الرئيسية / القرآن الكريم / أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

35)

المقدّسات في المفهوم الإسلامي

الآية الكريمة تُبيّن أحد أبرز المقدّسات عند المسلمين وهي شخصية الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعندما نتحدّث عن المقدّسات فنحن نتحدّث عن أمور لها آداب تعاطي خاصة تفرضها طبيعتها المقدسة ومصطلح المقدّسات الدينية مصطلح واسع، ويتضمّن كلٍّ من الشخصيات الإلهية العظيمة كالأنبياء عليهم السلام، والأماكن المقدّسة، كالمساجد، ومراقد الأنبياء والأئمة المعصومين عليهم السلام، والأشياء المقدّسة كالقرآن الكريم  والأوقات الزمنية الخاصة وغيرها. وإنّ انتهاك حرمة المقدّسات الدينية والإساءة اليها لها أبعادها الوسيعة الخاصة بها أيضاً.

 

إنّ جذور القداسة في المفهوم القرآني تنطلق من قرب الشيء إلى الله تعالى فكلّما كان الشيء إلى الله أقرب كانت قداسته أشدّ وأعظم وهذا يفترض احتراماً وتعاملاً خاصاً معه، والصورة التي يرسمها القرآن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تظهر أنّه أقرب الموجودات إلى الله تعالى، وعليه فهو أقدس الموجودات بعد الله تعالى بل في كثير من الآيات ومنها الآية الأولى في الحجرات قرنت بين ذاته صلى الله عليه وآله وسلم والذات الإلهية وبما أنّه لا تشابه بين الذّات الإلهية وأي ذات أخرى بما فيها الذّات النبوية، فهذا يعني الشؤون التي يُمثّلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فإنّ كانت هذه الحيثية هي الحكم فحكمه هو حكم الله، وإنْ كانت الطاعة فهي طاعة الله تعالى، وهكذا لأنّه يُمثّل الله, فقداسته واحترامه وتوقيره وتبجيله هي من تقديس وتوقير واحترام الله تعالى. وعلى كل حال المقدّسات في الإسلام متعدّدة نشير إلى أهمها:

 

1- الذّات الإلهية المقدّسة: الله تعالى هو أعلى ذات مقدّسة في التصوّر القرآني والإسلامي، بل هو مصدر القداسة كما قلنا والمشركون كانوا يحاولون دائماً مساواة بعض الموجودات بالله تعالى، كما قال تعالى: ﴿إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

 


* وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ﴾[1]. والقرآن الكريم ذكر في كثير من آياته الشريفة التسبيح والتنزيه، وذلك ليُعلّمنا أنّه ينبغي علينا تنزيه الذّات الإلهية عن أي عيب ونقص نتصوّره بل حتى اسمه تعالى فضلاً عن ذاته ينبغي لنا تنزيهه ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾[2].

 

2- القرآن الكريم: فالله تعالى يصف كتابه بأنه عظيم: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾[3]. وهذا يعني أنه ينبغي علينا تعظيمه. وفي آية أخرى بأنه كريم: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾[4] وهذا يعني أيضاً أنه ينبغي علينا تكريمه. وفي آية ثالثة بأنّه مجيد: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾[5]. وهذا يعني أنّه ينبغي علينا تمجيده.

 

3- القادة الإلهيون: كالأنبياء والأولياء والأئمة فالعلاقة مع هؤلاء لها أداب خاصة، ومن أعاظم هؤلاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فله آداب خاصة قد أشرنا لبعضها، ومن هذه الآداب التصدُّق قبل التحدُّث معه.

 

4- المؤمن: إنّ للإنسان المؤمن في الإسلام حُرمة وقداسة خاصة عند الله تعالى تفوق حُرمة الكعبة ولهذه الحُرمة الخاصة أحكام حدّدتها الشريعة ومنها ما جاء في سورة الحجرات.

 

[1] سورة الشعراء، الآيتان 98- 99.

[2] سورة الأعلى، الآية 1.

[3] سورة الحجر، الآية 87.

[4] سورة الواقعة، الآيات 77 – 79.

[5]  سورة ق، الآية 1.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...