حرمة تكفير المسلمين والإساءة إلى مقدسات الأمة الإسلامية في فتاوى وآراء مراجع الدين والعلماء المسلمين الشيعة.
الجزء الثامن –
المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني
{وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَ لا تَفَرَّقُوا}
صدق الله العليُّ العظيم
إنّ الله سبحانه يأمر المسلمين أن يعتصموا بحبل الله، ولعلّ اختصاص الحبل بالذکر دون غيره هو للإشارة إلى أنّ مَثَل الأُمّة المتفکّکة المتفرّقة کالمتردّي في البئر، لا تکتب له النجاة منه إلاّ بالاعتصام بالحبل الذي يُلقى إليه.
ويکفي في أهمية ذلك أن الوحي الإلهي کلّما مرّ على توحيد الکلمة ورصّ الصف يمدحه ويأمر به، وکلّما مرّ على التفرقة يذمّها، حتّى أنّه عدّ التفرّق في عداد البلايا السماوية، حيث قال: {قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}.
فعلى المسلمين جميعاً أن يقتدوا بکتاب الله، ويوحدوا الصفوف، ويجتنبوا عن کلّ ما يفرّقهم ويشتّتهم، وخاصّة في هذه الأيام التي اتفقت فيها قوى الکفر والاستکبار على تفتيتهم و تفريقهم وإراقة دماء بعضهم بيد بعض، بغية تحقيق مآ ربهم الشيطانية في الهيمنة على البلدان الإسلامية، ونهب خيراتها، وتوفير الأمن للکيان الصهيوني الجاثم على صدر فلسطين الحبيبة والقدس الشريف.
إن ظاهرة التکفير ظاهرة سيئة، فالمسلمون کلهم يعبدون الله وحده، و يعتقدون برسالة الرسول الخاتم ويوم القيامة، وکفى ذلك في دخولهم في حضيرة الإسلام حسب ما رواه البخاري في صحيحه في غزوة خيبر، على أن ذلك ممّا لا يوافق مذهب إمام من أئمة المسلمين. وها هو الإمام الإشعري حينما حضره الموت جمع تلاميذه و قال: إشهدوا على أنني لا أُکفِّر أحداً من أهل القبلة بذنب، لأنّي رأيتهم کلّهم يشيرون إلى معبود واحد والإسلام يشملهم ويعمّهم.[3]
وکلّ ذلك يلزمنا أن نحترم مشاعر الآخرين واعتقاداتهم، ولا نقابلهم بشـيء ممّا يسبّب التفرّق و يورث العداوة والبغضاء، وعلى ذلك کانت سيرة السلف الصالح الذين عاشوا متآلفين ومتحابين.
إن تهمة سبّ الصحابة التي أُلصقت بالشيعة إنّما هي تهمة باطلة، وهم بُراء منها، وهم يقتدون في نظرتهم إلى الصحابة وفي موقفهم منهم بالإمام الطاهر علي بن الحسين عليه السلام الذي کان يدعو الله سبحانه بقوله: «اللّهمّ و أتباع الرسل، ومصدقوهم … فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان، وأصحاب محمّد خاصّةً، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصـره، وکانفوه، وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته».[4]
والسلام عليکم و رحمة الله وبرکاته