مؤتمر جينيف وُلد ميتاً. هكذا يمكن وصف صيغة المؤتمر. فعلى الرغم من إعلان حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية رؤيتها التي جاءت نزولاً عند رغبة الشعب اليمني كافة، يبدو أن التدخل السعودي في صيغة الأطراف المشاركة وإستمرار العدوان، الى جانب عدم إحترام خيار الشعب اليمني، ساهمت بأجمعها في عدم إنعقاد المؤتمر. فما هي آخر أخبار مؤتمر جينيف الذي لم ينعقد؟ وكيف ساهمت السعودية في تعطيل مساعي الأمم المتحدة؟
أولاً: مؤتمر جينيف لم ينعقد:
أعلنت الأمم المتحدة اليوم تأجيل مؤتمر جنيف الخاص باليمن ليوم الإثنين. وكان من المقرر قبل ذلك أن يعقد المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد محادثات منفصلة مع الأطراف اليمنية اليوم الأحد في جنيف. كما كان من المتوقع أن تستمر المحادثات ثلاثة أيام تهدف إلى جمع الأطراف اليمنية على مائدة مفاوضات واحدة في نهاية المطاف بحسب المتحدث. وقد أشارت المصادر الى أنه كان من المقرر وقبل إلغاء المؤتمر، مشاركة ممثلين عن الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي إضافة إلى مندوبين عن الأحزاب اليمنية، ووفد حركة أنصار الله. وفي وقتٍ رفضت فيه الجهة المؤيدة لهادي تسمية المؤتمر بالمفاوضات، بل أصرت أن تطلق عليها مشاورات ستلزم الجميع بالقرار الأممي ٢٢١٦، رفضت الأحزاب اليمنية وحركة أنصار الله حضور المؤتمر. وهو الأمر الذي أدى الى تأجيله. فما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية الى رفض حضور المؤتمر مما أدى لمنع انعقاده؟
ثانياً: الأسباب وراء مقاطعة حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية:
شكلت قرار الأحزاب اليمنية الى جانب حركة أنصار الله، عدم المشاركة في المؤتمر وفق الصيغة الحالية، العديد من علامات الإستفهام. خصوصاً أن العالم كان ينظر للمؤتمر على إمكانية أن يكون فسحة أملٍ قد توقف سيل الدماء. لكن العديد من المراقبين المتابعين للشأن اليمني، وجدوا أن الصيغة التي كان سائدة في المؤتمر، لا يمكن أن تساهم في عقده أصلاً، خصوصاً أنها لم تتفق مع رؤية حركة أنصار الله، والتي من الواضح أنها تعبر عن رؤية الأحزاب اليمنية الأخرى، وبالتالي خيار الشعبي اليمني. وهنا لا بد من إيضاح التالي:
١- إن المؤتمرات التي تهدف لحل المشكلات تعبر في الحقيقة عن واقع التمثيل الشعبي. وبالتالي فإن أطراف الحوار، لا بد أن تعكس خيار الشعب. وهو الأمر الذي سعت حركة أنصار الله الى ترسيخه وكانت واضحةً بالمطالبة به، قبل إنعقاد المؤتمر. لذلك فإن مشاركة ممثلين عن الحكومة السابقة، لا يعتبر من الخيارات التي تعكس رؤية الشعب اليمني، وبالتالي رفضتها حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية الاخرى. وهو الأمر الذي أدى عملياً لرفض المشاركة في المؤتمر لعدم إعطائه أي شرعية.
٢- وهنا يُشير متابعون للشأن اليمني، عن حجم التدخل الخارجي السعودي الواضح في صيغة الأفرقاء المشاركين في المؤتمر. فالشعب اليمني كما يعرف الجميع، مُتفقٌ على رفض إعطاء الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي أي حيثيةً سياسية، كونه وبمجرد وجوده في البلد الذي يقوم بالعدوان على الشعب اليمني، يُعتبر فاقداً للشرعية من الناحية الشعبية. الى جانب انه فاقدٌ للشرعية السياسية أصلاً بإعتباره رئيساً مخلوعاً وهو الأمر الذي سبق أن عبرت عنه حركة أنصار الله وكذلك الأحزاب اليمنية الأخرى قبل المؤتمر.
٣- كما يُشير المتابعون الى أن عدم توفر الصيغة الصحيحة في المؤتمر والتي بحسب رأي حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية، يجب أن تضم الأحزاب اليمنية كافة، دون أي طرف يمثل الحكومة السابقة. إذ لا بد من الإشارة الى أنه لم تعارض حركة أنصار الله مشاركة أحدٍ من الأحزاب اليمنية، لكنها وبحسب رؤيتها التي قدمتها قبل المؤتمر، لم تقبل مشاركة وفد الحكومة السابق، نزولاً عند رغبة الشعب اليمني.
٤- بالإضافة لما تقدم، تساءل العديد من المراقبين حول كيفية إقامة المؤتمر، دون توقف العدوان السعودي. فمن المعروف أن الحوارات لا يمكن أن تقوم تحت النار. وبالتالي فإن ممارسة السعودية لعدوانها وإستمرارها بالحرب، هو من الأمور التي ساهمت أيضاً، في عدم مشاركة حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية. وهو الأمر الذي أشارت اليه أيضاً، مصادر التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في بيانها اليوم، والتي أصرت على ضرورة وقف اطلاق فوري للعمليات العسكرية الخارجية قبل لقاء جنيف والقيام بتكثيف العمليات الإغاثية في المناطق المتضررة ورفع المعاناة الإقتصادية والإنسانية والإجتماعية عن المواطنين.
مرةً أخرى عطلت السعودية مساعي الأمم المتحدة. وقررت التدخل في صيغة المشاركين، دون الإلتفات الى خيارات الشعب اليمني. كما أصرت على استكمال العدوان ليكون الحوار تحت النار. مما أدى لإتخاذ حركة أنصار الله والأحزاب اليمنية الأخرى، قراراً موحداً بعدم المشاركة، إذ لا نفع في مؤتمرٍ لم يحترم سيل الدماء وخيارات الشعب اليمني.
نقلاً عن موقع الوقت