية فشلت، فشلت في اليمن وفي سوريا والعراق وفلسطين ولبنان، وفشلت في خياراتها الخاطئة حينما اتخذت سياسات أميركية محضة خلافًا لمصالح الشعوب. مشكلتكم أنكم أنتم فشلتم لماذا تريدون أن تحملونا فشلكم؟”، وتابع “أنتم أنفقتم عشرات المليارات من الدولارات في المكان الخطأ، في التوقيت الخطأ، في القضية الخطأ، في الساعة الخطأ، هذه أخطاؤكم أنتم. أنتم تحالفتم مع من اعتبرتم أنهم يخدمون سياساتكم لكنهم كانوا عاجزين”.
في الشأن المعيشي، أعلن رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله أنه “على مستوى برامجنا الخاصة في حزب الله نحن اليوم في حالة استنفار كاملة، وكل تشكيلاتنا تعمل في خدمة الناس” كاشفا عن صندوق الامام المنتظر (عج) الذي تشكل منذ 4 أشهر وهو عبارة عن التبرعات التي يقدمها العاملون في حزب الله من المتفرغين والمتعاقدين من رواتبهم الخاصة، وأنه الى الآن “أصبحت المبالغ كبيرة بحمد الله وهي تصرف وتنفق في خدمة الناس وسيأتي يوم نعلن عن كل هذه المبالغ”.
وشدد السيد صفي الدين على ان “المقاومة التي انطلقت على اسم الله وعلى تضحيات هؤلاء الناس الطيبين الطاهرين المضحين الذين ما خذلوها يوما وما خذلتهم يوما هي مع شعبها وأهلها على العهد الذي كانت عليه، هي دائما معهم في كل الميادين والساحات تدافع عن كراماتهم وقضاياهم وعزهم وتقف الى جانبهم لتتحدث معهم بلغة فيها كل الصدق ولغة القلب والمنطق والعقل والحق، ونحن على ثقة كاملة وتامة، كما واجهنا في السابق صعابا كثيرة وتجاوزناها، هذه الصعاب ذات الثوب الجديد والطريقة الجديدة والاسلوب الجديد أقطع واجزم أننا سنتجاوزها”.
وفي ما يلي نص المقابلة:
* التصعيد في الجنوب
ـ بعد رد المقاومة الاسلامية على الغارات الاسرائيلية الأخيرة التي شكلت خرقًا لقواعد الاشتباك منذ الـ 2006، هل يعتبر حزب الله أن قواعد الاشتباك ثُبتت من جديد؟ وهل الانكفاء الاسرائيلي عن الرد هو ارتداع وعدم رغبة في الحرب، أم أنه تحضير لما هو أكبر، خصوصًا مع ما نقلته وسائل اعلام اسرائيلية عن مسؤول أمني كبير من أن “الجيش الاسرائيلي يعمل على بلورة ردود ضد حزب الله من خلال طرق ووسائل متعددة منها ما هو علني ومنها ما هو سري”؟
نحن تعودنا على الطريقة الإسرائيلية في التعاطي مع هذه الملفات، حينما يكون وضعه غير مساعد وهو مضطر الى أن يستجيب لمقتضيات تثبيت المعادلة القائمة يتحدث عن وعود في المستقبل علنية أو غير علنية. في نهاية المطاف نحن نعرف أننا في مواجهة مع الاسرائيلي على مدى الأيام والساعات. لكن ما يهمنا الآن هو ليس المواجهة بمعناها الواسع والعريض انما ما يهمنا هو تثبيت المعادلة، أن المعادلة تم تثبيتها والتأكيد عليها من خلال هذه الصواريخ التي أطلقت، وأن الاسرائيلي اذا كان يفكر أن بامكانه أن يغير قواعد ومستلزمات هذه المعادلة من طرفه فهو غير قادر على ذلك. هذا هو الأساس في هذه المواجهة بعيدًا عن أي تكهنات وتحليلات ووعود اسرائيلية لشأن داخلي سياسي، هذه الوعود مرتبطة بالمشكلة السياسية التي تعانيها الحكومة الاسرائيلية الجديدة.
نحن لاحظنا خلال ساعات المواجهة التي حصلت أنه كان هناك فرق لدى الاسرائيلي بين المستوى السياسي والمستوى العسكري. العسكري كان من الواضح أنه لا يريد التصعيد باتجاه الحرب لأن ليس له مصلحة في ذلك، وهذا حديث آخر، وبين السياسي الذي كان مربكا واستمر النقاش الى ما يقارب منتصف الليل حتى حسموا خياراتهم بعدم التصعيد. وهذا دليل على أن القيادة السياسية في “اسرائيل” ما زالت حديثة العهد وتخاف من اي مغامرة سياسية غير محسوبة، ونتنياهو بالانتظار.
ـ هل المقاومة الإسلامية في لبنان جاهزة لخوض مواجهة عسكرية مع العدو الاسرائيلي حاليًا؟ وهل هناك من يضمن أن أي مواجهة مقبلة لن تتطور وتتوسع الى حرب اقليمية؟
هناك قاعدة اعتمدها حزب الله في عمل المقاومة الإسلامية طوال كل السنوات الماضية، هي جهوزية المقاومة الدائمة والحاضرة لردع العدو عند القيام بأي اعتداء بغض النظر عن أي تغيرات وتبدلات ساسية داخلية أو سياسية اقليمية على مستوى المنطقة. البعض دائما يحاول الربط بين الوضع السياسي الداخلي أو الوضع السياسي الاقليمي وبين ما تقوم به المقاومة ونحن نقول ان هذا الربط ليس صحيحا وليس موفقا ولا يمكن الركون اليه دائما. لا يعني ذلك أننا نعيش في عالم آخر، نحن نعيش في لبنان والمنطقة الا أن وظيفة المقاومة في جهوزيتها الردعية هي وظيفة مختلفة ولا تتأثر كثيرًا بالوضع السياسي الداخلي والاقليمي.
القاعدة الثانية في عملنا كمقاومة اسلامية أننا لم نسع في يوم لحرب ولا نسعى في يوم الى حرب. لا أحد يتخيل أو يتصور أو يحلل أن المقاومة الاسلامية هي في طور الدخول في حرب، ابدا هذا ليس من أهدافنا، نعم اذا فرضت علينا الحرب نكون دائما في جهوزية.
ـ في الداخل، عاد الهجوم على حزب الله من بوابة قرار السلم والحرب، واتهام المقاومة بتحويل لبنان الى ساحة لتحقيق أهداف ايران، كما تحدثت بعض الصحف كـ “النهار” عن ضعف أصاب معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” خصوصًا بعد أحداث شويا وخلدة، وظهور عدم احتضان شعبي للمقاومة من قبل فئات، وأيضًا بعد بيان الجيش الذي أثار استغرابًا وظهر بمظهر “المحايد” بأفضل الأحوال بين المقاومة والعدو، ما هو تعليقكم؟
معادلة الجيش والشعب والمقاومة قائمة وثابتة وناجحة ومنتجة، لا يعني ذلك أن الأدبيات التي يستخدمها الجيش هي نفسها الأدبيات التي تستخدمها المقاومة، لكل موقعه وأدبياته وظروفه، أما حين نتحدث عن هذه المعادلة فنحن نتحدث عن هذا التماسك على مستوى الروؤية ومستوى الجبهة ومستوى العدو، هذا لم يختلف لا شعبيا ولا سياسيا ولا عمليا على مستوى ما نواجهه مع العدو الاسرائيلي. اما حصول بعض الأحداث الطفيفة فيتم تطويقها بلحظتها وهذا يحصل. في نهاية المطاف العمل العسكري ليس نزهة، بل هو عمل فيه مشقة وتعب وفيه أمور تحصل بين الحين والآخر على مستوى الجهوزية والمعركة والاحتكاكات التي قد تكون غير محسوبة أو مدروسة أو غير مقصودة. هذه أمور جزئية وبسيطة وتم تطويقها من قبل نفس أهالي الذين وقعوا بالتباس معين أو دفع بهم للوقوع بالتباس معين.
نعم بعض الاعلاميين أو بعض السياسيين الذين منذ اليوم الأول نعرف أنهم لا يؤيدون المقاومة بل يضمرون لها العداء ويكيدون لها، من الطبيعي جدا أن يحاولوا الاستفادة من أي حدث لتكبيره وتعظيمه. الموضوع ليس كذلك، ما زلنا نعتقد أن البيئة الشعبية والسياسية الحاضنة للمقاومة هي بيئة قوية وكبيرة وغالبة في لبنان.
* انفجار مرفأ بيروت والاستثمار السياسي
ـ في أجواء الذكرى السنوية لانفجار المرفأ، ما يزال التقرير التقني حول أسباب الانفجار طي الكتمان. من يتحمل مسؤولية هذا الغموض؟ وهل لدى حزب الله ريبة من خلفيات عدم صدور هذا التقرير؟
ليس لدى حزب الله فقط، بل كل حريص على معرفة ما الذي حصل في الانفجار الكارثي في 4 آب، كل حريص يريد ان يعرف ما الذي حصل لكي تكون الأمور واضحة والحقيقة بيّنة، لأن عدم تبيين ما الذي حصل وعدم تقديم تقرير أو رؤية أو سردية لما حصل يعني أن الباب سيبقى مفتوحا أمام الاشتهاءات والاجتهادات والتدخلات والاستثمارات، والمخيال اللبناني الموجه واسع جدا. ونعرف أن بعض السياسيين والاعلاميين والمغرضين في لبنان موجودون ويتقاضون أجورًا وأموالًا للترويج لأمور وأهداف سياسية خبيثة. هم لا يهتمون لا بمشاعر ولا بأحاسيس أهالي الشهداء ولا بالنتائج البشعة التي يحاولون فرضها على اللبنانيين. كل هؤلاء سيستفيدون من حالة عدم وضوح ما الذي حصل.
بالنسبة الينا منذ اليوم الأول كان المطلوب أن يقال للبنانيين سواء من القضاء أو الجهات المعنية التي يمكنها ان تتحدث، في الحد الأدنى من القضاء أو الجهات المعنية في التحقيق أن تقول ما الذي حصل، ليس منطقيا أن يتم تراشق الاتهامات يمينا وشمالا دون ان يفهم الناس ما الذي حصل. وبعد ان يفهم الناس ما الذي حصل يمكن أن يتم الحديث عن مسؤولية ما حصل. أما أن يبقى ما حصل غامضًا ثم نريد تحميل المسؤوليات هكذا فهذا أمر غير متوازن وغير منطقى وغير طبيعي. الذي حصل في المرفأ هل هو اهمال اداري فقط، هل هو اهمال أمني، هل هو اهمال أمني واداري، هل هو عمل عبثي جاء من جهة أو من الخارج؟ تحديد وتوصيف ما الذي حصل يحدد الكثير من الاتجاهات التي ينبغي ان يذهب اليها التحقيق حتى يكون الناس على بينة. نعم في هذا الموضوع نحن نرى الأمور غير سليمة وغير صحيحة.
ـ هذا الاستثمار السياسي والاستغلال الاعلامي وكم الاكاذيب والاضاليل التي ترمى لاتهام حزب الله بالمسؤولية وراء انفجار المرفأ، هل يعيدنا الى أجواء العام ٢٠٠٥؟ ومن هو المحرك الاساس وراء ما نشهده؟ هل هي تصفية حسابات داخلية أم أن المحرك طرف خارجي؟
يجب أن نميز بين أمرين حين نتحدث عن انفجار المرفأ، بين عوائل الشهداء والضحايا وبين الاستثمار والاستغلال. نحن حتمًا مع مشاعر وأحاسيس وكل ما تشعر به أية عائلة فقدت عزيزها، هؤلاء في نهاية المطاف شهداء وضحايا سواء ضحايا الاهمال أو العبث أو ضحايا الفساد. بالنهاية هؤلاء ضحايا نتضامن معهم الى أبعد الحدود، ونحن أكثر الناس معرفة بهذه الأحاسيس لأننا قدمنا شهداء ونقدم دائما شهداء وهذه هي سيرتنا. هذا لجهة، والجهة الثانية هي الاستغلال.
الاستغلال والاستثمار ليس فقط عمل سياسي، بل عمل سياسي غير أخلاقي. في السياسة أيضا هناك أخلاق وغير أخلاق. أن يجوّز بعض السياسيين لأنفسهم استغلال هذه الدماء والمشاعر والأحاسيس لحشدها في بوتقة سياسية وهدف سياسي محدد فهذا غاية الاستخفاف بالمشاعر وعدوان آخر على الشهداء والضحايا وهذا نوع جديد من أنواع الفساد الذي أرادوا أن يغرقوا الساحة اللبنانية فيه من 2005 الى اليوم. هذا نمط. هم ينتمون الى مدرسة في الحقيقة فشلت في لبنان ولم تعط أي نتيجة. من 2005 الى اليوم ما الذي حصدوه؟ حصدوا مزيدا من الأحقاد والتحريض والتفرقة بين اللبنانيين والاستثمار على هذه التفرقة لجلب الخارج ليمدهم بالمال والدعم في زمن الانتخابات وغير زمن الانتخابات. جربوا هذا في 2005 والى الآن وفشلوا في السابق. هم الآن يعيدون تجربة فاشلة بائسة يائسة عديمة الجدوى لها أضرار وأذية على عوائل الشهداء والمضحين، وعلى لبنان ووحدته ولحمته في وقت يحتاج فيه لبنان أكثر من أي وقت مضى الى التماسك لمواجهة أزماته المتتالية والصعبة.
ـ شن وزير الخارجية السعودي مؤخرًا هجومًا جديًدا على حزب الله متهمًا اياه بأنه وراء أزمات لبنان، وداعياً السياسيين في لبنان الى مواجهته، أي رسالة يوجهها الى الداخل اللبناني؟
لو سألنا كل السياسيين اليوم والمطلعين في لبنان والمنطقة، هل نجحت السعودية في سياساتها الخارجية؟ الجواب فشلت. دائما السعودي يريد أن يحمل فشله على الآخرين، واليوم “طالع معه” أن حزب الله هو العدو رقم واحد، مثل بعض السياسسين في لبنان. يا أخي أنتم فشلتم. السعودية فشلت، فشلت في اليمن وفي سوريا والعراق وفلسطين ولبنان وفشلت في خياراتها الخاطئة حينما اتخذت سياسات أميركية محضة خلافًا لمصالح الشعوب. مشكلتكم أنكم أنتم فشلتم، لماذا تريدون أن تحملونا فشلكم؟ وموضوع لبنان ليس كما يتحدث السعودي على الاطلاق. دائمًا يتحدث الأمراء السعوديون عندما يلتقون مع بعض اللبنانيين أو غير اللبنانيين، يقولون نحن أنفقنا مليارات الدولارات ولم نحصد سوى العداوة. ليست المشكلة في من هو معكم ومن هو ليس معكم. أنتم أنفقتم عشرات المليارات من الدولارات في المكان الخطأ، في التوقيت الخطأ، في القضية الخطأ، في الساعة الخطأ، هذه أخطاؤكم أنتم. أنتم تحالفتم مع من اعتبرتم أنهم يخدمون سياساتكم لكنهم كانوا عاجزين. السعودي يعرف أكثر من غيره أن فشله في الساحة اللبنانية هو نتجية أخطاء في الخيارات الاستراتيجية والخيارات التكتيكية، وما حصل في لبنان مشكلته بأيدي الذين صنعوا هذه الطبقة السياسية التي كانت تنتمي في معظمها الى السياسة السعودية والأميركية.
* الوضع الحكومي
ـ عاد الوضع الحكومي الى تعقيداته السابقة بعد أجواء تفاؤلية أشيعت قبيل تكليف الرئيس ميقاتي، هل لحزب الله دور حالي في تذليل العقبات؟ وفي حال الفشل مجددًا بتشكيل حكومة، الى أين نحن ذاهبون، خصوصًا وأن الحديث يدور عن أن نادي رؤساء الحكومات السابقين لن يكون مشاركًا في تسمية أي رئيس مقبل؟
نحن في السابق قمنا بجهود كبيرة لتذليل العقبات من أجل أن تبصر الحكومة النور من اجل اللبنانيين جميعا وقلنا اكثر من مرة وتحديدا في تسمية الرئيس ميقاتي أن هدفنا هو أن تكون هناك حكومة. اليوم موضوع تشكيل الحكومة هو أولوية لكل اللبنانيين ولمصلحة جميع اللبنانيين نتيجة الوضع المعيشي والمالي والاقتصادي والمآسي التي يعيشها اللبنانيون وهي أكبر من كثير من السياسات التكتيكية والداخلية والداخلية التي يذهب اليها البعض رأينا المطلوب أن تتشكل حكومة. اذا لم تتشكل هذا حديث آخر، وان شاء الله تتشكل.
– هل حزب الله ما زال مطمئنا الى شعبيته وبالتالي الى نتائج الانتخابات النيابية المقبلة؟
بغض النظر عن الانتخابات نعتبر أنه ما زال مبكرا الحديث عن الانتخابات النيابية. لا نريد أن نتحدث عن حزب الله وتأييده من زاوية انتخابية. أما اذا تحدثنا عن شعب المقاومة نحن نعتقد ان شعب المقاومة ثابت صلب متماسك قوي رغم كل الحملات الاعلامية التي يواجهها وهو شعب واعٍ وخبير، واختبر الكثير من التجارب التي حاول البعض من خلالها النيل من حزب الله ومن هيبته ومن قوته ومن قدرته. شعبنا يعرف تماما حجم الحملة التي تشن على حزب الله وحجم الأموال التي تنفق من أجل تشويه صورة حزب الله ومن أجل تحميل حزب الله كل موبقات الفساد الموجودة في البلد، ولسنا قلقين من هذه الجهة أبدا. نعم نحن واجبنا أن نسعى دائمًا لأن نكون معهم. بالنتيجة شعبنا هو نحن ونحن والمقاومة والشعب جهة واحدة، يجب أن نكون في خدمة هؤلاء الناس من أجل تأمين الاحتياجات واللوازم الضرورية والحياتية.
* المحروقات وحاجات الناس
ـ أين أصبحت خطة حزب الله في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمعيشية لا سيما في بيئته؟ ما هي التقديمات الحالية وماذا تغطي؟
لدينا مجموعة من البرامج تم الاعلان عنها على المستوى الزراعي ومستوى القروض ومستوى مساعدة الناس في تأمين الاحتياجات الضروية، هذا غير الذي نقوم به من خلال وزارتي الصحة والصناعة والجهود التي نقوم بها مع الوزارات المختلفة، هذا جانب عادة لا يتم تسليط الضوء عليه، ومعظم المتابعين والسياسين الموجودين في البد يعرفون تماما ان بعض الامور التي كانت تجد حلولا ولو جزئية سواء في الدعم أو في غير الدعم كان لحزب الله ولوزارئه ولنوابه الدور الكبير في الوصول الى نتائجها وهذا واجبنا على أي حال.
أما على مستوى برامجنا الخاصة في حزب الله فنحن اليوم في حالة استنفار كاملة، وكل تشكيلاتنا تعمل في خدمة الناس، في الجانب الصحي والزراعي وفي جانب تأمين المواد الغذائية وتأمين الدواء الضروري من خلال كل المشاريع التي قدمناها، وبطاقة السجاد هي أحد هذه البنود التي ان شاء الله ستشهد تطورًا ملحوظًا خلال الأسابيع الآتية.
من جملة الأمور التي أطلقها حزب الله بعد كلام سماحة الأمين العام دام حفظه هو تشكيل صندوق أسميناه صندوق الامام المنتظر (عج)، هذا الصندوق هو صندوق التبرعات التي يقدمها العاملون في حزب الله من المتفرغين والمتعاقدين من رواتبهم الخاصة، والهدف أن يشارك كل إخواننا في الحل للمشكلات الاقتصادية والمعيشية والوقوف الى جانب شعبنا الذي نحن جاهزون أن نعطيه الدم ليبقى قويا وثابتا وراسخا وعزيزا. هذا الصندوق تشكل منذ 4 أشهر والى الآن أصبحت المبالغ كبيرة بحمد الله وسيأتي يوم نعلن فيه عن كل هذه المبالغ لكنها مبالغ كبيرة تصرف اليوم وتنفق في خدمة الناس، وفي مختلف المشاريع المهمة التي تخدم الناس سواء في تأمين المواد الغذائية للمحتاجين أو دعم المشاريع التي تساهم في الانتاج الزراعي، المهم أنها تصل الى الناس وخدمة الناس بشكل مباشر. والحمد لله صندوق الامام المنتظر(عج) الذي ساهم في تمويله المتفرغون والمتعاقدون أصبح فيه مال وفير ويصرف في خدمة الناس.
ويهمني أن أتقدم بالشكر الجزيل من أحبائنا وأعزائنا وإخواننا العاملين في حزب الله على جهودهم في تنمية هذا الصندوق وأدعوهم الى الاستمرار في ذلك. كما لا أنسى أن هناك عددًا كبيرًا من أخواننا المتفرغين و المتعاقدين كلٌّ في قريته أو في حيه أو بلدته يساهمون في صناديق موجودة في كل هذه البلدات من أجل دعم المحتاجين في كل تلك البلدات، وهذه هي ثقافتنا والمتوخى من شبابنا المجاهدين وإخواننا وأخواتنا حفظهم الله جميعًا.
ـ هل وجدت قيادة حزب الله أن الأوان قد حان لاستقدام المحروقات من ايران؟ هل من موعد لبدء التنفيذ؟ وهل هناك خطوة مشابهة في ما يتعلق بالدواء؟
التوقيت في مثل هذه الملفات خطأ. نحن لا نريد أن ندخل أنفسنا وندخل الناس معنا في توقيتات محددة والسبب أن هناك تعقيدات ليست سهلة ولا بسيطة ونحن نعمل على تذليل هذه العقبات. بعض الناس يتخيل أنه بمجرد أن نقول اننا نريد أن نأتي بالبنزين والمازوت يعني سيحضر مباشرة، الموضوع أكثر تعقيدًا من هذا، لكن القرار متخذ وإن شاء الله هذه الخطوات ستظهر لاحقا في القادم من الأيام من خلال العمل وليس القول.
* “إن معي لبصيرتي”
– اختار حزب الله لاحياء عاشوراء هذا العام شعار “إن معي لبصيرتي”، ما هو الرابط بين الشعار والمرحلة التي نعيشها؟
يهمني أن أوضح أن هذه الكلمة هي لأمير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب عليه السلام الذي كان المثل الأعلى في الصبر والبصيرة والتحمل لانقاذ المسيرة التي ينتمي اليها وهي مسيرة الاسلام الأصيل وهي ارث رسول الله (ص). نحن اقتبسنا من كلام أمير المؤمنين(ع) هذا الشعار لأننا نعلم أن هذه المرحلة تحتاج في آن واحد الى البصيرة الثاقبة والصبر الجميل. الصبر الجميل والبصيرة الثاقبة هما اللذان يمكنهما أن يعطيانا القدرة على التحمل ومواجهة الأحداث لكي نتخطى نحن جميعا. كل الذين يؤمنون بالنهج الحسيني المبارك والنهج الاسلامي المبارك، يعلمون جيدا أن هذا النهج يخطو خطوات مهمة نحو الأمام. اليوم توضع أمامه مشاكل ويظلم ويعتدى على هذا النهج رغم كل التضحيات وكل العطاءات والانتصارات والانجازات التي حققها. الحفاظ على هذه الانجازات والانتصارات والنتائج والحفاظ على هذه القيم وكل تضحيات الناس يحتاج الى صبر جميل وبصيرة ثاقبة. هذا ما تعلمناه من أمير المؤمنين(ع) وهذا الذي كان حاضرا في كربلاء. كربلاء كانت جبالًا من الصبر وجبالًا من النظر الثاقب والرؤية الواضحة. أصحاب الامام الحسين (ع) الذين يقول عنهم إنهم خيرة الأصحاب وأوفى الاصحاب لو لم يمتلكوا رؤية واضحة وجلية لما صمدوا ولما قاتلوا حتى الشهادة، ولو لم يمتلكوا صبرا عظيما لما تمكنوا من تحمل كل هذه الضغوطات من هذه الجيوش التي اجتمعت حولهم ومثال الصبر والبصيرة هما الامام زين العابدين(ع) والسيدة زينب (ع) اللذان اكملا الطريق والنهج بهذين المفهومين مع كل القيم الايمانية والدينية وأوصلا الدين الى شاطئ الأمان.
* وعد المقاومة
– في شهر آب الذي يجمع بين ذكرى تحقيق الانتصار في حرب تموز 2006، وذكرى التحرير الثاني في 28 آب، ما هي رسالة المقاومة الى جمهورها؟ وما هو وعدها؟
المقاومة التي انطلقت على اسم الله وعلى تضحيات هؤلاء الناس الطيبين الطاهرين المضحين الذين ما خذلوها يوما وما خذلتهم يوما هي مع شعبها وأهلها على العهد الذي كانت عليه. هي دائما معهم في كل الميادين والساحات تدافع عن كراماتهم وقضاياهم وعزهم وتقف الى جانبهم لتتحدث معهم بلغة فيها كل الصدق ولغة القلب والمنطق والعقل والحق. المقاومة هي في موقعها العادي والطبيعي والضروري للدفاع عن قضايا أمتنا وكل قيمنا وكل مقدساتنا. ونحن على ثقة كاملة وتامة، كما واجهنا في السابق صعابا كثيرة وتجاوزناها، هذه الصعاب ذات الثوب الجديد والطريقة الجديدة والاسلوب الجديد – وكل الصعاب كانت نتاج الخبث الأميركي والاسرائيلي ومن معهما – هذه الصعاب الجديدة أقطع واجزم أننا سنتجاوزها بمزيد من التحمل وبمزيد من العمل والجهد شرط أن نبقى حاضرين في الساحة، لأن الصبر وحده دون العمل لا يعطي نتيجة. نصبر ونعمل. نتكل على الله عز وجل ثم نقدم على القيام بواجباتنا.
وعدنا أننا سنقوم بكل ما هو ممكن وكل قدرة متاحة بين أيدينا للوصول الى تحقيق الأهداف المرجوة والمطلوبة ومن بين الأهداف تخليص الناس من هذه الصعاب التي يعيشونها اقتصاديا وماليا ومعيشيا.