أعاجيب الأكاذيب / الصفحات: ٢١ – ٤٠
(٤)
[ردّ النهي عن الإكثار من ذكر الله
وتسبيحه وتمجيده وتهليله]
وإن كتاب “ثمرة الأمالي” في صحيفة ٨٣ و٨٤ يعيب على المسلمين إكثارهم لذكر الله، وينسب إلى التوراة النهي عن تكرار اسم الله في عبادته، وتشبّث لذلك بقول بعض التراجم في العدد السابع من الأصحاح العشرين من سفر الخروج:
“لا تنطق باسم الله إلهك باطـلا، لأن الله لا يبرّئ من نطـق باسمه باطلا”.
والترجمة الصحيحة هكذا: “لا تقصد اسم الله إلهك بسوء فإن الله لا يبرّئ من قصد اسمه بسوء”.
ويا للعجب! هل في هذا الكلام نهي عن الإكثار من ذكر الله وتسبيحه وتمجيده وقول لا إله إلاّ الله؟! وهل ينسب ذلك إلى هذا الكلام إلاّ من يتعمّد الكذب؟ فلماذا يكّذب “ثمرة الأماليّ” على التوراة لغرضه الفاسد؟!
(٥)
[ردّ مزعمة أن القرآن ودين الإسلام اُمور
صبيانية وخرافات]
ويقول كتاب “ثمرة الأمانيّ” أيضاً في الصحيفة الثالثة معرضاً بالقرآن ودين الإسلام، زاعماً أنها:
“اُمور صبيانية، وخرافات وضلالات منسدلة على أصل التوحيد، وملتفّة عليه منذ اثني عشر قرناً” انتهى.
ويا للعجـب! أيها القارئ، هلّم واحضـر العهد القـديم والجـديد والقرآن، ونقرؤها ونجعل الحكم للوجدان الحرّ، والتوحيد الحقيقي المعقول، والأخلاق الفاضلة، والمدنية، والتعاليم الكريمة ثمّ ننظر هل في القرآن خرافات صبيانية وضلالات؟!
نعم، فيه قوله تعالى في سورة النساء، الآية ١٧١: ( ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد ) وفي هذه الآية أنوار من الحقيقة ساطعة يعشو عنها التثليث البرهميّ والبوذي، وما هناك من أوهام الأقانيم وتجسد الإله وتعدد الآلهة والأرباب، ودع كتاب “ثمرة الأماني” يكذب على دين الإسلام ويفتري!
(٦)
[كشف التلاعب والتحريف في التوراة
العبرانية وزيادة لفظتي (أتى) و(أياماً) فيها]
وهذا هاشم العربي، في الصحيفة الحادية عشر من الطبعة الأولى، في تذييله المستقلّ لتعريبه لمقالة “سايل” في الإسلام… وهذا الغريب بن العجيب، في الصحيفة السابعة والتسعين من كتاب رحلته الحجازية; كلاهما قالا فيما أشرنا إليه من كتابيهما ما نصّه ولفظه:
“وأيضاً ورد في التكوين أن إسماعيل لمّا مات أبوه أتى فدفنه”.
فهذان الداعيان إلى الديانة النصرانية قد زادا على التوراة لفظ (أتى) لكي يتشبثّا بهذه الزيادة الكاذبة لترويج غرض لهما فاسد، مع أن هذه الزيادة لا تساعدهما على غرضها!
وهل يخفى أن لفظ (أتى) لا يوجد في هذا المقام، ولا هو ولا ما في معناه، لا في التوراة العبرانية ولا في تراجمها!
وهذا نصّ الموجود في الأصل العبراني، في العدد الثامن والتاسـع مع الأصحاح الخامس والعشرين من سفر التكوين، المسمى في العبرانية: ” برئشـيت “: ” ويمت إبراهام بشيبه طوب
ولعل القارئ يقول: إن كـل الذي رأيناه من تراجم التوراة تقول في هذا المقام: ” شيخاً وشبعان أيّاماً ” مع أنه لا يوجد في الأصل العبراني ولا حواشيه لفظ (أيّاماً) فلماذا لا تجعل زيادة لفظ (أياماً) من الكذب العام على التوراة؟
فنقول: إنه يمكن أن تكون التراجم زادت لفظ (أيّاماً) من أجل سوء الفهم للتوراة، وقصداً لإصلاح خللها، ولم يفطن المترجمون إلى أن المعنى أن إبراهيم مات شيخاً وشبعان، أي مثرياً ليس بفقير..
ولعل القارئ يقول أيضاً: كيف يتصرّفون بتوارتهم بالإصلاح؟! فهل يقولون: إنها نزلت على موسى ناقصة معيبة وهم يصلحونها؟!!
فنقول: قد وقع منهم مثل هذا في كتب وحيهم كثيراً، وزادوا في التراجم على خصوص أسفار التوراة الخمسة مقدار ستين كلمة، وطبعت هذه الزيادات في بعض الطبعات بحرف صغير إشارة إلى زيادتها على الأصل…
(٧)
[الردّ على قول النصارى أنّ الله لما
يبارك ويقدّس اليوم السابع]
وهذه الجمعية التبشيرية، جمعية كتاب ” الهداية ” الذي طبع على أجزائه أنه طبع بمعرفة المرسلين الأمريكان، قد قالت في الجزء الرابع من ” الهداية ” في صحيفة ١٧٤، في السطر الرابع ما لفظه ونصّه هكذا:
“إنّ الله لم يقل في التوراة: وبارك الله اليوم السابع وقدّسه”.
ويا للعجب من هذا اللفيف من المبشرين والمرسلين الأمريكان كيف يقولون هكذا؟! وكيف يقتحمون هذا الاقتحام؟! وها هي توراتهم تصيح في سفر التكوين، في الأصحاح الثاني في العدد الثالث، وتقول ما نصّه: “وفرغ الله في اليوم السابع من عمله الذي عمل، فاستراح في اليوم السابع من جميع عمله الذي عمل، وبارك الله اليوم السابع وقدّسه”!
ولعلّ القارئ يقول: هذا اللفيف من الجمعية والمرسلين الأمريكان كيف أنكروا وجود هذا الكلام في التوراة؟! وكيف كتبوا إنكارهم هذا وطبعوه ونشروه بالحماسة والافتخار؟!
فأقول: لعلهم يظنّـون أنه ليس في المسلمين من ينظر إلى توراتهم فيفطن إلى هذا الاختلاس!
(٨)
[ردّ أُكذوبة مراعاة القرآن الكريم
للسجع دون الحقائق]
وقالت أيضاً جمعية كتاب “الهداية” المطبوع بمعرفة المرسلين الأمريكان، في الجزء الثاني من كتاب “الهداية” في الصحيفة الثانية والأربعين من الطبعة الثانية ما هذا لفظه:
” ثمّ إنّ مراعاة القرآن للسجع مقدّمة عنده على الحقائق، فقال: (قابيل) لأنه على وزن هابيل “!!!
ويا للعجب من عدم المبالاة! أين يوجد في القرآن لفظ (قابيل) ولفظ (هابيل)؟!
أليس الأطفال يعلمون أنه لا وجود لهذين اللفظين في القرآن الكريم؟!
لما يكون في المبشرين مثل هذا التقحكم في الافتراء؟! أين شرف الإنسانية؟! أين مجد الروحانية؟! أين أدب الكتابة؟! ما هو ذنب الصدق والأمانة؟؟!
لماذا يكون مثل هذا من لفيف من الروحانين المبشرين؟! هل لمثل هذا المجد وهذه الأمانة بذلت لهم الأموال الطائلة؟!
أما إنّ الناس يوبّخون الأوباش إذا كذبوا في أُمورهم
(٩)
[الكشف عن أن الحواريّين نسخوا
أحكام التوراة العلمية]
لايخفى أن التوراة الرائجة ـ التي أتفق النصارى واليهود على أنها كتاب وحي الله وكلامه لرسوله موسى عليه السلام ـ قد جاء فيها أحكام كثيرة، وواجبات كثيرة، ومحرّمات كثيرة، مثل أحكام الكهنة والعشور والسبت والأعياد والذبائح، وأحكام النجاسة في الحيض والنفاس ومسّ الميت، ونجاسة المشركين وحرمة الأكل من ذبائحهم، وتنجيس كثير من الحيوانات والطيور وتحريم أكلها، وتحريم أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان، وغير ذلك.
فانظر إلى بعض ذلك في الأصحاح ٢٠ و ٢٢ و ٢٣ من سفر الخروج، و١١ و ١٢ من سفر اللاويّين، و ١٤ ١٥ من سفر التثنية.
كما لا يخفى من الأناجيل أن المسيح كان عاملاً بهذه الأحكام، ويأمر بالعمل بها وعدم نقضها، كما في الأصحاح الخامس من إنجيل متّي، في العدد السابع عشر إلى العشرين; ويوصي بحفظها، كما في الأصحاح الثالث والعشرين من إنجيل متّي، من العدد الأوّل إلى الثالث.
هذا، وقد جاء في العهد الجديد عن بطرس والتلاميذ وبولس إبطال شرائع التوراة، في تحريم الأكل لكثير من الحيوانات،
ثمّ جاء في الرسائل المنسوبة إلى بولس إباحة أكل الدم والمخنوق وما ذبح للأوثان، وجرى على ذلك عمل النصارى إلى الآن.
ومن جملة ما جاء، هو ما في الأصحاح الرابع من رسالة تيموثاوس الأولى، في العدد الرابع، وهو هكذا: ” لأنّ كلّ خليقة الله جيّدة، ولا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر “.
وفي الأصحاح الأوّل من رسال تيطس، في العدد الرابع عشر والخامس عشر: ” لا يصغون إلى خرافات يهودية ووصايا أُناس مرتدين على الحق، كل شيء طاهر للطاهرين “.
وفي الأصحاح الثاني من رسالة كولوسي، من العـدد العشرين إلى الثالث والعشرين: ” تفرض عليكم فرائض: لا
وفي الاصحاح العاشر من رسالة كورنتوش الأولى، في العدد التاسع والعشرين والعدد الثلاثين، في إباحته لأكل ما يذبح للأوثان، يقول: ” لماذا يحكم في حرّيتي من ضمير آخر، أنا أتناول بشكر فلماذا يفترى عليّ لأجل ما أشكر عليه “.
أيها القارئ، ولأجل ما ذكرنا لك من التوراة وكتب العهد الجديد قال صاحب “إظهار الحق”(١) في مبحث النسخ جدلا للنصارى: “إن الحواريين نسخوا أحكام التوراة العملية غير الأربعة، وإن بولس نسخ حرمة الثلاثة منها: يعني: حرمة أكل الدم، والمخنوق، وما ذبح للأوثان.
وإن شئت أن تعجب فاعجب، فإن جمعية كتاب “الهداية” والمرسّلين الأمريكان ـ الذين طبع الكتاب بمعرفتهم ـ هذا
فهل بقي نوع من الكذب يخجل الإنسان منه؟! وهل بقي نوع من المكابرات وإنكار الحق المحسوس ما يصدّ عنه شرف الإنسانية؟! وأمّا الورع والدين فيقرئانك السلام!!
(١٠)
[الكشف عن أن النصارى يضعّفون ويعيبون
الشريعة الموسوية]
وجاء في الرسائل المنسوبة إلى بولس في توهين التوراة وأحكامها، في الأصحاح السابع من الرسالة إلى العبرانيّن، في العدد الثامن عشر [ والتاسع عشر ]:
” فإنه يصير إبطال الوصية السابقة(١) من أجل ضعفها وعدم نفعها، إذ الناموس(٢) لم يكمّل شيئاً “.
وفي الإصحاح الثامن، في العدد السابع: “فإنّه لو كان ذلك الأوّل بلا عيب لما طلب موضع لثان “.
وفي الأصحاح الرابع من الرسالة إلى أهل غلاطية، في العدد التاسع والعاشر والحادي عشر، في صرف أنظار الغلاطيّين عن أحكام التوراة: ” فكيف ترجعون أيضاً إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التي تريدون أن تستعبدوا لها من جديد؟! أتحفظون أيّاماً وشهوراً وأوقاتاً وسنين؟! أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً! “.
ولا يخفى عليك أن هؤلاء، وكل النصارى، يقولون: إن الرسائل المنسوبة إلى بولس في العهد الجديد كلّها من قول بولس، فقل: إذن فمن ذا هو الذي قال الأقوال التي ذكرناها من رسائل بولس؟! ولماذا يكون من هذا اللفيف التبشيري مثل هذا الجحود الكاذب، بمثل هذا الكذب الذي لا يخفى على كل من يقرأ في الكتب؟!!
(١١)
[الردّ على افترائهم على الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله)
بزواجه من امرأة ابنه المزعوم]
وأيضاً، إن جمعية كتاب ” الهداية ” المطبوع بمعرفة المرسّلين الأمريكان، قد كثر افتراؤهم على رسول الله صلى الله عليه وآله، وأفحشوا في الجرأة!!
ولنذكر بعض افترائهم المتكرّر، ونشير إلى جرأتهم الفاحشة، بالإشارة إلى محلها، لئلاّ تتدنّس الأوراق بذلك البذاء القبيح!!
فقالوا في الجزء الرابع، صحيفة ١٦٩:
” وماذا نقول فيمن ادّعى أن الله أجاز له أن يتخذ امرأة ابنه زوجة، وجعل ذلك قانوناً، ويا حبّذا لو نسخ هذا القانون، لأنه يسوغ الاقتران بزوجة الابن “.
وقال أيضاً في الجزء الثالث، صحيفة ٤٨ في قصّـة تزوّجـه صلى الله عليه وآله بزينب بنت جحش، ما هذا لفظـه: ” وحاشـا لله أن يسوغ للناس نكاح نساء أولادهـم “.
وقالوا في الجزء الأوّل، صحيفة ٦٦، في العنوان، ما هذا لفظه: ” تزوّجـه امرأة ابنه “…
وقد توافقوا في هذه الجرأة وهذه الافتراء مع هاشم العربي في صحيفة ٦٥ من الطبعة الأولى لتذييله لمقالة “سايل” في الإسلام!
هذا، وإن الغافل من الاورباويّين والأمريكيّين وغيرهم ليغتّر بسمعه التبشير والمبشرين فيحب أن يسأل أن هذا الابن ـ الذي يذكره هذا اللفيف من المبشرين والكاتبين ـ هل هو ابن رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وولده البكر، أو هو المتوسط، أو الصغير؟! وهل أُمه خديجة أو غيرها من أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!
ويا ليتهم يعلمون أن هذا الذي يذكر المبشرون أنه ابن رسـول الله صلى الله عليه وآله وسـلم وولده، ويلهجـون بذلك، إنما هو زيـد بن حارثة، وهو عبد اشتراه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وجاء أبوه حارثة فخيّره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين المكث عنده وبين الرجوع مع أبيه، فاختار المقام عند رسـول الله صلى الله عليه وآله وسـلم، فجزاه رسول الله صلى الله
………………………………….. | وعاداتُ سيف الدولة الطعن في العِدا |
انظر: ديوان المتنبّي ٢/٢٨١. (م).
(١٢)
[الردّ على مزعمة النصارى أن الله لم يعط
اليهود أحكاماً صالحة]
وجاء في الأصحاح الثامن عشر من سفر اللاويّين، في العدد الخامس، عن قول الله لبني إسرائيل في تمجيد شريعة التوراة والأمر بحفظ أحكامها:
” فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسـان يحيا بهـا “.
وفي الاصحاح الرابع من سفر التثنية، في العدد الثامن: ” أي شعب هو عظيم له فرائض وأحكام عادلة مثل هذه الشريعة التي أنا واضع أمامكم “.
وفي المزور المائة والتاسع عشر، في العدد الثالث والتسعين: “إلى الدهر لا أنسى وصاياك لأنك بها أحييتني”.
وفي الأصحاح العشرين من كتاب حزقيال، في العدد الحادي عشر، عن قول الله في شأن اليهود: “وأعطيتهم فرائضي وأحكامي التي إن عملها الإنسان يحيا “.
ونحوه في العدد الثالث عشر والحادي والعشرين.
وفي الأصحاح التاسع من كتاب نحميا، في العـدد الثالث
فهذه كتب وحيهم تقول: إن شريعة موسى صالحة وعادلة للسلام والحياة، إذا عملها الإنسان يحيا بها.
ولكن عبد المسيح الكندي في رسالته(١) وجرجي سايل في مقالته في الإسلام، صحيفة ٢٢٦ من الطبعة الأولي، قالا ما هذا لفظه: ” إن الله تساهل مع اليهود فأعطاهم أحكاماً غير صالحة وفرائض لا يحيون بها “.
ولا يخفى عليك أن الذي ذكرناه من كتب وحيهم ليشهد بأن الكلام المنسوب لعبد المسيح وجرجي سايل إنما هو كذب وافتراء على الله وعلى شريعته، ودع عنك شهادة العقل وجلال الله على ذلك، تعالى الله عما يقولون.
دع هؤلاء، ولكن انظر وتحيّر واندهش من كتب العـهدين
فانظر كيف تنسب الكذب والتحريف إلى أنبياء الله ورسله الهداة المقدّسين، فتلوّث قدسهم برذيلة الكذب وخسة الافتراء والمخادعة.. أو تنسب الكذب والافتراء إلى من تزعم أنهم أنبياء ومرسلون، وأن المشتمل على الكذب هو كتاب وحي إلهي…
ويا ليت هذه الكتب لم تتعدّ إلى قدس الله وجلاله، وماذا يفيد التمنّي؟! وها هي الكتب المذكورة قد أفرطت في الجرأة، فنسبت الكذب والخداع والتعليم بالكذب إلى جلال الله، تعالى عمّا يقولون.