محمود ريّا:
ألقى الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله خطابه في ذكرى تأسيس قناة المنار، مستخدماً أسلوب الدمج بين المناسبة والأحداث، فتطرّق لكل الملفّات في المنطقة، رابطاً كل ملف بمرحلة من مراحل صعود قناة المنار، القناة الّتي رافقت مسيرة النضال، فكانت تكبر، من قناة المقاومة، إلى قناة المقاومة والتحرير، إلى قناة فلسطين، إلى قناة العرب والمسلمين.
إنّه التجسيد الحقيقي للأثر الخالد: ما كان لله ينمو، فكان ترسّخ آفاق دائرة تغطية المنار مترافقاً مع توسّع دور محور المقاومة والجهاد في منطقتنا، الأمر الّذي أظهر قدرة حقيقيّة لدى هذه المؤسّسة الرائدة في القيام بالمهمّة الملقاة على عاتقها على أكمل وجه وبأفضل طريقة، وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء.
ربّما يرى بعض المحلّلين أنّ أهم ما في الكلمة هو المقطع المتعلّق بالوضع اللّبناني، نظراً للرسائل المهمّة الّتي وجّهها، وأهمّها الرسالة المتعلّقة بالانتخابات النيابيّة: لا تطيير ولا تقديم ولا تأخير،
والرسالة المتعلّقة بالبنزين وبواخره ووصولها من إيران إلى مرفأ بيروت رغماً عن أنف الرافضين، أو إعطاء المزيد من المجال لتشكيل الحكومة قبل أن ينفذ الوقت، أو الحديث عن البطاقة التمويليّة.
وهناك من يرى أنّ الشق الإقليمي هو الأهم، ولا سيّما المتعلّق باليمن، وفيه الكثير من الرسائل والمحدّدات والإيحاءات، إلّا أنّ قلوب المتابعين كان لها هوى آخر…وكذلك قلوب المبغضين.
كان الحدث في مجرّد ظهور السيّد على الشاشة، وكان في ظهوره سليماً معافى، وحديثه الهادئ والمتمكّن والمتسلسل، الأمر الّذي طمأن المحبّين وأغاظ آخرين.
لقد رسم السيّد بظهوره صورة محت بلحظات كل التحليلات والتعليقات والمداخلات والمقالات، فأعطى للمحبّين دليلاً على أنّ دعواتهم نفعت، وأثمرت شفاء لعزيزهم، أمّا المبغضون فقد عضّوا على نواجذهم، كما عضّوا أصابعهم ندماً وماتوا بغيظهم.
وأيضاً للمحبّين أعطى السيّد جرعة الأمل، فبشّرهم بإحتمال صلاته معهم في القدس، الأمر الّذي انقلب حسرة وحشرجة في نفوس الكارهين والأعداء المراقبين.
قال السيّد كلمته ومشي، وترك للأقلام أن تسيل حبرها بالتحليل والتفسير، ليس عندنا فقط، وإنّما أيضاً عند الأعداء، كل الأعداء، في المحيط، وفي الكيان وفي العالم.