نشرت جريدة “السفير” اللبنانية مقالة لمحمد بلوط عن اجتماع مرتقب للرئيسين بشار الأسد ورجب طيب أردوغان تحت رعاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وذلك في نهاية شهر سبتمبر / أيلول الجاري.
ولفت محمد بلوط في مقالته، التي تحمل عنوان “بوتين يجمع الأسد وأردوغان؟”، إلى معلومات تؤشر على بدء التحضيرات للقاء الثلاثي منذ زيارة أردوغان إلى سان بطرسبورغ الروسية يوم 9 أغسطس / آب الماضي. ويربط كاتب المقالة بين اللقاء المحتمل والزيارة الرسمية لرئيس الأمن القومي السوري علي مملوك إلى موسكو، التي يقوم بها حاليا، مؤكدا أن مملوك قد يعلن عن موعد اللقاء بين الأسد وأردوغان يوم الثلاثاء المقبل، وذلك نقلا عن مصادر دبلوماسية روسية وغربية غير محددة من قبل الكاتب.
وأشار الكاتب إلى أن جدول اللقاء سيحدد بعد زيارة رئيس الاستخبارات التركية حقان فيدان إلى دمشق، ما بين العاشر والخامس عشر من الشهر الجاري، وذلك حسب “معلومات” لم يدخل الكاتب بتفاصيلها.
يذكر أن الجهات الرسمية لم تعلن عن أي زيارة لحقان فيدان إلى دمشق، كما لم تعلن عن نية كل من أردوغان أو الأسد بإجراء لقاء بين بعضهما البعض. وكذلك المصادر الروسية والسورية والتركية لم تنشر أي تصريح أو معلومة تدل على التحضير إلى مثل ذلك اللقاء في موسكو.
كما نشر سابقا
لفتت صحيفة “فزغلياد” الروسية إلى تسليم أنقرة، لأول مرة منذ عام 2011، بفكرة بقاء بشار الأسد في السلطة، وموافقتها على إجراء مباحثات مع دمشق.
وقالت الصحيفة: “بعد تعافيها من المحاولة الانقلابية الفاشلة، تنوي السلطات التركية انتهاج سياسة أكثر فاعلية على الاتجاه السوري. وقد صرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بأن بلاده تنظر إلى دمشق و”داعش” والكرد بشكل خاص كتهديد لأمنها القومي. لكن الأسد اليوم بالنسبة إليها يبدو أهون الشرور.
وقد أكد رئيس الوزراء التركي على أنه “لا مكان” للرئيس السوري الحالي على المدى الطويل في مستقبل البلد، لكن المباحثات معه ضرورية، “لأنه يُعدُّ أحد الأشخاص الفاعلين، أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا”.
ولعل هذا التغير مرتبط بعودة الدفء إلى العلاقات الروسية-التركية، والجدير بالذكر أن أنقرة كانت منذ عام 2011 تطالب على الدوام بإقالة الرئيس بشار الفورية.
وقد لفت الخبراء إلى تغير الموقف في يوليو/تموز الماضي، عندما أغلقت السلطات التركية معبر باب الهوى الحدودي، الذي كان يتدفق عبره سيل اللاجئين من سوريا. وكان يعبره في الاتجاه المعاكس إلى سوريا المسلحون من مختلف التنظيمات، العاملة ضد الأسد، والتي كانت سابقا تساندهم أنقرة.
والآن يسلم يلدريم بإمكان بقاء الأسد في السلطة في “المرحلة الانتقالية”.
وهنا يجب الإشارة إلى أن التغيرات التي حصلت في الموقف الرسمي التركي، سبقتها حيثيات داخلية وخارجية، تبلورت فيما بينها بحيث أصبحت تشكل عاملا دفع قيادة أردوغان إلى إجراء تصحيح في الموقف التركي تجاه الحدث السوري.
فأنقرة تبذل نشاطا مكثفا كي تخرج من حالة العزلة الشديدة، التي باتت تحاصرها بعد أن تفتقت عبقرية أردوغان عن توتير علاقات تركيا مع الغالبية الغالبة من جاراتها، التي انضمت إليها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا، بعد رفضها تسليم الداعية فتح الله غولن.
وهناك سبب آخر لعب دوره في تغيير الموقف التركي، وهو أن بشار الأسد أصبح فجأة عدو أعداء تركيا، وخاصة بعد الاشتباكات العنيفة التي نشبت في مدينة الحسكة السورية بين الجيش السوري و”وحدات حماية الشعب” الكردية، حيث قامت القوات الجوية السورية بقصف المواقع الكردية للمرة الأولى، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا الأكراد.
وبالنظر إلى وجود خبراء عسكريين أمريكيين في معسكرات الأكراد الموالين لهم، حاول يلدريم إغاظة الإدارة الأمريكية عبر إعلانه عن التأييد المباشر لضربات الجيش السوري ضد مواقع “الوحدات” في الحسكة، حيث قال: إن هذا يشهد على أن الحكومة السورية “تفهمت المخاطر على وحدة البلاد”.
أما تركيا نفسها، فتنظر دائما بقلق شديد إلى أي كيانات كردية من الممكن أن تظهر على أراضي الدول المجاورة لحدودها، وتحديدا على الأرض السورية، بقدر ما يحمل ذلك من مخاطر شديدة على وحدة أراضي الدولة التركية ذاتها.
من جانبها، تعمل روسيا على المصالحة وتوطيد العلاقة بين القيادة السورية والأكراد. وعلى الرغم من أن الآمال آخذة بالاضمحلال بسبب الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، فإن هذه الوقائع على الأرض وغيرها تفرض نفسها لتفتح باب المصالحة بين أنقرة ودمشق.