يقول “أيمن الظواهري” زعيم تنظيم القاعدة الارهابي ” إننا نخوض أكثر من نصف معركتنا في الساحة الإلكترونية والإعلامية”، و ينصح “أبو بكر البغدادي” قياديه قائلاً:” عليكم أن تدركوا أن كل لقطة تلتقطونها هي بأهمية صاروخ يطلق على العدو…” من هنا يجب علينا أن ندرك العلاقة الكبيرة بين الارهاب و الاعلام الجديد، حيث يجب أن نعلم بأن للإعلام التقني ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة أدوارا مهمة وخطيرة في حياة الأمم والمجتمعات. وتذكر إحدى الدراسات الحديثة أنه من أخطر المؤشرات ان نعرف “أن 80% من الذين انتسبوا الى تنظيم داعش تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.
ويعتمد الارهاب الإلكتروني على استغلال الإمكانات العلمية والتقنية، واستخدام وسائل الاتصال والإنترنت، من أجل تخويف وترويع الآخرين، وإلحاق الضرر بهم، أو تهديدهم وتدمير مرتكزات التنمية في البلاد ونشر الفوضى والدمار والدماء لأهداف فاسدة ومنحرفة ونشر الإشاعات الكاذبة بين الناس مما يؤدي لنشر الخوف والهلع بين الجمهور.
و لقد ظهر التزاوج بين الإنترنت والإرهاب بشكل أكبر وضوحاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م في أمريكا، حين قامت طائرتان باستهداف برجين في الولايات المتحدة. و بانفجار البرجين انتقلت المواجهة ضد الإرهاب من مواجهة مادية مباشرة واقعية انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني، حيث أصبح الإنترنت من أشد وأكبر الأسلحة الفتاكة. ولقد استخدم أرباب هذه الفكرة (الأمريكان) لبث الرعب بين الأمريكيين و المجتمع العالمي من أجل الانتقال الى بلدان أخرى و احتلالها، و من أجل سرقة مواردها النفطية و المعدنية.
و من المهم أن نعرف بأن الإرهاب هو صناعة أمريكية، حيث كان الارهاب بالأمس يتسلح ببندقية وقنبلة، أما اليوم فهو يتسلح بجهاز حاسب محمول وآلة تصوير هوليودية أمريكية. فلقد خدم الإنترنت الخلايا الإرهابية من حيث تضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك الخلايا التي تمتلك عدداً قليلاً من الأفراد الكفوئين الذين لديهم خبرة بالإنترنت وبرامج الملتيميديا المتلمذين في أمريكا، و ذلك لبث رسائل إعلامية تخدم أهدافهم لشن حرب نفسية ضد مستهدفيها والدعاية لأهدافها وأنشطتها بعيداً عن وسائل الإعلام التقليدية. أيضاً لتحقيق الترابط التنظيمي بين الجماعات والخلايا ولتبادل المقترحات والأفكار والمعلومات الميدانية حول كيفية إصابة الهدف واختراقه، والتخطيط والتنسيق للعمل الإرهابي، وأيضا في تدمير مواقع الإنترنت المضادة واختراق مؤسسات حيوية أو حتى تعطيل خدماتها الإلكترونية.
و من أهم العناصر التي يوفرها الإنترنت للجماعات الارهابية:
– البحث عن المعلومات، حيث إن شبكة الإنترنت عبارة عن بحر هائل ومليئ بالمعلومات الحساسة والخطيرة.
– التواصل، حيث تساعد الشبكة الإلكترونية على الاتصالات بين أعضاء الخلية الإرهابية بعضهم ببعض والتنسيق فيما بينهم ويرجع ذلك لقلة تكاليف الاتصالات و سهولة التواصال مقارنة بالوسائل الأخرى، كما تمتاز بوفرة المعلومات التي يمكن تبادلها بالصوت والصورة، أضف لذلك السرية والخصوصية الكبيرة التي من الممكن تفعيلها بسهولة.
– استقطاب وتجنيد إرهابيين جدد، حيث تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي من أبرؤ الطرق التي يستخدمها الارهابيين من أجل تعبئة أعضاء جدد، حيث تشير الدراسات أن 80% من الذين انتسبوا الى تنظيم داعش تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يستغل الارهابيين تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم ويجتذبون الصغار بعبارات حماسية مثيرة خاصة من خلال غرف الدردشة الإلكترونية.
– إعطاء الدروس المغلطة، وذلك بواسطة مواد مرئية ومسموعة تشرح وببساطة طرق صنع القنابل والأسلحة الكيماوية وغيرها.
– التخطيط والتنسيق، حيث تعد الإنترنت وسيلة اتصال بالغة الأهمية بالنسبة للمنظمات والخلايا الإرهابية، حيث تتيح التنسيق لشن هجمات إرهابية ويستخدم أرباب الإرهاب emails و chat rooms لتدبير الهجمات الإرهابية وتوزيع الأدوار وتنسيق الأعمال والمهام لكل عضو في الخلية.
– الحصول على الدعم و المساندة المادية، حيث إن أرباب الإرهاب يحصلون من الإنترنت على قوائم إحصائية سكانية للتعرف على الجمعيات الخيرية والأشخاص ذوي القلوب الرحيمة ومن ثم استجدائهم لدفع تبرعات وصدقات وزكوات لأشخاص اعتباريين أو مؤسسات خيرية يمثلون واجهة لهؤلاء الإرهابيين وذلك بطرق لا يشك فيها المتبرع مطلقا بأنه يساعد إحدى المنظمات الإرهابية.
اذاً، مما لا شك فيه أنه ومع وسائل التواصل الاجتماعي؛ أمثال اليوتيوب والتويتر، والفيس بوك، والكيك والواتس أب والإنستاجرام، وغيرها كثير، قد بات من السهل أن يتطرف الشاب وهو في غرفة نومه، أو من خلال هاتفه الجوال، وليس من منزله فحسب، وبعيدا عن أعين أهله وأصدقائه، وحتى مدرسيه. و لهذا السبب يجب على الدول و المنظمات الدولية وضع استراتجية من أجل تلافي و محاربة هذا النوع من الارهاب الجديد لخطورته و سهولة دخوله الى عقول الناس.