دعت المرجعية الدينية بالعراق اليوم الجمعة المتظاهرين والقوات الأمنية للاتزام بالسلمية وعدم جر التظاهرات للعنف وأعمال الشغب والتخريب.
وفیما یلي نص بيان المرجع الديني في العراق السيد علي السيستاني والذي القي من قبل ممثله في كربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي، بحسب موقع السومرية نيوز.
نص البيان:
في هذه الاوقات الحساسة من تاريخ العراق العزيز حيث تتجدد التظاهرات الشعبية في بغداد وعدد من المحافظات، ندعو أحبّتنا المتظاهرين واعزّتنا في القوات الأمنية الى الالتزام التام بسلمية التظاهرات وعدم السماح بانجرارها الى استخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب.
اننا نناشد المشاركين في هذه التظاهرات أن يمتنعوا من المساس بالعناصر الأمنية والاعتداء عليهم بأيّ شكل من الاشكال. كما نناشدهم رعاية حرمة الاموال العامة والخاصة وعدم التعرض للمنشآت الحكومية أو لممتلكات المواطنين أو أيّ جهة أخرى.
ان الاعتداء على عناصر الأمن برميهم بالأحجار أو القناني الحارقة أو غيرها والإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بالحرق والنهب والتخريب مما لا مسوّغ له شرعاً ولا قانوناً ويتنافى مع سلمية التظاهرات ويبعّد المتظاهرين عن تحقيق مطالبهم المشروعة ويعرّض الفاعلين للمحاسبة.
ونذكّر القوات الأمنية بأن التظاهر السلمي بما لا يخلّ بالنظام العام حق كفله الدستور للمواطنين، فعليهم أن يوفّروا الحماية الكاملة للمتظاهرين في الساحات والشوارع المخصصة لحضورهم، ويتفادوا الانجرار الى الاصطدام بهم، بل يتحلّوا بأقصى درجات ضبط النفس في التعامل معهم، في الوقت الذي يؤدون فيه واجبهم في اطار تطبيق القانون وحفظ النظام العام بعدم السماح بالفوضى والتعدي على المنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة.
ان تأكيد المرجعية الدينية على ضرورة أن تكون التظاهرات الاحتجاجية سلمية خالية من العنف لا ينطلق فقط من اهتمامها بإبعاد الأذى عن ابنائها المتظاهرين والعناصر الأمنية، بل ينطلق أيضاً من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد الذي يعاني من تعقيدات كثيرة يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل الى الفوضى والخراب، و يفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي، ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والاقليمية ، ويحدث له ما لا يحمد عقباه مما حدث في بعض البلاد الأخرى من اوضاع مريرة لم يمكنهم التخلص من تبعاتها حتى بعد مضي سنوات طوال.
ان الاصلاح الحقيقي والتغيير المنشود في ادارة البلد ينبغي أن يتم بالطرق السلمية، وهو ممكن اذا تكاتف العراقيون ورصّوا صفوفهم في المطالبة بمطالب محددة في هذا الصدد.
وهناك العديد من الاصلاحات التي تتفق عليها كلمة العراقيين وطالما طالبوا بها، ومن أهمها مكافحة الفساد وإتّباع آليات واضحة وصارمة لملاحقة الفاسدين واسترجاع اموال الشعب منهم، ورعاية العدالة الاجتماعية في توزيع ثروات البلد بإلغاء أو تعديل بعض القوانين التي تمنح امتيازات كبيرة لكبار المسؤولين واعضاء مجلس النواب ولفئات معينة على حساب سائر ابناء الشعب، واعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات، واتخاذ اجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، والوقوف بحزم امام التدخلات الخارجية في شؤون البلد، وسنّ قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ويرغّبهم في المشاركة فيها.
مرة أخرى نناشد المتظاهرين الكرام أن لا يبلغ بهم الغضب من سوء الاوضاع واستشراء الفساد وغياب العدالة الاجتماعية حدّ انتهاك الحرمات بالتعدي على قوات الأمن أو الممتلكات العامة أو الخاصة.
ان رجال الأمن إنما هم آباؤكم واخوانكم وابناؤكم الذين شارك الكثير منهم في الدفاع عنكم في قتال الارهابيين الدواعش وغيرهم ممن اراد السوء بكم، واليوم يقومون بواجبهم في حفظ النظام العام فلا ينبغي أن يجدوا منكم الا الاحترام والتقدير، فلا تسمحوا للبعض من ذوي الاغراض السيئة بالتغلغل في صفوفكم واستغلال تظاهراتكم بالاعتداء على هؤلاء الأعزة أو على المنشآت الحكومية أو الممتلكات الخاصة.
ونؤكد على القوى الأمنية بأن لا تنسوا بأن المتظاهرين إنما هم آباؤكم واخوانكم وابناؤكم خرجوا يطالبون بحقهم في حياة حرة كريمة ومستقبل لائق لبلدهم وشعبهم فلا تتعاملوا معهم الا باللطف واللين.
يبقى أن نشير الى ان التقرير المنشور عن نتائج التحقيق فيما شهدته التظاهرات السابقة من اراقة للدماء وتخريب الممتلكات لما لم يحقق الهدف المترقّب منه ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام فمن المهم الآن أن تتشكل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع وإعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية. نسأل الله العلي القدير أن يحفظ العراق وشعبه من شر الاشرار وكيد الاعداء إنه أرحم الراحمين.
.